مقدمة
إن الإنسان منذ أن وجد على وجه الأرض كانت علاقاته جد محدودة و إن لم نقل نادرة, ولكن مع مرور الزمن و توالي الأيام أصبحت هذه الصور تضمحل من الحياة الاجتماعية. حيث أصبح من اللازم على الفرد أن يقوم بربط علاقات قانونية مع أفراد مجتمعه بغض النظر عن مركزه القانوني هل هو دائن أم مدين. وبما أننا تحدثنا عن العلاقات القانونية فإننا نريد التحدث عن العقد أو نظرية العقد التي تعد من أهم النظريات التي استقطبت انتباه العديد من الفقهاء ماضيا و حاضرا و حتى مستقبلا ,[1]و العقد المركب هو صنف من الأصناف التي تنتمي إليها هذه النظرية و التي ظهرت أو برزت مند العهود القديمة وكذلك العقد المركب هو من العقود القديمة التي بصمت الحياة العملية. و تتجلى أهمية موضوعنا من الناحيتين النظرية و العملية فبخصوص الناحية النظرية و المتمثلة في القواعد القانونية التي تنظم هذه النوع من العقود. أما من الناحية العملية هل هذا النوع من العقود له أثر وبصمة في حياتنا العملية أو بعبارة أخرى هل أفراد المجتمع يقومون بإبرام هذا النوع من التصرفات القانونية و بالتالي تحقيق نوعا من التنمية الاجتماعية و الاقتصادية. و العقود المركبة هي كثيرة و متنوعة فعلى سبيل المثال هناك عقد الائتمان الإيجاري , وعقد الفندقة , عقد الايجار المفضي إلى تملك العقار .إذن من خلال هذا يمكننا أن نطرح الإشكال التالي كيف يمكن للعقد المركب أن يكون آلية جديدة في تحقيق التنمية الاقتصادية ؟
وبالتالي هذا يدفعنا إلى التساؤل عن ماهية العقد المركب ؟
و لمعالجة هذا الموضوع سنتطرق إلى الإيجار المفضي إلى تملك العقار و عقد الائتمان الإيجاري كعقود مركبة تساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية.
ومن هنا سنقسم موضوعنا هذا إلى مطلبين حيث سنخصص المطلب الأول إلى التعريف بالعقد المركب و تمييزه عن العقود الأخرى وتكييفه القانوني . أما المطلب الثاني سنتطرق فيه إلى العقد المركب كآلية جديدة لتحقيق التنمية الاقتصادية بنماذج الإيجار المفضي إلى تملك العقار و الائتمان الإيجاري.
المطلب الأول: ماهية العقد المركب و تمييزه عن باقي العقود وتكييفه القانوني
إننا سنحاول في هذا المطلب إلى التعريف بالعقد المركب والذي سنخصص له الفقرة الأولى له أما بخصوص تمييز العقد المركب عن باقي العقود الأخرى وتكييفه القانوني فالفقرة الثانية هي التي سنقوم بمعالجة فيها هذا الأمر.
الفقرة الأولى: ماهية العقد المركب
فقبل الخوص في ماهية العقد المركب فانه لابد من إعطاء تعريف لغوي و اصطلاحي عن العقد بصفة عامة فمن الناحية اللغوية فالعقد لغة هو الشد نقيضه الحل , يقال عقد الحبل إذا شده. و العقدة موضع العقد , وهي ما يمسك الحبل و يوثقه. و عقدة كل شيء إبرامه, ومنه قيل عقد البيع والإيجار[2].
أما من الناحية الاصطلاحية فهو توافق إرادتين أو أكثر على إحداث اثر قانوني سواء كان هذا الأثر هو إنشاء التزام أو نقله أو تعديله أو إنهاءه , ومثاله البيع و الإيجار و الشركة و الوكالة و الهبة.[3]
أما العقد المركب هو العقد الذي يتناول عدة عمليات قانونية تكون في مجموعها عقدا متميزا عن باقي العقود. حيث يكون خليط أو مزيجا من عدة عقود التي تكون عقود مسماة والذي يترتب من خلال عملية المزج ظهور أو خروج إلى الحيز الوجود عقود أخرى التي قد تكون عقودا مركبة مسماة ومن أمثال على ذلك عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار أو عقود مركبة غير مسماة ومن صور هذا النوع العقد الفندقي .[4]
ومن خلال هذا التعريف القانوني للعقد المركب يمكن استخلاص الخصائص التي يتميز بها هذا العقد حيث أنه من العقود التي تستلزم
1. وجود أكثر من إرادة واحدة لقيامه وهذا ما يميز العقد المركب عن تصرفات الإرادة المنفردة , انه يمكن بمقدور الفرد الواحد أن يلتزم لوحده دون حاجة إلى فرد أخر لإبرام التزام معه و من أمثلة هذا الوعد بالجائزة و عقد الهبة إلى غير ذلك من أمثلة صور الإرادة المنفردة
2.من العقود التي تتطلب وجود أكثر من وصف قانوني فالعقد المركب هو مزيج من العقود المسماة والتي عندما تنصهر تعطينا عقدا واحدا ومن أمثلة هذه العقود الائتمان الإيجاري و الإيجار المفضي للتملك.
