يمكن تعريف الدعوى العمومية بأنها الطلب الموجه
من الدولة بواسطة جهازها المختص (النيابة العامة) إلى المحكمة اتجاه المتهم الذي
ارتكب جريمة ضد أحد أفراد المجتمع.
والقاعدة العامة في القانون الجزائري هي أنه لا عقوبة بغير دعوى وإجراءات
جزائية، فلابد من رفع هذه الدعوى أمام
القضاء للوصول إلى معاقبة الجاني.
والخصومة الجزائية اصطلاح يطلق
على مجموعة الإجراءات التي تبدأ من تحريك الدعوى إلى أن تنقضي سواء بصدور حكم
بات فيها أو بغير ذلك من أسباب الانقضاء. وهي
تستهدف الكشف عن الحقيقة وتطبيق قانون العقوبات على المتهم في إطار الضمانات التي
منحه القانون إياها .
نشوء الدعوى العمومية.
تنشأ الدعوى العمومية منذ وقت
ارتكاب الجريمة، بل تولد معها وبعد نشوئها قد تتحرك الدعوى العمومية على أساس حق
المجتمع في إنزال العقاب على المجرم، وقد لا تتحرك إذا لم يقدم المجني عليه شكوى
أو لم يبلغ السلطات المختصة بالحادث أو لأسباب أخرى كثيرة .
تحريك الدعوى العمومية .
يقصد بتحريك الدعوى العمومية
بداية السير فيها أو تسهيلها وتقديمها للمحكمة الجزائية المختصة للفصل فيها،
فالتحريك هو المرحلة الأولى من الإجراءات الجزائية في الدعوى .
وهناك فرق بين الدعوى العمومية
والخصومة الجزائية، فالأولى هي الطلب الموجه من النيابة العامة إلى القضاء لإقرار
حق المجتمع في العقاب عن طريق إثبات وقوع الجريمة ونسبها إلى متهم معين.
أما الخصومة فتشمل هذا الطلب
وكل الإجراءات الجزائية اللاحقة لها حتى تنتهي بحكم بات أو بغير ذلك من أسباب الانقضاء.
فتحريك الدعوى الجزائية هي
العمل الافتتاحي للخصومة والأداة المحركة لها، أما الخصومة فتكون من جميع
الإجراءات التي تبدأ بتحريكها وتنتهي بالفصل فيها بحكم أو بسبب آخر من أسباب
الانقضاء.
قد يتم تحريك الدعوى العمومية
دون أن تنشأ الخصومة كاملة وذلك في حالة ما إذا كان الجاني مجهولا.
مراحل الدعوى العمومية.
تمر الخصومة الجزائية في أغلب الأحيان بالمراحل التالية:
1- مرحلة تمهيدية
: تسبق نشوء الخصومة، وهي مرحلة جمع الاستدلالات،
ويتولاها ضابط الشرطة القضائية وهي تهدف إلى جمع المعلومات الأولية عن المتهم وعن
الجريمة وظروفها.
2- مرحلة الاتهام:
وهي المرحلة الأولى من مراحل الخصومة الجزائية، وتقوم
بها النيابة العامة أصلا، وبها يتم تحريك الدعوى العمومية واستعمالها. ومرحلة الاتهام
هذه لازمة لنشوء الخصومة وتبقى مستمرة أثناء إجراءات الخصومة إلى أن يصدر في
الدعوى حكم بات أو تنقضي لسبب آخر.
3- مرحلة التحقيق الابتدائي[1]: وهي المرحلة
التي تهدف إلى جمع أكبر قدر ممكن من الأدلة عن وقوع الجريمة ونسبها إلى مرتكبيها،
وهي مرحلة وجوبية في الجرائم الجنائية واختيارية في الجنح والمخالفات.
4- مرحلة الإحالة:
وهذه المرحلة قاصرة على الجرائم الجنائية[2] وعلى الجرائم وقعها في شأنها تحقيق من قاضي التحقيق.
مباشرة واستعمال الدعوى العمومية.
ويقصد بكلمة مباشرة الدعوى العمومية
أو استعمالها، اتخاذ بعض الإجراءات حيالها وذلك بعد رفعها أمام القضاء، ويكون ذلك
عن طريق إبداء الطلبات من ممثل النيابة العامة، إما كتابيا أو شفويا. والقاعدة
العامة أن المدعي في الدعوى العمومية هي النيابة العامة، فهي التي تحركها وتشرف
عليها وتباشرها في جميع مراحلها، ولكن أباح القانون أيضا للمدعي المدني في بعض
الحالات تحريكها وذلك طبقا للشروط المحددة قانونا.كما أباح القانون غير النيابة
العامة أو الطرف المتضرر تحريك الدعوى العمومية وذلك في جرائم الجلسات.
