إثبات عقد الزّواج وتسجيله
إثبات عقد الزّواج وتسجيله |
التّوثيق في عصرنا يندرج ضمن المصالح المرسلة، وهي
مصالح لم يشهد لها الشّرع بالاعتبار ولا بالنّفي، فيكون اعتمادها بناء على تقدير
مصلحة عامّة للمجتمع.
وذلك أنّ الشّرع لم يتطلّب في إبرام عقد الزّواج
سوى اجتماع عناصر العقد العاديّة، وإنّما دعت ضرورة الحياة وحفظ مصالح النّاس إلى
ضرورة توثيق العقد لحماية الحقوق المختلفة الّتي تثبت بها النّفقة والنّسب أو نفي
ما ينقطع بالزّوجيّة،
وبالتّالي أصبح عقد الزّواج من العقود الشّكليّة أو الرّسميّة الّتي لا بدّ فيها
من التّوثيق والشّهود والإعلان لحماية العقد وترتيب آثاره.
وقد قرّرت المادة (18) من قانون الأسرة الجزائريّ
أنّ الزّواج يثبت بعقد مدنيّ، وهو عبارة عن سند توثيقيّ يقوم بتحريره وتسجيله ضابط
الحالة المدنيّة أو الموثّق المختصّ بتحرير عقد الزّواج، إذ تنصّ على أنّه "يتمّ
عقد الزّواج أمام الموثّق أو أمام موظّف مؤهّل قانونا مع مراعاة ما ورد في
المادّتين (9) و(9) مكرّر من هذا القانون).
وقد حاول المشرّع الفرنسيّ قبل الاستقلال إدخال
نظام تسجيل عقد الزّواج في سجلّ الحالة المدنيّة ليكون أساس إثبات العلاقة
الزّوجيّة وترتيب آثارها القانونيّة، إلاّ أنّ العلاقة التّنافريّة القائمة بين
المستعمر والشّعب أبقت نظام الفاتحة الشّرعيّة هو الغالب الأعمّ
وبعد الاستقلال تدخّل المشرّع الجزائريّ بمرونة عن
طريق سلسلة من القوانين لإشعار المجتمع بأهمّيّة تسجيل عقد الزّواج وإثباته رسميّا
أولا: طرق إثبات عقد الزّواج:
يثبت عقد الزّواج بتسجيله في الحالة المدنيّة قبل
الدّخول، وإلاّ ثبت تسجيله بعده بحكم قضائيّ لنصّ المادّة (22): يثبت الزّواج
بمستخرج من سجل الحالة المدنيّة، وفي حالة عدم تسجيله يثبت بحكم قضائيّ، يجب تسجيل
حكم تثبيت الزّواج في الحالة المدنيّة بسعي من النّيابة العامّة".
وقد حدّد القانون طريقتين لإثبات عقد الزّواج:
الطّريقة الأولى: التّسجيل قبل الدّخول.
يخضع التّسجيل لإجراءات وترتيبات إداريّة يشترطها
القانون في العقد ذاته لتسجيله وإشهاره حتّى يوجد العقد ويحدث آثاره في مواجهة
الغير.
تحيل المادّة (21) من (ق.س.ج) على قانون الحالة
المدنيّة في تسجيل عقد الزّواج، إذ تنص على أنّه (تطبيق أحكام قانون الحالة
المدنيّة في إجراءات تسجيل عقد الزّواج)، وينظّم الأمر رقم 70-20 الصّادر بتاريخ
19 فيفري 1970 المتعلّق بالحالة المدنيّة في مواده 74-75-76 الوثائق الّتي يقدمها
الزّوجان لإجراء عقد الزّواج بصفة رسميّة أمام الموثّق أو أمام موظّف الحالة
المدنيّة، وهي كالتّالي:
1) شهادة
ميلاد الزّوج والزّوجة، إن تعذّر عليهما قدّمت بطاقة التّعريف الوطنيّة أو الدّفتر
العائليّ للأبوين أو الدّفتر العسكريّ (المادّة 74 ق.ح.م).
2) شهادة
الإقامة للزّوج الّذي ينتمي للاختصاص المحلّي للمحكمة والموثّق أو البلديّة.
3) شهادة
الإعفاء من السّنّ الّذي نصّت عليه المادّة 7 (ق.س).
