-->
علوم قانونية وادارية علوم قانونية وادارية

اخر المواضيع

جاري التحميل ...

مدونة الأسرة بين الثوابت والمتغيرات



المقدمة
ظهرت الأفكار الداعيـــة إلى مراجعة الأحكــام المنظِّمة للأحوال الشخصية أو الأسرة منذ بداية القرن الماضي. وفي نفس التاريخ تقريبا صــــدرت نصوص بالصياغة التشريعية الحديثة، كانت أولها مجلَّة الأحـوال الشخصية التي أصدرها الخليفة العثماني عام 1917، وتناولت الزواج والطلاق وتتابع بعد ذلك صدور مـــدونات الأحوال الشخصية في أكثر الدول الإسلامية مع تعديلات متتالية لبعض موادها، يتفاوت مضمونها من مدونة إلى آخري وقد نتج هذا التفاوت عن التيارات الفكرية الرائجـة في المجتمعــات الإسلاميــة والتي يمكـن تصنيفها إلى :
- التيار المحافظ الذي يتمسك بصورة تكـــاد تكون مطلقة بأحكام الأحوال الشخصية كما هي مدونة في المذهب المطبق في القطر المعني، ويعـــارض حتى إمكانية اقتباس بعض الأحكـــام من أحـــد المذاهب الفقهية الأخرى.
- التيار الإصلاحي الذي يرى في الاجتـــهاد الفقهي المذهبي تراثا لا غنى عنه؛ غير أن تغير ظروف الحيــــاة الاجتماعية يفرض الاستفادة من كل المـذاهب الفقهية واقتباس مــا يبدو من أحكـــامها محقّقا للمصلحة في الواقع المعاش، فضلا عن إمكانية تجاوز كل المذاهب والرجوع مبــاشرة إلى نصوص الكتاب والسنــة وتفسيرها بغير ما فسرتها به مراجع الفقه المذهبي.
- التيار العلماني الذي يمكن نسبة تأسيسه إلى مصطفى أتاتورك إثر قيامــه بثورته عام 1922. وهذا يدعو إلى قطع الصلة نهائيا بالموروث الفقــهي وحتى بنصوص الكتاب والسنة التي وردت فيها بعــض الأحـــكام المتعلقة بالأسرة التي يعيشها، بعيدا عن الوصاية الفقهية أو المرجعية الدينية.
والتيارات الثلاثة كانت حاضرة كلها في الجهود المبذولة لتطوير قوانين الأحوال الشخصية طيلة القرن الماضي وفيما مضى من القرن الحالي، وإن كان تأثيرها متفاوتا فيما تطبقـه كل دولة إســــلامية من أحكــــام الأســــرة.
ولا يمكن عملياً أن نتناول في هـــذا البحث التعرض لكل إشكــالات التنزيل لنصوص المدونـــة أو إشكــــاليات التطبيق بعد مرور "10" سنوات من صدورها فلا مجال لتأصيل الأحكام الجزئية وكل حكـــم بادلته الخاصــة ، وبما أستند عليه قضاء الأسرة في التفسير للتطبيق وعلى مستوى درجات التقاضي  ،وبتتبع  المســـار التاريخي الذي عرفته المملكـــة المغربية في العمر الزمني التشريعي لمــــدونة الأحوال الشخصية وكيف كــــانت ما قبل سنة 1957 وصولاً إلى تعــــديلات 1993م ثم التعديل الأخير وإصدار مدونة الأسرة 2004م وإشكالاتها على مستوى النص والتطبيـــق والتي أدت الآن في عــــام 2014 إلي ضرورة التدخـــل وتعديل جــديد آخر فرض نفســـه بسبب الثغرات والفراغ التشريعي في قـــانون الأســـرة عصب المجتمـــع ومحركـــه الرئيسي ،سنستنتج شيئاً واحــداً لا خـــلاف عليه بين الجميع بأن الاتجاهات السياسية هي من لعبت الدور البارز في كـــافة مراحـــل الصياغة والغاية كانت خلـــق التوافق السياسي الذي بدوره يعكس التوافق المجتمعي .
