-->
علوم قانونية وادارية علوم قانونية وادارية

اخر المواضيع

جاري التحميل ...

الشفعة على ضوء الفقه والقانون والاجتهاد القضائي

الشفعة على ضوء الفقه و القانون والإجتهاد القضائي
مقدمة،
لقد نظم المشرع المغربي حق الملكية دستوريا حيث نص من خلال الفصل 35 من الدستور على ان الملكية حق مضمون ولا يمكن الحد من نطاقه وممارسته إلا بمقتضى القانون .
ويخول هذا الحق لصاحبه بمقتضى المادة 14 من مدونة الحقوق العينية حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه، وهذه السلطة لا يقيدها إلا القانون والاتفاق، ومن بين هذه القيود التي تحد من سلطة المالك على ملكه وتمنعه من ان يستعمله فيما يتعارض مع مصالح الجماعة نجد حق الشفعة وحق الأفضلية فيما يخص الملكية المشتركة وكذا بيع الصفقة .
وان هذه القيود لا تعد حدا لمبدأ تقديس حق الملكية بل على العكس من ذلك فهو تكريس للتوازن الذي يسعى القانون الى تحقيقه بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة.
ونجد ان أحكام الشفعة كانت مثناترة بين ظهير 2 يونيو 1915 الملغى وظهير 12 غشت 1913 المنظم لقانون الالتزامات و العقود، والفقه المالكي .
الأمر الذي كان يتسم لا فقط بازدواجية الأحكام بل وتناقضها أحيانا، وبصدور مدونة الحقوق العينية حاول المشرع المغربي لم شتات النصوص المنظمة لحق الشفعة، غير ان ما يعاب عليه هو إغفاله لتنظيم بيع الصفقة من خلال نصوص هذه المدونة .
ومن خلال دارستنا هذه سنحاول بحث كل من أحكام حق الشفعة وبيع الصفقة من خلال مدونة الحقوق العينية ومذهب الفقه المالكي.
وذلك من خلال التصميم التالي:
مقدمة
المبحث الأول: الشفعة
المطلب الاول : اركان الشفعة و أحكامها
الفقرة الاولى :أركان الشفعة .
الفقرة الثانية :أحكام الشفعة
المطلب الثاني :آجال ممارسة حق الشفعة و اجر ائتها.
الفقرة الاولى :اجل ممارسة حق الشفعة .
الفقرة الثانية :الإجراءات المسطرية للممارسة الشفعة
الفقرة الثالثة :آثار الشفعة
المبحث الثاني : الصفقة
المطلب الاول: شروط بيع الصفقة و آثارها
الفقرة الاولى: شروط الصفقة
الفقرة الثانية: آثار بيع الصفقة
المطلب الثالث: علاقة الشفعة بيع الصفقة
الفقرة الأولى: أوجه التشابه
الفقرة الثانية: أوجه الاختلاف
* * *
المبحث الأول: الشفعة
الشفعة في اللغة، من الشفع وهو ضم الشيء الى مثله، واصطلاحا حسب ابن عرفة المالكي (استحقاق شريك أخذ مبيع شريكه بثمنه)
كما عرفها المشرع في مدونة الحقوق العينية في المادة 292 كما يلي :
"الشفعة أخذ شريك في ملك مشاع حصة شريكه المبيعة بثمنها بعد أداء الثمن ومصروفات العقد اللازمة والمصروفات الضرورية النافعة عند الاقتضاء"
وتظهر مشروعيتها بالأساس في رفع ضرر الشياع الذي قد يحدثه شريك جديد غير مرغوب فيه وهو المشتري، ووضع حد لتجزئة العقار واستعمال الملك المشترك.
هذا و باعتبار الشفعة نظام قانوني فلها أركانها الخاصة بها وأحكام تميزها عن غيرها من الأنظمة التي قد تبدو مشابهة.
المطلب الاول : أركان الشفعة و أحكامها.
الفقرة الاولى : أركان الشفعة
أركان الشفعة أربعة:
1) الشفيع – 2) المشفوع منه – 3) المشفوع به – 4) الشيء المشفوع
أولا : الشفيع:
الشفيع هو من له الحق في استشفاع حصة شائعة في عقار مشاع او حق عيني مشاع، ولكي يتأتى للشفيع ممارسة حق الشفعة فلا بد من توافر مجموعة من الشروط التالية :
1. ان يكون شريكا بجزء شائع في العقار المطلوب شفعته، على ان يستمر هذا الشياع إلى تاريخ البيع كما أشار إلى ذلك ابن عاصم في التحفة بقوله:
وفي الأصول الشفعة مما شرع في ذي الشياع وبحد تمتنع1
وهذا الشرط أكدته كذلك مدونة الحقوق العينية في معرض تعدادها في المادة 293 لشروط صحة طلب الشفعة، فلا يمكن الحديث عن الشفعة في حالة انتفاء الشركة، وبالتالي فلا شفعة لجار خلافا لأبي حنيفة، ولا حتى الشريك بمساحة معينة أو جزء معين لان ذلك في حكم المقسوم .
وقد جاء في قرار لمجلس الأعلى- محكمة النقض حاليا – تحت عدد 8 الصادر بتاريخ 06-01-1998 ما يلي:
"اذا وقع البيع على بقعة ارض مفرزة، محددة المساحة ،فلا شفعة لانتفاع الشياع، لان كلا المالكين يعتبر جارا و لا شفعة لجار"2
وكما ان لا شفعة لمن كان شريكا وانتهت شركته، لإحدى الأسباب التالية:
بالهلاك الكلي للشيء المشاع شركته .
بيع الشركاء على الشياع حصصهم لأجنبي ، او بيع فريق منهم حصصهم لأحدهم أو بتبرعهم عليه بتلك الحصص
بإجراء قسمة بتية في الشيء المشاع لا قسمة المنفعة .
