الجمهـوريــة الجزائريـــة الديمقراطيـــة
الشعبيــة
وزارة العدل
المدرسة العليا للقضاء
|
حقــوق الإمــتياز
في الــقانون المـــدني الجـــزائري
|
الدفعة الخامسة عشر
2004 - 2007
|
إعداد الطالبتين القاضيتين :
* جــاب الله مـريـم
* سدايـريـة عايـدة
|
إني رأيت أنه لا يكتب
إنسان كتابا في يومه إلا قال في غده، لو غير هذا لكان أحسن، ولو زيد كذا لكان
يستحسن، ولو قدم هذا لكان أفضل، ولو ترك هذا لكان أجمل، وهذا من أعظم الكبر، وهو
دليل على استيلاء النقص على جملة البشر
الأصفهاني
مقــــدمــة :
يقول الأستاذ محمد وحيد الدين سوار[1] : " ...إن النظرية العامة
للتأمينات تترجم عن حاجة الاقتصاد إلى الائتمان، فهي التعبير القانوني الذي تنتقل
به الفكرة من عالم الاقتصاد إلى عالم التشريع ...".
إن العلاقات بين الأفراد قائمة على الائتمان، خاصة مع التطور الاقتصادي
الذي تشهده مختلف المجتمعات، والتوجه اللبرالي الذي انتهجته بلادنا، مما يجعل من
الضروري تعزيز التعاملات بين أفراد المجتمع بمجموعة من الضمانات تكفل الموارد
المالية الهامة التي تصرف في هذه التعاملات وتضمن مخاطر عدم
الوفاء.
فضرورة استمرار سير الحياة الاقتصادية يجعل هذه الأخيرة قائمة على
التداين وتعزيز الثقة بين المدين والدائن بمنح الإئتمانات اللازمة، لذا نجد المشرع
منح للدائن ضمانا عاما على جميع أموال المدين المنقولة منها والعقارية، الحاضرة
والمستقبلة، إلا ما كان منها غير قابل للحجز عليه[2] وهذا بموجب المادة 188 مدني.
لكن الحماية الممنوحة بموجب هذه المادة غير كافية بالنسبة للدائن الذي
قد يتعرض لمزاحمة دائني المدين الآخرين، بالإضافة إلى أن الضمان العام لا يخوله حق
تتبع الأموال التي تصرف فيها المدين وخرجت من ذمته.
فنجد المشرع منح الدائن وسائل تحمي حقه من المخاطر الممكن ورودها على
الضمان العام، من ذلك الدعوى غير المباشرة التي تخول الدائن ممارسة بعض حقوق مدينه
قبل الغير، إن أهمل المدين استعمالها، وكذا الدعوى البولصية أو دعوى عدم نفاذ
تصرفات المدين الضارة بالدائن، كما له أن يشترط على المدين ألا يقوم بأي تصرف من
شأنه أن ينقص الضمان العام، كأن يتعهد المدين بألا يثقل أمواله بحق عيني
آخر.
ورغم ذلك، فإن الدائن لا يكون بمنأى عن المخاطر التي تهدد الضمان العام
كون أن الدائن هنا ليس له ما يميزه عن غيره من الدائنين.
ولضرورة منح ضمانات إضافية للدائن، ظهرت مختلف التأمينات منها ما يسمى
بالتأمينات الشخصية ومنها ما يسمى بالتأمينات العينية التي تنصب على مال معين
أو على مجموع أموال المدين.
والتأمينات العينية متنوعة، منها ما ينشأ باتفاق الدائن والمدين كالرهن
الرسمي والرهن الحيازي، ومنها ما ينشأ بحكم القضاء كحق التخصيص ومنها ما ينشأ بقوة
القانون وهو ما يعرف بحق الإمتياز، محور دراستنا الحالية.
فالإمتياز حق عرف منذ القانون الروماني، إلا أنه لم يكن بصورته
التي هو عليها اليوم، إذ لم يكن يعط الدائن حقا على مال معين للمدين وبذلك لا يخوله
حق التتبع، فكان صاحب حق الإمتياز يعتبر دائنا عاديا مع منحه فقط أفضلية على مجموع
الدائنين العاديين، وتطور مفهوم حق الإمتياز أكثر في ظل القانون الفرنسي القديم إثر
ظهور حقوق إمتياز خاصة منقولة وأخرى عقارية مما منح الدائن صاحب حق الإمتياز حقا
عينيا على عين معينة بالذات، عدا حقوق الإمتياز العامة التي ترد على كل أموال
المدين منقولة وعقارية.
وفي التشريع الجزائري تناول
المشرع حقوق الإمتياز في الباب الرابع (حقوق الإمتياز) من الكتاب الرابع ( الحقوق العينية التبعية أو التأمينات العينية )
من القانون المدني والذي يتضمن المواد 982 إلى 1001، مع العلم بوجود نصوص أخرى عدا نصوص القانون المدني وردت بها بعض
الحقوق التي أعطاها المشرع وصف حقوق الإمتياز، إلا أنها خارجة عن إطار الدراسة
الحالية، كون أن هذه الأخيرة مقتصرة على حقوق الإمتياز في القانون المدني
الجزائري.
وقد قرر المشرع الجزائري
للدائن صاحب حق الإمتياز أولوية على غيره من الدائنين قصد تعزيز ثقة الدائن
في المدين وتشجيعا منه لمنح الائتمان الضروري لنمو الحياة الاقتصادية، وحقوق
الإمتياز مجال خصب لجملة من التساؤلات فما ماهية حقوق الإمتياز ؟ وما هي المعايير
المعتمدة لاعتبار حق ما ممتازا ؟.
وما مدى فعالية حقوق الإمتياز كوسيلة لتعزيز الائتمان ؟ خاصة وإن علمنا
أن حق الإمتياز وإن رتب دائما أولوية للدائن، إلا أنه لا يرتب لفائدته حق التتبع
في كل الحالات، وإن رتبه فإن هذا الحق يتعطل أحيانا.
وحقوق الإمتياز شأنها شأن سائر
الحقوق، كما لها بداية ونشأة فإن لها نهاية، فما هي الطرق التي تنقضي بها حقوق
الإمتياز ؟.
وفيما تشترك حقوق الإمتياز بأنواعها في أحاكم عامة، فإن لكل نوع
منها أحكام يختص بها، فما هي أنواع حقوق الإمتياز ؟، وما هي الأحكام الخاصة بكل
نوع ؟.
للإجابة على هذه التساؤلات، ارتأينا أن نعالج موضوع حقوق الإمتياز وفقا
للخطة التي انتهجها المشرع في القانون المدني الجزائري، كون أن دراستنا تقتصر
على حقوق الإمتياز في القانون المدني، فقبل الخوض في تفاصيل الأحكام القانونية
علينا أن نعرف ماهية حقوق الإمتياز، فنتطرق بداية لتعريفها وخصائصها، ثم آثارها
وانقضائها، وهذا في إطار الأحكام العامة التي تخضع لها كل أنواع حقوق الإمتياز،
وهذا ما سيتضمنه الفصل الأول، أمــا في الفصل الثاني فسنتطرق لأنواع حقوق الإمتياز
والأحكام التي تخص كل نوع منها.
لذا نقترح الخطة التالية:
الـخــــــــطـــة:
الفصل
الأول: الأحكام العامة لحقوق الإمتياز.
المبحث
الأول: تعريف وخصائص حقوق الإمتياز.
المطلب
الأول: تعريف حقوق الإمتياز.
المطلب
الثاني: خصائص حقوق الإمتياز.
المبحث
الثاني: آثار وانقضاء حقوق الإمتياز.
المطلب
الأول: آثار حقوق الإمتياز.
المطلب
الثاني: انقضاء حقوق الإمتياز.
الفصل
الثاني: أنواع حقوق الإمتياز.
المبحث
الأول: حقوق الإمتياز العامة وحقوق الإمتياز الخاصة الواقعة على
منقول.
المطلب
الأول: حقوق الإمتياز العامة.
المطلب
الثاني: حقوق الإمتياز الخاصة الواقعة على منقول.
المبحث
الثاني: حقوق الإمتياز الخاصة الواقعة على عقار.
المطلب
الأول: حقوق الإمتياز الخاصة الواقعة على عقار القائمة على الزيادة
في القيمة الشخصيــــــــة.
المطلب
الثاني: حقوق الإمتياز الخاصة الواقعة على عقار القائمة على الزيادة
في القيمة العينيــــــــــــة.
الفصل الأول
الأحكام
العامة لحقوق الإمتياز
وردت الأحكام العامة لحقوق الإمتياز في الفصل الأول من الباب الرابع من
القانون المدني، والذي تضمن المواد من 982 إلى 988 منه، وقد أعطى المشرع تعريفا لحق الإمتياز
في المادة 982، فيما تناول في المادتين 983، 986 مسألة ترتيب حقوق الإمتياز التي تخضع لما يقرره القانون، دون إغفال شرط
القيد كإجراء ضروري لتحديد مرتبة حقوق الإمتياز الخاصة الواقعة على العقار، وبالنسبة
لانقضاء حق الإمتياز أحالنا المشرع إلى طرق انقضاء الرهن الرسمي والرهن الحيازي
وهذا ما نجده في المادة 988 مدني.
لذا ارتأينا أن نتناول في هذا الفصل في نقطة أولى تعريف حقوق
الإمتياز، ومنه بيان بشيء من التفصيل خصائصها على ضوء ما نص عليه المشرع وكذا رأي
الفقه، وفي نقطة ثانية، بيان الآثار المترتبة على حقوق الإمتياز من حق التقدم
المقرر لسائر أنواع حقوق الإمتياز، وحق التتبع الذي يتقرر لحقوق الإمتياز الخاصة
المنقولة منها والعقارية.
ثم نتناول طرق انقضاء حق الإمتياز التي نحال فيها إلى إحكام الرهن
الرسمي والرهن الحيازي والتي تتعدد إلى طرق أصلية وأخرى تبعية يرد تفصيلها
في أوانها.
المبحـث الأول :
تعريـف وخصائـص حقـوق
الإمتياز
المبحـث الأول : تعريـف وخصائـص حقـوق الإمتياز
قبل الخوض في كل ما يتعلق
بحقوق الإمتياز من أحكام عامة وأخرى خاصة ينفرد بها كل نوع منها وما قد تثيره من
إشكالات، إرتأينا أن نتناول في بداية دراستنا تعريف حقوق الإمتياز والخصائص التي
تميزها عن باقي الحقوق العينية التبعية .
وعلى هذا الأساس فإننا سنتناول
دراسة هذا المبحث في مطلبين، الأول نخصصه لتعريف حقوق الإمتياز، والثاني
لخصائصها.
المطلب الأول : تعريـف حقـوق الإمتياز
من الصعب إعطاء تعريف جامع ومانع لحقوق الإمتياز، وذلك يرجع إلى تعدد
محلها فهي لا ترد على محل من طبيعة واحدة، فبعضها عام يرد على جميع أموال المدين
سواء كانت منقولة أو عقارية والمتواجدة عند التنفيذ بغير تخصيص، وبعضها خاص يرد
على مال معين من أموال المدين سواء كانت عقارا أو منقولا، وأمام هذا التعدد لحقوق
الإمتياز وضع المشرع تعريفا جامعا للخصائص المشتركة لها مع تجنب ما بينها من تمايز
واختلاف وقد راعى في هذا التعريف أيضا ما يميز حق الإمتياز عن غيره من الحقوق
العينية التبعية إذ نص المشرع في المادة 982 على أن: " الإمتياز أولوية يقررها القانون لدين معين مراعاة منه لصفته
ولا يكون للدين إمتياز إلا بمقتضى نص قانوني ".
ويتضح من نص المادة أن حق الإمتياز تأمين ينشئه القانون، وهو أولوية
تمنح لدين معين وتحقق لصاحبه الأفضلية في إستيفائه وذلك خروجا على قاعدة المساواة
بين الدائنين.
المطلب الثاني : خصائـص حقـوق الإمتياز
كما سبق وأن ذكرنا فإن المشرع الجزائري عرف حق الإمتياز
في المادة 982 من القانون المدني على أنه: " أولوية يقررها القانون لدين معين مراعاة
منه لصفته ولا يكون إمتياز إلا بمقتضى نص قانوني ".
ويتضح من هذا النص أن حقوق الإمتياز تتميز بالخصائص
التالية:
أولا : حـق الإمتياز تأميـن قانونـي
إن حق الإمتياز لا يتقرر إلا بنص في القانون، والنصوص التي تمنحه يجب
أن تفسر تفسيرا ضيقا، فالإمتياز لا يكون إلا بنص لذلك فهو حق لا يقاس عليه[3]،
والقانون هو الذي يعين مرتبته، وهو في هذا يختلف عن الرهن الرسمي والحيازي فكلاهما
ينشأ بمقتضى عقد وكذا يختلف عن حق الاختصاص الذي يتقرر بأمر من القاضي، فالإختلاف
بينها في المصدر وهو الذي يميز
بين هذه التأمينات، وإن كانت تتفق في الجوهر والغاية، فكل تأمين هو في جوهره أفضلية
مقررة لدائن على دائنين آخرين.
وبالتالي فإن حق الإمتياز لا يتقرر باتفاق الطرفين ولا بحكم القاضي
وإنما وحده القانون هو الذي يقرره.
ثانيــا : الإمتياز للحـق وليـس للـدائن
الإمتياز يتقرر لصفة الحق أو طبيعته، فأي حق توافرت فيه صفة يرعاها
القانون وينص على أنها ممتازة يكون حقا ممتازا بموجب هذه الصفة أيا كان الدائن،
وبالتالي يظل الحق ممتازا تحت يد المحال له في حالة الحوالة، أو الموفى له في حالة
الوفاء مع الحلول[4]، أما في الحقوق
العينية التبعية الأخرى فالممتاز هو الدائن وليس الحق، ففي الرهن الرسمي أو الحيازي
الدائن هو الذي يمتاز لا لصفة في الدين لأن أي دين يمكن ضمانه برهن رسمي
أو حيازي، وإنما لأن الدائن قد إتفق مع مدينه على الرهن، كذلك الحال في التخصيص
فالممتاز هو الدائن وليس الحق، فأي حق يمكن ضمانه بتخصيص والدائن هنا يتقدم
على الدائنين المتأخرين عنه لشخصه لأنه حصل على حق التخصيص لا لصفة
في الدين، وهذا خلافا للإمتياز الذي هو للحق وليس للدائن وذلك مراعاة لصفة في الحق
يرعاها القانون و ينص على أنه ممتاز، ولذلك فالأدق أن يقال دائن صاحب حق إمتياز
وليس دائن ممتاز.
ثالثــا : حق الإمتياز حق عيني تابع وغير قابل للتجزئة
لا خلاف في الفقه في أن حقوق
الإمتياز الخاصة عدا الإمتياز على الديون حقوق عينية لأنها سلطة مباشرة لشخص على
شيء معين بالذات، وتعطي صاحبها ميزتي التقدم والتتبع[5]،أما
بالنسبة لحقوق الإمتياز العامة و الإمتياز على الديون فقد ثار خلاف في الفقه
الفرنسي والمصري حول عينية هذه الحقوق .
وقد اتجه جانب من الفقه إلى
أنها ليست حقوق عينية بالمعنى الدقيق لأنها ترد على شيء غير معين بذاته، فحقوق
الإمتياز العامة ترد على أموال المدين جميعها وكذلك الأمر بالنسبة للإمتياز على
الديون لأنه يرد على حقوق شخصية[6].
ولكن أغلب الفقهاء سواء في مصر
أو في فرنسا ذهبوا إلى أن حقوق الإمتياز كلها حقوق عينية سواء منها حقوق الإمتياز
العامة أو الخاصة على عقار أو على منقول[7]
وفي هذا يقول الأستاذ سليمان مرقس: " لا محل في القانون المصري للمنازعة
في أن الإمتياز حق عيني، حيث قد نص عليه المشرع في الباب الرابع من الكتاب الرابع
الذي نظم فيه الحقوق العينية التبعية، وفي فرنسا الراجح أن الإمتياز حق عيني يخول
صاحبه ما تخوله إياه سائر الحقوق العينية من ميزتي التقدم والتتبع "[8]، وهذا القول
ينطبق على حقوق الإمتياز في القانون المدني الجزائري، فقد أوردها المشرع في كتاب
الحقوق العينية التبعية.
أما عن كون حق الإمتياز من الحقوق التبعية فذلك لأنه يستلزم وجود التزام
أصلي يضمنه، فإذا كان هذا الأخير باطل أو قابل للبطلان أو انقضى، فإن حق الإمتياز
يتبعه في كل ذلك، ويترتب على هذا أنه لا يوجد الإمتياز إلا إذا وجد إلتزام
أصلي.
وأما أن الإمتياز غير قابل للتجزئة فهو كسائر الحقوق العينية التبعية
يبقى على كل الشيء ما بقي جزء من الدين الممتاز لم يدفع، كما أن أي جزء من الشيء
يبقى ضامنا لكل الدين الممتاز.
المبحـث الثانـي
آثـار وإنقضـاء حقـوق
الإمتياز
المبحـث الثانـي : آثـار وانقضاء حقـوق الإمتياز
تشترك حقوق الإمتياز كلها، مهما كان نوعها، عامة أو خاصة على منقول
أو خاصة على عقار في أنها تقرر لصاحبها الحق في التقدم وفق للمرتبة التي يحددها
لها القانون[9].
بينما التتبع فإنه يقتصر على حقوق الإمتياز الخاصة دون
العامة.
غير أن حق التتبع يصطدم بحق من حاز المنقول المثقل بحق الإمتياز بحسن
نية، كما أن حق التتبع يتوقف نفاذه في حقوق الإمتياز الخاصة الواقعة على عقار بقيد
حق الإمتياز وفق الأوضاع المنصوص عليها قانونا وهذا ما سنتطرق له في المطلب
الأول.
أما في المطلب الثاني فسنتعرض لانقضاء حق الإمتياز الذي أحالنا فيه
المشرع إلى الأحكام المتعلقة بالرهن الرسمي والرهن الحيازي، ما لم ينص القانون
على غير ذلك وعلى ذلك فإن طرق انقضاء حقوق الإمتياز تتنوع إلى طرق أصلية وأخرى
تبعية يأتي تفصيلها فيما بعد.
المطلب الأول : آثـار حقـوق الإمتياز
تنقسم حقوق الإمتياز إلى عامة وخاصة، كما تنقسم الخاصة إلى حقوق إمتياز
خاصة واقعة على منقول، وحقوق إمتياز خاصة واقعة على عقار.
فحقوق الإمتياز العامة تخول صاحبها حق التقدم على ثمن المال المقررة
عليه دون حق التتبع كونها لا ترد على مال معين بالذات، كما أنها لا تخضع للشهر
ولو كان محلها عقارا طبقا للفقرة الثانية من المادة 986 مدني، إذ تنص على:
( غير أن حقوق الإمتياز العامة ولو كانت مترتبة على عقار لا يجب فيها
الإشهار ولا حق التتبع... )، أما حقوق الإمتياز الخاصة، فإنها تخول حق التقدم وحق
تتبع المال المثقل بالإمتياز في أي يد يكون.
غير أن حقوق الإمتياز الخاصة الواقعة على منقول لا تخضع للشهر لعدم وجود
نظام شهر الحقوق العينية المنقولة، بينما حقوق الإمتياز الخاصة الواقعة على عقار
يجب شهرها كي تكون نافذة وتتحدد مرتبتها من وقت القيد.
وعلى ذلك فإن حقوق الإمتياز كلها تقرر لصاحبها حق الأفضلية ( التقدم )
أما حق التتبع فإنه ميزة مقررة لحقوق الإمتياز الخاصة دون
العامة.
أولا : حـق التقـدم
يتقدم الدائن صاحب حق الإمتياز في استفاء حقه من المال المثقل بالإمتياز
أو ما يحل محله وفقا لمرتبته، فوعاء التقدم هو المال محل الإمتياز أوما يحل
محله[10]، وهو في حقوق الإمتياز العامة كل أموال المدين الحاضرة
والمستقبلية، أما في حقوق الإمتياز الخاصة فهو مال معين بالذات، فإذا هلك محل
الإمتياز انتقل وعاء التقدم إلى ما يحل محله من التعويض أو مبلغ التأمين، فنجد
المادة 987 مدني تنص على الآتي:
" يسري على الإمتياز ما يسري على الرهن الرسمي من أحكام متعلقة بهلاك
الشيء أو تلفه " فهذه المادة تحيلنا على أحاكم الرهن الرسمي التي تقضي في هذا
الخصوص بانتقال حق الدائن المرتهن رهنا رسميا إلى الحق ما يحل محل الشيء عند الهلاك
أو التلف، فإن كان الهلاك بخطأ المدين رجع للدائن الخيار بين استيفاء الدين أو طلب
تأمين آخر، أما إن كان الهلاك بسبب أجنبي انتقل الإمتياز إلى ما يحل محل الشيء
الذي هلك[11]، وهو كما ذكرنا التعويض أو مبلغ التأمين.
