المقدمة
الرسم الجمركي هو الرسم المفروض على السلع المستوردة، وذلك عند اجتيازها الحائط الجمركي أو الخط الجمركي في طريقها لدخول الدولة ، أما التعريفة الجمركية فهي عبارة عن الجداول أو البنود التفصيلية التي تشتمل على الترتيب السلعي للصادرات والواردات، و الرسم الجمركي المحدد لكل بند من تلك البنود التي تشتمل عليها جداول التعريفة الجمركية، ولذلك فإن التعريفة الجمركية تختلف من دولة لأخرى، حسب طبيعة عدد ودرجة تفصيل وقيمة الرسم الخاص بكل بند من بنودها التفصيلية.
إلا أن الاستخدام التطبيقي قد أوجد نوعا من الخلط بين المفاهيم ، لدرجة أنها أصبحت جميعا تعبر عن شيء واحد وهو الرسوم التي تفرض على السلع والخدمات المتاجر بها عبر الحدود ، وبالرغم من أنها من الناحية العملية تفرض بصفة أساسية على السلع المستوردة، إلا أن هناك عدد غير قليل من الدول ولاسيما الدول النامية تفرض تلك الرسوم الجمركية أيضا على السلع المصدرة للخارج، وقد حدد المشرع المغربي الحدود التي تجتازها البضائع في ثلاث مجالات:
_ المجال الجمركي: ويشمل التراب الوطني بما فيه المياه الاقليمية والمجال الجوي والقانون الجمركي يطبق على مجموع التراب الوطني.
_ المجال الخاضع: و هو الجزء الأرضي من التراب الجمركي بما فيه الموانئ و المسطحات العامة، وكذا الجرافات القعرية و التجهيزات المتواجدة بالمياه الإقليمية وغيرها من المنشات الواقعة بالمياه الإقليمية والمحددة بمرسوم، باستثناء المناطق الحرة، وهي تلك المناطق التي تنتمي إلى التراب الجمركي ولا يسري عليها كل أو بعض القوانين والأنظمة الجمركية.
_ الخط الجمركي: ويعني تكوين مناطق خاصة للحراسة على طول النقط الحدودية الأرضية و البحرية على السواء، و الهدف من لخط هو مراقبة التحركات وتهريب البضائع.
و لقد عمل المشرع المغربي مند الاستقلال على إحداث مجموعة من التغييرات بالنسبة للرسوم المطبقة على الاستيراد وعيا منه بمدى أهمية هذه الأخيرة في المجال الاقتصادي و الإجتماعي للدولة، حيث تم تعويض الضريبة على المنتجات والخدمات بالضريبة على القيمة المضافة سنة 1986، وكذلك تعويض المكس الخاص بالاقتطاع الضريبي عند الاستيراد سنة 1988، وبالتالي أصبحت رسوم الاستيراد تشمل مجموعة من الرسوم الأساسية بالإضافة إلى رسوم أخرى، وتشمل:
الرسم الجمركي عند الاستيراد، الاقتطاع الضريبي عند الاستيراد PFI،الضريبة على القيمة المضافة TVA،المكس الداخلي للاستهلاك TIC، لكن السؤال الذي يبقى مطروحا هو:
ما أهمية الرسوم الجمركية في ميزانية الدولة؟ و ماهي الأهداف التي تتوخاها الدولة من فرضها ؟وما أثر إلغائها على الموارد و النفقات العامة للدولة ؟
سنحاول في هذا العرض إبراز أهمية الرسوم الجمركية في الميزانية العامة و تحديد أهدافهاو أثر إلغائها على إيرادات و نفقات الدولة ، وذلك من خلال التصميم التالي:
المبحث الأول : أهداف فرض الرسوم الجمركية و أهميتها في الميزانية العامة
المطلب الأول : أهداف الرسوم الجمركية .
المطلب الثاني : أهمية الرسوم الجمركية في الموازنة العامة .
المبحث الثاني: إلغاء الموارد الجمركية وأثره على الميزانية العامة
المطلب الأول :اتفاقيات التجارة الدولية و اتفاقيات التبادل الحر وإحداث المناطق الحرة للتصدير.
المطلب الثاني :انعكاسات إلغاء الرسوم الجمركية على الميزانية العامة
خاتمة
المبحث الأول : أهداف فرض الرسوم الجمركية و أهميتها في الميزانية العامة
تحتل الرسوم الجمركية أهمية خاصة في الوقت الراهن، في قلب الجهود الدولية التي ترمي إلى استكمال حلقات النظام التجاري الدولي متعدد الأطراف.
وتتوخى الدولة من فرض الرسوم الجمركية تحقيق أهداف سياسية، اقتصاديةجبائية،
المطلب الأول: أهداف فرض الرسوم الجمركية
كما سبقت الإشارة فأهداف الدولة من فرض الرسوم الجمركية تتخد إما صبغة سياسية تفرضها دواعي السيادة و صبغة اقتصادية تفرضها حماية المنتجات و تشجيع الإستتمار وصبغة جبائية تستدعيها ضرورة تمويل الخزينة العامة بواسطة تحصيل أكبر قدر من الموارد.
· سياسيا:
إن أهم هدف تتوخاه كل دولة من وراء وضع الحواجز الجمركية، هو الحفاظ على سيادتها الوطنية بتحقيق أكبر قدر ممكن من الاستقلالية، فيما يخص مجال العلاقات الاقتصادية الدولية والمبادلات الخارجية.
وقد عمل المغرب منذ الإستقلال على توحيد الحدود الجمركية المغربية وإلغاء المعاهدات والاتفاقيات الجمركية المبرمة في عهد الحماية، مؤكدا على السيادة الوطنية، وعن وجود اختيار سياسي واختيار اقتصادي وطني في مجال السياسة الجمركية.
· اقتصاديا:
يرتكز الهدف الإقتصادي من فرض الرسوم الجمركية على دعامتين أساسيتين هما:
حماية المنتجات الوطنية من جهة و تشجيع التصدير و الإستتمار من جهة ثانية.
يتمتل هدف حماية المنتجات الوطنية في سياسة حمائية تنهجها الدولة لحماية المنتجات الوطنية من المنافسة الاجنبية عن طريق فرض رسوم جمركية عالية القيمة بالنسبة للمنتجات التي تصنع محليا بالشكل الذي يجعل الواردات الأساسية باهضة الثمن.
وقد استخدمت دول العالم الثالث ومن بينها المغرب السياسة الجمركية كوسيلة لحماية صناعاتها الناشئة، عن طريق وضع جدار جمركي يتمتل في وضع مجموعة من الحواجز الجمركية المانعة و الرسوم المرتفعة ، و في هذا الصدد نص المشرع المغربي على ما يلي:
إذا كانت الواردات تلحق أو تهدف إلى إلحاق ضررهام بإحدى مرافق الإنتاج الوطني الموجود أو الذي شرع في إحداثه ، أو تقرر إحداثه ، فإنه يمكن عند استيرادها للمغرب:
· فرض رسوم للمقاصة على البضائع المفروض أو غير المفروض عليها المكس و التي تستفيد في الخارج من منحة أو إعانة مالية مباشرة أو غير مباشرة كيف ما كان مصدرها أو نوعها أو كيفية منحها .