غير أن هذه الاستفادات الموجودة والتي تخول لغير أعضاء النيابة العامة
تحريك ومباشرة الدعوى العمومية، فإن القانون أعطى للنيابة وحدها الحق في مباشرتها
واستعمالها بالرغم من أن تحريكها كان من طرف المتضرر أو في جرائم الجلسات. وأن
المادة الأولى من قانون الإجراءات الجزائية تنص أن:
"الدعوى العمومية لتطبيق العقوبات يحركها ويباشرها رجال القضاء، أو
الموظفون المعهود إليهم بها بمقتضى القانون. كما يجوز أيضا للطرف المضرور أن يحرك
هذه الدعوى طبقا للشروط المحددة في هذا القانون".
ولهذا يكون لكل من النيابة
العامة والمدعي المدني و ورؤساء الجلسات الحق في تحريك الدعوى العمومية .
حق النيابة العامة في تحريك ومباشرة الدعوى العمومية .
تنص الفقرة الأولى من المادة 29 من قانون
الإجراءات الجزائية على مايلي:
" تباشر النيابة العامة الدعوى العمومية باسم المجتمع وتطالب بتطبيق
القانون.وهي تمثل أمام كل جهة قضائية ".
والمقصود هنا بتحريك الدعوى العمومية هو بداية
السير فيها وتقديمها للمحكمة الجزائية المختصة للحكم فيها، فالتحريك هو المرحلة
الأولى من الإجراءات في الدعوى العمومية التي يقوم بها ممثل النيابة العامة وذلك
طبقا للمادة 29 من ق.إ.ج وما
بعدها.
حق رؤساء الجلسات بالمجالس والمحاكم في تحريك الدعوى العمومية.
من إستقراء المواد 567 إلى غاية 571 من قانون الإجراءات الجزائية يتضح أن المشرع قد خول كل
من رؤساء الجلسات بالمحاكم ومحكمة الجنايات ورؤساء الجلسات بالمجالس القضائية حق
تحريك الدعوى العمومية، ولكنه قد حصر هذه الجرائم وقيد تحريكها. فقد حصر هذا الحق
في الجرائم التي ترتكب في الجلسات فقط وأثناء انعقادها، و وقد جعل بذلك استثناء من
القاعدة العامة التي تخول النيابة العامة وحدها هذا الحق في تحريك الدعوى
العمومية.
وعلى هذا الأساس فقد نصت المادة 568 من قانون
الإجراءات الجزائية على أنه:
" إذا ارتكبت جنحة أو مخالفة في جلسة مجلس قضائي، أمر الرئيس بتحرير
محضر عنها وإرساله إلى وكيل الجمهورية. فإذا كانت الجنحة معاقب عليها بعقوبة الحبس
الذي تزيد مدته عن ستة اشهر جاز له أن يأمر بالقبض على المتهم وإرساله فورا للمثول
أمام وكيل الجمهورية ".
- "إذا ارتكبت جنحة أو مخالفة في جلسة محكمة تنظر في قضايا الجنح أو
المخالفات، أمر الرئيس بتحرير محضر عنها وقضى فيها في الحال بعد سماع أقوال المتهم
والشهود والنيابة العامة والدفاع عند الاقتضاء" . المادة 569 من قانون الإجراءات الجزائية.
- "إذا ارتكبت جنحة أو مخالفة في جلسة محكمة الجنايات، طبقت بشأنها
أحكام المادة 569 ق.إ.ج ".
المادة 570 ق. إ.ج .
- " إذا ارتكبت جناية في جلسة محكمة أو مجلس قضائي فإن تلك الجهة
القضائية تحرر محضرا وتستجوب الجاني وتسوقه ومعه أوراق الدعوى إلى وكيل الجمهورية
الذي يطلب افتتاح تحقيق قضائي".المادة [3]571 ق. إ.ج.
حق المدعي المدني في تحريك الدعوى العمومية.
تنص المادة الأولى من قانون
الإجراءات الجزائية الفقرة الثانية على جواز تحريك الدعوى العمومية للطرف المضرور،
وذلك طبقا للشروط المحددة في هذا القانون، وهو ما يعرف عادة بالادعاء المباشر، إذ
يملك المدعي المدني (الطرف المتضرر) حقا في مباشرة عمل إجرائي معين هو تحريك
الدعوى العمومية. وتحريك هذه الدعوى من طرف المضرور يهدف في الواقع إلى هدفين اثنين
في وقت واحد هما عقاب الجاني وتعويض المجني عليه.
ويكون تحريك الدعوى العمومية إما برفعها إلى السيد وكيل الجمهورية على شكل شكوى مع الادعاء
مدنيا وأن يتقدم المجني عليه بشكواه أمام قاضي التحقيق المختص، وعلى هذا الأساس
تنص المادة 72 من قانون
الإجراءات الجزائية: أنه يجوز لكل شخص يدعي أنه مضار بجريمة أن يدعي مدنيا بأن
يتقدم بشكواه أمام قاضي التحقيق المختص.
شاركنا بتعليقك...