-->
علوم قانونية وادارية علوم قانونية وادارية

اخر المواضيع

جاري التحميل ...

محاضرات المنهجية لطلبة الحقوق

القسم الأول من محاضرات المنهجية

المحور الأول
منهجية التعليق على الأحكام والقرارات القضائية
مقدمة عامة:
يواجه الطالب بلا شك عند إعداده لبحوثه المختلفة مسائل لا يستغني فيها عن رأي القضاء سواء في صورة أحكام محاكم مختلفة أو اجتهادات قضائية للمحاكم العليا، بما تتضمنه من وقائع وإجراءات وتفسير لنصوص قانونية، كما أنه يطلب منه أحيانا كامتحان لمداركه القانونية أن يعلق على أحكام وقرارات قضائية.
فالتعليق على القرارات القضائية هو نوع من الدراسة التطبيقية للقانون، فهو يتطلب الجمع بين المعارف النظرية التي تعلمها الطالب في مقياس أو عدم مقاييس دراسية، وكذلك ما تعلمه وما اكتسبه من منهجية فهم النصوص والوثائق القانونية، وما اكتسبه من خبرة في تحليل تلك النصوص والوثائق، والتي تسمح له في النهاية بفهم كل أطوار الحكم ومنهجية صدوره، ثم أخيرا الوصول إلى تقييمه بطريقة منظمة وعلمية.
فالتعليق هو تلخيص لعملية التحليل الدقيقة التي قام بها الطالب أو الباحث، عن طريق تفكيك القرار القضائي إلى عناصره الأولية، ثم مقارنة ما يوجد بالحكم أو القرار من تطبيقات واجتهادات بما تلقاه الطالب من معارف، ثم أيضا معرفة أهمية الحكم أو القرار من حيث تضمنه لعناصر جديدة أضافها إلى محصلاته المعرفية القانونية، فإذا كانت القرارات القضائية تضيف الجديد غالبا للنصوص القانونية التشريعية وللاجتهادات السابقة فهي بلا شك تشكل جزءا لا يتجزأ من المعرفة القانونية التي يطلبها الباحث في القانون.
إن التعليق على الأحكام والقرارات القضائية وإن كان ينصب عادة على القرارات الصادرة من المحاكم العليا باعتبارها مرجعا قضائيا لباقي المحاكم، فإنه لا يقتصر عليها، بل يمكن أن يتعلق بحكم صادر عن محاكم الدرجة الأولى والمحاكم الاستئنافية التي لا تخلو من تطبيقات في غاية الأهمية لاسيما في ميدان القضاء الإداري الذي نعلم أنه من القضاء المنشيء الذي كثيرا ما يسير في طرق ومسالك جديدة كلية تشكل قواعد يتأسس عليها بنيان القانون الإداري بمرور الزمن.
إن المطلوب من الباحث أو الطالب عند التعليق على قرارات قضائية ليس العمل على إيجاد حل قانوني لمشكلة واقعية عرضت على القضاء، فهذا الأمر يتولاه القرار محل التعليق ذاته، بل هو معرفة وفهم الاتجاه الذي سلكه القضاء في حل النزاع، دون تجاهل تام لهذا الأخير الذي يوضع على بساط المناقشة القانونية، كما أنه من ناحية أخرى لا يتعلق بإجراء بحث علمي أكاديمي في موضوع معين، وإن كان يتطرق إلى مسألة قانونية أو مسائل قانونية محددة يثيرها القرار بشكل لا يتطرق إلى ما يتصل بتلك المسألة أو المسائل بالتحديد دون إغراق في التفصيلات الفقهية.
فمنهجية التعليق على الأحكام والقرارات القضائية هي دراسة نظرية تطبيقية لمسألة قانونية محددة، تهدف إلى تطبيق المعلومات النظرية لترسيخها في الذهن ولمعرفة الكيفية التي تسير عليها النصوص بعد تعرضها للتطبيق العلمي من خلال وقائع حقيقية ربما لم تدر في خلد المشرع عند سنه للنص القانوني.
ولكي يكون التعليق وفق المنهجية العلمية السليمة ينبغي امتلاك السلاح قبل ولوج هذا المعترك، وهو سلاح المعرفة النظرية من النصوص القانونية التي تحكم النزاع المعروض، وكذلك بالجانب الفقهي، والجانب الإجرائي بلا شك، كما أن تتبع الاجتهاد القضائي في المسألة أيضا قد يكون أحد المداخل لفهم مسلك القضاء في حل النزاع، وبعبارة أخرى أن التعليق يأتي شاملا لمختلف الجوانب دون إغفال جانب معين، لأن القرار القضائي حتى يصدر يمر بقنوات كثيرة جدا، من اختصاص وإجراءات وكيفية إصدار الحكم وبياناته وتوافر شروط شكلية وموضوعية، يتوجب إطالة النظر فيها، والإلمام بها، ليصل التعليق في النهاية إلى الحكم التقييمي للقرار في النقاط التي عالجها، أي أن التعليق على القرار القضائي يتوج في النهاية بما يمكن أن يطلق عليه "الحكم على الحكم". راجع: الدكتور صالح طليس، المنهجية في دراسة القانون، منشورات زين الحقوقية، ط1، 2010، ص. 239 وما يليها.
منهجية التعليق على القرار أو الحكم القضائي الإداري
تمهيد:
من أجل القيام بتعليق على قرار قضائي يفضل اتباع منهجية تتشكل من مرحلتين، الأولى تحضيرية تهدف إلى حصر المعطيات  الأساسية للقرار من أجل استخدامها لاحقا بسهولة ويسر (المبحث الأول)، والمرحلة الثانية تحريرية أو تنفيذية يتم فيها وضع المعطيات مع الإشكالية والتحليل ضمن قالب أو خطة منهجية تيسر الوصول إلى إجابات عن المسائل القانونية (المبحث الثاني).
المبحث الأول: المرحلة التحضيرية:
يعرف القرار القضائي بأنه: الحكم الذي تصدره المحكمة بشأن خصومة ما وفقا للشكل الذي يحدده القانون، سواء كان القرار خاصا بنهاية الدعوى والنزاع أو في مراحل سابقة أثناء سير الدعوى مادامت تتوفر فيه مقومات الحكم القضائي.
وفي الغالب يفرق بين الحكم الذي يصدر عن محاكم الدرجة الأولى والقرار الذي يصدر عن درجات الاستئناف وكذا محاكم النقض أو محاكم القانون.
إن التعليق على القرار القضائي يختلف تماما عن الاستشارة القانونية التي هي مسألة قانونية في شكل وقائع يطلب من الطالب إيجاد حل قانوني لها من خلال اقتراح مسار إجراءات معين إلى غاية الوصول إلى مقترح حكم مؤسس، أما التعليق على القرار فهو لا يفترض اقتراح مسار إجرائي ولا حكم، فالإجراءات موجودة والحكم موجود، والمطلوب هو تحليل النقاط القانونية التي تم استشكالها في القرار والتي قد تتعارض مع المعطيات التي تعلمها الطالب، أو أنها تتوافق كلية مع تلك المعطيات.
لذك ففي المرحلة التحضيرية ينبغي استذكار معلومات أساسية حول الأحكام والقرارات القضائية، والتأكد من وجودها، ثم الانطلاق في تحليل جزئيات الحكم وتدوينها على مسودة لضبطها وتهيئتها لعملية الدراسة والتمحيص.
المطلب الأول: عناصر أساسية في القرار
لو ألقينا نظرة عامة على حكم أو قرار قضائي صادر عن الجهات القضائية المختلفة سنجد أن يتألف من ثلاثة أجزاء أو أقسام رئيسية.
الفرع الأول: الديباجة أو التقديم  en-tete
وهو مقدمة الحكم، المادة 888 ق.إ.م.إ والمواد من 270 إلى 298 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية نصا على بيانات الأحكام الصادرة من المحاكم المختلفة العادية والإدارية، وبالرجوع إلى المواد المذكورة نجدها تنص على البيانات الآتية:
-       الجهة القضائية التي أصدرته (المحكمة والغرفة).
-       أسماء وألقاب وأوصاف القضاء الذين تداولوا في القضية .
-       تاريخ النطق به.
-       اسم ولقب ممثل النيابة العامة (محافظ الدولة) عند الاقتضاء.
-       اسم ولقب أمين الضبط الذي حضر مع تشكيلة الحكم.
-       أسماء وألقاب الخصوم وموطن كل منهم، وفي حالة الشخص المعنوي تذكر طبيعته وتسميته ومقره الاجتماعي وصفة ممثله القانوني أو الاتفاقي.