وبالنسبة لمرتبة حق الإمتياز، فإن الدائن صاحب الحق الممتاز يتقدم بحقه
على كل الدائنين العاديين والدائنين المرتهنين.
وقد حدد المشرع الإمتياز إذ تنص المادة 983 مدني جزائري على الآتي:
" مرتبة الإمتياز يحددها القانون، فإذا لم يوجد نص خاص يعين مرتبة
الإمتياز يأتي هذا الإمتياز بعد الإمتيازات المنصوص عنها في هذا
الباب.
وإذا كانت الحقوق الممتازة في مرتبة واحدة، فإنها تستوفى عن طريق
التسابق، ما لم يوجد نص قانوني يقضي بغير ذلك ".
وتنص المادة 986 مدني على:
" وتسري على حقوق الإمتياز العقارية، أحكام الرهن الرسمي بالقدر
الذي لا تتعارض فيه مع طبيعة هذه الحقوق.
وتسري بنوع خاص أحكام التطهير والقيد وما يترتب على القيد من آثار
وما يتصل من تجديد وشطب.
غير أن حقوق الإمتياز العامة ولو كانت مترتبة على عقار لا يجب
فيها الإشهار ولا حق التتبع ولا حاجة للإشهار أيضا في حقوق الإمتياز العقارية
الضامنة لمبالغ مستحقة للخزينة العامة وهذه الحقوق الممتازة جميعا تكون أسبق
في المرتبة على أي حق إمتياز عقاري آخر أو رهن رسمي مهما كان تاريخ
قيده، أما فيما بينهما فالإمتياز الضامن للمبالغ المستحقة للخزينة يتقدم على حقوق
الإمتياز العامة ".
ويستخلص من هذين النصيين
أن القانون هو الذي يحدد مرتبة الإمتياز كقاعدة عامة، فإذا تعددت الحقوق
الممتازة، وقرر لها جميعا مرتبة واحدة، فإن الأفضلية تثبت للحق السابق في النشوء
على الحق اللاحق، فالعبرة هنا بتاريخ نشوء الحق.
وفيما يخص حقوق الإمتياز العامة، وحق إمتياز المبالغ المستحقة
للخزينة، إذا وقعا على عقار فيتقرر لهما الأسبقية في المرتبة على أي حق إمتياز
عقاري آخر أو أي رهن رسمي مهما كان تاريخ قيده، وفي حالة التزاحم بينهما يتقدم حق
إمتياز المبالغ المستحقة للخزينة العامة على حقوق الإمتياز
العامة.
أما فيما يخص حقوق الإمتياز الخاصة الواقعة على عقار، عدا المبالغ
المستحقة للخزينة العامة فيجب شهرها وتتحدد مرتبتها من تاريخ القيد طالما أنها تخضع
لأحكام الرهن الرسمي بالقدر الذي لا تتعارض فيه طبيعة هذه الحقوق لاسيما أحكام
القيد وآثاره وتجديده وشطبه.
وتجدر الإشارة إلى أنه إذا لم تكف العقارات المحملة بحقوق إمتياز خاصة
عقارية لأداء ديون صاحب حق الإمتياز، رجع بالباقي على أموال المدين الأخرى، ليس
بصفته دائن ممتاز بل كدائن عادي[12].
ثانيـــا : حــق التتبــع
لصاحب حق الإمتياز الخاص حق تتبع العقار أو المنقول الوارد
عليه الإمتياز في أي يد يكون، أما حقوق الإمتياز العامة فلا تقرر لصاحبها ميزة
التتبع[13]، كون أن وعاء الأفضلية في حقوق الإمتياز العامة يتحدد بأموال المدين
جميعها من جهة، ومن جهة أخرى يرد على تلك الأموال التي تكون لديه وقت
التنفيذ[14].
وحق التتبع المثبت لحقوق الإمتياز الخاصة الواقعة على منقول يفسره ورود
حق الإمتياز على منقول معين بالذات، مما يجعل حق الإمتياز هذا يتصف بوصف الحق
العيني التبعي.
غير أن حق التتبع المقرر للإمتياز الخاص الواقع على منقول يتعطل
إذ ما تصادم مع قاعدة ( الحيازة في المنقول بحسن نية سند الحائز )، فقد نظم حق
التتبع بما لا يتعارض مع مصلحة الغير حسن النية، ذلك أن المادة 985 مدني الفقرتين الأولى والثانية تنص على:
" لا يحتج بحق الإمتياز على من حاز المنقول بحسن
نية.
ويعتبر حائزا بحكم هذه المادة مؤجر العقار بالنسبة إلى المنقولات
الموجودة في العين المؤجرة، وصاحب الفندق بالنسبة إلى الأمتعة التي يودعها النزلاء
في فندقه ".
وعلى ذلك إذا حاز شخص منقول مثقل بإمتياز وكان حسن النية، أي يجهل
أن هذا المنقول مثقل بالإمتياز، فله الاحتجاج على صاحب حق الإمتياز بقاعدة
الحيازة في المنقول سند الحائز، مما يترتب عنه سقوط حق الإمتياز لصالح الحائز، شرط
أن يكون هذا الأخير حسن النية، وأن تكون الحيازة قد انتقلت إليه بسند
صحيح.
فالشخص الذي يشتري منقولا ولم يدفع ثمنه، ثم وضع هذا المنقول في عقار
استأجره أو في فندق ينزل به، فإن حق التتبع الذي يخول لبائع المنقول ـ لأن البائع
له إمتياز على هذا المنقول ـ يسقط أمام إمتياز مؤجر العقار على منقولات المستأجر
الموجودة بالعين المؤجرة وكذا إمتياز صاحب الفندق على أمتعة النزيل، متى كان مؤجر
العقار أو صاحب الفندق حسن النية، أي يجهل بحق البائع المثقل به المنقول عند إدخاله
للعين المؤجرة أو الفندق.
وحماية لصاحب حق الإمتياز الذي يخشى تعطل حقه أمام قاعدة الحيازة
في المنقول سند الحائز، أجاز له المشرع طلب وضع المنقول تحت الحراسة، وذلك طبقا
للمادة 985 مدني الفقرة الثالثة، إذ تنص على:
" وإذا خشي الدائن لأسباب معقولة، تبديد المنقول المترتب عليه حق إمتياز
لمصلحته جاز له أن يطلب وضعه تحت الحراسة "، وقاضي الموضوع هو الذي يقدر معقولية
هذه الأسباب[15].
وفي ما يلي نتطرق لإجراءات تتبع العقار
إجـراءات التتبـع:
التتبع يترجم بالتنفيذ على العقار في أي يد يكون، ويشترط لمباشرته
أن يكون الدين حالا وأن يكون الإمتياز نافذا على الحائز أي أن يكون قد تم قيده وفق
ما تقتضيه الأحكام المنصوص عليها قانونا.
ولمباشرة إجراءات التتبع يجب أن يقوم الدائن بتنبيه المدين بإجراءات نزع
الملكية طبقا للمادة 923 مدني، وقد قرر التنبيه قبل مباشرة التنفيذ على الحائز، لأن المدين
قد يبدي دفوعا في مواجهة الدائن أو أنه قد يفي بالدين اختياريا، مما يضع حدا
لاستمرار إجراءات التنفيذ.
كما يجب على الدائن اتخاذ إجراء ثان بعد تنبيه المدين بإجراءات نزع
الملكية، وهو أن يقوم بإنذار الحائز بالدفع أو التخلية، حيث أن المادة 923 مدني توجب على الدائن توجيه إنذار رسمي
للحائز، ويبطل هذا الإنذار، إذا وجه للحائز قبل توجيه تنبيه للمدين بنزع
الملكية، ويجوز أن يتم كلاهما في وقت واحد.
دفـوع الحائـز :
يمكن أن يتفادى الحائز حق التتبع المباشر ضده، مما يضع حدا لإجراءات
التنفيذ فإن لم يتمكن الحائز من عرقلة رجوع الدائن عليه، فله أن يفي بالدين أو يطهر
العقار أو أن يلجأ إلى التخلية، والدفوع التي تمكن الحائز من تعطيل مباشرة حق
التتبع، منها ما يتعلق بالدين ومنها يتعلق بحق الإمتياز.
فبالنسبة للدفوع المتعلقة بالدين، وبالنظر للمادة 240 مدني فقرة أولى، فإن الحائز يمكنه الدفع بأنه ليس طرفا في الحكم الذي
قضى بثبوت الدين، وذلك متى كان الحائز قد سجل سند ملكيته، ولم يكن طرفا في الدعوى
وكان الحكم لاحقا لتسجيل سند الحائز.
أما إذا لم يتم شهر سند ملكية الحائز قبل صدور الحكم بالدين فالحكم يحتج
به على الحائز، وبالتالي ليس له سوى ما يمكن للمدين التمسك به بعد صدور الحكم
بالدين من دفوع وهذا ما نصت عليه المادة 924 مدني فقرة 2.
أما بالنسبة للدفوع المتعلقة بحق الإمتياز فمنها انقضاء حق الإمتياز
لأي سبب من أسباب الانقضاء، فإذا لم يكن للحائز ما يدفع به حق التتبع، كان له
الخيار بين وفاء الدين أو التطهير أو التخلي عن العقار لوقف إجراءات
التتبع.
فبالنسبة للخيار الأول؛ والمتمثل في قضاء الدين، فإن الحائز
في هذه الحالة يقوم بالوفاء بالدين الممتاز، وقضاء الدين قد يكون اختياري، وقد يكون
إجباري، فالمادة 912 مدني تجيز للحائز عند حلول أجل الدين أن يقضيه وملحقاته، وله الرجوع
على المدين بكل ما وفاه، ويبقى هذا الحق قائما
إلى رسو المزاد.
وقد يكون قضاء الدين جبرا، وهنا يلزم الحائز بالوفاء في حالتين تضمنتها
المادة 914 مدني وهما:
1. أن يكون الحائز سجل سند ملكيته، ويبقى في ذمته بسبب امتلاك العقار
المثقل بالإمتياز مبلغ مستحق الأداء حالا كاف للوفاء لجميع الدائنين الذين قيدوا
حقوقهم على العقار م 914 فقرة 1 مدني .
2. أن يكون الدين الذي في ذمة الحائز غير مستحق الأداء حالا أو أقل
من الديون المستحقة للدائن أو مغايرا لها، جاز أن يتفق كل الدائنين على مطالبة
الحائز بالوفاء لهم بما في ذمته بقدر ما هو مستحق لهم طبقا للمادة
914/2 مدني، وليس للحائز في كلتا الحالتين تخلية العقار للتخلص من التزامه
بالوفاء م 914 /3 مدني.
كما توجد حالة ثالثة لم ينص عليها المشرع، غير أنه يلزم فيها الحائز
بقضاء الديون، وذلك إذا ما اشترط المالك السابق للعقار على الحائز وفاء ديون
الدائنين الممتازين، فلهؤلاء مطالبة الحائز بالوفاء.
أما الخيار الثاني وهو التطهير؛ وفي هذا الشأن نكتفي بالإحالة إلى
المطلب الثاني من هذا المبحث المتعلق بطرق انقضاء حقوق
الإمتياز.
وعن الخيار الثالث والمتمثل في التخلية، فأجاز القانون للحائز
التخلية، ولا يمكن بذلك مباشرة إجراءات التنفيذ ضد الحائز، بل يباشر قبل الحارس
الذي يعين من قبل المحكمة بناءا على طلب من كل ذي مصلحة[16].
المطلب الثاني : انقضاء حقـوق الإمتياز
نصت المادة 988 من القانون المدني على انقضاء حقوق الإمتياز وقد جاء فيها:
" ينقضي حق الإمتياز بنفس الطرق التي ينقضي بها حق الرهن الرسمي وحق رهن
الحيازة ووفقا لأحكام انقضاء هذين الحقين ما لم يوجد نص يقضي بغير
ذلك ".
وبالرجوع إلى أحكام انقضاء هذين الحقين المنصوص عليهما
في المواد 964 و965 بالنسبة لانقضاء الرهن الحيازة والمواد 933 و934 و936 من القانون المدني بالنسبة لانقضاء الرهن الرسمي، نستنتج أن هناك
طريقتين لانقضاء حقوق الإمتياز، وهما الانقضاء بطريقة تبعية والانقضاء بطريقة
أصلية[17].
أولا : انقضاء حقـوق الإمتياز بطريقـة تبعيـة
ينقضي حق الإمتياز في العقار والمنقول بطريقة تبعية إذا انقضى الالتزام
الأصلي لسبب من الأسباب التي تنقضي بها الالتزامات الواردة في الباب الخامس المعنون
" انقضاء الالتزام " من الكتاب الثاني " الالتزامات والعقود " من القانون المدني
وفي هذا الصدد فقد نص المشرع على ثلاث سبل لانقضاء الالتزام وبالتالي انقضاء حق
الإمتياز بطريقة تبعية وهي:
1 /انقضاء حق الإمتياز لانقضاء الالتزام الأصلي بالوفاء:
يشكل الوفاء الطريق العادي لانقضاء الالتزام، فإذا قام المدين إما شخصيا
أو بواسطة نائبه بالوفاء للدائن انقضى الالتزام وانقضت معه تأميناته بالتبعية
ومن ثمة إذا كل الحق المدين به مضمون بحق إمتياز انقضى هذا الأخير تبعا لانقضاء
الحق الذي وجد من أجل ضمانه.
وتجدر الإشارة في هذا الصدد أنه إذا تم الوفاء جزئيا، فإن حق الإمتياز
لا ينقضي، بل يبقى لضمان تنفيذ ما تبقى عالقا في ذمة المدين للدائن، وهذا لأن حق
الإمتياز غير قابل للتجزئة، والوفاء كطريقة من طرق انقضاء الالتزام قد يكون من
المدين كما قد يكون هذا الوفاء ما قبل الغير سواء كانت له مصلحة في الوفاء أولم تكن
له مصلحة في ذلك، لكن يشترط في هذه الحالة ألا يرفض الدائن ذلك الوفاء، وهذا ما نصت
عليه المادة 258 من القانون المدني والتي جاء فيها : " يصح الوفاء من المدين أومن نائبه
أومن أي شخص له مصلحة في الوفاء وذلك مع مراعاة ما جاء في المادة 170.
كما يصح الوفاء أيضا مع التحفظ
السابق ممن ليست له مصلحة في الوفاء ولو كان ذلك دون علم المدين أو رغم إرادته غير
أنه يجوز للدائن رفض الوفاء من الغير إذا اعترض المدين على ذلك وأبلغ الدائن بهذا
الاعتراض ".
وفي هذه الحالة فإن المدين لا
يتحرر من الالتزام، إذ يجوز لهذا الغير الرجوع عليه في حدود ما وفى به، وهذا ما نصت
عليه الفقرة الأولى من المادة 259.
وبالتالي فإنه إذا وفى المدين
للدائن، فإن إلتزامه ينقضي وينقضي معه حق الإمتياز بصفة
تبعية.
2 /انقضاء حق الإمتياز لانقضاء الالتزام الأصلي بما يعادل الوفاء:
ذكر المشرع عدة صور لانقضاء
الالتزام بما يعادل الوفاء وتتمثل في الآتي:
أ / الوفـاء بمقابـل:
نص عليه المشرع في المادة 285 من القانون المدني وقد جاء فيها:
" إذا قبل الدائن في استفاء حقه مقابلا استعاض به عن الشيء المستحق قام
هذا مقام الوفاء ".
ويتضح من هذه المادة أن الوفاء بمقابل هو قبول الدائن عوضا عن تنفيذ
الالتزام شيء آخر غير ما يستحق في الأصل[18]، فإذا تم الاتفاق بين الدائن
والمدين على استفاء الحق بمقابل انقضى الالتزام وما تعلق به من تأمينات بما في ذلك
حق الإمتياز.
ب / التجديـد :
وهو قضاء دين قديم وإنشاء دين جديد يحل محله[19]، ويكون بإحدى الصور التي نصت
عليها المادة 287 من القانون المدني وهي:
3. الصورة الأولى: بتغيير المدين وذلك إذا اتفق الدائن والمدين على استبدال الالتزام
الأصلي بالتزام جديد يختلف في المحل والمصدر.
4. الصورة الثانية: بتغيير الدين وذلك إما باتفاق الدائن مع الغير على حلول هذا الأخير محل
المدين الأصلي، أو بحصول المدين على رضا الدائن بشخص أجنبي قابل أن يكون مدينا بدلا
منه.
5. الصورة الثالثة: بتغيير الدائن؛ ويكون ذلك في حالة اتفاق كل من الدائن والمدين والغير
على أن يكون هذا الغير هو الدائن الجديد.
وإذا وقع التجديد انقضى الالتزام الأصلي ومعه التأمينات المقررة لضمان
تنفيذه، وهذا ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 291 من القانون المدني.
ج / المقاصـة :
تعد المقاصة أداة وفاء وطريقة من طرق انقضاء الالتزام، وتفترض وجود
شخصين كلاهما دائن ومدين في نفس الوقت للآخر، وبمقتضاها ينقضي دينين متقابلين يلتزم
في كل واحد منهما مجموعة من الشروط التي وردت في الفقرة الأولى من نص المادة
297 من القانون المدني والتي جاء فيها: " ...للمدين حق المقاصة ... إذا كان
موضوع كل منهما نقود أو مثليات متحدة النوع والجودة وكان كل منها ثابتا وخاليا
من النزاع ومستحق الأداء صالحا للمطالبة به قضاءا "، فإذا توفرت شروط المقاصة
المذكورة أنفا وتمسك بها ذو المصلحة، انقضى الالتزام وانقضى معه حق الإمتياز الضامن
له بالتبعية.
إلا أنه تجدر الإشارة إلى أن المقاصة لا يمكن أن تقع في جميع
الأحوال، وقد استثنت المادة 299 من القانون المدني حالات لا ترد فيها المقاصة[20].
د / إتحـاد الذمـة :
نصت عليه المادة 304 من القانون المدني، فإذا اتحدت صفة الدائن والمدين في شخص واحد
وبالنسبة لدين واحد، انقضى الدين بقدر إتحاد الذمة وانقضت معه التأمينات المقررة
له، وبالتالي ينقضي حق الإمتياز بالتبعية والصورة الغالبة في إتحاد الذمة هي
الميراث، ويكون ذلك إذا ورث المدين الدائن فتتحد الذمة في الدين فإذا انقضى هذا
الأخير بإتحاد الذمة ينقضي معه حق الإمتياز بالتبعية[21].
3 /انقضاء الإمتياز لانقضاء الالتزام الأصلي دون الوفاء به :
قد يزول الالتزام دون الوفاء به، ويترتب على ذلك انقضاء حق الإمتياز
بطريقة تبعية ويتم ذلك بأحد الصور التالية:
أ / الإبـراء :
وقد نصت عليه
المادة 305 من القانون المدني وهو تنازل من جانب الدائن بإرادته المنفردة عن حقه
قبل المدين دون عوض أو مقابل وفق ما نصت عليه المادة 306 من القانون المدني فإذا حصل الإبراء انقضى الالتزام وانقضى معه حق
الإمتياز بصفة تبعية، لكن إذا رفض المدين الإبراء كان باطلا ولا تبرأ ذمة
المدين، ويستمر في هذه الحالة وجود الالتزام مع كل التأمينات التي تضمنه بما في ذلك
حق الإمتياز.
ب / استحالة الوفـاء :
قد تطرأ أسباب تجعل الوفاء
بالالتزام مستحيلا، وهنا نفرق بين أن يكون للمدين يد في هذه الأسباب وبين أن تكون
هذه الأسباب خارجة عن إرادته.
6. الحالة الأولى: إذا كان للمدين يد في الاستحالة، فإن التزامه لا ينقضي رغم كون تنفيذه
العيني مستحيلا وهذا بمفهوم المخالفة لنص المادة 307 من القانون المدني، ويحكم على المدين في هذه الحالة بالتعويض وفقا لنص
المادة 176 من نفس القانون، وهنا لا ينقضي الإمتياز لعدم انقضاء
الالتزام.
7. الحالة الثانية: إذا استحال على المدين تنفيذ التزامه لسبب أجنبي خارج
عن إرادته، فينقضي الالتزام متى أثبت المدين أن استحالة الوفاء كانت لسبب خارج عن
إرادته، وهذا ما نصت عليه المادة 307 من القانون المدني، وينقضي بذلك حق الإمتياز بصفة تبعية.
