إن من سمات الدولة الحديثة أنها دولة قانون، ومن شروطها الديمقراطية أن يكون فيها القانون صادرا عن الشعب أو عن ممثليه الذين يختارهم ليعبروا عن إرادته، فقيام الدولة على الشرعية الديمقراطية وارتكازها في جميع تصرفاتها على أساس القانون الصادر والمعبر عن الشعب، أدى إلى جعل السيادة الجبائية المثمتلة في إحداث التكاليف وتوزيع أعبائها في يد الشعب يمارسها ولو بصفة غير مباشرة من خلال البرلمان المنتخب.
لقد جاء هذا التحول الديمقراطي كصيغة للحد من السلطة المطلقة للملكية وذلك بإلزامها الحصول على موافقة المواطنين من خلال نوابهم عند الشروع في إقرار أية ضريبة، وبذالك تضمن هذه الأخيرة الحد الأدنى من الرضا والتأييد الشعبي الذي كانت تفتقده من قبل.
تعتبر العلاقة بين المؤسسة البرلمانية والمالية العامة –خاصة الجباية- علاقة جد لصيقة وشبه عضوية، فلقد ولدت البرلمانات انطلاقا من المطالبة بحق الموافقة على الضريبة، ومن ثم التصويت على الميزانية، ثم تصاعدت قوة البرلمانات بتزامن مع تصاعد مراقبة المالية العامة والرضا بالضريبة.
أن القانون المالي هو بمثابة نقطة الارتكاز الأساسية و الآلية المحورية التي تنفذ بها الحكومة برامجها من خلال نوعية وملائمة القرارات المتخذة، ودقة وموضوعية و انسجام الاختيارات اﻟﺴﻴﺎسية والاقتصادية والاجتماعية للحكومة مع الظرفية الراهنة.
والقرار الجبائي يهدف إحداث تكاليف جديدة، تعديل أو إلغاء تكاليف قائمة، وتكون آثاره مباشرة على المكلفين سواء كان هذا الأثر إيجابيا أو سلبيا كما تكون له آثار على الإدارة المكلفة بتنفيذ ما جاء فيه من التزامات، وكذلك الأمر بالنسبة للموارد العامة فالقرار الجبائي يمكن أن يساهم في تحسينها وفي بعض الأحيان يفوت على مالية الدولة موارد مهمة بسبب سوء التقدير والعشوائية في اتخاذه .
وقد مر مسار تشكل النظام الجبائي بشكل عام، بمجموعة من المراحل، فبخصوص المراحل التي قطعها النظام الجبائي المغربي، يمكن أن نلخصها في ثلاث فترات أساسية: فترة ما قبل الحماية التي لم يكن فيها المخزن يتوفر على جهاز جبائي منظم، محكم وفعال، حيث كان يعتمد على جبايات مباشرة تتكون أساسا من ضرائب دينية وأخرى سيادية، و جبايات غير مباشرة، تتكون بالأساس من الضرائب التجارية المتمثلة في المكوس والرسوم الجمركية، وتميزت هذه الفترة فيما يخص الجباية ببعض التجاوزات من لدن القيمين عليها، وتزايدت هذه التجاوزات خلال فترة حكم السلطان مولاي عبد العزيز 1894-1900، حيث تعسف القواد على محكوميهم، ولعبت هذه التعسفات دورا كبيرا في تزايد حدة الحيف الجبائي الذي لحق سكان البوادي خلال هذه الفترة،الشيء الذي كرس الفكرة المعادية للمخزن، على الرغم من أن الدولة حاولت القيام بمجموعة من الإصلاحات الجبائية ، وخاصة الإصلاح المتعلق بما كان يعرف بالترتيب، والذي انتهى في الأخير إلى الفشل بسبب افتقاده للمرونة اللازمة، وإخلاله ببعض القواعد الدينية من خلال إلغائه للزكاة.
كما أن إنهاك سكان البوادي بضرائب مختلفة، أدى إلى اتساع حركة التمرد بالعديد من القبائل، حيث سهل التغلغل الأجنبي في البلاد، وضعف المخزن وتعدد أزماته، عوامل أساسية ترتبت عنها انتفاضات قبلية هنا وهناك، فاتسع معها عدد الرافضين لأداء الواجبات والكلف المخزنية، فكان ذلك مقدمة لفرض الحماية على البلاد برمتها سنة 1912م.
بالإضافة إلى إبرام اتفاقية الجزيرة الخضراء بين المغرب والدول المستعمرة بتاريخ 7 أبريل 1906 والتي تم تتويجها بمعاهدة الحماية سنة 1912، كان لها الوقع الكبير على فقدان المغرب لأهم الضرائب التقليدية التي كان يعتمد عليها كالزكاة والعشور وغيرها....في مقابل ذلك تم فرض ضرائب جديدة.
وغداة الاستقلال ورث المغرب نظاما جبائيا تحكمه أبعاد مالية محضة، حيث احتفظ المغرب في المرحلة
الأولى من استقلاله بهذا النظام، مكتفيا بإدخال بعض التعديلات الطفيفة، ومن أهم هذه التعديلات إحداث الضريبة على النظافة سنة 1956، والضريبة على السيارات سنة 1957، وإدخال بعض التعديلات على الضرائب القائمة على بعض المرتبات والأجور والضريبة على الأرباح المهنية، الضريبة المهنية، الضريبة الحضرية طبقا لظهير 31 دجنبر 1959، وفيما يخص الأداءات الجمركية، فقد تمت إعادة هيكلتها سنة 1957 .ومع توالي السنوات ارتفعت نفقات الدولة بشكل كبير نظرا للنقص الحاصل على مستوى الموارد وإتباع استراتيجيات مختلفة، خاصة مع حصول المغرب على استقلاله السياسي بحيث كان إلزاما عليه إعادة النظر في نظامه الجبائي من أجل مواكبة الظروف و التحولات الجديدة، حيث عرف المغرب بعد الاستقلال إصلاحيين جبائيين مهمين، تمثل الأول في إصلاح 1961، والذي جاء في إطار ما يعرف بإستراتيجية الليبرالية الاقتصادية المدعمة بتدخل الدولة، والثاني في 1984 الذي جاء في إطارسياسة التقويم، أما مابين الإصلاح الأول والإصلاح الثاني، فيمكن الحديث عن مجرد تعديلات وإضافات جبائية فقط.
ليعتمد المغرب بعد ذلك مجموعة من الإصلاحات خاصة بعدما أصبح يعتمد على الثلاثية الجبائية (الضريبة على القيمة المضافة، الضريبة العامة على الدخل، والضريبة على الشركات)
كما أن النظام الجبائي المحلي في المغرب عرف بدوره اعتماد مجموعة من الضرائب والرسوم، وكان القانون 89-30 بمثابة بزوغ معالم نظام جبائي قوي والذي ضم ما يقارب 40 رسما، إلا أن هذه الرسوم والضرائب سرعان ما تم تعديلها كما وكيفا، من خلال القانون 47-06.
أما الموارد العامة فهي بمثابة المنابع التي تستمد منها الدولة الأموال الأزمة لسد حاجياتها. وقد تطورت بتطور دور الدولة، إذ لم تعد تقتصر على الضرائب بل تجاوزتها إلى مصادر ايرادية أخرى كالقروض العامة، كما ان وظيفتها لم تعد حسابية فقط أي تتوخى تغطية النفقات العامة، وإنما أصبحت اجتماعية و اقتصادية أيضا. بالرغم من التطور الذي عرفته الموارد العامة فإن ذالك لم ينفي دور الضريبة أو الجباية وإنما زاد تكريس هذا الدور من اجل بلوغ هدف التنمية في سائر دول المعمور.
بالنسبة للمغرب نجد بان المداخيل الجبائية تمثل أهم مورد للميزانية مقارنة بباقي الموارد ومن أجل أن يتأتى ذالك يتم إصدار قرارات جبائية باعتبارها الوسيلة القانونية المعبرة عن السياسة الضريبية التي تتخذها السلطات العمومية، والتي من شأنها إحداث آثار قانونية اقتصادية اجتماعية ومالية متنوعة، في سبيل خدمة هدف استراتيجي معين.
إن النقاش العام الذي يجري – حاليا- في مختلف الأوساط الحقوقية والفكرية والسياسية بضرورة انخراط المغرب في مسلسل محاربة الفساد بجميع أشكاله وأنواعه. وبالرغم من عدم تحديد مدلول الفساد، ولا كيفية محاربته، إلا أنه بالنسبة للمجال الذي ندرسه يتطلب توفر إرادة سياسية حقيقية، وكذا بذل مجهود يرمي إلى تسهيل الولوج الحر للمعطيات والأرقام الحقيقية المتعلقة بحجم التوقعات برسم المداخيل الجبائية، وتحديد المبلغ الإجمالي للمداخيل الفعلية، مع استبعاد النفقات الجبائية، وكذا الارجاعات برسم بعض أنواع الضرائب (الضريبة على القيمة المضافة - مثلا- )، أو تنفيذا لأحكام القضاء.
ولن يكتمل هذا المجهود دون تمكين المواطنين – إضافة إلى فعاليات المجتمع المدني- من المشاركة في صناعة القرار الجبائي، والعمل على تصحيح بعض الاختلالات التي تشوب النصوص الضريبية، أو الثغرات التي يتسم بها أحيانا التشريع الضريبي.
وأخيرا، تحمل صانعي القرار الضريبي كامل مسؤوليتهم أمام الملزمين، وأمام القضاء في إطار من الشفافية والوضوح، بشكل يؤكد خدمة الضريبة لمبدأ العدالة الضريبية، باعتبارها إحدى مرتكزات التنمية المستدامة.
سنحاول في موضوعنا هذا الإجابة عن إشكالية مركزية تتجسد في مدى مساهمة القرار الجبائي في تحسين الموارد العمومية. هل فعلا يعمل القرار الجبائي في المغرب على تحسين الموارد العمومة؟ أم إن العكس هو الذي يحصل؟ وللإجابة عن هذه الأسئلة سنحاول تتبع مسار صناعة القرار الجبائي لأنه هو الكفيل بإظهار الميكانيزمات التي تعترض القرار الجبائي بالمغرب وبالتالي تحدد آثاره على موارد الدولة .
ولمعالجة هذا الموضوع سنقسمه كالتالي:
المبحث الأول: المتدخلون في صناعة القرار الجبائي
المطلب الأول: المتدخلون المباشرون
المطلب الثاني: المتدخلون الغير مباشرون
المبحث الثاني: عقلنة القرار الجبائي وأثره في تحسين الموارد العامة
المطلب الأول: مواصفات القرار الجبائي الجيد
المطلب الثاني: أثر القرار الجبائي في تحسين الموارد العامة
المبحث الأول: المتدخلون في صناعة القرار الجبائي.
تشكل دراسة مسلسل اتخاذ القرار الجبائي عبر القنوات الرسمية أو غير الرسمية إحدى أولى المسارات لدراسة ميكانيزمات التفاوض حول القاعدة الضريبية، ودلك من اجل تتبع مسار صناعة القرار الجبائي، من خلال المتدخلون في صناعته، سواء المتدخلون المباشرون، أو غير المباشرون.
المطلب الأول: المتدخلون المباشرون.
يعتبر تتبع مسار اتخاذ القرار الجبائي خطوة أولى نحو دراسة تاتيره على موارد الدولة، ودلك عبر القنوات المتعددة التي يمر منها، أي المتدخلون بشكل مباشر في صياغة القرار الجبائي.
أولا: صلاحيات وسلطات الحكومة في المجال الجبائي.
لقد أثبتت الحدود السياسية والدستورية وغيرها من الحدود قصر عمل البرلمان كسلطة ضريبية وهو الذي اثبت في نفس الوقت أن الحكومة تتدخل في العديد من المواقع لتجسد سلطة ضريبية حقيقية من خلال مجموعة من الآليات والوسائل التي تتيح لها التدخل .
أولا: صلاحيات وسلطات الحكومة في المجال الجبائي.
لقد أثبتت الحدود السياسية والدستورية وغيرها من الحدود قصر عمل البرلمان كسلطة ضريبية وهو الذي اثبت في نفس الوقت أن الحكومة تتدخل في العديد من المواقع لتجسد سلطة ضريبية حقيقية من خلال مجموعة من الآليات والوسائل التي تتيح لها التدخل .