وما كان سبباً بالأمس في خلق توافــــق بين مكونات الصياغـــة والتنزيل والذي أنتج نصــــوص للإرضاء من أجل المهادنة المؤقتة لإنجاز موضوع هام وهو صدور مدونة الأسرة بشكلها الحالي تحت ضغط رهانات داخلية والتزامات دولية ،والتي يبدوا أنها حققت الغاية الآنية لحل إشكـــاليات تلك المرحلة ،وفي تغافل عما سيسببه ذلك من نتائج سلبيـــة على الأمــــد البعيد " مثلاً الفراغ التشريعي الذي سببته آلية التنزيل للمادة 16 من المدونة "
وربما يكون اليوم ذات السبب يدعـــوا الجميع للتوافق و باختلاف المفهوم وأدوات التطبيق وحتى  آليات إصدار التشريعات عموماً ،فبالنتائج التي وصل إليها العمل القضائي خـــلال عشر سنوات من المدونة ، وكذلك التطورات التي شهــــدتها المنطقة المغاربية وانتشار التيارات ذات الطـــابع الإسلامي المتطرف وبحثها الدائم لثغرات تستند عليها لتمرير مخططات الفتنة وتفكيك ومحــاربة الدولة المدنية ومؤسساتها لفكرة الدولة الدينية .
وكل ذلك وغيره من الأسبــــاب والضرورات يفرض تناول هذا الموضوع بتجرد من أي انتماء حداتي أو أصولي وبمنهج الباحث القانوني الموضوعي وقسمت هذا العرض إلي مبحثين :-
الأول / إشكالات التنزيل وأثارها .
الثاني / أهمية التعديل وآلياته .



المبحث الأول : إشكالات التنزيل وآثارها .
من الملاحظ على عديد الكتابات المتخصصة التي واكبت صدور المدونة في 2004م ، أنها أشارت إلى جـــملة من الانتقادات والمخاوف التي حذرت من عـــدم وضوح النصوص في بعـــض المســائل والهاجس هــــو كيف سيكون حــال العمـــل القضــــائي في ظـــل نصوص متداخــلة وغير قطعية الأحكــام ، ممــا سيتسبب في ثغــرات وتضارب ستبينه الانتقادات والنتائج العملية التي واكبت العشرية الأولى للعـــمل بالمدونة ، الآمــر الذي يجعـــــلنا نربط الماضى بالحاضر ونستعرض الظروف التي صاحبت تعـــديل 1993م وأثرها في المطلب الأول ،ونستعرض الظروف التي أدت إلى صدور مـــدونة الأسرة 2004م في المطلب الثاني .
المطلب الأول : تعديل  93 الأسباب وآلية التنزيل  .
من المسلمات أن قــــوانين الدول عبر التاريخ تراجع وتعــــدل حسب الحــــاجة السياسية والواقعيــة كتغير الإستراتيجيات على مستوى العمــــل السياسي أو لفراغ قانوني أو ضرورة تشريعية تســـد حاجة اجتماعية أو لمواكبة التطورات الدولية من اتفاقيـات ومعــاهــــدات تفرض تعــديل بعض القوانين الداخليـــــة والنصوص الدستورية أحياناً ،بمراعاة الدين والعرف والعادات والتقاليد الوطنية
أ -  مر تشريع الأحوال الشخصية أو الأسرة بالمملكة المغربية بآليات قانونية لصياغة الأحكـــام التي تحكـــم مدونة الأسرة أساسها تحقيق الوسطية في مراعــــاة الحقوق والواجبـــات للمواطنين ، وتحقيق التوازن في ذلك ،وأيضاً تطوير العلاقات الإنسانية والاجتماعية بين الرجل والمرأة في احترام تام للمرجعية الإسلامية واحترام الالتزامات المصادق عليها دولياً.
ب - إن ورش إصلاح مدونة الأحوال الشخصية الذي طرح منذ السبعينيات وازداد إلحاحاً وحدة منذ الثمانينات وشكل محــوراً أســـاسيا للحركـة النضالية النسائيـــة التقدميـــة معــززة ذلك بنمو وتطـــور الحركة الحقوقيـــة بالمغرب ،وعلى الصعيد الدولي حيث كان إجماع هــذه الحركة على أن وضعية المرأة في المجتمــــع المغربي هي مفتاح الديمقراطية والتقدم ، وأن حقوق المرأة هي جزء لا يتجزأ من حقـــوق الإنســــان بمفهومها العالمي ومبادئها الكونية .