· فرض رسم مضاد لإغراق الأسواق بالبضائع على البضائع المفروض أو غير المفروض عليها المكس، و التي يكون الثمن المؤدى عنها أو الواجب أداؤه :
أ- أقل من الثمن المماثل المعمول به أثناء عملية تجارية أنجزة في نطاق منافسة تامة فيما يخص بضائع مماثلة لها معدة للإستهلاك في بلدها الأصلي ، أو في إحدى البلدان التي تمر بها،أو في البلد الواردة منه ،مع إسقاط الرسوم و المكوس الجارية على البيوعات المنجزة في هذه البلدان التي تكون بضائعها المذكورة قد أعفيت من الأداء، أو يكون مبلغها قد أرجع أو سيرجع من جراء تصديرها.
ب- أقل في حالة عدم وجود هذا الثمن المماثل من الثمن الأعلى المماثل له المعمول به أثناء عملية تجارية أنجزت في نطاق منافسة تامة فيما يخص بضاعة مماثلة مصدرة إلى بلد آخر أو أقل من تكلفة الإنتاج الحقيقة أو التقديرية لهذه البضاعة في بلدها الأصلي مع إضافة زيادة معقولة في مصاريف البيع و الربح .
وكل هذه الإجراءات من شأنها جلب استتمارات أجنبية و بالتالي جلب عملة صعبة، غير أن هذه الامتيازات قد ترافقها مجموعة من السلبيات، منها خسارة إيرادات العملة الصعبة المتأتية من عمليات التصدير التي يقوم بها الأجانب نحو البلدان المحمية، أو نقل التحويلات بالعملة الصعبة للأرباح التي يحققها المستثمرون الأجانب.
أما بالنسبة لتشجيع التصدير و الإستثمار، فلتشجيع التصدير تعمد الدولة على سن مجموعة من القوانين وتبرم اتفاقيات، تحدد فيها كيفية الاستفادة من نظام الأفضلية، إلا أن نجاح التصدير يتطلب النهوض بالصناعة الوطنية للدولة، وإتاحة الفرص للاندماج في المحيط الجهوي والدولي للدولة، وليس هناك أهم من تشجيع الاستثمار لتحقيق هذه التنمية.
ولتحقيق ذلك تعمد الدولة إلى تشجيع الاستثمار، خاصة في الميادين التي تراها ضعيفة وبها خصاص، فتقوم بتشجيع الاستثمار فيها عن طريق نهج مجموعة من الأساليب، كالإعفاءات الضريبية لخدمة الأهداف الاقتصادية.
جبائيا:
يتمثل الهدف الجبائي في تحصيل أكبر قدر من الموارد من أجل تمويل الخزينة العامة، ويمكن في هذا الإطار تقسيم الموارد الجمركية إلى نوعين اثنين:
· الموارد المتأتية من الرسوم الجمركية و تشمل رسوم الإستيراد،الإقتطاعات الضريبية عند الإستيراد ثم رسوم التصدير.
· الموارد المتأتية من الضرائب غير المباشرة وتشمل الضريبة على القيمة المضافة، والمكس الداخلي على الإستهلاك .
إن مختلف هذه الأهداف تبين لنا بجلاء الأهمية الكبرى التي تحتلها الرسوم الجمركية في السياسة المالية للدولة ، و سنحاول في المطلب الثاني إبراز أهمية هذه الرسوم في الميزانية العامة للدولة.
المطلب الثاني : أهمية الرسوم الجمركية في الموازنة العامة .
ا
لقد عرفت التعرفة الجمركية تطورا مستمرا عبر مختلف المحطات الاقتصادية الكبرى، وذلك في ظل التأرجح الذي عرفته التجارة الخارجية ما بين نظرية الحماية والتبادل التجاري الحر وتعتبر الرسوم الجمركية المورد الأساسي والمتغير الرئيسي الذي يمكن استعماله في تحديد السياسة الاقتصادية للدول، وتشكل الرسوم الجمركية موردا هاما للخزينة العامة للدول حيث تعد من أهم الضرائب الغير مباشرة التي تدر على الميزانية العامة للدولة العديد من الموارد، وقد اعتمد المغرب كغيره من الدول على الرسوم الجمركية للرفع من المداخيل المالية للدولة: وأفادت إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة بأن المداخيل الجمركية بالمغرب سجلت رقما قياسيا سنة 2011 بلغ
7 ,78 مليار درهم مقابل 73,3مليار درهم سنة 2010 ٬ أي بارتفاع يصل إلى 7 في المائة .
وقد اعتمد المغرب منذ حصوله على الاستقلال على الرسوم الجمركية للحصول على أكبر قدر ممكن من المداخيل.
ففي الفترة الممتدة ما بين 1956 – 1961 كانت الضرائب غير المباشرة تكون 65% من مجموع الضرائب موزعة بنسبة 28% على الرسوم الجمركية و 37% على الرسوم الداخلية للاستهلاك.
وقد بلغت الحقوق الجمركية خلال هذه الفترة 258 مليون درهم بنسبة 131 من مجموع مداخيل الضريبة. لكن مع تطور الدور الاقتصادي للجمارك نهج المشرع المغربي طريق الليبرالية حيث بدأت الإيرادات الجمركية في الانخفاض لحساب الأهداف التنموية، فمثلا انخفضت الإيرادات العادية من 20,08% سنة 1984 إلى 14,18% سنة 1987، وذلك لانخفاض التعرفة الجمركية العالية من نسبة 400% سنة 1983 إلى 100% في أبريل 1984، ثم 60% في يوليوز من نفس السنة لتصل إلى نسبة 45% مع بداية 1986.
وابتداء من سنة 1987 عرفت الإيرادات الجمركية نوعا من الانتعاش حيث قفزت سنة 1988 إلى 20.695 مليون درهم أي بزيادة 4.6880 مليون درهم عن السنة التي سبقتها والتي حققت 16.007 مليون درهم فقط.
ويرجع سبب ارتفاع الإيرادات الجمركية خلال فترة الثمانينات إلى الزيادة في قيمة الواردات.
أما في سنوات التسعينات فقد عرفت الإيرادات الجمركية بعض التأرجح في نسب الزيادة والانخفاض. فبعد أن وصلت الرسوم الجمركية إلى مقدار 9،8 مليار درهم سنة 1990، أي بزيادة 9%، نجد أنها عرفت بعض الركود في السنوات الموالية ولم تتزايد سنوي بنسبة 2,2% خلال سنة 1993 حيث قدرت قيمة الرسوم الجمركية ب 12.6 مليار درهم. ويرجع هذا الى الضعف الذي انتاب المبادلات التجارية مع الخارج وتخفيض التعرفة الجمركية القصوى إلى 35% ابتداء من شهر يونيو 1993. وقد انخفضت حصة الرسوم الجمركية ضمن الموارد الجبائية من 20,2% إلى 19,5%سنة 1995 بحيث لم تحقق إلا 11,8 مليار درهم.