ج / التقـادم:
الأصل أن تقادم الالتزام يكون بانقضاء 15 سنة، وهذا ما نصت عليه
المادة 308 من القانون المدني، ولكن توجد استثناءات واردة على هذه القاعدة[22]، ويترتب على التقادم انقضاء
الالتزام ومعه التأمين الضامن له، وهذا ما نصت عليه المادة 320 من القانون المدني وبالتالي ينقضي حق الإمتياز
بالتبعية.
ثانيا : انقضاء حقوق الإمتياز بطريقة أصلية
المقصود هنا أن الإمتياز ينقضي بصفة أصلية، أي أنه ينقضي بصفة مستقلة
عن الالتزام الأصلي الذي يضمنه، فينقضي حق الإمتياز دون أن ينقضي الدين،والمشرع
الجزائري لم يورد في القانون المدني أحكاما خاصة بانقضاء حقوق الإمتياز وإنما أحال
على الأحكام الخاصة بانقضاء الرهن وفي هذا الصدد نصت المادة 988 على الآتي:
" ينقضي حق الإمتياز بنفس الطرق التي ينقضي بها حق الرهن الرسمي وحق رهن
الحيازة ووفقا لأحكام انقضاء هذين الحقين ما لم يوجد نص يقضي بغير
ذلك".
ونفرق في دراستنا لانقضاء حقوق
الإمتياز بصفة أصلية بين المنقول والعقار، فحقوق الإمتياز الواردة على المنقول
تنقضي للأسباب التي ينقضي بها الرهن الحيازي، أما حقوق الإمتياز الواردة على عقار
فتنقضي للأسباب التي ينقضي بها الرهن الرسمي[23]، لذلك فسندرس إنقضاء حقوق
الإمتياز بطريقة أصلية في شقين: الأول يتعلق بانقضاء حقوق الإمتياز الخاصة الواردة
على عقار،والثاني يتعلق بانقضاء حقوق الإمتياز الخاصة الواردة على
منقول.
1 /انقضاء حقوق الإمتياز الخاصة الواردة على عقار بصفة أصلية
وفق ما قضت به المادة 988 من القانون المدني والمذكورة آنفا،فإن حقوق الإمتياز الخاصة الواردة
على عقار تنقضي بنفس الطرق التي ينقضي بها الرهن الرسمي وهي
التطهير والبيع الجبري ونتناول بالدراسة طرق أخرى لم ينص عليها المشرع
لكن يضيفها الفقه وهي هلاك العقار محل الإمتياز ونزول الدائن على حق الإمتياز
وإتحاد الذمة.
أ / التطهير:
وقد نصت المادة 934 من القانون المدني التي أحالت إليها المادتين 986 و988 من نفس القانون على
الآتي:
" إذا تمت إجراءات التطهير انقضى حق الرهن الرسمي
نهائيا ولو زالت لأي سبب من أسباب ملكية الحائز الذي طهر
العقار".
والتطهير وسيلة يلجأ إليها الحائز فقط إذا ما تبين له أن قيمة العقار
أقل من قيمة الحقوق المقيدة[24]، وللحائز الحق في عرضه للتطهير
بمجرد تسجيل سند ملكيته دون انتظار حلول أجل الدين، ويبقى هذا الحق قائما إلى يوم
إيداع قائمة شروط البيع وفقا لما نصت عليه المادة 915 من القانون المدني،ويتم التطهير وفقا للإجراءات المنصوص عليها في
المادة 916 من نفس القانون،والتي نصت على أن الحائز الذي أراد تطهير العقار عليه
أن يوجه إلى الدائنين المقيدة حقوقهم في مواطنهم المختارة إعلانات تشمل على
البيانات التالية:
ـ خلاصة من سند ملكية الحائز تحتوي على بيان نوع التصرف وتاريخه، اسم
المالك السابق مع تعيينه تعيينا دقيقا،ومحل العقار مع تحديده بدقة وذكر الثمن إذا
كنا بصدد عملية بيع.
- تاريخ تسجيل ملكية الحائز ورقم التسجيل
- المبلغ الذي يقدره الحائز قيمة للعقار على أن لا يقل هذا المبلغ عن
السعر المتخذ أساسا في تقديم المقابل لنزع الملكية للمنفعة العامة وفي كل الأحوال
عن الباقي في ذمته من ثمن العقار،إذا كنا بصدد عملية بيع.
- ذكر جميع الحقوق المقيدة على العقار قبل أن يتم تسجيل سند الحائز
إضافة إلى هذه البيانات،على الحائز وفقا لنص المادة 917 من نفس التقنين أن يذكر في نفس الإعلان إستعداده للوفاء بالديون
المقيدة، وهنا نفرق بين حالتين:
- الحالة الأولى: قبول العرض الذي تقدم به
الحائز:
فقد يقبل الدائنون الممتازون المقيدة حقوقهم عرض الحائز وفي هذه الحالة
يتطهر العقار[25]، ويكون المدين بذلك قد تفادى
التنفيذ على العقار.
- الحالة الثانية: رفض العرض الذي تقدم به
الحائز:
فلكل دائن مقيد حقه رفض العرض الذي تقدم به الحائز،وهذا الرفض يتخذ شكل
طلب بيع العقار في الآجال المحدد في المادة 918 من القانون المدني، ويتم هذا الطلب وفقا لما نصت عليه المادة
919 من القانون المدني وذلك بإعلان يوجه إلى الحائز والمالك السابق
للعقار،وعلى الطالب إيداع مبلغا كافيا في الخزينة العامة مبلغا كافيا لتغطية مصاريف
البيع بالمزاد،ولا يجوز لطالب البيع التنحي عن طلبه إلا بموافقة جميع الدائنين
المقيدين وجميع الكفلاء وهذا ما نصت عليه المادة 919 من القانون المدني، وبالتالي فإن رفض العرض يؤدي إلى بيع العقار
بالمزاد العلني وتنقضي بذلك حقوق الإمتياز المتعلقة بهذا العقار بدفع الثمن الذي
رسا به المزاد أو بإيداعه الخزينة.
ب / بيع العقار بالمزاد العلني :
تنص المادة 936 من القانون المدني والتي أحالت إليها أحكام المادتين 986 و988 من نفس القانون على التالي:
" إذا بيع العقار المرهون بيعا جبريا بالمزاد العلني سواء كان في مواجهة
مالك العقار أو الحائز أو الحارس الذي سلم إليه العقار عند التخلية فإن حقوق الرهن
على هذا العقار تنقضي بإيداع الثمن الذي رسى به المزاد أو بدفعه إلى الدائنين
المقيدين الذين تسمح رتبتهم بإستفاء حقوقهم من هذا الثمن".
وبالإسناد إلى هذا النص فإن
حقوق الإمتياز الخاصة الواردة على عقار تنقضي بطريق أصلي،إذا ما بيع العقار جبريا
بالمزاد العلني سواء تم هذا البيع في مواجهة المالك أوفي مواجهة الحائز أوفي مواجهة
الحارس.
بيع العقار
في مواجهة المالك: قد لا ينتقل العقار من يد المدين إلى الغير وفي هذه الحالة يتم التنفيذ
عليه في يد المالك ويكون الراسي عليه المزاد مخيرا بين أن يودع الثمن لدى خزانة
المحكمة أو يوزعه على الدائنين كل حسب مرتبته، وغالبا ما يختار الراسي عليه المزاد
الإجراء الأول أي إيداع الثمن لدى خزانة المحكمة تفاديا لإجراءات التوزيع المعقدة[26] وبرسو المزاد ينقضي حق
الإمتياز.
البيع في مواجهة الحائز: يبقى حق الحائز في تطهير العقار قائما إلى يوم إيداع قائمة شروط البيع
وهذا ما تنص عليه المادة 915 من القانون المدني .
وطبقا لهذه المادة فإن مهلة
التطهير التي يمنحها القانون للحائز تنتهي بإيداع قائمة شروط البيع، وقد يرفض
الحائز قضاء الديون أو التطهير أو تخليت العقار، ففي هذه الحالة يضطر الدائنون إلى
بيع العقار في مواجهته، وقد يفضل الحائز تطهير العقار ولكن ما يعرضه على الدائنين
كقيمة للعقار لا يرضيهم فيفضلون بيعه بالمزاد العلني في مواجهته، وينقضي بذلك حق
الإمتياز.
البيع في مواجهة الحارس: إن عرض الحائز إذا كان غير كاف كقيمة للعقار فإنه يكون مخيرا بين دفع
القيمة الحقيقة أو التخلية، وفي حالة ما إذا اختار التخلية فإن المحكمة تضطر إلى
تعيين حارس للعقار يقوم بحراسته حتى تتم إجراءات البيع بالمزاد العلني، ويكون البيع
في هذه الحالة في مواجهة الحارس القضائي .وفي الحالات الثلاث السالفة الذكر أي سواء
كان البيع في مواجهة المالك أو الحائز أو الحارس فإن البيع ينتهي دائما برسو
المزاد، ويترتب على رسو المزاد انقضاء حق الإمتياز الضامن
للدائن.
ج / النزول عن حق الإمتياز :
كما قلنا سابقا أن المشرع أحال
بخصوص انقضاء حقوق الإمتياز إلى الأحكام المتعلقة بانقضاء الرهن الرسمي، وبالرجوع
إلى المواد التي تنص على أحاكم انقضاء الرهن الرسمي نجد أن المشرع الجزائري لم ينص
على النزول كسبب من أسباب انقضاء الرهن الرسمي ونص عليه كسبب من أسباب انقضاء الرهن
الحيازي، وذلك بموجب نص المادة 965 من القانون المدني، وهذا راجع لتأثره بالمشرع المصري فهذا الأخير حذف
المادة 1057 من المشروع التمهيدي للقانون المدني والتي كانت تنص على انقضاء الرهن
الرسمي بتنازل الدائن المرتهن عنه، فلما عرض النص على لجنة المراجعة رأت حذف هذا
النص وذلك دون أن تبين سبب هذا الحذف، ويرى الأستاذ السنهوري أن الحذف مرده أن هذا
الحكم واضح ويمكن تطبيقه دون النص عليه لأن حق الرهن الرسمي هو حق الدائن المرتهن
وليس من النظام العام، فمن الجائز أن يتنازل عنه الدائن المرتهن[27].
ونرى أن هذا القول ينطبق أيضا على الدائن صاحب حق الإمتياز،وبالتالي فإن
حق الإمتياز ينقضي بصفة أصلية بنزول الدائن عنه صراحة أو ضمنا ويبقى الدين قائما
لكن يتحمل الدائن في هذه الحالة الخطر الذي قد يتعرض له الدين لأن هذا الأخير يصبح
دين عادي لا يضمنه الإمتياز.
د / انقضاء حق الإمتياز بهلاك العقار محل الإمتياز:
حذا المشرع الجزائري حذو
المشرع المصري فنص على هلاك العقار كسبب من أسباب انقضاء الرهن الحيازي في المادة
965 من القانون المدني ولكنه لم يورد نص يقضي بانقضاء الرهن الرسمي بهلاك
العقار، وقد يكون ذلك بسبب وضوح هذا الحكم[28].
وتجدر الإشارة إلى انه يقصد بالهلاك هنا الهلاك الكلي للعقار المثقل بحق
الإمتياز وذلك لأن الإمتياز غير قابل للتجزئة كما سبق القول وإذا كان الهلاك جزئيا
فإن الجزء الباقي من العقار يبقى ضامنا لكل الدين ونفرق في هلاك العقار بين حالتين:
- الحالة الأولى: هلاك العقار بخطأ من
المدين:
إذا كان الهلاك بخطأ من المدين
فإن الدائن يكون له الخيار بين أن يطلب تأمينا كافيا أويطلب استيفاء حقه فورا وذلك
ما تنص عليه للمادة 899 /
2 من القانون المدني الجزائري.
- الحالة الثانية: هلاك
العقار بخطأ لا دخل للمدين فيه:
في حالة الخطأ الذي ليس للمدين يد فيه فإن المدين يكون له الخيار بين أن
يقدم تأمين كاف أو أن يوفى الدين فورا طبقا للفقرة الثانية من المادة 899 / 1 من القانون المدني.
ه / انقضاء حق الإمتياز بصفة أصلية عن طريق إتحاد الذمة:
لا يوجد نص في التشريع
الجزائري ولا المصري ينص على إتحاد الذمة كطريق من طرق إنقضاء الرهن الرسمي – لأن
المشرع أحال في طرق إنقضاء حقوق الإمتياز إلى الطرق التي ينقضي بها الرهن الرسمي –
وقد حذا المشرع الجزائري في ذلك حذو المشرع المصري هذا الأخير الذي نص في المشروع
التمهيدي للقانون المدني في المادة 1508 منه على ما يأتي:
" ينقضي الرهن إذا انتقلت إلى الدائن المرتهن ملكية العقار المرهون
أو انتقل إلى مالك العقار المرهون حق الرهن الرسمي ..."[29]، ولما عرض النص على لجنة المراجعة
حذفته دون ذكر السبب ويرى الأستاذ السنهوري أن هذا الحذف يرجع لوضوح الحكم لأن
إتحاد الذمة مانع طبيعي لبقاء الرهن وهذا القول يصح على انقضاء حق الإمتياز بإتحاد
الذمة وهذا الأخير كما سبق قوله يعني اجتماع صفتي الدائن والمدين في شخص واحد وتجدر
الإشارة هنا إلى أن إتحاد الذمة في هذه الحالة يمس الإمتياز ولا يمس الدين لأنه إذا
مس الدين فإننا نكون أمام انقضاء حق الإمتياز بصفة تبعية للالتزام الأصلي وقد سبق
وأن تكلمنا عن ذلك، ويمكن تصور انقضاء الإمتياز بصفة أصلية بإتحاد الذمة في حالة
انتقال ملكية العقار المثقل بالإمتياز من المدين إلى الدائن كما لو انتقل العقار
إلى الدائن عن طريق البيع بالتراضي فيصبح الدائن مالكا للعقار المثقل بالإمتياز
وفي نفس الوقت صاحب حق الإمتياز[30] ويترتب عن ذلك انقضاء الإمتياز
بصفة أصلية عن طريق إتحاد الذمة ولا يبقى أمام الدائن في هذه الحالة سوى الرجوع على
مدينه للمطالبة بالوفاء بدينه[31].
2 /انقضاء حقوق الإمتياز الخاصة الواردة على منقول بصفة أصلية :
ويقصد بذلك زوال حق الإمتياز
دون أن ينقضي الدين فيبقى هذا الأخير كدين عادي.
قد نص المشرع في المادة 965 من القانون المدني والتي أحالت عليها المادة 988 من نفس القانون على الآتي: " ينقضي أيضا حق الرهن الحيازي بأحد الأسباب
الآتية:
إذا تنازل الدائن المرتهن عن هذا الحق على أنه يجوز أن يحصل التنازل
ضمنا بتخلي الدائن بإختياره عن الشيء المرهون أومن موافقته على التصرف فيه دون تحفظ
غير أنه إذا كان الشيء مثقلا بحق تقرر لمصلحة الغير فإن تنازل الدائن لا ينفذ في حق
هذا الغير إلا برضائه.
إذا إجتمع حق الراهن الحيازي مع حق الملكية في يد شخص
واحد.
إذا هلك الشيء وإنقضى الحق المرهون".
ويتضح من نص هذه المادة أن الإمتياز الخاص على منقول ينقضي دون إنقضاء
الحق للأسباب التالية:
أ / تنازل الدائن على حق الإمتياز :
ينقضي حق الإمتياز على منقول
بطريقة أصلية أي مستقلا عن الدين بتنازل الدائن عن حق الإمتياز صراحة أو ضمنا[32]، لكن تجدر الإشارة هنا إلى أن
المادة 965 من القانون المدني قد أوردت صورتين للتنازل الضمني، تتمثل الأولى في
تخلي الدائن عن الشيء المرهون وهذه الصورة لا يمكن تصورها في حق الإمتياز لأن هذا
الأخير من التأمينات العينية التي لا يترتب عليها حيازة الدائن للمنقول المثقل
بالإمتياز، أما الصورة الثانية للتنازل الضمني والمتمثلة في موافقة الدائن على
التصرف في الشيء المرهون دون تحفظ فهذه الصورة يمكن تصورها في حق
الإمتياز.
وحتى يتنازل الدائن عن حقه في
الإمتياز يشترط أن يكون بالغا سن الرشد القانوني وغير محجور عليه،لأن تنازله عن
الإمتياز الذي يضمن الدين يكون بمثابة تنازله عن الدين[33]، وبالتالي فإن الإمتياز الواقع
على منقول ينقضي بصفة أصلية إذا تنازل عنه الدائن صاحب الإمتياز صراحة أو
ضمنا.
ب / إتحاد الذمة :
وهو ما عبر عنه المشرع في المادة 965 من القانون المدني باجتماع حق الراهن الحيازي مع حق الملكية في يد شخص
واحد، وبإسقاط أحكام هذه المادة على حقوق الإمتياز نقول أن اجتماع حق الإمتياز مع
حق الملكية في المنقول يؤدي إلى زوال حق الإمتياز بصفة مستقلة كما لو قام الدائن
الذي ترتب له حق إمتياز لما أنفقه من مصاريف حفظ وترميم منقول ما بشراء هذا الأخير
فينقضي حق الإمتياز على هذا المنقول مع بقاء الدين قائما.
ج / هلاك المنقول المثقل بالإمتياز :
ينقضي حق الإمتياز الوارد على
منقول بصفة أصلية بهلاكه، وهذا طبيعي لأن المنقول المثقل بالإمتياز لم يعد له وجود
فيزول الإمتياز بزوال محله، ونفرق هنا بين ما إذا كان هلاك المنقول محل الإمتياز
بخطأ من المدين أو بخطأ لا دخل للمدين فيه، وفي هذا الشأن فقد أحالت الفقرة الأخيرة
من المادة 954 من القانون المدني والمتعلقة بهلاك الشيء المرهون رهنا حيا زيا على
المادتين 899 و900 من نفس القانون والمتعلقتين بهلاك الشيء المرهون رهنا رسميا أو تلفه
وهذا ما سبق وأن تناولناه في انقضاء حقوق الإمتياز الخاصة الواردة على عقار، وتجدر
الإشارة إلى أنه إذا كان الهلاك جزئيا يبقى حق الإمتياز ضامنا لأن حق الإمتياز كما
قلنا سابقا غير قابل للتجزئة.
وهذه هي الطرق الثلاثة التي وردت في القانون المدني الجزائري والتي
تنقضي بها حقوق الإمتياز الخاصة الواردة على منقول، إلا أنه هناك من الفقه من يضيف
طريق رابع وهو البيع الجبري[34]، هذا عن انقضاء كل حقوق الإمتياز
الخاصة الواردة على عقار والواردة على منقول أما حقوق الإمتياز العامة وإن صح القول
أنها تنقضي تبعا لانقضاء الحق المضمون بها بالطرق المشار إليها سابقا إلا أن
طبيعتها لا تقبل الانقضاء الأصلي، ذلك أن الدائن لا يتعلق حقه بمال معين بذاته[35].
الفصل الثاني
أنـواع حقــوق
الإمتياز
نتناول في هذا الفصل الأحكام الخاصة بكل حق من حقوق الإمتياز وقد نص
المشرع في نص المادة 984 من القانون المدني على أنه: " تسرى حقوق الإمتياز العامة على جميع
أموال المدين من منقول وعقار أما حقوق الإمتياز الخاصة فتكون مقصورة على منقول معين
أو عقار معين ".
ويتضح من نص المادة أن حقوق الإمتياز تنقسم على ثلاثة
أنواع:
حقوق إمتياز عامة:
وتقع على جميع أموال المدين
منقولات وعقارات فهي عامة بهذا المعنى وقد حددها المشرع في المادة 993 وهي:
o المبالغ المستحقة للخدم والكتبة والعمال وكل أجير آخر من أجرهم ورواتبهم
من أي نوع كان عن الإثني عشر شهرا الأخيرة.
o المبالغ المستحقة عما تم توريده للمدين ولمن يعوله من مأكل وملبس.
o مبالغ النفقة المستحقة في ذمة المدين لأقاربه عن الأشهر الستة
الأخيرة.
وهذه الحقوق الممتازة تقع على
جميع أموال المدين، سواء منقول أو عقار وهي لا تشهر حتى ولو وقعت على عقار، ولا
تثبت لصاحبها حق التتبع وهذا ما نصت عليه المادة 986 من القانون المدني.
وتقع حقوق الإمتياز العامة السالفة الذكر في مرتبة واحدة بعد المصاريف
القضائية والمبالغ المستحقة للخزينة العامة ومصاريف الحفظ والترميم وإذا تزاحمت
حقوق الإمتياز العامة فيما بينها تستوفى بنسبة كل منها وهذا ما نصت عليه المادة
993 من القانون المدني.
