المقدمة
إن طبيعة الوضعية المادية للعقار المبني موضوع الملكية المشتركة المقسمة إلى أجزاء يتضمن كل منها جزءا مفرزا وحصة في الأجزاء المشتركة تفرض وجود عدد من الملاك يقتسمون ملكية هذه الأجزاء وهو ما يحتم بطبيعة الحال وضع إطار قانوني بهدف تنظيم علاقاتهم المتبادلة[1].
ولعل من أهم الخطوط العريضة التي جاء بها قانون 18.00 المتعلق بالملكية المشتركة هو التنصيص على إلزامية وضع نظام لكل ملكية مشتركة[2]
ويعتبر نظام الملكية المشتركة الوثيقة الهادفة إلى إحلال نوع من التوازن بين المصالح الفردية للملاك المشتركين وبين المصالح الجماعية للملكية المشتركة, حيث أورد له الفقه عدة تعريفات لعل أهمها تعريف الأستاذ مصطفى أشيبان الذي يعتبره بمثابة الميثاق الجماعي لملاك الشقق والطبقات والمحلات وعليهم احترام مقتضياته بغض النظر عن مشاركتهم أو عدم مشاركتهم في وضعه.
وتجدر الإشارة إلى أن طبيعة هذا النظام هي محل نقاش فقهي,حيث يعتبره البعض أنه ذو طبيعة تعاقدية أي وليد إرادة المتعاقدين استنادا للمادة 8 من قانون 18.00 , بينما يرى البعض الأخر أن له طابع نظامي تأسيسي في مواجهة أصحاب الحقوق في العقار المشترك كالمشترين المستقبليين[3]
لكن ينبغي عدم الخلط بين نظام الملكية المشتركة وقانون الملكية المشتركة، هذا الأخير الذي تضعه الجهة المعنية بسن القانون[4].
وقد اهتم المشرع بهذا النظام في ظهير 1946 وفي القانون رقم 18.00 وتتجلى أهميته في كونه أداة أساسية للتنظيم الجماعي للملكية المشتركة حيث يحدد الغرض الذي خصصت له الشقق والطبقات والمحلات، كما يحدد شروط وكيفية الإنتفاع بالأجزاء المشتركة وغيرها من الجوانب المتعددة التي ينظمها.
بل أكثر من ذلك هناك من الفقه الفرنسي من وصفه بالدستور الذي يتعين أن تحترم قواعده من قبل الجمع العام ووكيل الاتحاد.[5]
من هنا يثار الإشكال التالي :
كيف نظم المشرع المغربي نظام الملكية المشتركة في قانون 18.00 ؟
إن الإجابة عن هذا الإشكال تدفعنا لتقسيم الموضوع إلى مبحثين:
المبحث الأول: مضمون نظام الملكية المشتركة والجهة التي تضعه
المبحث الثاني: القوة الملزمة لنظام الملكية المشتركة وجزاء الإخلال به
المبحث الأول: مضمون نظام الملكية المشتركة والجهة المكلفة بوضعه
تبين مما سبق ذكره أن نظام الملكية المشتركة له أهمية كبيرة في حياة العقارات الخاضعة لهدا النظام. مما يستلزم علينا تحليل مضمون نظام الملكية المشتركة (المطلب الأول) وتبيان الجهة المختصة بوضعه ( المطلب الثاني).
المطلب الأول: مضمون نظام الملكية المشتركة
لم يكتف القانون رقم 18.00 المتعلق بنظام الملكية المشتركة للعقارات المثبتة بفرض وضع نظام الملكية المشتركة، بل حدد مجموعة من المقتضيات الإلزامية (المطلب الأول) وأيضا ترك المجال لواضعه لإضافة بعض المقتضيات الاختيارية وفق حدود معينة (المطلب الثاني).
الفقرة الأولى: المقتضيات الإلزامية
يتعين في نظام الملكية المشتركة أن يتضمن تحديد التخصيص سواء بالنسبة للأجزاء المشتركة أو المفرزة، وشروط الإنتفاع بهما، وأيضا تحديد القواعد المتعلقة بإدارة الأجزاء وحق الإنتفاع المتعلق بها، إضافة إلى توزيع الحصص الشائعة العائدة لكل جزء مفرز في الأجزاء المشتركة.