ج - عرفت مســـألة المرأة أهميــة كبرى في النصف الأخير مـــن القرن التاســــع عشر وتزايد في الاهتمـــــــام بحقوقها وأهميتها لتقدم المجتمعات وتطويرها خصوصاً في مطلع الثمانينات ومنـــذ اتفاقية القضـــاء على جميع أشكـــــال التمييز ضـــــد المرأة ( السيداو) الصـــــادرة عـــام 1979م. أول الإعلانات والاتفاقيــــات الصادرة عن الأمم المتحــــدة التي تتعلق بإلغــــاء التمييز ضــــد المرأة.وانعقــــاد المؤتمر العالمي بنيروبي سنة 1985م ،والذي زاد من نشـــاط المجتمع المدني دولياً وســــاهم في نشر ثقافة حقوق المرأة والطفل .
د -  تفعيلاً لكل تلك الاعتبارات انطلقت بمبادرة من إتحاد العمل النسائي في الثامن من مارس عام 1991حملة وطنية من أجل تغيير مدونة الأسرة ومطابقتها مع الدستور في إقرار مبدأ المساواة بين الجنسين ، وعقد الإتحاد ندوة يعرض فيها مطـــالبه الإصلاحيــة وهي المطالب التي أثارت نقاشــات واسعة وتباينات حـــــادة في الرأي العام المغربي بين مؤيد حداثي ومعارض أصولي وأخذ التباين في الموقف اتجاهات سياسية.
هـ- ازداد موضوع المرأة أهميـــة في الشأن الـداخلي المغــربي وأصبح محــط نقاشات لدى العديد من الحركات النسائية بالمغرب مما جعل هــــذه القضية أساسية ومصيرية بالنسبة لتلك الحركــــات ،وفي عام 1993م شكلت معركة تعديل مدونة الأحوال الشخصية حدثاً بارزاً في الســـاحة الوطنية، إذ صارت موضوعاً لدراسات متعددة الجوانب ، وأهم المطالب التي نادت بها الحـــركة النسائية انطـــلاقا من المبـــدأ القائل " النساء شقائق الرجال " وبمساندة مؤيديها من اليسار السياسي :-
1/ وضع الطلاق بيد القضاء .
2/ نزع طابع القدسية عن مدونة الأسرة بتعديلها ودمجها في النسق الوضعي للتشريع .
3/ ملاءمة نصوصها مع الواقع المجتمعي المغربي الذي اكتسبت فيه المرأة أدواراً جديدة .
4/ تحوير وتعديل المدونة بما يتماشي مع الدستور والمواثيق والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها المغرب.
5/ رفع الولاية في الزواج .
6/ حق المرأة في الولاية على أبنائها مثل الرجل .
7/ منع تعدد الزوجات .
8/ النفقة والحضانة .
ووضعت الجمـعيات النسائية مطالبها في إطـــار" تأويل جـــديد للقـــــانون بالارتكــــاز على الاجتهاد وحقـــوق الإنسان والعدالة والمساواة" وعقدت لأجل ذلك تجمعات خطابية مختلطة في المدن الكبرى. وتابع اتحـــاد العمل النسائي هذه الحملة عبر نقاشات مفتوحة وعمومية، وتوزيع العرائض والنداءات في جريدة 8 مـــــارس وأنوال وتكوين لجن حسب الأقــــاليم والأحياء والإدارات والمكاتب والاتصالات المباشرة بالبيوت والنقاشـات المباشرة في الحافلات والجامعات.لكن كل هذا لم يلق الترحـــاب من طرف الفقـــهاء والتيارات الإسلاميـــة فبدأت تهاجم المناضلات النسائيات عبر جرائـــد الراية والنور والصحوة وتنعتهن بالإلحاد وأصدرت فتاوى في حقهن. ورغم هذا فقـــد بلغت العريضة مـــليون توقيع في بضع شهور فقط وكانت التوقيعات من كلا الجنسين .مما استدعى تدخل الملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله في خطابه الشهير في 20غشت 1992 ليعلن أن مدونة الأحوال الشخصية من اختصاص الملك بوصفه أمير المؤمنين .
