لقد عرّفت المادة 37
من قانون الإجراءات الجزائية الاختصاص المحلي لوكيل الجمهورية وحددته بصفة واضحة
وموضوعية والاختصاص المحلي هو تلك الدائرة القضائية التي يستطيع فيها وكيل
الجمهورية مباشرة وظيفته بصفة مباشرة طبقا لقانون الإجراءات الجزائرية.
المطلب
الأول: الاختصاص المحلي من النظام العام.
وقواعد الاختصاص المحلي
من النظام العام، ويمكن إثارتها في أي وقت وأمام أية جهة قضائية أو أي درجة من
التقاضي، سواء أمام المحكمة أو حتى أمام المجلس في حالة الاستئناف لأول مرة ،أو
أمام المجلس الأعلى، وبناء على قواعد الاختصاص المحلي من النظام العام فيجب على
قاضي الموضوع إثارتها من تلقاء نفسه، حتى ولو لم يثرها الأطراف و يكون وكيل
الجمهورية مختصا محليا في الحالات التالية:
1-
بمكان وقوع الجريمة.
2-
أو محل إقامة أحد الأشخاص المشتبه في مساهمتهم في الجريمة.
3-
أو بالمكان الذي تم في دائرته القبض على أحد هؤلاء الأشخاص حتى ولو حصل هذا القبض
لسبب آخر.
ونشرح
الاختصاص المحلي لوكيل الجمهورية فيما يلي:
1-
بمكان وقوع الجريمة:
من الطبيعي أن يكون وكيل الجمهورية مختصا
محليا في جميع الجرائم التي تقع ضمن حدود دائرته القضائية التي يباشر فيها مهامه
كوكيل جمهورية، فيخوله القانون طبقا للمادة 37
من ق.إ.ج حق اتخاذ الإجراءات اللازمة قانونا من الانتقال إلى عين المكان أو
استجواب المتهم الموجود في حالة الجناية أو الجنحة المتلبس بها (المادة 58،59)
ضمن الشروط القانونية وبهذا يحدد الاختصاص المحلي لوكيل الجمهورية.
2-
بمحل إقامة أحد الأشخاص المشتبه في مساهمتهم في الجريمة:
والمقصود بمحل الإقامة هو الموطن الفعلي
الذي يتخذه المتهم مقاما له وسكنا حين وقعت الشكوى ضده أو حين وقوع الجريمة إذا
كانت متبوعا مباشرة بعد وقوعها، إذا كانت للمتهم أو المشبوه فيه أكثر من مكان واحد
للإقامة والسكن، فيعتبر كل وكيل الجمهورية يقع في دائرته محل إقامة المتهم أو المشتبه
فيه مختصا محليا، ومن ألقي عليه القبض الأول في دائرته يمكنه أن يكلف بملف الجريمة
ضمن قواعد الاختصاص المحلي من ق.إ.ج.
3-
مكان توقيف المتهم:
والمقصود به المكان الذي تم في دائرته القبض
على المتهم أو على أحد الأشخاص المشتبه في مساهمتهم في الجريمة، حتى ولو كان هذا
القبض قد حصل لسبب آخر.
والجدير بالذكر أن منح الاختصاص إلى وكيل
الجمهورية بالمكان الذي تمّ فيه القبض على المتهم فيه فوائد كثيرة ومتعددة في معظم
الحالات وخصوصا في السرقات التي يقترفها في قطار مثلا دون أن يعرف على وجه الدقة
في أي مكان اقترف السارق فعلته، ودون أن يكون له موطن معروف في المدينة التي توقف
فيها القطار، أو قام المتهم المتشرد بعدة سرقات من أماكن متعددة ثم ألقي القبض
عليه مع أو بدون تلك الأشياء، فوكيل الجمهورية المختص محليا هو الذي ألقي القبض
على المتهم في حدود دائرته القضائية، والمادة 37
من قانون الإجراءات الجزائية تنص على ذلك بقولها:" يتحدد الاختصاص المحلي
لوكيل الجمهورية بمكان وقوع الجريمة، وبمحل إقامة أحد الأشخاص المشتبه في مساهمتهم
فيها تؤكد بالمكان الذي تم في دائرته القبض على أحد هؤلاء الأشخاص حتى ولو حصل هذا
القبض لسبب آخر".