3. أن تكون الارادتان أو أكثر متطابقتين أي ارادة الموجب و ارادة القابل , حيث يتقدم الأول بعرض او طلب لشخص قد يكون معين بذات او الى العموم كالجمهور الذي يتعين عليه القبول لانعقاد العقد.
4. أن يقع الاتفاق في دائرة المعاملات المالية أي أن يكون الالتزامات المتولدة عن هذا العقد ذات قيمة مالية. [5]
الفقرة الثانية : تمييز العقد المركب عن العقود الاخرى و تكييفه القانوني
العقد البسيط هو العقد ينظم عملية قانونية من طبيعة واحدة و يخضع بالتالي لحكم عقد واحد ولو تعددت الأشياء محل المتعاقد. وما يلاحظ فإن أغلب العقود تتسم بهذه الخاصية , فعلى سبيل المثال عقد البيع هو من العقود الرضائية التي تأخذ حيزا كبيرا في التصرفات القانونية باعتباره عقدا نقلا للملكية كما تحدث عنه المشرع في المادة 478 " البيع عقد بمقتضاه ينقل أحد المتعاقدين للأخر ملكية شيء أو حق في مقابل ثمن يلتزم هذا الأخر بدفعه له."
إضافة إلى هذا هناك عقدا لا يقل أهمية عن العقد الأول هو عقد الكراء الذي يكون موضوعه هو تخويل منفعة العين المكتراة للمكتري مقابل دفع هذا الأخير ثمنا أو السومة الكرائية لتلك العين المكتراة لفائدة المكري , إضافة إلى هذه العقود الشائعة هناك عقود التي سندرجها على سبيل المثال وليس الحصر ومن أمثال هذه العقود عقد الوكالة و المقاولة و الوديعة و الصلح إلى غير ذلك من العقود القانونية المسماة . [6]
العقد المركب هو العقد الذي يتكون من سلسلة من العقود و التي تكون في مجموعها عقدا واحدا بحيث لا يمكن أن نقطع في انتسابها لصنف معين من العقود الشيء الذي يجعله غير قابل لانقسام أو التجزئة [7] الذي يجعل القاضي في حيرة من أمره عندما تطرح أمامه صور عن هذا النوع و يتعلق الأمر في مسالة التكييف. ومن ابرز مثال العقود المركبة هو عقد الاستصناع الذي يتم بمواد مقدمة من طرف رب العمل أو المقاول فهذا العقد غالبا ما يتراوح بين عقد البيع و عقد المقاولة بحسب نسبة قيمة المواد للعمل الذي يقدمه الصانع , فإن كانت قيمة المواد أكبر من قيمة العقد العمل المنجز فالعقد بيعا. أما في حالة العكس أي عندما تكون قيمة المواد أقل من قيمة العمل المنجز فهو عقد مقاولة وإن كان المشرع المغربي قد اعتبر أن هذا العقد هو عقد مقاولة من غير تفصيل و ذلك استنادا للفصل 760 من قانون الالتزامات و العقود الذي يقول فيه " المقاولة بناء وغيرها من العقود التي يقدم فيها العامل أو الصانع المادة تعتبر بمثابة إجارة على الصنع " إلا أن القضاء و الفقه المعاصرين لا زالا لم يستقرا على حكم أو معيار قار لتكييف هذا العقد.[8] إضافة إلى هذه صورة هناك صورة أخرى ومثال على ذلك الإيجار السائر للبيع و بموجبه يتفق شخصان على أن يبيع أحدهما لأخر شيئا معينا منقول أو عقار مع اشتراط أن يدفع المستفيد من المنقول أو العقار الثمن على شكل أقساط وذلك طيلة المدة المحددة في العقد و التي تمنح للمشتري خلال هذه المرحلة سوى حق الإيجار لذلك الشيء المتعاقد عليه , ولكن عندما يؤدي المشتري باقي الثمن المتفق عليه لفائدة البائع فإن الملكية تنتقل إلى المشتري على اعتبار أن عقد البيع هو عقد نقلا الملكية في الأصل.[9]