وبعد ذلك بشهر يستقبل وفداً يمثل الحركــات والجمعيات النسائية بالمغرب ليعدهم بالنظر في شــأن المدونة بما يكفل للنساء حقوقهن طبقاً لثوابت الشريعة الإسلامية.
هذا باختصار أهم أسبـــاب التعديل لمــدونة الأحـــوال الشخصية في عام 93 كيف جاء التعديل ومــــا شمله من تعديلات ؟ .
وكيف اعتبرته الحركات النسائية والتيارات السياسية ؟.
أعلن جلالة الملك الراحل الحسن الثاني  في الرابع عشر من أكتوبر 1992 تشكيل لجنــة لتعديل مدونة الأحوال الشخصية برئاسة الأستــــاذ /عبد الهادي بوطالب توجت بإصدار مدونة الأحــوال الشخصية بتاريخ10/09/93
والتي تمحورت التعديلات الأساسية فيها على الطـــلاق والحضانة .
كانت اللجنة المكلفة بالتعديل مكونة من: - مستشارين للملك – وزير العدل – وزير الحبوس – عضو بأكاديمية المملكة – أربعة أعضاء بالمجالس العلمية الجهوية – الكـــاتب العـــــام للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان – أربعة أساتذة في العلوم الدينية – رئيس جامعة القرويين – قاضيين ساميين – ثلاثة أســـاتذة قانون – امــــرأة واحـــدة مكلفة بمهمة في الديوان الملكي
وما يمكننا ذكره هنا عن بعض التعديلات التي عرفتها مدونة الأحوال الشخصية :-
1/ تقييد تعدد الزوجات برضا الزوجة الأولى واشتراط العدل بينها وبين الثانية .
2/ توزيع الولاية في الزواج شطرين حيث تعتبر شرط صحة بالنسبة للبنت ذات الأب ، وهى ليست كذلك بالنسبة للبنت اليتيمة .
3/ إعطاء المتعة وظيفة تعويضية قياساً على أحكام المسؤولية المدنية .
4/ منح الحضانة للأب بعد سقوطها من الأم مباشرةً أو بعد تنازلها عنها بعدما كان يحتل المرتبة السادسة .
5/ منح الحق للمرأة في أن تكون ولية على أموال أبنائها القاصرين – وبحكم القانون – بعد وفاة الأب مباشرة أو بعد فقد الأهلية .
6/ المحضون بعد إتمام الثانية عشرة من العمر والمحضونة بعد إتمام الخامسة عشرة من العمر حق في الاختيار للحاضن لهم الذين يودان العيش في كنفه .
7/  وضعت حدا للطلاق الغيابي الذي كان يعطي الصلاحية للزوج لتطليق زوجته غيابيا.
8/ أصبح بالإمكان رفع دعوى استعجاليه قصد الحكم بالنفقة في مدة محددة .
9/ كما كان أيضا ضمن التعديلات, إنشاء مجلس العائلة الذي أحدث بمرسوم ملكي .
وأهم الانتقادات أو الملاحظات التي نوردها على تعديل 1993م هي :-
*- أنها كانت تلبيةً لمطالب قديمــــة تاريخيــاً منـــذ عـــام 58م والتي نمت وازدادت حدةً برغبات الجمعيــــات النسائية والتيارات السياسية ولأجل ذلك اعتمـــدت المدونة أحكامـاً لم يوجـــد لأغلبها موقعا في أي مذهب فقهي أو سني أو غير ذلك مما جعل عملها يوصف بالتسرع
*- هذه اللجنة مكونة من أشخاص في خدمة الدولـــة ولا تشمل مهتمين بميادين أخـــــرى غير الدين وقد طالبت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان بتوسيع اللجنة في 17 أكتوبر كما سبق لها المطالبة بأن لا ينحصر الحوار بين الفقـــهاء بل أن يشمل مختصين في القــــــانون والاقتصاد والاجتماع ومنظمات حقوق الإنسان.
*- أنها مزجت بين المـــذاهب السنية وفي مقدمتها الفقـــه المالكي الســائد بالمغرب الذي يمثل في إطارها مجالاً واسعاً ،ثم المــذهب الحنفي وبعــــده الحنبلي والشافعي واعتمـد التعديل كذلك على المذهب الظواهري في بعض أمهات المؤسسات القانونية فيما يتعلق بالوصية الواجبة التي نظمـها ضمن أحكام المواريث.