-------------------------
1 ذ سليمان الحمزاوي ، أحكام الشفعة و الصفقة ،سلسلة دروس المعهد -1983ص11
2 ذ محمادي لمعكشاوي ، المختصر في شرح مدونة الحقوق العينية الجديدة على ضوء التشريع و الفقه و القضاء ، مطبعة النجاح الجديدة - الدار البيضاء ص 232
2. أن يكون تاريخ تملك الشفيع للجزء المشاع سابقا على تاريخ تملك المشفوع من يده للحصة محل الشفعة، اما اذا كان تاريخ تملكه لاحقا على تصرف شريكه فلا يثبت له حق الشفعة، و هذا ما أكده قرار المجلس الأعلى عدد 139 الصادر بتاريخ 07 فبراير 1979 الذي جاء فيه:
"لاحق للشريك في مواصلة الشفعة في شراء سجل في الرسم العقاري قبل شرائه بمقتضى الفصل 66 و 67 من ظ-ت-ع الذي ينص على ان كل حق عيني يتعلق بعقار محفظ يعتبر غير موجود بالنسبة الا الغير الا ابتداء من تسجيله في الرسم العقاري".
3. ان يكون حائزا لحصته في الملك المشاع حيازة قانونية أو فعلية ،
و معنى ذلك ان تكون ملكيته للجزء المشفوع به ثابتة ،و ليست محل منازعة من أي طرف ، اما اذا كانت محل منازعة من الغير كأن يكون الجزء المشفوع به ليست تحت يد الشفيع و انما بيد الغير و يدعي هذا الأخير ملكيته له ، ففي هذه الحالة لا يمكن للشريك ممارسة الشفعة الا بعد استحقاقه لنصيبه الشائع.
4. ان يكون الشفيع مليئا بالثمن : حيث يشترط في الشفيع ان يكون له المال الذي يشفع يوم البيع ،او داخل الأجل القانوني، سواء أكان هذا الشفيع محجورا عليه ، او مالكا لأمر نفسه حاضرا او غائبا.
وعلى الشفيع أيضا ان يثبت انه يوم وقوع البيع كان قادرا على أداء الثمن، و الصوائر التي أداها المشفوع منه للحصول على ذلك الشقص، بل انه لا يحكم للشفيع و لو قدم كفيلا يضمن أداء الثمن عند الأجل المطلوب ، أو طلب أجل متى كان عاجزا عن دفع الثمن .
5- ان يكون شريكا في الرقبة :لأن العبرة في الشفعة بتملك جزء مشاع في الرقبة اذا كان المشفوع جزءا منها 1
فلا يكفي ان يكون مالكا لحق الارتفاق، وعلى هذا الأساس فلا شفعة لمن سيأتي ذكرهم :
- المحبس عليه لأنه يملك المنفعة دون الرقبة .
- ناظر الأوقاف لأنه لا يملك كذلك شيئا في رقبة الشيء المحبس.
- للموصى له بجزء شائع الذي سيولد ، و الذي باع شريكه حصته المشاعة في عقار الشركة ، لأنه لا يملك الشقص الذي يشفع به الا بعد ولادته كأبيه مثلا .
ثانيا : المشفوع منه:
هو من تملك الحصة المشفوعة في العقار او الحق العيني المشاع بعوض بصفة لازمة و اختيارية ، و المشفوع منه اما ان يكون شريكا في الملك المشاع و اما ان يكون أجنبيا عنه ، و اذا اتفق الفقهاء و على جواز الشفعة على الأجنبي فقد اختلفوا في جوازها ضد الشريك ، الا ان فقهاء المالكية اتفقوا على جوازها ضد الشريك و ضد الأجنبي و سندهم في ذلك ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قضى بالشفعة في كل ما يقسم بين الشركاء ، غير أنهم يرون ان الشركاء مراتب و بعضهم أولى من بعض ، كما ان مدونة الحقوق العينية قد أكدت هي الأخرى ذلك في الفقرة 3 من المادة 296 التي نصت عن حالة الشفعة ضد الشريك أي عندما يكون الشريك هو نفسه المشتري .
--------------------
- 1 ذ سليمان الحمزاوي ، مرجع سابق ، ص17
وسواء أكان المشفوع من يده شريكا للشفيع أو أجنبيا عنه فإن موقفه لا يخلو من أحد الأحوال التالية عندما يواجه بطلب الشفعة فهو :
- إما ان ينكر الشركة و الشراء معا .
- و اما ان ينكر الشراء فقط و يقر الشركة .
- اما ان ينكر الشركة و يقر بالشراء .
- و اما ان يقر بهما معا .
- و اما ان يدعي انه اشترى مقسوما قسمة بتية .
- و اما ان يدعي نسيان الثمن لطول المدة .
- و اما ان يدعي اسقاط الشفعة و التنازل عنها بعد الشراء.
- و اما يدعي كونه قام بتفويت الشئ المطلوب شفعته بالتبرع او بعوض او بالقسمة او بالاقالة 1
ثالثا: المشفوع به:
المشفوع به هو ما يدفعه الشفيع الى المشتري المشفوع من يده عوضا عن الثمن الذي أداه هذا الأخير للبائع مقابل الحصة المطلوب شفعتها، والشفيع لكي يثبت له حق الشفعة فيجب عليه ان يؤدي للمشتري ما خرج من يده ثمنا، و صوائر وقيمة التحسينات، لقول صاحب التحفة:
وما ينوب المشتري فيما اشترى يدفعه له الشفيع محضرا 2
و هذا ما أكده المشرع من خلال المادة 292 من مدونة الحقوق العينية بعبارة :" بعد أداء الثمن و مصروفات العقد اللازمة و المصروفات الضرورية النافعة عند الاقتضاء
-----------------
1 الاقالة هي رجوع الثمن للمشتري و المثمن للبائع .
2 ذ عادل حاميدي ، التصرفات الواردة على العقار غير المحفظ بين الفقه الاسلامي و الفراغ القانوني ، المطبعة و الوراقة الوطنية – مراكش ،2006 ،ص80
هذا ومادامت مدونة الحقوق العينية قد حصرت نطاق الشفعة في الملك المشاع الذي انتقل للمشتري عن طريق البيع دون المعاوضة وهذا ما يستنتج من نص المادة 295 و 296 التي اقتصر على عبارة "البيع"، فلم يعد هناك مجال للحديث عن المشفوع به القيمي أي العوض غير المالي .
رابعا: المشفوع فيه:
او الشيء المشفوع وهو الشيء محل الشفعة اما عقار سواء كان قابلا للقسمة أو لا، أو حق عيني قابل للتداول، وذلك بموجب المادة 298 من مدونة الحقوق العينية التي جاء فيها :
" تكون الشفعة في العقارات سواء كانت قابلة للقسمة ام غير قابلة للقسمة ام غير قابلة لها و تكون في الحقوق العينية القابلة للتداول ".
