الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية
الفترة التشريعية السابعة
المديرية العامة للتشريع
الفترة التشريعية السابعة
المديرية العامة للتشريع
البرلمان في ضوء الاصلاحات الدستورية لسنة 2016
سبتمبر 2016
المقدمةسبتمبر 2016
يعد الدستور بمثابة القانون الذي يرتكز عليه نظام الحكم وينظم العلاقة بين هيئات الدولة المختلفة وفقا لمبدأ المشروعية وكيفية حماية الحقوق الفردية والحريات الجماعية.
إن الدستور لا يخلو من سمات ومميزات شكلية وموضوعية تميزه عن غيره من القوانين وتضع الدول هذه السمات بما يتوافق وطبيعة وعادات وتاريخ الدولة التي تريد اختيار نظام الحكم الأمثل والأنسب لمجتمعها، ولذلك تقوم بإجراء تعديلات دستورية بما يتماشى و تطور المجتمع و ترسخ الديمقراطية، وعلى هذا الأساس جاءت مبادرة رئيس الجمهورية بتعديل الدستور لسنة 2016، الذي يشكل تحولا هاما في النظام السياسي الجزائري، من حيث إعادة هيكلة عمل المؤسسات الدستورية ودورها، و من حيث تعزيز الديمقراطية، وتكريس الحقوق والحريات الفردية والجماعية وتعزيزها، وكذا تحقيق دولة الحق والقانون، وإبراز دور الدولة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، الأمر الذي يؤثر بشكل مباشر على المنظومة القانونية الجزائرية.
وقد برزت آثار هذا التعديل الدستوري على المنظومة القانونية المؤطرة لعمل مؤسسات الدولة، من خلال إرساء قواعد قانونية تضمن التوازن بينها خاصة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وكذا داخل غرفتي السلطة التشريعية نفسها.
البرلمان:
البرلمان هو الهيئة التي تمثل السلطة التشريعية في الجزائر، ويتكون من غرفتين هما: المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة، ويضم المجلس الشعبي الوطني 462 نائبا، ينتخبون عن طريق الاقتراع العام المباشر والسري لمدة 5 سنوات، ويتوزعون على 48 دائرة انتخابية داخل الوطن و8 نواب يمثلون الجالية الجزائرية بالخارج، ومقياس التمثيل المعتمد في المجلس الشعبي الوطني هو مقعد واحد لكل 80 ألف نسمة يضاف إليه مقعد واحد لكل شريحة متبقية يزيد عددها على 40 ألف نسمة، ولا يمكن أن يقل عدد المقاعد عن أربعة 4 في الولايات التي لم تبلغ كثافتها السكانية 350 ألف نسمة.
يعد ّ مجلس الأمة الغرفة الثانية للبرلمان الجزائري وتأسس بموجب دستور 1996، ويضم 144 عضواً، ينتخب ثلثا (2/3) أعضائه أي 96 عضوا عن طريق الاقتراع غير المباشر من بين ومن طرف أعضاء المجالس المحلية (المجالس الشعبية البلدية و الولائية) ضمن كل ولاية، فيما يعين رئيس الجمهورية الثلث المتبقي أي 48 عضواً، وتدوم عهدة مجلس الأمة ست (06) سنوات، تجدد تشكيلته بالنصف كل ثلاث سنوات.
وبما أن البرلمان يستمد شرعية وجوده من اختيار الشعب الذي يفوضه أمر التشريع باسمه، فإنه من الضروري أن يتمتع هذا البرلمان بكل الصلاحيات التي تمكنه من أداء دوره وتوفير لأعضائه الادوات القانونية الضامنة للاضطلاع بمسؤولياتهم الدستورية.
وعلى هذا الاساس جاءت الإصلاحات الدستورية التي بادر بها فخامة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، بموجب دستور 2016، لتعزز العلاقات المحورية التي تربط بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في ظل مبدأ الفصل بين السلطات، وذلك من خلال تدعيم وسائل التأثير المتبادلة بينهما، و تتلخص فيما يأتي:
• استشارة الأغلبية البرلمانية عند تعيين الوزير الأول: نص الدستور بموجب المادة 91 منه على ضرورة استشارة رئيس الجمهورية للأغلبية البرلمانية عند تعيين الوزير الأول، في حين أن الدستور السابق في مادته 77 كان يمنح السلطة المطلقة لرئيس الجمهورية في اختيار الوزير الأول من أية تشكيلة سياسية دون مراعاة انتمائه للأغلبية أو الاقلية أو استشارة الأحزاب الممثلة في البرلمان.