وهي مقتضيات سنتناولها بالتحليل تباعا، فبالنسبة للأجزاء المشتركة يجب أن يحدد نظام الملكية المشتركة الغرض الذي أعدت له، أي بيان وجه الاستعمال مثلا: (مناطق خضراء، فضاءات للعب الأطفال...) بينما تنتج شروط الإنتفاع بها- بصفة عامة من تخصيصها لغرض معين، ولكن بالرغم من ذلك يتعين تحديد تلك الشروط بدقة وهكذا مثلا إذا تم تخصيص أجزاء مشتركة للإستعمال والإنتفاع الخاص ببعض الملاك المشتركين كالباحات والحدائق فإنه يجب توضيح ذلك في النظام[6]، كما يمكن هذا الأخير من تحديد طريقة استعمال بعض الأماكن المشتركة أو يضع قيود على استعمالها كما هو الشأن مثلا بالنسبة لوضع اللوحات المهنية، أو الإعلانات على الحائط الخارجي أو منع نشر الغسيل على الشرفات أو النوافذ وهو ما سار عليه القضاء الفرنسي حيث تم تأكيده بأحد قرارات الغرفة الثالثة لمحكمة النقض الفرنسية الصادر بتاريخ 2 نوفمبر 1973.[7]
أما بالنسبة للأجزاء المفرزة فطبعا يحق للمالك الإنتفاع الشخصي والخاص بها باعتبارها ملاكا خاص له، غير أن أمر تخصيصها وتحديد الغرض المعدة له يعود لنظام الملكية المشتركة، الذي يوضح تخصيص مختلف الأجزاء المفرزة الرئيسية حيث يحدد أوجه استعملها سواء كان ذلك للسكنى أو التجارة أو لمزاولة مهنة حرة.
كما يمكن إدراج بعض الشروط للإنتفاع بهذه الأجزاء وذلك بوضع قيود على بعض التصرفات والأنشطة المزعجة، تكون مثيرة للضوضاء أو ينبعث منها دخان، ويرى بض الفقه الفرنسي خصوص هاته القيود أنها في ظاهرها مقيدة لحقوق الملاك، لكنها في حقيقة الأمر تشكل أحد الدوافع المقنعة أو المحفزة للملاك المشتركة لاقتناء أجزاء في عقار مشترك.[8]
أما بالنسبة لتحديد القواعد المتعلقة بإدارة أجزاء العقار المشتركة وحق الإنتفاع بها يمكن القول أن التنظيم الجماعي للملكية المشتركة للعقارات المبنية يجد غايته الأساسية في وجود الأجزاء المشتركة وبذلك فإن القواعد المتعلقة بإدارة هذه الأجزاء تشكل جزءا أساسيا في نظامها، وبما أن المقتضيات الأساسية المنظمة لإدارة العقار المشترك وتنظيم الحياة الجماعية داخله تعد آمرة في القانون رقم18.00 فإن دور نظام الملكية المشتركة ينحصر في تطبيقها عمليا.[9]
إذن يحق لكل مالك أن يستعمل مبدئيا وبكل حرية هذه الأجزاء حسب الغرض المخصصة له، شريطة عدم إلحاق أي ضرر بباقي الملاك أو بتخصيص العقار، طبقا للفقرة الثانية من المادة 31 من القانون 18.00 ومن منظور الأستاذ الوكاري يجب التنصيص على تضمين نظام الملكية المشتركة بشكل ملزم القواعد المتعلقة بحق الإنتفاع بالنسبة للأجزاء المشتركة وذلك في الحالات التي يقرر فيها هذا النظام تخويل أحد الملاك أو بعضهم حق انتفاع بجزء أو بعض الأجزاء المشتركة بصفة شخصية، كما هو الحال في حالة منح أحد الملاك المشتركين حق انتفاع بالممر المؤدي إلى شقته أو بالجزء من الحديقة أو الباحة التي تقع أمام داره أو محله، حيث يتعين في هذه الحالات تحديد شروط الإنتفاع بهذه الأجزاء محل حق الإنتفاع.
أما فيما يخص توزيع الحصص الشائعة العائدة لكل جزء مفرز في الأجزاء المشتركة فيعد تحديدها أمرا بديهيا وضروريا سواء ثم ذلك في نظام الملكية المشتركة أو بالحالة الوصفية للتقسيم التي تلحق به عادة، وذلك يفيد في تطبيق العديد من أحكام الملكية المشتركة، وخاصة منها تلك المتعلقة بتوزيع التكاليف المشتركة، وهو نفس توجه المشرع الفرنسي بخصوص التوزيع السالف الذكر حيث اعتبره من المقتضيات الإلزامية المتعين تضمينها بنظام الملكية المشتركة وذلك طبقا للفصل الأول من مرسوم 17 مارس 1976[10]، هذا تنص عليه المادة 51 من القانون 18.00[11].
الفقرة الثانية: المقتضيات الإختيارية
يمكن أن يشتمل نظام الملكية المشتركة على مجموعة من المقتضيات التي تعد اختيارية ويبيحها قانون الملكية المشتركة للعقارات المبنية والتي يبررها تخصيص العقار.