هذا و قد نصت كذلك المادة 284 من نفس القانون على جواز ضم كل ما حق الهواء و التعلية لملكية السفل ، و حق السطحية والزينة لملكية الرقبة عن طريق الشفعة لكن فيما يبيع عنها لأجنبي .
أما العقارات التي يجوز شفعتها والتي كانت محل اختلاف بين الفقهاء فان المادة 298 السالفة الذكر تنص على جواز الشفعة فيها سواء أكانت قابلة للقسمة أو غير قابلة لها، لكن على الرغم من كون الشيء المشفوع عقار قابل للقسمة أو لا أو حق عيني قابل للتداول فلا يجوز ممارسة الشفعة عليها إلا إذا تعلق الأمر ببيع رضائي دون البيع القضائي، وبذلك حسمت مدونة الحقوق العينية بمقتضى المادة 302 الجدل الواسع الذي ساد أوساط الفقه والقضاء بين مؤيد ومعارض لمسألة ممارسة حق الشفعة في البيع القضائي، فقد نص المشرع في المادة السالفة الذكر على ما يلي:
"اذا بيعت الحصة الصناعة في المزاد العلني وفق الإجراءات المنصوص عليها في القانون فلا يجوز أخذها بالشفعة".
كمـا ان الحصـة التـي تـم تفـويتـها تبرعـا او قدمـت فـي صـداق او خلـع لا يجـوز ان يمـارس عليهـا حق الشفعة طبقا لنـص المـادة 303 من مدونـة الحقـوق العينية ما لم يكتنفه تحايل أو صورية .
الفقرة الثانية :أحكام الشفعة.
يعتبـر حـق الشفعـة من بين أهـم المواضيـع التي أفـاض فقهـاء الشريعـة الإسلاميـة في تنظيـم أحكامهـا، وقـد عمـل المشـرع المغـربي مـن خـلال مدونـة الحقـوق العينيـة علـى توحيـد أحكام الشفعة لتطبق على العقار المحفظ وغير المحفظ دون تمييز ما عدا في حالات خاصة، ومن بين أهم المستجدات التي تضمنها القانون الجديد بهذا الخصوص نجد مسألة تعدد الشفعاء ومراتبهم وكـذا التنصيـص علـى عـدم جواز تبعيض الشفعة .
1. تعدد الشفعاء و مراتبهم :
لا نكون بصدد تزاحم الشفعاء إلا إذا تعدد الشركاء ، إما عندما يكون المال المشاع مشتركا بين اثنين فقط فان كل واحد منهما يستحق شفعة جميع ما يفوته الأخر من نصيبه . 1
وللإجابة عن هذا التساؤل يجب التمييز بين فرضيتين :
------------------------------------
1 مثلا لو كان العقار مشتركا بين شخصين و باع أحدهم نصيبه لمشتري أجنبي فيحق للشريك الأخر ممارسة حق الشفعة وحده بحيث لا يزاحمه اي احد فيها.
الفرضية الأولى : الشركاء متساويين في استحقاق الشفعة:
يكون الشركاء متساويين في استحقاق الشفعة إذا كان سبب تملكهم واحد ،و ذلك بان يكون مدخلهم واحد كالشراء أو الإرث أو الوصية أو غيره من أسباب كسب الملكية بحيث يكون لكل واحد منهم حق طلب الشفعة في الحصة المبيعة لان سبب تملكهم واحد، لكن إذا كانت حظوظ الشركاء - الأنصبة أو الحصص – المتزاحمين على الشفعة متفاوتة، مثلا عقار شائع بين 3 شركاء يملك احدهم النصف والثاني السدس والثالث الثلث، فهل يقسمون الشيء المشفوع - بعد بيعه من قبل احدهم – على ثلاثة، أم بحسب نصب كل واحد منهم 2
في هذا الإطار ذهب الفقه المالكي إلى أن الشفعة بين الشركاء على قدر حصصهم أن يأخذ كل شريك منهم بقدر نصيبه كما قال ابن عاصم في تحفة الحكام:
والشركاء للشفيع وجبا ان شفعوا معه بقدر الأنصبة .
ما يعني ان الشركاء للشفيع في الشفعة، إنما يشفعون بقدر الأنصبة أي كل بقدر حصته في الشركة لا بحسب عدد الرؤوس .
وقد أكدت هذا المقتضى الفقرة الثانية من المادة 296 من م ح ع " اذا تعدد الشركاء كان لكل واحد منهم الأخذ بالشفعة بقدر حصته في الملك المشاع يوم المطالبة بها..... كما جاء في الفصل 974 منق.ل.ع
"ولكل من المالكين على الشياع ان يشفع بنسبة حصته....."
------------------------------------
2 عادل حميدي التصرفات الواردة على العقار غير المحفظ بين الفقه الإسلامي و الفراغ القانوني ، الطبعة الاولى اكتوبر 2006 ،ص96
اما اذا كان المشتري احد الشركاء، كما لو كان العقار مشتركا على الشياع بين عدة أشخاص وباع احدهم نصيبه لأحد الشركاء فان الشركاء الآخرين يستحقون الشفعة فيما باعه شريكهم، ولو كان هذا المشتري المشفوع منه احد الشركاء، ويترك له ما يساوي نصيبه على فرض انه شريك غير مشتر1
وهو ما عبرت عنه الفقرة الأخيرة من المادة 296 من مدونة الحقوق العينية بقولها:
" اذا كـان المشتـري احـد الشـركاء فلكل شريك في الملك ان يأخذ من يده بقدر حصته في الملك ، و يترك للمشتري نصيبه بقدر حصته في الملـك، ويترك للمشتري نصيبه بقدر حصته ما لم يعرب عن رغبته في التخلي عنها".
الفرضية الثانية: اختلاف مراتب الشفعاء
اذا تعدد الشفعاء واختلفت مراتبهم، كان ترتيبهم في الأخذ بالشفعة على الشكل المنصوص عليه في المادة 297 من م.ح.ع. التي جاء فيها:
"اذا اختلفـت مراتب الشفعاء كان ترتيبهم في الأخذ بالشفعة على الشكل التالي:
يقدم من يشارك البائع في السهم الواحد في الميراث على من عداه، فان لم يأخد انتقل الحق الى باقي الورثة ثم الموصى لهم، ثم الأجانب، ويدخل كل واحد من هؤلاء مع من يليه في شفعته دون العكس، وينزل المشتري منزلة البائع والوارث منزلة المورث في الأخذ بالشفعة".