إن هذا المبدأ الدستوري الجديد يكرس الاستشارة القبلية والإجبارية للأغلبية البرلمانية قصد توفير الشروط اللازمة والأجواء المناسبة لاضطلاع الوزير الاول بصلاحياته عند مباشرة مهامه، وكذا ضمان الانسجام الضروري لحسن سير المؤسسات، ومن شأن هذا الإجراء أن يقوي المنافسة في الانتخابات التشريعية لدى الطبقة السياسية التي ستسعى إلى تقديم أحسن البرامج التي تستجيب لتطلعات المواطنين، وتقترح الحلول المناسبة لمشاكلهم، كما يسهل هذا الحكم الدستوري الجديد للأغلبية البرلمانية مناقشة مخطط عمل الحكومة وإقراره ويجعل الوزير الأول يمارس مهامه في جو من التعاون والتكامل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية .
• مناقشة مخطط عمل الحكومة: إلزام الوزير الأول بموجب المادة 94 بعرض مخطط عمل الحكومة أمام المجلس الشعبي الوطني الذي يعكس البرنامج السياسي والاقتصادي والثقافي الذي تنبثق منه جل القوانين التي تسير الشأن العام ومصالح المواطنين ومؤسسات الدولة وتنظيم الحياة العامة، و بهذا يكون المؤسس الدستوري قد ألغى الإشارة إلى تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية المعتمد في الدستور السابق في المادة 79 منه، أثناء إعداد مخطط عمل الحكومة، وبذلك يكون قد كرس استقلالية مخطط عمل الحكومة عن تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية، وهو ما من شأنه تكريس مبدأ مسؤولية الحكومة أمام البرلمان و محاسبتها في حالة عدم تنفيذه.
• تقديم بيان السياسية العامة: كرس المؤسس الدستوري بموجب المادة 98 من الدستور، صيغة الوجوب لإلزام الحكومة بتقديم بيان عن السياسة العامة للمجلس الشعبي الوطني، لتمكين البرلمان من الاضطلاع بمهامه الرقابية و متابعة مدى التزام الحكومة بتنفيذ مخطط عملها الذي صادق عليه المجلس الشعبي الوطني و محاسبتها في حالة عدم تنفيذه، و هذه الصياغة الجديدة لم تكن معتمدة في المادة 84 من الدستور السابق، حيث اكتفت بالتنصيص على تقديم الحكومة لبيان السياسة العامة دون ان التأكيد على وجوبية تقديمه.
أما بالنسبة لمجلس الأمة فإن التفسير الحرفي للمادة يفيد أن الخيار يعود للحكومة في الذهاب إلى مجلس الأمة من عدمه لتقديم بيان عن سياستها، لكن جرت العادة أنها تقدم البيان لمجلس الأمة مما أنشأ عرفا دستوريا يفرض على الحكومة ضرورة تقديمه.
• منح مجلس الأمة صلاحيات التشريع: منح المؤسس الدستوري في المادة 137 ، مجلس الامة حق التشريع في مجالات التنظيم المحلي وتهيئة الإقليم والتقسيم الإقليمي، و يعد هذا الإجراء الجديد خطوة هامة في مجال تعزيز الديمقراطية التشاركية، و يعطي أهمية بالغة للانتخابات المحلية، لأن ثلثي أعضاء هذا المجلس منتخبون من بين ومن طرف أعضاء المجالس الشعبية المحلية، مما يترتب تغيير نمط إيداع المشاريع والمبادرة بالقوانين تبعا للموضوع محل التشريع.
• حصر التشريع بالأوامر:
تقييد التشريع بواسطة الأوامر في المادة 142 من الدستور، من خلال حصره في
المسائل ذات الطابع الاستعجالي فقط دون سواها، ووجود البرلمان في عطلة أو
شغور المجلس الشعبي الوطني، ويعتبر هذا التعديل تدعيما لمبدأ الفصل بين
السلطات، ويحافظ على الاختصاصات الأصلية للبرلمان، بينما التشريع بالأوامر
بمفهوم المادة 124 من الدستور السابق كان مطلقا ودون أية قيود و في كل
الحالات و الظروف، فيما بين دورتي البرلمان.
