-->
علوم قانونية وادارية علوم قانونية وادارية

اخر المواضيع

جاري التحميل ...

الدعوى غير المباشرة

الدعوى غير المباشرة


الدعوى غير المباشرة

تُعد أموال المدين هي الضامنة للوفاء بكافة ديونه وهذا ما يؤدي إلى أن يكون للدائنين حق على أموال المدين حيث يكون لهم مصلحة في الحفاظ على تلك الأموال التي تُمثل الضمان العام لهم في اقتضاء ما لهم من ديون في ذمة المدين، لذلك كان من المتحتم أن يُحاط حق الدائنين على الضمان العام بسياج قوي من الضمانات التي تحول دون قيام المدين بتهريب أمواله أو الإهمال في الحصول عليها ليفلت من سداد ما عليه من ديون. وفي مقالنا الحالي سُنبين الدعوى غير المباشرة كأحد الوسائل الممنوحة للدائنين للحفاظ على حقهم في الضمان العام.

أولا: ماهية الدعوى غير المباشرة:

ثانيا: شروط الدعوى غير المباشرة:

ثالثاً: آثار الدعوى غير المُباشرة:

أولا: ماهية الدعوى غير المباشرة:

1- المقصود بالدعوى غير المباشرة والغرض منها:

ينص المشرع المصري في المادة (235) من القانون المدني على أن (لكل دائن ولو لم يكن حقه مستحق الأداء أن يستعمل باسم مدينه جميع حقوق هذا المدين، إلا ما كان منها متصلاً بشخصه خاصة أو غير قابل للحجز، ولا يكون استعمال الدائن لحقوق مدينه مقبولاً إلا إذا أثبت أن المدين لم يستعمل هذه الحقوق وأن عدم استعماله لها من شأنه أن يسبب إعساره أو أن يزيد في هذا الإعسار، ولا يشترط إعذار المدين لاستعمال حقه، ولكن يجب إدخاله خصماً في الدعوى).

أما عن المشرع الأردني فقد نص في المادة (366) من القانون المدني على أن (لكل دائن ولو لم يكن حقه مستحق الأداء أن يباشر باسم مدينه جميع حقوق هذا المدين إلا ما كان منها متصلا بشخصه خاصة أو غير قابل للحجز، ولا يكون استعمال الدائن لحقوق مدينه مقبولا إلا إذا أثبت أن المدين لم يستعمل هذه الحقوق وأن إهماله من شانه أن يؤدي إلى إعساره ويجب إدخال المدين في الدعوى).

فلما كانت جميع أموال المدين ضامنة للوفاء بديونه فإنه يكون للدائن – حينئذ – مصلحة مشروعة في أن يتولى الحفاظ على تلك الأموال لأنها تُمثل الوعاء الذي سيحصل منه على ماله من حق في ذمة مدينه.

 حيث ينص المشرع الأردني في هذا الصدد بمقتضى نص المادة (365) من القانون المدني على أن (مع مراعاة أحكام القانون، أموال المدين جميعها ضامنة للوفاء بديونه وجميع الدائنين متساوون في هذا الضمان).

فالدعوى غير المباشرة هي وسيلة قانونية تخول للدائن أن يستعمل باسم مدينه حقوق هذا المدين التي يقعد هذا الأخير عن استعمالها أو المطالبة بها وذلك للحفاظ على الضمان العام[1]، ومن ثم فإن هذه الدعوى تُمكن الدائن من أن يُطالب باسم مدينه بحقوق الأخير التي يهمل في المطالبة بها.

فمثلاً إذا كان للمدين الحق في مطالبة الغير بتعويض عن ضرر أصابه، ولكنه تقاعس عن المطالبة بهذا الحق فإنه يكون لأي من دائني أن يتولى الشروع في مُطالبة الغير بهذا التعويض، فإذا حُكم بالتعويض لصالح المدين فإنه هذا التعويض يدخل في ذمة الأخير المالية مما يزيد من ضمانه العام.