*تدخل السلطة التنفيذية في التشريع الجبائي.
إذا كان البرلمان هو الذي يمتلك السلطة الجبائية، بصفته ممثل للشعب له شرعية ديمقراطية تخوله بأن يتحدث باسمه وأن يدافع عنه مما يؤهله إلى اتخاذ المبادرة في بلورة التشريع الجبائي، فان تدخل الحكومة في العديد من المناسبات يجض دور هذا الأخير وذلك عبر العديد من الوسائل القانونية والصلاحيات التي تخول لها ذلك.
وأولى هذه الصلاحيات أن الحكومة هي التي تملك حق اقتراح مشروع قانون المالية الذي يتضمن إجراءات ضريبية في شقه المتعلق بالإيرادات دون مشاركة نواب الأمة في ذلك، حيث يتم إعداده في دهاليز وزارة المالية وبالأخص مديريتي الميزانية والضرائب اللتان تتوفران على وسائل مادية وبشرية وتقنية وإدارية كبيرة وكافية لإعداد أكبر وأهم مشروع قانوني في البلاد وهو قانون المالية الذي يترجم السياسات العمومية للدولة ككل داخل أجل محدد وهو سنة مالية.
واستئثار الحكومة بإعداد قانون المالية هو ما أدى بكثير من الباحثين إلى "وصف قانون المالية بكونه قانون حكومي بامتياز" وهذا راجع إلى كون الحكومة تتوفر على إمكانيات لا تتوفر لدى المؤسسة التشريعية التي تكتفي بالمناقشة والمصادقة على ما أعده الجهاز التنفيذي.
من جانب آخر فالحكومة تتدخل في التشريع الضريبي عن طريق آلية التفويض إذ خول الدستور إمكانية تفويض البرلمان لاختصاصه التشريعي لفائدة الحكومة ويشمل هذا التفويض الاختصاص التشريعي في المجال الضريبي ، مستندة على نص الفصل 70 من دستور 2011 في فقرته الثالثة التي تقر على أن "للقانون أن يأذن للحكومة أن تتخذ في ظرف من الزمن محدود ، ولغاية معينة ، بمقتضى مراسيم تدابير يختص القانون عادة باتخاذها ، ويجرى العمل بهذه المراسيم بمجرد نشرها. غير أنه يجب عرضها على البرلمان بقصد المصادقة ، عند انتهاء الأجل الذي حدده قانون الإذن بإصدارها ، ويبطل قانون الإذن إذا ما وقع حل مجلسي البرلمان أو أحدهما " .
ويلخص هذا المقتضى الدستوري إمكانية تدخل الحكومة بأن تحل محل البرلمان في ممارسة السلطة التشريعية وهذا ما يتيح لها اتخاذ إجراءات وضوابط عن طريق مراسيم يمكن أن تشمل حتى الاختصاص الجبائي .
لذلك فرغم أن الدستور اعتبر أنه لا ضريبة إلا بالقانون إلا أن الحكومة تتوفر على إمكانية الحلول محل البرلمان كسلطة ضريبية عن طريق الإذن، وتبرير ذلك يتجلى في " تمكين الجهاز الحكومي من التدخل في الحالات الإستعجالية _ أو بين دورات انعقاد مجالس البرلمان_ لتعديل أسعار الرسوم والجبايات أوإلغائها.
لذلك فمن خلال هذا التفويض ، الذي يقصد به كل ترخيص يمنحه البرلمان للحكومة لممارسة الوظيفة التشريعية في مجال معين ولتحقيق هدف معين دون خرق لمبدأ فصل السلط ، يتمكن الجهاز الحكومي من المشاركة في صنع السياسة الجبائية أو فرض الضرائب المباشرة أو غير المباشرة بمعية البرلمان مع العلم أن الامتياز يعود دائما للجهاز التنفيذي الذي يملك وسائل الضغط على المجالس النيابية لإرغامها على الموافقة اللامشروطة على مشاريعه عن طريق الأغلبية المناصرة للحكومة ...
من هذا المنطلق يمكن القول انه " إذا كانت الطبيعة التمثيلية للبرلمان تجعله المؤسسة الأولى لإحداث وإلغاء الضرائب ... فإن تبني آلية التفويض التشريعي للحكومة قد يؤدي إلى الإجهاز على مكتسب دستوري يتمثل في "شرعية الضريبة" وذلك انه رغم خضوع عمل الحكومة في هذا المجال للموافقة المسبقة واللاحقة للبرلمان إلا انه ليس من الصعب الحصول على هذه الموافقة."
وإذا كانت الحكومة تتدخل عن طريق آلية الإذن في التشريع الجبائي لتجسد عندئذ السلطة الضريبية ، فإنها تتوفر على العديد من الصلاحيات التنظيمية والتي خولها إياها الدستور للتدخل في المجال التطبيقي للضرائب وتجسد عندئذ السلطة التنظيمية الضريبية.
ثانيا: الاختصاص البرلماني في المجال الضريبي.
إن الحديث عن الاختصاص البرلماني يدفعنا إلى طرح تساؤل أولي مفاده كيف حصل البرلمان على هذا الحق (أي كيف أصبح البرلمان سلطة ضريبية)؟.
يشكل البرلمان إحدى أهم المؤسسات الدستورية داخل الأنظمة الديمقراطية إذ يعهد إليه بسن القوانين و إلغائها ومراقبة الأداء الحكومي...
وتعتبر بريطانيا أول من أسست برلمانا بمفهومه الحديث في تاريخ ظهور الدولة الحديثة ، حيث أطلق على البرلمان البريطاني "بأم البرلمانات" ومنح له الاختصاص في فرض الضرائب وذلك لعدة اعتبارات منها انه هو ممثل الشعب. لكن قبل أن يختص البرلمان بفرض الضرائب وتحديد قيمتها نجد أن هذا الاختصاص كان ضمن صلاحيات الملك باعتباره الممثل الأسمى للشعب، وكان الملك في القرون الوسطى يغطي نفقات المملكة بما تدره عليه أملاك التاج الخاصة وكان حرا في الإنفاق كيفما شاء، ويحق له عند الضرورة أن يفرض على الشعب ضرائب استثنائية تزول بزوال الحاجة، إلا أنه ونتيجة لتزايد نفقات الدولة اضطر الملك إلى الاستعانة بالضرائب أكثر من ذي قبل، مما نشأ معه صراع بين الملك والملزمين بالضريبة إذ كانوا يرفضون أدائها، ومع سنة 1628 أصدر البرلمان قرار باعتباره ممثل الشعب عدم قانونية كل ضريبة تجبي بدون موافقته.
من هنا بدأت البوادر الأولى للاختصاص البرلماني في المجال الضريبي في المملكة المتحدة ، حيث أصبح الملك ملزما بالحصول على موافقة البرلمان عند جباية أي مورد كيفما كان نوعه، ولم يقف البرلمان عند هذا الحد بل أصبح يناقش الحسابات ويطالب الملك بإيضاحات عن وجوه الإنفاق، وكان الملك تارة يجيب وأخرى يحاول التملص من الجواب، إلى أن قامت ثورة 1688 فحتم البرلمان على الملك أن يعرض عليه النفقات قبل جبايتها، وفي سنة 1837 أي بعد قرن ونصف القرن أصبح للبرلمان سلطة مطلقة على جميع النفقات فكان يناقش فيها بحرية تامة قبل أن يأذن بها أو يرفضها.
أما الوضع في فرنسا فقد ضل الملك يستأثر بجمع الضرائب إلى حين قيام الثورة سنة 1789م، وقد كرس دستور 1793 عدم فرض الضرائب دون موافقة ممثلي الأمة.
وفي المغرب فقد كان السلطان منذ القرن 12 وحتى بداية الحماية يمارس سلطة مطلقة في جميع الميادين بما في ذلك جمع الضرائب، وبعد الاستقلال سيعرف المغرب دستور 1962 الذي أعطى صلاحية التشريع الضريبي للبرلمان، ليتم تزكية هذا الصرح في كل دساتير المملكة بما في ذلك دستور 2011.
انطلاقا مما سبق يمكن التساؤل عن أسس الاختصاص البرلماني في المجال الجبائي وأبعاده، وذلك من خلال الوقوف على المقتضيات التشريعية والتنظيمية التي تؤطر لعمل هذا الأخير.
إذا كان البرلمان هو الذي يمتلك السلطة الجبائية، بصفته ممثل للشعب له شرعية ديمقراطية تخوله بأن يتحدث باسمه وأن يدافع عنه مما يؤهله إلى اتخاذ المبادرة في بلورة التشريع الجبائي، فان تدخل الحكومة في العديد من المناسبات يجض دور هذا الأخير وذلك عبر العديد من الوسائل القانونية والصلاحيات التي تخول لها ذلك.
وأولى هذه الصلاحيات أن الحكومة هي التي تملك حق اقتراح مشروع قانون المالية الذي يتضمن إجراءات ضريبية في شقه المتعلق بالإيرادات دون مشاركة نواب الأمة في ذلك، حيث يتم إعداده في دهاليز وزارة المالية وبالأخص مديريتي الميزانية والضرائب اللتان تتوفران على وسائل مادية وبشرية وتقنية وإدارية كبيرة وكافية لإعداد أكبر وأهم مشروع قانوني في البلاد وهو قانون المالية الذي يترجم السياسات العمومية للدولة ككل داخل أجل محدد وهو سنة مالية.
واستئثار الحكومة بإعداد قانون المالية هو ما أدى بكثير من الباحثين إلى "وصف قانون المالية بكونه قانون حكومي بامتياز" وهذا راجع إلى كون الحكومة تتوفر على إمكانيات لا تتوفر لدى المؤسسة التشريعية التي تكتفي بالمناقشة والمصادقة على ما أعده الجهاز التنفيذي.
من جانب آخر فالحكومة تتدخل في التشريع الضريبي عن طريق آلية التفويض إذ خول الدستور إمكانية تفويض البرلمان لاختصاصه التشريعي لفائدة الحكومة ويشمل هذا التفويض الاختصاص التشريعي في المجال الضريبي ، مستندة على نص الفصل 70 من دستور 2011 في فقرته الثالثة التي تقر على أن "للقانون أن يأذن للحكومة أن تتخذ في ظرف من الزمن محدود ، ولغاية معينة ، بمقتضى مراسيم تدابير يختص القانون عادة باتخاذها ، ويجرى العمل بهذه المراسيم بمجرد نشرها. غير أنه يجب عرضها على البرلمان بقصد المصادقة ، عند انتهاء الأجل الذي حدده قانون الإذن بإصدارها ، ويبطل قانون الإذن إذا ما وقع حل مجلسي البرلمان أو أحدهما " .
ويلخص هذا المقتضى الدستوري إمكانية تدخل الحكومة بأن تحل محل البرلمان في ممارسة السلطة التشريعية وهذا ما يتيح لها اتخاذ إجراءات وضوابط عن طريق مراسيم يمكن أن تشمل حتى الاختصاص الجبائي .
لذلك فرغم أن الدستور اعتبر أنه لا ضريبة إلا بالقانون إلا أن الحكومة تتوفر على إمكانية الحلول محل البرلمان كسلطة ضريبية عن طريق الإذن، وتبرير ذلك يتجلى في " تمكين الجهاز الحكومي من التدخل في الحالات الإستعجالية _ أو بين دورات انعقاد مجالس البرلمان_ لتعديل أسعار الرسوم والجبايات أوإلغائها.
لذلك فمن خلال هذا التفويض ، الذي يقصد به كل ترخيص يمنحه البرلمان للحكومة لممارسة الوظيفة التشريعية في مجال معين ولتحقيق هدف معين دون خرق لمبدأ فصل السلط ، يتمكن الجهاز الحكومي من المشاركة في صنع السياسة الجبائية أو فرض الضرائب المباشرة أو غير المباشرة بمعية البرلمان مع العلم أن الامتياز يعود دائما للجهاز التنفيذي الذي يملك وسائل الضغط على المجالس النيابية لإرغامها على الموافقة اللامشروطة على مشاريعه عن طريق الأغلبية المناصرة للحكومة ...
