-->
علوم قانونية وادارية علوم قانونية وادارية

اخر المواضيع

جاري التحميل ...

المطالبات النزاعية والإستعطافية أمام الإدارة الضريبية.

مقدمة :

عرف مفهوم الضريبة تطورا كبيرا مع مرور التاريخ،  ففي الحياة القبلية القديمة، لم تكن هناك مرافق مشتركة واحتياجات مالية ذات صفة عامة تستوجب فرض الضرائب، وكان أفراد القبيلة أو الجماعة يدافعون عن أنفسهم أو يهاجمون القبائل الأخرى كمجموعة أفراد، دون أن يستلزم ذلك نفقات عمومية تحيي الواجبات اللازمة لها بصورة منظمة.
     ولما ظهرت الدولة وتركزت حياة الجماعة، أصبح من الضروري للسلطة الجديدة أن تؤمن الموارد اللازمة لجهاز الدولة الذي كانت وظيفته الأساسية تقتصر على الدفاع والمحافظة على الأمن، وهكذا فرضت السلطات الحاكمة تكاليف إلزامية، ليس لها أي صفة تطوعية اختيارية كما كان الحال في السابق، وقد كانت هذه التكاليف في بداية الأمر شخصية (خدمات عسكرية...)، ثم أصبحت تكاليف على الأموال عن طريق الرسوم يدفعها الأفراد لقاء خدمة تؤديها الدولة (رسوم عن اجتياز الطرق...) وعندما تكاثرت حاجات الدولة، وازداد نفوذها، عمدت إلى فرض الضرائب وجبايتها حتى ولو لم تكن هناك منفعة خاصة للأفراد الذين يؤدونها، وقد فرض  بالضرائب غير المباشرة في البداية ، ثم عمدت الدولة  إلى فرض الضرائب المباشرة التي أعطيت لها صفة الواجب الاجتماعي التضامني[1].
لهذا لجاءت الدولة  إلى فرض الضرائب على مواطنيها، بشكل يجعل الكل يساهم حسب قدرته الاقتصادية ومركزه المالي، طبعا في إطار من المسؤولية ووفقا للقانون.
وقد عهد للإدارة الضريبية باعتبارها سلطة عامة أمر فرض الضريبة وتحصيلها، مع تمتيعها بسلطات وامتيازات واسعة وفق ضوابط قانونية دقيقة ومحددة، وذلك بهدف تسهيل ممارستها لوظيفتها في سبيل مصلحة الخزينة العامة.
لكن ونظرا لأسباب معينة إما إقتصادية أو إجتماعية أو مرتبطة بجانب عقلية ودرجة وعي المواطن الملزم بالضريبة، فإنه غالبا ما لا يقتنع هذا الأخير بالضريبة المفروضة عليه وينازع إما في مبدأ وشرعية فرضها، حيث يعتبر أنه غير ملزم قط بهذه الضريبة، وإما أن ينازع في مبلغها وفي طريقة حسابه إذ يعتبر أن الإدارة تعسفت في  إستعمال الحق المخول لها قانونا، وهو ما يدخل ضمن حالات المنازعة في الوعاء الضريبي، هذا من جهة، ومن جهة ثانية قد ينازع في تحصيل الضرائب حيث يطعن في الإجراءات والمساطر المتبعة من قبل الإدارة المكلفة بالتحصيل ويعتبرها غير قانونية وهذا ما يسمى بالمنازعة في التحصيل.
وهكذا وحتى يكون هناك نوع من المردودية، ولخلق جو مناسب من العمل بين الإدارة الضريبية التي تتمتع بسلطات وامتيازات واسعة، والملزم الخاضع للضريبة، ولتحقيق توازن بين مصالح الإدارة الضريبية وحقوق الملزم، سن المشرع الضريبي مجموعة من القواعد والقوانين يتعين احترامها وسلوكها من قبل طرفي العلاقة  أي الملزم وإدارة الضريبة، هذه القواعد تختلف باختلاف طبيعة وموضوع النزاع.
الأمر الذي يدفعنا إلى طرح الإشكالية التالية :
ما هي المساطر والاجراءات الواجب إتباعها من طرف الملزم في حالة وقوع نزاع أمام الإدارة  الجبائية؟.
للإجابة على هذه الإشكالية سنعمل على تقسيم هذا الموضوع حسب التصميم الآتي:
المبحث الأول : المطالبات النزاعية أمام الإدارة الضريبية.
المبحث الثاني : الطلبات الإستعطافية أمام الإدارة الضريبية.

المبحثالأول: المطالباتالنزاعيةأمامالادارةالضريبية
      يعتبر الطعن أمام الادارة الضريبية إجراء أولي ضروري لصحة مسطرة النزاعات الضريبية ، نظرا لأهميته في فض وحل العديد من الخلافات الناشئة بين الملزم و الإدارة و ذلك قبل اللجوء إلى القضاء[2].
   هذا وقد ينصب النزاع إما حول الوعاء الضريبي أو يستهدف تحصيل الضريبة فالملزم الذي ينازع إما حول أسس فرض الضريبة أو مشروعيتها أو في مسطرة تحصيلها، عليه أن يتقدم بشكاية إلى الإدارة المختصة وفق شروط وضوابط شكلية و موضوعية خاصة .
  و لدراسة هذه النقط سوف نعتمد إلى تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين نعالج في المطلب الأول (ضوابط المطالبات أمام الإدارة الضريبية) ، بينما نعرض في المطلب الثاني ( إجراء ات التحقيق في المطالبة و الآثار المترتبة عنها) .


المطلب الأول : ضوابط المطالبات أمام الإدارة الضريبية

   إن خصوصية المطالبات أمام الإدارة الضريبية جعلتها تنفرد بشكليات معينة ، فالطعن الإداري وحتى تكون مسطرته صحيحة ومقبولة يتعين احترام مجموعة من الشروط الشكلية ( فقرة أولى ) وأخرى موضوعية ( فقرة ثانية) .