2- صفة الدائن في استخدام الدعوى غير المباشرة:

لما كانت الغاية من هذه الدعوى هي الحفاظ على الضمان العام فإنه لا يجب أن يصل الأمر إلى النيل من حرية المدين الشخصية لذلك فإن سلطة الدائن في مباشرة هذه الدعوى تنحصر في كونه مجرد نائب عن المدين مما يترتب عليه أن جميع الحقوق التي تُجلب نتيجة مباشرة إجراءات الدعوى غير المباشرة تنصرف إلى ذمة المدين وهذا ما جعل المشرع يشترط ضرورة إدخال المدين طرفاً في هذه الدعوى.

ثانيا: شروط الدعوى غير المباشرة:

1- الشروط المتعلقة بالمدين:

يجب أن يتوافر عدة شروط في المدين حتى يتمكن الدائن من مباشرة حقه في استخدام الدعوى غير المُباشرة، وهذه الشروط هي:

أ- عدم استعمال المدين لحقه:

يجب حتى يتمكن الدائن من مباشرة الدعوى غير المباشرة أن نكون بصدد مدين مهمل تقاعس عن المطالبة بما له من حق في ذمة الغير، ومن ثم فإذا قام المدين بالشروع في اتخاذ الإجراءات التي تكفل له الحصول على ماله من حق في ذمة الغير فلا يكون لدائنه أن يباشر رفع الدعوى غير المُباشرة، فكل ما يكون له في هذه الحالة أن يتدخل تدخل انضمامي بجانب المدين ليراقب سير الإجراءات حتى يحول دون تواطؤ المدين مع الغير أو تراخيه في الحصول على حقه.

ب- أن يكون عدم استعمال المدين حقه من شأنه إعساره أو الزيادة في إعساره:

ذلك أنه لو كان عند المدين مال آخر يستوفي منه الدائن حقه لما جاز لهذا الدائن أن يستعمل حقاً للمدين لا مصلحة له في استعماله مادام يستطيع استيفاء حقه من غير هذا الطريق[2]، وبالتالي فيتعين حتى يستطيع الدائن استخدام حقه في اللجوء إلى الدعوى غير المُباشرة أن يكون تقاعس المدين عن المطالبة بحقه من شأنه أن يضعه في موضع المعسر أو أن يزيد من إعساره.

وجديراً بالذكر أن الإعسار في هذه الحالة يقصد به الإعسار الفعلي وليس الإعسار القانوني، فيكفي أن تكون ديون المدين زائدة عن حقوقه حتى يتسنى للدائن أن يلجأ إلى الدعوى غير المُباشرة، وفي هذه الحالة يكون عبْ إثبات إعسار المدين واقعاً على الدائن.

وهذا ما تبينه محكمة التمييز الأردنية في حكمها رقم 592 لسنة 2009 – محكمة التمييز بصفتها الحقوقية الصادر بتاريخ 2009-06-15 والتي قضت فيه بأن (لما كان ذلك وكان المشرع بموجب المادة 366 من القانون المدني قد أعطى لدائن المدين ولو لم يكن حقه مستحق الأداء أن يباشر باسم مدينه جميع حقوق المدين… الخ وبأن هذا الاستعمال وهو ما يعرف عنه بالدعوى غير المباشرة لا يكون إلا وفقاً لشروط معينة؛

 وحيث أن الثابت من أوراق الدعوى والبينات المقدمة أن المدين (المدعى عليها) شركة الشرق الأوسط لتأجير السيارات لم تستعمل حقها في الرجوع على شركة التأمين المدعى عليها الرابعة المؤمن لديها المركبة مطرح الرهن التأميني وكادت مدة مرور الزمن المحددة بثلاث سنوات اعتباراً من تاريخ حصول الحادث 18/8/1998 طبقاً للمادة 932 من القانون المدني تمر وعلى اعتبار أن الدعوى الماثلة مقامة في 9/8/2001 ولم يبق إلا أياماً معدودة لغايات انقضاء المدة المتوجب إقامة الدعوى خلالها، وحيث أن عدم استعمال الحق في إقامة الدعوى طبقاً لما سلف ذكره من قبل المدينة المدعى عليها الأولى يتحقق معه الإهمال بمعناه المستفاد من أحكام المادة 366 مدني وهذا من شأنه أن يحرم الدائن من ميزة التقدم على غيره من الدائنين في استيفاء حقه من ثمن المال المرهون أو من التعويض حال هلاكه أو إلحاق الضرر به؛