--------------------
1 عادل حاميدي ، م س ص 99
ومن خلال هذه المادة يكون المشرع قد حدد حق الأولوية في ممارسة حق الشفعة، والذي يجعل بعض الشركاء أولى من البعض في استحقاق الشفعة ، بمعنى ان الشركاء يصبحون في درجات متفاوتة بحيث لا تستحق الدرجة السفلى الشفعة إلا إذا تنازلت عليها الدرجة العليا .2
وعليه اذا باع احد الشركاء على الشياع نصيبه لشخص اجنبي في عقار وبقي من الشركاء الذين لم يبعوا شيئا من حصصهم في الملك المشترك من بينهم شركاء في السهم الواحد ومن بينهم عصبة ومن بينهم موصى لهم ومن بينهم شركاء غير وارثين ولا موصى لهم، فان ذوي السهم أولى من العصبة، وهؤلاء أولى من الموصى لهم ،وهؤلاء أولى من الشركاء الأجانب. 3
مثال ذلك رجل توفي وترك زوجتين وبنتين وابني عم، مع العلم ان الهالك كان شريكا على الشياع مع شخصين اثنين .
• فاذا باعت إحدى الزوجتين نصيبها إلى شخص أجنبي عن التركة المشاعة، فان التي لها حق الاولولية في الشفعة هي الزوجة الثانية دون بقية الشركاء، لأنهما تشتركان معا في سهم واحد من سهام التركة وهو الثمن.
• و إذا باعت إحدى البنتين نصيبها فالشفعة للبنت الثانية دون الباقي.
• أما إذا باع احد ابني العم نصيب فللثاني شفعة ذلك النصيب رفقة الزوجتين و البنتين، كل بقدر نصيبه في التركة، وذلك لان الوارث بالفرض يدخل على الوارث بالتعصيب ولاعكس.
--------------------
• 2 و هو ما عبر عنه الامام مالك في المدونة الكبرى بقوله:" اذا كان اهل سهم ورثوارجل وورث معهم عصبتهم ، فباع اهل السهم حصته ، فأهل السهم احق بالشفعة من عصبته ، و ان باع احد من العصبة حصته ، فاهل السهم و العصبة في الشفعة جميعا لان اهل السهم هم اهم شيء مسمى في كتاب الله ،و العصبة ليس لهم ذلك مسمى و ليس لهم سهم مسمى.
• 3 محمد محجوبي ،م س ص 148
• وإذا فوت احد الشركاء الأجانب حصته فان لجميع الشركاء ممارسة الشفعة كل واحد بقدر نصيبه.
• والخلاصة ان ترتيب الشفعاء بحسب المادة 297 من مدونة الحقوق العينية يكون على الشكل التالي :
- أصحاب الفروض أوالسهام
- الورثة بالتعصيب.
- الموصى لهم .
- الشركاء الأجانب عن الورثة .
ويجب التذكير بان أصحاب السهام يدخلون على أصحاب التعصيب وعلى الموصى لهم وعلى الشركاء الأجانب، ولا عكس، مع الإشارة إلى انه ينزل المشتري منزلة البائع، والوارث منزلة مورثه في الأخذ بالشفعة، وإذا تنازل أصحاب طبقة عن الشفعة انتقل حقهم فيها إلى الطبقة التي تليهم، ويقدم دائما الشريك الأخص على الشريك الأعم .
و قد أكدت محكمة النقض على هذا الترتيب في العديد من قراراتها من بينها القرار رقم 196 الصادر بتاريخ 11 فبراير 1986 الملف العقاري عدد 99630.
"الزوجـة وارثـة بالفـرض كالبنـت البائعـة، لهـا حـق الأولـوية بالشفعة على الأخ لقول المختصر " ودخل الأخص على غيره كذي سهم على وارث "1
........................................................
1 عبد العزيز توفيق ، قضاء المجلس الاعلى في الشفعة خلال اربعين سنة الطبعة الاولى 1999، ص242
2. عدم جواز تبعيض الشفعة :
يتعين على الشفيع ان يمارس الشفعة بالنسبة إلى الحصة المتصرف فيها بكاملها، فقد ورد في الفصل 947 من ق.ل.ع:
"لكل من المالكين على الشياع ان يشفع نسبة حصته، فإذا امتنع غيره من الأخذ بها لزمه ان يشفع الكل".
ونص الفقرتين الأولى والثانية من المادة 296 من م.ح.ع
" ذا باع شريك حصته لأجنبي في ملك مشاع، فيجب على الشريك أن يأخذ الحصة المشاعة بكاملها أو يتركها.
إذا تعدد الشفعاء وكان لكل واحد منهم الأخذ بالشفعة بقدر حصته في الملك المشاع يوم المطالبة بها، فإذا تركها البعض، وجب على من رغب في الشفعة من الشركاء أخذ الحصة المتبقية بكاملها"
وهذا ما يعني انه في حالة تعدد الشفعاء يتعين ان تقع المطالبة بمجموع الحصة المبيعة فيوزعونها كل بنسبة حصته الشائعة، أما إذا امتنع البعض في الأخذ بالشفعة فعلى الباقين الحلول محلهم ، اي على شريك الذي يريد ان يشفع من بينهم ان يشفع الكل او يدع، إلا إذا وافق على ذلك المشتري ، لما في ذلك من مخالفة قاعدة عدم تبعيض الشفعة.
وهو ما أشارت إليه محكمة النقض في عدة قرارات منها القرار عدد5629الصادر بتاريخ1 نونبر1995في الملف المدني5057/92الذي جاء فيه :
" من حق المشفوع من يده ان يطالب الشفيع بأخذ كامل الحصة المبيعة والا سقط حقه في الأخذ ببعضها، والقرار الذي قضى بالشفعة في جزء من الحصة المبيعة يكون غير مؤسس ومعرضا للنقض 2"
........................................................