4) رخصة
الزّواج الّتي ينصّ عليها القانون العسكريّ أو الجيش أو الأمن الوطنيّ.
5) نسخة
من وثيقة وفاة الزّوج السّابق أو حكم الطّلاق الّذي صار نهائيّا للمرأة الّتي سبق
لها زواج (المادّة 75 ق.ح.م).
ويُضاف إلى ذلك ما أضافه الأمر رقم 05-02 المؤرّخ
في 27/02/2005 من وجوب تقديم طالبي الزّواج لوثيقة طبّيّة لا يزيد تاريخها عن
ثلاثة (3) أشهر تثبت خلوّهما من أي مرض أو أيّ عامل قد يشكّل خطرا يتعارض مع
الزّواج.
ويتعيّن على الموثّق أو ضابط الحالة المدنيّة أن
يتأكّد قبل تحرير عقد الزّواج من خضوع الطّرفين للفحوصات الطّبّيّة ومن علمهما بما
قد تكشف عنه من أمراض أو عوامل قد تشكّل خطرا يتعارض مع الزّواج، ويؤشّر بذلك في
عقد الزّواج.
وتتحدّد وظيفة
الموثق أو ضابط الحالة المدنية إزاء ما تتضمّنه الشهادة الطبيّة المقرّرة بنصّ
الفقرة الثّانية من المادّة 7 مكرّر من نفس الأمر من معلومات فيما يلي:
1. عدم تحرير عقد الزواج إلا
بتقديم الطرفين للشهادة الطبية الواجبة قانونا بناء على نص المادة 06 من المرسوم
06-154 المحدّد لكيفيّات وشروط تطبيق أحكام المادة 7مكرّر من قانون الأسرة على أنه
"لا يجوز للموثق أو ضابط الحالة المدنية تحرير عقد الزواج إلا بعد أن يقدم
طالبا الزواج الشهادة الطبية المنصوص عليها في هذا المرسوم.
2. التأكّد قبل تحرير عقد
الزّواج من خضوع الطّرفين للفحوصات الطّبّيّة المحددة قانونا لنصّ المادّة 7 مكرّر
من قانون الأسرة على أنّه "يتعين على الموثق أو ضابط الحالة المدنية أن
يتأكّد قبل تحرير عقد الزّواج من خضوع الطّرفين للفحوصات الطبيّة".
3. إعلام الطرفين بما تكون
قد كشفت عنه هذه الفحوصات من أمراض أو عوامل قد تشكّل خطرا يتعارض مع الزّواج لنصّ
المادة 7 مكرر من قانون الأسرة على أنّه "يتعين على الموثق أو ضابط الحالة
المدنية أن يتأكّد قبل تحرير عقد الزّواج من خضوع الطّرفين للفحوصات الطبيّة ومن
علمهما بما قد تكشف عنه من أمراض أو عوامل قد تشكّل خطرا يتعارض مع الزّواج".
ويتم ذلك عبر الاستماع لكلا الطّرفين في آن واحد للتّأكّد من ذلك وهذا لنصّ
المادّة 7 من المرسوم 06-154 المشار إليه أعلاه على أنّه "يجب على الموثق أو
ضابط الحالة المدنية التّأكّد من خلال الاستماع إلى كلا الطّرفين في آن واحد من
علمهما بنتائج الفحوصات الّتي خضع لها كلّ منهما وبالأمراض أو العوامل الّتي قد
تشكّل خطرا يتعارض مع الزّواج.
4. التأشير على عقد الزواج
بما يدل على علم الزوجين بما تتضمنه هذه الشهادة الطبيّة لنص المادة 7 مكرر من
قانون الأسرة على أنّه "...ويؤشر بذلك في عقد الزّواج" (نفس العبارة في
المادة 7 من المرسوم 06-154 المشار إليه أعلاه)
5. عدم الامتناع عن إبرام
عقد الزواج لأسباب طبية خلافا لإرادة الطرفين لنصّ المادّة 7/2 من ذات المرسوم على
أنّه "لا يجوز للموثّق أو ضابط الحالة المدنيّة رفض إبرام عقد الزّواج لأسباب
طبيّة خلافا لإرادة المعنيين".