وحيث أن حرمان الدائن المرتهن (الجهة المدعية) من هذه الميزة مؤداها أن تجعل الدائن المرتهن دائناً عادياً يتزاحم مع باقي الدائنين في استيفاء حقه طبقاً للمادة 1397 من القانون المدني وعلى نحو ينهض معه القول بأن الإهمال سالف الذكر يحمل في معناه الإعسار المستفاد من المادة 366 مدني بالنظر إلى علاقة الدائن المرتهن مع المدين الراهن الذي خصص ماله المرهون ضمانة له لاستيفاء حقه منه والقول بخلاف ذلك فيه تحميل للنصوص بأكثر مما تحتمل وهذا غير جائز قانوناً).

ج- إدخال المدين خصماً في الدعوى:

اشترط كل من المشرع المصري والأردني ضرورة أن يتم إدخال المدين في الدعوى غير المُباشرة وذلك حتى يكون الحكم الصادر فيها نافذاً في مواجهته استنادا إلى مبدأ نسبية آثار الأحكام القضائية، ومما يترتب على ذلك أنه لو قام الدائن برفع الدعوى غير المُباشرة دون أن يتم إدخال المدين في تلك الدعوى لتعين على المحكمة أن تقضي بعدم قبول الدعوى لتخلف شرطاً من شروطها.

إلا أنه لا يشترط أن يقوم الدائن بإعذار المدين قبل أن يستعمل الدعوى غير المُباشرة ولا يلزم إدخال باقي الدائنين في الدعوى رغم أن الحكم الصادر فيها يكون حجة عليهم لأن المدين – وهو يمثل كل دائنيه – مُختصم فيها[3].

وهذا ما يتجلى من صريح نص المادة (235) من القانون المدني المصري – السابق بيانها – والتي لم تتطلب أن يتم إعذار المدين ذلك أن المشرع قد اعتبر أن إدخال الأخير في الدعوى يُعد إجراء يغني عن إعذاره.

ويكون للمدين في هذه الحالة إما أن يتخذ موفقاً إيجابياً بأن يستكمل هو مباشرة سير الدعوى أو أن يتخذ موقفاً سلبياً تاركاً الدائن يتولى مباشرة الدعوى ضد الخصم.

 وهذا ما تؤكده محكمة النقض المصرية في حكمها رقم ٢٠٦ لسنة ٤٣ قضائية الصادر بجلسة 4/5/1977 والتي قضت فيه بأن: (المدين الذى أوجبت الفقرة الثانية من المادة ٢٣٥ من القانون المدني إدخاله خصماً في الدعوى – غير المباشرة – قد يتخذ موقفاً سلبياً تاركاً للدائن بحث مباشرة الدعوى عنه أو يسلك موقفاً إيجابياً فيعمد إلى مباشرة الدعوى بنفسه، و حينئذ يقتصر دور الدائن على مجرد مراقبة دفاع المدين، و لما كان المدين المطعون عليه الأول قد آثر طيلة تردد الدعوى أمام محكمة أول درجة الموقف السلبى مكتفياً بأن يقرر أمامه أنه أكره على التوقيع على محضر القرعة، كما جاء على لسان محاميه أمام محكمة الاستئناف أنه ينضم للمطعون عليه الثاني في طلباته، فان قول الحكم أنه وقف من الدائن موقف المظاهر المؤيد له لا ينطوي على خطأ في تطبيق القانون).

2- الشروط التي تتعلق بالدائن:

يشترط المشرع أن يكون حق الدائن قبل مدينه ثابتاً مُحققاً، فإذا كان حق مُتنازع فيه فلا يجوز له استعمال حقوق مدينه[4]، وكذلك لا يجوز قبول دعوى المدائن غير المباشرة إذا كان له مجرد حق احتمالي كما لو كان الدائن هو الموصى له في وصية قبل موت الموصي أو أن يكون الدائن أحد ورثة المدين قبل موت الأخير.