من هذا المنطلق يمكن القول انه " إذا كانت الطبيعة التمثيلية للبرلمان تجعله المؤسسة الأولى لإحداث وإلغاء الضرائب ... فإن تبني آلية التفويض التشريعي للحكومة قد يؤدي إلى الإجهاز على مكتسب دستوري يتمثل في "شرعية الضريبة" وذلك انه رغم خضوع عمل الحكومة في هذا المجال للموافقة المسبقة واللاحقة للبرلمان إلا انه ليس من الصعب الحصول على هذه الموافقة."
وإذا كانت الحكومة تتدخل عن طريق آلية الإذن في التشريع الجبائي لتجسد عندئذ السلطة الضريبية ، فإنها تتوفر على العديد من الصلاحيات التنظيمية والتي خولها إياها الدستور للتدخل في المجال التطبيقي للضرائب وتجسد عندئذ السلطة التنظيمية الضريبية.
ثانيا: الاختصاص البرلماني في المجال الضريبي.
إن الحديث عن الاختصاص البرلماني يدفعنا إلى طرح تساؤل أولي مفاده كيف حصل البرلمان على هذا الحق (أي كيف أصبح البرلمان سلطة ضريبية)؟.
يشكل البرلمان إحدى أهم المؤسسات الدستورية داخل الأنظمة الديمقراطية إذ يعهد إليه بسن القوانين و إلغائها ومراقبة الأداء الحكومي...
وتعتبر بريطانيا أول من أسست برلمانا بمفهومه الحديث في تاريخ ظهور الدولة الحديثة ، حيث أطلق على البرلمان البريطاني "بأم البرلمانات" ومنح له الاختصاص في فرض الضرائب وذلك لعدة اعتبارات منها انه هو ممثل الشعب. لكن قبل أن يختص البرلمان بفرض الضرائب وتحديد قيمتها نجد أن هذا الاختصاص كان ضمن صلاحيات الملك باعتباره الممثل الأسمى للشعب، وكان الملك في القرون الوسطى يغطي نفقات المملكة بما تدره عليه أملاك التاج الخاصة وكان حرا في الإنفاق كيفما شاء، ويحق له عند الضرورة أن يفرض على الشعب ضرائب استثنائية تزول بزوال الحاجة، إلا أنه ونتيجة لتزايد نفقات الدولة اضطر الملك إلى الاستعانة بالضرائب أكثر من ذي قبل، مما نشأ معه صراع بين الملك والملزمين بالضريبة إذ كانوا يرفضون أدائها، ومع سنة 1628 أصدر البرلمان قرار باعتباره ممثل الشعب عدم قانونية كل ضريبة تجبي بدون موافقته.
من هنا بدأت البوادر الأولى للاختصاص البرلماني في المجال الضريبي في المملكة المتحدة ، حيث أصبح الملك ملزما بالحصول على موافقة البرلمان عند جباية أي مورد كيفما كان نوعه، ولم يقف البرلمان عند هذا الحد بل أصبح يناقش الحسابات ويطالب الملك بإيضاحات عن وجوه الإنفاق، وكان الملك تارة يجيب وأخرى يحاول التملص من الجواب، إلى أن قامت ثورة 1688 فحتم البرلمان على الملك أن يعرض عليه النفقات قبل جبايتها، وفي سنة 1837 أي بعد قرن ونصف القرن أصبح للبرلمان سلطة مطلقة على جميع النفقات فكان يناقش فيها بحرية تامة قبل أن يأذن بها أو يرفضها.
أما الوضع في فرنسا فقد ضل الملك يستأثر بجمع الضرائب إلى حين قيام الثورة سنة 1789م، وقد كرس دستور 1793 عدم فرض الضرائب دون موافقة ممثلي الأمة.
وفي المغرب فقد كان السلطان منذ القرن 12 وحتى بداية الحماية يمارس سلطة مطلقة في جميع الميادين بما في ذلك جمع الضرائب، وبعد الاستقلال سيعرف المغرب دستور 1962 الذي أعطى صلاحية التشريع الضريبي للبرلمان، ليتم تزكية هذا الصرح في كل دساتير المملكة بما في ذلك دستور 2011.
انطلاقا مما سبق يمكن التساؤل عن أسس الاختصاص البرلماني في المجال الجبائي وأبعاده، وذلك من خلال الوقوف على المقتضيات التشريعية والتنظيمية التي تؤطر لعمل هذا الأخير.
*سند الاختصاص البرلماني :انطلاقا من مقتضيات الدستور كأسمى وثيقة قانونية داخل الدولة يتم من خلالها تحدد اختصاص كل مؤسسة وتنظيم سلطاتها، فقد اهتم الدستور المغربي لسنة 2011 بالمجال المالي والضريبي، وذلك من خلال مجموعة من الفصول، وإلى جانب الدستور نجد مجموعة من القوانين تهتم بالمجال الضريبي.
_السند الدستوري لفرض الضرائب:
جاء في الدستور المغربي لسنة 2011 مجموعة من الفصول ، تحدد اختصاصات السلطة التشريعية ومن بينها الاختصاص الحصري للبرلمان في المجال الجبائي.
ويعتبر التشريع من ضمن الاختصاصات الحصرية للبرلمان بما في ذلك التشريع الضريبي ، ذلك أن الفصل 39 من دستور 2011 جاء فيه "على الجميع أن يتحمل ، كل على قدر استطاعته التكاليف العمومية التي للقانون وحده إحداثها وتوزيعها وفق الإجراءات المنصوص عليها في هذا الدستور".
وإلى جانب الفصل39 نجد الفصل 75 الذي جاء فيه "يصدر قانون المالية، الذي يودع بالأسبقية لدى مجلس النواب، بالتصويت من قبل البرلمان وذلك طبق الشروط المنصوص عليها في قانون تنظيمي...
و بالرجوع إلى مضامين الفصل 39 المشار إليه نجده يتضمن القواعد الدستورية في المجال الضريبي ، كما يمكننا أن نستخلص منه مبدأين مهمين وهما :
الأول : مبدأ المساواة أمام الأعباء العمومية وفي ذلك إشارة إلى المساواة أمام الضريبية التي تعني أن التشريع الضريبي يجب أن يطبق بنفس المقتضيات على الأشخاص الذين يوجدون في وضعيات متشابهة، وبمعنى آخر أن القاعدة القانونية الضريبية لها نفس خصائص القاعدة القانونية و من بينها خاصيتي العموم والتجريد .
الثاني: تحديد الضريبية وفق المقدرة التكليفية للملزم وفي هذا تجسيد للقاعدة الدستورية الكامنة في الفصل 39 من الدستور.
و من جهة أخرى نجد عبارة التكاليف العمومية التي تدل على أن الاختصاص البرلماني يمتد لجميع الضرائب والرسوم وجميع المساهمات التي يدفعها المواطنين إلى خزينة الدولة.
وبالرجوع إلى المادة 75 من دستور2011 نجد أن البرلمان يمارس سلطة جد مهمة في المراقبة والمصادقة على قانون المالية، خصوصا وأن القانون المالي يحتوى القانون الضريبي مادامت كل المقتضيات الضريبية باستثناء قانون الإطار للإصلاح الضريبي (أبريل 1984) نتعرف عليها بمناسبة مناقشة وصدور قانون المالية السنوي (حيث تناقش المقتضيات الضريبية ضمن مناقشة موارد الميزانية).
إن الاتجاه السائد سواء في المغرب أو خارجه يسهر على دسترة المقتضيات الضريبية ومراقبتها عن طريق القضاء وخضوعها للشرعية البرلمانية و الدستورية، مما يساهم في حماية الحريات الأساسية والحد من سلطات الإدارة الضريبية، وخير مثال على ذلك موقف المجلس الدستوري القاضي بإلغاء الرسم الذي كانت تعتزم الحكومة تطبيقه على استعمال الصحون المقعرة.
كما أن المبادئ الأساسية المستقاة من الدستور تجعل البرلمان صاحب الاختصاص الحصري في مجال التشريع الضريبي باعتباره ممثل الأمة والساهر على احترام الحقوق الأساسية عن طريق تجسيده لشرعية الضريبة.
_السند الدستوري لفرض الضرائب:
جاء في الدستور المغربي لسنة 2011 مجموعة من الفصول ، تحدد اختصاصات السلطة التشريعية ومن بينها الاختصاص الحصري للبرلمان في المجال الجبائي.
ويعتبر التشريع من ضمن الاختصاصات الحصرية للبرلمان بما في ذلك التشريع الضريبي ، ذلك أن الفصل 39 من دستور 2011 جاء فيه "على الجميع أن يتحمل ، كل على قدر استطاعته التكاليف العمومية التي للقانون وحده إحداثها وتوزيعها وفق الإجراءات المنصوص عليها في هذا الدستور".
وإلى جانب الفصل39 نجد الفصل 75 الذي جاء فيه "يصدر قانون المالية، الذي يودع بالأسبقية لدى مجلس النواب، بالتصويت من قبل البرلمان وذلك طبق الشروط المنصوص عليها في قانون تنظيمي...
و بالرجوع إلى مضامين الفصل 39 المشار إليه نجده يتضمن القواعد الدستورية في المجال الضريبي ، كما يمكننا أن نستخلص منه مبدأين مهمين وهما :
الأول : مبدأ المساواة أمام الأعباء العمومية وفي ذلك إشارة إلى المساواة أمام الضريبية التي تعني أن التشريع الضريبي يجب أن يطبق بنفس المقتضيات على الأشخاص الذين يوجدون في وضعيات متشابهة، وبمعنى آخر أن القاعدة القانونية الضريبية لها نفس خصائص القاعدة القانونية و من بينها خاصيتي العموم والتجريد .
الثاني: تحديد الضريبية وفق المقدرة التكليفية للملزم وفي هذا تجسيد للقاعدة الدستورية الكامنة في الفصل 39 من الدستور.
و من جهة أخرى نجد عبارة التكاليف العمومية التي تدل على أن الاختصاص البرلماني يمتد لجميع الضرائب والرسوم وجميع المساهمات التي يدفعها المواطنين إلى خزينة الدولة.
وبالرجوع إلى المادة 75 من دستور2011 نجد أن البرلمان يمارس سلطة جد مهمة في المراقبة والمصادقة على قانون المالية، خصوصا وأن القانون المالي يحتوى القانون الضريبي مادامت كل المقتضيات الضريبية باستثناء قانون الإطار للإصلاح الضريبي (أبريل 1984) نتعرف عليها بمناسبة مناقشة وصدور قانون المالية السنوي (حيث تناقش المقتضيات الضريبية ضمن مناقشة موارد الميزانية).
إن الاتجاه السائد سواء في المغرب أو خارجه يسهر على دسترة المقتضيات الضريبية ومراقبتها عن طريق القضاء وخضوعها للشرعية البرلمانية و الدستورية، مما يساهم في حماية الحريات الأساسية والحد من سلطات الإدارة الضريبية، وخير مثال على ذلك موقف المجلس الدستوري القاضي بإلغاء الرسم الذي كانت تعتزم الحكومة تطبيقه على استعمال الصحون المقعرة.
كما أن المبادئ الأساسية المستقاة من الدستور تجعل البرلمان صاحب الاختصاص الحصري في مجال التشريع الضريبي باعتباره ممثل الأمة والساهر على احترام الحقوق الأساسية عن طريق تجسيده لشرعية الضريبة.
_ القوانين الأخرى: إلى جانب القواعد الدستورية التي تحدد اختصاص البرلمان في المجال الجبائي نجد، نصوص قانونية اهتمت بنفس الحقل، ونذكر هنا بالخصوص القانون التنظيمي للمالية رقم 98-7 الصادر في 26 نونبر 1998.
و قد سبقت الإشارة إلى أن القانون المالي يحتوي القانون الضريبي وهذا ما يمكن استخلاصه من المادتين 2 و3 من قانون 98-7، إذ أن قانون المالية لا يمكن أن يتضمن إلا أحكاما تتعلق بالموارد والتكاليف تقدر على أبعد تقدير في سنة مالية.