• ضمان حضور عضو البرلمان الأشغال البرلمانية: كرس المؤسس الدستوري بموجب المادة 116 مبدأ جديدا، يلزم عضو البرلمان بالتفرغ لمهامه البرلمانية وإجبارية حضوره جميع الأشغال البرلمانية، وكذا ضرورة انتمائه للجان الدائمة، وهذا تجسيدا للمبادئ الدستورية والتشريعية السارية المفعول، وتنفيذا لالتزامات عضو البرلمان والعهود التي قطعها على نفسه امام الهيئة الناخبة، و تبرز أهمية هذا الحكم الجديد في ارتباطه بموضوع التصويت ومصداقية القوانين التي يصادق عليها البرلمان الذي يفصل في مسائل تحدد مصير الشعب والبلاد، علما أن الدستور ينص على أخذ القرارات أثناء التصويت بأغلبية الحاضرين بالنسبة لمجلس الأمة الذي كان يصادق بأغلبية الثلثين.
كما نص هذا المبدأ الجديد على ضرورة توقيع عقوبات، على عضو البرلمان، في حالة الغياب غير المبرر، مما يستوجب التنظيم العملي للحضور وللوكالات وللعقوبات في النظام الداخلي لكل غرفة.
• منع التجوال السياسي: كرست المادة 117 من الدستور مبدأ جديدا يجرد عضو البرلمان من عهدته البرلمانية عندما يغير الانتماء السياسي الذي تم انتخابه على أساسه، وهنا يقصد المؤسس الدستوري التجريد من الصفة النيابية للعضو الذي تم انتخابه على أساس انتماء سياسي وحزبي معين، ثم تخلى عن تشكيلته السياسية التي تم انتخابه على أساسها، وانتقل إلى تيار سياسي آخر، وذلك لإلزام المنتخب بالوفاء بالبرنامج الذي انتخب على أساسه وبالعهدة التي فوضه إياها الشعب، وهذا لتعزيز المصداقية في عمل البرلمان وضمان التواصل الدائم بين الناخب والمنتخب، وحماية اختيار المواطنين وتفادي كل الإشكالات التي أفرزتها الممارسة البرلمانية، وهو استجابة كذلك لمطلب ألحت عليه بعض التيارات السياسية الناشطة في الساحة الوطنية.
أما عضو البرلمان الذي يستقيل من الحزب الذي تم انتخابه على أساسه أو الذي تم إبعاده من الحزب الذي ينتمي إليه، فإنه غير مشمول بهذا الإجراء، وتحدد إجراءات وكيفيات تطبيق هذا الحكم في النظام الداخلي لكل غرفة.
• تشكيل بعثات استعلامية مؤقتة: نصت المادة 134 من الدستور، على إمكانية تشكيل بعثات استعلامية حول موضوع محدد أو وضع معين، وهو إجراء جديد يدعم المركز القانوني لعضو البرلمان، و يمكنه من متابعة مدى تنفيذ القوانين التي صادق عليها البرلمان، ويتيح للجنة البرلمانية المعنية من الاطلاع ومراقبة النشاط الحكومي هذا من جهة، ومن جهة أخرى يوفر الأساس القانوني لمتابعة عضو البرلمان لانشغالات المواطنين على مستوى الدوائر الانتخابية، مما يمكنه من رفعها إلى السلطات العمومية، وكذا تقديم اقتراحات قوانين تعالج المسائل التي تعيق حركة التنمية وتستجيب لتطلعات المواطنين.