2- عبد العزيز توفيق ،م س، ص 162 2 عبد العزيز توفيق ،م س، ص 150
وقد نصت المادة 299 من م ح ع على انه:
"اذا بيعت الحصة التي تجوز فيها الشفعة فيها عدة مرات قبل انصرام اجل الشفعة، فللشفيع ان يأخد من اي مشتر بالثمن الذي اشترى به ويترتب على ذلك بطلان البيوع اللاحقة"
كما اذا بيعت الحصة التي تجوز الشفعة فيها بأكملها او اجزاء منها او عدة حصص شائعة بعقد واحد - اي صفقة واحدة - وجب على الشريك الراغب في الشفعة ان ياخذ جميع المبيع المشاع بينه وبين البائع من يد المشتري او ان يترك الجميع للمشتري سواء تعلق العقد بملك واحد او عدة املاك مشاعة وسواء اتحد البائع و المشتري او تعدد فلا يجوز تبعيض الشفعة الا اذا رضي المشتري بذلك (المادة 300 من م.ح.ع )، وهو ما اكدته محكمة النقض في القرار رقم 3398 صادر بتاريخ 5/07/1995 في الملف العقاري عدد 1009/93 الذي جاء فيه طلب الشفعة الذي اقتصر على الاخذ بها في ملك بيع مع غيره، يعتبرتبعيضا لها وتبعيض الشفعة في املاك بيعت صفقة واحدة غير مقبول "2
واذا بيعت اجزاء الحصة بعقود مختلفة فان الشفيع يخير بين أن يأخذها بكاملها وبين ان يأخذ بأي عقد شاء ويدخل معه في شفعته من قبله من المشترين.
وتجدر الاشارة الى انه في جميع الاحوال السالفة الذكر اذا بيعت الحصة المشاعة في المزاد العلني وفق الاجراءات المنصوص عليها في القانون فلا يجوز اخذها بالشفعة ،طبقا لمقتضيات المادة 302 من م. ح.ع.
المطلب الثاني : آجال ممارسة حق الشفعة و اجراءتها
توفر شروط الاخذ بالشفعة يجيز للشفيع ان يأخذ الحصة المبيعة من يد مشتريها لكن هذا الحق هو رهين ببمارسته داخل اجل قانوني وسلوك مجموعة من الاجراءات المسطرية .
الفقرة الاولى : اجل ممارسة حق الشفعة
يحق لكل شريك في ملك مشاع ممارسة حق الشفعة عند تفويت حصة شائعة من الملك المشترك الى الغير، غير ان هذا الحق يجب ممارسته داخل اجله القانوني وهذا الاجل يختلف بحسب ما اذا كان العقار محفظا او عقار غير محفظ او في طور التحفيظ .
أ‌- اذا كان العقار محفظا
فحسب مقتضيات الفقرة الأولى من المادة 304 من مدونة الحقوق العينية فإذا أقدم المشتري تبليغ من لهم الحق في الشفعة فان اجل هذه الأخيرة يسقط بعد مرور 30 يوما كاملة من تاريخ التوصل.
أما في حالة عدم قيام المشتري بإجراءات التبليغ، فحق الشفعة يجب ان يمارس داخل اجل سنة تبتدئ من تاريخ التقييد بالرسم العقاري وإلا سقط هذا الحق وذلك بحسب الفقرة الثانية من المادة 304 من م.ح.ع، فالعبرة من تاريخ تقييد عقد الشراء بالرسم العقاري بالنسبة لأجل سنة وليس من تاريخ ابرام العقد، وهذا المقتضى وضع حدا للاختلاف الفقهي والقضائي بخصوص الفقرة الاخيرة من المادة 299 من م.ح.ع التي اقرت على انه اذا كان العقار محفظا فان الحصة المشفوعة لاتؤخذ الا من يد المشتري المقيد بالرسم العقاري، اذا بيعت الحصة المشفوعة عدة مرات 1
---------------
1 الدكتور محمد خيري مستجدات قضايا التحفيظ العقاريفي التشريع المغربي صفحة 611
وبخصوص الاجل المذكور جاء في قرار صادر عن المحكمة الابتدائية بمراكش ما يلي :
"......... و حيـث ان البيـع كمـا هو ثابـت مـن مـوجـز عقـد الشراء .... قد انجـز بتاريخ 13/1/1992 و ان المدعيـن قـد تحقـق لهـم العلم بالبيـع منذ 1995 وهو الانـذار الـذي سبـق الاحتجـاج به مـن طـرف المدعيـن بتـاريخ 16/03/2004 دون ان يبـادروا الى ممـارسة حق الشفعة داخل اجل سنة / مما ترتب عنه سقوط حقهم في الشفعة "1
وقـد احسـن المشـرع المغربـي صنعـا عـن مـا عـوض اجـل 3 ايام الذي كـان منصوصـا عليه في الفصـل 32 من ظهير 2 يونيو 1915 الملغـى بأجل 30 يوما لما كان يثيره من عدة صعوبات باعتباره اجلا قصيرا يستعصي معه ممارسة حق الشفعة وما تتضمنه من ممارسة إجراءات طويلة.ويقول بعض الفقه ان اجل 3 ايام كان من وضع المستعمر الفرنسي في عهد الحماية قصدا منه ضياع حق الملكية على الشفعاء.
وتجـدر الإشارة إلى أن اجل 3 أيام المنصـوص عليه في الفصل 974 من ق.ل.ع ليس أجلا للممارسة الشفعة بل هو اجل للعرض العيني للثمن حيث جاء في مختصر خليل " أن أخذا أجلا ثلاثا للنقد" و المقصود " بان آخذ" إعلان الشفيع رغبته في الشفعة ولزومه بدفع الثمن نقدا او عينا خلال ثلات ايام2
-------------------
1 حكم عدد615 صادر بتاريخ 21/06/2005 عن ابتدائية مراكش – غير منشور
2 الدكتور محمد خيري مستجدات قضايا التحفيظ العقاريفي التشريع المغربي صفحة 611
ب‌- اذا كان العقارغير محفظ
بالنسبة للعقار الغير المحفظ فيجب ممارسة حق الشفعة داخل اجل سنة تبتدئ من تاريخ العلم بالبيع حسب مقتضيات المادة 304 من م.ح .ع وهذا الأجل جاء استنادا إلى الفصل 976 من ق.ل.ع الذي بدوره ينص على نفس الاجل وفي حالة عدم العلم بالبيع فمضي اربع سنوات من تاريخ ابرام عقد بيع حسب مقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة 304 من م.ح.ع و بالتالي وضع حد للقاعدة القائلة "الغائب على شفعته حتى يحضر و لو طالت غيبته".