االفقرة الأولى : الشروط الشكلية

   تتعلق هذه الشروط بأجل تقديم الطعن الإداري وشكله ، وكذا الجهة المصدرة للمطالبة والجهة المستقبلة لها.
أ ـــــ آجال تقديم المطالبة
      كل من ينازع في أساس الضريبة أو مبلغها ، عليه أن يقدم مطالبته أمام الإدارة الجبائية في أجل محدد ينص عليه قانون الضريبة موضوع النزاع[3] ، هذا الأجل الذي يختلف باختلاف نوع الضريبة . 
·       ففي الضريبة على القيمة المضافة يجب على الملزم أن يوجه مطالبته خلال 6 أشهر التالية للشهر الذي يجب إيداع الاقرار فيه، وهي حالة  أداء الضريبة بصورة عفوية أو للشهر الواقع فيه تاريخ وضع الأمر بالتحصيل موضوع التنفيذ ، وهي حالة فرض الضريبة بصورة تلقائية .
·       في الضريبة على الشركات يختلف الأجل حسب الأداء العفوي أو الأداء عن طريقة إصدار الجدول ، ففي حالة إصدار الجدول ، يجب تقديم  المطالبة الإدارية خلال 6 أشهر التالية للشهر الذي يوضع خلاله الجدول موضع التنفيذ ،ونفس الآجل يطبق في حالة الأداء العفوي للضريبة ويحسب من تاريخ انتهاء الأجل المحدد لإيداع إقرار النتيجة الجبائية.
·       في الضريبة على الأرباح العقارية ، على الملزم أن يقدم مطالبته خلال 4 أشهر التالية لشهر الذي تم فيه وضع الأمر بالتحصيل موضع  التقييد أما اذا فرضت الضريبة بصورة تلقائية[4] فتنزل المدة إلى شهرين  .
·       في الضريبة الحضرية ورسم النظافة يسري أجل 4 أشهر لتقديم المطالبة الإدارية ويحتسب من تاريخ وضع الأمر بالتحصيل موضع التنفيذ .
·       في ضريبة نتائج الأسهم أو حصص الشركات يطبق كذلك أجل 4 أشهر ويحسب من تاريخ الدفع العفوية أو من تاريخ وضع الجدول محل التنفيذ .
·       في الضريبة المهنية يجب تقديم المطالبة الإدارية في غضون الشهرين التاليين لإصدار جدول الضريبة .
·       في واجب التضامن الوطني ، على الملزم أن يوجه مطالبته الإدارية خلال شهرين من تاريخ وضع الجدول موضع التنفيذ وبالنسبة للشركات خلال 6 أشهر التالية للأجل إيداع الاقرار .
·       في الضرائب والرسوم المستحقة للجماعات المحلية وهيئاتها ، على الملزم أن يقدم مطالبته الادارية في غضون الشهرين التاليين لتاريخ وضع الأمر بالتحصيل موضع التنفيذ .
·        في حقوق التسجيل ، تتقادم مطالبة استرداد الضريبة بعد خمس سنوات من تاريخ التسجيل أو بعد سنة من التاريخ الذي أصبحت فيه حقوق التسجيل قابلة للاسترداد[5] .  

    من خلال ما سبق يتضح أن هناك آجال محددة تختلف باختلاف موضوع المطالبة بتعين لزوما احترامها تحت طائلة سقوط الحق ، كما أن هذه الآجال هي آجال كاملة بحيث لا يعتبر في الحساب اليوم الأول من الأجل ويوم حلول الآجل وإذا صادفت الآجال المحدد للإجراءات المشار إليها أعلاه يوم عيد أو عطلة قانونية تم  إرجاع حلول الأجل إلى اليوم الأول من أيام العمل الموالية[6].


 ب- شكل المطالبة :
   نظرا لأهمية المنازعة في المادة الضريبة ، تقدم المطالبة في شكل كتابي ولا تقبل الشكايات الشفوية إلا في حالتين : حالة الفرض الخاطئ للضريبة وحالة تكرار فرض نفس الضريبة ، لأن خطأ الإدارة في هاتين الحالتين يؤدي إلى الإسقاط التلقائي[7]، وبالتالي كان من الأولى تمتيع الملزم بإمكانية تقديم مطالبته شفويا. حتى تكون هناك مرونة وسهولة أكثر في التواصل بين الملزم والإدارة الضريبية، ويجب  أن تتضمن المطالبة البيانات التالية:  
o      تعيين الضريبة المتنازع في شأنها، بمعنى البيانات التي ترتبط بالضريبة وفي هذا الشأن فيستحسن إرفاق المطالبة بنسخة من الاشعار الضريبي أو بيان التصفية.
o      الوقائع والوسائل التي سيستند عليها الملزم. وكذا الإستنتاجات التي توصل إليها.
    والملاحظ أن عدم احترام ذكر البيانات السابقة الذكر تعتبر كعيب في الشكل قد يؤدي إلى رفض المطالبة من طرف الإدارة الجبائية ، إلا أنه يمكن القيام بتصحيح النقائص التي تشوب شكل المطالبة طالما أن الأجل قائم كما أنه من حق الملزم تقديم مطالبة جديدة خلال الأجل القانوني. أما إذا انصرم الأجل فالرفض يعتبر نهائيا [8] .

ج ـــــ الجهة المصدرة للمطالبة والجهة المستقبلة لها

       مبدئيا يوجه المطالبة الملزم بالضريبة باعتباره المعني المباشر بالنزاع الضريبي أو من ينوب عنه، شريطة توفره على وكالة قانونية تخول له القيام بهذا الإجراء ، ويعفى من تقديم الوكالة كل من يفترض وجودها لديهم كالمحامون والموثقون، كما جرت العادة في مجال المنازعات الضريبية قيام مكاتب الاستشارات المحاسبية والضريبة بالحلول محل الملزم في تقديم التظلمات للإدارة الضريبية بالإضافة إلى إيداع التصريحات بالنتيجة الجبائية[9] .
     أما بالنسبة للملزم الشخص المعنوي ، فإن المشرع جعله من اختصاص الشخص المخول له اتخاذ القرارات باسم الشخص المعنوي أي ممثله القانوني[10]
  ومما تجدر الإشارة إليه  أن المشرع  المغربي سمح بتقديم المطالبة باسم مجموعة من المكلفين الخاضعين للضريبة ، وهي الحالة المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من المادة 238 من م.ع ض ، وذلك إذا تعلق الأمر بالخسائر اللاحقة بالمحاصيل الزراعية لإحدى الجماعات،  جاز للسلطة المحلية أو رئيس مجلس الجماعة تقديم مطالبة في اسم الخاضعين للضريبة بالجماعة المذكورة [11]

