قضايا المرأة في الفكر الاسلامي المعاصر الامام محمد مهدي شمس الدين إنموذجا
بقلم الباحثة الاستاذة انعام محمد جواد العندليب ( ج : 2)
مما يعني ضعف الرواية عند الشيعة ايضاً[1] رافضا أجماع المسلمين لعدم ثبوته في عهد النبي (ص)حيث يقول :(وقد اعتبروا العرف مرجعاً في فهم كثير من النصوص ، وهو عرف لم يثبت أنه بجميع تفاصيله كان سائدا في عهد النبي واله والأئمة المعصومين ليصبح مرجعا ًفي فهم النصوص ) [2] أذ يرى أن تفاصيل هذا العرف ما هو إلا نتيجة لأعراف وتقاليد دخيلة لم يصنعها الشرع وانما انتجها الارث الثقافي التي تأثرت به المجتمعات الإسلامية نتيجة التفاعل مع أهل الاديان [3]وبالعودة الى القرآن الكريم (فبلقيس ) ملكة سبأ مثال المرأة الناجحة في قيادة الدولة وأداره المجتمع [4](.....قالوا نحن أولو قوة وألو بأس شديد والامر اليك فأنظري ماذا تأمرين قالت إن الملوك إذ ادخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون ، وأني مرسلة اليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون )[5]وقوله تعالى :( اني وجدت أمراه تملكهم ، أُتيت من كل شيء ولها عرش عظيم ) [6]لم يرد في الآيات السابقة تنديد أو نقد لكون بلقيس ملكة كما لم يرد نقد لشعب سبأ كونه خضع لحكم أ مرأة هي( بلقيس ) [7](وبلقيس )التي حكمت شعبها لم تمارس استبدادا على شعبها بل عقدت مجلس شورى ( قالت يأيها الملؤأفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون ) [8] فكان حصيلة المشاورات قول أركان الدولة : (نحن أٌلو قوة وبأس شديد )[9]
المرأة وحق العمل
حصرت الأعراف والتقاليد مهمة المرأة في الأسرة وابعدتها عن سائر الانشطة الاخرى في المجتمع سواء أن كان العمل بأجور أو عمل تطوعي. يشترط شمس الدين أن لا يتعارض عمل المرأة مع حقوق الزوجية أولاً ، وأن يكون نشاط المرأة و اختلاطها بالرجل محكوم بالحدود الشرعية في ملبسها وسلوكها العام .أي يحصر حضورها في المجتمع خارج البيت بالجانب الإنساني العام ، ويذهب الى أن لا يحق للاب منع المرأة مزاولة عملها حيث يقول :( لا يجوز للاب ان يحول بين أبنته وبين العمل المأجور والعمل الطوعي في المجالات المشروعة ) [10]ويقول أيضاً:( يبدو أنه ليس للزوج أن يمنع زوجته من العمل أذا لم يناف عملها حقوقه الزوجية)[11]ومثال المرأة العاملة المؤمنة أبنتي شعيب ، قال تعالى : (ولما ورد ماء مدين وجد عليه امة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير )[12]فقد كانت ابنتا شعيب تتوليان العناية بأغنام أبيهما رعية وسقاية وان كان الرعي لا يستلزم الاختلاط بالرجال الاجانب ، فإن السقاية تلازم ذلك غالباً .[13] وتكشف الآية الكريمة ظروف عملهما من أجل حفظ الثروة وكسب المال ، وأبوهما شيخ كبير لا يقوى على مشقة العمل ، ولم تكن ظروفهما تسمح لاستئجار من يقوم بالعمل بدلا عنهم ، فاضطرت البنتان الى العمل بالرعي والسقاية .وتعد هذه الأمثلة التي ذكرناها من القرآن الكريم تكشف الرؤية الإسلامية لموقع المرأة في الاسلام .ومثال بلقيس ، وأبنتا شعيب أمثله للمجتمع بما هو تكوين يشمل الرجال والنساء ضمن تشكيل هو النظام الاجتماعي من هنا نفهم أن المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف ، بما يشتمل من الرجال والنساء جميعاً، فالقرآن الكريم يحدثنا عن قدوة للرجال والنساء معاً، وليست أمثلة للنساء دون الرجال .