ج‌- اذا كان العقارفي طور التحفيظ
بالنسبة لأجل ممارسة حق الشفعة بعقار في طور التحفيظ فبمضي سنة كاملة من تاريخ إيداع عقد الشراء إذا لم يتم تبليغ الشراء إلى الشفيع أما في حالة التبليغ فيجب ممارسة حق الشفعة داخل اجل ثلاثين يوما كاملة من تاريخ التوصل بالتبليغ .
في خضم المستجدات التي جاءت بها.م.ح.ع، فقد تم وضع حدا لاختلاف فقهي وقضائي بخصوص المطالبة بالشفعة هل يجب سلوك مسطرة التعرض أو مسطرة الإيداع طبقا للفصل 84 من ظ.ت.ع و ذلك بنص المادة 303 من.م.ح.ع التي جعلت انه لا شفعة إلا عن طريق التعرض عن مطلب التحفيظ.وهنا تثار إشكالية هل على الشفيع إن يتقيد بأجل التعرض أم اجل الشفعة؟وان افترضنا انه يجب عليه إن يتقيد بأجل التعرض وانقضى اجل هذا الأخير وأسس الرسم العقاري.هل تسري على حق الشفعة مسطرة التطهير؟أم انه نوع من حق خاص؟
وتجدر الإشارة إلى إن أجال الشفعة هي آجال سقوط لا اجال تقادم، و ذلك بحسب قرار المجلس الأعلى – محكمة النقض حاليا – و الذي جاء فيه:
"ان اجال الشفعة سواء منها الواردة في الفصلين31و32 من القانون العقاري لسنة 1915 المطبق على العقار المحفظ او الفقه الاسلامي ذات طبيعة واحدة هي انها اجال للسقوط لا للتقادم، لهذا فان هذه الاجال لا تخضع للانقطاع ولا تطبق عليها مقتضيات الفصل 381 من ق.ل.ع"
الفقرة الثانية :الإجراءات المسطرية للممارسة الشفعة :
ان الإجراءات المسطرية التي يتم إتباعها للأخذ بالشفعة تختلف بحسب ما اذا تمت بطريقة حبية او قضائية وكذا بحسب ما اذ تقدمت الدولة بالشفعة او غيرها.
أ‌- الوسائل الحبية للممارسة الشفعة
بالرغم من كون هذه الطريقة للممارسة الشفعة ناذرة إلا أنها تظل ممكنة عندما يبدي الشريك على الشياع رغبته في ممارسة الشفعة في الشقص المفوت ، فيتقدم الى المشتري ليبدي رغبته وديا في أداء الثمن والمصروفات التي سبق لهذا الأخير ان أداها.
وانه في هذه الحالة يمكن ان يتفق المشتري والشفيع على ان يصوغان هاته الشفعة في عقد.
والراجح فقها أن الإشهاد العدلي لا ينتج أي اثر قانوني في مجال الشفعة إلا اذا وقع بمحضر المشفوع منه، أو تم تبليغه إليه بصفته الشخصية، ما لم يكن في حالة غيبة1.
وتجدر الإشارة إلى ان الإشهاد بالشفعة يجب ان يكون مقترنا بالأداء او بإيداع الثمن والمصروفات وإلا لا يترتب عنه اي اثر في نقل الحصة المشفوعة.
--------------------
1- السعيد بوركبة ،الشفعة و مجالات تطبيقها، مجلة رسالة المحاماة العدد8،سنة 1991،ص118
ب‌- الوسائل القضائية للممارسة الشفعة
حيث فيما اذا لم يتم الأخذ بالشفعة بطريقة ودية، فان الشفيع يجد نفسه مضطرا للجوء الى القضاء وذلك وفقا لإجراءات مسطرية محددة وذلك عن طريق عرض عيني حقيقي للثمن المؤدى وكذا إيداع العرض العيني الحقيقي بصندوق المحكمة بالإضافة إلى ممارسة دعوى الشفعة.
أولا:مسطرة العرض العيني و الإيداع
لقد نصت المادة 306 من مدونة الحقوق العينية على انه:
"يجب على من يرغب في الاخذ بالشفعة ان يقدم طلبا الى رئيس المحكمة الابتدائية المختصة يعبر فيه عن رغبته في الاخذ بالشفعة ،ويطلب فيه الاذن له بعرض الثمن والمصروفات الظاهرة للعقد عرضا حقيقيا ثم بإيداعهما في صندوق المحكمة عند رفض المشفوع منه للعرض العيني الحقيقي وان يقوم بكل ذلك وإلا سقط حقه في الشفعة".
ومن خلال الفصل المشار إليه أعلاه نرى ان أول إجراء يجب القيام به من طرف طالب الشفعة هو الإعلان الصريح من طرفه عن رغبته في الأخذ بالشفعة وذلك بالتقدم بطلب إلى رئيس المحكمة الابتدائية في اطار الفصل 148 من قانون المسطرة المدنية يلتمس من خلاله الإذن له بعرض الثمن والمصروفات الظاهرة للعقد عرضا حقيقيا على المشتري مقابل شفعة الحصة التي اشتراها.
وفي حالة الاستجابة لهذا الطلب يصدر رئيس المحكمة الابتدائية أمرا يعين بموجبه مفوضا قضائيا يأمره بالانتقال إلى موطن او محل إقامة المشفوع منه ليعرض عليه المبالغ المالية وذلك طبقا للفصلين 172 و173 من قانون المسطرة المدنية علما انه من المفروض ان يكون الشفيع قد أودع هذه المبالغ بصندوق المحكمة مباشرة بعد صدور أمر رئيس المحكمة1، ويلزم طالب الشفعة بحسب المادة295 من مدونة الحقوق العينية بإثبات بيع الحصة المطلوب شفعتها إذا كان العقار غير محفظ، اما إذا كان العقار محفظا يتعين عليه إثبات تقييد البيع بالرسم العقاري.