وباختصار فإنه يتحدد الاختصاص المحلي لوكيل
الجمهورية بمكان وقوع الجريمة، فإذا وقعت جريمة ما في دائرة اختصاص محكمة معينة
(دائرة قضائية) فإن وكيل الجمهورية لدى المحكمة المختصة محليا هو المختص
بالإجراءات الجزائية الواجب اتخاذها إزاء الجريمة المرتكبة هذا إذا ألقي القبض على
المجرم الذي قام باقتراف هذه الجريمة.
أما إذا لم يقبض على المجرم، بل فر هاربا
فإن وكيل الجمهورية المختصة هو الذي يقع بدائرته مقر إقامة المجرم المتهم أو أحد
الأشخاص المشتبه في مساهمتهم فيها، إذا كان له محل إقامة معين، أما إذا قبض على
المتهم أو المشتبه فيه فإن وكيل الجمهورية المختص هو الذي تم في دائرته القضائية مقر إقامة المجرم المتهم أو أحد
الأشخاص المشتبه في مساهمتهم فيها، إذا كان له محل إقامة معين، أما إذا قبض على
المتهم أو المشتبه فيه فإن وكيل الجمهورية المختص هو الذي تم في دائرته القضائية القبض
على المتهم طبقا للمادة 37 من قانون الإجراءات
الجزائية.
المطلب
الثاني : وكيل الجمهورية وإدارة الضبط القضائي.
تنص المادة 12
من قانون الإجراءات الجزائية، الفقرة الثانية على أنه: " يتولى وكيل
الجمهورية إدارة الضبط القضائي ويشرف النائب العام على الضبط القضائي بدائرة
اختصاص كل مجلس قضائي وذلك تحت رقابة غرفة الاتهام بذلك المجلس".
إذن من خلال نص هذه المادة نستنتج أن إدارة
الضبط القضائي موكولة إلى وكيل الجمهورية ممثل النيابة العامة على مستوى المحكمة،
نظرا لما يقوم به من مهام وله الحق في أن يباشرها بنفسه أو يأمر باتخاذ جميع
الإجراءات اللازمة للبحث والتحري عن الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات، وله
سلطة إدارة الشرطة القضائية.
وقد جعل القانون ضباط وأعوان الشرطة القضائية
تحت إشراف السيد وكيل الجمهورية على مستوى المحكمة فيما يخص أعمالهم الخاصة بالضبط
القضائي، وقد خول له القانون أيضا أن يطلب من غرفة الاتهام النظر في أمر كل من تقع
منه مخالفة لواجباته المهنية أو تقصير في أداء عمله.
وفي هذا المجال إذا تعلق الأمر بضابط الشرطة
للأمن العسكري، تحال الفضية على غرفة الاتهام من طرف النائب العام بعد استطلاع رأي
وكيل الجمهورية العسكري الموجود بالمحكمة العسكرية المختصة إقليميا، وغرفة الاتهام
المتواجدة بالجزائر العاصمة تعتبر صاحبة الاختصاص فيما يتعلق بضباط الشرطة
القضائية للأمن العسكري حسب نص المادة 207 من قانون الإجراءات
الجزائية.
وفيما يخص إجراءات التحقيق التي يقوم بها
ضباط وأعوان الشرطة القضائية في جريمة ما منصوص عليها قانونا فإن وكيل الجمهورية
يقوم باتمام جميع أعمال الضبط القضائي، كما تنص المادة 56
من قانون الإجراءات الجزائية على أنه (ترفع يد ضابط الشرطة القضائية من التحقيق
بوصول وكيل الجمهورية لمكان الحادث، ويقوم وكيل الجمهورية بإتمام جميع أعمال الضبط
القضائي المنصوص عليها في هذا الفصل).
وتتم
إدارة الضبط القضائي من قبل وكيل الجمهورية في إصدار تعليمات نيابية، فما هي
التعليمية النيابية ؟.
الفرع الأول :التعليمية النيابية.
تعريف : التعليمية النيابية
هي مجموعة الأوامر التي تتلقاها الضبطية القضائية من قبل وكلاء الجمهورية والغرض
منها فتح تحقيق في قضية ما أو الإستمرار في التحقيق الأولي بحيث يجب التقيد
بمحتواها أي أنه لا يحق بأي حال من الأحوال أن يخرج ضابط الشرطة القضائية عن
النطاق المطلوب تنفيذه، والملاحظ أن تعليمات النيابة على اختلاف أنواعها يمكن
تقسيمها إلى قسمين : فهناك تعليمات يطلب فيها السماع أو إجراء تحقيق وهناك تعليمات
موضوعها التبليغ بالحفظ، والتعليمات هذه تكون نتيجة الشكاوي التي يتلقاها وكلاء
الجمهورية مباشرة من المواطنين بحيث تقيد وتسجل هذه الشكاوي في سجل خاص لدى كتابة
ضبط نيابة الجمهورية أين ترقم وتسجل ثم ترسل بعدها إلى الجهة المحددة من قبل وكيل
الجمهورية.