ويرجع هذا التراجع للتخفيض الذي وقع في الرسوم الجمركية المطبقة على عدد كبير من المنتجات الصناعية، ولا سيما غير المصنعة محليا، من 35% إلى 5% وإلغاء الضريبة على تصدير بعض منتجات المعادن. كما تم إحداث نظام اقتصادي جمركي جديد يدعى المستودع الصناعي الحر يرخص بمقتضاه للمقاولات المصدرة باقتناء العتاد دون أداء الرسوم والضرائب الخارجية.
ورغم الركود الذي عرفته إيرادات الرسوم الجمركية والناتج عن انكماش موارد الاقتطاع الجبائي عند الاستيراد بما يفوق 6% من جراء الإعفاءات الممنوحة لفائدة واردات أمتعة التجهيز والموارد المستعملة في عمليات الإنتاج الصناعي، فقد عرفت نموا طفيفا ابتداء من سنة 1997 بنسبة 3,4% بفضل تبني رسم أدنى حسب القيمة عند الاستيراد نسبته2,5%.
إن هذا التأرجح يؤدي إلى وقوع اختلالات في الميزانية العامة تكلف الحكومة جهدا وعناء في البحث عن موارد جديدة لسد الثغرات التي سببها الانخفاض الذي وقع في الإيرادات الجمركية. إلا أن السعي وراء تحقيق الأهداف التنموية ومحاولة الاندماج في المنظومة العالمية يطرح إشكالية إعادة النظر في الهدف الجبائي للرسوم الجمركية نظرا لعدم انسجامه مع هذه الاهداف ولعدم مسايرته للنظام الاقتصادي العالمي الجديد.
المبحث الثاني :إلغاء الموارد الجمركية وأثره على الميزانية العامة
يرجع سبب إلغاء الرسوم الجمركية أساسا إلى عقد المغرب لمجموعة من الاتفاقيات الدولية التي يمكن تصنيفها إلى نوعين من الاتفاقيات الأولى شكلت الإطار العام لإلغاء الرسوم الجمركية وتتمثل في اتفاقية الجات التي انضم إليها المغرب سنة 1987 والاتفاقية المنشئة لمنظمة التجارة العالمية سنة 1994 هذه هي التي عوضت الاتفاقية الأولى وتبنت مجموعة من المبادئ التي كانت تهدف من ورائها أساسا الى تحرير التجارة مابين الدول و الثانية تتمثل في اتفاقيات التبادل الحرولتحقيق ذلك دعت الدول الأعضاء إلى عقد مجموعة من الاتفاقيات فيما بينهم سواء بشكل ثنائي او متعدد بالإضافة إلى إحداث مناطق حرة للتصدير هذه الاتفاقيات التي شكلت إطارا خاصا لإلغاء الرسوم الجمركية.
المطلب الأول :اتفاقيات التجارة الدولية و اتفاقيات التبادل الحر وإحداث المناطق الحرة للتصدير.
لقد أدت المشاكل والصعوبات التي عرفها الاقتصاد العالمي والتي زادت حدتها مع الحرب العالمية الثانية إلى ضعف نسبة نمو التجارة العالمية وبالتالي الاقتصاد العالمي ككل وتمثلت أهم هذه المشاكل في الحواجز والعراقيل التي كانت تقف في وجه المبادلات التجارية لذلك وجب البحث عن أساليب وطرق للخروج من هذه الوضعية الصعبة.
· انضمام المغرب إلى الاتفاقية العامة للتعرفات الجمركية والتجارة الجات 1987.
· توقيع المغرب على الاتفاقية المنشئة للمنظمة العالمية للتجارة سنة 1994
· اتفاقية الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي
· اتفاقية التبادل الحر مع الولايات المتحدة الأمريكية
· اتفاقية التبادل الحر مع الجمعية الأوروبية للتبادل الحر
· اتفاقية التبادل الحر مع كندا
· اتفاقية الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي
· اتفاقية التبادل الحر بين الولايات المتحدة الأمريكية والمغرب.
· إنشاء المناطق الحرة للتصدير
المناطق الحرة للتصدير هي عبارة عن مساحات شاسعة يكون مقرها بعيدا عن مركز المدينة،يتم تسييرها بشكل مستقل عن الدولة تستقطب استثمارات أجنبية بجنسيات مختلفة تمنح لأصحابها امتيازات أهمها
-الإعفاء الكلي للتعريفة الجمركية عند التوريد والاستيراد
-الإعفاء من الضرائب المباشرة على الإرباح لمدة خمس سنوات الأولى
الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة عند استعمال مواد من السوق الداخلية
-إعداد بنية تحتية مناسبة للإنتاج
وتنظم عمل المناطق الحرة مجموعة من القواعد،تنشا أساسا من التعريف السابق لمناطق التجارة الحرة تتمثل في الأتي
-تحديد المساحة الجغرافية للمنطقة الحرة صراحة
-عزلها عن باقي أقاليم الدولة من خلال إقامة الأسوار العازلة حولها،وقد تقام في منطقة تكون بطبيعتها الجغرافية معزولة عن بقية الدولة عن طريق المياه أو الجبال
-الخضوع لسيادة الدولة،رغم عزلها التام عن بقية الأقاليم،ولذلك تطبق عليها قوانين الدولة نفسها إلا إذا كان هناك قانون خاص ينظم العمل بها
-تحديد الأنشطة المسموح بممارستها داخل المنطقة،فقد يكون النشاط هو التخزين أو إعادة التصدير أو القيام بالتصنيع من اجل التصدير فقط،أو أن يكون النشاط قاصرا على الأنشطة الإنتاجية والخدماتية
-تعامل المشروعات التي تقام داخلها كما لو كانت مقامة خارج الحدود السياسية للدولة من الناحية الجمركية
-تعامل البضائع التي تدخل إليها على أنها صادرات،والعكس تعامل البضائع التي تدخل الدولة من هذه المنطقة على أنها واردات،ولذلك تخضع هذه السلع لكافة الإجراءات الجمركية والنقدية للتعامل مع البضائع الأجنبية
ونظرا لأهمية هذه المناطق في بعض الدول ،فان العديد من الدول تقوم بإصدار قانون خاص بالاستثمار في هذه المناطق الحرة
ففي المغرب برزت المناطق الحرة بشكل قانوني ومشرع بتشريعات قانونية مع بداية منتصف التسعينيات كتزكية لسياسة التفويض المدبر التي تنهجها الحكومة في شتى مجالات الحياة
حيث تأسست المناطق الحرة للتصدير بالقانون رقم 94-19 "الظهير رقم 1-95-1بتاريخ 26يناير 1995"الذي جعل منها فضاءات محددة من التراب الجمركي يسمح فيها بالقيام بكل نشاطات التصدير ذات الطابع التجاري او الصناعي والنشاطات ذات الصلة،مع الإعفاء من اللوائح الجمركية،ومن مراقبة التجارة الخارجية والصرف،تنشا كل منطقة وتحدد بمرسوم يعين طبيعة نشاطات المؤسسات التي يمكن أن تقيم فيها،ومن أهم المناطق الحرة في المغرب
منطقة التصدير الحرة في طنجة والتي تم تصنيفها وفق أخر تصنيف بريطاني أجرته مؤسسة "الفاينانشل تايمز"في الرتبة الثامنة دوليا لسنة 2010-2011 وصنفت المجلة البريطانية المختصة في الاستثمار الأجنبي "فورنغ ديريكت انفيستسمن"والصادرة من طرف مجموعة "الفاينانشل تايمز"منطقة طنجة الحرة في الرتبة الثامنة نظرا لتمكنها من جلب الاستثمارات تزيد عن 6 مليارات درهم منذ إنشائها
ويعزى هذا التصنيف أيضا إلى إغراء المنطقة للمستثمرين الدوليين،وإمكاناتها الضخمة في مجال التنمية وقربها من الميناء والمطار،بالإضافة إلى تأهيل بنيتها التحتية بشكل كبير وعصري ينافس المنشات الدولية الكبرى،وعلاوة على ذلك تقول المجلة البريطانية ،إن منطقة التجارة الحرة بطنجة تأتي في المرتبة الثانية في فئة "أفضل الموانئ" العالمية،والثالثة في "أفضل المطارات" والثامنة في فئة "أفضل منشآة اقتصادية"
المطلب الثاني: أثر إلغاء الرسوم الجمركية على الميزانية العامة.