وتجدر الإشارة إلى ان إعلان رغبة الشفيع في ممارسة الشفعة يجب ان يوجه إلى المشتري وليس من الضروري توجيهه إلى البائع لأن الخصم الحقيقي للطالب الشفعة هو المشتري وليس البائع وهكذا إذا توصل المشتري بالإعلان وقبل العرض العيني الحقيقي حرر عون كتابة الضبط في ذلك محضرا فيسلم الشفيع الثمن المعروض عليه وبذلك تنتهي إجراءات الشفعة عند هذه المرحلة.
والحالة الثانية وهي ان يتم رفض العرض العيني، وفي هذه الحالة يجب على طالب الشفعة ان يودع الثمن وتوابعه في صندوق المحكمة، قبل مواصلة إجراءات الشفعة.
ولقد حسم المشرع المغربي النزاع الذي كان دائرا بخصوص الثمن و المصروفات التي يجب إيداعها و ذلك من خلال المادة 306 هي تلك الظاهرة للعقد ، و ان هذه المبالغ لا يجوز استردادها الا بعد البث في الدعوى .
---------------------------
1الشفعة في العقار المحفظ بين ظهير 2 يونيو 1915 و مدونة الحقوق العينية "محمد نبيل حرزان
ثانيا:تقديم دعوى الشفعة
يتقدم بهذه الدعوى طالب الشفعة بعد استيفائه لمسطرة العرض العيني ،و ذلك برفعه مقال أمام المحكمة الابتدائية التي يقع داخل نفوذها العقار موضوع الشفعة طبقا للفصل 27 من قانون المسطرة المدنية.
ويتضمن المقال البيانات اللازمة من بيانات كل من الشفيع الذي يعتبر بمثابة مدعي وكذا بيانات المشتري – المدعى عليه-، واما البائع فليس هناك ما يستلزم إدخاله كطرف رئيسي في الدعوى إلا انه يفضل ان تكون الدعوى بحضوره والبيانات الكافية لتعيين العقار موضوع الشفعة، ومقدار النصيب الذي يطلب شفعته وتاريخ انتقاله إلى المشفوع منه أو تاريخ علمه بهذا الانتقال، ويرفق لزوما بالوثائق المدعمة لطلبه ونذكر منها مدخل التملك، المحضر المثبت لإيداع المبالغ بصندوق المحكمة والوصل وذلك داخل الأجل المحدد قانونا.......
وهكذا جاء في حكم عدد 2631 صادر عن المحكمة الابتدائية في مكناس بتاريخ 13/11/2006 في الملف عدد 3282/04/2004 ما يلي :
" .... بناء على المقال المرفوع من طرف السيد .......... والذي عرض فيه انه يملك مع المدعى عليهما ومع البائعين الأرض الفلاحية ..البالغة مساحتها هكتار واحد وربع الكائنة ....وان المبيع انجز الى البائعين بتاريخ 4/11/1998، والذي يثبت صفة و مصلحة المدعي وانه محق في الاخذ بالشفاعة في حدود منابه الذي هو 688 جزء من مجموع 3744 جزء ملتمسا الحكم باستحقاقه لشفعة المبيع في حدود منابه ......"1
1 إجراءات ممارسة الشفعة في العقار المحفظ – غزلان نادير.
وعند صدور الحكم لصالح الشفيع وصيرورته نهائيا فآنداك يقوم المحافظ بتقييده في الرسم العقاري و بالتالي تنتقل الملكية في اسم الشفيع.
وحيث ان المشرع المغربي اذ اكان قد وحد الإجراءات المتخذة للأخذ بالشفعة في العقار بين العقار المحفظ والعقار الغير محفظ، فان طلب الشفعة في العقار في طور التحفيظ كما سبقت الاشارة الى ذلك لا يعتد به بحسب المادة 305 من مدونة الحقوق العينية الا اذا جاء في شكل تعرض بمطلب التحفيظ.
ج- خصوصية الإجراءات المسطرية لشفعة الدولة:
لقد استحدث المشرع المغربي حقا خاصا لفائدة الدولة سماه بحق الشفعة قصد محاربة التصريحات الصورية بمناسبة التفويتات الواقعة على الملكيات العقارية، والغاية من هذا النوع من الشفعة هو الحصول على رسوم اكثر فائدة للخزينة العامة، وتجدر الإشارة بان الغاية من تقرير حق الشفعة لفائدة الدولة يختلف عن الغاية من تقريرها لفائدة الخواص، فتنظيم حق الشفعة لفائدة الدولة يهدف الى مكافحة النقصان في الاثمنة المصرح بها بمناسبة كل تفويت عقاري، وان الدولة لا تسعى الى ممارسة حق الشفعة الا اذا لم تتمكن من الحصول على حقوقها عن طريق المراضاة 2
ومن بين انواعها حق الشفعة المخول لادارة الضرائب بمقتضى المادتين 143و218 من المدونة العامة للضرائب والتي لابد لسلوكها من مجموعة من الاجراءات المسطرية وفق للمادة 217 من نفس المدونة.
-----------------
-محمد حرزان الشفعة في العقار المحفظ بين ظهير2 يونيو 1915 و مدونة الحقوق العينية ص59و60
ضرورة ممارسة حق الشفعة خلال اجل 6 اشهر كاملة ابتداء من تاريخ تسجيل التفويت بإدارة التسجيل
ضرورة الالتزام بتبليغ مقرر الشفعة وفق الإجراءات المحدد في المادة 219 من المدونة العامة للضرائب الى اطراف العقد و كذا باقي الأشخاص من قضاة التوثيق و المحافظين المحددين بمقتضى المادة 219 .
ضرورة أداء الثمن من قبل الإدارة و يتسلمه المفوت له خلال شهر الموالي لتبليغه المقرر بالإضافة الى رسوم التسجيل و 5% من الثمن المصرح به .
الفقرة الثالثة : اثار الشفعة و سقوطها
عند استجماع الشفعة لجميع شروطها وسلوك اجرائتها المسطرية على اكمل وجه تنتج عدة آثار تطرق اليها المشرع في م.ح.ع اضافة الى اسباب سقوطها .
أ‌- اثار الشفعة
تطرقت المادة 307 من م.ح.ع الى الحالة التي يتم فيها التراضي على الاخذ بالشفعة او بصدور حكم من المحكمة يقضي باستحقاق الشفيع للشفعة اذ بمقتضى الحالتين معا يمتلك الشفيع الحصة المبيعة.