حقوق إمتياز خاصة على منقول معين:
أصحاب هذه الحقوق لهم إمتياز
خاص على منقول معين من منقولات المدين وقد ذكرهم المشرع حسب مراتبهم فثلاثة منها
تسبق حقوق الإمتياز العامة وهي:
o المصروفات القضائية
o المبالغ المستحقة للخزينة العامة
o المبالغ التي صرفت في حفظ المنقول وترمميه
وثلاثة أخرى تتأخر عن حقوق الإمتياز العامة وهي:
o مصروفات الزراعة والمبالغ المستحقة في مقابل آلات
الزراعة
o المبالغ المستحقة لمؤجر العقار وصاحب
الفندق
o المبالغ المستحقة لبائع المنقول والشريك المتقاسم في المنقول
وحق الإمتياز الخاص على المنقول عرضة للضياع إذا تعارض مع قاعدة الحيازة
في المنقول سند الملكية لذلك أجاز القانون المدني إذا خشي الدائن لأسباب معقولة
تبديد المنقول أن يطلب وضعه تحت الحراسة وهذا ما نصت عليه المادة 985 من القانون المدني.
حقوق إمتياز خاصة على عقار معين :
أصحاب هذه الحقوق لهم إمتياز
خاص على عقار معين بذاته من عقارات المدين وهي ثلاثة:
o ما يستحق لبائع العقار من الثمن وملحقاته
o المبالغ المستحقة للمقاولين والمهندسين المعماريين على
المنشآت.
o الشركاء المتقاسمون في العقار.
ويسري على حقوق الإمتياز الخاصة الواردة على عقار أحكام الرهن الرسمي
بالقدر الذي لا تتعارض فيه مع طبيعة هذه الحقوق وتسري بنوع خاص أحكام والتطهير
والقيد وما يترتب على القيد ما آثار وما يتصل به من تجديد وشطب، وذلك على نحو سيأتي
شرحه لاحقا.
ورغم أن الحقوق الممتازة تنقسم إلى ثلاثة أنواع إلا أن المشرع نص على
أحكامها في تقسيم ثنائي ففي قسم أول تناول أحكام حقوق الإمتياز العامة وحقوق
الإمتياز الخاصة الواقعة على منقول وفي قسم ثاني تناول حقوق الإمتياز الخاصة
الواقعة على عقار لذلك فقد إرتأتينا تناول الأحكام الخاصة لحقوق الإمتياز في مبحثين
نتعرض في المبحث الأول من هذا الفصل إلى حقوق الإمتياز العامة وحقوق الإمتياز
الخاصة الواقعة على منقول وفي مبحث ثان نتعرض إلى حقوق الإمتياز الخاصة الواقعة على
عقار.
المبحث الأول:
حقوق الإمتياز العامة وحقوق الإمتياز الخاصة
الواقعة على منقول
المبحث الأول : حقوق الإمتياز العامة وحقوق الإمتياز الخاصة الواقعة على منقول
لقد نص المشرع على حقوق الإمتياز العامة وحقوق الإمتياز الخاصة الواقعة
على منقول في القسم الأول من الفصل الثاني والمعنون بأنواع الحقوق الممتازة
وتناولها في المواد من 990 إلى 998 من القانون المدني، وقد إرتأينا دراسة هذا المبحث في مطلبين الأول
نتناول فيه حقوق الإمتياز العامة والمطلب الثاني نتناول فيه حقوق الإمتياز الخاصة
الواقعة على منقول، وقد إعتمدنا في هذا التقسيم على محل هذه الإمتيازات أي بحسب
الأموال التي ترد عليها، فالعامة ترد على جميع أموال المدين المنقولة والعقارية
والإمتيازات الخاصة الواردة على منقول ترد على منقول
معين.
المطلب الأول: حقوق الإمتياز العامة
ورد النص عليها في المادة 993 من القانون المدني إذ نصت على أنه: " يكون للديون التالية إمتياز على
جميع أموال المدين من منقول عقار:
المبالغ المستحقة للخدم والكتبة والعمال وكل أجير آخر من أجرهم ورواتبهم
من أي نوع كان عن الإثني عشر شهرا الأخيرة.
المبالغ المستحقة عما تم توريده للمدين ولمن يعوله من مأكل وملبس في
الستة الأشهر الأخيرة.
النفقة المستحقة في ذمة المدين لأقاربه على الأشهر الستة
الأخيرة.
وتستوفى هذه المبالغ مباشرة بعد المصاريف القضائية والمبالغ المستحقة
للخزينة العامة ومصاريف الحفظ والترميم أما فيما بينها فتستوفى بنسبة كل منها
".
فحقوق الإمتياز المذكورة أعلاه تسمى بحقوق الإمتياز العامة لأنها ترد
على جميع أموال المدين وتشترك هذه الحقوق في الأحكام
التالية:
محل الإمتياز :
محلها يتحدد بكل أموال المدين
سواء كانت عقار أو منقول مادي كان أو معنوي مثل حق المؤلف وبراءة الاختراع[36].
مرتبة الإمتياز :
من حيث مرتبتها فهي جميعا في مرتبة واحدة أيا كان تاريخ نشأة الحق وتأتي
في المرتبة الرابعة بين حقوق الإمتياز بعد المصاريف القضائية والمبالغ المستحقة
للخزينة العامة ومصاريف حفظ وترميم المنقول والتي سنتناولها في المطلب الموالي،
وإذا تعددت حقوق الإمتياز العامة وتزاحمت فيما بينها فإنها تستوفى بنسبة كل منها،
وهذا ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة 993 من القانون المدني.
عدم شهر وعدم التتبع:
كما تشترك حقوق الإمتياز العامة أيضا، في عدم وجوب الشهر فيها ولو وردت
على عقار، كما أن صاحبها لا يثبت له حق التتبع بل يقتصر الأمر فيها على حق التقدم،
إذ نصت المادة 986 فقرة 3 من القانون المدني على أنه " ...غير أن حقوق الإمتياز العامة ولو كانت
مترتبة على عقار لا يجب فيها الإشهار ولاحق التتبع...".
وسنتناول كل حق من حقوق الإمتياز العامة على حدا وذلك بشيء من التفصيل
في النقاط التالية:
أولا : الأجور المستحقة للخدم والكتبة والعمال وسائر الأجراء
لقد اعتبر المشرع هذه المبالغ ممتازة بناءا على اعتبارات إنسانية،
فالخدم والعمال يعيشون في الغالب من أجورهم وبالتالي لهم الحق في الدفع المنتظم
لأجورهم، وقد قرر المشرع هذا الإمتياز في المادة 993 من القانون المدني كما سلف ذكره، كما تقرر هذا الإمتياز أيضا في نص
المادة 89 من القانون رقم 90-11 المؤرخ في 21 أفريل 1990 والمتعلق بعلاقات العمل المعدل والمتمم والتي نصت على أنه: " تمنح
الأفضلية لدفع الأجور وتسبيقاتها على جميع الديون الأخرى بما فيها ديون الخزينة
والضمان الإجتماعي مهما كانت طبيعة علاقة العمل وصحتها
وشكلها ".
ونص القانون المدني أوسع نطاقا
من حيث الأشخاص مقارنة مع قانون 90-11 فبالرجوع إلى نص المادة 04 من نفس القانون نجدها تنص على أنه: " تحدد عند الاقتضاء أحكام خاصة
تتخذ عن طريق التنظيم النظام النوعي لعلاقات العمل التي تعني مسيري المؤسسات
ومستخدمي الملاحة الجوية والبحرية ومستخدمي السفن التجارية والصيد البحري والعمال
في المنازل والصحفيين والفنانين والمسرحيين والممثلين التجاريين ورياضيي النخبة
ومستخدمي البيوت وذلك بغض النظر عن أحكام هذا القانون وفي إطار التشريع المعمول
به ".
فهذه المادة تستبعد بعض الفئات
عن تطبيق أحاكم هذا القانون وبالتالي فإنهم لا يستفيدون من الإمتياز الوارد بنص
المادة 89 من هذا القانون والسالف ذكرها، بينما نجد القانون المدني يقرر الإمتياز
للمبالغ المستحقة للخدم والكتبة والعمال وكل أجير آخر فهو أوسع نطاقا من حيث
الأشخاص المقرر لهم الإمتياز، بالمقابل فإن قانون 90-11 أوسع نطاقا من حيث المدة المستحقة عنها هده المبالغ إذ أن القانون
المدني يحددها بـ 12 شهرا الأخيرة بينما قانون 90-11 يقرر الإمتياز دون تحديد المدة.
ويستفيد من هذا الإمتياز كل من يؤدي عملا لحساب شخص آخر يتقاضى عنه أجرا
ويقوم على رابطة تبعية بينهما[37]
سواء عمل لحسابه أم لحساب أشخاص آخرين، ويدخل في هذا المفهوم حارس المنزل والطاهي
وسائق السيارة والمرضعة ومربية الأطفال وكل من يؤجر عمله بالساعة أو اليوم
أو بالأسبوع أو بالشهر أو بغير ذلك، وعلى عكس هذا لا يشمل الإمتياز كل من لا تربطه
رابطة تبعية برب العمل كالمقاول، فلا يكون أجره مضمون بهذا
الإمتياز.
المبالغ المضمونة بهذا الإمتياز :
حسب نص المادة 993 من القانون المدني هي الأجور والرواتب، ويدخل في هذا المفهوم كل ما
يتقاضاه الأجير مقابل عمله من أجر أو مكافآت أو نسب مئوية من المبيعات وبدل
الانتقال، أما ما ليس بأجر أوفي حكمه فلا يضمنه الإمتياز كالتعويض عن الفصل التعسفي
أو المبالغ التي دفعها العامل لإنجاز مصلحة لصاحب العمل ولا يشمل الإمتياز إلا
المبالغ المستحقة للأجير عن الإثني عشر شهرا الأخير، أما ما زاد عن هذه المدة فلا
يعد إلا دينا عاديا لا يضمنه هذا الإمتياز، ويشترط للمطالبة بالأجرة ألا تكون قد
سقطت بالتقادم بمضي سنة من تاريخ استحقاقها، كما نصت المادة 312 من القانون المدني.
مرتبة الإمتياز:
بالنسبة لمرتبة الامتياز فالأمر يثير إشكال فالقانون المدني يضعها في
المرتبة الرابعة بعد المصروفات القضائية والمبالغ المستحقة للخزينة العامة ومصروفات
الحفظ والترميم، ويتساوى في المرتبة مع إمتياز موردي المأكل والملبس وإمتياز نفقة
الأقارب،فإذا تزاحمت هذه الأخيرة فيما بينها فتستوفي بنسبة كل منها بينما المادة
89 من القانون 90-11
السابق ذكرها تنص على أنه:
"تمنح الأفضلية لدفع الأجور
وتسبيقها على جميع الديون الأخرى بما فيها ديون الخزينة والضمان
الاجتماعي..."
بمعنى أن هذه المادة تضع إمتياز الأجور في المرتبة الأولى قبل كل الديون
الأخرى بما فيها ديون الخزينة العامة، فإذا وقع تزاحم بين حقوق الخزينة مثلا وحقوق
الأجراء فأيهما يأتي في المرتبة الأولى ؟ بمعنى أي القوانين نطبق القانون المدني
أو قانون 90-11 ؟
غير أنه في رأينا فإن القانون
الذي يطبق هو قانون 90-11 وذلك لاعتبارين:
الأول:أن القانون المدني هو قانون عام وقانون 90-11 قانون خاص بعلاقات العمل فهو الذي يطبق حسب قاعدة النص الخاص يقيد النص
العام .
الثاني: نص قانون 90-11 هو القانون الأحدث مقارنة مع القانون المدني، وعلى هذا الأساس فإن
قانون 90-11 هو الذي يطبق، ونتيجة لذلك فإنه إذا تزاحمت مثلا حقوق الخزينة وحقوق
الأجراء، فإن حقوق الأجراء تأتي في المرتبة الأولى وذلك تطبيقا للقانون
90-11 الذي يعطيها المرتبة الأولى قبل كل الحقوق الأخرى، وهذا ما قضت به
المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ 14/11/1981، ملف رقم 21276 المنشور في المجلة القضائية لسنة 1989 العدد الأول، الصفحة 215[38].
ثانيا: إمتياز المبالغ المستحقة على ما تم توريده للمدين ولمن يعوله
قرر المشرع هذا الإمتياز في
المادة 993 من القانون المدني وذلك لاعتبارات إنسانية تتمثل في التسهيل على المدين
في الحصول على ما يحتاجه من مأكل وملبس، فلولا هذا الإمتياز لتردد مورد هذه
الحاجيات في تلبيتها.
شروط ثبوت الإمتياز :
بالرجوع إلى نص المادة 993 من القانون المدني يتضح لنا أنه لثبوت هذا الإمتياز لابد من توفر
الشروط التالية:
1- أن تكون المبالغ المستحقة عن توريد الأكل والملبس وحدهما دون الحاجات
الأخرى كالأدوية أو التهوية أو التدفئة فالمشرع حصر الأمر في الأكل والملبس ولا
يجوز توسيع نطاق تطبيق هذه المادة على باقي الحاجيات وإن كانت ضرورية لأنه لا
إمتياز إلا بنص قانوني كما أنه تجدر الإشارة على أن دين توريد المأكل والملبس ورد
مطلق من الوصف فإنه لا مجال للتمييز بين ما هو ضروري أو ترفيهي فيها[39].
2- أن يتم توريد الأكل والملبس ممن يحترفون توريدها ويتجرون في هذه
الأشياء ولو كان التاجر غير مقيد بالسجل التجاري ولا يؤدي ضريبة الدخل على أرباحه
التجارية[40] فإذا تم التوريد من صديق أو جار
فلا يكون الثمن مضمونا بهذا الإمتياز.
3- أن يكون التوريد لغرض الاستهلاك وليس الاتجار وهذا تماشيا مع الحكمة
التي تقرر من أجلها هذا الإمتياز وهي توفير الإئتمان اللازم لمواجهة المتطلبات
الضرورية للحياة.
4- أن يكون التوريد بغرض استعمال المدين شخصيا وكل من يعولهم قانونا
أو اتفاقا كخدمة وزوجه وأولاده ولو كانوا بالغين طالما المدين يعولهم فعلا والإعالة
هنا يقصد بها التكفل بما يلزم من ضروريات الحياة دون اشتراط أن يشترك المدين مع من
يعولهم في العيش.
5- أن يتم التوريد فعلا للمدين فلا يكفي لثبوت هذا الدين مجرد شراء هذه
الحاجيات طالما لم يتم تسلمها فعلا من جانب المدين[41].
المبالغ المضمونة بهذا الإمتياز :
يضمن هذا الإمتياز ثمن المأكل
والملبس اللذان تم توريدهما في الستة أشهر الأخيرة أي السابقة مباشرة على الوفاة أو
الإعسار أو الإفلاس أو السابقة مباشرة على الحجز أو البيع أما بعد ذلك فلا تكون
الأثمان ممتازة.
ثالثا : النفقة المستحقة لأقارب المدين
نص المشرع على هذا الإمتياز في
نص المادة 993 من القانون المدني وقد راعى المشرع في تقرير هذا الإمتياز إعتبارات
إنسانية تستلزم حماية مستحق النفقة وتقديمه على غيره لاستيفاء
دينه.
1 /المستفيد من الإمتياز :
لقد أعطى نص المادة
993 من القانون المدني هذا الإمتياز لأقارب المدين ويثور الإشكال بالنسبة
للزوجة فيما إذا كانت تعتبر من أقارب المدين خاصة وأن صلتها بزوجها صلة من نوع خاص
إلا أن هناك إجماع في الفقه على أن هذا النص يشملها لأن علاقة الزوجية نوع من
القرابة التي تشمل أيضا قرابة النسب وقرابة المصاهرة [42] وبالرجوع إلى النص الفرنسي من نفس
المادة نجده أكثر دقة فقد عبر على عبارة أقاربه بـ " sa famille " ويدخل في هذا المفهوم الزوجة لأنها من أسرة
المدين.
2 /شروط ثبوث الإمتياز :
لثبوت هذا الإمتياز لابد من توفر شرطين:
1- لابد أن تكون النفقة مستحقة في ذمة المدين وهي لا تكون كذلك إلا إذا
كان مقضيا بهاأوكان متفق عليها[43].
2- أن تكون النفقة مستحقة عن الستة أشهر الأخير السابقة مباشرة على
الوفاة أو الإعسار أو الإفلاس أو الحجز أو البيع.
المطلب الثاني : حقوق الإمتياز الخاصة الواقعة على منقول
أوردها هذا المشرع في القانون
المدني حسب ترتيبها وهي ستة إمتيازات ثلاثة منها تأتي قبل حقوق الإمتياز العامة
وهي:
o
إمتياز المصروفات القضائية.
o
إمتياز المبالغ المستحقة للخزينة العامة.
o
إمتياز المبالغ التي صرفت في حفظ وترميم
المنقول.
وثلاث إمتيازات أخرى تأتي بعد حقوق الإمتياز العامة
وهي:
o
إمتياز مصروفات الزراعة والمبالغ المستحقة في مقابل آلات
الزراعة.
o
إمتياز مؤجر العقار وصاحب الفندق.
o
إمتياز بائع المنقول والشريك المقاسم في
المنقول.
وسنتناول كل إمتياز من هذه الإمتيازات بشيء من التفصيل في النقاط
التالية:
أولا : إمتياز المصروفات القضائية
ورد النص عليها في المادة
990 من القانون المدني وقد نصت على الآتي:
"المصاريف القضائية التي أنفقت لمصلحة جميع الدائنين في حفظ أموال
المدين وبيعها لها إمتياز على ثمن هذه الأموال ".
وتستوفي هذه المصاريف قبل أي حق أخر ولو كان ممتازا أو مضمونا برهن رسمي
بما في ذلك حقوق الدائنين الذين أنفقت المصاريف في مصلحتهم وتتقدم المصاريف التي
أنفقت في بيع الأموال على تلك التي أنفقت في إجراءات التوزيع
".
والمقصود بالمصروفات القضائية هنا هي تلك التي أنفقت للمصلحة المشتركة
للدائنين في حفظ أموال المدين وبيعها وتوزيع ثمنها[44].
فلما كانت هذه المصروفات تعود بفائدة على جميع المدينين المشتركين في
التنفيذ كان من العدل أن يستوفيها صاحبها بالأولوية على أي دائن آخر، من هذه
المصروفات نفقات الحجوز التحفظية والحراسة والحجز التنفيذي.
شروط ثبوت إمتياز المصروفات القضائية :
بالرجوع إلى نص المادة
990 من القانون المدني يتضح لنا أنه لابد من توافر ثلاثة شروط لثبوت هذا
الإمتياز هي:
1- أن تكون هذه المصاريف قد أنفقت في إجراءات قضائية تمت وفقا للقانون،
وذلك لحفظ أموال المدين تمهيدا لبيعها وتوزيع ثمنها على الدائنين [45]، ويذلك لا يثبت إمتياز المصاريف
التي أنفقت لتصفية أموال المدين وديا.
2- أن تكون المصروفات قد أنفقت في إجراءات قضائية يستلزمها القانون لحفظ
أموال المدين وتعبير "حفظ" الوارد في نص المادة 990 من القانون المدني يقصد به الحفظ القانوني وليس الحفظ من التلف المادي،
لأن مصروفات الحفظ من التلف يضمنها إمتياز مصروفات الحفظ والترميم[46].
3- أن تكون هذه المصروفات قد أنفقت لمصلحة الدائنين المشتركة لكن
إجراءات تحقيق دين أحد هؤلاء الدائنين لا تدخل في هذا الإمتياز، لأنها لمصلحة خاصة
لدائن معين[47]، وكذا المصروفات التي ينفقها أحد
الدائنين لمصلحته الشخصية، كنفقات الدعوى التي يطالب فيها بحقه قبل المدين فلا يكون
لها هذا الإمتياز.
محل الإمتياز:
وقد ذكر المشرع الجزائري
إمتياز المصروفات القضائية في القسم الأول والخاص بحقوق الإمتياز العامة وحقوق
الإمتياز الخاصة الواقعة على منقول، وهذا الإمتياز يقع على ثمن أموال المدين التي
أنفقت المصاريف من أجل حفظها أو بيعها أو توزيع ثمنها، أي أن محل الإمتياز ثمن، وهو
منقول خاص ومن هنا كان الإمتياز إمتيازا خاصا على المنقول حتى لو أنفقت المصروفات
بصدد التنفيذ على عقار، لأن الإمتياز يرد في جميع الأحوال على ثمن البيع وهو مبلغ
من النقود وليس العقار ذاته محل الإجراءات.