إن الهدف من القيام بالتمييز بين العقد البسيط و العقد المركب هو تحديد القواعد التي تحكم العقد . فالعقد البسيط كما هو معروف أمره واضح و لا يثير أي إشكال من حيث تكييفه القانوني على عكس العقد المركب فمن الصعب منحه وصفا قانوني موحدا. و بالتالي تطرح لنا في هذه الحالات مشكلة التكييف القانوني[10] الذي يعتبر وسيلة لتحديد مضمون العقد , لأنه يضعه في الإطار القانوني الذي يسمح ببيان أثاره في جملتها سواء تلك التي ضمنها الأفراد في العقد أو العكس حيث أن الفقه قسمه الى نوعين فبخصوص النوع الأول التكييف التوزيعي للعقد المركب حيث يقصد به ان الأحكام التي ينبغي تطبيقها على العقد المركب هي أحكام مختلف العقود التي يتكون من العقد. ققد اتجه جانب من الفقه و القضاة الى اعتبار ان العقد المركب الذي يجمع بين شخصين من الناحية الاقتصادية يعتبر عقدا واحدا على عكس من الناحية القانونية نكون في مواجهة العديد العقود الشائعة التقليدية و التي نظمها المشرع المغربي في قانون الالتزامات و العقود على غرار القانون المدني الفرنسي[11]. أما فيما يتعلق بالنوع الثاني فيتمثل في التكييف الشمولي حيث يقصد به هو أن القاضي يلجأ الى تغليب أحد العقود باعتباره العنصر الأساسي في العقد المركب حيث يعتبر ان العقد بمثابة وحدة قانونية قائمة ذات يتم تغليب الأصل على الفرع ومن ثم يتبع الثاني الأول في التكييف و مثال على ذلك عقد وكالة الاسفار و الذي يعتبر نموذجا للعقد السياحي حيث أن السائح الزبون يتعاقد على أساس أن العقد وحدة شاملة لعدة خدمات وهذا يظهر من خلال أداءه الثمن الشامل لكل الخدمات المتفق عليها بينه و بين المهني و ليس العكس والذي يتمثل في أن يدفع هذا الزبون للمهني ثمنا عن كل خدمة يقدمها له[12]. و كذلك حالة العقد الموصوف إيجار ابتداء وبيع انتهاء فهذا العقد يدور بين الإيجار والبيع. فحسمت القوانين الحديثة النزاع في شأنه وجعلته بيعا.[13]
المطلب الثاني : العقد المركب كآلية في تحقيق التنمية الاقتصادية
إننا في هذا المطلب سنقوم بدراسة نوعين من العقود المركبة و المتمثلان في عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار و الذي سنخصص الفقرة الأولى له أما بخصوص العقد المركب الثاني و متمثل في عقد الائتمان الايجاري فإننا سنقوم بدراسته في الفقرة الثانية
الفقرة الأولى : عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار
فقبل الخوض في شرح موضوعنا فانه لابد من اعطاء التعريف عن التنمية من الناحية اللغوية فالتنمية من النمو أي ارتفاع الشيء عن موضعه إلى موضع اخر أما من الناحية الاصطلاحية فهي عديدة ومن الأمثلة على ذلك يقصد بها تطور في مجال ما بواسطة تدخل الأطراف و استعمال أدوات من أجل الوصول إلى تطور و الرقي. أما مفهوم التنمية الاقتصادية أنها عملية لرفع مستوى الدخل القومي بحيث يترتب على هذا ارتفاع في متوسط نصيب دخل الفرد ومنه سنقوم بالتحدث عن عقد الايجار المفضي ألى تملك العقار باعتباره عنصرا هامة في تحقيق التنمية الاقتصادية لا أحد يستطيع أن ينكر الجهود التي قام بها المغرب في مجال الإسكان , والحد من ظاهرة السكن الغير اللائق , فقد تعززت هذه الجهود بتعزيز الترسانة القانونية المغربية بعقد من العقود المركبة و هو عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار, والمنظم بالقانون رقم 51.00.