-       أسماء وألقاب المحامين أو أي شخص قام بتمثيل أو مساعدة الخصوم.
-       الإشارة إلى عبارة النطق بالحكم في جلسة علنية
إضافة إلى ذلك يكون في الديباجة:
-       صدور الحكم باسم الشعب الجزائري.
-       نوع الحكم: حكم أو قرار.
-       رقم القضية والفهرس والجلسة وتاريخ النطق بالحكم.
ثم تأتي بعدها ذكر المقتضيات القانونية والأسانيد والمراجع التي رجعت إليها المحكمة في إصدارها للقرار وذكر ما سبق المرور إلى مرحلة المداولة من تلاوة التقارير والاستماع إلى الملاحظات، ثم المداولة والحكم.
الفرع الثاني: التحييث أو التنسيب  motifs
         يتضمن في الحقيقة تلخيصا للوقائع والإجراءات، أي العناصر الواقعية والقانونية للقرار، دون اتباع ترتيب معين، وإنما غالبا تكون متداخلة، ويتضمن كذلك طلبات ودفوع الخصوم التي تضمنتها مذكراتهم الجوابية، والتي تناقش نقاطا قانونية معينة تتريث المحكمة في إصدار حكم أو التعليق عليها إلى غاية الانتهاء من عرضها، وذلك في الجزء الثاني من هذا الجزء والذي يأتي بعد عبارة: وعليه فإن المحكمة، حيث تقوم المحكمة بتقليب طلبات ودفوع الخصوم من مختلف جوانبها القانونية، معتمدة تطبيق القواعد القانونية التي تراها مناسبة للنزاع، وتبين ما هو مؤسس وما هو ليس كذلك، عن طريق الربط بين الوقائع والإجراءات والأسئلة القانونية ثم النصوص القانونية أو القضائية المطبقة، وعبارة التحييث يقصد بها أن تسبق الجمل والفقرات بعبارة حيث أن، كما أن المحكمة في هذا الجزء تتطرق للفصل في المسائل الشكلية ومدى مقبولية الدعوى في شكل عريضتها الافتتاحية والمذكرات الجوابية واحترام الأصول القضائية للجلسات وللأحكام تفاديا لأي ثغرات إجرائية، وهو ما يجعل هذا الجزء ثريا بالتفاصيل التي يتم فصلها وفرزها أثناء التعليق على القرار والاستغناء عن كثير من الأجزاء التي لا تثير أي إشكالات والاقتصار فقط على النقاط المؤثرة والفاعلة في جوهر القرار أو الحكم.
الفرع الثالث: منطوق الحكم  dispositif
         يتضمن هذا القسم الحل الذي تفصل به المحكمة في النزاع المعروض عليها، وما قضت به بخصوص الطلبات المعروضة أمامها، وهو الجزء الذي يهم أطراف الدعوى، وإن كانت الجزء الثاني هو الأهم بالنسبة للمعلق قبل الوصول إلى الحكم لأن المحكمة تسبب إجاباتها عن الطلبات المعروضة قبل النطق بالحكم، فالمنطوق ما هو إلا تعبير عن الخلاصة conclusion لتلك الإجابات عن طريق إعلان رفض الدعوى أو الطعن أو بالعكس قبول طلبات المدعي، أو غيرها من حالات الأحكام التي قد تقف عند الشكل والاختصاص مثلا.
         وعادة فإن هذ الجزء يبدأ بعبارة: لهذه الأسباب، ثم عبارة قررت التي تطلبها القانون صراحة في المادة 890 ق.إ.م.إ.
المطلب الثاني: التعرف على جوهر وزبدة الحكم القضائي
         إن التعرف على جوهر الحكم معناه فهمه وتحديد موضوعه (الفرع الأول) والقيام بتحليله بطريقة ذهنية عقلية (الفرع الثاني) ثم وضع خطة لتفكيكه وتحليله بغرض التعليق عليه بطريقة منهجية (الفرع الثالث)

