قضايا المرأة في الفكر الاسلامي المعاصر الامام محمد مهدي شمس الدين إنموذجا
بقلم الباحثة الاستاذة انعام محمد جواد العندليب ( ج : 1)
تنبع أهمية الإمام شمس كونه فقيه شيعي خالف المألوف ، فأدرج نفسه وفكره وفقهه في سياق الاجتهاد الاسلامي العام المرتبط بتطور الحركة الاسلامية العالمية ذات الطابع السني ، ومصرية التأثير[1] وروداها الكبار(الافغاني ومحمد عبده)كما أنه يطور ويؤصل ما طرحه الغزالي والقرضاوي والغنوشي والترابي وتوفيق الشاوي وطارق البشري ومحمد سليم العوا[2] يعتبر شمس الدين واحد من أعمدة الاعتدال والوسطية ففي بداية نشاطه الفكري في العراق أصدر كتاب (الحكم والأدارة في الاسلام)ثم كتاب (بين الجاهلية والأسلام )،والمهم من الكتب التي حققت توازنا بكفاءة ودراية كتب الشيوعية من جهة ، وتيارات التطرف والحزبية الإسلامية من جهة أخرى . [3] عاصر وعمل مع تلك النخبة النجفية التي سعت لنشر الفكر الإسلامي والثقافة السياسية المواكبة لروح العصر وتطواراته، اسهم في إنشاء جمعية (منتدى النشر)ومجلة(الأضواء)اللتين تصدرنا منابر العمل الإسلامي في حينه واطلقا فكرة التحديث ،لاسيما تحديث مناهج التدريس في الحوزة وتطوير المنبر الحسيني .[4]ومن خلال عمله كمحاضر ومدرس في كلية الفقه في النجف الأشرف ،سعى مع زملائه المجددين لتنظيم الدراسة في الحوزة على أسس ومناهج علمية تستجيب لمتطلبات العصر .ومن إسهاماته في تلك الحقبة العمل على تخريج خطباء المنبر الحسيني مستوعبين للمتغيرات ، واعين لظروف لعصر .[5]ومن أبرز انجازاته في مدينة (الديوانية)أنشائه (المكتبة العامة ) فيها ، أضافة إلى ما يزيد على عشرين مسجداً في نفس المدينة ومحيطها .[6]ويبرز جهده التنويري التحديثي في سلسلة كتب مشهورة أعيد طبعها عدة مرات حول ثورة الحسين من مختلف جوانبها وأبعادها .[7]
الولاية عند شمس الدين:
من أبرز أفكار شمس الدين السياسية (ولاية الامة على نفسها )ومن هذه الولاية ككلية ينزل إلى التفاصيل ،وأهم هذه التفاصيل ولاية المرأة على نفسها ، أي أن الأمة الولية لا تلغي أفرادها وفئاتها ،بل أن ولايتها على نفسها هي ولاية هؤلاء على أنفسهم .[8] أي أنه يقيم أعتباراًعلمياً كحقيقة معنوية ،ولايهمل الفرد أو الافراد كحقيقة ملموسة حافلة بالمعنى .[9]تنطلق رواءه من ليس في التكوين الالهي المنزه ثابت في دونية المرأة وعلوية الرجل ،وانما هما نجدان للجميع مفتوحان للرجل والمرأة .
فالمساحة الوظيفية المشتركة التي تكون استحقاقا معرفيا وعملياً متاحا لكل من يسعى للشأن العام ..ومنه الشأن السياسي [10]الذي هو اختيار حر ،والانخراط فيه يتصل بالدين أتصالاًوثيقاًلأنه دعوة الى الحياة وأنجازها على معايير التقوى..(إن أكرمكم عند الله أتقاكم )[11]فالشيخ شمس الدين بمقاربته لقضية المرأة والسلطة ، مشروعا فقهيا ، وضع المرأة على طريق الحرية ، ومن هنا فهو يصرح بالقول ليس هناك من مانع شرعي حقيقي يمنع المرأة من ممارسة أي دور يمارسه الرجل في المساحة المشتركة بينهما من شؤون الحياة والدولة والادارة، فيقول : (فلاأجماع على اشتراط الذكورة في القاضي )[12]وعند مناقشته دلالة الروايات التي أستند اليها القائلون بالمنع وهم الاغلبية من الفقهاء ، فهو يقول :( بصرف النظر عن شهرة العمل بها فينكشف ضعف سند الروايات التي يستدل بها أهل السنة .[13]وفي ذات الوقت يصف روايات الشيعة في هذا الموضوع تتراوح بين الارسال في معظمها ،
[1] سعود المولى، في الحوار والمواطنة والدولة المدنية، (بيروت: دار المنهل المركز العربي للحوار ،2012)، ص452- 453.
[2] المصدر نفسه، ص453.
[3] الامام محمد مهدي شمس الدين العالم المجاهد والفقيه المجدد سيرة ومؤلفات (بيروت: مؤسسة الامام شمس الدين للحوار ،2004)، ص 10
[5] محمد مهدي شمس الدين، ثورة الحسين في الوجدان الشيعي، (بيروت: الدار الاسلامية ،1980)، ص305- 306
[8] هاني فحص، الامامان الصدر وشمس الدين ذاكرة لغدنا، (بيروت: دار المدى للثقافة والنشر،2008)، ص232- 233
[10] المصدر نفسه.
[11]"القرآن الكريم "، سورة الحجر، الآية :13
[12] محمد مهدي شمس الدين، التجديد في الفكر الاسلامي، (بيروت: دار المنهل اللبناني، 1997)، ص 216.
شاركنا بتعليقك...