تعتبر الرسوم الجمركية أداة لحماية الاقتصاد الوطني من غزو البضائع والخدمات الأجنبية وموردا جبائيا مهما لتنمية الموارد الضريبية للدولة ولسد نفقاتها غير أن اندماج المغرب في سياسة الانفتاح الاقتصادي وما ترتب عنها من التزامات دولية وانضمام المغرب إلى مجموعة من الاتفاقيات الدولية كاتفاق التبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية وخلق مناطق حرة والاتفاقية العالمية لمنظمة التجارة العالمية فقد ترتب عن كل ذلك آثار سلبية على الميزانية وعلى الموارد الجمركية.
و بتنفيذ مسلسل التفكيك التدريجي للرسوم الجمركية أصبحت هذه الأخيرة تفقد أهميتها بالنسبة لميزانية الدولة نظرا للتراجع المستمر لعائداتها واستقرارها من سنة إلى أخرى،وهذا ما أذى إلى حرمان الميزانية من إحدى منابعها الجبائية التقليدية التي يصعب تعويضها أمام ندرة الموارد وتزايد حجم النفقات بالإضافة إلى أن ذلك يساهم في إغراق السوق المحلية بالبضائع الأجنبية التي تقوم بتحويل الأرباح إلى البلد الأصل مما ينعكس على الميزانية وعلى أداء ميزان المدفوعات.
مند بداية تطبيق اتفاقية الشراكة الأورومغربية اتخذت الإجراءات الجمركية منحى تنازليا حيث إن أهمية الانعكاسات الجبائية لاتفاقية التبادل الحر المبرمة مع الاتحاد الأوروبي ظهرت بشكل سلبي و ذلك للاعتبارات التالية:
ü كون الاتحاد الأوروبي هو اكبر شريك اقتصادي وتجاري للمغرب بحكم إن ثلثي مبادلاته تتم مع هذه المجموعة الاقتصادية فالإحصائيات المتعلقة بسنة 2002تؤكد إن الواردات مع الاتحاد الأوروبي وصلت إلى %57 والصادرات الموجهة إليه بلغت %73.
ü كون الرسوم المفروضة على استيراد المواد القادمة من أوروبا تمثل %60 من مجموع الإيرادات الجمركية.
ü اعتبار الإلغاء التدريجي للرسوم الجمركية على المنتجات الصناعية الأوروبية هو حجر الزاوية في الاتفاقية.
ü كون الرسوم الجمركية تمثل %10مجموع موارد الخزينة العامة.
وقد اهتمت العديد من الدراسات بتقدير حجم الخسائر التي سيتحملها المغرب عند فتح أسواقه أمام واردات الاتحاد الأوربي في 20 من المداخيل العمومية وتراجع مداخيل الرسوم الجمركية سيصل إلى 1,9 من الناتج الداخلي الخام خلال الفترة الممتدة ما بين 2010-2012 .
ويتمثل أهم انعكاس مالي لاتفاقية في حجم ضياع المداخيل الجبائية المتوالية ,مع تفكيك الرسوم الجمركية ويقدر هذا الضياع بالنسبة للفترة المتراوحة ما بين 2000 و2012ب 1.9% من الناتج الداخلي الإجمالي فيما يتعلق باروبا وتصل إلى% 2,6 في حالة الانفتاح على بقية العالم.
والواقع إن انخفاض الإجراءات الجمركية انطلق منذ انضمام المغرب للمنظمة العالمية للتجارة ليتعمق مع بداية تنفيذ اتفاقية الشراكة وقد عرفت سنة 2003 من مداخيل الرسوم الجمركية 12,7مليار درهم اي خسارة 900 مليون درهم مقارنة مع سنة 2002 وهذا التراجع يجد تفسيره في انطلاق تطبيق الشطر الثالث من إلغاء التعريفة الجمركية وكذا زيادة الواردات المستفيدة من الإلغاءات الجمركية بنسبة 404 بينما انخفضت الواردات مع باقي دول العالم بنسبة 3,9 ، أن مساهمة الرسوم الجمركية في تنمية الموارد الضريبية أصبحت مساهمة ضعيفة مما انعكس سلبا على الميزانية ويتمثل أهم انعكاس في حجم ضياع المداخيل الجمركية ويقدر هذا الضياع للفترة ما بين 2000و 2012 ب1,9 من الناتج الداخلي الخام أما فيما يتعلق بإلغاء الحواجز الجمركية بشكل كلي والانفتاح عن العالم فان هذه النسبة قد تصل إلى 2,6 من الناتج الداخلي الإجمالي وحيث انخفضت الموارد الجمركية من سنة 1983الى سنة 1993 واستمرت في الانخفاض سنة تلو أخرى مع إلغاء الرسوم الجمركية ناتجة لهذه الاتفاقيات كذا بتشجيع الاستثمار فقد انخفضت هذه المداخيل من سنة 1993 الى سنة 2000 بنسبة 8,9.
إن هذا الانخفاض المتوالي في الرسوم الجمركية الذي يؤدي بالضرورة إلى انخفاض موارد الدولة الجبائية في ظل التنامي للنفقات أدى بالحكومة إلى محاولة إيجاد بدائل لتعويض النقص الحاصل في الموارد حيث قامت الدولة بزيادة الضرائب على الاستهلاك واستفادت الشركات و أرباب العمل وأصحاب الدخول العليا من الإعفاءات الممنوحة لهم.