*- الولاية في الزواج لا تقبل التجزئة لأن في ذلك خرقاً لمبدأ عمومية وتجريد القاعــدة القانونية وكــــذلك فقهياً التلفيق بين المذاهب مسألة غير جائزة فقهياً ولها آثارها على التطبيق العملي .
*- الولاية على المال في الفقه الإسلامي لا تكون إلا للذكور دون الإناث .
*- السن التي حــــددت للمحضون في اختيار الحـــاضن للجنسين لا تتوافق والتكوين النفسي والإدراك العقـــلي لمصلحة من شرعت لهم .
*- جنحت اللجنة إلى كل تلك الأحكام في إطار اجتهادي محض ولم تخــــالف في مضمونها نص صريحــــاً في كتاب الله تعالى وسنة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام وهذا حكماً أجمع عليه علماء الأمة من المجتهدين وربما نجد لهذه الأحكام أساساً فيما تفرضه الضرورة في إطار الاستحسان والمصلحة المرسلة .
*- محاولات التعديل اصطدمت بمعارضة التيار المحافظ التقليدي الذي بلغ في بعض المحطات أعلى درجـــات التهديد بتفجير الأوضاع داخل المجتمع ، وهذه المعارضة أنتجت لجان متشـــددة و متمسكة  بالتفسير المـــذهبي الضيق ومنذ سنة 1957وتعيين جواد الصقلي إلى لجنة
*- تعارض بعض نصوص تعديل المدونة مع نصوص آخري في القانون المدني والجنائي وهو ما يبرز سمة التسرع الذي غلب فيه طابع احتواء الأزمة وإرضاء الأطراف المؤيدة والمعارضة لتعديل المدونة
 ومنذ أن أعلن عن تعـــديل المــــدونة أنصبت عليها الانتقــادات من  الجمعيات النسائيــة والتيارات السياسيـــة المؤيدة لمطــالبها التي لم تستسغ هـــذه التعـــديلات لأنها لم تحـــقق أغلب متطلباتها و عبرت عن استيائها منها ، واعتبرتها أملا في إيجاد مدونة قـــــادرة على استيعاب الواقع الجـــديد للمرأة المغربيـــة و يؤسس للعلاقـــــة المتكافئة بين الرجــــل و المرأة تأسيسا على المرجعيـــة الإســلامية إلى جانب المرجعية الدولية المتمثلة أساسا في المواثيق والاتفاقيات الدولية المتعلقة بالمرأة.
واعتبر الجـــــانب الإيجابي في تعديل 1993 هو إزاحة الطابع " القدسي " عن المدونة ،ولكنها لم ترفع القدسية فقط بل سطرت اتجاه إصـــلاحي هدفه إلغاء استثناء التشريع الأسري من الطرق العادية لاستصدار أي قـــانون والذي سبب قبل 93مجالا للخلافات والصراعات كاد استغلالها السياسي أن يؤدى إلي فتنة كبرى بالمغرب .
المطلب الثاني : مرحلة مشروع " الخطة الوطنية " ومدونة الأسرة .
التجادل والتصارع على موضوع الأســرة والأحـــوال الشخصية لم ولن يكـــون صراع قانوني حول مكــــانة المرأة في المجتمع ،ولم يكن صراعاً بين من يتمسك بالدين والهوية والأصالة ، ومن تجــاوزها وفرط فيها ، بل كان في حقيقته صراعاً سياسياً إستراتيجياً رهانه البعيد المدى سيحدد مسارات المجتمع المغربي في الانتقال من نمط مجتمع تقليدي محافظ إلى مجتمع ديمقراطي حداثي .
لعل مــن أبرز المراحــــل السياسيــــة في المغرب هي تلك التي اتسمت بانخــراط المغرب في تجربة "التناوب التوافقي". هذه المرحــــلة كرست لنهاية مسار مهم من الحوار داخل الساحة السياسية و جعلت المغرب يتعاطى كليا ،بعيدا عن العنجهيـــة السياسيـة الســائدة أنداك  بين مختلف الأطياف المكونة للجســـم السياسي،  في عملية تطوير نظمه ومؤسساته السياسية..