ولما كانت الموارد والتكاليف تدخل ضمن الميزانية نجد أن المشرع المغربي أعطى إعداد الميزانية للسلطة التنفيذية ، بينما خص البرلمان بسلطة المناقشة والمصادقة عليها لما يترتب عن ذلك من جبايات تهم المواطنين بالخصوص، كما تتضمن الميزانية أحكام أخرى غالبا ما تتعلق بتحصيل المال العمومي ومراقبته أو الزيادة في الضريبة أو الإعفاء منها أو إلغائها بصفة نهائية أو مؤقتة.
وبالرجوع إلى المادة 11 من نفس القانون المذكور نجدها تحدد موارد الدولة، في الضرائب والرسوم بالإضافة إلى بعض الموارد الأخرى .
وبهذا فالسلطة التشريعية عندما تصادق على مشروع قانون المالية سواء تعلق الأمر بالموارد والنفقات فذلك راجع إلى احتواء قانون المالية أو الميزانية على مقتضيات ضريبية تهم جميع الفاعلين داخل المجتمع مواطنين، شركات...
كما أن أهمية البرلمان كسلطة ضريبية تظهر من خلال مراقبة هذا الأخير لقانون المالية والتصويت عليه ، فالمراقبة تتم عن طريق إيداع مشروع قانون المالية للسنة بمكتب إحدى مجلسي البرلمان قبل نهاية السنة المالية بسبعين يوما على أبعد تقدير ، إلا أن المستجد الذي جاء به دستور2011 في هذا المجال هو إيداع مشروع قانونية المالية بشكل أولي لدى مجلس النواب، وبعد إحالته على مجلس النواب يتم دراسته من طرف لجنة المالية التابعة للمجلس، إذ تعتبر هذه الأخيرة من أهم اللجان البرلمانية نظرا لما تحظى به من أهمية في توجيه الميزانية، ويتم اختيار أعضاء هذه اللجنة حسب تمثيلية كل حزب داخل البرلمان...وتنتخب هذه اللجنة لمدة سنة واحدة. أما عن طريقة التصويت فلا يجوز في أحد مجلسي البرلمان عرض الجزء الثاني (النفقات) قبل التصويت على الجزء الأول أي الإيرادات، وبهذا نجد أن المشرع المغربي قد ألزم البرلمان بأسبقية التصويت على الإيرادات ليلي ذلك التصويت على النفقات علما أن التصويت على أحكام قانون المالية يكون مادة فمادة .
*حدود السلطة الضريبية للبرلمان :
إن التساؤل عن حدود الاختصاص البرلماني في التشريع الضريبي يروم التأكد من مدى استئثار السلطة التشريعية بالفعل بهذا الاختصاص ومدى تجسيده على مستوى الممارسة السلطة الضريبية وذلك من خلال التأسيس للضرائب و تحديد سعرها وطرق تحصيلها ؟ أم أن هذا الاختصاص ليس حصريا بل يعرف تدخل السلطة التنفيذية عبر العديد من الوسائل والآليات لتتقاسم هذا الاختصاص مع البرلمان ؟
وبالفعل فإن مجال التشريع الضريبي وإن كان دستوريا يبقى حصريا من اختصاص السلطة التشريعية، إلا أن هناك العديد من الحدود التي تحد من السلطة المطلقة للبرلمان في هذا المجال . _الحدود الدستورية والسياسية للسلطة الضريبية للبرلمان.
تلعب السلطة الجبائية دورا هاما في إقرار التكاليف الضرورية لسير الحياة العامة للدولة بالشكل الذي يستحيل معه اعتبار أية ضريبة محدثة شرعية إذا لم تصدر عن الجهاز أو المؤسسة التي تملك هذا الاختصاص قانونيا. ويؤدي هذا الأمر إلى اعتبار البرلمان الآمر والناهي في ما يخص فرض الضرائب، غير أن مجموعة من العوامل والتطورات ساهمة في تقييد السلطة المطلقة للبرلمان في هذا مجال ، وهذه العوامل تمثلت في مجموعة من الحدود الدستورية والسياسية التي أفرزها الواقع العملي لسير الحياة العامة للدولة. إذن فأين تتجلى الحدود السياسية والدستورية على السلطة الضريبية للبرلمان ؟
1- الحدود الدستورية للسلطة الضريبية للبرلمان.
يعتبر الدستور أسمى قانون في البلاد يتولى تحديد المبادئ العامة التي تسير عليها الدولة في كل المجالات، وقد أسند هذا القانون الأساسي صلاحية إحداث وتوزيع التكاليف العمومية للمؤسسة التشريعية التي تتألف من ممثلي الأمة ، وهذا الإسناد راجع إلى كون أن هؤلاء النواب أدرى من غيرهم باحتياجات المواطنين الممثلين لهم، وهو ما يمكن معه القول "بالإختصاص الشامل للبرلمان في تحديد كل القواعد المتعلقة بالضريبة
وإذا كان الدستور بنفسه هو الذي يحدد وينص على أنه لا ضريبة إلا بالقانون ، فإنه يتضمن أيضا مجموعة من النصوص الدستورية التي تؤدي إلى الإعتراف بمبدأ مفاده توزيع المادة الضريبية بين الحكومة والبرلمان، بل أكثر من ذلك فالمجال الضريبي تتدخل فيه الحكومة بواسطة صلاحياتها أكثر من البرلمان وذلك نظرا لكون هذا المجال يعرف ببعده التقني وهو ما يشكل عائقا أمام الممارسة الفعالة للسلطة البرلمانية في المادة الضريبية ويتيح عكس ذلك للحكومة أن تتدخل وتحدد هامش التحرك والمناورة مسبقا قبل أن ينظر فيه البرلمان.
تتجلى أهم الحدود الدستورية التي ترد على السلطة البرلمانية في المجال المالي بوجه عام والضريبي بوجه خاص في مجموعة من الفصول.
فلو أخذنا ما جاء به الفصل 77 في فقرته الثانية التي تنص "وللحكومة أن ترفض، بعد بيان الأسباب ، المقترحات والتعديلات التي يتقدم بها أعضاء البرلمان إذا كان قبولها يؤدي بالنسبة لقانون المالية إلى تخفيض الموارد العمومية أو إلى أحداث تكليف عمومي ، أو الزيادة في تكليف موجود" فالملاحظ أن مقتضى هذه الفقرة 2 من الفصل 77 تحول دون فرض سلطة البرلمان في ممارسة رقابته على الحكومة، كما يشكل ذلك عرقلة في وجه ممارسة نواب الأمة لسلطتهم في الموافقة وتعديل المقتضيات الضريبية في اتجاه تخفيضها أو ملاءمتها مع القدرة التكليفية للملزمين .وقد سمي هذا الفصل من الدستور حسب الأستاذ الباحث عبد الرفيع بوداز "بالفيتو الحكومي حيث تلجأ إليه الحكومة عندما تكون هناك مناقشة برلمانية حادة لقانون المالية والتي تتوج باقتراح تعديلات على المشروع الذي قدمته الحكومة ولا يكون أمام هذه الأخيرة إلا سبيل اللجوء إلى الفصل 77 من الدستور لتفادي العرقلة البرلمانية.
كما أن البرلمان نادرا ما يقترح قوانين ضريبية بل ترجع مبادرة اقتراح هذه القوانين إلى الحكومة في أغلب الحالات إن لم نقل جلها وهذا راجع إلى الطبيعة التقنية لهذا القانون التي تتطلب تقنيات عالية تؤهل لمعرفة احتياجات إدارات الدولة ومؤسساتها وهو الشيء الذي يستحيل على السلطة التشريعية القيام به لوحدها وبالتالي تتولى الحكومة القيام بإعداد مشروع قانون المالية في إطار التنسيق بين مختلف الوزارات والمصالح .
ومن جهة أخرى نجد الفصل 75 في فقرته الثالثة ينص على أنه "إذا لم يتم في نهاية السنة المالية التصويت على قانون المالية أو لم يصدر الأمر بتنفيذه، بسبب إحالته على المحكمة الدستورية... فإن الحكومة تفتح بمرسوم الإعتمادات اللازمة لسير المرافق العمومية ، والقيام بالمهام المنوطة بها ، على أساس ما هو مقترح في الميزانية المعروضة على الموافقة " وقد ثم اللجوء لهذا الفصل من طرف الحكومة في العديد من المناسبات.
والجدير بالإشارة أيضا أن التعديل الدستوري لسنة 2011 لم يحمل أي جديد بالنسبة للبرلمان في المجال المالي إذ تعتبر جل فصوله امتدادا لما كان قائما في ظل الدساتير السابقة.
و قد سبقت الإشارة إلى أن القانون المالي يحتوي القانون الضريبي وهذا ما يمكن استخلاصه من المادتين 2 و3 من قانون 98-7، إذ أن قانون المالية لا يمكن أن يتضمن إلا أحكاما تتعلق بالموارد والتكاليف تقدر على أبعد تقدير في سنة مالية.
ولما كانت الموارد والتكاليف تدخل ضمن الميزانية نجد أن المشرع المغربي أعطى إعداد الميزانية للسلطة التنفيذية ، بينما خص البرلمان بسلطة المناقشة والمصادقة عليها لما يترتب عن ذلك من جبايات تهم المواطنين بالخصوص، كما تتضمن الميزانية أحكام أخرى غالبا ما تتعلق بتحصيل المال العمومي ومراقبته أو الزيادة في الضريبة أو الإعفاء منها أو إلغائها بصفة نهائية أو مؤقتة.
وبالرجوع إلى المادة 11 من نفس القانون المذكور نجدها تحدد موارد الدولة، في الضرائب والرسوم بالإضافة إلى بعض الموارد الأخرى .
وبهذا فالسلطة التشريعية عندما تصادق على مشروع قانون المالية سواء تعلق الأمر بالموارد والنفقات فذلك راجع إلى احتواء قانون المالية أو الميزانية على مقتضيات ضريبية تهم جميع الفاعلين داخل المجتمع مواطنين، شركات...
كما أن أهمية البرلمان كسلطة ضريبية تظهر من خلال مراقبة هذا الأخير لقانون المالية والتصويت عليه ، فالمراقبة تتم عن طريق إيداع مشروع قانون المالية للسنة بمكتب إحدى مجلسي البرلمان قبل نهاية السنة المالية بسبعين يوما على أبعد تقدير ، إلا أن المستجد الذي جاء به دستور2011 في هذا المجال هو إيداع مشروع قانونية المالية بشكل أولي لدى مجلس النواب، وبعد إحالته على مجلس النواب يتم دراسته من طرف لجنة المالية التابعة للمجلس، إذ تعتبر هذه الأخيرة من أهم اللجان البرلمانية نظرا لما تحظى به من أهمية في توجيه الميزانية، ويتم اختيار أعضاء هذه اللجنة حسب تمثيلية كل حزب داخل البرلمان...وتنتخب هذه اللجنة لمدة سنة واحدة. أما عن طريقة التصويت فلا يجوز في أحد مجلسي البرلمان عرض الجزء الثاني (النفقات) قبل التصويت على الجزء الأول أي الإيرادات، وبهذا نجد أن المشرع المغربي قد ألزم البرلمان بأسبقية التصويت على الإيرادات ليلي ذلك التصويت على النفقات علما أن التصويت على أحكام قانون المالية يكون مادة فمادة .
*حدود السلطة الضريبية للبرلمان :
إن التساؤل عن حدود الاختصاص البرلماني في التشريع الضريبي يروم التأكد من مدى استئثار السلطة التشريعية بالفعل بهذا الاختصاص ومدى تجسيده على مستوى الممارسة السلطة الضريبية وذلك من خلال التأسيس للضرائب و تحديد سعرها وطرق تحصيلها ؟ أم أن هذا الاختصاص ليس حصريا بل يعرف تدخل السلطة التنفيذية عبر العديد من الوسائل والآليات لتتقاسم هذا الاختصاص مع البرلمان ؟
وبالفعل فإن مجال التشريع الضريبي وإن كان دستوريا يبقى حصريا من اختصاص السلطة التشريعية، إلا أن هناك العديد من الحدود التي تحد من السلطة المطلقة للبرلمان في هذا المجال . _الحدود الدستورية والسياسية للسلطة الضريبية للبرلمان.