ب‌- التصرفات التي ترد على الشيء المشفوع من قبل المشفوع منه
قد يتصرف المشفوع منه في الشقص الذي انتقل اليه من البائع عن طريق البيع كالزيادة فيه او إضافة بعض التحسينات.
وذهبت المادة 308 من م.ح .ع للتطرق للبنايات والاغراس التي يكون المشفوع منه قد أحدثها في الحصة المبيعة وميزت بين حالتين :
1- الحالة الاولى: اذا تم احداث بنايات واغراس قبل اعلان الشفيع رغبته في الاخذ بالشفعة فهنا قضى المشرع بتطبيق الاحكام المتعلقة بالبناء و الغرس في ارض الغير باذنه في حق المشفوع منه، حيث ان هذا الاخير يعتبر حسن النية و بالتالي على الشفيع ان يؤدي القيمة التي يساويها ذلك البناء او الغرس اضافة الى ثمن الاستشفاع .
2- الحالة الثانية : اذا تم احداث بنايات واغراس بعد اعلان الرغبة في الاخذ بالشفعة في هذه الحالة تطبق في حق المشفوع منه الاحكام المتعلقة بالبناء والغرس في ارض الغير دون اذنه، وبالتالي فالشفيع يخير بين مطالبته بهدم ما بني أو قلع ما غرس على نفقته أو إن يتملك البناءات و الاغراس بقيمتها 1
وهذا الاتجاة هو المعتمد في الفقه المالكي فالمشفوع منه هنا يعد سيء النية و في هذا الاطار جاء قرار صادر عن محكمة الاستئناف بمراكش مفاده " الباني او الغارس سيء النية يطلب منه ازالة ما بناه او غرسه او يأخد عوضا عنه قيمته "1
ومن خلال الحالتين السالفتين الذكر نستنتج ان هذا ما كرس المشرع في مقتضيات المادة 237 من مدونة الحقوق العينية.
-----------------
-محمد حرزان الشفعة في العقار المحفظ بين ظهير2 يونيو 1915 و مدونة الحقوق العينية ص59و60
3- النزاع حول الغلة في الشفعة:غلة الحصة المشفوعة من تاريخ الشراء الى تاريخ الشفعة تكون حسب الفقه المالكي من نصيب المشتري لا للشفيع و هذا ما نهجه المشرع المغربي من خلال المادة 309 من م.ح .ع التي نصت ان المشفوع منه غير ملزم برد ثمار الحصة المشفوعة للشفيع الا من تاريخ المطالبة بالشفعة وسبب استحقاقه للغلة هناهو كون الحصة المشفوعة لا تنتقل الى الشفيع الا بصدور حكم نهائي او بدفع الثمن او اشهاد لدى العدول، لقول خليل " و ملك بحكم او دفع ثمن او اشهاد ".
ج- سقوط حق الشفعة .
كما يشترط للاخذ بالشفعة توفر اسباب معينة كذلك يسقط الحق فيها لاسباب معينة وحسب مقتضيات المادة 311 من م.ح.ع والتي تطرقت لاسباب سقوط حق الشفيع في الاخذ بالشفعة لكن على سبيل المثال لا الحصر لذا ارتئينا إرجاع سقوط حق الشفيع في الاخذ بها وثانيهما هو التنازل عنها ممن يعينه الامر.
1- سقوط الحق في الشفعة لانعدام شرط من شروطها:
بمفهوم المخالفة فان حق الشفيع يسقط اذا انعدم شرط من الشروط السالفة الذكر وفق الاحوال الاتية :
• اذا لم يكن الشفيع مالكا للجزء الذي يشفع به من العقار الذي تم تفويت حصة شائعة منه الى الغير فلا شفعة كمن باع حصته التي يشفع بها فلا يحق له ممارسة الشفعة لانه لم يعد شريكا وانما اصبح اجنبيا عن باقي الشركاء حتى ولو كان لا يعلم ان شريكه قد باع حصته قبله و هذا ما اشارت اليه الفقرة الاخيرة من المادة 311 من م.ح.ع .
• اذا قدم طلب الشفعة بعد القسمة عملا بحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه ان رسول الله صلى عليه و سلم " قضى بالشفعة في كل ما لم يقسم فاذا وقعت الحدود و صرفت الطرق فلا شفعة " لان كلا من الشركاء قد صار بعد القسمة جار و الجار عندالشافعية و المالكية لا شفعة له .
• اذا انقضى الاجل القانوني للاخذ بالشفعة .
2- سقوط الحق في الشفعة بسبب التنازل عنها:
يعتبـر الشفيـع غيـر ملـزم بالأخـذ بالشفعـة لـذا بامكانـه ان يتنازل عنها ان هو اراد ذلك وقد يكون التنازل صريحا او ضمنيا فالأول كما لو قال الشفيع اني أتنازل عن حقي في الشفعة او شيء من هذا القبيل وقد يكون هذا التنازل بعوض او بدونه اما التنازل الضمني فيتخذ صورة مختلفة كما اذا قام الشفيع نفسه بالبيع نيابة عن شريكه البائع ولم يبدي اي اهتمام للمطالبة باسترداد الحصة المبيعة. والتنازل عن الشفعة قد يقع قبل البيع وقد يقع بعده، فاذا تنازل الشفيع قبل البيع فان حقه في الشفعة لا يسقط و يبقى له الحق في شفعة نصيب شريكه بعد وقوع البيع لانه تنازل عن الحق قبل وقوعه كما جاء في قول الكساني " من اسقط حقا قبل وجوبه لم يلزمه" امـا اذا وقع التنازل بعد وقوع بيع فان ذلك يلزمه وهذا ما أكدته فقرة الاولى من المادة 311 من م.ح .ع حيت جاء فيها:
" يسقط حق الشفيع في الاخذ بالشفعة.
- إذا تنازل عنها صراحة بشرط أن يحصل هذا التنازل بعد ثبوت حقه فيها.
وحق الشفعة لا يسقط بموت الشفيع وانما ينتقل الى الورثة بنفس الشروط بما في ذلك ما بقي من الاجل الاخذ بالشفعة


شاركنا بتعليقك...

التعليقات



، اشترك معنا ليصلك جديد الموقع اول ً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

احصائيات الموقع

جميع الحقوق محفوظة

علوم قانونية وادارية

2010-2019