مرتبة الإمتياز :
ومرتبة هذا الإمتياز هي الأولى
بين جميع حقوق الإمتياز ولا يتقدم إمتياز آخر هذا الإمتياز ولا يعادله وتستوفى هذه
المصاريف قبل أي حق آخر ولو كان ممتازا أو مضمونا برهن رسمي، حتى ولو كان هذا الحق
الآخر هو حق أحد الدائنين الذين أنفقت المصروفات القضائية لمصلحتهم وإذا تزاحمت
المصروفات القضائية فيما بينها فإن التي أنفقت في البيع تتقدم على تلك التي أنفقت
في إجراءات التوزيع وهذا ما نصت عليه المادة 990 / 2 من القانون المدني.
ثانيا : حقوق إمتياز الخزينة العامة
ورد النص عليها في المادة 991 من القانون المدني وقد نصت على الآتي:
" المبالغ المستحقة للخزينة العامة من ضرائب ورسوم وحقوق أخرى من أي نوع
كان لها إمتياز ضمن الشروط المقررة في القوانين والمراسيم الواردة في هذا
الشأن.
وتستوفى هذه المبالغ من ثمن
الأموال المثقلة بهذا الإمتياز في أي يد كانت وقبل أي حق آخر ولو كان ممتازا أو
مضمونا برهن رسمي ما عدا المصاريف القضائية ".
الحق الممتياز :
يتمثل حق الإمتياز في المبالغ المستحقة للخزينة العامة وهي متعددة
والتشريع المالي هو الذي يحدد المفاضلة بينها وتشمل هذه المبالغ الضرائب المباشرة
وغير المباشرة والرسم على رقم المبيعات وإمتياز التسجيل والرسوم الجمركية وكذا
الرسوم الجنائية والغرامات الجبائية[48].
محل الإمتياز :
يقع الإمتياز على ثمن الأموال المثقلة بهذا الإمتياز وذلك طبقا للقوانين
والمراسيم الصادرة في هذا الشأن وتكون هذه الأموال عادة منقول كمحصولات مثلا وقد
يمتد الإمتياز إلى عقار إذا لم يكف المنقول [49] ولا حاجة لشهر الإمتياز هنا حتى
لو ورد على عقار وذلك ما نصت عليه المادة 986 صراحة إذ ورد في الفقرة الثالثة منها
أنه " ...لا حاجة للإشهار أيضا في حقوق الإمتياز العقارية الضامنة لمبالغ مستحقة
للخزينة العامة ... "
والحكمة في تقرير إمتياز المبالغ المستحقة للخزينة العامة أن هذه
المبالغ تمثل العنصر الهام في إيرادات الدولة وتقتضي المصلحة العامة ضمان تحصيلها
حتى لا يتعطل نشاط الدولة[50] على أنه إذا ورد هذا الإمتياز على
منقول معين فإن ميزة التتبع قد تتعطل لأنه لا يحتج بهذا الإمتياز على من حاز
المنقول بحسن نية إذ نصت المادة 985 من القانون المدني: " ...لا يحتج بحق الإمتياز على من حاز المنقول بحسن
نية ...".
وإستنادا لعموم صياغة المادة 991 من القانون المدني، فإننا نجد المشرع قد نص على أن حق تتبع المال
المثقل بالإمتياز يثبت أيا كان محل هذا الإمتياز، سواء كان واردا على منقول معين أو
عقار معين أو وارد على كل أموال المدين، إلا أنه في هذه الحالة الأخيرة لا يثبت
فيها حق التتبع لأن الإمتياز في هذه الحالة يكون عاما.
إذ نصت المادة 986/
3 من القانون المدني " حقوق الإمتياز العامة ولو كانت مترتبة على عقار لا
يجب فيها الإشهار ولا حق التتبع ".
مرتبة الإمتياز :
يتبين من خلال نص المادة
991 من القانون المدني أن حق إمتياز المبالغ المستحقة للخزينة العمومية
يأتي في المرتبة الثانية بعد إمتياز المصاريف القضائية ويتقدم هذا الإمتياز على
جميع الحقوق الأخرى سواء أكانت ممتازة أو مضمونة برهن رسمي وهذا ما قضت به المحكمة
العليا في قرارها الصادر في 24/07/2002 ملف رقم 257484 المجلة القضائية لسنة 2003 عدد 2 ص 91 [51].
ثالثا : حق إمتياز المبالغ التي صرفت في حفظ وترميم منقول
ورد النص عليها في المادة 992 من القانون المدني وقد نصت على
التالي:
" المبالغ التي صرفت في حفظ المنقول وفيما يلزم له من ترميم يكون لها
إمتياز عليه كله وتستوفى هذه المبالغ من ثمن هذا المنقول المثقل بحق الإمتياز بعد
المصاريف القضائية والمبالغ المستحقة للخزينة العامة مباشرة أما فيما بينها فيقدم
بعضها على بعض بحسب الترتيب العكسي لتواريخ صرفها ".
فالمشرع قرر إمتياز للمبالغ التي أنفقت لحفظ وترميم المنقول وحكمة
تقريره أن الفضل يرجع لهذه المصروفات في بقاء المنقول وكذا إحتفاظه بوظيفته
وقيمته،فمن العدالة أن يتقدم الدائن بهذه المبالغ على غيره في إستفائها من ثمن ذلك
المنقول [52].
الحق الممتاز :
ويتمثل حق الإمتياز في هذه
الحالة فيما صرف من مبالغ في حفظ المنقول وترميمه والمعيار في ذلك أن تكون هذه
المصروفات لازمة لمنع ضياعه أو وقايته من الهلاك أو التلف الكلي أو الجزئي أو
للحفاظ على وظيفته[53] ومثال ذلك أجرة الميكانيكي الذي
يصلح سيارة أو آلة وأجرة الساعاتي الذي يصلح الساعة وأجرة النجار الذي يصلح أثاث
منزل والمصروفات التي ينفقها شخص لإنقاذ منقول لغيره من الحريق أومن الغرق، أما
نفقات تشغيل المنقول أو نقله أو تحسينه أو المصروفات النافعة له فلا يشملها هذا
الإمتياز لأنها تنفق بقصد إستعماله أو نقله أو زيادة قيمته لا حفظه من التلف أو
الهلاك وهذا على عكس إمتياز المهندس والمقاول بالنسبة للمباني والمنشآت، فيمدد
الإمتياز كما سنرى في حينه إلى مصروفات التحسين أيضا ولقاضي الموضوع السلطة
التقديرية فيما إذا كانت هذه المصروفات قد أدت بالفعل إلى حفظ المنقول أو إلى
ترميمه[54] ويتضح من خلال قراءة المادة
992 من القانون المدني أن المشرع لم يشترط أن تكون هذه المصروفات قد أنفقت
بقصد حفظ المنقول أو ترميمه، بل يكفي أن تكون قد أدت فعلا إلى ذلك وعلى من يدعي
ثبوت الإمتياز لحق ما أن يقيم الدليل على أن ما أنفقه قد أدى فعلا إلى حفظ
المنقول.
ويثار الإشكال بالنسبة لمبلغ التأمين على المنقول خاصة في غياب نص
قانوني يفصل في هذه النقطة وبالرجوع إلى الفقه نجد أن جانبا منه ذهب إلى أن مبالغ
التأمين تكون ممتازة على إعتبار أن الإحتياط من خطر الهلاك أو التلف يحقق حفظ
المنقول ولو لم يتحقق من الناحية الفعلية الخطر المؤمن منه[55]، إلا أن الرأي السائد يرى أن هذه
المبالغ لا تكون ممتازة على أساس أن الغرض من التأمين هو دفع التعويض في حالة
الهلاك، لا حفظ المنقول من الهلاك[56] وهو الرأي الذي أخذت به مذكرة
المشروع التمهيدي للقانون المدني المصري[57].
محل الإمتياز :
يقع الإمتياز على المنقول الذي أنفقت المبالغ لحفظه أو ترميمه وذلك
بكامل قيمته لا بما زاد في قيمته بسبب إنفاق هذه المبالغ وهذا ما يتضح جليا في
الفقرة الأولى من نص المادة 992 من القانون المدني ويستمر الإمتياز على هذا المنقول طالما لم تتغير
ذاتيه ولم تتغير حالته تغيرا أضاع معالمه الأصلية فيبقى الإمتياز حتى ولو أصبح
المنقول عقارا بالتخصيص[58].
مرتبة الإمتياز :
وقد نصت المادة 992 من القانون المدني على أن هذه المبالغ تستوفى من ثمن المنقول المثقل
بحق الإمتياز بعد المصاريف القضائية والمبالغ المستحقة للخزينة العامة مباشرة، أما
فيما بينها فيقدم بعضها على بعض بحسب الترتيب العكسي لتواريخ صرفها، فما أنفق على
حفظ المنقول أخيرا تكون له الأسبقية في الإمتياز، فإذا تعددت مصروفات حفظ وترميم
المنقول فأنفقت إحداها في جانفي وأخرى فيفري وأخرى في مارس فإن مصروفات مارس تستوفى
أولا ثم مصروفات فيفري ثم مصروفات جانفي[59] والعلة في ذلك أنه لولا المبالغ
التي أنفقت أخيرا لهلك المنقول أو تلف ولما إستطاع الدائن الذي أنفق مبلغا قبل ذلك
أن يستوفيه من ثمنه [60] وتجدر الإشارة إلى أن المادة
200 من القانون المدني تنص على أنه إذا كانت هذه المصروفات قد أنفقت في
تحسين المنقول دون حفظه كان لمن أنفقها حق حبسه دون أن يكون له إمتياز على ثمنه
وذلك لأن المادة 992 من القانون لا تمنح الإمتياز إلا للمبالغ التي صرفت من أجل حفظ المنقول
وفيما يلزمه من ترميم.
وإذا لم يكن المنقول في حيازة صاحب هذا الإمتياز أو خرج من حيازته كان
له أن يتتبعه في أي يد يكون، غير أنه لا يحتج بإمتيازه على من حاز هذا المنقول بحسن
نية وهذا ما نصت عليه المادة 985 من القانون المدني.
رابعا : إمتياز مصروفات الزراعة والمبالغ المستحقة في مقابل آلات الزراعة
أوردها المشرع في المادة 994 من القانون المدني، ومرد تقرير هذا الإمتياز هو أن الدائن بشيء من هذه
المصروفات قد أسهم في إنتاج المحصول فأفاد بذلك غيره من الدائنين، فمن العدل أن
يتقدم عليهم[61]،
ومن الفقه من يرى أن تقرير هذا الإمتياز مرده رغبة المشرع في تشجيع تمويل الأعمال
اللازمة للزراعة.
الحق الممتاز :
ويشمل المبالغ التي صرفت في
البذر والسماد وغيره من مواد التخصيب والمواد المقاومة للحشرات والمبالغ التي صرفت
في أعمال الزراعة والحصاد، وعلى ذلك فإن جميع المبالغ التي صرفت في إستغلال الأرض
وزرعها منذ إعدادها حتى جني محصولها تعتبر حقا ممتازا[62] أيا كان المدين بها، مالك الأرض
أو مستأجرها أو المنتفع بها أو مجرد حائزها[63] وكذلك حتى ولو كان مستغل الأرض
مغتصبا لها، أما بالنسبة للمبالغ المستحقة في مقابل آلات الزراعة فإن الحق الممتاز
يشمل ثمن تلك الآلات أو شراء ملحقاتها وكذا نفقات إصلاحها وتحسينها وصيانتها، كون
أن النص جاء عاما إذ يقول " المبالغ المستحقة في مقابل آلات الزراعة
".
محل الإمتياز :
بالنسبة لإمتياز مصروفات
الزراعة يرد الإمتياز على المحصول الذي صرفت تلك المبالغ في إنتاجه، سواء كان
إنتاجه يستغرق سنة أو أقل أو أكثر من ذلك ويرد الإمتياز على المحصول بمجرد جنيه
وليس قبل ذلك، ويبقى الإمتياز على المحصول ولو تصرف المدين فيه إلى الغير ما لم
تعطله قاعدة الحيازة في المنقول بحسن نية سند الحائز.
وليس هناك ما يمنع الدائن الممتاز من التنفيذ على المحصول رغم بيعه وقبل
جنيه أو التنفيذ عليه بعد الجني إن كان المشتري سيء النية، أما محل الإمتياز
بالنسبة للمبالغ المستحقة في مقابل آلات الزراعة فإنه يتعلق بآلات الزراعة نفسها
وليس المحصول ولو أصبحت تلك الآلات عقارات بالتخصيص.
مرتبة الإمتياز :
تحتل المرتبة الخامسة بعد إمتياز المصروفات القضائية والمبالغ المستحقة
للخزانة العامة وإمتياز حفظ وترميم المنقول وحقوق الإمتياز العامة،فإذا تنازع
دائنون متعددون كأن يتنازع بائع البذور مع بائع الأسمدة بالنسبة لمصروفات الزراعة
فإنهما يكونان في مرتبة واحدة بحيث يستوفيان حقوقهما بنسبة قيمة كل منها[64]، ولا يتصور التزاحم بين إمتياز
مصاريف الزراعة والمبالغ المستحقة مقابل آلات الزراعة لأن محليهما
مختلفان.
خامسا : إمتياز مؤجر العقار وإمتياز صاحب الفندق :
1 /إمتياز مؤجر العقار :
تناولته المادة 995 من القانون المدني الجزائري، ويرى الفقه أن المشرع قرر لمؤجر الأرض
الزراعية والمباني حق إمتياز على ما يوجد بالعين المؤجرة من منقولات لضمان الوفاء
ببعض الأجرة وكل حق آخر للمؤجر بمقتضى عقد إيجار، وذلك حتى يثق المؤجرون في
المستأجرين ويمكنوهم من الإنتفاع بالعين دون حاجة إلى تأمين خاص وبهذا تتحقق مصلحة
كل من المؤجر والمستأجر، فالمؤجر يحصل على التأمين والمستأجر يتمكن من الإستئجار
دون أن يتقدم بأي تأمين،خاصة وأن الغالب أن المستأجرين لا يمكنهم تقديم تأمينات
خاصة[65].
كما يرى جانب من الفقه أن المشرع قرر الإمتياز لحقوق المؤجر لما يتسم به
حق الدائن المؤجر من طبيعة متميزة بالنظر لتولده عن توريد حاجة أساسية للمدين، سواء
تمثلت في توفير المأوى له بإيجار العقارات المبنية، أو توفير مصدر رزق له وذلك
بإيجار الأراضي الزراعية، كما يقوم من ناحية أخرى على العمل على توفير الائتمان
للمدين بتسهيل حصوله على مسكن يؤويه أو أرض زراعية يتكسب من ورائها على إعتبار أن
ضمان حق المؤجر بالإمتياز الوارد في المادة 995 من القانون المدني الجزائري لا يدفعه إلى التشدد في طلب تعجيل حقوقه
المتولدة عن عقد الإيجار[66].
الحق الممتاز :
يثبت الإمتياز للمؤجر بعقد إيجار صحيح، ولا يشترط أن يكون ثابت التاريخ
فإن كان عقد الإيجار باطلا أو صوريا فإنه لا يرتب أي أثر، كما لا يوجد حق ممتاز في
مواجهة مغتصب العقار ضمانا للتعويض الذي يلتزم به المغتصب لقاء إنتفاعه بالعين لعدم
وجود عقد إيجار أصلا.
ويشترط في المؤجر الذي يثبت له الإمتياز أن تكون له سلطة إبرام عقد
الإيجار سواء كان مالك العقار أو صاحب حق الإنتفاع أو دائن مرتهن رهنا حيازيا أو
مستأجرا أصليا له حق التأجير من الباطن، ويجب أن يكون محل الإيجار عقار سواء كان
عقار مبني أو أرض زراعية أو أرض فضاء[67].
أما من يؤجر دارا مفروشة لا يكون له إمتياز إلا لضمان الجزء من الأجرة
الذي يقابل أجرة الدار دون الأثاث، كون أن الإمتياز المقرر لا يضمن إلا المبالغ
المستحقة نتيجة إيجار العقار، بينما الزيادة في الأجرة لوجود الأثاث هي إيجار لهذا
الأخير بإعتباره منقول ولا إمتياز له، وكذلك فإن الأهمية العملية هنا قليلة لأن
المستأجر لا يحضر معه منقولات ذات قيمة كبيرة وأغلبها متعلقات شخصية لا يجوز الحجز
عليها.
والأجرة المضمونة بحق الإمتياز هي أجرة سنتين فإن زادت مدة عقد الإيجار
عن سنتين كان الحق الممتاز هو أجرة سنتين فقط، وقد إختلف الفقهاء في تحديد هاتين
السنتين فمنهم من يرى أن الإمتياز يضمن أجرة أي سنتين سواء كانتا السنتين السابقتين
على التنفيذ أو آخرين إذا كان قد الوفاء بأجرة السنتين الأخيرتين على إعتبار أن
المشرع لم يحدد المقصود بهاتين السنتين مما يستدعي أخذ النص على إطلاقه[68].
فيما رجح اتجاه آخر أن تكون هاتين السنتين هما السنتان الأخيرتان من
الأجرة الباقية في ذمة المستأجر[69].
والحقوق الممتازة الناشئة عن عقد الإيجار هي الأجرة، وكل حق آخر للمؤجر
ينشأ عن عقد الإيجار كالتعويض المستحق عن إتلاف العين المؤجرة أو إستعمالها في غير
ما أعدت له أو إحداث تغيير بها أضر بالمؤجر،أو المستحق عن فسخ العقد أو عن عدم
الوفاء بأي إلتزام آخر نشأن عن عقد الإيجار كالتعويض عن التأجير من الباطن أو
الإلتزام الناشئ عن شرط جزائي.
أما الحقوق التي لم تنشأ عن عقد الإيجار فلا تكون حقوق ممتازة، كالقرض
الذي يقرضه المؤجر للمستأجر أو التعويض في مقابل إنتفاع المستأجر بالعين المؤجرة
مدة أطول من مدة العقد،أو مقابل الإنتفاع في حالة الإغتصاب، لأن أساس التعويض
هو الإثراء بلا سبب لا عقد الإيجار.
محل الإمتياز :
يقع إمتياز مؤجر العقار على
المنقولات المادية التي تجهز بها العين المؤجرة كالأثاث السيارات،أدوات الحرفة،
البضائع،المحاصيل الزراعية ولو كانت ناتجة عن عين أخرى غير العين المؤجرة، آلات
الزراعة والمواشي[70].
شرط أن تكون هذه المنقولات موجودة بالعين المؤجرة وقابلة للحجز
عليها،ويستوي في ذلك أن تكون هذه المنقولات قد وجدت بالعين المؤجرة منذ بدء الإيجار
أم في وقت لاحق ويخرج عن هذه المنقولات تلك التي لا تدخل في تجهيز العين المؤجرة
كالحلي، المجوهرات، والأشياء الموجودة عرضا في العين
المؤجرة.
ويجب أن تكون هذه المنقولات مملوكة للمستأجر، ومع ذلك فقد خرج المشرع
على هذا الأصل، ونص على أن يثبت الإمتياز ولو كانت المنقولات مملوكة لزوجة المستأجر
فثمة قرينة قانونية بسيطة على أنها قبلت ضمنا أن تكون المنقولات المملوكة لها ضامنة
للأجرة ما لم تثبت الزوجة عدم رضاها بذلك أو جهلها بهذه القرينة، غير أنه يوجد رأي
مخالف يقول بامتداد الإمتياز لمنقولات الزوجة وأساس ذلك هو القانون، وأن عدم موافقة
الزوجة على إمتداد الإمتياز لمنقولاتها ليس مما يقوم عليه الإمتياز أو يسقطه، كون
أن الإمتياز مقرر بقوة القانون، كما يثبت الإمتياز للمؤجر على المنقولات المملوكة
للغير ما لم يثبت أن المؤجر كان يعلم وقت وضعها في العين المؤجرة بوجود حق للغير
عليها، أما إن كانت المنقولات مسروقة أو ضائعة فيجوز لمالكها استردادها في خلال
ثلاث سنوات التالية لضياعها أو سرقتها طبقا للمادة 886 مدني جزائري.
أما بالنسبة للمنقولات المملوكة للمستأجر من الباطن فإن الإمتياز يقع
عليها إذا كان المؤجر قد إشترط صراحة عدم الإيجار من الباطن، إلا أن يثبت المستأجر
من الباطن أن المؤجر كان يعلم وقت إدخال هذه المنقولات أنها ليست مملوكة للمستأجر
الأصلي، فإذا لم يشترط المؤجر عدم الإيجار من الباطن فلا يثبت الإمتياز إلا بالنسبة
للمبالغ التي تكون مستحقة للمستأجر الأصلي في ذمة المستأجر من الباطن في الوقت الذي
أنذره المؤجر.