و قد جاء هذا القانون أي قانون 51.00 بمقاربة اقتصادية إذ يهدف إلى التجاوب مع ضغوط طلبات السكن المتزايد. ونظرا للأزمة السكن التي يعرفها المغرب وتمكين ذوي الدخل المحدود من تملك السكن, وذلك عن طريق الإيجار المفضي إلى تملك العقار[14]. كما أن هذا القانون جاء بمقاربة اجتماعية إذ يتوخى تشجيع الأسر الضعيفة من إمكانية اقتناء سكن. وهذا النوع من العقود هو من العقود المركبة حيث يجمع بين تصرفين قانونين ألا و هما الكراء و البيع. فعقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار قام المشرع المغربي بتعريفه في المادة الثانية من القانون رقم 51.00 فهو "عقد بيع يلتزم البائع بمقتضاه تجاه المكتري المتملك بنقل ملكية عقار أو جزء منه بعد فترة الانتفاع به بعوض مقابل أداء الوجيبة المنصوص عليها في المادة 8 من هذا القانون وذلك إلى حلول تاريخ حق الخيار".
وكما يظهر من هذا التعريف بان عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار هو عقد مركب يبتدئ بعقد ابتدائي ويستمر إلى حين حلول وقت الخيار المذكور ليتحول من عقد كراء إلى عقد بيع نهائي بعدما يكون المكتري قام بسداد جميع أقساط الوجيبة الكرائية.[15]
و بما أن هذا النوع من الإيجار أي الإيجار المفضي إلى تملك العقار جاء من أجل تخفيف من أزمة السكن التي يعرفها المعرب و الرفع من المستوى الاقتصادي للمنعشين العقاريين و المساهمة في التنمية الاقتصادية عن طريق تشجيع أرباب العمل في الاستثمار في قطاع السكن , حتى تكون دينامية اقتصادية تتماشى ما أصبح يرمي هذا القانون من خلال تشجيع و تحقيق الاستثمار.
وهذه العملية تعود بشكل كبير بالنفع على الاقتصاد بشكل كبير بالنفع على الاقتصاد , وتحريك آلية الاستثمار من خلال حث البنوك على منح قروض لتمويل السكن بشروط تفضيلية, بالإضافة إلى خلق صناديق لضمان القروض الممنوحة للموظفين وكذلك الأجراء و أصحاب الدخل المحدود أو الضعيف. [16]
وهذا النوع من العقود من الناحية الاقتصادية بل حتى الاجتماعية فهو ساهم بشكل كبير في التخفيف من أزمة السكن وحرك آلية الاقتصاد فهذا على سبيل المثال كلنا نعلم ماذا رمزية أو بعبارة أخرى ما هي قيمة العقار عند المغاربة فكلنا نعلم أن العقار يعتبر حملا ثقيلا على أفراد هذا المجتمع و حينما يكتسب أو يشتري الشخص عقار و ذلك بعض النظر عن طريقة اكتسابه فهو يعطي لهذا الأخير شعورا جميلا الشيء الذي يعود بالإيجاب على نفسيته . وكلنا نعلم أن اغلب أشخاص الذي قاموا بإبرام عقود خاضعة لهذا القانون من فئة الأجراء أي الطبقة الشغيلة وبالتالي إذا كان لهذا الأخير عقارا فحتما سيقوم ببذل مجهودا مضاعفا في عمله حيث تستفيد مقاولته بصفة خاصة و الاقتصاد الوطني بصفة عامة.
فهو من جهة أتاح لأصحاب ذوي الدخل المحدود اكتساب ملكية المساكن المكراة بعد انصرام مدة متفق عليها. حتى يتم إبرام عقد بيع نهائي تنتقل بموجبه ملكية تلك المساكن إلى المكتريين المتملكين . أما من جهة المستثمرين و المنعشين العقاريين فهذا النوع من العقود المركبة يعتبر آلية كبرى أو وسيلة هامة لتصريف المنتوج على أرض الواقع. وفي هذا نفع للاقتصاد الوطني بشكل كبير و استفادة للعلاقة المركبة التي تجمع بين البائع و المكتري . فمصلحة البائع و استفادته تتمثل في كونه يستطيع تصريف منتوجه بشروط مريحة تضمن له حقوق الأساسية تحت إطار قانوني محكم. أما مصلحة المكتري تتجلى في تملكه لمسكنه عبر أداء أقساط خلال مدة معينة متفق عليها و ينتفع فيها بالسكن.[17]
الفقرة الثانية: عقد الائتمان الايجاري
يعتبر القانون من مقومات وتطور التعاون التجاري و الاقتصادي ذي المنفعة العامة المتبادلة. ويلعب القانون في هذا المجال دورا هاما في إرساء الضمانات و سياجا يقي العلاقات القانونية. و نظرا لما يعرفه النشاط التجاري و الاقتصادي من تغييرات مستمرة بسبب التطور العلمي و التكنولوجي , وهذا التطور فرض على المقاولات و التجار مواكبة هذه الوضعية, ومن أجل الوصول إلى هذا الهدف وبأبسط الطرق وبأقل تكلفة. فقد تمكن رجال الاقتصاد و القانون من إبداع طريقة جديدة للائتمان لتمويل ما يحتاج إليه المنعيشون الاقتصاديون من بنايات موسعة واليات و تجهيزات متطورة.