• مراجعة عمل اللجنة البرلمانية المتساوية الأعضاء: أعاد المؤسس الدستوري تنظيم عمل هذه اللجنة بموجب المادة 138 من الدستور، خاصة بعد منح مجلس الأمة اختصاص التشريع في بعض المجالات المحددة في المادة 137، من خلال التنصيص صراحة على إجبارية انعقادها في مدة أقصاها 15 يوما اعتبارا من تاريخ تقديم الطلب من قبل الوزير الاول، وهي ملزمة باقتراح نص يتعلق بالأحكام محل الخلاف في أجل أقصاه 15 يوما من تاريخ انعقادها، وفي حالة استمرار الخلاف بين الغرفتين تخول الأحكام الجديدة، المجلس الشعبي الوطني، بطلب من الحكومة، الفصل نهائيا في الموضوع و يعود الخيار للمجلس سواء باعتماد النص الذي اعدته اللجنة متساوية الاعضاء أو النص الاخير الذي صوت عليه، الامر الذي لم يكن معتمدا في الدستور القديم، حيث لم تحدد المادة 120 منه أية آجال لانعقادها، وتركت المبادرة بدعوتها للاجتماع إلى الوزير الاول، كما لم تحدد آجال للانتهاء من نقاشاتها.
إن هذا الإجراء الجديد سيؤدي إلى تفادي أية وضعية من شأنها تأخير مسار القانون و تعطيل مصالح المواطنين.
• اعتماد الدورة الواحدة للبرلمان: كرس المؤسس الدستوري بموجب المادة 135، نظام الدورة البرلمانية الواحدة مدتها 10 أشهر، بدلا من نظام الدورتين الربيعية و الخريفية التي تدوم كل واحدة منها 4 أشهر على الأقل في النظام الذي كان معمولا به بموجب المادة 118 من الدستور السابق، لتأكيد دوام و استمرارية اشغال البرلمان وعدم انقطاع نشاطاته و ضمان تواصلها للاضطلاع بشكل فعال بمهام التشريع و الرقابة الموكلة إليه.
و قد حدد الدستور في هذا الحكم الجديد بداية الدورة البرلمانية في ثاني يوم عمل من شهر سبتمبر، كما سمح للوزير الأول بأن يطلب تمديد الدورة لعدة أيام من أجل الانتهاء من دراسة نقطة مدرجة في جدول الأعمال تتطلب المصلحة العامة ذلك.
• تحديد آجال الإجابة عن أسئلة أعضاء البرلمان الكتابية والشفوية وكذلك الاستجواب: ألزم المؤسس الدستوري بموجب المادتين 151 و152، الحكومة بالإجابة عن الأسئلة والاستجوابات في غضون ثلاثين (30) يوما، من تاريخ تبليغها بها، حتى لا يفقد السؤال غايته والهدف من طرحه وذلك لتعزيز دور البرلمان وفعاليته، بينما لم تحدد أي آجال لإجابة الحكومة عن الاسئلة والاستجوابات في الدستور السابق، حيث أفرز العمل به العديد من المشاكل خاصة منها تراكم الاسئلة و تأخر رد الحكومة في الوقت المناسب مما يفقد السؤال أو الاستجواب أهميته.
• تدعيم حقوق المعارضة البرلمانية: ألزم المؤسس الدستوري في المادة 114 غرفتي البرلمان، بتخصيص جلسة شهرية لمناقشة جدول أعمال تقدمه مجموعة أو مجموعات برلمانية من المعارضةّ، كما وسع مجال إخطار المجلس الدستوري، بمنح أعضاء البرلمان، بموجب المادة 114 من الدستور، الحق في إخطار المجلس الدستوري للنظر في مدى دستورية النصوص التي صادق عليها البرلمان، وقد حددت المادة 187 منه، عدد 50 نائبا من المجلس الشعبي الوطني أو 30 عضوا من مجلس الأمة لممارسة هذا الحق، مما يمكن المعارضة من الدفع بعدم دستورية أي نص تشريعي.
و يكون المؤسس الدستوري بهذين الإجراءين الجديدين، قد كرس نظاما خاصا من خلال منح المعارضة حقوقا تمكنها من المساهمة الفعلية في النشاط البرلماني والحياة السياسية مما يسمح بترقية العمل الديمقراطي وإرساء ضمانات للدفاع عن الحقوق الاساسية التي يكفلها الدستور للمواطن.
خاتمة
و يستخلص مما سبق، أن التعديل الدستوري أفرز تغييرا عميقا في عمل السلطات و علاقاتها فيما بينها، مما يستوجب مراجعة شاملة للقوانين التي تؤطرها وتنظمها وتحدد قواعد عملها و سيرها ، وسن قوانين جديدة تنظم المجالات الجديدة في الدستور .