فبالنسبة للمقتضيات التي لا يعتبرها القانون آمرة، يجوز تضمينها في النظام، خاصة تلك التي تكتسي طابعا مكملا، أو بعض القواعد الآمرة، التي تستلزم توضيح مقتضياتها التطبيقية، على سبيل المثال ما جاء في المادة 4 من قانون 18.00 التي يعد جزء من قواعدها تكميلي في حين لا يجوز ذلك في جزءها الأول الذي تعتبر التعداد الوارد به آمرا، أيضا يمكن تحديد النصيب الشائع لكل مالك في الأجزاء المشتركة مادام أن معيار التحديد الوارد في المادة 6 من نفس القانون يتصف بالطابع التكميلي، وهو ما ينطبق أيضا على تحديد التكاليف المترتبة على الحفاظ على الأجزاء المشتركة وصيانتها وتسييرها كما يتبين من منطوق المادة 36 من القانون ذاته.[12]
إذن الحاصل أن نظام الملكية المشتركة يمكن أن يتعرض لتنظيم جميع جوانب الملكية المشتركة التي غفل عن تنظيمها القانون من جهة أو التي نظمها بصفة مكملة من جهة أخرى، حيث يظل لواضعي هذا النظام مجال هام وضع مجموعة من المقتضيات الهادفة لتنظيم الحياة الجماعية بالعقار المشترك وذلك بالرغم من الطابع الآمر للنظام القانوني المغربي. أيضا هناك مقتضيات اختيارية يبررها تخصيص العقار المشترك، حيث يمكن إدراج قيود على حقوق الملاك المشتركين في الأجزاء المفرزة لكل واحد منهم شريطة التبرير السالف الذكر حيث تستشف هاته الإمكانية من نص الفقرة الأخيرة من المادة 9 من قانون18.00 ومن بين المقتضيات المبررة بملائمتها لتخصيص العقار، يمكن ضرب الأمثال بتحديد شروط إبرام تأمين مشترك لدرء كل الأخطار حيث تشترط المادة 21 من نفس القانون توفر أغلبية 4/3 أصوات الملاك المشتركين للبت في هذه المسألة أثناء الجمع العام.
لكن بطبيعة الحال تبقى حرية الأطراف في إدراج المقتضيات الإختيارية مقيدة بضوابط يمكن تصنيفها في إطار 3 أنواع وهي ضرورة عدم تعارض شروط نظام الملكية المشتركة مع النظام العام والتقيد بالمقتضيات الآمرة لقانون الملكية المشتركة مع ضرورة احترام حقوق الملاك المشتركين.[13]
إذن بعد معرفة مضمون الملكية المشتركة يحق لنا التساؤل عن الجهة المعنية بوضعه ؟
المطلب الثاني: الجهة المعنية بوضع نظام الملكية المشتركة
لقد تولى المشرع المغربي في المادة 8 من القانون رقم 18.00 بيان الأشخاص الذين يمكنهم وضع نظام الملكية المشتركة والمتمثلين في المنعش العقاري (الفقرة الأولى)، والملاك المشتركين ( الفقرة الثانية). ويمكن كذلك في غياب نظام الملكية المشتركة لوضع نظام نموذجي ( الفقرة الثالثة).
الفقرة الأولى: وضع نظام الملكية المشتركة من طرف المنعش العقاري أو المالك الأصلي
الذي يمكن أن يتخذ صفة مستثمر عقاري أو تعاونية سكنية، طبقا للمادة من ق.18.00 فالوضع المسبق لنظام ملكية الشقق والمحلات من طرف المستثمر العقاري وحده، يجب اعتباره بمثابة مشروع نظام الملكية يتطلب مصادقة الملاك عليه لاحقا في إطار جمع عام يخصص كذلك بعد بيع جميع أو أغلبية الشقق والمحلات ليصبح ملزما لهم[14].