إن هذه المرحلة من تاريخ المشهد السياسي المغربي عرفت نهاية المعارضة التقليدية وخلقت واقعا جــديدا تميز بظهور تشكيلات سياسية ذات فكر و إيديولوجيات سياسية ولدت تفاعلات حية. هذه الأخيرة، حولت المتغيرات التي كانت ترتكز عليها المعادلة السياسية المغربية، وظهرت بالخصوص أطياف جديد، تمثلت بالأســـــاس في الظهور الرسمي لبعض المكونات السياسية.
هنا نجد بأن تجربة التناوب التوافقي كرســـت، حقيقة، مفـــهوم التنمية السياسية من خـــلال إعطاء والسماح لما يسمى "المتغير الإسلامي" بالمشاركة، ويصبح هكذا فاعلا،  داخل المعادلة السياسية.
إن أول اختبار حقيقي داخل الســــاحة السياسية المغربية في عهــــد ما أصطلح عليه آنذاك بحكومــة "التناوب التوافقي" كان في الرجة التي عرفتها الساحة السياسية عندما ظهر مشروع الخطـة الوطنية لإدمــاج المرأة في التنميـــــة. هذه الخطـــة المقترحــة في عهد حكومة التناوب، كانت فرصة لقياس كــــافة معايير التغيير والذي أظهر مــدى العمل الذي يستوجب القيــــام به لخلق نوع من الإجماع من أجـــل خلق مجتمع ديمقراطي حداثي قادر على مجابهة قوة العولمة.
وكان شرارة ذلك الاختبار التصريح الحكومي في أبريل 1988الذي جاء إرضاء للجمعيات النسائية اليسارية التي مافتئت تطالب بتغيير مــدونة الأحوال الشخصية جــــاء في التقرير الحكومي (أبريل 88) الذي تقـــدم به الأستــــاذ / عبدالرحمن اليوسفي الوزير الأول في حكومة التناوب آنذاك ومن ضمن ما جاء فيه :-
" أنه يجب إعمال الفصول الايجابية التي تضمنتها مــــدونة الأحـوال الشخصية ببلادنا والقيام بإصلاح تدريجي لهذه المدونة في نطاق احترام  قيم ديننا الحنيف الإسلامي " مع العلم أن حكومة التناوب هذه التي يتقدمها حزب الإتحاد الاشتراكي قد أظهرت تعاطفاً كبيراً مع تلك الجمعيات النسائية .وفي هذا الإطار سيوضع مشروع الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية .
أولاً- مشروع الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية :
لقد تم تهيئة مشروع الخطة الوطنية للتنمية من طرف كتابة الدولة المكلفة بالرعاية الاجتماعية والأسرة وقد كان على رأسها آنذاك الأستاذ /سعيد السعيدي المنتمى لحزب التقدم والاشتراكية وحسب ما سطر في مقـــدمة هــــذا المشروع على أنه يتبنى في منطلقاته على عناصر ثلاثة :
1/ المرجعية الدينية :
                تعتبر الشريعة الإسلامية النساء شقائق الرجال في الأحكام وهى تؤكد على قاعدة ( وأن لهن مثل الذي عليهن بالمعروف ) الآية 226من سورة البقرة .
2/ المرجعية الوطنية :
- الإرادة الملكية التي بدأت في الانتصار لتحسين وضعية المرأة والحفاظ على حقوقها .
- القواعــــد الدستورية التي تقرر المســــاواة بين الرجل والمرأة والتي تعترف بحقوق الإنسان كما هي    متعارف عليها دولياً .
- التصريح الحكومي الذي وعد بإصلاح تدريجى لمدونة الأحوال الشخصية .
3/ المرجعية الدولية :
تنطلق هـذه المرجعية من الإعـــلانات العالمية وبرامج العمل الصادرة عن كل من القمة العالمية للتنمية الاجتماعية " كوبنهاجن 1995 والمؤتمر الدولي للسكان والتنمية القاهرة 1994والمؤتمر الرابـع للمرأة بكين 1995 وهـذه كلها محـــطات دولية لسلسلة متواصلة بـــدأت بمؤتمر نيبروبي سنـة 85، وانضمام المغرب إلى الاتفاقية الــــدولية للقضاء على جميـــع أنواع التمييز ضـــد المرأة وغيرها من الاتفـاقيات الخاصة بحقوق الإنسان .