ومن ثم فلا يشترط في حق الدائن ما يلي:

  • لا يشترط أن يكون مستحق الداء حيث يستطيع الدائن أن يباشر الدعوى غير المُباشرة ولو كان حقه معلق على شرط واقف أو مُضاف إلى أجل.
  • وكذلك لا يشترط في حق الدائن الذي يباشر الدعوى غير المُباشرة أن يكون حقه مُعين المقدار حيث يجوز – مثلاً – للمضرور في عمل غير مشروع أن يستعمل الدعوى غير المباشرة حتى قبل أن يُحدد له القاضي مقدار التعويض.
  • وأيضاً لا يشترط في حق الدائن أن يكون حقه سابقاً على حق المدين الذي يسعى الدائن من خلال الدعوى غير المُباشرة إلى المُطالبة به، ذلك أن جميع أموال المدين ضامنة للوفاء بديونه سواء تلك الأموال الحاضرة أو المُستقبلة.

وفي هذا الصدد تنص المادة (366) من المذكرة الإيضاحية للقانون المدني الأردني على أن: (فمن ناحية الدائن لا يشترط إلا تحقق وجود الدين دون حلول أجل الوفاء به، ذلك أن الدعوى غير المباشرة تعتبر في صلة الدائن بمدينه إجراءً تحفظياً يجوز اتخاذه بمقتضى دين مضاف إلى أجل أو معلق على شرط)

3- الشروط التي تتعلق بالحق الذي يستعمله الدائن باسم المدين:

يجب أن نكون بصدد حق مالي قائم للمدين، لذلك لا يجوز استعمال الدعوى غير المُباشرة لمحاولة كسب حقوقاً جديدة للمدين عن طريق إبرام عقود أو صفقات حتى ولو كان فيها ربح مؤكد للمدين.

ومن ثم فلا يجوز للدائن أن يستعمل الدعوى غير المُباشرة في الحالات التالية:

  • أن يكون للمدين رخصة، فلا يجوز للدائن أن يستعملها باسم المدين حيث يكون للمدين مطلق الحرية في استعمال تلك الرخصة أو أن يعزف عنها دون أن يكون لأحد إجباره عليها.
  • إذا كان الحق متصلاً بشخص المدين على وجه التخصيص والإفراد فلا يجوز للدائن استعماله[5]، كما لو تعلق الأمر بتعويض عن بحق أدبي للمدين فلا يحق للدائن أن يستعمل الدعوى غير المباشرة للمطالبة بهذا الحق.
  • إذا كان الحق غير قابلاً للحجز عليه فلا يحق للدائن أن يطالب به من خلال الدعوى غير المباشرة لانتفاء مصلحته في هذه الحالة، ذلك أن الحق الغير قابل للحجز لا يدخل ضمن الضمان العام للمدين ومن ثم فلا جدوى من المطالبة به بالنسبة للدائن، وذلك مثلاً كما لو كان الحق مُتعلق بحق سُكنى أو حق استعمال حيث أن هذه الحقوق لا تقبل الحجز عليها.
    وهذا ما أكدت عليه المادة (366) من المذكرة الإيضاحية للقانون المدني الأردني والتي قضت بأنه (وينبغي أن يكون الحق الذي يستعمله الدائن باسم المدين داخلا في الضمان العام لدائنيه، فإذا كان الحق متصلا بشخص المدين على وجه التخصيص والإفراد (كالحق في اقتضاء تعويض عن ضرر أدبي) أو كان غير قابل للحجز ( كدين النفقة ) فاستعمال الدائن له لا يجديه فتيلا).
  • لا يجوز للدائن أن يستعمل حقاً يباشره المدين عن غيره كما لو كان المدين ولياً أو وصياً على قاصر، فلا يكون للدائن أن يرفع دعاوى القاصر باسم مدينه.
  • لا يجوز للدائن أن يستعمل باسم مدينه حقاً للأخير مُثقلاً إلى حد الاستغراق كما لو كان هذا الحق مُثقلاً برهن، حيث إنه لن يكون هناك مصلحة تعود على الدائن من المطالبة بهذا الحق لأن الرهن سيعطي صاحبه حق التقدم واستيفاء حقه بالأولوية على الدائنين العاديين والتاليين له في المرتبة.