وقد نصت المادة 500 مدني جزائري
" يجب على كل من أجر دارا، أو مخزنا أو حانوتا أو مكانا مماثلا لذلك أو
أرضا زراعية أن يضع في العين المؤجرة أثاثا أو بضائع أو محصولات أو مواشي أو أدوات
تكون قيمتها كافية لضمان الأجرة لمدة سنتين أو لضمان كافة الأجرة إذا كان الإيجار
لمدة نقل عن سنتين ما لم تكن الأجرة قد عجلت أو قدم المستأجر تأمينات أخرى أو وقع
إتفاق على خلاف ذلك "
ويجوز للمؤجر طلب تنفيذ هذا الإلتزام عينا أو فسخ الإيجار مع التعويض
ويشترط لثبوت الإمتياز أن تبقى المنقولات بالعين المؤجرة كون أن الإمتياز قائم على
فكرة الرهن الضمني، لكن لو نقلت من العين المؤجرة دون رضا أو علم المؤجر وكان ما
بقي في العين المؤجرة من منقولات غير كاف لضمان حق الإمتياز فإن الإمتياز يظل قائما
على الأشياء التي نقلت، وهذا ما يعرف بسرقة الرهن، وكذلك فإن الإمتياز يظل قائما
على المنقولات التي بيعت دون رضا المؤجر ما لم تنقل من العين المؤجرة، لكن إذا ثبت
حق للغير عليها وكان هذا الغير حسن النية كمن إشترى المنقولات وهولا يعلم بحق
الإمتياز المحملة به فإن الملكية تثبت له خالية من حق الإمتياز،إلا أن يكون المؤجر
قد وقع عليها حجز إستحقاقي في الأجل القانوني هنا يبقى حق إمتيازه قائما لمدة ثلاث
سنوات.
هذا وقد أيد المشرع حق إمتياز مؤجر العقار بالحق في حبس المنقولات طبقا
للمادة 501 مدني وكذا الحق في توقيع الحجز التحفظي.
فبالنسبة لحق المؤجر في حبس المنقولات المجهزة بها العين المؤجرة نصت
المادة 501 مدني جزائري: ( يحق للمؤجر ضمانا لكل حقوقه الثابتة من عقد الإيجار أن
يحبس جميع المنقولات القابلة للحجز الموجودة في العين المؤجرة ما دام حق المؤجر
ثابتا عليها ولو لم تكن مملوكة على ملك المستأجر، وللمؤجر أن يتعرض لنقلها فإذا
نقلت رغم معارضته أو دون علمه كان له الحق في استردادها ممن حازها ولوعن حسن
نية، دون إضرار بحقوق الحائز.
وليس للمؤجر أن يستعمل حقه في الحبس أو الاسترداد إذا كان نقل هذه
الأشياء لأمر تقتضيه حرفة المستأجر أو تقضيته شؤون الحياة العادية أو كانت
المنقولات التي تركت بالعين المؤجرة أو طلب استردادها تفي تماما لضمان الأجرة
).
مع الإشارة إلى أن الحق في الحبس وحق الإمتياز هنا متفقان في محل
الإمتياز والحق الممتاز، أما فيما يخص حق المؤجر في توقيع الحجز التحفظي على
المنقولات الموجودة في العين المؤجرة فإن هذا الحق يجعل كلا من حق الإمتياز وكذا حق
الحبس منتجين إذا لا يستطيع معهما المستأجر التصرف في المنقولات لحائز حسن النية
مما يضمن حق إمتياز المؤجر كما يمنع المستأجر من إخراج المنقولات ويخول للمؤجر
استردادها حال إخراجها.
مرتبة الإمتياز :
هي المرتبة السادسة بعد المصروفات القضائية والمبالغ المستحقة للخزانة
العامة ومصروفات الحفظ والترميم وحقوق الإمتياز العامة ومصروفات الزراعة والآلات
الزراعية، لكن يمكن للمؤجر التقدم بحقه على الإمتيازات السابقة عليه إذا كان حسن
النية لا يعلم أولا يستطيع أن يعلم بوجودها على المنقولات المملوكة للمستأجر وقت
وضعها في العين المؤجرة،على ما تقرره المادة 995 مدني جزائري الفقرة الرابعة منها
( وتستوفى هذه المبالغ الممتازة من ثمن الأموال الواقع عليها الإمتياز
بعد الحقوق المتقدمة الذكر إلا ما كان من هذه الحقوق غير نافذ في حق المؤجر
بإعتباره حائزا حسن النية ).
وإذا تزاحم مؤجر عقار مع مؤجر عقار أخر كأن ينقل المستأجر المنقولات من
العين التي إستأجرها إلى عين أخرى إستأجرها كذلك، هنا يتقدم صاحب الإمتياز السابق
في تاريخ نشوئه على أساس حق المؤجر الأول في تتبع ما خرج من العين المؤجرة دون علمه
أو رغم معارضته ما لم يكن المؤجر الثاني حسن النية أي يجهل عند دخول هذه المنقولات
للعين المؤجرة أنها محملة يإمتياز لمؤجر آخر فيكون للمؤجر الثاني عندئذ الإحتجاج
قبل الأول بقاعدة الحيازة في المنقول بحسن نية سند الملكية، لما يتمتع به المؤجر من
حيازة حكمية للمنقول الذي دخل للعين المؤجرة وهذا ما تضمنته المادة 995 / 5 من القانون المدني بنصها " وإذا نقلت الأموال المتعلقة بالإمتياز من
العين المؤجرة على الرغم من معارضة المؤجر أو على غير علم منه ولم يبق في العين
أموال كافية لضمان الحقوق الممتازة، بقي الإمتياز قائما على الأموال التي نقلت دون
أن يضر ذلك بالحق الذي كسبه الغير حسن النية على هذه الأموال ...
".
إلا أنه رغم ذلك يتقدم المؤجر الأول على الثاني إذا وقع الحجز
الإستحقاقي على المنقولات التي خرجت من العين وذلك في الآجال
القانونية.
2 /إمتياز صاحب الفندق:
تضمنته المادة 996 من القانون المدني ومبنى هذا الضمان هو حماية صاحب الفندق لعدم علمه
بحالة النزيل من اليسار ويتأسس على فكرة الرهن الضمني كما هو الحال بالنسبة لإمتياز
المؤجر.
وصاحب الفندق هو الذي يقدم المأوى للنوم سواء قدم طعاما أولم يقدمه، ذلك
أن النص المذكور تناول كل من يحترف تقديم المأوى وما يتبع ذلك من خدمات فإذا كانت
أجرة الإقامة تتضمن تناول الطعام - ولم يتناوله النزيل في الفندق - فالعبرة بإحتراف
الدائن تقديم المأوى وما يلحقه من خدمات، أما أصحاب المنازل المفروشة هم أقرب
للمؤجر في علاقته بالمستأجر لإقتصارهم على التمكين من الإنتفاع دون تقديم أي خدمة
تبعية، فإن حقهم يكون إذا مضمونا بإمتياز المؤجر في حدود ما تعلق بأجرة العقار دون
الأثاث على أن هناك من يرى أن أصحاب المنازل المفروشة لهم إمتياز صاحب الفندق إذا
قبل أصحابه كل من يتقدم إليهم وقدموا أيضا الطعام[71].
ويخرج عن هذا الإمتياز أصحاب المطاعم والمقاهي والحانات الذين يقدمون
الطعام والشراب دون المأوى.
الحق الممتاز :
هو المبالغ المستحقة في ذمة النزيل وتوابعه من الأشخاص والأشياء
والحيوانات عن المأوى والطعام والشراب وما يلحق ذلك من خدمات يقدمها الفندق، وما
أعطي له على سبيل القرض[72] وهو ما يدخل في عموم عبارة (
...وما صرف لحسابه ..) ولا يضمن الإمتياز إلا ما أستحق في ذمة النزيل عن الإقامة
الحالية مهما طالت مدتها دون الإقامات السابقة.
محل الإمتياز :
يقع الإمتياز على الأمتعة والأشياء التي أحضرها النزيل معه وتابعوه وهم
الزوجة، الأولاد، الخدم، ويدخل في الأمتعة كل المنقولات المادية كالملابس السيارة، النقود، المجوهرات، الحيوانات، ويخرج
عن ذلك السندات والأسهم وسائر المنقولات المعنوية.
ويقع إمتياز صاحب الفندق على هذه الأشياء ولو كانت مملوكة للغير طالما
كان صاحب الفندق حسن النية، أي يجهل تعلق حق الغير بها، إلا أن تكون هذه الأشياء
مسروقة أو ضائعة فلمالكها استردادها خلال ثلاث سنوات من وقت السرقة أو الضياع فلا
إمتياز عليها.
ولصاحب الفندق الحق في حبس أمتعة النزيل طبقا للمادة 985 /2 مدني وليس له توقيع حجز إستحقاقي، وإذا نقلت الأمتعة رغم معارضته أو
دون علمه فإن حق الإمتياز يبقى قائما عليها دون الإخلال بالحقوق التي كسبها الغير
عليها بحسن نية.
مرتبة الإمتياز:
هي المرتبة السادسة كمرتبة المؤجر فإذا تزاحم الحقان قدم الأسبق في
التاريخ ما لم يكن غير نافذ بالنسبة للأخر.
فإذا خرجت الأمتعة من الفندق برضاء صاحبه أو بعلمه إنقضى حق الإمتياز،
أما إذا أخرجت دون علمه أو بغير رضاه يبقى حق الإمتياز عليها، ويجوز لصاحب الفندق
تتبعها دون إخلال بالحقوق التي كسبها الغير عليها بحسن نية كأن يقوم النزيل بإخراج
الأمتعة من الفندق ووضعها في عين إستأجرها، فالأصل تقدم إمتياز صاحب الفندق على
إمتياز المؤجر كونه الأسبق في التاريخ إلا أن يكون إمتياز صاحب الفندق غير نافذ قبل
المؤجر، كأن يكون هذا الأخير حسن النية أي يجهل عند دخول الأمتعة في العين المؤجرة
تحملها بإمتياز صاحب الفندق ولم يستخدم صاحب الفندق حقه في الاسترداد خلال المواعيد
المشارة إليها في المادة 202 مدني فيتقدم على صاحب الفندق وإذا أخرج المستأجر الأمتعة من العين
المستأجرة ووضعها بغرفة إستأجرها في فندق يتقدم إمتياز المؤجر على إمتياز صاحب
الفندق لأسبقيته في النشوء إلا أن يكون إمتياز المؤجر غير نافذ في مواجهة صاحب
الفندق لحسن نية هذا الأخير ولم يستخدم المؤجر حقه في
الإسترداد.
سادسا : إمتياز بائع المنقول والشريك المتقاسم في المنقول
1 /إمتياز بائع المنقول :
نصت عليه المادة 997 مدني جزائري وقد أرجع الفقه الحكمة من تقرير هذا الإمتياز إلى أن
البائع هو الذي أدخل المنقول في ذمة المشتري وترتب على ذلك الزيادة في ذمته بقدر
قيمة هذا المنقول، فإذا أجيز لدائني المشتري إستفاء حقوقهم قبل أن يحصل البائع على
ثمن هذا المنقول لأدى ذلك إلى إثراء الدائنين على حساب البائع[73]، بالإضافة إلى ذلك فإن من شأن
تقرير هذا الإمتياز تشجيع الإئتمان في عقود البيع التي تمثل عصب التعاملات خاصة مع
انتشار تأجيل الثمن وتقسيطه تشجيعا للتعامل[74].
الحق الممتاز :
يضمن الإمتياز ما يثبت لبائع المنقول من أصل الثمن أو الباقي منه
والمصاريف المستحقة بعقد البيع دون التعويضات ولا يؤثر في وجود هذا الإمتياز أن
يكون الثمن مؤجلا، ويقتضي قيام هذا الإمتياز أن نكون بصدد عقد بيع صحيح ناقل
للملكية، وعلى ذلك فالإمتياز يثبت في حالة حوالة الحق لأن هذه الأخيرة ما هي إلا
بيع لحق مالي، أما بالنسبة للمقايضة فلا تعتبر بيعا، إلا أنه إذا كانت المقايضة
بمعدل تعويض الفرق في القيمة بين الشيئين محل المقايضة فيكون لمن أعطى الشيء الأكبر
قيمة إمتياز البائع عليه لضمان المعدل المستحق له ويكون الحكم نفسه في حالة الوفاء
بمقابل مع معدل، حيث يضمن هذا المعدل بإمتياز البائع.
ويزول الإمتياز إذا زال المنقول أو إذا تحول تحولا أزال ذاتيته سواء كان
التحول ماديا كأن يصنع الدقيق خبزا أو القطن نسيجا، أو قانونيا حال إلحاقه بخدمة
عقار، كأن يصير المنقول عقارا بطبيعته كمواد البناء التي تستخدم لتشييد المباني،
ولا يزول الإمتياز إذا تغيرت حالة المقول دون أن يفقد ذاتيه ومعالمه كأن يحاك
القماش ثوبا أو يصنع الخشب أثاثا، ويبقى الإمتياز إذا صار المنقول عقار
بالتخصيص.
محل الإمتياز :
يقع إمتياز البائع على المنقول المبيع، ويثبت هذا الحق للبائع على
المنقول المملوك له فلا يثبت لمن يبيع ملك غيره، ولابد أن يكون البيع واردا على
منقول سواء كان ماديا أو معنويا مثل حوالة الحق ويجب أن يكون المنقول عينا معينة
بذاتها أو أن يكون مفرزا إذا كان من المثليات.
وهذا الإمتياز يخص عقد البيع
الذي نقل ملكية المبيع فعلا ولم يستوف البائع كامل حقه، ومن ثم لا مجال لهذا
الإمتياز إذا ظلت الملكية على ذمة البائع كما هو الحال في الأشياء المثلية قبل
إفرازها أوفي المنقول المعين بذات الذي إحتفظ البائع بملكيته إلى حين سداد كامل
الثمن.
بالإضافة إلى تقرير هذا الإمتياز على المنقول المبيع، فإن البائع له
أيضا الحق في طلب فسخ عقد البيع، وإذا كان البيع حالا له حق الحبس ودعوى إستحقاق
المبيع أو بعبارة أدق دعوة إسترداد حيازته إذا كان قد سلم المبيع ليباشر عليه حق
الحبس، ذلك أن عقد البيع عقد رضائي تنتقل بموجبه ملكية المبيع من البائع إلى
المشتري بمجرد الإتفاق، فنكون حينئذ إزاء إسترداد حيازة المنقول لا إسترداد ملكيته،
ويثبت كذلك الحق في حبس المنقول للبائع في حالة التسوية القضائية وتصفية أموال
المشتري التاجر، ولكن كقاعدة عامة يفقد البائع حق طلب فسخ عقد
البيع.
وللبائع حق تتبع المنقول في أي يد كان مع إحترام حقوق الغير حسن
النية.
مرتبة الإمتياز :
هي المرتبة السابعة بعد حقوق الإمتياز الواقعة على منقول السابق
بيانها.
2 /إمتياز الشريك المتقاسم في المنقول :
قررت المادة 998 مدني جزائري إمتيازا لضمان ما يستحق لمتقاسم المنقول قبل غيره من
المتقاسمين سبب القسمة سواء كانت ودية أو قضائية، عينية أو بطريق التصفية، كلية أي
شاملة لكل الأموال المملوكة على الشيوع أو جزئية أي تشمل جزء من هذه الأموال وذلك
مهما كان سبب الشيوع الذي أجريت القسمة إنهاءها له سواء كان ميراث أو شراء أو غير
ذلك من الأسباب.
الحق الممتاز :
يضمن الإمتياز كل من يستحقه
المتقاسم قبل غيره من المتقاسمين بسبب القسمة، فالإمتياز يضمن المبالغ
الآتية:
1 ـ معدل القسمة: أي الفارق في القيمة بين الحصص المفرزة والتي يدفعها صاحب الحصة الأكبر
في القيمة لصاحب الحصة الأصغر .
2 ـ ضمان الإستحقاق: وهو المبالغ المترتبة على ضمان الإستحقاق أو التعرض لسبب سابق على
القسمة، بحيث يكون للمتقاسم الذي استحقت حصته التي أفرزت الحق في الرجوع بالضمان
على باقي المتقاسمين، حيث يلتزم كل منهم بتعويض مستحق الضمان بنسبة حصة كل منهم في
المال الشائع بينهم، على أن تكون العبرة في تقدير الشيء بقيمته وقت القسمة، فإذا
كان أحد المتقاسمين معسرا وزع القدر الذي يلزمه على مستحق الضمان وجميع المتقاسمين
غير المعسرين، وما يستحق للشريك المتقاسم من تعويض عن الإستحقاق قبل شركائه من
المتقاسمين يكون مضمونا بإمتياز وارد على الحصة المفرزة الواقعة في نصيب كل منهم[75].
3 ـ ثمن التصفية : وهو حصة المتقاسم في ثمن بيع المنقول لعدم إمكان قسمته عينا، فيتم
الرجوع على المتقاسمين كل بنسبة حصته في المال الشائع بعد إستثناء حصة المتقاسم
الدائن، فلو كان المال شائعا بين ثلاثة أشخاص، ثم أستحق نصيب أحدهم لم يرجع على
الشركاء المتقاسمين إلا بمقدار الثلثين، فإذا حصل البيع لأحد الشركاء ـ كون أن
البيع هنا طريق من طرق القسمة ـ يكون نصيب كل متقاسم في ثمن البيع مضمونا بالمنقول
المبيع،أما إذا تم البيع لغير المتقاسمين فلا يعتبر البيع طريقا من طرق القسمة وليس
لهم إمتياز المتقاسم، بل يكون للمتقاسمين جميعا إمتياز بائع
المنقول.
محل الإمتياز :
يقع الإمتياز على الحصة
المفرزة الواقعة في نصيب المتقاسم المدين، فإذا كان الدين هو معدل القسمة ورد
الإمتياز على منقولات المتقاسم الذي إستحق المعدل بسببها، وإذا كان الدين هو ثمن
التصفية ورد الإمتياز على المنقول الذي إستحق عنه هذا الثمن، وإذا كان الدين هو
التعويض عن التعرض أو الإستحقاق ورد الإمتياز على ما آل للمتقاسمين كل بنسبة حصته
في الإلتزام بالتعويض والتي تقدر تبعا لحصته في المال
الشائع.
مرتبة الإمتياز :
هي مرتبة إمتياز بائع المنقول نفسها، فإذا تزاحم الحقان قدم الأسبق في
تاريخ نشوئه.
فإذا حصلت القسمة بعد البيع قدم إمتياز البائع، وإذا حصل البيع بعد
القسمة قدم إمتياز المتقاسم، كأن يقسم المنقول بين الشركاء على الشيوع ثم باع كل
متقاسم ما وقع في نصيبه من حصته مفرزة.
المبحث الثاني
حقوق الإمتياز الخاصة الواقعة على
عقار
المبحث الثاني : حقوق الإمتياز الخاصة الواقعة على عقار
وردت حقوق الإمتياز الخاصة
الواقعة على عقار في المواد 999، 1000، 1001 مدني جزائري، في القسم الثاني من الفصل الثاني المعنون بـ : أنواع
الحقوق الممتازة.
وأصحاب هذه الحقوق لهم إمتياز
خاص على عقار معين بذاته من عقارات المدين، وتأخذ هذه الإمتيازات الخاصة أحكام
الرهون الرسمية بالقدر الذي لا تتعارض فيه مع طبيعة هذه الحقوق، فيجب قيدها كي تكون
نافذة وتأخذ مرتبتها من وقت القيد وتسري عليها أحكام القيد[76] من أثار وتجديد وشطب[77]، مع العلم بوجود حقوق إمتياز ترد
على العقار لا تشهر مثل حق إمتياز المبالغ المستحقة للخزينة العامة وحقوق الإمتياز
العامة فيما يقع منها على العقار.
وحقوق الإمتياز الخاصة الواقعة
على عقار تقوم على فكرة مفادها أن الدائن المقرر الإمتياز لصالحه قد أتى بزيادة في
القيمة ما كان ليستفيد بها الدائنون الآخرون لولا هذا الدائن لهذا كان من العدل أن
يتقدم عليهم، وهذه الزيادة في القيمة قد تمس ذمة المدين وتسمى الزيادة في القيمة
الشخصية البحتة مثل إمتياز بائع العقار وإمتياز الشريك المتقاسم في
العقار.
وقد تمس الزيادة قيمة الشيء
ذاته، وهي ما يعرف بالزيادة في القيمة العينية ويتعلق الأمر بإمتياز المقاول
والمهندس المعماري.
لذا ارتأينا أن نعالج حقوق
الإمتياز الخاصة الواقعة على عقار ضمن تقسيم ثنائي، يتعلق القسم الأول منه بحقوق
الإمتياز الخاصة الواقعة على عقار والقائمة على أساس الزيادة في القيمة الشخصية،
والقسم الثاني يتعلق بحقوق الإمتياز الخاصة الواقعة على عقار والقائمة على أساس
الزيادة في القيمة العينية.