وقد يوضع نظام الملكية المشتركة مسبقا من قبل المنعش العقاري قبل بيع أي شقة أو محل من البناء المشيد من قبله، فقد يقوم بتهيئي الأرض ويشيد فوقها بناية أو بنايات على شكل عمارة أو مجمعات سكنية، فيقوم بإعداد نظام بإرادته المنفردة، غالبا ما يراعي فيه مصالحه الخاصة والفردية على مصالح الملاك الذين سيقتنون فيما بعد شققا في البناية.[15]
ومهما كانت الجهة التي وضعت نظام الملكية المشتركة فيتعين على المالك الأصلي أو المستثمر العقاري أن يسلم لكل مشتر لشقة أو طابق أو محل نسخة عادية من نظام الملكية المشتركة والمودعة بالمحافظة العقارية حسب المادة 11 من ق 18.00 مع التنصيص على ذلك في عقد البيع ليطلع على محتوياته وليصبح ملزما بتطبيقه ولا يحق بعد ذلك لأي مشتر أن يحتج بجهله لهذا النظام.[16]
الفقرة الثانية: وضع نظام الملكية المشتركة من طرف الملاك المشتركون
يتم وضع نظام الملكية المشتركة من طرف الملاك المشتركون للشقق والطبقات والمحلات في حالة عدم وضعه من طرف المالك الأصلي، وبالرجوع إلى الواقع العملي نلاحظ بأن المقتنين للشقق والمحلات قلما يبادرون إلى وضع نظام الملكية المشتركة مع أنهم المعنيون مباشرة، فالمالك الأصلي للعقار الذي يبادر غالبا إلى وضع هذا النظام بواسطة الموثق أو المهندس الطبوغرافي وفقا لنماذج يتوفرون عليها، كما يجب من جهة أخرى على كل مشتر لشقة أو محل أن يطالب بنسخة من نظام الملكية المشتركة وأن يتولى قراءته بكيفية دقيقة للتعرف على محتوياته وعلى حقوقه والتزاماته.[17]
كما يلزم وضع نظام الملكية المشتركة في حالة قسمة عقار مبني مملوك على الشياع إذا كان هدا العقار يقبل القسمة، لأنه لا يمكن تصور نظام ملكية مشتركة إلا عند تعدد الملاك المشتركين حسب المادة 3 من قانون 18.00. وهذه الحالة غير منصوص عليها في هذا القانون, بل هي من العمل التطبيقي خاصة بالنسبة للعقار المحفظ الذي يلزم تقييد عقد القسمة في السجل العقاري, الذي يلزم أن يكون مرفوقا بنظام الملكية المشتركة.[18]
أما إن كان العقار غير محفظ أفي طور التحفيظ فقد نصت الفقرة الأخيرة من المادة 11 على ضرورة إيداع: " نظام الملكية المشتركة والتعديلات التي قد تلتحق به لدى كتاب الضبط بالمحكمة الابتدائية الواقع العقار بدائرة نفوذها"[19]، أما ما يجب اعتباره ملزما لجميع الملاك فهو الجانب التقني لهذا النظام والذي يحدد الأجزاء الخاصة والأجزاء المشتركة.
وتجدر الاشارة الى أنه يتم تعديل نظام الملكية المشتركة بالأغلبية المشار إليها في الفقرة 1 من المادة21 من ق.18.00، أي أغلبية ثلاثة أرباع أصوات الملاك الشركاء، إلا أن هذه الأغلبية لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تمس بحقوق ملكية الملاك الشركاء، فيما يتعلق بالأجزاء الخاصة أو المشتركة، وعلى الخصوص تغيير أنصبة حق الملكية بالسبة للأجزاء المشتركة، أو عدد الأصوات المرتبطة بالقطع إذ سوف يعتبر ذلك مساسا بحق شخصي مكتسب.
وأشير إلى أن هذا التعديل لا ينصب إلا على الإنتفاع بالأجزاء المشتركة واستعمالها وتسييرها على أن تبلغ هذه التعديلات كذلك إلى المحافظة القارية قصد تسجيلها في الرسوم العقارية، أو إلى كتابة الضبط إن كان العقار غير محفظ.[20]
الفقرة الثالثة:وضع النظام النموذجي
وفي حالة عدم وجود نظام للملكية للمشتركة فيمكن للملاك المشتركين الإستئناس أو اللجوء إلى النظام النموذجي طبقا للفقرة 3 من المادة 8 من القانون 18.00 التي نصت على أنه: في حالة غياب نظام للملكية المشتركة يتم تطبيق نظام نموذجي للملكية المشتركة يحدد بنص تنظيمي, والنص التنظيمي لم يصدر بعد.[21]
وتكاد تكون هذه الحالة هي الغالبة في الممارسة العملية، حيث ورد النص عليها في قانون 18.00، وبعد وضع نظام الملكية المشتركة سواء من قبل المنعش العقاري أو الملاك المشتركين، وفي حالة عدم وضعه من قبل هؤلاء يلزم محرر عقد البيع وضعه في المحافظة العقارية في حالة العقار المحفظ لأجل تضمينه في الرسوم العقارية الخاصة بالملاك، حسب ما نصت عليه الفقرة 1 من المادة 11.