الفرع الأول: فهم وتحديد موضوع الحكم القضائي:
         يتطلب ذلك قراءة الحكم أو القرار القضائي عدة مرات، دون تدوين أي ملاحظات، والتركيز على دلالات ومفاهيم بعض المصطلحات الواردة فيه، فأثناء هذه القراءات يتم التعرف على الملامح الأولية للحكم من حيث طوله، سهوله أو تعقد إجراءاته ومفاهيمه، مدى توفيق الأطراف في التعرف على لب النزاع مدى وجود أدلة حقيقية تم الاستناد إليها، ومعرفة الموضوع الحقيقي للدعوى، ثم تأتي القراءات الموالية ليتم فيها تحديد الجمل الرئيسية والعبارات المفتاحية، يمكن الاستعانة بوضع خط تحت العبارات والجمل الأساسية، ثم في قراءة ثالثة يمكن استخراج بعض العناصر لتكتب على الهامش مثلا، كالأسباب، والمنطوق، والإجراءات، والادعاءات، وبهذا فإن التركيز في المرحلة الثانية سيكون بصورة أساسية على ما تم استخراجه من أفكار  لمحاولة استنباط المسألة القانونية.
الفرع الثاني: التحليل الذهني للحكم:
نكون في هذه المرحلة بصدد قراءة متأنية معمقة نحاول فيها استنتاج النقطة أو النقاط القانونية التي هي الإشكالية التي كانت مثار النزاع والتي سيتم ردها إلى أصولها الأساسية من نصوص قانونية وفقهية وقضائية، فيتم التركيز على الحيثيات، وقد يسهل الأمر بمعرفة أن النزاع يتعلق بنص مادة قانونية معينة يعرفها الطالب، وربما يتعلق النزاع بمجموعة أحكام قانونية، فيستذكر الطالب معلوماته تلك ويحاول معرفة ما إذا كان القاضي سعى ونهج في تفسيرها تفسيرا مطابقا للحلول القانونية والاجتهاد القضائي السائد.
أثناء ذلك يكون الطالب قد كون فكرة تميل إما إلى تأييد ما ذهبت إليه المحكمة أو بالعكس معارضتها، وفي كلتا الحالتين تنطبع في الذهن مختلف الأسانيد الخاصة إما بالتأييد أو بالمعارضة.
الفرع الثالث: وضع خطة خاصة بالتعليق:
إن التعليق على حكم أو قرار قضائي ينبغي أن يكون في شكل دراسة أو مقال أو بحث مصغر، ومن ثمة فهو يتألف من مقدمة وخاتمة وعناصر تحليلية على شكل مباحث ومطالب، والتي تتأثر بعدد النقاط والمسائل القانونية المثارة، والأفضل دائما هو الخطط الثنائية، وتوضع العناوين متناسبة مع النقاط القانونية التي يثيرها الحكم أو القرار، وتكون مختصرة ووافية، ويكون بينها تسلسل منطقي، وكذلك يتم تفريع العناوين الكبيرة إلى عناوين فرعية، ويكون بينها جميعا خط رفيع متسلسل يربط أولها الذي هو الوقائع والإجراءات والادعاءات بآخرها الذي هو المنطوق والمسألة القانونية ومنهج القاضي في حلها والمنهج الذي يراه الطالب يعبر عن الحل الذي كان يجب أن يعطى من خلال معطياته الأولية ومعارفه القانونية.
المبحث الثاني: المرحلة التحريرية التنفيذية:
في المرحلة التحريرية أو التركيبية نقوم بإنشاء المقال، الذي سيكون محل تقييم من طرف الأساتذة والفاحصين، ولذلك فهو يخضع لما يخضع له البحث بصفة عامة من قواعد شكلية وموضوعية، بالإضافة إلى عناصر خاصة بالتعليق على القرار القضائي.
فالمقدمة مثلا هي عبارة عن تمهيد ومدخل للموضوع، تطرح فيه الإشكالية، وفي موضوع التعليق على القرار القضائي يمكن التقديم بالتعريف بالقرار محل التعليق من حيث المحكمة الناطقة به ودرجتها ونوع الحكم وما إذا كان الأمر يتعلق باجتهاد صادر عن الغرف المجتمعة، ولا بأس بذكر رقمه وتاريخه، كما بيان المدعى والمدعى عليه أو الطاعن أو المستأنف حسب كل حالة، وموضوع النزاع، ثم تبين الخطة والمنهجية التي ستتبع في التعليق مع تبرير التقسيمات.
إن المقدمة غالبا توضع وتكتب في النهاية، لذلك فلا بأس أن تكتب مقدمة قصيرة في المرحلة التحضيرية ثم يتم تنقيحها في المرحلة التحريرية التي تتألف من ثلاث عناصر أساسية.
المطلب الأول: تحليل واستخراج عناصر الحكم أو القرار:     
مثلما هو الشأن بالنسبة لما تعمله المحكمة فالوقائع والإجراءات والادعاءات والطلبات تذكر أولا قبل مناقشتها، لذلك فالقسم الأول من التعليق يتضمن استخراج الوقائع وكذا الإجراءات ثم بيان الادعاءات والطلبات وصولا إلى استخراج المسألة أو المسائل القانونية التي يثيرها النزاع.
الفرع الأول: استعراض ووصف وقائع النزاع باختصار:
من المهم جدا في وصف وقائع القرار الاعتماد على النفس في ذلك وليس تكرار نفس تعابير المحكمة، وهنا لا بد من الاقتصار على العناصر المنتجة أو ذات الأثر القانوني، بدون تكهن ولا افتراض ولا تحميل للوقائع ما لا تحتمله، ولا التحيز لأحد الأطراف وتولي الدفاع عنه، والتركيز على الأفعال القانونية أي الأحداث التي له توصيف قانوني.
فمثلا نذكر أن الواقعة تتمثل في: جريمة – عقد – بيع – إيجار – صفقة عمومية – فعل ضار – خطأ طبي ... إلخ