    هذا ما يخص الجهة المصدرة للمطالبة ، أما إذا تعلق الأمر بالجهة المختصة بالنظرفي الطعون الإدارية في منازعات الوعاء الضريبي ، فإن القانون أسند النظر إلى المدير العام للضرائب، أو الشخص المفوض من لدنه لهذا الغرض[12]  وفي بعض الحالات لوزير المالية أو الشخص المفوض من لدنه لهذا الغرض[13]

الفقرة الثانية : الشروط الموضوعية
     يمكن لأي ملزم بالضريبة تضررت مصالحه  وحقوقه أن يتقدم أمام إدارة الضرائب بطلبه قصد الاستفادة من التطبيق السليم للقانون الضريبي ، ونظرا لتعدد الضرائب ولاختلاف موضوعها وكذا طبيعتها ،فإن هذا يسمح  بتعدد الحالات التي يتم فيها اللجوء إلى هذه المطالبات وهكذا فمحل المطالبة يختلف باختلاف موضوعه حيث نجد :

أ ـــــ التظلمات المتعلقة بالوعاء الضريبي
     إذا كانت المنازعة في الوعاء الضريبي تحيل على كل الخلافات التي تثور بين الادارة الضريبية والملزمين بشأن تأسيس الضرائب أو الرسوم، سواء تعلق الأمر بالأساس القانوني أو الواقعي لهذا التأسيس، فإن التظلمات المتعلقة بهذه المنازعة تنصب على أحد أمرين، التظلمات الرامية إلى تصحيح الأخطاء الضريبية أو التظلمات الرامية إلى الحصول على امتياز أو حق معترف به.

1-  التظلمات الرامية إلى تصحيح الأخطاء الضريبية
   
     تتمحور التظلمات الرامية إلى تصحيح الأخطاء الضريبية حول تصحيح الأغلاط التي قد تقع فيها الادارة الضريبية في إحدى عملياتها المتعلقة بوضع الأساس الضريبي ، مثل الأداء المزدوج لنفس الضريبة أو أداء مبلغ الضريبة أكثر من القدر الواجب .... وينصب طلب الملزم في مثل هذه الحالات على طلب التخفيض ، أو طلب الإعفاء أو بطلب من الادارة الضريبية استرداد الأموال التي قد دفعها بدون وجهحق.[14]

2-التظلمات الرامية إلى الحصول على امتياز أو حق معترف به

      يسعى المكلف من خلال هذا النوع من التظلمات إلى الاستفادة من امتياز نص عليه المشرع الضريبي  بمقتضى  نصوص قانونية أو عن طريق قانون تنظيمي، كالتمتع بتخفيضات أو الاستفادة من حق الخصم أو من إعفاءات معينة وفي بعض الأحيان يطالب المكلف الادارة الضريبية بتحويله لبعض الضمانات المقررة في أثناء العملياتالضريبية[15]

ب ــــــ التظلمات المتعلقة بالتحصيل الضريبي
     تمكن  التظلمات المتعلقة بالتحصيل الضريبي  الادارة الضريبية المختصة بالتحصيل في تجنب التجاوزات التي قد يقعون فيها وهم بصدد القيام بعمليات التحصيل ودفعهم إلى الالتزام بالقواعد المنصوص عليها في مدونة تحصيل الديون العمومية. وقد أقر المشرع المغربي التظلم النزاعي المتعلق بإجراءات التحصيل الضريبي كضمانة يتمتع بها الملزم حتى يتمكن من رفع التجاوزات التي قد يكون ضحية لها وقد حددت المواد 117و 120 و121 من مدونة تحصيل الديون العمومية صور التظلمات المتعلقة بالتحصيل في نطاق الطعن النزاعي في المطالبات المتعلقة بوقف الأداء والمطالبات التي تخص إجراء التحصيل وأخرى متعلقة بالأشياء المحجوزةعليها.[16]


المطلب الثاني : إجراء آت التحقيق في المطالب و الآثار المترتبة عنها

    بعد توفر المطالبة النزاعية على مختلف الشروط الموضوعية و الشكلية السالفة الذكر، يدخل طلب التظلم مرحلة جديدة تتعلق باتخاذ القرار المناسب فيه من قبل الجهات المختصة.




الفقرة الأولى : إجراءات التحقيق في المطالبة 

يتكلف بالدراسة و التحقيق في المطالبة قسم خاص بمديرية الضرائب هو قسم المنازعات المتكون من أربع مصالح هي :
- المصلحة المكلفة بالنزاعات في الضرائب المباشرة .
- المصلحة المكلفة بالنزاعات في الضريبة على القيمة المضافة.
- المصلحة المكلفة بالنزاعات في رسوم التسجيل والتنبر
- المصلحة المكلفة بالتحقيقات. [17]
     حيث يقوم مفتش الضرائب بعد توصله بالمطالبة بدراسة الوقائع المثارة قصد التأكد من مدى ملاءمتها للمقتضيات القانونية، ومن أهمية وتأثير الحجج المقدمة على النزاع الضريبي موضوع المطالبة، كما يمكنه كذلك من أجل استكمال التحقيق ، أن يستدعي الخاضع للضريبة من أجل استفساره أو تقديم محاسبته أو تقديم مزيد من الحجج، كما يمكنه إجراء جميع التحريات اللازمة على ضوء الوثائق المقدمة و المعلومات المتوفرة، إما بعين المكان أو بمقرات الأشخاص الطبيعيين أو المعنويين الذين لهم علاقة بالخاضع للضريبة، كزبنائه  ومورديه والأبناك و المقاولات والإدارات التي يتعامل معها[18] .

الفقرة الثانية :الآثار المترتبة عن التحقيق في المطالبة

   بعد قيام مفتش الضرائب بجميع إجراءات التحقيق وإنهائه للتحريات اللازمة حول موضوع المطالبة يعد تقريرا يختمه برأيه و يحيله  إلى رؤسائه لاتخاذ ماهو مناسب .