المبحث الثاني:القوة الإلزامية لنظام الملكية المشتركة وجزاء الإخلال به:
فبعد إشهار نظام الملكية المشتركة, وباعتباره ميثاقا جماعيا للملكية المشتركة, وبالنظر إلى وظائفه ودوره الهام والهدف المتوخى منه، يتميز نظام الملكية المشتركة بالطابع الإلزامي لمقتضياته التي تسري على جميع الملاك المشتركين، والتي يتسع نطاقها ليشمل الغير في حالات مختلفة، وسواء اعتبرنا هذا النظام ذا طبيعة تعاقدية أو مؤسساتية فإن كل من أخل ببنوده وشروطه قد يتعرض للجزاء. [22]
وعليه سنبحث القوة الملزمة لنظام الملكية المشتركة (المطلب الأول) على أن نتعرض لجزاء الإخلال بهذا النظام (المطلب الثاني)
المطلب الأول:القوة الملزمة لنظام الملكية المشتركة
أصبح نظام الملكية المشتركة لا فقط وثيقة يلزم وضعها بل واجبة الإيداع والشهر لأجل معرفة حالة تدبير العقار وتسيير شؤونه.[23]
بالتالي لا يكفي لنفاذ نظام الملكية المشتركة وصيرورته واجب التطبيق تحريره والاتفاق على مضمونه بل لابد من إيداعه لدى الجهة الإدارية المختصة ليتم إشهاره والاحتجاج به سواء بين المالك الأصلي للعقار والملاك المشتركين أو بين هؤلاء بعضهم إزاء البعض.[24]
الفقرة الأولى:إيداع نظام الملكية المشتركة
فبمجرد إعداد نظام الملكية المشتركة, يجب ايداعه لدى الجهة المختصة حتى يصبح نافذ المفعول. وهنا يجب التمييز بين كون العقار محفظ أو غير محفظ:
· فإن كان العقار محفظا: في هذه الحالة يجب أن يودع ويقيد نظام الملكية المشتركة الخاص بالعقارات المحفظة بمرفقاته وسائر التعديلات التي قد تلحقه وفقا للقانون بالمحافظة على الأملاك العقارية التي يقع بدائرة نفوذها العقار المعني ( المادة 11).
ويرى الأستاذ عبد الحق الصافي أن كافة المقتضيات التي يتضمنها النظام تعتبر بمثابة التزامات عينية أو تكاليف عقارية لا تكون موجودة بين الأطراف ولا تكتسب الحجية في مواجهة الغير إلا ابتدءا من تاريخ إيداعه لدى المحافظة العقارية طبقا لما نصت عليه ( المادة 50).[25]
وتضيف الفقرة الثانية من المادة11 أنه " يضاف لزاما إلى عقد شراء جزء العقار نظير من نظام الملكية المشتركة والوثائق المرفقة به ويشار في عقد الشراء إلى أن المشتري قد اطلع على مقتضيات نظام الملكية المشتركة والوثائق المرفقة به ".
وهذا بغية تجنب ما يلاحظ في المجال العملي من جهل أغلبية الملاك المشتركين لمقتضيات النظام الذي قد يتضمن شروط تمس مساسا خطيرا بحقوقهم كالشرط الذي يمنح المنعش العقاري حق ترأس الجمع العام للاتحاد.[26]
أما بالنسبة للعقار غير المحفظ:
فإذا تعلق الأمر بعقار غير محفظ وجب إيداع نظام الملكية المشتركة وكذا التعديلات التي قد ترد عليه لدى كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية الواقع العقار بدائرة نفوذها.(طبقا للفقرة الثالثة من المادة 11).
وتجدر الإشارة إلى أنه يجب أن يرفق بالنظام التصاميم المعمارية والطبوغرافية المصادق عليها التي تحدد الأجزاء المفرزة والمشتركة. ( المادة 10) .
الفقرة الثانية: القوة الإلزامية للنظام
فبعد احترام مقتضيات المادة 11 من قانون 18.00, فإنه لا يمكن للمشتري بعد ذلك الإحتجاج بعدم الإطلاع على نظام الملكية, بحيث يصبح هذا الأخير ملزما له ولغيره. فهو يصبح ملزم للمشتري بمجرد إبرام عقد البيع، وهو ملزم للمستثمر بمجرد إيداع نسخة منه لدى الجهة المعنية, وهو ملزم كذلك حتى لمكتري شقة خاضعة لهذا النظام وهو ملزم لكل المشترين المتعاقبين للشقق والمحلات المتواجدة بنفس العمارة.[27]
ويعتبر نظام الملكية المشتركة حجة قاطعة وسند قانوني في مواجهة المالكين والغير على ما يتضمنه من حقوق والتزامات وتحديد الأجزاء المشتركة والخاصة وكذا تحديد الغرض المعدة له هذه الأجزاء، كما يمكن أن يواجه به كل مالك يتملص من المساهمة في التحملات المتعلقة بصيانة الأجزاء المشتركة[28]. إذن يعتبر إشهار النظام الأساسي وتعديلاته في المحافظة على الأملاك العقارية ضمانة لعدم تحريف بنوده وأيضا لسريان مختلف التعديلات اتجاه الملاك والغير[29].