وهناك توجيهات عامة يجب ذكرها في هذا الصدد نلخصها فيما يلي:
-       الانتباه عند قراءة القرار جيدا إلى بعض الوقائع التي تكون جوهرية ومن شأنها التأثير على الحل الذي وضعه القاضي سلبا أو إيجابا دون أن تكون بارزة بشكل كاف في القرار أو الحكم.
-       استعراض الوقائع بحسب تسلسلها الزمني في شكل نقاط، لأن الوقائع تكون غير مرتبة في القرار وقد يؤدي ذلك إلى تضييع الفهم.
-       عدم افتراض أي وقائع لم تذكر في القرار، وبعبارة أخرى عدم تحميل القرار ما لا يحتمل أو أكثر مما يحتمل.
-       حسن عرض مراحل النزاع القضائي، بتحديد ما تم في أول درجة من إجراءات ومنطوق وتسبيب، ثم ما تم في الدرجة الموالية.
-       نعتمد في كل ما سبق الإيجاز في العرض، لأن الغرض هو إعطاء فكرة للقارئ، والمساعدة على فهم القضية ككل.
الفرع الثاني: الادعاءات القانونية للخصوم:
وهي المزاعم والأسانيد والأوجه والطلبات التي يؤسس عليها الطعن أو الدعوى أو النزاع، فيجب ذكر المزاعم والطلبات مرتبة، مع شرح الأسانيد القانونية أي ذكر النصوص القانونية المعتمدة إذا لزم الأمر وعدم الاكتفاء بذكر عبارة الخطأ في تطبيق القانون أو مخالفة القانون بل تبيان هذا القانون الذي تمت مخالفته.
يجب التركيز على الطلبات والإدلاءات التي أثارها الخصوم فقط، لأنها التي ستكون محل مناقشة من طرف المحكمة، وإن كان من السائغ أن تثير المحكمة أسبابا من تلقاء نفسها.
إن من المستحسن أن يكون إبراز هذه الادعاءات بشكل واضح في شكل نقاط لتسهيل الإلمام بموضوع القرار.
الفرع الثالث: المسائل والإشكالات القانونية:
إن الإشكال القانوني يتناول النقاط القانونية التي أثيرت أمام المحكمة، والتي طرحها الخصوم، لا تلك التي لم يطرحوها (ربما لا ينتبهون لها، أو ينتبهون لها بعد فوات الأوان)، وهي النقطة التي يجب على المحكمة حلها، وهذا لا يعني أن المحكمة لا تثير بعض المسائل من تلقاء نفسها، فالمسائل التي تتعلق بالنظام العام تثيرها المحكمة من تلقاء نفسها، مضافة إلى إدلاءات الخصوم، وقد يتطلب البحث في الإشكال القانوني البحث عن الوصف القانوني للنزاع أولا، وهذا ما قد تختصره المحكمة أحيانا فتقول مثلا : حيث أن النزاع يتعلق بإلغاء قرار إداري، لكنها أحيانا لا تفعل ذلك، ويتعين على المعلق استخلاص ذلك بنفسه.
يمكن إذن تعريف النقطة القانونية بأنها السؤال الذي يتبادر إلى ذهن القاضي عند الفصل في النزاع، وهذا السؤال ينشأ من تضارب الإداعاءت المقدمة أمامه، فيستخلص أن الخصوم حدث بينهم نزاع حول تلك المسألة، كأن يزعم طرف أن هناك خطأ للضحية يعفيه من المسؤولية بينما ينفي الطرف الثاني وجود خطإ للضحية، فيكون التساؤل هو: هل يوجد خطأ للضحية، وهل هذا الخطأ يعفي من المسؤولية؟
إن النقطة القانونية لا تكون واضحة وضوحا كافيا في القرار ولكن يمكن استخلاصها من أمرين: ادعاءات الخصوم، ومنطوق الحكم، فمنطوق الحكم يلخص رأي القاضي في النزاع وإجابته عن السؤال، والمطلوب هو العثور على السؤال ذاته انطلاقا من الجواب.
أما التوجيهات الخاصة بالنقطة القانونية فيمكن تلخيصها في الآتي:
-       تكون النقطة أو الإشكالية القانونية في شكل سؤال أو أسئلة، أو سؤال رئيسي وأسئلة فرعية.
-       يجب طرحها بأسلوب قانوني، باعتماد مصطلحات قانونية دقيقة، فبدلا من القول: هل يحق رفع دعوى الإلغاء ضد القرار؟ يطرح السؤال كالتالي: هل القرار الإداري معيب بعيب من عيوب المشروعية ومستوجب الإلغاء؟
-       يطرح السؤال القانوني ليس بصيغة نظرية وإنما يطرح بناء على وقائع القضية محل التعليق، فبدلا من القول: هل القرار الإداري معيب بعيب من عيوب المشروعية ومستوجب الإلغاء؟ نصوغ السؤال كالتالي: هل القرار الإداري الصادر من مدير التربية بعزل محمد من وظيفته معيب بعيب تجاوز السلطة ومستوجب الإلغاء؟
-       لا تطرح النقاط التي لم يدر حولها نزاع بين الأطراف.
-       يقتصر التعليق على النقاط الهامة فقط، بينما يشار إلى الأوجه الأخرى بإيجاز أو تهمل تماما إذا لم يكون لها أي موجب، ولم تعرها المحكمة اهتماما.
المطلب الثاني: مناقشة الحل القانوني المتضمن في القرار أو الحكم:
إن مناقشة الحكم يكون بطريقة قانونية، أي مناقشة ما إذا كان الحل الذي أعطته المحكمة يتفق مع نصوص القانون والفقه والقضاء أيضا، وتكون المناقشة عن طريق خطة مثل خطة البحث العلمي، متضمنة لنفس العناصر من مقدمة ومباحث ومطالب وخاتمة، ولكن ما يميزها أنها خطة تطبيقية أي تعتمد في مباحثها مطالبها على نفس عناصر القضية التي جاءت في الحكم أو القرار، ومن ثمة يوصى بتجنب الخطة النظرية في التعليق على القرار القضائي بصفة عامة، كما يوصى بأن تكون الخطة متوازنة متسلسلة منطقيا ومتفقة مع النقاط القانونية المثارة، وتكون عناصر هذه المرحلة كالتالي:
الفرع الأول: المقدمة:
يستحسن أن تكون المقدمة متضمنة لعناصر النزاع، فتطرح الإشكالية في البداية، أي عرض المشكل القانوني بإيجاز، ثم يتبع بملخص للوقائع والادعاءات بطريقة دقيقة وتبتعد عن الحشو، ثم الإشكال القانوني الحقيقي الذي ثار بسببه النزاع، ثم يشار إلى الخطة المعتمدة في إيجاز تام ودون تشخيص.
الفرع الثاني: لب التعليق أو المناقشة:
إن العناوين التي تظهر في خطة التعليق تكون متفقة مع عدد الإشكالات أو النقاط القانونية المثارة، ولب التعليق أو المناقشة لا ينصب فقط على القضية وإنما يجب أن يتطرق للجانب النظري، وفق ما درسه الطالب وما استوعبه من مبادئ القانون، فيقوم باستذكار المعلومات النظرية محاولا تطبيقها على النزاع، مبديا في النهاية رأيه الشخصي أو الحل القانوني الذي يراه مناسبا دون تجريح في المحكمة ولا تطاول، وإنما بكل موضوعية وحيادية، وفي لب المناقشة يمكن التطرق إلى العناصر التالية:
الفقرة الأولى: التكييف القانوني والمطابقة:
إن التكييف هو عملية قانونية منطقية، وينبغي أثناء التعليق مناقشة التكييف إن كان هناك داع لذلك، أما إذا كان التكييف واضحا بما فيه الكفاية فيمكن تجاوز هذا العنصر، وبالأخص معرفة أن النزاع يتلق مثلا بدعوى إلغاء قرار إداري أو وقف تتفيذ قرار إداري أو دعوى تعويض أو دعوى تفسير، وأن النزاع مثلا يتعلق بنزع ملكية، أو بحالة وظيفية، أو بمسائل متعلقة بالعمران، أو بالصفقات العمومية... إلخ
وفي حالة وجود نصوص قانونية (وهي قليلة في نطاق القانون الإداري مقارنة بالقوانين الأخرى) فينيغي مناقشة مدى انطباقها على وقائع الحال، مثال ذلك: المادة 139 من قانون البلدية.
انظر: لحسين بن الشيخ آث ملويا، المنتقى في قضاء مجلس الدولة، ج2، دار هومة، الجزائر، 2005، ص.98 وما يليها.
الفقرة الثانية: عناصر المناقشة:
حسب كل قضية ومدى وجود نصوص قانونية أو اجتهادات قضائية سابقة ينبغي أن تتطرق المناقشة إلى ما يلي:
1- موقف الفقه، والآراء الفقهية والنظريات المعروفة في ذلك النوع من النزاع، وحتى التطور التاريخي.
2- موقف الاجتهاد القضائي عموما بما فيه القضاء المقارن من المسألة، وبالخصوص ما إذا كان هناك اختلاف في موقف القضاء من المسألة بين تاريخين أو فترتين مختلفتين أو أكثر.
3- الحيثيات الموجودة في القرار أو الحكم ينبغي أن تقرأ بدقة ويتم التدقيق فيها لأنها تنطوي على مناقشة المحكمة على ادعاءات الخصوم والتي قد تتضمن إشارات واضحة على موقف المحكمة من النزاع، والتي تساعد بالتالي على فهم الموضوع برمته.
4- عندما يتعلق الأمر بالغرف المجتمعة والتي غالبا ما تقوم بتغيير اجتهاد ورأي سابق للقضاء يكون مجالا أكثر للمقارنة بين الرأي السابق والرأي الجديد ودواعي هذا التغير.
الفقرة الثالثة: أوجه القوة والضعف في القرار أو الحكم:
إن تبيان أوجه القوة والضعف مع تبرير كل منهما وفقا للآراء الفقهية هو خطوة مهمة في التعليق وعنصر أساسي، كما أن اقتراح حل آخر غير التي أعطته المحكمة عندما يكون ذلك ضروريا هو من صميم التعليق، لأن القضاء في النهاية مشكل من بشر يصيبون ويخطئون، والأهم أن يكون كل ذلك بلا تجريح ولا تجاوز، بل يكون باستعمال العبارات العلمية القانونية (كان على القضاة أن يفعلوا كذا، أو لم يكن قضاء المجلس سديدا، من غير المستساغ قانونا أن يقوم المجلس)...
الفرع الثالث: الخاتمة والاستنتاجات:
تأتي الخاتمة لتبين أهمية الحل القانوني الذي أعطته المحكمة من ناحية حماية الحقوق وحسن تطبيق القانون، وكذلك الخلاصة القانونية للإشكال المطروح من حيث أن هذه الخلاصة هي بمثابة إضافة قاعدة ومبدأ قانوني يعتمد عليه الطالب في المستقبل مثل اعتماده على المسائل النظرية، وختاما بالموافقة أو المعارضة للحل الذي أعطته المحكمة مع طرح الحل البديل دائما.
والملاحظة الأساسية دائما في هذا الصدد هي الابتعاد عن الكلام الطنان والتزيد والمبالغة، والاقتصار على اللغة القانونية، وتجدون مع هذه المحاضرات مثالا تطبيقا تم فيه تعمد التزيد في الكلام واستعمال عبارات مفخمة مع تنبيه الطلبة إلى عدم التساهل في هذا الشأن.