إذن فيجب أن يكون حق المدين مؤكداً غير مُتنازع فيه وهذا ما يتبين من حكم محكمة التمييز الأردنية رقم 1554 لسنة 2011 – محكمة التمييز بصفتها الحقوقية الصادر بتاريخ 15/9/2011 والتي قضت فيه بأن: (إن ما قد ينتج عن الدعوى المتقابلة حال ثبوتها هو عدم وجود صحة مديونية للمميز ضدها ، وذلك من شأنه إثبات عدم أحقية المميز ضدها بإقامة هذه الدعوى لعدم تحقق الشروط المبحوث عنها في المادة (366) من القانون المدني).

ثالثاً: آثار الدعوى غير المُباشرة:

1- بالنسبة للمدين:                 

وفقاً لنص المادة (367) من القانون المدني الأردني فإنه: (يعتبر الدائن نائباً عن مدينه في استعمال حقوقه وكل نفع يعود من استعمال هذه الحقوق يدخل في أموال المدين ويكون ضمانا لجميع دائنيه)، وهو ذات ما تقضي به المادة (236) من القانون المدني المصري.

 يتضح إذن أن الدائن عندما يباشر حقه في الدعوى غير المباشرة إنما يكون نائباً عن المدين ومن ثم تعود كافة تلك الحقوق الممخضة عن الدعوى غير المُباشرة إلى المدين الذي يكون له عليها سلطات كاملة سواء في التصرف فيها أو التصالح مع الخصم عليها أو التنازل عنها للغير ولا يكون للدائن حينئذ أن يعترض على تلك التصرفات بمقتضى الدعوى غير المُباشرة، ولكن له الحق في الاعتراض على تلك التصرفات استنادا إلى دعوى أخرى وهي الدعوى البوليصية إذا توافرت شروطها.

2- بالنسبة للخصم في الدعوى:

يكون للخصم في الدعوى أن يدفع في مواجهة الدائن بكافة الدفوع التي كان يستطيع أن يتمسك بها في مواجهة المدين، حيث يكون له أن يدفع في مواجهة الدائن بانقضاء الدين بالتقادم، أو بالمقاصة، أو بالتجديد، أو بالإبراء، أو بأي صورة من صور الوفاء أو ما يقوم مقامه.

ويكون للخصم أن يدفع في مواجهة الدائن ببطلان العقد المبرم بينه وبين مدينه لأي سبب من أسباب البطلان سواء أكان العقد بالطلاً لانعدام المحل أو السبب أو تعيب إرادة الخصم بعيب من عيوب الرضا أو أن الخصم كان ناقصاً الأهلية عندما وقع على العقد.

ولا يجوز في هذه الحالة أن يتمسك الدائن في مواجهة الخصم بدفوع لا يحق للمدين أن يتمسك بها، “حيث لا يكون للدائن في مواجهة مدين المدين حقوقاً أكثر مما للمدين”.

وهذا ما تؤكد عليه محكمة النقض المصرية في حكمها رقم ٢٤٨٨ لسنة ٥٧ قضائية الصادر بجلسة 22/12/1988 والتي قضت فيه بأن: (إذ أجاز القانون المدني في المادة ٢٣٥ لكل دائن أن يستعمل باسم مدينه جميع حقوق هذا المدين إلا ما كان متصلاً بشخصه خاصة أو غير قابل للحجز، وصرح في المادة ٢٣٦ بأن الدائن الذي يستعمل حقوق مدينة يعتبر نائباً عنه وأن كل فائدة تنتج من استعمال هذه الحقوق وتدخل في أموال المدين فإنه ينبني على ذلك أن الدائن إذا باشر الدعوى غير المباشرة للمطالبة بحق مدينة باعتباره نائباً عنه نيابة مصدرها القانون فلا يجوز له أن يتمسك في مواجهة الخصم إلا بالدفوع وأوجه الدفاع المتعلقة بالأصيل الذي ينوب عنه فحسب دون غيرها من الدفوع وأوجه الدفاع المتعلقة بشخصه هو).