وأمام هذا التدهور اضطرت الدولة إلى القروض والخوصصة حيث أن الدولة لجأت إلى القروض البنكية لتغطية عجز الميزانية إلا أن هذا النوع من القروض له سلبيات عديدة منها ارتفاع نسبة الفائدة ومضاعفة النفقات بسبب فوائد القروض حيث وصلت المديونية الداخلية لسنة 2009 الى 266,7مليار درهم بدل 257مليار درهم سنة 2008 كما تلجا الدولة إلى القروض الخارجية وهذا النوع يؤثر على ميزان المدفوعات مما يكرس بدوره عجزا في الميزانية خاصة إذا كان سعر الفائدة مرتفعا فالمديونية الخارجية وصلت الى 140 مليار درهم سنة 2009 بزيادة 6,5 مليار درهم مقارنة مع سنة 2008 أما فيما يتعلق بالخوصصة فأنها قد تكون ذات سلبيات اقل في الوقت الراهن إلا انه قد يؤدي إلى مشكل اكبر عندما يتم تفويت كل المؤسسات العمومية للدولة حتى لا تملك هذه الأخيرة ما تفوته بعد ذلك.
ومن بين العواقب السلبية لاتفاقية الشراكة هناك إمكانية تعميق العجز في الحساب الجاري لميزان الاداءات على المدى القصير والمتوسط فانفتاح السوق الداخلي على منافسة المنتجات الأوروبية سيترجم بزيادة سريعة في الواردات التي سيتم تحفيزها في نفس الوقت الذي يجري فيه التفكيك الجمركي.
ويكرس هذا التوجه استمرار القيود التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على المنتجات الفلاحية بالإضافة إلى تعميم مزايا الولوج إلى سوق الاتحاد الأوروبي على باقي الدول المتوسطية وكذا المنافسة الشرسة الناتجة ما بين الفرقاء التقليديين وباقي زبناء الاتحاد الأوروبي ويعكس كل هذا نمو ضعيف للصادرات المغربية المقارنة بالواردات.
فأثر اتفاقية الشراكة على الصادرات سيبقى ضعيفا حتى في حالة تزايد الاستثمارات الأجنبية المباشرة فاغلب هذه الاستثمارات تستهدف في المقام الأول السوق الداخلي بدلا من التصدير كما أن هذه الاستثمارات تعمل في المدى الطويل على تحويل المزيد من النقد الأجنبي نحو الخارج على شكل إرباح وأصول رؤوس الأموال المستثمرة مما يزيد من عجز ميزان الاداءات الذي يتطلب البحث عن موارد إضافية كما أن النظام الجبائي يتميز بثقل الرسوم والضرائب على المبادلات الخارجية وان اكبر تحدي تطرحه إستراتيجية التنمية في إطار التبادل الحر يتمثل في البحث عن مصادر مالية لتعويض انخفاض الرسوم الجمركية حيث أن الدول النامية يتم تمويل جزء كبير من ميزانيتها عبر المداخيل الجبائية فالناتج الداخلي الخام يمثل 5,3من حصة الرسوم الجمركية التي تحتل مكانة هامة وبالتالي فإلغاءها يترتب عنه عجز في الميزانية ولمواجهته تعمل الدول إلى تنمية ايرادات الضرائب الداخلية سواء المباشرة أو الغير مباشرة بينما الدول المتقدمة يساهم ب 0,72 من إيراداتها الجبائية نظرا لارتفاع مستوى التنمية الاقتصادية وتراجع المداخيل الجمركية .
الضرائب المباشرة: بلغت نحو 66,9 مليار درهم سنة 2011 وقد حققت تزايدا بنسبة %10 بالمقارنة مع سنة 2010 حيث كانت في حدود 65,3 مليار درهم بينما بلغت التوقعات لسنة 2012ما قدره 66,9مليار درهم .
الضرائب غير المباشرة: تقدر بنسبة 67,9مليار درهم سنة 2011 بينما كانت لا تتجاوز 60,9مليار درهم أي بزيادة 6,7 مليار درهم أما حصيلة رسوم التنبر فهي بدورها عرفت زيادة ملموسة 600 مليون درهم سنة 2011 نتيجة إصدار وزارة الداخلية لمذكرة تنص على أداء رسوم التنبر على جميع الوثائق.
ويرجع الفضل في هذه الزيادة الى حسن تدبير الضريبية على القيمة المضافة حيث حققت مواردها الضريبية زيادة بنسبة 10بالمائة.
و تجب الإشارة إلى تعويض هذه الخسارة الجبائية عبر الضريبة على القيمة المضافة يستدعي الزيادة في معدلات الضريبة بوثيرة متزايدة بنسبة % 2,9 سنويا إلى غاية سنة 2012 إذا ما اقتصر الأمر على أوروبا فقط بينما سيستدعي الزيادة في هذا المعدل بنسبة %3,7 سنويا في حالة ما إذا كان التفكيك الجمركي يهم مجموع الشركاء التجاريين في العالم.
ومعلوم أن البنية الثابتة للمداخيل الجبائية خلال العقدين الأخيرين قلص هامش الحرية لدى السلطات العمومية في مجال تعويض التفكيك الجمركي بالنظر إلى صعوبة تعديل معدلات الضريبة وهنا تطرح الإمكانية الوحيدة لتعويض التفكيك الجمركي محاولة تحقيق نمو اقتصادي قوي مرفوق بتوسيع للوعاء الجبائي وبتحديد للإدارة الضريبية وتعزيز القيود الموازنية.
إن التبادل الحر سيؤدي إلى استبدال جزئي لجباية سهلة الاستقطاع والمتمثلة في الرسوم الجمركية بضرائب يعتبر اقتطاعها شديد الصعوبة مثل الضريبة العامة على الدخل بالنسبة للمكلفين غير المأجورين والضريبة على الشركات فالضريبة على المداخيل تعتبر فضلا عن ذلك اقل سهولة في التدبير وتفترض علاقة مباشرة ما بين الدولة والمكلف.
إن مسلسل التفكيك الجمركي ابتدأ من مارس2000 طبقا لاتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي وتواصل هذا التفكيك تدريجيا حسبما تفرضه الاتفاقيات السالفة الذكر من التزامات أصبحت الرسوم تفقد أهميتها لميزانية الدولة نظرا للتراجع المستمر لعائداتها أو استقرارها من سنة إلى أخرى .
إن النقص في الموارد الذي تسببت في الإلغاءات الجمركية له انعكاسات على ميزانية الدولة حيث نحن ألان في أمس الحاجة إلى ميزانية متوازنة لا ميزانية غير قادرة على تمويل التحديثات الضرورية للاقتصاد و الاوراش الكبرى المهيكلة المفتوحة في كل جهات الدولة،فرغم كل المحاولات للرفع من موارد الدولة الغير جمركية فان ميزانية الدولة ظلت تعاني من العجز مند بداية اتفاقية إلغاء التعرفة الجمركية ومثال على ذلك العجز ما عرفته ميزانية الدولة لسنة 2010 حيث وصل إلى 14,5 مليار درهم أي 4,8 من الناتج الداخلي الخام.