إن منهجية التعليق على قرار أو حكم قضائي إداري في النهاية هي تطبيق للمعارف المسبقة التي اكتسبها الطالب، وهي تتوقف بالتالي على معرفة المادة النظرية وكذا على الإلمام بالإجراءات القانونية ، مع ملاحظة أن القضاء الإداري هو من نوع القضاء المنشئ والذي لا يتعمد كثيرا على تطبيق نصوص قانونية واضحة وصريحة بل يعتمد على مبادئ من خلق القضاء، والقضاء الفرنسي بالتحديد، الذي له دور كبير في خلق مختلف نظريات القانون الإداري.
المحور الثاني
تحليل النص القانوني
مقدمة:
- التعليق يكون على نص من قانون أو مشروع قانون (بالمعنى الواسع)، أو مقطع من كتاب في القانون (فقه).
- التعليق يكون دائما من داخل النص، أي انطلاقا من النص.
- التعليق على نص قانوني يهدف إلى تحليل ماذا يريد النص قوله، أي شرح المعنى العام للنص، شرح فحواه ومضمونه، وتكييف الأفكار الموجودة فيه بطريقة قانونية (إعطاء الأوصاف الصحيحة لكل ما ورد فيه)، ثم أخيرا تقييمه ونقده بطريقة موضوعية.
- من أجل ذلك يجب طرح إشكالية بطريقة قانونية.
- يجب أن يعطي الطالب أهمية لكل كلمة ترد في النص.
- الخطوات المنهجية البسيطة للتعليق على نص قانوني هي: قراءة النص عدة مرات، والنظر إلى النص في مجموعه من أجل تكوين المعنى النهائي وليس التركيز على أجزاء منه، ثم استخلاص الأفكار الأساسية التي يتضمنها، أما التقنيات المستعملة في ذلك فهي: التسطير تحت الكلمات المهمة، كتابة الأفكار الأساسية في ورقة مسودة ومحاولة جمع تلك الأفكار في محورين كبيرين أو ثلاثة محاور من أجل وضع الخطة كما هو متعارف عليه.
-     الخطة والمضمون يجب أن تتجنب كل خروج عن موضوع النص.
المرحلة التحضيرية: تنقسم إلى دراسة وصفية ودراسة بنيوية أو طباعية
أولا: الدراسة الوصفية:
1- طبيعة النص: وتتضمن الحديث عن:
2- هوية النصطبيعته (دستور-قانون عضوي- قانون عادي- مرسوم-قرار  وزاري ..... نص فقهي - ...، مدني، تجاري، جنائي، إجرائي، عام، خاص، مشروع ..) + تاريخ النص.
3- مصدر النص: تعريف الكاتب، سياق النص (الفصل والباب والقسم والكتاب  ...).
4- مضمون أو معنى النص:
ثانيا: الدراسة البنيوية أو الطبوغرافية أو الطباعية للنص:
1- بيان عدد الفقرات، والمقاطع، والفواصل، والبنود، التي  يتكون منها النص.
2-  المصطلحات الواردة بالنص:تحديدها وتعريفها، وتحديد نوعها (اقتصادية – تقنية – قانونية).
3-  اللغة المستعملة والصياغة:سليمة – معيبة – مترجمة.
4- الكلمات المفتاحية: التي من شأنها مساعدة الطالب في تحديد مضمون النص بشكل دقيق.
ثانيا: المرحلة التحريرية: التحليل:
يتوقف تحليل النص القانوني على المتعارف عليه في المنهجية، وهو كتابة مقال في شكل مقدمة ثم عرض فخاتمة.
المقدمة:
إذا كانت المقدمة هي الممهدة للعرض والمدخل له، فإنه لا يجب أن تطغى عليه وأن تكون مقتضية ومركزة، ومن أهم العناصر التي يجب أن تتضمنها المقدمة في تحليل أي نص قانوني نذكر: تقديم الإطار العام الذي يندرج فيه النص، فكل نص قانوني إلا ويتضمن قواعد قانونية، وتحديد هذه الأخيرة يقتضي بيان أحكامه بشكل تدريجي من العام إلى الخاص، ذكر طبيعة النص ومصدره وتاريخه ومكانه، تحديد هل النص آمر أم مكمل، مع التبرير، الإشارة إلى نوع النص هل هو نص عام وهنا لابد من سرد الأحكام العامة التي ينص عليها، أم هو نص خاص، وهنا يتم استعراض أوجه الشبه والاختلاف بينه وبين القواعد العامة، وكل ما سبق ذكره في المرحلة التحضيرية من عناصر، وخاصة:
- تحديد موضوع النص.
- ذكر النصوص المماثلة والمشابهة، التي لها نفس الهدف.
- إثارة الإشكالية أو الإشكاليات التي يتمحور حولها النص موضوع التحليل.
- الإعلان عن التصميم: وعادة يؤخذ من بنية النص،  وهذا هو المحبذ، ويمكن أن يكون في جزئين أو ثلاثة إذا كان النص مقسما إلى ثلاثة أجزاء مختلفة، وإذا كان أكثر من ذلك فإنه يجب على الباحث المحلل أن يبذل قصارى جهده ويجمع أجزاء النص حتى لا يخرج عن ما هو مطلوب.
 العرض:
فيه يتم مناقشة كل الأفكار المتضمنة بالنص والمتعلقة به ويعتمد فيه على ما يلي:
- الاستنتاج عن طريق القياس، أي قياس قاعدة مشابهة خصها المشرع بنص صريح آخر، أو عن طريق إعمال مفهوم المخالفة، أي استعمال المعنى العكسي لفحوى النص أو استعمال مفهوم الموافقة.
- المقابلة والمقارنة مع كل واقعة منظمة قانوناً، سواء من حيث الشبه أو من حيث الاختلاف، أو ذكر قانون مفسر أو رأي فقهي أو اجتهاد قضائي، تماشيا مع كل الأفكار التي تلقاها الباحث أو المحلل و اجتهد في الحصول عليها.
- ذكر تقييم للموضوع، يتم فيه الحديث حول مدى ملائمة القواعد التي ينص عليها النص موضوع التحليل مع الظروف الواقعية (اجتماعية، اقتصادية، سياسية...) المصاحبة للنص وانعكاساتها على المجتمع.