3- بالنسبة للدائن:

لما كان الدائن هو مجرد نائب عن المدين فيما يتعلق باستعماله للدعوى غير المُباشرة فإنه يترتب على ذلك أن يكون الحكم الصادر في موضوع الدعوى لصالح المدين وليس للدائن، وتكون كافة الحقوق التي يرتبها هذا الحكم من حق المدين وحده ولا تدخل في ذمة الدائن مطلقاً.

وهذا ما يؤكد عليه نص المادة (236) من القانون المدني المصري والتي نصت على أن (يعتبر الدائن في استعماله حقوق مدينه نائباً عن هذا المدين، وكل فائدة تنتج من استعمال هذه الحقوق تدخل في أموال المدين وتكون ضماناً لجميع دائنيه).

ويترتب على ذلك أن الدائن لا يحق له أن يتصالح على الحق الذي يستعمله باسم المدين، ذلك أن نيابته مقصورة على استعمال هذا الحق دون أن يكون له التصرف فيه.

ويجب ملاحظة أنه لا تغني إجراءات الدعوى غبر المباشرة عن إجراءات التنفيذ فالدائن إنما ينوب عن المدين في استعمال الحق وحده وهو بعد الانتهاء من الدعوى غير المباشرة في حاجة إلى اتخاذ إجراءات تنفيذ مستقلة على الحق الذي استعمله باسم المدين[6]

4- بالنسبة لباقي الدائنين:

لا تُعد الدعوى غير المُباشرة من الوسائل التنفيذية وإنما هي مجرد وسيلة يستعملها الدائن للمحافظة على أموال مدينه التي تُمثل الضمان العام له، لذلك فإن كافة الأموال التي تدخل في ذمة المدين نتيجة استعمال الدعوى غير المباشرة يستفيد منها كافة الدائنين حتى ولو لم يتدخلوا في تلك الدعوى.

فالدعوى غير المباشرة لا تعطي الدائن الذي يباشرها أفضليه على غيره من الدائنين فيما يتعلق بالحقوق الناشئة عنها، إذ يكون للدائنين الأخرين الحق في التنفيذ على تلك الأموال فإن لم تكف للوفاء بديونهم فإنهم يتقاسمونها فيما بينهم قسمة غرماء كل بحسب دينه.

وهذا ما تؤكده محكمة التمييز الأردنية في حكمها رقم 60 لسنة 1982 – محكمة التمييز بصفتها الحقوقية الصادر بتاريخ 27/3/1982 والتي قضت فيه بأن: (ما ورد في المادة 367 من القانون المدني ما هو الا إنابة قانونية ممنوحه للدائن في ان يستعمل حقوق مدينه في إثبات دينه وكل نفع يعود من استعمال هذه الحقوق يكون ضمانا لجميع الدائنين ، اي ان الدين يبقى للمدين لان الدائن وهو يقوم بتنفيذ هذه النيابه لا ينفذ على أموال مدينه لصالحه الشخصي وإنما أعطاه القانون هذه الرخصة لتبقى أموال المدين ضمانا للدائنين جميعا وليس للمدعي وحده).

[1] الأستاذ الدكتور/ نبيل سعد – النظرية العامة للالتزام (أحكام الالتزام) – دار الجامعة الجديدة – 2020 – ص129.

[2] الأستاذ الدكتور عبد الرزاق أحمد السنهوري – الوسيط في شرح القانون المدني نظرية الالتزام بوجه عام (الإثبات – آثار الالتزام) – ص 953.

[3] الدكتور/ محمد حسين منصور – الوجيز في أحكام الالتزام والإثبات – مطابع القدس – 2018 – ص 62.

[4] الدكتور/ السيد محمد عمران – أحكام الالتزام – دار الفتح – 2018 – ص 146.

[5] الدكتور/ عصام سليم – أحكام الالتزام والإثبات – دار الجامعة الجديدة – 2014 – ص 130.

[6] الأستاذ الدكتور عبد الرزاق أحمد السنهوري – الوسيط في شرح القانون المدني نظرية الالتزام بوجه عام (الإثبات – آثار الالتزام) – ص 970.

إعداد/ أحمد منصور.

شاركنا بتعليقك...

التعليقات



، اشترك معنا ليصلك جديد الموقع اول ً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

احصائيات الموقع

جميع الحقوق محفوظة

علوم قانونية وادارية

2010-2019