• ضمان حضور عضو البرلمان الأشغال البرلمانية: كرس المؤسس الدستوري بموجب المادة 116 مبدأ جديدا، يلزم عضو البرلمان بالتفرغ لمهامه البرلمانية وإجبارية حضوره جميع الأشغال البرلمانية، وكذا ضرورة انتمائه للجان الدائمة، وهذا تجسيدا للمبادئ الدستورية والتشريعية السارية المفعول، وتنفيذا لالتزامات عضو البرلمان والعهود التي قطعها على نفسه امام الهيئة الناخبة، و تبرز أهمية هذا الحكم الجديد في ارتباطه بموضوع التصويت ومصداقية القوانين التي يصادق عليها البرلمان الذي يفصل في مسائل تحدد مصير الشعب والبلاد، علما أن الدستور ينص على أخذ القرارات أثناء التصويت بأغلبية الحاضرين بالنسبة لمجلس الأمة الذي كان يصادق بأغلبية الثلثين.
كما نص هذا المبدأ الجديد على ضرورة توقيع عقوبات، على عضو البرلمان، في حالة الغياب غير المبرر، مما يستوجب التنظيم العملي للحضور وللوكالات وللعقوبات في النظام الداخلي لكل غرفة.
• منع التجوال السياسي: كرست المادة 117 من الدستور مبدأ جديدا يجرد عضو البرلمان من عهدته البرلمانية عندما يغير الانتماء السياسي الذي تم انتخابه على أساسه، وهنا يقصد المؤسس الدستوري التجريد من الصفة النيابية للعضو الذي تم انتخابه على أساس انتماء سياسي وحزبي معين، ثم تخلى عن تشكيلته السياسية التي تم انتخابه على أساسها، وانتقل إلى تيار سياسي آخر، وذلك لإلزام المنتخب بالوفاء بالبرنامج الذي انتخب على أساسه وبالعهدة التي فوضه إياها الشعب، وهذا لتعزيز المصداقية في عمل البرلمان وضمان التواصل الدائم بين الناخب والمنتخب، وحماية اختيار المواطنين وتفادي كل الإشكالات التي أفرزتها الممارسة البرلمانية، وهو استجابة كذلك لمطلب ألحت عليه بعض التيارات السياسية الناشطة في الساحة الوطنية.
أما عضو البرلمان الذي يستقيل من الحزب الذي تم انتخابه على أساسه أو الذي تم إبعاده من الحزب الذي ينتمي إليه، فإنه غير مشمول بهذا الإجراء، وتحدد إجراءات وكيفيات تطبيق هذا الحكم في النظام الداخلي لكل غرفة.
• تشكيل بعثات استعلامية مؤقتة: نصت المادة 134 من الدستور، على إمكانية تشكيل بعثات استعلامية حول موضوع محدد أو وضع معين، وهو إجراء جديد يدعم المركز القانوني لعضو البرلمان، و يمكنه من متابعة مدى تنفيذ القوانين التي صادق عليها البرلمان، ويتيح للجنة البرلمانية المعنية من الاطلاع ومراقبة النشاط الحكومي هذا من جهة، ومن جهة أخرى يوفر الأساس القانوني لمتابعة عضو البرلمان لانشغالات المواطنين على مستوى الدوائر الانتخابية، مما يمكنه من رفعها إلى السلطات العمومية، وكذا تقديم اقتراحات قوانين تعالج المسائل التي تعيق حركة التنمية وتستجيب لتطلعات المواطنين.