وهذه التقنية التمويلية هي عقد الائتمان الايجاري باعتباره نوعا من أنواع العقود المركبة التي تساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية نظرا للعلاقة التي تجمع بين أطرافه. وكما سبق القول بأن هذا النوع من العقود تحكمت في ظهوره العديد من الوسائل و لعلا أبرزها التطور العلمي و التكنولوجي. وهذا النوع من العقود يقوم على تقنية تمويلية متعددة الصور تقوم في أبرزها صورها مؤسسة مالية لشراء المعدات أو أدوات التجهيز لفائدة مقاولة تتسلم هذا المنقول من أجل استغلاله لمدة معينة تسمى بالمدة المحتومة مقابل مبلغ كرائي يؤذي بصفة دورية خلال المدة تبقى فيها مؤسسة التمويل مالكة للمنقول شريطة أن تقدم للمقاولة و عدا من جانب واحد يبيع هذا المنقول بعد انتهاء المدة المتفق عليها وذلك لقاء ثمن المتفق عليه.
وبما أن عقد الائتمان الايجاري من العقود المركبة فلا بد من إعطاء تعريف لهذا التعريف حيث لم يتم الاتفاق على تعريف موحد له من الناحية الاقتصادية انه من عمليات التمويل حيث تقوم المؤسسة بتمويل المشاريع التجارية و الصناعية و المهنية و في هذا تحقيق التنمية الاقتصادية . وهذا يعود بالطبع بالفائدة على التنمية الاقتصادية من خلق فرص للاستثمار.
أما المشرع المغربي فقد عرفه في المادة 431 من مدونة التجارة 1. كل عملية إكراء للسلع التجهيزية أو المعدات أو الآلات التي تمكن المكتري كيفما كان تكييف تلك العمليات من أن يمتلك في تاريخ يحدده مع الملك كل أو بعض السلع المكراة لقاء ثمن متفق عليه يراعي فيه جزء على الأقل من المبالغ المدفوعة على سبيل الكراء "الائتمان الايجاري للمنقول".
2.كل عملية اكراء للعقارات المعدة لغرض مهني, تم شراؤها من طرف المالك او بناءا عن طريق الوكالة إذا كان من شأن هذه العملية كيفما كان تكييفها أن تمكن المكتري من أن يصير مالكا لكل أو بعض الأموال على أبعد تقدير عند انصرام أجل الكراء "الائتمان الإيجار العقاري"
وعقد الائتمان الايجاري من العقود المركبة نظرا للعلاقة الثلاثية التي تجمع أطرافه, فهناك عقد التأجير بين مؤسسة الائتمان الايجاري و المكتري , وعقد التوريد الذي يتم بين المنتج أو المورد
أو الممول و مؤسسة الائتمان الايجاري التي تحتفظ بملكية الشيء كضمانة للذين ويستفيد منه مباشرة المستعمل رغم أنه لم يكن طرفا فيه .[18]
و عقد الائتمان الايجاري من العقود المتطورة التي جاءت لمواكبة التطورات الاقتصادي الكبرى حيث يساهم بشكل كبير في خلق تنمية اقتصادية و مساعدة الاقتصاد الوطني على التطور و النمو من خلال العلاقة الثلاثية التي تجمع بين أطرافه فالكل يستفيد من هذا العقد إذا ما تم إبرامه وفق النصوص و الضوابط القانونية التي جاءت بها مدونة التجارة.