تلعب السلطة الجبائية دورا هاما في إقرار التكاليف الضرورية لسير الحياة العامة للدولة بالشكل الذي يستحيل معه اعتبار أية ضريبة محدثة شرعية إذا لم تصدر عن الجهاز أو المؤسسة التي تملك هذا الاختصاص قانونيا. ويؤدي هذا الأمر إلى اعتبار البرلمان الآمر والناهي في ما يخص فرض الضرائب، غير أن مجموعة من العوامل والتطورات ساهمة في تقييد السلطة المطلقة للبرلمان في هذا مجال ، وهذه العوامل تمثلت في مجموعة من الحدود الدستورية والسياسية التي أفرزها الواقع العملي لسير الحياة العامة للدولة. إذن فأين تتجلى الحدود السياسية والدستورية على السلطة الضريبية للبرلمان ؟
1- الحدود الدستورية للسلطة الضريبية للبرلمان.
يعتبر الدستور أسمى قانون في البلاد يتولى تحديد المبادئ العامة التي تسير عليها الدولة في كل المجالات، وقد أسند هذا القانون الأساسي صلاحية إحداث وتوزيع التكاليف العمومية للمؤسسة التشريعية التي تتألف من ممثلي الأمة ، وهذا الإسناد راجع إلى كون أن هؤلاء النواب أدرى من غيرهم باحتياجات المواطنين الممثلين لهم، وهو ما يمكن معه القول "بالإختصاص الشامل للبرلمان في تحديد كل القواعد المتعلقة بالضريبة
وإذا كان الدستور بنفسه هو الذي يحدد وينص على أنه لا ضريبة إلا بالقانون ، فإنه يتضمن أيضا مجموعة من النصوص الدستورية التي تؤدي إلى الإعتراف بمبدأ مفاده توزيع المادة الضريبية بين الحكومة والبرلمان، بل أكثر من ذلك فالمجال الضريبي تتدخل فيه الحكومة بواسطة صلاحياتها أكثر من البرلمان وذلك نظرا لكون هذا المجال يعرف ببعده التقني وهو ما يشكل عائقا أمام الممارسة الفعالة للسلطة البرلمانية في المادة الضريبية ويتيح عكس ذلك للحكومة أن تتدخل وتحدد هامش التحرك والمناورة مسبقا قبل أن ينظر فيه البرلمان.
تتجلى أهم الحدود الدستورية التي ترد على السلطة البرلمانية في المجال المالي بوجه عام والضريبي بوجه خاص في مجموعة من الفصول.
فلو أخذنا ما جاء به الفصل 77 في فقرته الثانية التي تنص "وللحكومة أن ترفض، بعد بيان الأسباب ، المقترحات والتعديلات التي يتقدم بها أعضاء البرلمان إذا كان قبولها يؤدي بالنسبة لقانون المالية إلى تخفيض الموارد العمومية أو إلى أحداث تكليف عمومي ، أو الزيادة في تكليف موجود" فالملاحظ أن مقتضى هذه الفقرة 2 من الفصل 77 تحول دون فرض سلطة البرلمان في ممارسة رقابته على الحكومة، كما يشكل ذلك عرقلة في وجه ممارسة نواب الأمة لسلطتهم في الموافقة وتعديل المقتضيات الضريبية في اتجاه تخفيضها أو ملاءمتها مع القدرة التكليفية للملزمين .وقد سمي هذا الفصل من الدستور حسب الأستاذ الباحث عبد الرفيع بوداز "بالفيتو الحكومي حيث تلجأ إليه الحكومة عندما تكون هناك مناقشة برلمانية حادة لقانون المالية والتي تتوج باقتراح تعديلات على المشروع الذي قدمته الحكومة ولا يكون أمام هذه الأخيرة إلا سبيل اللجوء إلى الفصل 77 من الدستور لتفادي العرقلة البرلمانية.
كما أن البرلمان نادرا ما يقترح قوانين ضريبية بل ترجع مبادرة اقتراح هذه القوانين إلى الحكومة في أغلب الحالات إن لم نقل جلها وهذا راجع إلى الطبيعة التقنية لهذا القانون التي تتطلب تقنيات عالية تؤهل لمعرفة احتياجات إدارات الدولة ومؤسساتها وهو الشيء الذي يستحيل على السلطة التشريعية القيام به لوحدها وبالتالي تتولى الحكومة القيام بإعداد مشروع قانون المالية في إطار التنسيق بين مختلف الوزارات والمصالح .
ومن جهة أخرى نجد الفصل 75 في فقرته الثالثة ينص على أنه "إذا لم يتم في نهاية السنة المالية التصويت على قانون المالية أو لم يصدر الأمر بتنفيذه، بسبب إحالته على المحكمة الدستورية... فإن الحكومة تفتح بمرسوم الإعتمادات اللازمة لسير المرافق العمومية ، والقيام بالمهام المنوطة بها ، على أساس ما هو مقترح في الميزانية المعروضة على الموافقة " وقد ثم اللجوء لهذا الفصل من طرف الحكومة في العديد من المناسبات.
والجدير بالإشارة أيضا أن التعديل الدستوري لسنة 2011 لم يحمل أي جديد بالنسبة للبرلمان في المجال المالي إذ تعتبر جل فصوله امتدادا لما كان قائما في ظل الدساتير السابقة.
2- الحدود السياسية للسلطة الضريبية للبرلمان.
إذا كانت السلطة التشريعية تجسد بالفعل السلطة الضريبية من خلال التأسيس للضرائب، فإن هذا الاختصاص تحد منه العديد من العراقيل السياسية التي تجعل من عمل البرلمان يتسم بنوع من عدم الفعالية وعدم القدرة على تجسيد السلطة الضريبية الحقيقية.
وتتعدد الحدود السياسية وتتعقد تبعا لنوعية النظام السياسي ودرجة دمقرطته ووعي المواطن بالضريبة وأهميتها في الحياة الاجتماعية والاقتصادية للدولة .
من هذا المنطلق فهناك من الباحثين من يرى بأن الحدود السياسية مرتبطة بعملية العقلنة البرلمانية التي شهدها العمل النيابي في العديد من الدول .
فطبيعة "النظام البرلماني يقتضي توفر الحكومة على أغلبية مريحة تمكنها من تنفيذ سياستها الاقتصادية والاجتماعية والتي تحتوي الإجراءات الضريبية " ، فمن خلال هذه الآلية تتمكن الحكومة من تمرير مشاريعها بسهولة بالشكل الذي يفرغ البرلمان من دوره الرقابي ، فكلما توفرت الحكومة إذن على أغلبية مريحة ومنسجمة كلما تمكنت من تمرير القوانين الضريبية التي أعدتها نظرا لضمانها الموافقة عليها من طرف الأغلبية التي تتوفر عليها داخل قبة البرلمان (الحكومة تصوت على الحكومة)والتي تقدم دعمها اللامشروط ، وبالتالي تتمكن الحكومة من تنفيذ سياستها الاقتصادية والاجتماعية التي يمكن أن تحتوى على إجراءات ضريبية تقتضى الزيادة فيها أو النقصان منها.
لذلك فالعقلنة البرلمانية التي تشكل إحدى أهم الحدود السياسية "تجعل من الأغلبية السياسية الحاكمة في ظل النظام البرلماني المعقلن كثلة موحدة ومنسجمة (برلمان وحكومة ) في مواجهة المعارضة سعيا وراء إقرار سياسية ضريبية وفقا لمبادئها وأهدافها .
فالعقلنة البرلمانية بهذا المعنى أجهزت "بالتدريج على سلطات البرلمان في المجال المالي...ليصبح مجرد أداة لإضفاء المشروعية القانونية لانفراد السلطة التنفيذية بصناعة القرار" المالي عموما والجبائي على وجه الخصوص طالما أن السياسات العمومية للدولة تأخذ بعين الاعتبار أراء وتطلعات المواطن من خلال استقراء توجهات ممثليهم داخل المجالس النيابية.
وبذلك فالعقلنة البرلمانية تصبح عائقا موضوعيا أمام ممارسة البرلمان لدوره كاملا في مجال المراقبة كما أنها تجعل النظام السياسي المغربي المتسم بهيمنة الحكومة على البرلمان على مستويات متعددة ...بشكل يؤكد ضعف البرلمان وانعدام المبادرة البرلمانية في المجال المالي بالتحديد حيث تخضع سلطات البرلمان إلى عدة قيود تفقد معها عبارة ممثلي الأمة كل مدلول ديمقراطي .
والى جانب العقلنة البرلمانية هناك العديد من الحدود ذات الطابع السياسي من بينها أن صياغة القاعدة الضريبية تعرف تدخل العديد من الجهات من حكومة وبرلمان ومجموعات مهنية وأصحاب المصالح الاقتصادية والتي تتدخل بشكل مباشر أو غير مباشر في صياغة القاعدة القانونية الجبائية وتأثر فيها بشكل كبير وهو الشيء الذي يحد من السلطة الضريبية للبرلمان .
والى جانب هذه العراقيل فمعظم النواب داخل البرلمان، أعضاء اللجنة المالية لا إلمام لهم بالقضايا الجبائية خصوصا وأن هذه اللجنة هي التي تتولى مناقشة ودراسة مشروع قانون المالية بما فيه الشق المتعلق بالجبايات بالشكل الذي يجعل عضويتهم باللجنة " من اجل جس النبض أكثر من المساهمة الفعلية والايجابية في إغناء النقاش الدائر حول أهم مشروع يقدم إلى البرلمان ، هذا بالإضافة إلى قصر مدة المناقشة التي حددها الدستور في 70 يوما مقسمة على غرفتين مع العلم أن الحكومة قد تتأخر، وهذا ما يحدث في الكثير من الأحيان، عن تقديم مشروع قانون المالية في الموعد المحدد وذلك تحت مبرارات فنية وصعوبات لوجستيكية، فضلا عن كون المناقشات "تجرى في جلسات مارطونية وبسرعة قياسية مما يجعل النواب يصوتون بدون معرفة بالتحديد على ماذا يصوتون.
وبالتالي يجد البرلمان صعوبات في مناقشة القانون المالي، والتمحيص فيه فمثل هذا الوضع لا يعطي للسلطة التشريعية الوقت الكافي لممارسة اختصاصها المسند لها بصريح نص الدستوري، وهنا نلاحظ أن الأمر يتعلق بضيق المدة واتساع المجال المدروس أو المطلوب المصادقة عليه.
ومن جهة أخرى نجد التدخل الملكي يحد من اختصاصات البرلمان ويقيد سلطاته، ففي حالة الاستثناء مثلا يبقى للملك صلاحيات واسعة سواء تعلق الأمر بالتشريع أو التفنيد، وقد ترتب عن إعلان حالة الاستثناء سنة 1965 والتي دامت خمس سنوات، تعطيل كل مؤسسات الدولة باستثناء المؤسسة الملكية فتفرد الملك بكل الاختصاصات بما في ذلك إعداد الميزانية وفرض الضرائب.
إن القيود الدستورية والسياسية على سلطة البرلمان في التشريع الجبائي تجعله في أفضل الظروف لا يطالب سوى بحقه في الموافقة على الضرائب وليس بحقه في اقتراحها. ومن هذا المنطلق يمكن القول "أن حدود الاختصاص البرلماني تؤدي إلى "الاعتراف بمبدأ توزيع المادة الضريبية بين البرلمان والحكومة بحيث ينفرد البرلمان بتحديد الوعاء الضريبي ، اختياره وطرق تقديره في إطار إحداث ضريبة جديدة وتحديد الأشخاص الخاضعين لها ومكان فرض الضريبة وكذا الواقعة المنشئة لها وطرق تقدير وعائها ....أما المجال التنظيمي للحكومة فيتضمن على سبيل المثال تحديد قواعد نشاط الإدارة الضريبية وكذا إجراءات البث في المنازعات الضريبية من طرف مصالح الإدارة الجبائية نفسها... أي أن البرلمان ينحصر اختصاصه في رسم القواعد الأساسية للضرائب والرسوم وتحديد المفاهيم والقواعد الأساسية للضرائب دون الدخول في أساليب تطبيقها التي تبقى من اختصاص السلطة الحكومية والتي من جهتها قد تتجاوز اختصاصاتها الدستورية في العديد من الأحيان لتتدخل في اختصاص غيرها من السلطات كما هو الشأن بالنسبة للمجال الضريبي.