• مراجعة عمل اللجنة البرلمانية المتساوية الأعضاء: أعاد المؤسس الدستوري تنظيم عمل هذه اللجنة بموجب المادة 138 من الدستور، خاصة بعد منح مجلس الأمة اختصاص التشريع في بعض المجالات المحددة في المادة 137، من خلال التنصيص صراحة على إجبارية انعقادها في مدة أقصاها 15 يوما اعتبارا من تاريخ تقديم الطلب من قبل الوزير الاول، وهي ملزمة باقتراح نص يتعلق بالأحكام محل الخلاف في أجل أقصاه 15 يوما من تاريخ انعقادها، وفي حالة استمرار الخلاف بين الغرفتين تخول الأحكام الجديدة، المجلس الشعبي الوطني، بطلب من الحكومة، الفصل نهائيا في الموضوع و يعود الخيار للمجلس سواء باعتماد النص الذي اعدته اللجنة متساوية الاعضاء أو النص الاخير الذي صوت عليه، الامر الذي لم يكن معتمدا في الدستور القديم، حيث لم تحدد المادة 120 منه أية آجال لانعقادها، وتركت المبادرة بدعوتها للاجتماع إلى الوزير الاول، كما لم تحدد آجال للانتهاء من نقاشاتها.
إن هذا الإجراء الجديد سيؤدي إلى تفادي أية وضعية من شأنها تأخير مسار القانون و تعطيل مصالح المواطنين.
• اعتماد الدورة الواحدة للبرلمان: كرس المؤسس الدستوري بموجب المادة 135، نظام الدورة البرلمانية الواحدة مدتها 10 أشهر، بدلا من نظام الدورتين الربيعية و الخريفية التي تدوم كل واحدة منها 4 أشهر على الأقل في النظام الذي كان معمولا به بموجب المادة 118 من الدستور السابق، لتأكيد دوام و استمرارية اشغال البرلمان وعدم انقطاع نشاطاته و ضمان تواصلها للاضطلاع بشكل فعال بمهام التشريع و الرقابة الموكلة إليه.
و قد حدد الدستور في هذا الحكم الجديد بداية الدورة البرلمانية في ثاني يوم عمل من شهر سبتمبر، كما سمح للوزير الأول بأن يطلب تمديد الدورة لعدة أيام من أجل الانتهاء من دراسة نقطة مدرجة في جدول الأعمال تتطلب المصلحة العامة ذلك.
• تحديد آجال الإجابة عن أسئلة أعضاء البرلمان الكتابية والشفوية وكذلك الاستجواب: ألزم المؤسس الدستوري بموجب المادتين 151 و152، الحكومة بالإجابة عن الأسئلة والاستجوابات في غضون ثلاثين (30) يوما، من تاريخ تبليغها بها، حتى لا يفقد السؤال غايته والهدف من طرحه وذلك لتعزيز دور البرلمان وفعاليته، بينما لم تحدد أي آجال لإجابة الحكومة عن الاسئلة والاستجوابات في الدستور السابق، حيث أفرز العمل به العديد من المشاكل خاصة منها تراكم الاسئلة و تأخر رد الحكومة في الوقت المناسب مما يفقد السؤال أو الاستجواب أهميته.
• تدعيم حقوق المعارضة البرلمانية: ألزم المؤسس الدستوري في المادة 114 غرفتي البرلمان، بتخصيص جلسة شهرية لمناقشة جدول أعمال تقدمه مجموعة أو مجموعات برلمانية من المعارضةّ، كما وسع مجال إخطار المجلس الدستوري، بمنح أعضاء البرلمان، بموجب المادة 114 من الدستور، الحق في إخطار المجلس الدستوري للنظر في مدى دستورية النصوص التي صادق عليها البرلمان، وقد حددت المادة 187 منه، عدد 50 نائبا من المجلس الشعبي الوطني أو 30 عضوا من مجلس الأمة لممارسة هذا الحق، مما يمكن المعارضة من الدفع بعدم دستورية أي نص تشريعي.
و يكون المؤسس الدستوري بهذين الإجراءين الجديدين، قد كرس نظاما خاصا من خلال منح المعارضة حقوقا تمكنها من المساهمة الفعلية في النشاط البرلماني والحياة السياسية مما يسمح بترقية العمل الديمقراطي وإرساء ضمانات للدفاع عن الحقوق الاساسية التي يكفلها الدستور للمواطن.
خاتمة
و يستخلص مما سبق، أن التعديل الدستوري أفرز تغييرا عميقا في عمل السلطات و علاقاتها فيما بينها، مما يستوجب مراجعة شاملة للقوانين التي تؤطرها وتنظمها وتحدد قواعد عملها و سيرها ، وسن قوانين جديدة تنظم المجالات الجديدة في الدستور .
شاركنا بتعليقك...