تنصّ المادّة 71 (ق.ح.م) على أنّ ضابط الحالة
المدنيّة أو القاضي هو المختصّ بتحرير عقد الزّواج وهو إمّا الّذي يوجد بدائرة
اختصاصه محلّ إقامة طالبي الزّواج أو أحدهما، وإمّا الّذي يوجد بدائرة اختصاصه
مقرّ إقامة أحد الزّوجين باستمرار منذ شهر واحد على الأقلّ إلى تاريخ الزّواج.
وتنصّ المواد (76و96و104) (ق.ح.م) على أنّ الزّواج
الّذي ينعقد في الخارج يحرّره الموظّفون الدّبلوماسيون أو القنصليون أو السّلطة
المحليّة الّتي لها حقّ تحرير العقود الرّسميّة.
وإضافة إلى ما حدّدته المادّة (15) من (ق.س.ج)
الّتي تنصّ على وجوب تحديد الصّداق، فإنّ المادّة (73) من (ق.ح.م) حدّدت سائر
العناصر والبيانات الّتي يجب أن يراعيها الموثّق أو الموظّف المؤهّل لتحرير العقد
وهي:
-
لقب واسم وتاريخ ومكان ولادة الزّوجين.
-
لقب واسم أبوي الزّوجين.
-
ألقاب وأسماء وأعمار الشّهود.
-
الإشارة إلى التّرخيص أو الإعفاء من سنّ الزّواج
عند الاقتضاء.
كما يجب إثبات الحالة المدنيّة للزّوجين بتقديم
شهادة ميلاد أو تسجيل الحكم الفرديّ أو الجماعيّ المثبت للولادة وكذلك دفتر عائليّ
يتعلّق بزواج سابق.
الطّريقة الثّانية: التّسجيل بعد الدّخول.
يكون ذلك في حالة الزّواج العرفيّ وتتلخّص هذه
الطّريقة في تقديم طلب من الزّوج المعنيّ إلى وكيل الجمهوريّة الجزائريّة
الديمقراطيّة الشّعبيّة لدى المحكمة الّتي كان الزّواج العرفيّ قد انعقد في دائرة
اختصاصها الإقليميّ، يذكر فيه هويّة الزّوج والزّوجة ومكان وتاريخ ولادة كلّ منهما
مرفوقا بالوسائل والأدلّة الّتي تثبت إبرام عقد الزّواج وفقا لما ورد النّصّ عليه
في أحكام قانون الأسرة، وبعد تحقيق وكيل الجمهوريّة الجزائريّة الدّيمقراطيّة
الشّعبيّة في الأمر يسجّل عريضة لرئيس المحكمة ليقرّر قبول أو رفض تسجيل هذا
العقد، وفي حال القبول يأمر بتسجيل عقد الزّواج بأثر رجعيّ حسب التّاريخ والمكان
المنعقد فيهما إذا تبيّن له أنّ الزّواج قد انعقد وفق الشّريعة والقانون وهو مضمون
المادّة (39) من قانون الحالة المدنيّة.
بينما تنصّ المادّة (58) من قانون الحلة المدنيّة
في فقرتها الأولى على أن يسلّم ضابط الحالة المدنيّة إلى الزّوجين دفترا عائليّا
يثبت الزّواج، أمّا إن كان قد تمّ أمام موثّق فيجب على الموثّق بعد تحرير العقد في
سجلّه أن يسلّم للزّوجين شهادة تثبت انعقاد الزّواج وأن يرسل إلى ضابط الحالة
المدنيّة الّتي حرّر بها العقد ملخّصا عن العقد في مهلة ثلاثة أيّام ليقوم بتدوين
عقد الزّواج في سجلّ عقود الزّواج ويسلّم للزّوجين دفترا عائليّا كما يجب على ضابط
الحالة المدنيّة أن يشير إلى هذا الزّواج في هامش وثيقة ميلاد كلّ واحد من
الزّوجين وإن كان أحدهما أو كلاهما سجّلت ولادته في بلديّة أخرى غير البلديّة
الّتي تمّ فيها إبرام العقد يتعيّن عليه أن يرسل بيانا بذلك إلى ضابط الحالة
المدنيّة لبلديّة مكان الولادة وأخرى لنيابة الضّبط بالمجلس القضائيّ الّتي توجد
بدائرة بلديّة العقد.
شاركنا بتعليقك...