المطلب الثاني: المتدخلون الغير المباشرون.
أن الملزم أو المكلف يسعى إلى تجنب الضريبة، إما بطرق فردية كالتهرب و الغش أو جماعية كالاحتجاج و الثورة، او بطرق أخرى تأتي أما بشكل سابق على اتخاذ القرار الجبائي أو أتناء صياغته او في مرحلة تنفيذه، تحقيقا لهدف واحد قد يتجلى في الحصول على إعفاء ضريبي، أو على الأقل التخفيف من سعر الضريبة، ودلك بالضغط على المؤسسات المتخذة للقرار. كما يتخذ التاتير طابعا خارجيا عن الدولة من خلال المؤسسات المالية الدولية، ودلك عن طريق توظيف القروض كآلية ضاغطة.
أولا: جماعات المصالح.
تعتبر جماعات المصالح أشخاصا معنوية خاصة، يتم خلقها لتمثيل بعض شرائح الملزمين من اجل
توجيه القرار السياسي و خاصة الضريبي منه. ولقد أصبحت هده المجموعات الضاغطة لصيقة بكل نظام سياسي ولو بلغ منتهى الديمقراطية، وبالتالي اختلفت الرؤى حولها، اد يعتبرها البعض عنصرا طبيعيا و مشروعا لتطور المجتمعات، بينما يرى فيها البعض الأخر العامل الأساسي لإلغاء الديمقراطيات.
فالمجموعات المهنية واللوبيات الاقتصادية على سبيل المثال ترتبط بعلاقات كبيرة مع الوزارات الوصية على النشاط الذي تمارسه وهو ما يشكل ضغطا على الحكومة تأخذه بعين الاعتبار في صياغة مشروع قانون المالية خصوصا في الشق المتعلق بالضرائب .
كما أن هذه المجموعات المهنية واللوبيات الاقتصادية تمارس مجموعة من الضغوطات على البرلمان من اجل إقرار إجراءات تتماشى ومصالحها هذا بالإضافة إلى كون الأحزاب السياسية تسعى إلى حشد دعم هذه اللوبيات وذلك من خلال اقتراح قوانين وتعديلات ضريبية .
أما على المستوى الحكومي فالمجموعات المهنية " ترتبط مبدئيا بعلاقات مع الوزارات التي تحتضن نشاطها أو تكون وصية على ذلك النشاط المهني... وبالتالي فإن هذه الإدارات بحكم وصايتها على هذه الأنشطة المهنية تكون على بينة من مشاكلها ومدافعة على حل هذه الصعوبات والدفاع عنها على المستوى الحكومي بما في ذلك المشاكل ذات الصبغة الضريبية، حيث تدخل عدد من الوزراء لدى الحكومة لاقتراح تعديلات ترمي إلى تخفيف العبء الضريبي على النشاط المهني المشمول بوصايتهم...وعلى هذا المستوى تشكل دواوين الوزراء قناة ناجعة لإجراء اتصالاتهم وطرح مطالبهم قصد تكييف المقتضيات الضريبية وفق مصالحهم.
كما أن هذه المجموعات المهنية واللوبيات الاقتصادية تمارس مجموعة من الضغوطات على البرلمان من اجل إقرار إجراءات تتماشى ومصالحها هذا بالإضافة إلى كون الأحزاب السياسية تسعى إلى حشد دعم هذه اللوبيات وذلك من خلال اقتراح قوانين وتعديلات ضريبية .
أما على المستوى الحكومي فالمجموعات المهنية " ترتبط مبدئيا بعلاقات مع الوزارات التي تحتضن نشاطها أو تكون وصية على ذلك النشاط المهني... وبالتالي فإن هذه الإدارات بحكم وصايتها على هذه الأنشطة المهنية تكون على بينة من مشاكلها ومدافعة على حل هذه الصعوبات والدفاع عنها على المستوى الحكومي بما في ذلك المشاكل ذات الصبغة الضريبية، حيث تدخل عدد من الوزراء لدى الحكومة لاقتراح تعديلات ترمي إلى تخفيف العبء الضريبي على النشاط المهني المشمول بوصايتهم...وعلى هذا المستوى تشكل دواوين الوزراء قناة ناجعة لإجراء اتصالاتهم وطرح مطالبهم قصد تكييف المقتضيات الضريبية وفق مصالحهم.
ومن أهم هده المجموعات في المغرب نجد الاتحاد العام لمقاولات المغرب، مند أن أسس سنة 1974، ويعتبر أقوى نموذج لمجموعات المصالح على المستوى الوطني، اد نضرا لتقله المالي والاقتصادي و التنظيمي، يستطيع أن يفرض وجوده على مستوى بلورة القرار الضريبي، بل يتعدى الأمر دلك إلى أن تتم استشارته بمناسبة تحضير كل مشروع قانون المالية، أو أي إصلاح تعتزم الحكومة القيام به، الشيء الذي يجعله يتبنى سياسة ممنهجة، تنبني على التقليل من أهمية الامتيازات الضريبية الممنوحة سابقا، و على المبالغة في تعظيم حجم الضرر الذي يلحق أعضاءه من جراء تطبيق اي تشريع ضريبي. وخير مثال يمكن إيراده في هدا السياق هو انه عندما كان السعر الأعلى للضريبة العامة على الدخل محددا في 52% كان الاتحاد يطالب بتخفيضه الى 48% ولما تحقق له دلك سنة 1998 أصبح يطالب ثانية بتخفيض السعر إلى 46% ثم إلى 44% ثم 41.5% .
وعوض الاقتصار على الدور السلبي الانتضاري، ياخد الاتحاد العام لمقاولات المغرب المبادرة القائمة على فلسفة التشاور الايجابي و المسؤول في إطار التباحث مع السلطات الحكومية، خلال جميع أطوار صنع القرار الجبائي، ولو كان دلك على حساب العدالة الجبائية و السلم الاجتماعي لكون السلطات الضريبية تجد نفسها عاجزة عن لعب دور المحايد، على عاتقها مسؤولية حفظ العدالة و المساواة التي تعتبر من أهم المبادئ المحفوظة دستوريا.
ومثال دلك الضغوطات التي عرفتها حكومة التناوب، بمناسبة تقديم برنامجها الحكومي، من قبل هدا اللوبي حيت تقدم بمدكرة تتكون من 26 صفحة، تتضمن مقترحات رجال الأعمال و تطلعاتهم و ترسم الخطوط العريضة للسياسة العامة في المجالات الاقتصادية النقدية و المالية و الضريبية، تمت ترجمة جل مطالبها الضريبية في القانون المالي لسنة 1999-1998 الدي جاء بمجموعة من الامتيازات الضريبية، أهمها الإعفاء من رسوم الاستيراد، والاقتطاع الضريبي عن الاستيراد، و الضريبة عن القيمة المضافة على استيراد السلع التجهيزية التي تم اقتناؤها من قبل بعض المقاولات.
يتبين ادن إن ضعف كفاءة الممثلين البرلمانيين، وانعدام روح المسؤولية، إضافة الى الحضور الشخصي القوي لبعض الأسماء النافدة على رأس بعض اللوبيات، كلها عوامل تساهم في تكريس غياب العدالة الجبائية ثم الاجتماعية، وتفشي مجموعة من الظواهر السلبية.
ثانيا: المؤسسات المالية الدولية.
تلعب المديونية الدور الأساسي، الذي يخول لدولة أو المؤسسة الدائنة، الوسيلة الكفيلة بالضغط على الدولة المدينة، حيت يكون هدا الضغط عبر مجموعة من الوسائل تشكل توجيه للقرارات الجبائية، كما حملت اكراهات العولمة اغلب دول العالم الثالث، الى التنازل عن أجزاء مهمة من سيادتها لمصلحة المؤسسات المالية الدولية، التي أصبحت المقرر الأساسي في السياسة الضريبية. حيت أن البنك الدولي او صندوق النقد الدولي كمؤسسة مالية يستعمل إزاء المدنيين خلال مفاوضات واتفاقيات القرض السيطرة والهيمنة، بحيث يصعب وضع حدود لها أمام الميدان السياسي.
وبالتالي بما أن الدولة طالبة القرض لدى صندوق النقد الدولي، يجب أن تقنع مجلس الإدارة بمصداقيتها ومصداقية الأهداف التي هددتها، فلكي يمنح هدا الأخير موافقته على منح القروض، يقوم بدراسة ليس فقط معايير القدرة ولكن كل البرامج، وتقييم حدود نجاحه و كذلك مطابقة مراميه مع سياسة صندوق النقد الدولي وبالتالي فان التوجه الليبرالي للصندوق يفرض الزيادة في القرض و الاقتطاع الضريبي على الاقتصاد، و اكتر من هدا فعن طريق الأسعار، نجد الضرائب تستعمل عادة كوسيلة لتحفيز القطاع الخاص، عن طريق الإعفاء الضريبي الانتقائي، الذي يمنح لبعض القطاعات امتيازا دون أخرى، مثل قطاعات التصدير.
يظهر جليا تاتير صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، من خلال التوصيات التي تقدما بها والتي تدع إلى اعتماد سياسات التثبيت و التقويم الهيكلي والتي عرفها المغرب مع عهد الثمانينات حيت تقوم هده السياسة من الناحية العملية، على سياسات الميزانية ( تخفيض الاستثمارات العمومية و النفقات ذات الطابع الاجتماعي وتجميد رواتب الموظفين و تسريح المستخدمين، و الزيادة في بعض الضرائب و الرسوم و الأسعار العمومية ) وعلى سياسات نقدية ( مراقبة القرض وزيادة معدل الفائدة ) و على سياسات الصرف ( تخفيض العملة الوطنية ).
يتبين بالتالي أن برنامج صندوق النقد الدولي، يقوم على التخلي عن كل مراقبة للأسعار من طرف الدولة، و التقليص من هامش الزيادة في الأجور و تشديد الضغط الضريبي، خصوصا بالنسبة للضرائب الغير المباشرة، وعدم تعهد الدولة وتكفلها بالميدان الاقتصادي و الاجتماعي، وتوفي شروط أفضل للاستثمارات الأجنبية.
وقد وجد دلك تجسيدا له من خلال هده السياسة حيت تم بلورة القانون الإطار للإصلاح الجبائي الذي وافق عليه مجلس النواب في دجنبر1982 وصدر في ابريل 1984 انطلاقا من توصيات المؤسسات المالية الدولية لسنة 1979 .
كما أن بعض الاتفاقيات التي تبرمها الدولة مع دول أخرى يكون لها تاتير على المستوى الضريبي و خصوصا الاتفاقيات التي تهم المجال الاقتصادي، و التعامل التجاري بين المغرب و الدول الأخرى الأطراف في الاتفاقية، فهده الأخيرة تقوم بفرض مجموعة من الشروط قد تؤثر في وضع القرار الجبائي، و خير مثال على دلك اتفاقية التبادل الحر، التي فرضت على المغرب مجموعة من التنازلات على المستوى الجبائي.
المبحث الثاني: عقلنة القرار الجبائي وأثره على تحسين الموارد العامة.
المطلب الأول: مواصفات القرار الجبائي الجيد:
إن أي قرار جبائي جيد يقتضي أن يتوفر فيه المبدءان التاليين:
· مبدأ العدالة: قاعدة العدالة أو المساواة في المقدرة:
وتتطلب العدالة توزيع أعباء تمويل الإنفاق العام على المواطنين بحسب مقدرتهم التكليفية على تحمل الأعباء. وهناك مفهومان يرتبط ذكرهما بهذا المبدأ وهما:
العدالة الأفقية: وتعني معاملة ذوي الدخول المتماثلة معاملة متساوية حيث يفترض ألا يؤدي فرض ضريبة ما إلى تحميل فئة مهنية أو اجتماعية تتمتع بنفس مستوى الدخل بتحمل عبء أكبر من فئات أخرى (أي معاملة ذوي الدخول المتساوية معاملة متساوية).
العدالة الرأسية: وتتطلب الحد الأدنى من الفوارق في مستويات الدخول عن طريق تحميل الأغنياء حصة أكبر في تمويل النفقات العامة (أي معاملة ذوي الدخول المختلفة معاملة مختلفة).