المطلب الأول : حقوق الإمتياز الخاصة الواردة على عقار القائمة على الزيادة في القيمة الشخصية :
ونجد في هذا النوع طائفتين
من حقوق الإمتياز:
أولا
: حق إمتياز بائع العقار.
ثانيا
: حق إمتياز الشريك المتقاسم في العقار.
أولا : إمتياز بائع العقار
قرر المشرع هذا الإمتياز في
المادة 999 من القانون المدني والتي جاء فيها:
" ما يستحق البائع العقار من الثمن وملحقاته يكون له إمتياز على العقار
المبيع ويجب أن يقيد الإمتياز ولو كان البيع مسجلا وتكون مرتبته من تاريخ البيع إذا
وقع التقييد في ظرف شهرين من تاريخ البيع.
فإذا انقضى هذا الأجل أصبح الإمتياز رهنا رسميا
".
والحكمة من تقرير هذا الإمتياز هو أن البائع هو الذي يعود إليه الفضل في
إدخال قيمة مالية جديدة في ذمة المشتري فيكون من العدل أن يستوفي حقه من هذه القيمة
قبل غيره من الدائنين، لأن بائع العقار يكون قد فقد ملكية الشيء ونقلها إلى المشتري
دون تلقيه الثمن وهذا من شأنه الإضرار بالبائع، ولرفع هذا الضرر رأى المشرع إعطائه
إمتياز على العقار المبيع ذاته ليكون له بذلك التقدم على سائر الدائنين في إستيفاء
حقه من ثمن هذا المبيع[78].
ويتقرر هذا الإمتياز كباقي الإمتيازات بقوة القانون دون حاجة للإتفاق
على تقريره وتجدر الإشارة إلى أن هذا الإمتياز لا يتقرر للبائع إذا احتفظ هذا
الأخير بملكية المبيع إلى حين استيفاء حقه كاملا لان المشرع الجزائري قد زود بائع
العقار بوسائل أخرى لضمان إستيفاء الثمن وهي حقه في حبس المبيع المنصوص عليه في
المادة 200 من القانون المدني وذلك إن لم يكن قد سلمه.
شروط ثبوت الإمتياز :
لثبوت هذا الإمتياز لا بد من
توفر شرطين:
الشرط الأول:
أن تكون بصدد عقد بيع صحيح
سواء كان وديا أو قضائيا وسواء حدد الثمن أو كان إيرادا مؤبدا أو مدى الحياة[79].
ويلحق الفقه بالبيع المقايضة
والوفاء بمقابل إذا كان الموفي له أو أحد المتقايضين ملزما بدفع الفرق ويعتبر هذا
الأخير في حكم ثمن المبيع ويكون مضمونا بالإمتياز وقد نص المشرع في المادة
415 من القانون المدني على الآتي:
" تسري على المقايضة أحكام
البيع بالقدر الذي تسمح به طبيعة المقايضة ويعتبر كل من المتقايضين بائعا للشيء
الذي قايض عليه ".
الشرط الثاني:
أن يكون المبيع عقارا قابلا
للبيع، سواء كان عقارا ماديا كأرض أو مبنى، أو كان حقا عينيا على عقار كحق الانتفاع
أو حق التصرف[80].
المبالغ المضمونة بهذا الإمتياز :
يضمن الإمتياز الثمن وملحقاته
كالفوائد القانونية أو الاتفاقية، ولقد وقع خلاف فقهي حول ما يعتبر من ملحقات الثمن
وما لا يعتبر كذلك، فالبعض يرى توسيع مفهومها بما يشمل كل المصروفات التي عجلها
البائع لحساب المشتري كنفقات التسليم والتسجيل والتوثيق والطابع ....لأنها في الأصل
على المشتري[81]، وهو الذي يقوم بدفعها ولكن
يقدمها البائع على أن يحصلها منه وفي هذه الحالة يعد قرضا مستقلا عن الثمن[82].
والبعض الآخر يرى قصرها على
معناها الضيق، بحيث تتحدد بما كان وثيق الإرتباط بالثمن كما هو الحال بالنسبة
لفوائده ومصروفات المطالبة به، لأن صفة الملحقات لا تتحقق في غير هذه المصروفات،
كما يضمن الإمتياز الثمن ولو كان إيرادا مدى الحياة وسواء كان الإيراد للبائع نفسه
أو لشخص آخر، ولا يضمن الإمتياز مبالغ أخرى غير الثمن وملحقاته ولو كانت مستحقة
بسبب عقد البيع كالتعويض الذي يحكم به، أو ترتب بمقتضى شرط جزائي أو التعويض عن
الفسخ، ويعتبر البائع بالنسبة لها دائنا عاديا، ويبقى الإمتياز ما بقي دين الثمن
قائما.
محل الإمتياز :
يقع الإمتياز على العقار
المبيع، وكما سبق أن ذكرنا في شروط ثبوت هذا الإمتياز أنه يستوي أن يكون ماديا
كمنزل أو بستان، أو معنويا كحق الانتفاع أو حق التصرف، ولا يثبت حق الإمتياز إذا
كان المبيع حق إرتفاق لأن هذا الأخير لا يمكن بيعه مستقلا عن العقار المخدوم، وإذا
بيع عقار بالتخصيص ملحق بعقار فلا يثبت لبائعه إمتياز بائع العقار بل يثبت له
إمتياز بائع المنقول، لأن العقار بالتخصيص يعتبر منقولا إذا ما بيع مستقلا عن
العقار، كذلك إذا بيعت أنقاض بناء قبل هدمه كان لبائعها إمتياز بائع المنقول لأن
هذه الأنقاض تعد منقولات بحسب المآل، وفي كلتا الحالتين لا يخضع الإمتياز للشهر[83].
وإذا هلك العقار وحلت محله قيمة أخرى كمبلغ تعويض أو تأمين أو ثمن نزع
الملكية للمنفعة العامة، فإن الإمتياز يرد على القيمة الجديدة التي حلت محله وذلك
وفقا لنص المادة 987 من القانون المدني والتي تنص على انه : " يسري على الإمتياز ما يسرى
على الرهن الرسمي من أحكام متعلقة بهلاك الشيء أو تلفه " وبالرجوع إلى الأحكام
المتعلقة بهلاك الشيء في الرهن الرسمي، نجد أن المادة 900 من القانون المدني تنص على أنه :" إذا هلك العقار المرهون أو تلف لأي
سبب كان إنتقل الرهن بمرتبته إلى الحق الذي يترتب على ذلك من مبلغ التعويض عن الضرر
أو مبلغ التأمين أو الثمن المقرر مقابل نزع ملكيته للمنفعة العامة
".
مرتبة الإمتياز :
حددها المشرع بنص المادة 999 من القانون المدني المذكور سابقا والتي يتضح منها أن تسجيل عقد البيع
لا يكفي للمحافظة على حق الإمتياز وإنما يجب قيد هذا الأخير خلال شهرين من تسجيل
عقد البيع، وتكون مرتبته من تاريخ البيع, لكن إذا لم يتم هذا الأخير خلال الأجل
المقرر أصبح حق الإمتياز رهنا رسميا تتحدد مرتبته من تاريخ قيده، فيصبح بذلك البائع
دائن مرتهن.
ثانيا : إمتياز الشريك المتقاسم في العقار
تضمنت المادة 1001 مدني جزائري إمتياز الشريك المتقاسم في العقار، والحكمة من تقرير هذا
الإمتياز – حسب الرأي التقليدي- أن الحصة التي آلت إلى كل شريك على إثر القسمة لم
تستقر في ذمته، ويختص بها دائنوه إلا بناءا على القسمة التي كان المتقاسم الذي تقرر
له الإمتياز طرفا فيها، فالإمتياز يقوم على إعتبارات قريبة الشبه من تلك التي يقوم
عليها إمتياز البائع، فصاحب الإمتياز قد أسهم في إيجاد محل الإمتياز في ذمة
المدين.
ومن العدل إذن أن يتقدم على دائني هذا المدين
الآخرين.
لكن الاتجاه الحديث في الفقه يذهب إلى أن إمتياز المتقاسم يقوم على أساس
ضرورة تحقيق المساواة بين المتقاسمين، فهذه المساواة لا تتحقق إذا تعرض المتقاسم
الذي يداين متقاسما آخر بمعدل القسمة أو بالثمن الذي رسى به المزاد أو بالتعويض عند
الاستحقاق، لمزاحمة دائني مدينه.
ويثبت الإمتياز لكل حق يتقرر لأحد المتقاسمين في الرجوع على غيره بنسبة
القسمة، سواءا كانت ودية أو قضائية، عينية أو بطريق التصفية[84].
وليس مؤثرا في قيام إمتياز المتقاسم، سبب الشيوع الذي أجريت القسمة
إنهاءا له، سواءا كان الشيوع سببه الميراث أو الشراء أو غير ذلك من
الأسباب.
الحق الممتاز :
هو الإلتزامات الناشئة من عقد القسمة، فيضمن الإمتياز كل ما يستحق
للمتقاسم قبل غيره من المتقاسمين بسبب هذه القسمة، سواء كانت هذه الأخيرة كلية أو
جزئية، ودية أو قضائية، عينا أو بطريق التصفية، و الإلتزامات التي تنشأ عن عقد
القسمة هي ضمان الإستحقاق المنصوص عليه في المادة 731 مدني، ودفع معدل القسمة، وثمن التصفية، والفوائد[85].
وعلى ذلك فالإمتياز يضمن المبالغ الآتية:
1/ معدل القسمة:
أي الفارق في القيمة بين الحصص
المفرزة، الذي يدفعه صاحب الحصة الأكبر في القيمة لصاحب الحصة
الأصغر.
2/ ثمن التصفية:
أي حصة المتقاسم في ثمن بيع
العقار لعدم إمكان قسمته عينا، ويتم الرجوع على المتقاسمين بقيمة التعويض كل بنسبة
حصته بعد إستثناء ما يقابل نصيب المتقاسم الدائن نفسه في المال
الشائع.
وإذا حصل البيع سواءا وديا أو قضائيا لأحد الشركاء، إذ البيع في هذه
الحالة يعتبر طريقا من طرق القسمة، وبالتالي يكون نصيب كل متقاسم في ثمن البيع
مضمونا بالعقار المبيع، أما إذا تم البيع لغير المتقاسمين فلا يعتبر البيع طريقا من
طرق القسمة ولا يثبت لهم إمتياز المتقاسم ولكن يكون للمتقاسمين جميعا إمتياز بائع
العقار.
3/ المبالغ المستحقة في حالة ضمان الاستحقاق أو التعرض لسبب سابق على القسمة:
بحيث يكون للمتقاسم الذي
استحقت حصته التي أفرزت له، الحق في الرجوع بالضمان على باقي المتقاسمين، حيث يلزم
كلا منهم بتعويض مستحق الضمان بنسبة حصته في المال الشائع بينهم، على أن تكون
العبرة في تقدير الشيء بقيمته وقت القسمة.
وما يستحق للشريك المتقاسم من تعويض عن الإستحقاق قبل شركائه من
المتقاسمين يكون مضمونا بإمتياز وارد على الحصة المفرزة الواقعة في نصيب كل
منهم.
4/ الفوائد التي يستحقها المتقاسم عن أي مبلغ من المبالغ المتقدمة
محل الإمتياز:
يمثل الحصة المفرزة التي وقعت
في نصيب كل متقاسم، أوكل العقار في حالة بيعه بالمزاد إلى أحد
المتقاسمين.
فإذا كان الحق الممتاز يتعلق
بمعدل القسمة، يرد الإمتياز على العقار الذي وقع في نصيب المتقاسم الملزم بدفع
المعدل، أما إذا تعلق بثمن التصفية يرد الإمتياز على العقار كله الذي بيع بالمزاد
إلى أحد المتقاسمين، وفيما يتعلق بضمان الإستحقاق فإنه يرد على الحصة المفرزة لكل
متقاسم.
مرتبة الإمتياز :
يجب قيد هذا الإمتياز كشرط لنفاذه، ولو كان عقد القسمة مسجلا[86]، فلا يكفي تسجيل عقد القسمة أو
الحكم القاضي بها، فإن هذا التسجيل لا يترتب عليه أثر بالنسبة لحفظ الإمتياز[87]، ويكون القيد بموجب قائمة، ويبين
معدل القسمة أو ثمن التصفية، ويرفق عقد القسمة أو محضر رسو
المزاد.
وتنص المادة 1001 مدني على: (...ويجب أن يقيد هذا الإمتياز وتكون مرتبته مماثلة لشروط
إمتياز البائع المشار إليه في المادة 999...).
فتكون مرتبة الإمتياز من تاريخ القسمة إذا وقع القيد في ظرف شهرين من
تاريخ إجراء القسمة، فإذا إنقضى هذا الأجل أصبح الإمتياز رهنا تأمينيا عاديا تحدد
مرتبته بتاريخ قيده، ومع ذلك فإمتياز المتقاسم – وهو يتأخر دائما في القيد عن الرهن
الصادر عن الشريك على الشيوع لحصته الشائعة أو جزء مفرز أثناء فترة الشيوع – يتقدم
في المرتبة رغم ذلك على حق الدائن المرتهن[88]، وهو استثناء قررته المادة
890/2 مدني، إذ قرر المشرع إنتقال الرهن إلى القدر من الأعيان التي انتقلت
إلى الشريك الراهن بعد القسمة، ويحتفظ الرهن بمرتبته بما لا يضر إمتياز المتقاسم،
ويقوم هذا الإستثناء على تغليب المساواة بين المتعاقدين على مصلحة المتصرف إليه من
قبل احد الشركاء على الشيوع، رغم أن إمتياز المتقاسم يكون بالضرورة لاحق على
الرهن[89].
المطلب الثاني :حقوق الإمتياز الخاصة الواردة على عقار القائمة على الزيادة في القيمة العينية
ويتمثل في إمتياز المقاولين والمهندسين المعماريين، وقد ورد النص على
هذا الإمتياز في المادة 1000 مدني جزائري.
ويرجع الفقه الحكمة من تقرير إمتياز المقاولين والمهندسين المعماريين
إلى أن عمل المهندس أو المقاول قد أضاف قيمة جديدة إلى العقار، فكان من العدل أن
يتقدم بما يستحقه عن هذا العمل على ما تتسبب فيه من زيادة القيمة المضافة إلى ثروة
مالك العقار على غيره من الدائنين[90]،
وعلى ذلك فإن العدل يقتضي أن الدائن الذي زاد بماله وعمله في أموال المدين، يتقدم
في إستيفاء حقه في حدود ما زاده.
وقد استلزم المشرع فيمن يثبت له الإمتياز المقرر في المادة 1000 مدني أن ينتمي إلى طائفة المقاولين والمهندسين
المعماريين.
فبالنسبة لمهنة المقاول، فإنها لم تنظم تشريعيا، غير أن الفقه حاول
تعريف المقاول بأنه: " الشخص الذي يعهد إليه بتشييد المباني أو إقامة المنشآت
الثابتة الأخرى بناءا على ما يقدم له من تصميمات وذلك في مقابل أجر ودون أن يخضع في
عمله لإشراف أو إدارة[91] ".
أما بالنسبة للمهندس المعماري، فقد تعددت تعريفات الفقه له، فنجد
الدكتور السنهوري يعرفه على أنه: " هو الذي يهد إليه وضع التصميم والرسوم والنماذج
لإقامة المنشآت، وقد يعهد إليه بإدارة العمل والإشراف على تنفيذه ومراجعة حسابات
المقاول والتصديق عليها وصرف المبالغ المستحقة إليه "، ومن الفقه من يعرفه بأنه: "
ذلك الشخص الحاصل على مؤهل هندسي في هندسة المعمار، يؤهله لأن يضع التصميمات
والخرائط والرسومات والنماذج ويقدر الأبعاد والقياسات المختلفة للمنشآت والأبنية
المراد إقامتها ويشرف على تنفيذها ".
أما التشريع الجزائري فإنه لم يعرف المهندس المعماري، بل أورد تعريفا
للمهنة ذاتها، إذ تنص المادة 02 من المرسوم التشريعي رقم 94ـ07 المؤرخ في 18 ماي 1994 والمتعلق بشروط الإنتاج المعماري وممارسة مهنة المهندس المعماري على ما
يلي:
" الهندسة المعمارية هي التعبير عن مجموعة من المعارف والمهارات
المجتمعة في فن البناء، كما هي إنبعاث لثقافة ما وترجمة لها، وتعد نوعية البنايات
وإدماجها في المحيط وإحترام المناظر الطبيعية والحضرية وحماية التراث والمحيط
المبني ذات منفعة عامة ".
وفيما خصت المادة 1000 مدني طائفتي المقاولين والمهندسين المعماريين،
فإنها إشترطت أن يكون القيام بهذه الأعمال المشار إليها في المادة المذكورة بناءا
على تكليف من جانب صاحب العمل، وهذا ما يستفاد من العبارة ( ...الذين عهد
إليهم...)، الأمر الذي يجعلنا نستثني من نطاق حق الإمتياز من يقوم بهذه الأعمال من
تلقاء نفسه كالفضولي أو المغتصب[92]،
ولو كان له صفة مقاول أو مهندس معماري وكذا المقاول من الباطن كون أن هذا الأخير
قام بالأعمال بناءا على تعاقد مع المقاول الأصلي لا المالك، لكن له إستعمال الدعوى
المباشرة قبل رب العمل ( المالك ).
كما يستثني من الإستفادة من حق
الإمتياز المنصوص عليه في المادة 1000 مدني مستأجر العقار أو حائزه إذا قام بالبناء أو الترميم أو
الصيانة.
أما بالنسبة للعامل الأجير فإن إمتيازه عام وهو إمتياز الأجراء إذا كان
قد تعاقد مع مالك العقار مباشرة، أما إذا كان يعمل لحساب المقاول الأصلي فله
إستعمال الدعوى المباشرة قبل رب العمل، مثل المقاول من
الباطن.
الحق الممتاز :
يشمل الحق الممتاز المبالغ
المستحقة للمقاولين والمهندسين المعماريين المتعاقدين مع رب العمل للبناء وإعادة
البناء والترميم والصيانة وكل أعمال التشييد، ويخرج عن إطار حق الإمتياز إصلاح
الأراضي الزراعية[93]،
لعدم إعتبار الأعمال الواردة على الأراضي الزراعية من قبيل
المنشآت.
محل الإمتياز:
يرد الإمتياز لا على المال كله بل على ما زاد في قيمة العقار بسبب
الأعمال وبقي قائما لوقت البيع، فيرد إمتياز المقاول والمهندس المعماري على ما
أقامه من مبنى أو منشأ دون الأرض التي بني عليها، لكن هذا لا يمنعه من التنفيذ على
الأرض أيضا باعتبارها إحدى عناصر الذمة المالية لمدينه، لكن في حدود قيمة الأرض
نفسها يكون دائنا عاديا لا ممتازا، إلا بالنسبة لما زاد في قيمة الأرض نتيجة البناء
عليها[94]،
فالإمتياز يقع إذا على جزء من ثمن العقار يتمثل في قيمة الزيادة , فإذا كان قد
إقتصر على تعلية طابق، ورد إمتيازه على ما زاد في قيمة المنشأ نتيجة عمله لا على
قيمة المنشأ كله.
ويقدر القاضي مقدار الزيادة التي يقع عليها الإمتياز وقت البيع، وله في
ذلك أن يستعين بالخبراء.
وعلى ذلك يشترط لمباشرة هذا الإمتياز أن يكون قد نتج عن عمل المقاول أو
المهندس المعماري زيادة في قيمة العقار، وأن تستمر أو تبقى هذه الزيادة إلى حين بيع
العقار، فالإمتياز لا يرد على ما زاد في قيمة العقار وقت الإنهاء من الأعمال بل وقت
بيعه, وهنا تكمن الحكمة في تقرير إمتياز لهذا الدين بإعتبار أنه يرجع للمقاول أو
المهندس الفضل في تحقيق هذه الزيادة في القيمة، فحق أن تكون له الأولوية في إستيفاء
دينه من هذه الزيادة.
فإذا أقام المهندس مبنى ثم تهدم المبنى قبل التنفيذ على العقار إنقضى
إمتيازه ما لم يكن قد حل محل العقار المتهدم عوضا عنه كتعويض أو مبلغ تأمين مثلا،
فينتقل إليه الحق الممتاز، في المقابل فإن ما زاد في قيمة العقار بسبب أعمال
المهندس تضمن حقه كاملا طبقا لمبدأ عدم تجزئة الضمان[95].