إن مبدأ إلزامية التقيد بمقتضيات نظام الملكية المشتركة هو أمر وجوبي بغض النظر عن الجهة التي تضعه أو صاحب حق الانتفاع بالسكنى في العقار الخاضع لقانون 18.00 سواء كان من الخلف العام أو الخاص، فإن الكل يصير ملزم باحترام مقتضيات نظام الملكية المشتركة بحكم هذه الإلزامية مستمدة من الإدارة الجماعية المشتركة أولا ومن الأحكام العامة لقانون 18.00 ثانيا.[30]
وهذه الإلزامية تعبر عنها المادة 8 من قانون 18.00, فهذه المادة تعتبر حسب الألفاظ ( يوضع، يلزم، وجوب) التي صنعت بها عباراتها أنها قاعدة آمرة.
وفي هذا الصدد يعتبر الأستاذ أشيبان نظام الملكية المشتركة حجة قاطعة وسندا قانونيا في مواجهة المالكين والغير على ما يتضمنه من حقوق والتزامات وتحديد الأجزاء المشتركة والخاصة وكذا تحديد الغرض المعدة له هذه الأجزاء، كما يمكن أن يواجه بكل مالك يتملص من المساهمة في التحملات المتعلقة بصيانة الأجزاء المشتركة.[31]
وانطلاقا مما سبق لا يمكن للمالك المشترك أن يتملص بواسطة قرار انفرادي من الالتزامات المفروضة عليه من طرف النظام. كأن يتملص من هذه الإلتزامات بعلة أن باقي الملاك لا يحترمون التزاماتهم.[32]
المطلب الثاني: جزاء الإخلال بنظام الملكية المشتركة
من أجل الحديث عن الجزاء الذي يمكن أن يترتب جراء عدم الالتزام ببنود نظام الملكية المشتركة لابد من بيان طبيعة هذا الجزاء ( الفقرة أولى) ثم بيان التدابير القانونية التي يمكن أن تتخذ في حق المخالف ( الفقرة ثانية).
الفقرة الأولى: طبيعة جزاء الإخلال بنظام الملكية المشتركة
تماشيا مع ما يعتقده الكثير من الباحثين فإن نظام الملكية المشتركة ذو طبيعة تعاقدية بغض النظر هل هو عقد رضائي أم عقد إذعاني، فإنه بقراءة روح مواد قانون 18.00 الخاصة بتكوين نظام الملكية المشتركة وكذا المادة 11 من نفس القانون، يمكن القول بأن أي إخلال لمضمون نظام الملكية المشتركة من طرف الملاك أو من يحل محلهم من الخلف العام أو الخاص أو المنتفعين مثل المكترين، فإن ذلك يعد إخلالا بإلتزام عقدي تترتب عنه المسؤولية العقدية[33]. وبالتالي وجب تنفيذ القواعد العامة في القانون المدني المتعلقة بتنفيذ الالتزام، ويتأكد ذلك بوضح أكثر بخصوص مخالفة مقتضيات هذا النظام، حيث يعتبر الاجتهاد القضائي بأن هذه المخالفة تعد خرقا للالتزام التعاقدي[34]. وينتج عن ذلك تصنيف قواعد القانون المدني ومن تم فإن جزاء الإخلال بمقتضيات نظام الملكية المشتركة هو نفس الجزاء المقرر في حالة عدم تنفيذ العقد، والمالك المشترك الذي يخرق بنود هذا النظام يكون بمثابة من يتجاهل العقد.[35]
ويرى الأستاذ محمد الوكاري بدوره يرى أن الإخلال بمقتضيات نظام الملكية المشتركة يظل تصرفا خاضعا لقواعد القانون الخاص مع تأكيده على الطبيعة التعاقدية لمقتضيات نظام الملكية المشتركة مهما كان مصدره وكيفما كانت طريقة إعداده، لأن المالك المشترك بشرائه لمحله في إطار الملكية المشتركة يكون قد قبل الخضوع لتلك البنود الإلزامية المنظمة لها، ويسير بض الفقه في نفس الاتجاه حينما بحث هذه الطبيعة في إطار ظهير 1946 الملغى, حيث يذهب على القول بأنه بالرغم من أن نظام الملكية المشتركة قد يكتسي وفقا لبعض المظاهر طابعا مؤسساتيا فإنه يظل يتميز قبل كل شيء وبصفة أساسية بالطابع التعاقدي. لهذا فكل خرق لإحدى مقتضياته يفسر على أنه خرق للالتزام التعاقدي.[36]
الفقرة الثانية:التدابير المتخذة في حالة الإخلال بنظام الملكية المشتركة
إذا كان المشرع المغربي قد ألزم جميع الملاك المشتركين بضرورة التقيد بمقتضيات نظام الملكية المشتركة المستمد قوته من القانون ومن الإرادة الجماعية للملاك المشتركين، فإن أي إخلال بذلك سواء من الملاك أنفسهم أو من وكيل الاتحاد يعتبر إخلالا بقواعد المسؤولية العقدية المؤسسة على الفصل 259 من قانون الالتزامات والعقود.[37]