أ‌-       بت الإدارة و إصدار القرار.
     بعد البحث الذي تقوم به المصلحة المختصة في الموضوع، يتولى الوزير المكلف بالمالية أو الشخص المفوض من لدنه لهذا الغرض القيام بالبت في المطالبة المرفوعة إلى الإدارة، و نظرا للعدد الكبير للمطالبات التي تحال على المديرية العامة للضرائب فإنه غالبا ما يتم تفويض هذه السلطة إلى رؤساء الأقسام أو المصالح حسب قيمة النزاع ومبلغ الضريبة المتنازع حوله .
   ويتعين على إدارة الضرائب بعد فحص مطالبة الملزم أن تقوم بالجواب عليها داخل أجل ستة أشهر المالية لتاريخ المطالبة و أن تتخذ القرار المناسب حولها و بعد اتخاذ القرار من طرف الإدارة الجبائية وتعليله يتم تبليغه[19] إلى الملزم المعني بالنزاع[20]  و على هذا الأخير إذا لم يقبل القرار الصادر عن الإدارة أن يطعن فيه أمام المحكمة الإدارية المختصة داخل أجل30  يوما الموالية لتاريخ تبليغ القرار المذكور.
ب. سكوت الإدارة
     برجوعنا إلى مقتضيات  المادة 243 من م.ع.ض و بالضبط الفقرة الأخيرة  نجد أنها تنص على أنه  إذا لم تجب الإدارة  داخل أجل ستة أشهر الموالية لتاريخ المطالبة جاز للخاضع للضريبة  الطالب رفع طلب إلى المحكمة المختصة داخل أجل الثلاثين يوما الموالية لتاريخ انصرام أجل الجواب المشار إليه أعلاه" .
من  خلال مقتضيات هذه المادة، نخلص بأن سكوت الإدارة داخل الأجل المحدد لها للرد يعتبر بمثابة رفض ضمني لمطالبة الملزم، و هكذا فسكوت الإدارة و عدم جوابها على مطالبة الملزم داخل أجل ستة أشهر الموالية لتاريخ المطالبة يمنح الحق للملزم في اللجوء  مباشرة إلى القضاء ورفع دعواه أمام  المحكمة الإدارية المختصة للدفاع عن حقوقه ومصالحه ضد الإدارة الضريبة[21]

المبحث الثاني : الطلبات الإستعطافية أمام الإدارة الضريبية.

يحق لأي خاضع للضريبة بأن يتقدم بتظلم استعطافي أمام الإدارة الضريبية، سواء قبل كل منازعة إدارية أو قضائية أو بعدهما، من أجل إستعطاف الإدارة  التي تتمتع بسلطة تقديرية واسعة، ومخاطبة الجانب الإنساني والاجتماعي للمسؤولين بهدف ألتماس طرح بعض الجزاءات أو الغرامات التي أصبحت واجبة عليهم بسبب خرقهم لمقتضى قانوني معين.
وبالرغم من بساطة مسطرة التظلم الاستعطافي، فإنه وللاستفادة من مزاياها يتعين على الخاضع للضريبة سلوك واحترام بعض الخصائص والإجراءات الخاصة بها. وهو ما سنعمل على دراسته من خلال مطلبين؛ حيث سنتطرق في (المطلب الأول) لماهية الطلبات الإستعطافية وأنواعها. على أن نستعرض في (المطلب الثاني)  لخصائص وإجراءات الطلبات الاستعطافية وآثارها.

المطلب الأول : ماهية الطلبات الاستعطافية .
بالإضافة للطلبات ذات الطابع النزاعي التي يملكها الخاضع للضريبة في مواجهة الإدارة الضريبية، فإنه يملك أيضا إمكانية أخرى تتمثل في الطلبات الاستعطافية. ومحاولة منا لدراسة هذا النوع من الطلبات قدر الإمكان سنعمد إلى ذلك من خلال ثلاث فقرات. إذ نعالج في الأولى تعريف الطلبات الاستعطافية (الفقرة الأولى) ونرى في الثانية أنواع الطلبات الاستعطافية (الفقرة الثانية) على أن نعرض في الثالثة لخصائص الطلبات الاستعطافية (الفقرة الثالثة).

الفقرة الأولى : تعريف الطلبات الاستعطافية
تنص المادة 122 من مدونة تحصيل الديون العمومية على ما يلي : يمكن للوزير المكلف بالمالية أو الشخص الذي يفوضه لذلك، بناء على طلب الملزم واعتبارا للظروف المثارة، أن يمنح إعفاء أو تحفيض من الزيادة في  التأخير وصوائر التحصيل المنصوص عليها في المواد 21 و90 و91.
كما تنص المادة 236 من المدونة العامة للضرائب على ما يلي "... يجوز للوزير المكلف بالمالية أو الشخص المفوض من لدنه لهذا الغرض أن يسمح بناء على طلب الخاضع للضريبة ومراعاة للظروف المستند إليها بالإعفاء أو التخفيف من الزيادات والغرامات والدعائر المقررة في النصوص التشريعية الجاري بها العمل.
فباستقرائنا لهاتين المادتين يتضح على أنه يمكن للخاضع للضريبة بأن يتقدم بطلب استعطافي لا ينازع من خلاله في أساس الضريبة أو مبلغها أو إجراءات تحصيلها؛ وإنما يلتمس من الإدارة الضريبية إعفاءه كليا أو جزئيا من الزيادات والغرامات  والدعائر المفروضة عليه، وذلك نظرا لظروف خاصة مرتبطة بوضعيته المادية بكونه غير قادر على أداء توابع الضريبة.
فهذا النوع من الطلبات هو بمثابة مسطرة خاصة تظل مفتوحة في وجه جميع الخاضعين للضريبة سواء قبل رفع النزاع في موضوعها أمام جهة إدارية أو قضائية أو بعده، و لا يتقيد فيها بأجل أو شكليات محددة، لأنها تهدف بالأساس إلى كسب ثقة وعطف المسؤولين والأخذ في الاعتبار الظروف الشخصية والمالية للملزم[22].

الفقرة الثانية : أنواع الطلبات الإستعطافية.
يقدم هذا الطلب الاستعطافي سواء من قبل الملزم المعني بالأمر أو من طرف القابض المكلف بالتحصيل.