وعلى اعتبار إن النفقات المالية الخاصة بالإسراع فعملية التنمية هي نفقات مرتفعة تحتاج إلى تمويلات مهمة لتغطية النقص الحاصل في الموارد الجبائية فهذا النقص الذي سببه إلغاء الحقوق الجمركية تحول إلى عجز في ميزانية الدولة وهو مل تحاول الحكومة تعويضه عن طريق اللجوء إلى القروض من اجل تغطية هذا العجز إلا أن هذا النوع من القروض له مجموعة من السلبيات.
غير أن الزيادة في مداخيل بعض الرسوم الجمركية لسنة 2008و2009 يرجع إلى الزيادة في قيمة الضرائب الداخلية خاصة الضريبة على الاستهلاك والضريبة على القيمة المضافة التي يؤديها المواطنون بمختلف شرائحهم وخصوصا الطبقات المتوسطة التي تعرف استهلاكا كبيرا.
كما عرفت سنة 2003و2004 تراجعا كبيرا من قيمة هذه الرسوم بنسبة 1,9 مليار درهم نتيجة تطبيق اتفاقية التبادل الحر مع أمريكا وتركيا وسريان الاتفاقية الأورومغربية المبرمة سنة 1996.
إن مساهمة الرسوم الجمركية في تنمية الموارد الضريبية أصبحت مساهمة ضعيفة مما انعكس سلبا على الميزانية وعلى الميزان التجاري كما عرفت تحويلات الجالية المغربية خلال الأزمة العالمية الأخيرة تراجعا ملحوظا كما تراجعت حصة شركة اتصالات المغرب المحولة لميزانية الدولة وعائدات الخوصصة نتيجة لذلك أصبحت ميزانية الدولة تعرف عجزا دائما يصعب تعويضه أمام ندرة المواد وازدياد حجم التحملات.
انعكاسات الإنفتاح الإقتصادي على النمو:
1 – انعكاسات احترام المعايير الدولية في مجال السعر والجودة. وسيتطلب هذا البحث أكثر عن سبل تقليص الكلفة خصوصا على مستوى كلفة اليد العاملة وإلا سيؤدي ذلك حتما الى الخروج من السوق. فانخفاض اسعار المنتجات المستوردة، المواكب لتفكيك الرسوم الجمركية، سيؤدي بدون شك الى تزايد الاستهلاك الخاص والى اغلاق العديد من المقاولات التي لا تقوى على منافسة هذه السلع. كما أن هذا الانفتاح سيهدد بانخفاض انتاجية قطاعات واسعة بناء على اعتبارات ترتبط بتحويل اليد العاملة وبالمنافسة النشيطة للمنتجات المنتهية المستوردة.
على مستوى الرفاهة والنمو، تشير دراسة للبنك الدولي وضعت سنة 1993 حول المغرب الى أن تزايد المداخيل سيبلغ 1,5 % من الناتج الداخلي الاجمالي في حالة اقامة منطقة التبادل الحر مع أوروبا بينما سيبلغ 2,5 % مع الانفتاح على جميع الدول، وسيكون من نتائج تحسن المداخيل نمو صادرات عدد محدود من القطاعات كالفوسفاط والحوامض والخضراوات بينما ستتضرر بقساوة أغلبية الأنشطة الأخرى نتيجة التخلي عن حمايتها ويوجد من بين هذه الأنشطة الحبوب واللحوم والصناعة الغذائية الأساسية على الخصوص.
ومع تزايد الانفتاح يجب أن نتوقع على المدى القصير اختفاء جزء مهم من النسيج الاقتصادي المغربي خصوصا المقاولات الصناعية غير المصدرة أو التي يقل معدل تصدير منتجاتها عن 10 % ، والتي شكلت 64 % من المقاولات المغربية سنة 1998، وتعمل على انتاج أكثر من نصف القيمة المضافة. وبطبيعة الحال سيكون لهذا الاختفاء عواقب على التشغيل، مما سيدفع بالمقابل الى البحث بالضرورة عن تليين أكبر لمدونة الشغل والتي ستكون لها انعكاسات وخيمة على سوق العمل وتساهم في تفاقم حدة البطالة. فحسب منطق اتفاقية الشراكة لن يكون لتحرير المبادلات ونمو الصادرات أي أثر ايجابي على التشغيل الا في اطار مرونة متزايدة لسوق العمل التي ستقلص من الكلفة التي تتحملها المقاولات بينما ستلقي في المقابل بأعداد كبيرة من العمال الى الشارع.
على مستوى الرفاهة والنمو، تشير دراسة للبنك الدولي وضعت سنة 1993 حول المغرب الى أن تزايد المداخيل سيبلغ 1,5 % من الناتج الداخلي الاجمالي في حالة اقامة منطقة التبادل الحر مع أوروبا بينما سيبلغ 2,5 % مع الانفتاح على جميع الدول، وسيكون من نتائج تحسن المداخيل نمو صادرات عدد محدود من القطاعات كالفوسفاط والحوامض والخضراوات بينما ستتضرر بقساوة أغلبية الأنشطة الأخرى نتيجة التخلي عن حمايتها ويوجد من بين هذه الأنشطة الحبوب واللحوم والصناعة الغذائية الأساسية على الخصوص.
ومع تزايد الانفتاح يجب أن نتوقع على المدى القصير اختفاء جزء مهم من النسيج الاقتصادي المغربي خصوصا المقاولات الصناعية غير المصدرة أو التي يقل معدل تصدير منتجاتها عن 10 % ، والتي شكلت 64 % من المقاولات المغربية سنة 1998، وتعمل على انتاج أكثر من نصف القيمة المضافة. وبطبيعة الحال سيكون لهذا الاختفاء عواقب على التشغيل، مما سيدفع بالمقابل الى البحث بالضرورة عن تليين أكبر لمدونة الشغل والتي ستكون لها انعكاسات وخيمة على سوق العمل وتساهم في تفاقم حدة البطالة. فحسب منطق اتفاقية الشراكة لن يكون لتحرير المبادلات ونمو الصادرات أي أثر ايجابي على التشغيل الا في اطار مرونة متزايدة لسوق العمل التي ستقلص من الكلفة التي تتحملها المقاولات بينما ستلقي في المقابل بأعداد كبيرة من العمال الى الشارع.
إن عملية تأهيل المقاولات لكي تصبح تنافسية لن يكون كافيا. لكن هناك مع ذلك بعض القطاعات الجديدة التي ستجد في اتفاقية الشراكة مجالا للمزيد من النمو، وأخص بالذكر هنا قطاع الآليات الكهربائية والصناعات الغذائية والخدمات. غير أن هذا القطاع الأخير الذي سيصبح بدون شك في السنوات المقبلة مصدر اعادة تنظيم جديد للتقسيم الدولي للعمل نظرا للمكانة التي تخولها اياه كبار الدول المتقدمة، والذي بلغ نصيبه في الناتج الداخلي الاجمالي المغربي حوالي 45 % سنة 1998 لا يؤكد سوى على نوع من التشوه الحاصل في الهيكل النتاجي للبلاد، حيث أن هناك اختلال واضح بين نمو قطاعات الانتاج المادي (الزراعة والصناعة) ونمو قطاع الخدمات. ويعود هذا الاختلال على الخصوص الى تراجع الانتاج الفلاحي والاعتماد الكبير على الخارج في تدبير السلع الاستهلاكية والصناعية والانتاجية. ورغم الحصة الكبيرة لقطاع الخدمات في بلادنا فإنها لا تشكل سوى نسبة ضئيلة في الصادرات المغربية مما يجعل من المغرب مستورد صاف للخدمات، وليس من المتوقع في الأجل القصير أو المتوسط منافسة الدول الأوروبية في هذا المجال.