وبالرجوع إلى المقتضيات القانونية المنصوص عليها في المواد 261 و262 و263 و264 من قانون الالتزامات والعقود يتبين أن هناك نوعان من التدابير الجزائية أو الدعاوى التي يمكن إقامتها، الأولى هي التدابير أو الجزاءات المتاحة قانونا من وأجل فرض إحترام نظام الملكية المشتركة أي التي تهدف إلى إجبار المالك المشترك على تنفيذ التزامه, والثانية هي الدعاوى التي تخول للمتضرر من الملاك المشتركين الحصول على تعويض عن الضرر المترتب عن ذلك الإخلال.[38]
وهكذا يحق لوكيل الاتحاد باعتبار أن من مهامه السهر على فرض احترام النظام من طرف الملاك المشتركين أو من طرف ذوي حقوقهم أومن يمثلونهم، ومن طرف المكترين في حالة وجودهم, ويدخل في هذا الخصوص إجراء المبادرات والمحاولات الحية لفرض حسن الحوار وأداء المساهمات الدورية والنفقات الاستثنائية قبل اللجوء إلى القضاء والوسائل الجبرية المترتبة عنه.[39]كما يعمل الاتحاد على حل المشاكل الناجمة عن تنفيذ مقتضيات نظام الملكية المشتركة أو عرضها على الجمع العام ومناقشتها ليتسنى له اللجوء إلى الفضاء طبقا للفصل 26 من قانون 18.00، وقد ذهب بعض الفقه في المغرب إلى أنه يمكن للمشتركين أن يدرجوا إلى جانب التنفيذ العيني للإلتزام ( الفصل 259 من قانون الالتزامات والعقود) في نظام الملكية المشتركة شرطا جزائيا لضمان تنفيذ إلتزاماته.[40]وذلك لضمان تنفيذ التزاماته.[41]
ويثار التساؤل بخصوص ما إذا كان من حق أي أحد من الملاك المشتركين، الذي يكتسي من عدم احترام مالك مشترك أو من يحل محله، أن يتابعه أمام المحكمة، في ظل القانون المغربي فإن هذا الحق يثبت لكل مالك مشترك بصفته طرفا متعاقدا في النظام الذي تم خرقه، حيث أنه يحق له إقامة دعوى للحفاظ على حقوقه ولإصلاح الضرر اللاحق بالعقار أو بالأجزاء المشتركة طبقا للمادة 35 من قانون 18.000[42]وبالتالي يمكن إجبار المالك المشترك على احترام نظام الملكية المشتركة وتنفيذ الالتزامات المنظمة به، فإذا ما أقام منشآت مثلا على الأجزاء المشتركة مخالفا بذلك بنود هذا النظام يمكن للمحكمة أن تحكم عليه بناء على طلب لاتحاد الملاك أو لأحد الملاك المشتركين بهدمها وإزالة آثارها، وذلك ولو لم يحصل من جراء ذلك أي ضرر، فإنها يمكن أن تحكم عليه إضافة إلى ذلك بالتعويض في حالة وجود ضرر.[43]
خاتمة
من خلال ما سبق يتضح أن المشرع المغربي من خلال قانون الملكية المشتركة 18.00 عمل على تنظيم الجوانب التي تهم نظام الملكية سواء من حيث مضامين هذا النظام أو الجهة المكلفة بوضعه أو إيداعه حيث يصبح حجة قاطعة وسندا قانونيا في مواجهة المالكين والغير على ما يتضمنه من حقوق والتزامات وتحديد للأجزاء الخاصة والمشتركة وكذلك تحديد الغرض المعدة لاه هذه الأجزاء، كما يمكن أن يواجه به كلى مالك يتملص من المساهمة في التحملات المتعلقة بصيانة الأجزاء المشتركة، وجدير بالذكر أن قانون الملكية المشتركة أتى بمقتضيات جوهرية ويعتبر بمثابة الميثاق الجماعي ملاك الشقق والطبقات والمحلات، ولابد من احترام مقتضياته من خلال الأهمية البالغة التي يحظى بها هذا النظام سواء ما يتعلق بالجهة التي تضبط طبيعته القانونية ومضمونه أو المسطرة الواجبة التطبيق لصيرورته، ومن هنا نطرح التساؤل التالي:
هل فعلا تحقق هدف المشرع في ضبط علاقات الملاك من خلال الإلزامية المنصوص عليها في المادة 8 من قانون 18.00 ؟
لائحة المراجع
ü محمد الوكاري: "الملكية المشتركة للعقارات المبنية,دراسة مقارنة بين القانون المغربي والقانون الفرنسي", ط أولى, مطبعة دار القلم, الرباط, 2008.