أولا : الطلب الاستعطافي المقدم من طرف الملزم.
يمكن للملزم أن يوجه طلبه الاستعطافي مستهدفا رأفة الإدارة كي تعفيه كليا من الضريبة أو الجزاءات المترتبة عن عدم الإدلاء بالإقرار أو الإدلاء بإقرار متأخر أو ناقص، أو الغرامات عن التأخير في أداء الضريبة إذا وقع تصحيح أساسها من طرف الإدارة الجبائية والتي ترتبت عليه بصفة قانونية. فالملزم لا يناقش لا أساس الضريبة ولا مبلغها وإنما يستعطف الإدارة بغية أن تخفف عنه الضريبة أو الجزاءات المرتبطة بها بصفة جزئية وذلك نظرا لظروفه المعسرة التي تحول دون دفع ما هو مستحق عليه[23]
ثانيا : الطلب الاستعطافي المقدم من طرف القابض.
يمكن للقابض أن يتقدم بطلبات استعطافية وذلك في حالتين :الأولى حالة تعذر الاستخلاص والثانية حالة الإعفاء من المسؤولية.
أ‌-      حالة تعذر الإستخلاص:
أجاز المشرع أن ترفع الطلبات الاستعطافية من طرف القابض، وذلك قصد تنزيل الدين الضريبي من حساباته عند تعذر استخلاص الضريبة، وعليه إثبات هذا التعذر بجميع الشواهد التي تبرر ذلك. ويترتب على هذا  الطلب إبراء القابض من المسؤولية المتعلقة بالمبالغ التي تعذر استخلاصها. بسبب عجز المدين عجزا تاما من الوفاء أو لتمكينه من تهريب أمواله بشكل يحول دون الحجز عليها أو لعدم وجودها أصلا أو لعدم وجود المكلفين المعتمدين في جدول التحصيل لفقدانهم أو لوفاتهم. مع مراعاة ما ينص عليه القانون في الحالة الأخيرة، وإذا قبلت الإدارة الطلب يؤدي لإبراء القابض دون أن يؤدي ذلك إلى انقضاء دين المدين[24].



ب‌-   حالة طلب الاعفاء من المسؤولية:
يمكن للقابض أن يقدم طلب من أجل إعفائه من المسؤولية، وذلك في الحالة التي يغفل فيها عن تقديم طلب طرح مبلغ الضريبة نتيجة تعذر استخلاصها في الوقت المحدد، أو تقديمه بدون إثباتات ومحاضر تثبت استحالة الاستخلاص وبالتالي تقادم الدين على الملزم بمضي المدة.
فكلما ترك القابض إجراءات التحصيل تتقادم بمضي المدة يسقط حق الإدارة في استخلاصه من المدين. وهذا ما أكده حكم صادر عن إدارية الدار البيضاء والذي جاء بما يلي  : " تتقادم إجراءات تحصيل الضرائب بمضي أربع سنوات من تاريخ الشروع في تحصيلها...نعم.
- عدم إدلاء الخزينة العامة بما يفيد سلوكها لإحدى إجراءات تحصيل الضرائب موضوع الطلب داخل الأجل القانوني للتقادم الرباعي أو مرور هذا الأجل بعد آخر إجراء قاطع للتقادم.
- التصريح بسقوط حقها في استخلاص الضرائب موضوع الطلب للتقادم... نعم[25]".
 وحيث أن المكلف بالتحصيل يبقى مسؤول تجاه الهيئات العمومية المعنية عن أي دين كلف باستخلاصه، فإنه يمكن له أن يتقدم بطلب من أجل إعفائه من المسؤولية في هذا الصدد.
هذا وفي حالة ما إذا قبلت الإدارة طلب المكلف فإن أثر ذلك هو إبراء هذا الأخير من المسؤولية.
وفي ختام هذه النقطة نشير إلى حالة أخرى يمكن اعتبارها طلب استعطافيا استثنائيا، وهي الحالة التي يلتمس فيها أحد الطرفين ،إما الملزم أو الإدارة الطرف الآخر بإجراء صلح واتفاق حول الدعائر والغرامات وهذا الاتفاق يكون ملزما للطرفين.

الفقرة الثالثة : خصائص الطلبات الاستعطافية
يتميز الطلب الاستعطافي بمجموعة من الخصائص سواء ما يتعلق منها بالأجل أو الجهة المقدمة لها أو بالجهة المستقبلة.
1.    بالنسبة للأجل : عدم وجود أجل للتظلم الاستعطافي حيث تتميز الطلبات الاستعطافية بكونها لا تخضع في تقديمها لأجل معنين وعليه، فإن المسطرة تظل مفتوحة في وجه جميع الملزمين والخاضعين للضريبة، سواء قبل رفع النزاع في موضوعها إلى جهة إدارية أو قضائية أو بعده، ولا يتقيد فيها بشكليات معينة، لأنها تهدف بالأساس إلى استدرار عطف المسؤولين للاحتكام إلى مبادئ الشفقة والإنصاف، والأخذ في الاعتبار الظروف الشخصية للمشتكي.
2.    أما بالنسبة للجهة المقدمة للطلب الاستعطافي فيمكن تقديمه من طرف كل المدين أو من ينوب عنه وكذا من طرف المحاسب المكلف بالتحصيل.
3.    أما بالنسبة للجهة المستقبلةللطلب أو التظلم الاستعطافي فتوجه الطلبات الاستعطافية إلى أعلى سلطة في الادارة الضريبية ،أي إلى الوزير المكلف بالمالية ويتم البث في هذه الطلبات من قبل الوزير المكلف بالمالية أو الشخص الذي يفوضه لذلك بالنسبة للجماعات المحلية وهيئاتها والمؤسسات العمومية الآمرة بالصرف[26].

المطلب الثاني : إجراءات الطلبات الاستعطافية وآثارها.
رغم بساطة ومرونة التظلم الاستعطافي إلا أنه يستوجب إجراءات خاصة (الفقرة الأولى) وتترتب عنه بعض الآثار (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : إجراءات الطلبات الاستعطافية
يجب على المدين أن يكون طلبه الاستعطافي معللا وأن يذكر فيه الأسباب والوسائل التي يرتكز عليها، وذلك بشرحه للظروف المادية الصعبة والحرجة التي يمر منها والأسباب القاهرة الخارجة عن إرادته والتي حالت بينه وبين أدائه للضرائب المفروضة عليه.
كما يتعين عليه أن يرفق طلبه بالحجج المدعمة لطلبه، وأن يبين فيه أنه يهدف بالأساس استمرار وكسب عطف وثقة الإدارة، ثم أن يأتي على ذكر ملتمساته المتمثلة في رغبته في الاسقاط الكلي أو الجزئي للجزاءات والغرامات المترتبة عليه[27].
وتوجه هذه الطلبات الاستعطافية إلى أعلى سلطة في الادارة  الجبائية وإذا كان الأصل كما سبق الذكر أن الوزير المكلف بالمالية هو الذي تعود له سلطة البث في الطلبات، فليس هناك ما يمنع من تفويض وزير المالية كسلطة البث في الطلبات الاستعطافية إلى الموظفين السامين وغالبا ما يتعلق الأمر بمدير الضرائب أو الخازن العام للمملكة، وهكذا يتم البث في الطلبات الاستعطافية بالمغرب على مستوى الادارة المركزية لمديرية الضرائب وإذا كانت الطلبات تقدم أمام المديرية الجهوية فهذه الأخيرة تقوم بتجهيز الملف وتبدي رأيها في الطلب، وتحيله على الادارة المركزية التي تعود لها صلاحية اتخاذ القرار في شأنه وتستعين في هذا الصدد بالإضافة إلى رأي المديرية الجهوية التي قامت بتبليغ الملف برأي لجنة الطلبات الاستعطافية[28].

