المحامين الجدد |
بقلم المحامي نبيل مشحور
الآن وقد انتهت نقابة المحامين الفلسطينيين من الامتحان التحريري والشفوي للمحامين المتدربين لدورة نيسان 2016، فإنه يتعين استخلاص العبر لتقييم هذا الامتحان المؤهل لمزاولة المهنة ضمن القاعدتين الذهبيتين التي تحيط بعمل المحامين، فالقاعدة الأولى أن المحامي الجيد والدارس للدعوى التي يمثل بها أمام المحكمة يفرض بالأغلب القاضي الجيد، والقاعدة الثانية أن نقابة المحامين والمحامين المزاولين المجازين للعمل القانوني في البلاد من المفترض أن يكونوا الوعاء الطبيعي الذي بموجبه يتم اشغال المناصب القضائية ومناصب النيابة العامة من أعلى الهرم القضائي إلى أوله وهم بصفتهم العارفين بحكم القانون المؤهلين الوحيدين ليكونوا المستشارين القانونيين للجهاز الحكومي ابتداء من مكتب السيد الرئيس ومرورا برئاسة الوزراء والوزارات والإدارات المختلفة..
ففي إطار الحكم الرشيد وفي إطار سيادة القانون فإن العارفين بالقانون هم المرشدين المؤتمنين للجهات الحكومية المختلفة، فطالما أن الشعار الواجب العمل به هو أن المستشار مؤتمن فإن جزءا من الأمانة المهنية المفترضة هو معرفة هؤلاء جميعا بحكم القانون وتطبيقاته القضائية والتي من شأنها تجنيب صاحب القرار الإداري الوقوع في الأخطاء القانونية وبعض هذه الأخطاء قد يكون قاتلا ولا سبيل إلى إصلاحه.
من هنا يأتي دور نقابة المحامين الفاعل في الإشراف المتكامل على إنجاح هذا الامتحان بشقيه التحريري والشفوي لتأتي النتائج بما يتفق المجهود المقدم من المحامي المتدرب والأستاذ المدرب في ظل إعادة الهيبة لهذا الامتحان النوعي.
وبالخصوص لا بد من الإشارة إلى النقلة النوعية للترتيبات التي تمت بخصوص هذا الامتحان الأخير من خلال مشاركة مجلس القضاء الأعلى بوضع الأسئلة وكذلك المشاركة مع مؤسسات المجتمع المدني في مراقبة سير الامتحان التحريري لضمان النزاهة والشفافية والتي كانت موضع الإشادة من مؤسسة أمان وغيرها. ومع هذا تبقى المسائل الأساسية في هذا الامتحان محلا للبحث ضمن قاعدة أخرى مارستها خلال خبرتي الطويلة بأعمال المحاماة، وهي أن المحامي المتدرب الملتزم الناجح يعكس الوجه المضيء لأستاذه المدرب.
فهل هناك التزام من المحامين الأساتذة للإشراف الكامل على تدريب المتدربين المسجلين لديهم؟ وهل يتابعون معهم ويطلبون منهم الإطلاع والتحضير للدعاوي؟ وهل يتم النقاش القانوني ما بينهم وبين المتدربين؟ وهل يطلع الأستاذ المدرب على الملاحظات الخطية التي يسجلها المتدرب خلال حضوره جلسات المحاكمات المختلفة لإعطاء المتدرب إجابات دقيقة؟ هل هناك التزام من المتدرب بالتدرب من خلال ملازمة مكتب الأستاذ المدرب؟ هل لدى المتدرب كمبيوتر على طاولة مكتبه تمكنه من الإطلاع على القرارات القضائية؟ هل هناك حوافز لدى المتدرب تدفعه إلى الالتزام الدقيق بسنوات التدريب والأبحاث؟
من ناحية أخرى وفي إطار برامج المحاضرات ان يتم إلقاؤها من المحامين ذوي الخبرة والمعرفة فإن هذه المحاضرات يجب أن تكون عملية وليس نظرية فقط، فالنظرية يتلقاها الطالب المتدرب في الجامعة، والمطلوب أن يكون الأستاذ المحاضر قادرا على تطبيق هذه النظرية من خلال سوابق قضائية بما يعنيه هذا من ضرورة وضع كادر مالي لهؤلاء المحاضرين يطبق عليهم خصوصا وأن تحضير هذه المحاضرات العملية والنظرية يحتاج إلى الجهد والوقت.
يضاف إلى هذا ضرورة توفير المحامين ذوي الكفاءة والمعرفة بخصوص القيام بالتصحيح اللازم لأوراق الامتحان الكتابي وإعطاء المحامين اللذين يقومون بإجراء الامتحان الشفوي المعيار الموحد الذي يجب تطبيقه على جميع اللجان والمتدربين بما يضمن تساوي الفرص للجميع.
أشير أيضا أنه من الأهمية بمكان الإطلاع على تجارب نقابات المحامين في الدول العربية المحيطة كالأردن وتونس، حيث يتبين أن تجارب هذه النقابات مميزة ومحترمة ووفرت الفرصة الكاملة للإبداع وخلق جيل جديد قادر على البحث التأليف لإثراء المكتبة القانونية في فلسطين برسائل الدكتوراه الجادة التي لا تقوم على مجرد الاقتباس والنقل.
هناك الكثير مما يقال، ومع من الإشادة بما أنجز حتى الآن فإني لكي أدعو مجلس النقابة إلى تحضير مؤتمر ثاني على غرار مؤتمر أريحا السابق يشارك به مجلس التعليم العالي ووزارة التعليم العالي لوضع الضوابط الصحيحة بخصوص المناهج الجامعية القانونية اللازمة في فلسطين ومعدل دخول طلبة الحقوق إلى كليات الحقوق في فلسطين وغيرها من المسائل ذات العلاقة.
هذه المهنة الشريفة وعنوانها الحق والعدل تتطلب منا جميعا أكثر مما نعطي حاليا، ودولة القانون في فلسطين التي يبنيها إضافة للنظام السياسي الواجب قيامه على دولة المواطنة والحكم الرشيد فإنها بحاجة أيضا إلى العقول القانونية المؤهلة التي نحن جميعا بحاجة لها جميعا في كافة التخصصات.
شاركنا بتعليقك...