تمويل تأهيل المقاولات سيتطلب مبالغ مهمة تتجاوز بشكل واسع امكانيات السوق المالي الداخلي في الوقت الذي تضل فيه المساعدات الدولية ضعيفة فالمساعدة المالية للاتحاد الأوروبي بالنسبة للمرحلة 1995-1999 ظلت في حدود 4 ايكو لكل شخص بالنسبة لدول البحر الأبيض المتوسط مقابل 12,2 ايكو بالنسبة لدول أوروبا الوسطى والشرقية. وبالمقارنة مع الناتج الداخلي الاجمالي فإن هذه المساعدة لا تتجاوز 0,4 % بالنسبة لدول البحر الأبيض المتوسط (خارج اسرائيل) في حين أن البرتغال حصلت على ما يزيد عن 4 % .
تمويل تأهيل المقاولات سيتطلب مبالغ مهمة تتجاوز بشكل واسع امكانيات السوق المالي الداخلي في الوقت الذي تضل فيه المساعدات الدولية ضعيفة فالمساعدة المالية للاتحاد الأوروبي بالنسبة للمرحلة 1995-1999 ظلت في حدود 4 ايكو لكل شخص بالنسبة لدول البحر الأبيض المتوسط مقابل 12,2 ايكو بالنسبة لدول أوروبا الوسطى والشرقية. وبالمقارنة مع الناتج الداخلي الاجمالي فإن هذه المساعدة لا تتجاوز 0,4 % بالنسبة لدول البحر الأبيض المتوسط (خارج اسرائيل) في حين أن البرتغال حصلت على ما يزيد عن 4 % .
2 – انعكاسات اتفاقية الشراكة على الميزانية العامة:
يتمثل أهم انعكاس مالي لاتفاقية الشراكة في حجم ضياع المداخيل الجبائية المتوالية، مع تفكيك الرسوم الجمركية، ويقدر هذا الضياع بالنسبة للفترة المتراوحة ما بين 2000 و 2012 ب 1,9 % من الناتج الداخلي الاجمالي فيما يتعلق بأوروبا وتصل هذه النسبة الى 2,6 % في حالة الانفتاح على بقية العالم.
فمع الشروع في التفكيك، تراوحت خسارة الدولة من الرسوم الجمركية سنة 1997 ما بين 0,3 و0,4 % من الناتج الداخلي الاجمالي حسب مستوى الانفتاح المتوقع (من مصدر أوروبي أو من مصادر أخرى دولية). ولو أن هذه الخسارة تعتبر في الحقيقة ضعيفة بسبب اجراءات التنفيذ المعتمدة منذ سنة 1997، وتذهب في اتجاه التشجيع الجبائي على الاستثمار.
وتجب الاشارة الى أن تعويض هذه الخسارة الجبائية عبر الضريبة على القيمة المضافة يستدعي الزيادة في معدلات الضريبة بوثيرة متزايدة بنسبة 2,9 % سنويا الى غاية سنة 2012 إذا ما اقتصر الأمر على أوروبا فقط بينما سيستدعي الزيادة في هذا المعدل بنسبة 3,7 % سنويا في حالة ما إذا كان التفكيك الجمركي يهم مجموع الشركاء التجاريين في العالم.
ومعلوم أن البنية الثابتة للمداخيل الجبائية خلال العقدين الأخيرين قلص هامش الحرية لدى السلطات العمومية في مجال تعويض التفكيك الجمركي. بالنظر الى صعوبة تعديل معدلات الضريبة. وهنا تطرح الامكانية الوحيدة لتعويض التفكيك الجمركي محاولة تحقيق نمو اقتصادي قوي، مرفوق بتوسيع للوعاء الجبائي، وبتحديث للادارة الضريبية وتعزيز القيود الموازنية.
إن التبادل الحر سيؤدي الى استبدال جزئي لجباية سهلة الاستقطاع والمتمثلة في الرسوم الجمركية بضرائب يعتبر اقتطاعها شديد الصعوبة مثل الضريبة العامة على الدخل بالنسبة للمكلفين غير المأجورين والضريبة على الشركات. فالضريبة على المداخيل تعتبر فضلا عن ذلك أقل سهولة في التدبير وتفترض علاقة مباشرة مابين الدولة والمكلف.
يتمثل أهم انعكاس مالي لاتفاقية الشراكة في حجم ضياع المداخيل الجبائية المتوالية، مع تفكيك الرسوم الجمركية، ويقدر هذا الضياع بالنسبة للفترة المتراوحة ما بين 2000 و 2012 ب 1,9 % من الناتج الداخلي الاجمالي فيما يتعلق بأوروبا وتصل هذه النسبة الى 2,6 % في حالة الانفتاح على بقية العالم.
فمع الشروع في التفكيك، تراوحت خسارة الدولة من الرسوم الجمركية سنة 1997 ما بين 0,3 و0,4 % من الناتج الداخلي الاجمالي حسب مستوى الانفتاح المتوقع (من مصدر أوروبي أو من مصادر أخرى دولية). ولو أن هذه الخسارة تعتبر في الحقيقة ضعيفة بسبب اجراءات التنفيذ المعتمدة منذ سنة 1997، وتذهب في اتجاه التشجيع الجبائي على الاستثمار.
وتجب الاشارة الى أن تعويض هذه الخسارة الجبائية عبر الضريبة على القيمة المضافة يستدعي الزيادة في معدلات الضريبة بوثيرة متزايدة بنسبة 2,9 % سنويا الى غاية سنة 2012 إذا ما اقتصر الأمر على أوروبا فقط بينما سيستدعي الزيادة في هذا المعدل بنسبة 3,7 % سنويا في حالة ما إذا كان التفكيك الجمركي يهم مجموع الشركاء التجاريين في العالم.
ومعلوم أن البنية الثابتة للمداخيل الجبائية خلال العقدين الأخيرين قلص هامش الحرية لدى السلطات العمومية في مجال تعويض التفكيك الجمركي. بالنظر الى صعوبة تعديل معدلات الضريبة. وهنا تطرح الامكانية الوحيدة لتعويض التفكيك الجمركي محاولة تحقيق نمو اقتصادي قوي، مرفوق بتوسيع للوعاء الجبائي، وبتحديث للادارة الضريبية وتعزيز القيود الموازنية.
إن التبادل الحر سيؤدي الى استبدال جزئي لجباية سهلة الاستقطاع والمتمثلة في الرسوم الجمركية بضرائب يعتبر اقتطاعها شديد الصعوبة مثل الضريبة العامة على الدخل بالنسبة للمكلفين غير المأجورين والضريبة على الشركات. فالضريبة على المداخيل تعتبر فضلا عن ذلك أقل سهولة في التدبير وتفترض علاقة مباشرة مابين الدولة والمكلف.