الفقرة الثانية : الآثار المترتبة عن الطلبات الاستعطافية.

أولا : التحقيق في التظلم الاستعطافي
لا نحتاج إلى التأكيد على أن الأمر يتعلق بالوقائع فقط، وأن القرار في نهاية الأمر ستحكمه بواعث الرحمة والشفقة، بعيدا عن كافة الشكليات القانونية، ولهذا فلا يتصور رفض الطلب لعيب في الشكل أو عدم احترام مقتضيات قانونية مسطرية فهي اعتبارات لا تدخل في الحسبان، لأن الإدارة تهتم بجوهر الموضوع أولا وأخيرا[29]، حيث يتم البحث حول معرفة سلوك المدين، ومواقفه من المصالح الضريبية، وكذا حول معرفة وضعيته المالية وكل ما من شأنه أن يعطى فكرة حول وضعية المدين وظروفه.
ثانيا : عدم توقف إجراءات التحصيل
إذا كان التشريع المغربي لم يحدد لا شكل ولا أجل لتقديم الطلبات الاستعطافية، من طرف الملزم سواء الطبيعي أو الشخص المعنوي، فإنه لم يربط تقديم الطلب الاستعطافي بوقف تحصيل الضريبة، فكيف يمكن ألا يقترن تقديم الطلب الاستعطافي الذي تعتبر مرجعيته "الفقر والعوز" بوقف تحصيل الضريبة بل أكثر من ذلك وكما أشرنا إليه سابقا- لا يهم الضريبة بقدر ما يهم توابعها من غرامات وجزاءات.
إذن فالطلب الاستعطافي لا يترتب عنه وقف إجراءات التحصيل ضد المشتكي، غير أنه يكون من المفيد له دائما، أن يخبر بكيفية موازية القابض أو محصل الضريبة أو الرسم، بإقدامه على رفع التظلم الاستعطافي إلى الإدارة، وذلك لتفادي الإشكالات التي يمكن أن تنجم على مستوى استرجاع المبالغ المؤداة في حالة ما إذا تم الاستجابة لطلب المدين.
ثالثا : القرار المتخذ من قبل الإدارة
بعد دراسة الطلب يتم رفع تقرير بشأنه إلى الوزير المكلف بالمالية أو إلى الشخص الذي يفوضه لذلك، قصد اتخاذ قرار نهائي بشأنه إما بالقبول أو بالرفض، وهذا ما أكده المجلس الأعلى في قرار صادر عنه حيث جاء فيه:" وحيث إن الفقرة رقم 2 من المادة 52 من قانون الضريبة على القيمة المضافة، (حاليا المادة 236 من م.ع.ض) تنص على أنه يجوز للوزير المكلف بالمالية أن يمنح بناء على طلب الخاضع للضريبة، ومراعاة للظروف المستند إليها، بالابراء أو التخفيف من الغرامات، والجزاءات الأخرى المنصوص عليها في هذا القانون، ويستفاد من هذا النص أن إمكانية الإعفاء الكلي أو الجزئي من اختصاص وزير المالية،والمسألة موكولة لسلطته التقديرية حسب الظروف المستند إليها.
وحيث إنه مادام أن الغرامات والجزاءات الأخرى ترتبت على المستأنف بطريقة قانونية، ولا يطعن في شرعيتها، كما أن رفض الإدارة طلب إعفائه منها، يستند على سلطتها التقديرية، ومادام أنه لم يثبت أن قرار الإدارة يتسم بالانحراف والشطط في استعمال السلطة، فإن قرارها يبقى قانونيا، ويكون طلب المستأنف لا يستند على أساس، ويكون الحكم المستأنف القاضي برفضه واجب التأييد"[30].
وينبغي الاشارة ومن خلال حيثيات هذا القرار على أن الإدارة وإن كانت تتمتع بسلطة تقديرية واسعة في قبول الطلب الاستعطافي أو رفضه، إلا أن هذه السلطة ليست مطلقة، ذلك فإذا شاب قرار الإدارة أي انحراف في السلطة أو الشطط في استعمالها فإنه يحق للملزم أن يطعن بالإلغاء ضد هذا القرار.
ونشير أيضا إلى أن الإدارة غير ملزمة بالرد، كما أنه من الناحية القانونية نلاحظ غياب تحديد أي أجل يتعين خلاله على الإدارة أن تبت داخله في الطلبات الاستعطافية المرفوعة إليها من قبل المدين.
وعكس ذلك، فالطلبات الاستعطافية المقدمة من قبل القابض حدد لها المشرع أجل سنة، حيث جاء في المادة 126 من م.ت.د.ع مايلي:"... يعتبر بمثابة قبول الإلغاء، انعدام رد السلطة المختصة داخل أجل سنة ابتداء من تاريخ توصله بقوائم الديون غير القابلة للتحصيل".
وفي ختام هذه النقطة نقول بأن الإدارة غير ملزمة بتسبيب قراراتها، لكن وتدعيما لدولة الحق والقانون واحتراما لمبدأ الشرعية يتعين على الإدارة أن تعلل قراراتها خاصة في حالة رفض الطلب.
رابعا : مآل التظلم الاستعطافي
سبقت الإشارة إلى أنه بعد رفع التظلم إلى الإدارة تتمتع هذه الأخيرة بسلطة تقديرية واسعة، في قبول أو رض التظلمات.
ويثار هنا إشكال حول مصير ومآل القرار الذي اتخذته الإدارة الضريبية، ومدى إمكانية الطعن فيه أمام القضاء أم أنه محصن من كل طعن؟ وهل يمكن للمدين أن يقدم تظلمات استعطافية أخرى حول نفس الضريبة؟.
الواقع أنه أمام سكوت النص يتعين الرجوع إلى المبدأ العام للمشروعية الذي يأبى أن تكون هناك قرارات إدارية محصنة ضد أي مراقبة، لإمكانية مساسها بحق من الحقوق، ونكون إذن في مجال قضاء المشروعية التي تعتبر دعوى الإلغاء صيغته الطبيعية.
ويحق إذن للطاعن أن يطالب عن طريقها بإلغاء القرار السلبي للإدارة،كما أن السلطة التقديرية المخولة قانونا لوزير المالية أو للشخص المفوض من قبله، لا يمكن أن تحد من إمكانية الطعن في القرار بسبب الشطط في استعمال السلطة لأن الأمر يرتبط بمجال الملائمة الذي تطاله المراقبة القضائية لقاضي الإلغاء ضمن شروط وضوابط من شأنها ترشيد ممارسة هذه السلطة بعيدا عن كل تعسف أو انحراف[31].
كما أنه ومادامت التظلمات الاستعطافية غير مقيدة بأجل معين لكونها تستند على ظروف ووقائع مادية أكثر منها قانونية، فإنه يمكن للمدين تقديم طلب استعطافي آخر أمام نفس الجهة المصدرة للقرار الرافض للتنظيم ألاستعجالي، أو إلى الجهة التي ترأسها تبت فيه من جديد إذا ظهرت وقائع وأسباب جديدة من شأنها أن تؤثر في قرار الإدارة.