ولتحقيق هذا المبدإ يجب محاربة جملة من الاختلالات التي تخل به:
أولا : التهرب والغش الضريبيين:
ازدادت أهمية ظاهرة التهرب والغش الضريبي – منذ السبعيات- بسبب النمو السريع للنشاط الاقتصادي الموازي وزيادة عجز الميزانية، فإذا توصلت بعض البلدان المتقدمة في التحكم فيها فإن الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للبلدان السائرة في طريق النمو تسوء كثيرا بسبب النقص في القيمة والتي يمكن أن تحدثها الظاهرة في الخزينة العمومية.
وفي هذا الإطار، فالبعض يرى أن الفرق بين الغش الضريبي ” la fraude fiscale” والتهرب الضريبي ” l’évasion fiscale” هو أن الأول يلجأ فيه المكلف إلى استعمال وسائل غير قانونية قصد التملص من الضريبة، أما الثاني فيرتكز على أساس استغلال غموض وثغراث النص القانوني أو استغلال الامتيازات التي يمنحها القانون الضريبي.
إلا أن مسار تجريم الغش الضريبي عرف مخاضا عسيرا بدءا من سنة 1978، وذلك حين تقدم الوزير الأول ببرنامج الحكومة أمام البرلمان وحث على ضرورة مكافحة الغش الضريبي، حيث بعد هذا التاريخ ستتولى الحكومة إعداد الإطار العام للإصلاح الجبائي الذي مر بظروف عسيرة، والذي من خلاله تسعى إلى إيجاد الوسائل الكفيلة بالوقاية من الغش الضريبي، وذلك عبر وضع نص قانوني يجرمه، إلا أن مجموعة من قوى الضغط في البرلمان أدت بالحكومة إلى سحب المادة 27 من الباب الواسع المعنون مكافحة الغش الضريبي وتعديلها.
وانتظر المشرع المغربي إلى غاية سنة 1996 من أجل تجريم الغش الضريبي، وذلك بموجب قانون المالية الانتقالي لسنة 1996-1997، الذي جاء بمقتضيات جديدة، يظهر من خلالها أن المشرع رضخ أخيرا للانتقادات التي كانت توجه إليه في هذا الصدد، وإن كان ما قام به في واقع الأمر لا يرقى إلى المستوى المرغوب. وهو الأمر الذي يتطلب قرارات سياسية شجاعة.
التهرب الضريبي يكبد اقتصاد البلد خسائر بقيمة 4200 مليار سنتيم وتهريب أموال إلى الخارج تكلف 1200 مليار سنتيم.
ثانيا:عقلنة الاعفاءات الضريبية: (ضرورة المردودية والنتائج).
فالإعفاءات الضريبية ثقب يستنزف الميزانية العامة، وقد قدرت الإعفاءات الضريبية تفوق 32 مليار درهم في 2011.
فقدأفادت وزارة الاقتصاد والمالية بأن مبلغ المصاريف الجبائية(الإعفاءات الضريبية) استقر في 32,07 مليار درهم سنة 2011 مقابل 29,80 مليار درهم سنة 2010 مسجلا بذلك ارتفاعا بنسبة 7,6 في المائة.
وعزت الوزارة في تقرير لها حول المصاريف الجبائية برسم هذا الارتفاع على الخصوص لتقدير تأثير الميزانية ب52 إجراء استثنائيا تم تقييمها حديثا بمبلغ 1,27 مليار درهم.
وانتقل رقم الإجراءات الاستثنائية التي تم إحصاؤها من 384 إجراء سنة 2010 إلى 399 إجراء سنة 2011 من ضمنها 43,4 في المائة استفادت منها المقاولات و27,6 في المائة استفادت منها الأسر.
وفيما يتعلق بحصة المصاريف الجبائية من المداخيل الجبائية فقد انتقلت من 17,4 في المائة سنة 2010 إلى 18,3 في المائة برسم عام 2011 أي بزيادة بنسبة 0,9 في المائة وبلغت حصتها في الناتج الداخلي الخام 3,7 في المائة في سنتي 2010 و2011.
وفي ما يتعلق بالضريبة على القيمة المضافة التي تشكل 41,3 في المائة من المصاريف الجبائية انتقل المبلغ من 13,76 مليار درهم سنة 2010 إلى 13,24 مليار درهم سنة 2011.
وبخصوص الضريبة على الشركات يقدر مبلغ المصاريف الجبائية ب7,07 مليار درهم في 2011 حسب التقرير فيما بلغت المصاريف الجبائية المقدرة على مستوى الضريبة على الدخل 4,33 مليار درهم من بينها 2,51 مليار درهم لفائدة الأسر.
وفيما يتعلق بحقوق التسجيل والتنبر فقد ارتفع مبلغ المصاريف الجبائية العائدة إليها ليصل إلى 5,51 مليار درهم وتهم على الخصوص الأنشطة العقارية ب2,78 مليار درهم.
وأبرز التقرير أيضا هيمنة الاستثناءات لفائدة الأنشطة العقارية التي تشمل 5,41 مليار درهم في 2011 متبوعة بأنشطة قطاعات الفلاحة والصيد البحري (4,30 مليار درهم) والصادرات (3 مليار درهم) والتكفل الاجتماعي (2,98 مليار درهم).
ونشير بهذا الخصوص الى خلاصات المجلس الاقتصادي والاجتماعي حول إصلاح النظام الجبائي.
فمن خلال الخلاصات التي توصل إليها تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي بمناسبة عقده لدورته العشرين العاديةنهاية أكتوبر الجاري ، والذي خصص لتقديم ومناقشة مشروع تقرير المجلس حول موضوع «النظام الجبائي المغربي والتنمية الاقتصادية والتماسك الاجتماعي» ورش للإصلاح الضريبي الذي تعتزم الحكومة أن تفتحه، فقد وضع المجلس يده على الأعطاب الرئيسة لهذا النظام، والتي تتمثل في:
· عدم توزيع العبء الضريبي بصفة عادلة بين الفاعلين الاقتصاديين، حيث تؤدي 2 في المائة من المقاولات المغربية ما قدره 80 في المائة من الضريبة على الشركات، فيما يتحمل الأجراء 75 في المائة من مجموع الضرائب على الدخل.
· عدم خضوع عدد كبير من الأنشطة الاقتصادية المدرة للدخل لأي نظام جبائي، لاسيما في القطاع الفلاحي وخاصة الاستغلاليات الكبيرة التي تحصل على أرباح كبيرة.
· عدم وجود أي دراسات ميدانية تقيم أثر وفاعلية الحوافز المالية التي توفرها الحكومة لدعم الاقتصاد، والتي تناهز كلفتها الإجمالية 32 مليار درهم.
· حرمان الوعاء الضريبي من العديد من الموارد الإضافية التي يمكن أن يساهم فيها القطاع غير المهيكل، أو يمكن أن تنتج عن فرض رسوم على أشكال من امتلاك الثورة (الهبات، الإرث(
· إصلاح نظام المقاصة ودعم فكرة الدعم المباشر الموجه للفقراء لاسيما في المواد الاستهلاكية.
ثالثا:التبسيط والعقلنة والعصرنة أهداف أساسية للإصلاح الضريبي.
ü استراتيجية المغرب للإصلاح المالي ترتكز على التحكم في النفقات العمومية وتحسين التدبير العمومي وتحديث المراقبة.
أكدت وزارة الاقتصاد والمالية أن التجربة المغربية في مجال تدبير المالية العمومية ارتكزت خلال السنوات الأخيرة على النتائج الإيجابية للمؤشرات الماكرواقتصادية ، وتترجم هذه النتائج مجهودات السلطات العمومية من أجل تحسين مناخ الأعمال وتنشيط القطاعات ذات المردودية وتحسين تمويل الاقتصاد ، واستقرار الإطار الماكرواقتصادي ، وتوفير شروط النمو القوي والمستدام الموفر لفرص الشغل، حيث ارتكزت الاستراتيجية التي اعتمدها المغرب ، في مجال الإصلاح المالي على التحكم في النفقات العمومية وتحسين التدبير العمومي وتحديث المراقبة . ومن أجل توطيد الاستثمار العمومي ، اعتمدت المجهودات المبذولة على مواصلة عقلنة النفقات العمومية ،عبر ضمان استقرار كتلة الأجور وإعادة هيكلة المؤسسات العمومية ومواصلة استهداف المقاصة لفائدة الفئات المعوزة والتدبير النشيط للدين.
وفي إطار عصرنة تدبير النفقات العمومية تهدف وزارة الاقتصاد والمالية إلى تعميم المقاربة الجديدة للميزانية المرتكزة على النتائج ، حيث سيتم تقوية اللامركزية عبر وضع إجراءات للميزانية ومراقبة النفقات أكثر ملاءمة ، وعبر توطيد العلاقات التعاقدية بين الإدارة المركزية والمصالح الخارجية .
وبالنسبة لتحديث أنظمة المراقبة وتدبير المالية العمومية ، ترتكز أهم انشغالات الوزارة على وضع رؤية مندمجة لهذه الأنظمة وتوطيد الشفافية ، وسيتم ترجمة ذلك من خلال تقوية قدرات التدبير لدى الامرين بالصرف والإحداث التدريجي للمراقبة المتسلسلة والتقليل من المراقبة القبلية ، وتوجيه المراقبة نحو النتائج وتسريع وتيرة إعداد قوانين التصفية وتعميم وتعميق إصلاح الميزانية ..
وأكد المدير العام للضرائب نور الدين بنسودة أن عقلنة العمل العمومي وتحسين وظيفة الإدارات يشكل في الوقت الحالي رهانا حقيقيا بالنسبة للمغرب ، مشيرا إلى أن التحولات الحالية تتسم بإدخال مناهج جديدة في تدبير الأموال العمومية ، من خلال التركيز على التحديد الأفضل للموارد ، وتحسين شفافية الميزانية ، وتقوية دور أجهزة المراقبة .
موضحا أن الاصلاحات التي انخرط فيها المغرب أفرزت مقاربة جديدة تهدف إلى توجيه تدبير الميزانية نحو ثقافة النتائج والأداء القائمين على فعالية ونجاعة النفقات العمومية، مبرزا أن الإصلاح بخصوص النفقات ، ترجم أساسا وضع إطار للنفقات على المدى المتوسط بهدف ملاءمة السياسات القطاعية مع أهداف التحكم في الإطار الماكرواقتصادي ، وكذا تحسين الرؤية بالنسبة للمجهود العمومي على المدي المتوسط ، والتحديد الأفضل لوارد الميزانية .
ارتكز إصلاح وتنقيح النظام الضريبي المغربي على مقاربة حسن التدبير ، وهو ما سمح بالتحديد التدريجي للأهداف المركزية للسياسة الضريبية و حيث يهم الهدف الأول تبسيط وعقلنة وعصرنة النص الضريبي و وضع المدونة العامة للضرائب وإصلاح الجبايات المحلية ، ويتمثل الهدف الثاني في التعبئة القوية للإمكانيات الضريبية من أجل التمويل الأفضل للنفقات العمومية ، أما الهدف الثالث فيهم تقوية النمو ودعم تنافسية البلد وتخفيض التحملات الضريبية بالنسبة للمقاولة والأسر .
وهو الأمر الذي يحتم ضرورة تدبير ميزانية الدولة بالتركيز على النتائج، من خلال تحميل المسؤولية للمشرفين على التدبير ، بعد التحديد المسبق للأهداف المتوخى تحقيقها ، مبرزين أهمة تعزيز نجاعة النفقات العمومية و ترسيخ ثقافة الشفافية والفاعلية ومراجعة الحسابات. ضرورة وإدراج النفقات العمومية في إطار رؤية تمتد على مدى عدة سنوات ، عن طريق عقلنة النفقات وتركيزها على تشجيع النمو والتنمية الاقتصادية.