3 – انعكاسات اتفاقية الشراكة على التوازن الخارجي:
من بين العواقب السلبية لاتفاقية الشراكة هناك امكانية تعميق العجز في الحساب الجاري لميزان الأداءات على المدى القصير والمتوسط. فانفتاح السوق الداخلي على منافسة المنتجات الأوروبية سيترجم بزيادة سريعة في الواردات التي سيتم تحفيزها في نفس الوقت الذي يجري فيه التفكيك الجمركي.
ويكرس هذا التوجه استمرار القيود التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على المنتجات الفلاحية، بالاضافة الى تعميم مزايا الولوج الى سوق الاتحاد الأوروبي على باقي الدول المتوسطية وكذا المنافسة الشرسة الناتجة ما بين الفرقاء التقليديين وباقي زبائن الاتحاد الأوروبي ويعكس كل هذا نمو ضعيف للصادرات المغربية المقارنة بالواردات.
فأثر اتفاقية الشراكة على الصادرات سيبقى ضعيفا حتى في حالة تزايد الاستثمارات الأجنبية المباشرة. فأغلب هذه الاستثمارات تستهدف في المقام الأول السوق الداخلي بدلا من التصدير. كما ان هذه الاستثمارات تعمل في المدى الطويل على تحويل المزيد من النقد الاجنبي نحو الخارج على شكل أرباح وأصول رؤوس الأموال المستثمرة مما يزيد من عجز ميزان الأداءات.
من بين العواقب السلبية لاتفاقية الشراكة هناك امكانية تعميق العجز في الحساب الجاري لميزان الأداءات على المدى القصير والمتوسط. فانفتاح السوق الداخلي على منافسة المنتجات الأوروبية سيترجم بزيادة سريعة في الواردات التي سيتم تحفيزها في نفس الوقت الذي يجري فيه التفكيك الجمركي.
ويكرس هذا التوجه استمرار القيود التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على المنتجات الفلاحية، بالاضافة الى تعميم مزايا الولوج الى سوق الاتحاد الأوروبي على باقي الدول المتوسطية وكذا المنافسة الشرسة الناتجة ما بين الفرقاء التقليديين وباقي زبائن الاتحاد الأوروبي ويعكس كل هذا نمو ضعيف للصادرات المغربية المقارنة بالواردات.
فأثر اتفاقية الشراكة على الصادرات سيبقى ضعيفا حتى في حالة تزايد الاستثمارات الأجنبية المباشرة. فأغلب هذه الاستثمارات تستهدف في المقام الأول السوق الداخلي بدلا من التصدير. كما ان هذه الاستثمارات تعمل في المدى الطويل على تحويل المزيد من النقد الاجنبي نحو الخارج على شكل أرباح وأصول رؤوس الأموال المستثمرة مما يزيد من عجز ميزان الأداءات.
3 - القيود على انتقال الأشخاص
إن اتفاقية الشراكة وإن كانت تدل على حرية الحركة لعناصر الانتاج على الصعيدين الأوروبي والمغربي، الا أن هذه الحرية تعتبر مشبوهة وناقصة. فاتفاقة الشراكة التي تدعى أيضا باتفاقية التبادل الحر، تعني فقط من الناحية الفعلية، حرية الحركة عبر الحدود لرؤوس الأموال والبضائع طبقا لما تقرره البلدان الأوروبية وشركاتها متعددة الجنسية. أما عنصر العمل فمن غير المسموح له بهذه الحركة. فإذا كان رأس المال من المسموح له أن يذهب للاستثمار في المناطق التي يوجد بها عنصر العمل الرخيص وترتفع فيها معدلات الربح، الا أنه من غير المسموح لعنصر العمل في بلادنا أن يمارس نفس المبدأ، أي أن ينتقل الى البادان الأوروبية التي ترتفع فيها معدلات الأجور.
فالسماح بمثل هذا الانتقال سوف يؤدي الى هجرة أعداد كبيرة من المغاربة الى أوروبا، وهو أمر يخشاه الاتحاد الأوروبي لما سينطوي عليه من منافسة اليد العاملة المغربية للعمال المحليين، وهو أمر قد يفاقم من مشكلة البطالة فيها. بل إنه نتيجة لزيادة عدد المتعطلين في كثير من البلدان الأوروبية، فإن حكومات تلك البلدان بدأت تمارس ضغطا على العمالة الأجنبية الموجودة لديها لحثها على الرحيل. بل نشأت فيها حركات سياسية عنصرية ترفع رايات العداء للأجانب وتمارس العنف والتمييز العنصري ضدهم مثل حزب لوبين الشهير في فرنسا.
والغريب في الأمر هو أن حكومات كثير من الدول الأوروبية ترحب باستقبال عنصر العمل الأجنبي النادر، مثل العلماء وكبار الباحثين والأطباء والمهندسين والفنيين والمشتغلين بقطاع المعلومات.. وهو ما يعد استنزافا للادمغة المغربية ويمكن اعتباره شكلا من أشكال القرصنة لأهم مورد تنموي تملكه بلادنا.
خاتمة
في الوقت الراهن، ينظر إلى أداء الوظيفة الجمركية باعتباره مصدراً لإقرار العديد من المعطيات والقيود غير الجمركية ومدخلاً لفرض العديد من أشكال الضرائب والرسوم ذات الأثر المماثل، ومن ثم فان استكمال حلقات بناء نظام كوني للتجارة متعددة الأطراف، يجب ألا يغفل ما ينشأ عن الجمارك من عراقيل وقيود عند الحدود الجمركية لدول العالم المختلفة، حيث تعيق حركة التجارة الحرة بين الدول و تقع على الجمارك مسئوليات عديدة، ومن ثم فان طبيعة العمل الجمركي، والأدوات الجمركية المستخدمة، يجب أن تتماشى مع التطور الذي أصبح يعيشه العالم اليوم .
و إن المتغيرات التي تفرضها مناطق التبادل الحر تستلزم تأهيل النسيج الإنتاجي وإعادة هيكلة القطاعات الصناعية لتحسين القدرة التنافسية الكلية للاقتصاد والرفع من الاستثمارات والزيادة في القيمة المضافة للمنتوج وخلق شروط التنمية المستدامة بالإضافة إلى تغطية العجز المالي الناجم عن سياسة التفكيك الجمركي تفرض اتخاذ مجموعة من التدابير لتغطية العجز المالي المرتقب وتحقيق التلاؤم مع الواقع الجديد.
لائحة المراجع
Ø الأستاذة فاطمة الحمدان بحير، السياسة الجمركية المغربية و إشكالية المبادلات التجارية الدولية، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، المغرب، 2005.
Ø مجلة الجمارك المغربية أعداد 2000،2002،2003،2010.
Ø قوانين المالية لسنة 2010،2011،2012، 2013،2014،2015
Ø هشام رفيق ، مقدمة في العلاقات الاقتصادية الدولية الطبعة الاولى مراكش 2002
شاركنا بتعليقك...