الخاتمـــة:
هي عبارة عن استنتاجات وخلاصة لما تم التوصل إليه من خلال موضوع التحليل ويمكن أن تكون:
- قناعات شخصية.
- مقترحات مقدمة لتعديل أو مراجعة أو إلغاء، أو تحسين النص سواء من حيث الصياغة أو من حيث الأحكام، مع إمكانية طرح صيغة جديدة بديلة.
المحور الثالث
الاستشارة القانونية
الاستشارة القانونية هي اختبار للطالب من حيث قدرته على التفكير القانوني، وكذلك على تطبيق المعلومات النظرية التي درسها، يكون ذلك عن طريق تمرين في شكل مسألة تتضمن قصة معينة تتضمن أحداثا ذات طابع نزاعي ويطلب من الطالب حل ذلك النزاع في ضوء القانون بصفة عامة، سواء عن طريق نصوص قانونية معروفة أو أية حلول أخرى، قد يطلب منه ذلك بصفته طالبا أو محاميا أو قاضيا أو أي شخص طلبت منه الاستشارة.
إن الاستشارة القانونية باختصار هي تطبيق المنطق الأرسطي الذي عبر عنه أرسطو: كل إنسان فان، سقراط إنسان، سقراط فان.
حيث: النزاع هو المقدمة الأولى.
       القاعدة القانونية هي المقدمة الثانية.
       الحل: هو النتيجة وهو تطبيق القاعدة على النزاع.
ملاحظة: إن الاستشارة القانونية هي مهنة مستقلة، كما أنها أيضا مهنة تابعة للمحاماة، حيث يقدم المحامون الاستشارات لزبائنهم، يفترض أن يكون ذلك مجانا.
الاستشارة القانونية هي تمرين معقد لأنه:
- يجب أولا تفهم الإشكال القانوني الذي تثيره، ويكون ذلك بالتفكير بطريقة قانونية.
- ثم بعد ذلك يفكر الطالب في الحل المجرد للقضية.
- بعد ذلك يطبق الحل الذي اهتدى إليه بواسطة تحرير ذلك في شكل منهجي.
المرحلة الأولى: العمل التحضيري:
يتضمن العمل التحضيري ثلاث خطوات ضرورية:
الخطوة الأولى: عرض المشكل القانوني:
عن طريق حسن فهم الوقائع واستخراجها بالشكل الذي رأيناه في التعليق على الأحكام القضائية، وعن طريق حسن قراءة المسألة عدة مرات والتفكير فيها، يجب فقط ذكر الوقائع المنتجة والمؤثرة، هنا يأتي دور التكييف أي إعطاء الوصف الصحيح لكل واقعة أو حادثة، ويكون ذلك بالاختيار بين عدة أوصاف محتملة، ويعتبر التكييف نصف الحل، لأن الخطأ في التكييف سيؤدي إلى الخطأ في الإجابة حتما، فبمجرد الانتهاء من التكييف يجب طرح التساؤل القانوني الذي تطرحه القضية محل الدراسة، قد يكون تساؤلا واحدا أو أكثر، ويجب أن يكون هذا التساؤل واضحا ومحددا ودقيقا ومطروحا بطريقة قانونية، فإذا تم طرح السؤال فإنه يستتبع ذلك التفكير في الحلول القانونية واستذكار القواعد القانونية التي تمثل تلك الحلول، وهي الخطوة الثانية.
ملاحظات أساسية على الخطوة الأولى:
- يجب الانتباه للصفات القانونية للأشخاص: مثل: حدث، محجور عليه، قاصر، خبير، موظف... إلخ، وبالأخص والأهم هو: معرفة أطراف النزاع، أي المدعي والمدعي عليه.
- الترتيب الزمني للوقائع.
- التساؤل بطريقة قانونية، أحيانا يطرح الأستاذ أسئلة محددة، عندئذ لا يطرح الطالب أسئلة، بل يجيب على الأسئلة المطروحة.
الخطوة الثانية: الإعلان عن الحل المؤقت والمجرد المقترح من طرف الطالب،  قبل البرهنة عليه.
فيقوم الطالب بتحديد القاعدة القانونية المطبقة، إذن فالحل القانوني الكامل لا يتم طرحه في هذه الخطوة، وإنما فقط اختيار القاعدة التي ستطبق، لأنه عند المرحلة الثالثة التي تتمثل في تطبيق القاعدة وإذا تبين أن الحل غير سليم فإن الطالب يعود إلى المرحلة الثانية، ويختار قاعدة أخرة.
ملاحظات أساسية على الخطوة الثانية:
- إن الحلول تختلف من قانون لآخر، فالقانون الجنائي يختلف عن المدني، والإداري يختلف عنهما، لكل قانون طبيعة خاصة.
- يقوم بعض الطلبة بذكر أرقام مواد عديدة لا يستعملونها في الحل فقط من أجل الحصول على نقاط، وهذا خطأ.
الخطوة الثالثة: تطبيق القاعدة المجردة  على الحالة المطروحة:
يكون ذلك عن طريق شرح القاعدة وعرضها، وعرض الأحكام التي تشتمل عليها والتي لها علاقة مباشرة بالنزاع، ثم تبرير كيفية انطباق القاعدة على النزاع، فما يهم في هذه المرحلة هو حسن استخدام الطالب للمنطق القانوني في تطبيق الحل المقترح على النزاع ودرجة الإقناع وحسن الاستدلال، والأهم هو الشرح والتبرير القانوني، كما يمكن للطالب أن يذكر مختلف الحلول التي يتيحها القانون، مع شرح وتأسيس كل حل.
ملاحظة أساسية على الخطوة الثالثة:
- ليس المهم في الاستشارة في أغلب الأحوال الاهتداء إلى الحل الصحيح، بل فقط حسن الاستدلال واستخدام المنطق والتفكير القانوني.
- إن الحل يجب أن يكون بحيادية تامة، ومنطق قانوني، أي بموضوعية، وتجنب الذاتية.