خاتمة
إن العقد المركب رغم أهميته في تحقيق التنمية الاجتماعية و الاقتصادية نجد أن المشرع المغربي لم يعطيه العناية اللازمة الذي يجب أن يتصف بها هذا النوع من العقود. ومن الأمثلة الواضحة التي تدل على هذا التقصير عقد الائتمان الايجاري الذي اتضح لنا من خلال دراستنا لهذا الموضوع أن المشرع المغربي قد قام بتقصير اتجاه هذا التصرف القانوني ورغم اهميته الاجتماعية و الاقتصادية حيث كان عليه تحديد أو توضيح بعض النقط كما فعل في اخر تعديل الذي جرى بعض الفصول في الكتاب الخامس من مدونة التجارة . ومن امثلة المادة 436 الذي لم يحدد المشرع تاريخا معينا لإجراء عملية الاشهار العقد الائتمان و كلنا نعلم ان القانون التجاري من خصائصه السرعة حيث كان على المشرع وضع حدا لهذه النقطة اضافة هذا لم يوضح لنا الضمانات القانونية التي تحمي الطرف الضعيف إذا عملنا أن عقد الائتمان الايجاري من عقود الاذعان حيث تكون الكفة في صالح طرف على حساب اخر وهذا ما دفعنا الى طرح سؤال لماذا المشرع المغربي لم يولي أي أهمية لعقد الائتمان الايجاري رغم دوره الفعال في الاقتصاد الوطني كما فعل في اخر تعديل جرى على بعض الفصول من الكتاب الخامس والذي كذلك تم تغييره اسمه من نظام صعوبات المقاولة الى إجراءات الوقاية والمعالجة من صعوبات المقاولة , وكذلك اصداره بعض التشريعات الخاصة التي تحمي الطرف الضعيف كقانون الاستهلاك 31.08.
لائحة المراجع المعتمدة
المراجع العامة و الخاصة
عبد الحق صافي : القانون المدني الجزء الأول المصدر الإداري للالتزامات العقد الكتاب الأول تكوين العقد الطبعة الأولى 1996
عبد الرحمان الشرقاوي : القانون المدني دراسة حديثة للنظرية العامة على ضوء تأثرها بالمفاهيم الجديدة للقانون الاقتصادي الكتاب الأول مصادر الالتزام الجزء الأول التصرف القانوني الطبعة الثانية 2014
عبد القادر العرعاري : مصادر الالتزامات الكتاب الأول نظرية العقد دراسة مقارنة على ضوء التعديلات الجديدة الطبعة الثالثة 2013
إدريس العلوي العبدولاي : شرح القانون المدني النظرية العامة للالتزام , نظرية العقد لطبعة الأولى 1996
محمد برادة غزيول : عقد الائتمان الايجاري على المنقولات بين الفقه و القضاء الطبعة الاولى 1998
ادريس الفاخوري : الحقوق العينية وفق القانون 39.08 طبعة سنة 2014
الرسائل
محمد الرايسي : الايجار المفضي الى تملك العقار " رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمق في القانون المدني السنة الجامعية 2008-2006 "
المجالات
محمد ابن احمد بونبات : العقود على العقارات سلسلة افاق القانون عدد 14 الطبعة الأولى 2006 ص 52
[1] عبد القادر العرعاري : مصادر الالتزامات الكتاب الأول نظرية العقد دراسة مقارنة على ضوء التعديلات الجديدة الطبعة الثالثة 2013 ص 29
[2] إدريس العلوي العبدولاي : شرح القانون المدني النظرية العامة للالتزام , نظرية العقد الطبعة الأولى 1996 ص 105
[5] عبد الحق صافي : القانون المدني الجزء الأول المصدر الإداري للالتزامات العقد الكتاب الأول تكوين العقد الطبعة الأولى 1996 ص 63
[7] عبد الرحمان الشرقاوي : القانون المدني دراسة حديثة للنظرية العامة على ضوء تأثرها بالمفاهيم الجديدة للقانون الاقتصادي الكتاب الأول مصادر الالتزام الجزء الأول التصرف القانوني الطبعة الثانية 2014 ص 73
[11] عبد الرحمان الشرقاوي : القانون المدني دراسة حديثة للنظرية العامة على ضوء تأثرها بالمفاهيم الجديدة للقانون الاقتصادي الكتاب الأول مصادر الالتزام الجزء الأول التصرف القانوني الطبعة الثانية 2014 ص 245-246
[16] محمد الرايسي : الايجار المفضي الى تملك العقار " رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمق في القانون المدني السنة الجامعية 2008-2006 "
[18] محمد برادة غزيول : عقد الائتمان الايجاري على المنقولات بين الفقه و القضاء الطبعة الاولى 1998 ص 17
شاركنا بتعليقك...