الفرع
الثاني : أنواع التعليمات النيابية.
إن السند القانوني للتعليمات النيابية نجده
في المادتين: 36
و 63 من ق.إ.ج، حيث هناك نوعان من التعليمات :
كتابية وأخرى شفاهية.
1-
التعليمات النيابية الكتابية :
تتخذ هذه التعليمات الشكل الرسمي وتتم بناءا
على شكوى مصحوبة بادعاء مدني يتلقاها وكيل الجمهورية لدى محكمة ما من طرف أحد
المواطنين يطلب منه التدخل لأمر جزائي يهمه، وبعد دراسة الشكل القانوني للشكوى
يوضح وكيل الجمهورية المهمة المطلوبة على جدول إرسال يرفقه بشكل المواطن، وعلى
رجال الشرطة القضائية التقيد والإلتزام بما هو مطلوب منهم تنفيذه، ثم يعاد الملف إلى
وكيل الجمهورية بعد تنفيذ المضمون، كما قد تكون تعليمات النيابة بناءا على ملفات
قضائية ناقصة قد أرسلت إلى وكيل الجمهورية من طرف ضابط الشرطة القضائية، فيطلب
إكمال ما يلاحظه من نقائص بناءا على تعليمات نيابية ترفق بالملف.
2-
التعليمات النيابية الشفوية :
هذا النوع من
التعليمات يتلقاها ضابط الشرطة القضائية معاملة مع وكيل الجمهورية بمناسبة التحقيق
في مختلف الجنايات والجنح التي تقع في دائرة اختصاصه، حيث أن قانون الإجراءات
الجزائية يلزم ضابط الشرطة القضائية بضرورة إخطار وكيل الجمهورية عن كافة الجرائم
التي تصل إلى علمه، ومن الوسائل القانونية المستعملة في ذلك الهاتف، حيث يتلقى
ضابط الشرطة القضائية تعليمات من السيد/وكيل الجمهورية من أجل البدء في التحقيق أو
مواصلة أو القيام بأية مهمة من مهام الضبط القضائي، وقد تطرق قانون الإجراءات
الجزائية في المواد من 12 إلى 27
إلى مهام الضبطية القضائية و علاقتها بوكيل الجمهورية.
الخاتمة:
من خلال ما تطرقنا إليه في هذا المبحث الذي
شمل اختصاصات وكيل الجمهورية بصفة خاصة
كونه ممثل النيابة العامة على مستوى المحكمة، يمكننا أن نستخلص أن إدارة الضبط
القضائي موكلة إلى وكيل الجمهورية حسب ما نصت عليه المادة 12
من قانون الإجراءات الجزائية الفقرة الثانية " يتولى وكيل الجمهورية إدارة
الضبط القضائي ويشرف النائب العام على الضبط القضائي بدائرة اختصاص كل مجلس قضائي
وذلك تحت رقابة غرفة الاتهام بذلك المجلس".
إذا كانت إدارة الضبط القضائي موكلة إلى
وكيل الجمهورية، فإن ذلك يعود إلى ما هو مكلف به من مهام يباشرها بنفسه أو يأمر
باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للبحث والتحري عن الجرائم المتعلقة بقانون العقوبات
وذلك طبقا للمادة 36 من قانون الإجراءات
الجزائية، فهو مكلف أيضا بمباشرة الدعوى العمومية وهو الحاصل على المعلومات
القانونية لمتابعة المتهمين، وإذا لم تكن له سلطة إدارة الشرطة القضائية لا يمكنه
أن يباشر المهام الملقاة على عاتقه، ونظرا لمكانته الخاصة في هيئة القضاء تمكنه من
أداء دور الإدارة بكل حزم وصرامة.
وقد جعل قانون الإجراءات الجزائية ضباط
وأعوان الشرطة القضائية تحت إشراف السيد/وكيل الجمهورية فيما يتعلق بأعمال وظائفهم
الخاصة بالضبط القضائي، وقد خول له القانون أيضا أن يطلب من الجهة المختصة والتي
هي غرفة الاتهام النظر في أمر كل ما تقع منه مخالفة لواجباته الوظيفية أو تقصير في
أداء عمله.
شاركنا بتعليقك...