مرتبة الإمتياز :
طبقا للمادة 1000/2 مدني جزائري، فإن هذا الإمتياز يجب أن يقيد لكي يكون نافذا، ويكون
القيد بموجب قائمة كقائمة الرهن يبين فيها مقدار الدين الممتاز ويرفق بها ما يؤديه
من المستندات كعقد محاسبة أو إقرار من المدين أو حكم قضائي، ويجب أن تكون هذه
المستندات مصدقا فيها على توقيع المدين، فإذا أجرى القيد كانت مرتبة الإمتياز من
وقت قيده،وعند التزاحم مع حق عيني آخر من الحقوق الواجبة القيد على العقار تكون
الأسبقية بتاريخ القيد.
غير أنه تكون الأولوية لهذا الإمتياز رغم وجود رهن تأميني سابق عليه[96]،
كون أن المادة 887 مدني تقضي بأن إمتداد الرهن إلى ما يلحق العقار المرهون من تحسينات
وإنشاءات تعود بمنفعة على المالك، مقيد بعدم الإخلال بإمتياز المبالغ المستحقة
للمهندسين والمقاولين.
وعلى ذلك تكون الأولوية للإمتياز على هذه المنشآت رغم أن الرهن أسبق في
تاريخ القيد حيث يكون الرهن أسبق في إنشائه وقيده على إمتياز المقاول أو المهندس
الذي لم ينشأ إلا بعد رهن العقار، وهو ما يتحقق مثلا إذا تم إقامة بناء على الأرض
المرهونة فيمتد الرهن بمرتبته للبناء باعتباره من ملحقات العين المرهونة, وهو ما
يمثل خروجا على قاعدة أن العبرة عند التزاحم بين أصحاب الحقوق العينية التبعية
بالأسبقية في القيد، والعلة في هذا الإستثناء هي تشجيع المقاولين والمهندسين على
قبول تقديم الإئتمان لصاحب العمل رغم كونه مالكا لعقار مرهون[97].
خاتمة:
ترجم المشرع
الجزائري عن إرادته في تعزيز الإئتمان الضروري لتطور الحياة الاقتصادية بجملة من
الضمانات الجدية التي تضمنها القانون المدني، منها التأمينات العينية التي تنصب على
مال من أموال المدين أو على مجموع أمواله، ومن بين هذه التأمينات التي تعطي أكثر
ضمانة لمانح الإئتمان لإستيفاء حقه، حقوق الإمتياز التي تجعل الدائن في موضع ممتاز
أمام غيره من الدائنين.
فحق الإمتياز أولوية يقررها القانون لدين ما مراعاة منه لصفته كما عرفته
المادة 982 من القانون المدني الجزائري في فقرتها الأولى.
فلقد إختار المشرع بعض الحقوق وجعلها حقوقا ممتازة مراعيا في ذلك صفتها،
فالنص القانوني هو الذي يمنح الإمتياز للحقوق التي تقتضي طبيعتها أن تكون ممتازة،
كما يعين مرتبتها.
وسبب منح إمتياز لهذه الحقوق يختلف بإختلاف الحق، فمن هذه الأسباب ما
يرجع إلى ما قدمه هذا الحق من خدمة أداها صاحب الحق الممتاز لصالح الدائنين
الآخرين، كما هو الحال في إمتياز المصروفات القضائية، ومنها ما هو مبني على
إعتبارات إنسانية كإمتياز أجور الخدم والعمال والكتبة، لأن هذه الأجور ضرورية
لمعيشة هؤلاء، ومنها ما هو مبني على فكرة الرهن الضمني كما في إمتياز المؤجر وصاحب
الفندق على منقولات المستأجر ونزيل الفندق، ومنها ما هو ومبني على فكرة أن الدائن
هو الذي أدخل الشيء في ملك المدين، كبائع العقار والمنقول والمقاولين والمهندسين
المعماريين، ومنها ما هو قائم على إعتبارات أخرى.
وكما رأينا، فإن فعالية حقوق الإمتياز تجلت فيما ترتبه هذه الحقوق من حق
التقدم المقرر لسائر أنواع حقوق الإمتياز العامة منها والخاصة، المنقولة والعقارية،
وكذا حق تتبع الشيء المثقل بحق الإمتياز في أي يد كان.
غير أن فعالية حقوق الإمتياز قد تعترضها عوامل تحد منها، ويتعلق الأمر
هنا بحق التتبع الذي يبقى مرهونا في حقوق الإمتياز الخاصة الواقعة على عقار بقيد
هذه الحقوق، بينما في حقوق الإمتياز الخاصة الواقعة على منقول، يتعطل أمام قاعدة "
الحيازة في المنقول بحسن نية سند الحائز"، مما يعرض حق الدائن الممتاز للضياع متى
إنتقل المنقول المثقل بحق الإمتياز من المدين إلى الغير الحسن النية بسند صحيح،
الأمر الذي جعل المشرع يخول الدائن الذي يخشى على حقه من الضياع إتخاذ آليات
قانونية وقائية لحفظ هذا الحق، كأن يحبس الشيء المثقل بحق الإمتياز طبقا للمادة
501 من القانون المدني الجزائري، وهذا بهدف تعزيز حق الإمتياز وتدعيم الثقة
بين مانح الإئتمان والمدين.
هذا، ورغم أن المشرع أحاط حقوق الإمتياز بنصوص محكمة إلا أنها لا تخلو
من الغموض في جوانب،كما تنطوي على نقائص في جوانب أخرى من أحكامها، وذلك لما تثيره
من إشكالات تتعلق بعضها بمرتبة الإمتياز وأخرى بانقضاء حقوق
الإمتياز.
ففيما يخص مرتبة الإمتياز نجد تعارضا بين ما نص عليه القانون المدني وما
نص عليه قانون 90ـ11 المتعلق بعلاقات العمل بشأن مرتبة إمتياز الأجراء، وأمام هذا الاختلاف
نلجأ إلى إستعمال المبادئ العامة في القانون، فنرجح النص اللاحق على النص السابق،
كمه نرجح النص الخاص على النص العام .
أما فيما يخص إنقضاء حقوق الإمتياز فقد أحالنا لمشرع إلى أحكام إنقضاء
الرهن الرسمي والرهن الحيازي، مع كل ما تكتنفه هذه الأخيرة من غموض وإغفال لطرق
أخرى يقتضي المنطق أن ينقضي بها الرهن، ويتعلق الأمر هنا بهلاك العقار نزول الدائن
عن حق الرهن وإتحاد الذمة كطرق أصلية لانقضاء الرهن الرسمي الواقع على عقار، إذ
إقتصر على ذكر التطهير والبيع الجبري وذلك على غرار المشرع المصري الذي أغفلها هو
الآخر غير أنها موجودة في المشروع التمهيدي للقانون المدني المصري، والتي حذفتها
لجنة المراجعة، ومعلوم أنه للقاضي الرجوع إلى الأعمال التحضيرية والمشاريع
التمهيدية للقوانين لحل ما يمكن أن يعترضه من إشكالات في حل النزاعات المطروحة
أمامه، فإن الحلول متوفرة للقاضي المصري بشأن إنقضاء حق الإمتياز، لكن ما هو الحال
بالنسبة للقاضي الجزائري أمام إفتقار القانون المدني لبعض الطرق التي تنقضي بها
حقوق الإمتياز، وصعوبة الحصول على الأعمال التحضيرية للقوانين بسبب عدم نشرها، مما
يجعلها غير متاحة للقضاة للرجوع إليها بسهولة كلما دعت الضرورة إلى ذلك ؟ ضف إلى
ذلك قلة – إن لم نقل ندرة - الأحكام القضائية في مجال حقوق الإمتياز، إذ أننا لم
نجد سوى ثلاث قرارات منشورة للمحكمة العليا في هذا المجال وذلك للفترة الممتدة بين
1989 إلى غاية 2005 وهي القرارات المرفقة بالملحق.
المراجـع
قائمة المراجع
1 – المراجع باللغة العربية :
أ / الكتب:
01
|
أنور
العمروسي: الحقوق
العينية التبعية ( التأمينات العينية في القانون المدني : الرهن الرسمي، حق
الإختصاص، الرهن الحيازي، حقوق الإمتياز ) معلقا على نصوصها بالفقه وأحكام القضاء،
منشأة المعارف الإسكندرية، 2003 .
|
02
|
حسين عبد
اللطيف حمدان: التأمينات
العينية، دراسة تحليلية مقارنة لأحكام الرهن والتأمين والإمتياز، الدار الجامعية
1997.
|
03
|
سمير عبد
السيد تناغو: التأمينات
الشخصية والعينية ( الكفالة، الرهن الرسمي، حق الإختصاص، الرهن الحيازي، حقوق
الإمتياز ) توزيع منشأة المعارف الإسكندرية 1996.
|
04
|
عبد الرزاق
السنهوري: الوسيط في
شرح القانون المدني في التأمينات العينية والشخصية، الجزء 10 دار إحياء التراث
العربي، بيروت لبنان 1970.
|
05
|
عبد الفتاح
عبد الباقي: الوسيط في
التأمينات العينية، دار النشر للجامعات المصرية .القاهرة
1956.
|
06
|
عبد الناصر
توفيق العطار: التأمينات
العينية، دار الفكر العربي.
|
07
|
محمود جمال
الدين زكي: التأمينات
الشخصية والعينية، دار الكتاب العربي.
|
08
|
محمد
حسنين: الوجيز في التأمينات العينية والشخصية في القانون الجزائري، المؤسسة
الوطنية للكتاب الجزائر 1986.
|
09
|
محمد كامل
مرسي: الحقوق العينية التبعية أوالتأمينات العينية ( رهن رسمي حق إختصاص، رهن
حيازي، حقوق الإمتياز ) .المطبعة الجامعية الطبعة الثانية
1951.
|
10
|
محمد وحيد
الدين سوار: شرح
القانون المدني .الحقوق العينية التبعية ( الرهن التأميني، الحيازي، حقوق الإمتياز
)، الكتاب الثالث، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع
.2006.
|
11
|
نبيل
إبراهيم سعد: التأمينات
العينية والشخصية ( الرهن الرسمي، حق الإختصاص، الرهن الحيازي، حقوق الإمتياز،
الكفالة ) منشأة المعارف بالإسكندرية، مطبعة أطلس القاهرة
.1982.
|
12
|
همام محمد
محمود زهوان: التأمينات
العينية والشخصية ( التأمينات العينية ) .دار المطبوعات الجامعية
1997.
|
13
|
عباس عبد
الحليم حجز: شهر
التصرفات العقارية .
|
14
|
أنور
طلبة: الشهر العقاري والمفاضلة بين التصرفات
:1996.
|
15
|
مدحت محمد
الحسيني: إجراءات
الشهر العقاري، دار الفكر العربي .
|
16
|
عبد الرزاق
حسين يس: المسؤولية
الخاصة بالمهندس المعماري ومقاول البناء دار الفكر العربي
.
|
17
|
محمد شكري
سرور: مسؤولية مهندسي ومقاولي البناء والمنشآت الثابتة الأخرى ( دراسة مقارنة
في القانون المدني المصري والقانون المدني الفرنسي ) دار الفكر
العربي.
|
18
|
موسوعة
القضاء والفقه للدول العربية: الجزء 17
.الدار العربية للموسوعات بيروت .لبنان .
|
19
|
محمدي
سليمان: مذكرات في
عقدي الكفالة والرهن الرسمي، مطبوعة لطلبة السنة الثالثة، كلية الحقوق، بن عكنون،
1996 \1997.
|
ب / رسائل الماجستير :
01
|
زليخة
لحميم: إنشاء الرهن الرسمي وإنقضاؤه في القانون المدني الجزائري جامعة الجزائر
.معهد الحقوق والعلوم الإدارية 1995/1996.
|
02
|
زبار نوفل
زوينة: حق الإمتياز في التشريع الجزائري، جامعة الجزائر كلية الحقوق والعلوم
الإدارية، بن عكنون
2002/2003.
|
ج / المجلات القضائية :
01
|
المجلة
القضائية لسنة 1989 العدد الأول.
|
02
|
المجلة
القضائية لسنة 2003 العددين الأول
والثاني.
|
II- المراجع باللغة الفرنسية
:
G .legier,droit civil
, les obligation, 15 éme .Dalloz .1996.
|
01
|
JACQUES master ,
emmanuael putman .marbilliau .Traité de droit civil, droit spécial des suretés
réalles .Delta.g.d.j .
|
02
|
III- القوانيـــن :
01
|
أمر رقم
75-58 المؤرخ في 26 سبتمبر 1975 يتضمن القانون المدني المعدل والمتمم
.
|
02
|
قانون رقم
90-11 المؤرخ في 21 أبريل 1990 يتعلق بعلاقات العمل المعدل
والمتمم.
|
03
|
المرسوم
التشريعي المؤرخ في 18 مايو1994 المتعلق بشروط الإنتاج المعماري وممارسة المهندس
المعماري.
|
04
|
الأمر رقم
75- 74 المؤرخ في 12 نوفمبر 1975 يتضمن إعداد مسح الأراضي العام وتأسيس السجل
العقاري
|
05
|
المرسوم رقم
76- 63 المؤرخ في 25 مارس 1976 يتعلق بتأسيس السجل
العقاري.
|
مـلحـــق
الفهرس
مقدمة .........................................................................................................................................................................................................................
|
01
|
الخطة .........................................................................................................................................................................................................................
|
04
|
الفصل الأول : الأحكام العامة لحقوق الإمتياز .............................................................................................................................
|
05
|
المبحث
الأول : تعريف وخصائص حقوق الإمتياز ...................................................................................................
|
06
|
المطلب
الأول : تعريف حقوق الإمتياز ................................................................................................................
|
07
|
المطلب
الثاني : خصائص حقوق الإمتياز ..........................................................................................................
|
08
|
المبحث
الثاني : آثار وانقضاء حقوق الإمتياز ...............................................................................................................
|
11
|
المطلب
الأول : آثار حقوق الإمتياز .......................................................................................................................
|
11
|
المطلب
الثاني : : انقضاء حقوق الإمتياز ...........................................................................................................
|
17
|
الفصل الثاني : أنواع حقوق الإمتياز ..................................................................................................................................................
|
30
|
المبحث
الأول : حقوق الإمتياز ز حقوق الإمتياز الخاصة الواقعة على منقول ......................................
|
31
|
المطلب
الأول : حقوق الإمتياز العامة ..................................................................................................................
|
33
|
المطلب
الثاني : حقوق الإمتياز الخاصة الواقعة على منقول .................................................................
|
38
|
المبحث
الثاني : حقوق الإمتياز الخاصة الواقعة على عقار .................................................................................
|
58
|
المطلب
الأول : حقوق الإمتياز الخاصة الواقعة على عقار القائمة على الزيادة في القيمة
الشخصية ...........................................................................................................................
|
59
|
المطلب
الثاني : حقوق الإمتياز الخاصة الواقعة على عقار القائمة على الزيادة في القيمة
العينية .................................................................................................................................................
|
65
|
خاتمة
............................................................................................................................................................................................
|
69
|
المراجع
|
|
ملحق
|
|
[1] محمد وحيد الدين سوار، شرح القانون المدني،
الحقوق العينية التبعية، الكتاب الثالث، مكتبة دار الثقافة والنشر والتوزيع،
2006
[2]
G.legier droit civil, les obligation ,
15 éme ed , dalloz 1996, p 183.
[3] محمد حسنين، الوجيز في
التأمينات الشخصية والعينية في القانون المدني الجزائري، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر1986 .ص
203.
[4] عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني في التأمينات العينية
والشخصية، ج10، دار إحياء
التراث العربي، بيروت، لبنان، 1970، ص 920.
[9] عباس عبد الحليم حجر، شهر التصرفات العقارية، ص
51.
[17] جاء هي
مذكرة المشروع التمهيدي للقانون المصري في خصوص المادة 1136 من القانون المدني
المصري وهو نفس نص المادة 988 من القانون المدني الجزائري ما
يأتي:
" وينقضي
حق الإمتياز في العقار بما ينقضي به الرهن الرسمي وحق الإختصاص كما ينقضي حق
الإمتياز في المنقول بما ينقضي به حق الرهن الحيازي وذلك ما لم يوجد نص خاص يقضي
بغيره ".
[18] محمدي
سليمان، مذكرات في عقدي الكفالة والرهن الرسمي، مطبوعة لطلبة السنة الثالثة حقوق،
بن عكنون،1996-1997- ص 56.
·
إذا كان أحد الدينين شيئا نزع
دون حق من يد مالكه وكان مطلوبا رده.
·
إذا كان أحد الدينين شيئا
مودعا أو معارا للاستعمال وكان مطلوبا رده.
·
إذا كان أحد الدينين حقا غير
قابل للحجز".
[21] - زبار نوفل زوينة، حق الإمتياز في التشريع
الجزائري، رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم القانونية، بن عكنون، 2002/2003، ص
34.
[25]
Master, e .putman m .billiau , traité de
droit civil , droit spécial des surets réelle p 827.
[30] زليخة لحميم، إنشاء الرهن الرسمي وانقضائه في
القانون المدني الجزائري، رسالة ماجستير معهد العلوم القانونية والإدارية،
1995/1996، ص 164.
[32] - عبد الناصر توفيق العطار، التأمينات العينية (
الرهن الرسمي، حق الإختصاص، الرهن الحيازي، حقوق الإمتياز، الرهن الشرعي للتركة )،
دار النشر، ص 274.
[35] موسوعة القضاء والفقه للدول العربية، الجزء 17، الدار العربية للموسوعات، بيروت، لبنان، ص 356،
357.
[60] - نبيل إبراهيم سعد، التأمينات عينية والشخصية
منشأة التعارف بالإسكندرية، مطبعة الأطلس بالقاهرة، 1982 ص 234
و235.
[67] يعتبر الدكتور محمد حسنين العقار المؤجر كل عقار مبني أو أرض زراعية أو
أرض فضاء بينما ذهب الدكتور همام محمد محمود زهران إلى إخراج إيجار الأراضي الفضاء
عن نطاق الإمتياز على إعتبار أن صياغة المادة 1143 مدني مصري التي تقابل المادة 995
مدني جزائري بإعمال التفسير الضيق لحقوق الإمتياز لا تسمح بمده للأراضي الفضاء رغم
أن الحكمة الداعية لتقرير أجرة العقار المبني والأراضي الزراعية متحققة بشأن
الأراضي الفضاء.
[70] الأصل أن الإمتياز يقع على عين منقولات
الموجودة بالعين المؤجرة لكن إذا هلكت هذه المنقولات أو تلفت إنتقل الإمتياز بمرتبة
إلى الحق الذي يترتب على ذلك كالتعويض أو مبلغ التأمين.
[72] يرى الدكتور همام محمد محمود زهران، وكذا
الدكتور سمير تناغو أن تحديد نطاق الأفضلية بما كان قرضا عاديا متعلقا بالإقامة
وداخلا في إطار المألوف من الخدمات الفندقية يخرج عن ذلك القرض ما كان للقيام
بمشروع ما.
[76]
Jacques Mestre, Emmanuel Putman,Marc Billiau. Traite de droit civil.
Droit spécial des sûretés réelles. DELTA G.D.J p675
[77] جاءت
المادة 15 من الأمر رقم 75- 74 المؤرخ في 12 نوفمبر 1975 المتضمن إعداد مسح الأراضي
العام وتأسيس السجل العقاري لتؤكد أن حق الملكية وكل حق عيني آخر واقع على عقار لا
وجود له بالنسبة للغير إلا من تاريخ إشهاره، بينما المادة 16 من نفس الأمر تنص على
أن العقود الإرادية و الاتفاقات التي تنشئ أو تنقل أو تتضمن تصريح أو تعديل أو
انقضاء حق عيني ليس لها أثر حتى بين الأطراف إلا من تاريخ نشرها في مجموعة البطاقات
العقارية، فيما تنص المادة 10 من المرسوم رقم 76- 63 المؤرخ في 25 مارس 1976
المتعلق بتأسيس السجل العقاري على إلزام الملاك بتسجيل حقوق الملكية وكل حق عيني
آخر والتي منها الامتيازات، بينما المادة 93 من نفس المرسوم تتكلم على كيفية تسجيل
الدائن صاحب حق الإمتياز او الدائن المرتهن لحقه لدى المحافظة العقارية، وتناولت
المادة 95 تجديد قيد هذه الحقوق، والمادة 96 تناولت احتفاظ تسجيلات الرهن
والامتيازات المسجلة بأثرها طيلة 10 سنوات من تاريخها، والمادة 98 اختصت بتسجيل
امتيازات بائع العقار و الشريك المتقاسم في العقار.
[81] المادة
393: "إن نفقات التسجيل والطابع ورسوم الإعلان العقاري والتوثيق وغيرها تكون على
المشتري ما لم تكن هناك نصوص قانونية تقضي بغير ذلك ".
[91] عبد الرزاق حسين يس، المسؤولية
الخاصة بالمهندسين المعماريين ومقاولي البناء، دار الفكر العربي،
ص420.
شاركنا بتعليقك...