إن الخطوات السابقة التي تتم في المسودة يمكن اختصارها بما يطلق عليه في الجامعات الأمريكية بمنهجية IRAC ،  والتي تعني:
الإشكالية – القاعدة – التطبيق – النتيجة.
المرحلة الثانية: العمل التحريري.
إن تحرير العمل الذي قام به الطالب مسبقا في المسودة يكون بطريقة منهجية دائما، أي مشكل من مقدمة وعناصر وخاتمة تمثل الاستنتاج، بكل حرية في التحرير وفي اختيار الخطة، مادام ذلك باتباع الخطوات المذكورة، أي ذكر القواعد القانونية وتطبيقها على النزاع مع حسن الاستدلال والتأسيس، يبقى الطالب هو سيد خطته.
المقدمة: تبدأ تماما باستعراض القضية، دون الخوض في مسائل فلسفية أو تاريخية أو نظرية، والقصص الأدبية، كالقول مثلا: لما كان القانون جد ضروري في المجتمع ... إلخ، وتنتهي بطرح الإشكال القانوني أو التساؤل.
العناصر: تتمثل في الوقائع والقواعد القانونية (والقضائية والفقهية) وتطبيق القواعد على النزاع والاستنتاج.
الخاتمة: ذكر الحل باختصار وأهميته.
مثال تطبيقي:
على إثر عدم تفاهم بين "علي" ورفيقته "آمال" حول مستقبل علاقتهما قام "علي" بنشر صورة لها –كانت سلمتها له- على حساب في فايسبوك باسم مستعار، استشارتك "آمال" في ما يجب أن تقوم به، فبماذا تشير عليها؟
المحور الرابع
المذكرة الاستخلاصية أو la Note de synthèse
هي عبارة عن مجموعة وثائق تتكلم عن فكرة معينة أو موضوع معينة، حيث تتكون غالبا من: نص تشريعي (أي مجموعة من المواد القانونية)، ونص فقهي (مقتطف من كتاب قانوني معين) وقرارات قضائية مع دراسات خاصة بالتعليق على تلك القرارات.
فهي مجموعة وثائق تحمل ارتباط منطقي معين، وتدور حول فكرة معينة أو مجموع أفكار، قد تكون متناقضة، أو في نفس الاتجاه.
غالبا، هذا النوع من الامتحان يكون في مسابقة الولوج إلى المدرسة الوطنية للقضاء، حيث يطلب من الطالب أو المتسابق تلخيص هذه الوثائق التي تكون طويلة في غالب الأحيان فيما لا يزيد عن أربع صفحات، والتلخيص لا يكون لكل وثيقة على حدة، بل يجب استخلاص الموضوع العام الذي تدور حوله الوثائق، والتمكن من تحرير خطة تعالج الموضوع، والاستعانة أثناء التحليل بالوثائق، فهي أشبه ببحث صغير بالاعتماد على تلك الوثائق كمراجع.
إن امتحان المذكرة الاستخلاصية هو من نوع الامتحانات الصعبة لأن موضوعها لن يكون بالضرورة معروفا للطالب من قبل، فالمطلوب منه أن يفهم الموضوع أولا من خلال الوثائق ثم يحاول الربط بين تلك المعلومات بطريقة منهجية، ولكن من ناحية أخرى فالطالب المجتهد لا يخشى أن لا يجد الحلول، فالحلول موجودة في الوثائق، لكن حسن الفهم وحسن ضبط الخطة هو الأهم، وعلى كل حال فليس المطلوب من الطالب إعطاء رأيه الشخصي بل فقط الاكتفاء بتحليل وجهات النظر والاتجاهات الفكرية الموجودة في الوثائق المقدمة، بما فيها اجتهادات القضاء، وآراء الفقهاء.
أما الخطوات المنهجية لإنجاز المذكرة الاستخلاصية فهي كالتالي:
قراءة الوثائق:
إن الوثائق طويلة، وبالتالي فلا بد من القراءة السريعة والمنهجية في نفس الوقت، أو باختصار القراءة الذكية، حيث يجب تسجيل الأفكار التي استطاع الطالب فهمها في المسودة في انتظار الربط بينها، وربما من المستحسن استعمال الأقلام بألوان مختلفة والألوان المحددة.
عند وجود عدة آراء متناقضة يجب تسجيل الملاحظات حول وجود اختلاف للآراء من أجل مناقشة تلك الآراء فيما بعد.
بعد ذلك تأتي الخطوة النهائية وهي التحرير على الورقة مباشرة دون المسودة لأن الوقت ضيق رغم أن مدة الامتحان 4 ساعات أو 5 ساعات.
- المقدمة: يجب أن تكون قصيرة، تتلخص في التعريف بالموضوع الذي استخلصه الطالب من الوثائق المقدمة، والمقدمة تنتهي ولا بد بطرح إشكالية، وبرسم الخطة التي ستتبع في دراسة الموضوع، والتي يجب أن تكون متسلسلة منطقيا ومتوازنة وشاملة.
- العرض: يمنع منعا باتا تخصيص مطلب لكل وثيقة لأن هذا يتعارض تماما مع فكرة المذكرة الاستخلاصية.
- لا يجب التقيد بالعبارات الواردة في الوثائق بل بالأفكار كما فهمها الطالب (يمنع كثرة الاقتباس).
- يمكن الإشارة إلى الوثيقة المرجعية للتحليل، كالقول مثلا: حسب رأي الأستاذ فلان في مقاله بعنوان والمنشور في مجلة كذا ..... إلخ، وكذلك رقم وتاريخ الحكم القضائي.
- الخاتمة:
مثل أي موضوع فالخاتمة تتضمن الخلاصة والاستنتاجات الأساسية للموضوع.

شاركنا بتعليقك...

التعليقات



، اشترك معنا ليصلك جديد الموقع اول ً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

احصائيات الموقع

جميع الحقوق محفوظة

علوم قانونية وادارية

2010-2019