خاتمة:
تعتبر المطالبات النزاعية ، وكذا  الطلبات الاستعطافية من بين الضمانات المهمة التي منحها المشرع الضريبي للخاضع للضريبة نظرا لما تتيح له من إمكانية اللجوء المباشر الى الإدارة الضريبية مصدرة الضريبة المتنازع بشأنها لحثها على مراجعة قرارها و تمتعيه بالإعفاء أو التخفيض. و الوقوف على هذا الإجراء التمهيدي، يجعلنا نرى أن لها مزايا وعيوب.فالأولى تتمثل أساسا في تكريس مبدأ الحوار بين الإدارة و الخاضع للضريبة .ويعتبر كذلك مناسبة للإدارة للقيام بدراسة متأنية للقرارات التي سبق أن أصدرتها، ويكمن أن تخلص عند إنتهاء هذه الدراسة إما إلى تزكية مطالبة الخاضع للضريبة ، إذا تبينت انها مبنية على أسس معقولة إو إلى رفضها إذا تبين لها أن تلك الأسباب غير جدية، وهذا يجعلها تمارس رقابة ذاتية على نشاطها، بحيث يمكن أن تتدارك الأخطاء التي إرتكبتها و بالتالي تتصف الخاضع للضريبة دون اللجوء إلى القضاء.أما العيوب فتتجلى بشكل جلي في عدم إلزام الإدارة بالجواب تحت ترتيب الجزاء، وهذا يجعل المطالبة في وجهة نظر الخاضع للضريبة غير ذات جدوى، مما يدفعه إلى اللجوء مباشرة إلى القضاء لإنصافه.
ولهذا يتعين وضع إصلاحات جوهرية تهدف الإصلاح في عمق النظام الضريبي المغربي ، بحيث يكون هناك توافق مع المحيط الاقتصادي و الاجتماعي المغربي .






لائحة المراجع :
الكتب
-    حسن عواضة عبد الرؤوف قطيش، المالية العامة الموازنة الضرائب والرسوم دراسة مقارنة، دار الخلود للصحافة والطباعة والنشر والتوزيع، (مدينة الطبع غير مذكورة) الطبعة الأولى 1995.
-          
-   عبد القادر التيعلاتي ، النزاع الضريبي في التشريع المغربي ، دار النشر المغربية الدار البيضاء، الطبعة الأولى 2000 .
-         محمد القرقوري، وعاء ومنازعات الضرائب ، مطبعة الأمنية الرباط (دون ذكر السنة)
-         .
-   عبد الكريم لحرش، المنازعات الضريبية في القانون المغربي ، سلسلة اللامركزية والإدارة الترابية ، مطبعة طوب بريس الرباط ،الطبعة  الأولى 2013.

-    عبد القادر التيعلاتي، النزاع الضريبي في التشريع المغربي، مطبعة الأحمدية للنشر الدار البيضاء طبعة 1997 .
-          

محمد مرزاق وعبد الرحمان أبليلا ، النظام القانوني للمنازعات الجبائية بالمغرب









مقالات ومجلات

-   محمد شكري، القانون الضريبي المغربي بين دراسة تحليلية و نقدية ، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية ، مؤلفات و أعمال جامعية، العدد 10، سنة 2005.


-    جعفر حسون، الطبيعة القانونية للمنازعات الضريبية، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية سلسلة مواضيع الساعة، "المنازعات الجبائية في ظل المحاكم الإدارية"، رقم 4/1996.


-   سعاد بنور ، العمل القضائي في المادة الجبائية ، دراسة تحليلية قانونية فقهية وقضائية مع أحدث الاجتهادات القضائية الصادرة عن المجلس الأعلى ، دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى.






-         .


أطروحات ورسائل :

-    دزاكيس حميد، المنازعات الضريبية في مجال التحصيل رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، جامعة الحسن الثاني، كلية الحقوق الدار البيضاء الموسم الجامعي 1998-1999 .

-   مولاي عبد الرحمان العلمي ، المنازعات في المرحلة ما قبل القضائية ، رسالة لنيل دبلوم الماستر القانون الخاص،  جامعة القاضى عياض  كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مراكش السنة الجامعية  2010/2011 ،


-    سمية بنيحي ،المنازعة في أساس الضريبة على الشركات المرحلة الإدارية رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة جامعة الحسن الثاني-الدار البيضاء-السنة الجامعية :1999/2000.


