الفرع الثاني: أنواع البينة
تتّخذ الشهادة عدة صور، فقد تكون مباشرة أو غير مباشرة، كما يمكن أن تكون شهادة بالتسامع أو بالشهرة العامة كما يلي:
أولا: الشهادة المباشرة: و هي الشهادة التي يقرّر فيها الشاهد في مجلس القضاء ما وقع تحت سمعه و بصره مباشرة، كالذي يشاهد واقعة معينة فيسرد الواقعة أمام القضاء كما شاهدها، بمعنى أن يكون ما أدركه الشاهد متعلقا بالواقعة قد تم مباشرة عن طريق حاسة من حواس الشاهد كالسمع أو البصر أو بهما معا.
ثانيا: الشهادة الغير مباشرة: أو الشهادة بالتسامع و تكون عندما يشهد الشخص بما سمع رواية عن الغير، فيشهد أنه سمع شخصا معينا يروي هذه الواقعة محل الإثبات فهنا الشاهد لم يرى الواقعة بنفسه، بل سمع شخصا معينا يرويها و لا يوجد نص في القانون الجزائري يمنع الأخذ بها، و لذلك يترك أمر الأخذ بها و تقدير قيمتها لقاضي الموضوع.
ثالثا: الشهادة بالتسامع: و هي شهادة لا تنصبّ على الواقعة المراد إثباتها بالذات بل على الرأي الشائع عند جماهير الناس عن هذه الواقعة، فالشاهد فيها لا يروي عن شخص معين و لا عن واقعة معينة بالذات و إنما يشهد بما تسامعه الناس عن هذه الواقعة و ما شاع بين الجماهير بشأنها و لما كان من الصعب. تحرّي وجه الجقيقة بالنسبة لهذا النوع من الشهادة فإنها لا تقبل في المسائل المدنية مطلقا و يمكن الإستئناس بها في المسائل التجارية على الرأي الراجح فقها. لكن هل يمكن إعتمادها في مجال النسب؟
إذا كان الأصل في الشهادة أنه لا يجوز للشاهد أن يشهد بشيء لم يعاينه بالعين أو بالسماع بنفسه إلا أن الفقهاء إستثنوا من هذا الأصل مسائل منها النسب فأجازوا فيه الشهادة بالتسامع من الناس و إن لم يعاين الشاهد نفسه و هذا الإستثناء ضرورة دعت إليها رعاية المصالح و الحاجة الشديدة لما في ذلك من رفع الضرر و عدم تعطيل الأحكام، فإذا رأى شخصا رجلا و إمرأة يسكنان بيتا واحدا و يعاشر كل منهما الآخر معاشرة الأزواج جاز له أن يشهد بأنها إمرأته.
رابعا: الشهادة بالشهرة العامة: و هي عبارة عن ورقة مكتوبة تحرر أمام جهة رسمية كقاض أو موثق يشهد فيها شهود يعرفون وقائع معيّنة عن طريق الشهرة العامة، بشرط أن تكون لهم معرفة شخصيّة لهذه الوقائع.
و الشهادة بالشهرة تجوز في إثبات النسب بإجماع فقهاء الأحناف حيث أجازوا للشاهد أن يشهد بما يشهر و يستفيض و تتواتر به الأخبار و يقع في قلبه صدقه.
شاركنا بتعليقك...