ü مصطفى أشيبان:" تنظيم الملكية المشتركة في التشريع المغربي"، ط أولى, مؤسسة الملك عبد العزيز, الدار البيضاء, 2009.
ü محمد بن أحمد أبو نبات: "نظام الملكية المشتركة للعقارات المبنية,دراسة في ضوء القانون 18.00", ط أولى, المطبعة والوراقة الوطنية, مراكش, 2003
ü عبد الحق صافي:"الملكية المشتركة للعمارات والدور المقسمة إلى شقق أو طبقات أو محلات، ط ثانية, 2002.
ü محمد بخنيف:"قانون الملكية المشتركة", المحاضرة الرابعة, طبعة 2012, فاس.
ü محمد بخنيف: "المنازعات العقارية المتعلقة بالعقارات المقسمة إلى شقق أو طبقات أو محلات، المجلة المغربية للقانون والاقتصاد، عدد 3، 2010.
ü فاطمة الزهراء التادلي:"النظام الأساسي للملكية المشتركة للعقارات المبنية"، بحث لنيل دبلوم الماستر، دون دار النشر, الرباط، 2008-2009.
ü القانون رقم 18.00 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 298.02.1, بتاريخ 3 أكتوبر 2002 والمتعلق بالعقارات المبنية أو المقسمة إلى شقق أو طبقات أو محلات, ج.ر عدد 5054, بتاريخ 7 نونبر 2002.
ü مجلة الملحق القضائي: "ملكية الطبقات والشقق", العدد 20, فبراير 1989.
ü ادريس الفاخوري: "الحقوق العينية وفق القانون رقم 39.08", دار نشر المعرفة, مطبعة المعارف الجديدة, الرباط, ط 2013.
[1] - محمد الوكاري: "الملكية المشتركة للعقارات المبنية,دراسة مقارنة بين القانون المغربي والقانون الفرنسي", ط أولى, مطبعة دار القلم, الرباط, 2008, ص 133.
[4] - مصطفى أشيبان:" تنظيم الملكية المشتركة في التشريع المغربي"، ط أولى, مؤسسة الملك عبد العزيز, الدار البيضاء, 2009, ص76.
[5]- محمد الوكاري، مرجع سابق، ص 135.
[8]- محمد الوكاري، مرجع سابق, ص159.
يجب أن يتضمن نظام الملكية المشتركة علاوة على البيانات المنصوص عليها في المادة 9 ما يلي:
- إعراب المالك عن نيته في التقيد بنظام الملكية المشتركة وتقييده بالسجل العقاري
- وصف القار ومراجعه العقارية.
- وصف مختصر لتقسيم العقار إلى طبقات أو مثقف أو محلات وبيان مختلف الأجزاء المفرزة والمشترك التي يتكون منها كل مستوى.
[15] -محمد بخنيف " نظام الملكية المشتركة في قانون 18.00" المجلة المغربية للقانون الاقتصادي، عدد 3، طبعة 2010، ص 41.
[23] -محمد بن أحمد أبو نبات: "نظام الملكية المشتركة للعقارات المبنية,دراسة في ضوء القانون 18.00", ط أولى, المطبعة والوراقة الوطنية, مراكش, 2003.ص47.
[25]- عبد الحق صافي:"الملكية المشتركة للعمارات والدور المقسمة إلى شقق أو طبقات أو محلات، ط ثانية, 2002 ص 80.
[29] - فاطمة الزهراء التادلي:"النظام الأساسي للملكية المشتركة للعقارات المبنية"، بحث لنيل دبلوم الماستر، دون دار النشر, الرباط، 2008-2009, ص 36.
[41]- محمد الوكاري: مرجع سابق، ص 194.
شاركنا بتعليقك...