  



[1] حسن عواضة عبد الرؤوف قطيش، المالية العامة الموازنة الضرائب والرسوم دراسة مقارنة، دار الخلود للصحافة والطباعة والنشر والتوزيع، (مدينة الطبع غير مذكورة) الطبعة الأولى 1995، ص 345.
[2] - تجدر الاشارة الى ان المرحلة الادارية في مسطرة البت في المنازعات الضريبية اهمية قصوى نظرا لعدة اعتبارات نوجز اهمها في :
- تشجيع الحوار بين الملزم والإدارة الضريبية قبل اللجوء الى القضاء
- اعطاء الفرصة للإدارة الضريبية لمراقبة العمل الضريبي الذي تقوم به ويخولها امكانية مراجعة الاخطاء التي تقع فيها ويمكنها من شرح وجهة نظر الملزم .
- يسمح بحل العديد من الخلافات بين الادارة الضريبية والملزم في مهدها الازل ، وهو ما يخفف العبء عن القضاء الاداري .
[3] - عبد القادر التيعلاتي ، النزاع الضريبي في التشريع المغربي ، دار النشر المغربية الدار البيضاء، الطبعة الأولى 2000 ،ص 49
[4] يتم فرض الضريبة بصورة تلقائية في الحالة التي لا يقدم فيها الخاضع للضريبة الوثائق المحاسبية التي يفرض عليه القانون مسكا أو في الحالة التي يفرض فيها الخاضع للضريبة الخضوع للمراقبة الضريبية من قبل الإدارة الضريبية، كما يتم في الحالة التي لا يقدم فيها الخاضع للضريبة الاقرار بالحصيلة الخاضعة للضريبة أو مجموع الدخل أو الارباح أو رقم الأعمال أو عدم تقديم العقود أو الاتفاقات

[5] - عبد القادر التيعلاتي ، النزاع الضريبي في التشريع المغربي ، م.س ص 50 وما بعدها
 2- مولاي عبد الرحمان العلمي ، المنازعات في المرحلة ما قبل القضائية ، رسالة لنيل دبلوم الماستر القانون الخاص، جامعة القاضي عياض كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مراكش السنة الجامعية  2010/2011 ، ص12
[7]- سعاد بنور: العمل القضائي في المادة الجبائية ، دراسة تحليلية قانونية فقهية وقضائية مع أحدث الاجتهادات القضائية الصادرة عن المجلس الأعلى ، دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى ،ص93
[8] - عبد القادر التيعلاتي، م.س ، ص  53

[9]- محمد شكري، القانون الضريبي المغربي بين دراسة تحليلية ونقدية، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية مؤلفات وأعمال جامعية، العدد 10، سنة 2005 ،ص 556

[10] -سمية بنيحي ،المنازعة في أساس الضريبة على الشركات المرحلة الإدارية رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة جامعة الحسن الثاني-الدار البيضاء-السنة الجامعية :1999/2000، ص 102
[11]  -مولاي عبد الرحمان العلمي-المنازعات الضريبية في المرحلة ما قبل القضائية، م. س. ص
[12] - تنص المادة 235 من المدونة العامة للضرائب على ما يلي :" يجب على الخاضعين للضريبة .... أن يوجهوا مطالبتهم إلى المدير العام للضرائب أو الشخص المفوض له من لدنه لهذا الغرض" .

[13]  - تنص المادة 236 من م ع ض على ما يلي :  " يجب على الوزير المكلف بالمالية أو الشخص الذي يفوض إليه ذلك ..."

[14] - عبد الكريم لحرش، المنازعات الضريبية في القانون المغربي ، سلسلة اللامركزية والإدارة الترابية ، مطبعة طوب بريس الرباط ،الطبعة  الأولى 2013، ص 414.
[15]  -- محمد مرزاق وعبد الرحمان أبليلا ، النظام القانوني للمنازعات الجبائية بالمغرب، الطبعة والمطبعة غير مذكورين ص 122.
[16] - عبد الكريم لحرش،المنازعات الضريبية  في القانون المغربي، م، س ، ص 48.
[17]  - عبد القادر التيعلاتي، النزاع الضريبي في التشريع المغربي ، م.س، ص541.

[18] - محمد القرقوري، وعاء ومنازعات الضرائب ، مطبعة الأمنية الرباط (دون ذكر السنة) ، ص 289
2- عبد القادر التيعلاتي، النزاع الضريبي في التشريع المغربي م.س،ص 55
[20]  - جاء في المادة219 من م.ع.ض. ما يلي: " يتم التبليغ بالعنوان المحدد من قبل الخاضع للضريبة في إقراراته أو عقود أو  مراسلاته المدلى بها إلى مفتش الضرائب التابع له مكان الضريبة عليه إما برسالة مضمونة الوصول مع إشعار بالتسلم


[21] - مولاي عبد الرحمان العلمي، المنازعات الضريبية في المرحلة ما قبل القضائية م.س.ص26
[22] دزاكيس حميد، المنازعات الضريبية في مجال التحصيل رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، جامعة الحسن الثاني، كلية الحقوق الدار البيضاء الموسم الجامعي 1998-1999 ص 41.
[23] عبد القادر التيعلاتي، النزاع الضريبي في التشريع المغربي، مطبعة الأحمدية للنشر الدار البيضاء طبعة 1997 ص 60.
[24] جاء في المادة 127 من مدونة تحصيل الدين العمومي "يترتب عن قبول طلب الإلغاء إبراء مسؤولية المحاسب المكلف بالتحصيل دون أن يؤدي ذلك لانقضاء دين المدين.
[25] حكم صادر في الملف رقم 42/06/2008 بتاريخ 25/06/2008 أورده مولاي عبد الرحمان العلمي مرجع سابق ص 62.
[26] مولاي عبد الرحمان العلمي، المنازعات الضريبية في المرحلة ما قبل القضائية  مرجع سابق ص 65.
[27] مولاي عبد الرحمان العلمي، مرجع سابق ص 65.
[28] عبد القادر التيعلاتي، مرجع سابق ص 63.
[29] محمد السماحي، م.س، ص 235.
[30] قرار عدد 22 صادر في الملف رقم 1657/4/1/2001 بتاريخ 16/1/2003 أورده مولاي عبد الرحمان العلمي، مرجع سابق ص 67.
[31] جعفر حسون، الطبيعة القانونية للمنازعات الضريبية، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية سلسلة مواضيع الساعة، "المنازعات الجبائية في ظل المحاكم الإدارية"، رقم 4/1996، ص 53.

شاركنا بتعليقك...

التعليقات



، اشترك معنا ليصلك جديد الموقع اول ً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

احصائيات الموقع

جميع الحقوق محفوظة

علوم قانونية وادارية

2010-2019