حقوق الزوجية
من المسائل الحرجة في فقه المرأة حقوق الزوجية، لذا فأن شمس الدين يرى أن عقد الزواج ليس من شأنه أن يحول الزوجة الى رقيق ، والزوج الى طاغية ، كما أنه ليس من شأنه أن يبقي حرية كل منهما على ما كانت عليه قبل العقد [14]في حين العديد من الفقهاء يحولونه الى حق مادي بيولوجي للزوج دون أي اعتبار لمشاعر المرأة ، وأعتدنا في أدبياتنا الإسلامية أنه شأن إنساني وجمالي وروحي مشترك [15](....الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض ) [16]القوامة كما عبر عنها جملة من المفسرين بأن المراد بها هو الرعاية والكفالة لا الولاية والتسلط [17]فالزمخشري يرى (ان الولاية في القوامة انما تستحق بالفضل ، لا بالتغلب والاستطالة والقهر ) [18] ويتفق معه مغنية حيث يقول (ليس المراد بالقيام على المرأة السلطة المطلقة ،بحيث يكون الزوج رئيساً دكتاتورا، والزوجة مرؤوسه ، لا أراده لها معه ولا اختيار) [19] والتفضيل لا يعني تفضيل الرجال جميعا على النساء بشكل مطلق لذا وضع لفظ (بعضهم ) للإشارة الى ان التفضيل انما هو ليس للجنس من حيث هو بصرف النظر عن الافراد لأنه اذا كان التفضيل مطلق الرجال على جميع النساء يكون بعيدا عن الواقع ، فكم من أمرأه هي افضل من الف رجل [20] ويذهب اتجاه ثاني يمثله ابن الرواندي (القوام على الغير هو المتكفل من نفقة وكسوة وغير ذلك )مما يعني أمر متغير تبعا للتطور ، ففي حال المرأة العاملة والقادرة على الانفاق على نفسها وعلى غيرها فتنتفي القوامة [21]ختاما فأن شمس الدين لا يرى تفاضلا مطلقا للرجل على المرأة قارئا هذا في القرآن الكريم ...الذي يمجد الاختلاف ويرفعه الى مستوى الدليل على عظمة الخالق لأنه المصدر الاغنى لديمومة الحياة .
المصادر:
(1) القرآن الكريم
(2) الامام محمد مهدي شمس الدين العالم المجاهد الفقيه المجدد سيرة ومؤلفات (بيروت: مؤسسة الامام شمس الدين للحوار ،2004)..
(3) جاد الله بن عمر الزمخشري، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الاقاويل في وجوه التأويل، ج1، (بيروت: دار الكتاب العربي، د.ت).
(4) هاني فحص، الإمامان الصدر وشمس الدين ذاكرة لغدنا، (بيروت: دار المدى للثقافة والنشر،2008).
(5) محمد مهدي شمس الدين، التجديد في الفكر الإسلامي، (بيروت: دار المنهل اللبناني ،1997).
(6) محمد مهدي شمس الدين، ثورة الحسين في الوجدان الشيعي، (بيروت: الدار الإسلامية ،1980).
(7) محمد جواد مغنية، الكاشف، ج1(بيروت: دار العلم للملايين ،1978).
(8) سعود المولى، في الحوار والمواطنة والدولة المدنية، (بيروت: دار المنهل المركز العربي للحوار ،2012)
[2] المصدر نفسه، 217
[3] المصدر نفسه.
[4] المصدر نفسه، ص 224
[5] "القرآن الكريم " سورة النمل، الآية :33- 35
[6] " القرآن الكريم " سورة النمل، الآية: 23
[10] محمد مهدي شمس الدين، التجديد في الفكر الإسلامي، مصدر سبق ذكره، ص 240
[11] المصدر نفسه، ص 241
[12] "القرآن الكريم " سورة النمل، الآية: 42
[15] هاني فحص، الامامان الصدر وشمس الدين ذاكرة لغدنا، مصدر سبق ذكرة، ص 240
[17] هاني فحص ، الامامان الصدر وشمس الدين ذاكرة لغدنا ، مصدر سبق ذره ، ص 240
[18] جاد الله بن عمر الزمخشري ، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الاقاويل في وجوه التأويل ، ج1 (بيروت : دار الكتاب العربي ، د.ت )، 505
[20] المصدر نفسه
شاركنا بتعليقك...