وعموما يمكن القول إن أي قرار جبائي يهدف إلى تحسين الموارد العامة يقتضي ضرورة توسيع الوعاء الضريبي، وتخفيف العبء الضريبي وإصلاح الضريبة على الشركات، بتخفيف الضغط الضريبي على المقاولات الناشئة، ووضع قانون خاص للمقاول الذاتي، وإقرار منظومة جديدة للضريبة على القيمة المضافة في أفق إعفاء أو فرض معدل خفيف على المواد الأساسية على المستويين الغذائي والطبي،وإقرار ضريبة حقيقية على كل القيمة المضافة، مع فرض سعر مرتفع على الكماليات، وسن ضريبة الثروة، وضريبة الإرث لأهميتهما على المستوى الاجتماعي، والاقتصادي، ثم تقوية الإدارة الضريبية وعولمتها، و جعلها قادرة على القيام بمهامها على أحسن وجه.وتعزيزالرقابةالجبائية، وإصلاح منظومة القضاء الجبائي. وإصلاح لإطار القانوني للمالية العمومية، وفق قواعد الشفافية، والتبسيط، والتوحيد، والتدبير القائم على النتائج والبرامج.
بضرورة محاربة الغش، والتملص الضريبي، وسن قانون صارم في هذا الشأن، واقتراح مجلس وطني للضرائب، ووضع إستراتيجية وطنية لمحاربة اقتصاد الريع، والعمل على تخفيض، أو حذف بعض الإعفاءات، و الامتيازات الضريبية، التي تؤثر سلبا على العدالة الضريبية وموارد الدولة، وأخيرا نشر التوعية، وبعث الاطمئنان لدى الملزمين بتطبيق العدالة الضريبية، وإتباع سياسة مبدأ الرضى، والقبول، والمشاركة، لترسيخ الواجب الوطني في المساهمة في تمويل النفقات العمومية.
المطلب الثاني: أثار القرار الجبائي على تحسين الموارد العامة.
لعل أهم أثر يترتب عن القرارات الجبائية الجيدة يتحلى في ارتفاع الموارد الجبائية:
فقد قاربت الموارد الجبائية 9780 مليار سنتيم عند متم شهر أكتوبر من السنة الجارية، من أهمها الضريبة على الشركات وعلى القيمة المضافة والضريبة على الدخل.
فقد أشارت إحصائيات المديرية العامة للضرائب إلى أن الموارد الجبائية بلغت إلى غاية متم شهر أكتوبر المنصرم 9780 مليار سنتيم، بارتفاع فاق 8 في المائة مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية، والتي لم تتجاوز 9056 مليار سنتيم، لتصل نسبة إنجاز توقعات قانون المالية 2012 إلى 85 في المائة على بعد شهرين من انتهاء السنة، حيث يتوقع القانون المالي الحالي استقطاب 11497 مليار سنتيم بنهاية شهر دجنبر 2012.
وجاءت الضريبة على الشركات في مقدمة الجبايات التي تضخ في خزينة الدولة أكثر من 3500 مليار سنتيم في ظرف 10 أشهر من السنة، مقابل 3327 مليار سنتيم خلال نفس الفترة من 2011، أي بارتفاع فاق 5.3 في المائة. ويتوقع القانون المالي 2012 أن تضخ الشركات 4154 مليار سنتيم كضرائب مقابل 4025 مليار سنتيم في السنة الماضية.
وبالنسبة لثاني أهم ضريبة، وهي الضريبة على القيمة المضافة الداخلية، أشار التقرير الأخير لأنشطة المديرية العامة للضرائب٬ الذي نشر أول أمس الأربعاء، أن مداخيل «تيفيا» خلال العشرة أشهر الماضية قاربت 2667 مليار سنتيم، إذ سجلت نموا طفيفا لم يتعد 1.6 في المائة، بينما القانون المالي يتوقع أن تصل مداخيل الضريبة على القيمة المضافة الداخلية أكثر من 2981 مليار سنتيم عند متم شهر دجنبر المقبل.
وأوضحت نفس الإحصائيات أن الضريبة على الدخل جاءت في الرتبة الثالثة كأهم المداخيل الجبائية المدبرة من قبل المديرية العامة للضرائب، بمبلغ 2667 مليار سنتيم إلى غاية متم شهر أكتوبر 2012، حيث سجلت أهم نمو مقارنة بالسنة الفارطة بنسبة فاقت 19 في المائة. ويتوقع القانون المالي الحالي 2896 مليار سنتيم سيستقطبها هذا الصنف من الضرائب لخزينة الدولة عند متم شهر دجنبر 2012.
وبلغت مداخيل حقوق التسجيل والتمبر987 مليار سنتيم مقابل 895 مليار سنتيم خلال نفس الفترة من السنة الماضية، حيث سجلت هذه المداخيل نموا فاق 10 في المائة خلال سنة. ويتوقع أن تصل مداخيل حقوق التسجيل والتمبر أكثر من 1175 مليار سنتيم نهاية هذه السنة، حسب توقعات القانون المالي 2012.
وأشار تقرير المديرية العامة للضرائب إلى أن 137 مليار سنتيم تم ضخها في خزينة الدولة من ضرائب مختلفة، غير تلك المشار إليها سابقا (الضريبة على الدخل، الضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الشركات)، بدون أن تحدد المديرية نوع هذه الضرائب بصفة مدققة، حيث يتوقع قانون المالية لسنة 2012 تسجيل 291 مليار سنتيم من خلال هذه الضرائب المختلفة.
وإلى جانب الضريبة على الشركات، التي تعتبر أهم ضريبة تستحوذ تقريبا على ثلث ما تجنيه مديرية الضرائب خلال سنة، فإن مساهمة 189 من هذه الشركات التي يزيد ربحها عن 50 مليون درهم سنويا، انضافت إليها هذه السنة مساهمة أخرى تتجلى في صندوق التماسك الاجتماعي، حيث كان إدريس الأزمي الإدريسي، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية٬ قد صرح بداية هذا الأسبوع أن الحصيلة المالية لصندوق التماسك الاجتماعي بلغت إلى غاية شهر أكتوبر الماضي مليارا و992 مليون درهم، مضيفا أن هذا المبلغ يشكل حجم مساهمة 189 شركة تربح أزيد من 50 مليون وما فوق في السنة.
وأبرز الوزير أنه تم تحويل مليار و200 مليون درهم من هذا المبلغ إلى الحساب الخاص للأدوية في إطار نظام المساعدة الطبية (راميد)٬ و330 مليون درهم لدعم برنامج «تيسير» الخاص بدعم التمدرس ومحاربة الهدر المدرسي٬ و150 مليون درهم لعملية مليون محفظة.
ü بعض القرارت الجبائية في قانون المالية 2013:(مشروع قانون المالية خارطة طريق 2013)
وحسب التقرير الاقتصادي والمالي المرفق بمشروع القانون المالي لسنة 2013، ستركز الحكومة أيضا على تعزيز الاستثمار الخاص، وتطوير قطاعات صناعية جديدة ذات قيمة مضافة عالية، خاصة المهن العالمية الجديدة الموجهة للتصدير والاستخدام الأمثل للأقطاب الزراعية الجديدة والمناطق الصناعية المندمجة والمنتجعات السياحية..
كما سيولى اهتمام خاص لوضع تدابير مواكبة خاصة بالتمويل والتكوين وتوفير البنيات التحتية والخدمات اللوجستية والمناولة الصناعية ونقل التكنولوجيا وكذا الاندماج الصناعي.
وعلى مستوى إنعاش القطاع المالي وتعبئة الادخار، يقترح مشروع قانون المالية لسنة 2013:
· تمديد آجال الاستفادة من خفض الضريبة على الشركات عند ولوج المقاولات إلى البورصة عن طريق فتح رأسمالها أو الرفع منه، وذلك خلال الفترة الممتدة ما بين فاتح يناير 2013 و 31 دجنبر؛2016
· الإعفاء من الضريبة على الدخل لفائدة دخول وأرباح الرساميل المنقولة المحققة في إطار مخطط الادخار للمقاولة، وذلك وفق بعض الشروط.
· الإعفاء من رسوم التسجيل لفائدة الشركات المرخص لها من قبل سلطات المركز المالي للدار البيضاء عند التأسيس أو الزيادة في رأس المال الشركات الصغرى والمتوسط
جاءت ميزانية 2013 بمجموعة من المقترحات بهدف إنعاش الشركات الصغرى والمتوسطة والشركات الصغيرة جدا عبر تحسين إنتاجيتها وتسهيل ولوجها إلى التمويل والأسواق الوطنية والعالمية. وهكذا، يقترح مشروع قانون المالية 2013.
o تطبيق سعر 10 % في إطار الضريبة على الشركات بالنسبة للمقاولات التي لا يتجاوز ربحها؛ 200.000 درهم، وذلك اعتبارا من فاتح يناير 2013
o تمديد آجال تطبيق التدابير المتخذة لفائدة الملزمين الجدد المنتمين للقطاع غير المهيكل إلى غاية 31دجنبر 2013 ، وذلك من أجل إدماجهم في النسيج الاقتصادي المهيكل ؛
o إلغاء الزيادات والغرامات المترتبة على الأداء المتأخر، وذلك بهدف تشجيع الملزمين على دفع؛ مستحقات الإدارة الضريبية، خلال الفترة الممتدة ما بين فاتح يناير و 31 دجنبر 2013
o منح حصة لا تقل عن 20 % من الصفقات العمومية لصالح المقاولات الوطنية.
خاتة:
ان صيرورة القرار السياسي و الجبائي، هي صيرورة معقدة ومتعددة الاطراف يصعب فهمها من وجهة نظر واحدة لأنها نتائج تداخل مجموعة من الفاعلين كل حسب منطقته والمنظومة القيمية او المصلحية، التي تشكل المرجعية التي ينطلق منها، وقد شهدت هذه الصيرورة تطورات مهمة تم تحقيقها على مستوى السلطة الجبائية بالملزمين، حيث أضحت بعض القرارات الجبائية موضوعا لتوافق سياسي على مستوى أوسع، لكن هذا التطور يبقى أقل وضوحا بخصوص مسارات القرارات
الجبائية، إذ تحيط بها عتمة وكثافة شديدتين بظلال من الضبابية والغموض على عملية صناعة القرارات الجبائية لذالك يمكن القول بأن الإخفاق الذي شهدته السياسة الجبائية وضعف فعالية القرارات الجبائية لا يرجع بالأساس الى اعتبارات تقنية او نصية محضة ، لأن المشكلة ليست مشكلة نصوص بقدر ما يعود لأعتبارات سياسية مصلحية فالمجال الجبائيي هو مجال تقني في الظاهر، سياسي في الجوهر، وهذه الإعتبارات هي التي تحول دون الترجمة الفعلية للمبادئ والتوجهات المعبر عنها على مستوى الخطاب الرسمي .
المراجع المعتمدة:
1 محمد شكيري ، القانون الضريبي المغربي: دراسة تحليلية ونقدية، من منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية سلسلة "مؤلفات وأعمال جامعية " عدد 59 الطبعة الثانية 2005.
2 عبد اللطيف ناصري ، التشريع الجبائي بين الاختصاص البرلماني والتفويض التشريعي : الرسوم الجمركية نمودجا ، من منشورات المجلة المغربية للغدارة المحلية والتنمية ، عدد 83 نونبر / دجنبر 2008.
3 عبد الرفيع بوداز ، السلطات الجبائية للبرلمان في ظل هاجس الحفاظ على التوازنات المالية ، من منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية ،عدد 101 نونبر دجنبر 2011.
4 محمد عياد ، الادارة الجبائية بين التحديث وإكراهات الضبط الداخلي ، من منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية ، عدد 72-73 يناير أبريل 2007.
1 محمد شكيري ، القانون الضريبي المغربي: دراسة تحليلية ونقدية، من منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية سلسلة "مؤلفات وأعمال جامعية " عدد 59 الطبعة الثانية 2005.
2 عبد اللطيف ناصري ، التشريع الجبائي بين الاختصاص البرلماني والتفويض التشريعي : الرسوم الجمركية نمودجا ، من منشورات المجلة المغربية للغدارة المحلية والتنمية ، عدد 83 نونبر / دجنبر 2008.
3 عبد الرفيع بوداز ، السلطات الجبائية للبرلمان في ظل هاجس الحفاظ على التوازنات المالية ، من منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية ،عدد 101 نونبر دجنبر 2011.
4 محمد عياد ، الادارة الجبائية بين التحديث وإكراهات الضبط الداخلي ، من منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية ، عدد 72-73 يناير أبريل 2007.
5مشروع القانون المالي، 2013.
شاركنا بتعليقك...