وإذا كان مشروع الخطة يتضمن برنامـجاً شمولياً ذا طبيعـــة اجتماعـية واقتصــادية وسياسيــة وقانونية يرمى من وجهة نظر واضعيه إلى تحسين أوضاع المرأة داخـــل المجتمع المغربي فأننا ســوف نتوقف عند  المقتضيات المتصلة بالأحوال الشخصية فقط ،لأنها تمثل الشق الذي يهمنا في ذلك المشروع .
وهكذا فمن خلال وقوفنا عنــد الجانب المخصص في مشروع الخطـــة لتدعيم السلطة القانونية للنســـاء والرامي إلى مراجعة بعض مقتضيات مدونة الأحوال الشخصية نرصد ما يلي :
   أ / رفع الزواج إلي 18سنة و جعل حكم الوصاية في الزواج ثانوياً وحذف التطليق وإقرار الطــــلاق وكذلك حذف تعدد الزوجات واقتراح حالات إسثتنائية حسب تقدير القاضي وبموافقة الزوجة الأولى .
ب / توحيد سن الحضانة بغض النظر عن جنس الأطفال في 15سنة وإلغاء كون زواج الأم المطلقة في سقوط حق الحضانة وإخضاع حق التصرف في أملاك القاصر للقاضي سواء كان الممثل الشرعي هو الأب أو الأم .
ج / توسيع مفهوم النفقة ليشمل بيت الزوجية كمكون أســــــاسي وإقرار نصف الممتلكات المكتسبة خــلال فترة الزواج للمرأة المطلقة .
د / إنشاء لجنة مختصة وذات كفاءات مكلفة بضمان تناسق وتحسين مقتضيات القانون الوضعي التي تعرقل مشاركة النساء في التنمية وسوف تتكلف بالتفكير في رفع التحفظات الخاصة باتفاقية إلغاء كل أشكال التمييز ضد النساء .
هـ / العمل على ملاءمة عدم احترام مقتضيات قانون الأسرة والعقوبات وخلق محـــــاكم أسرية وتكوين قضاةمتخصصين في معالجــة المشــاكل الأسرية وتكـــوين أعــــوان قانونيين متخصصين في معـالجة المشاكل الأسرية والاعتراف للنساء القاضيات بتخصصات قاضي التوثيق .
و/  إعفاء القضايا المرفوعة بالمحاكم المتعلقة بتطبيق قانون الأسـرة من الضرائب القضائية وخلق  صندوق  ضمان لتغطية النفقة في حالة عجز الزوج على الأداء.
ثانياً – مشروع الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية بين المؤيد والمعارض :
1- التيار المؤيد
تمثل هذا التيار في مختلف الأحزاب السياسية اليسارية وفي مقدمتها حزب الاتحاد الاشتراكي الذي كان يقود آنذاك الائتلاف الحكومي وتبعها في ذلك التأييد مختلف الجمعيات النســائية اليسارية التي تنبثق من تلك الأحزاب أو تتبنى نهجها السياسي والأيدلوجي ، وقد اعتبرت الهيئات المساندة لمشروع الخطة أنها تمثل إنجــازاً حكوميا غير مسبوق لأن هــذا المشروع وعلى عكس المشاريع الحكومية الســـابقة جـــاء ببرنامج شمولي ومتكــامل لصالح المرأة المغربية وفي هذا الإطــــار ولتأكيد مساندتها للمشروع رفعت أحـزاب يسـارية مـذكرة إلى الوزير الأول تعبر عن تشبتها بالخطة وإلحــاحها على تفعيلها وتم تكـريس ذلك التأييد بمسيرة ضخمة أقيمت بالعاصمة الرباط في يوم 12/مارس /2000بدعوي من أحزاب الكتلة وضمت وزراء وممثلين نقابيين وهيأت جمعوية وحقوقية وأحزاب وقادة سياسيين .
2- التيار المعارض :
في مقابل التيار المؤيد كان تيار آخر مناهض لمشروع خطة إدماج المرأة في التنمية تتزعمه مختلف الفعاليات الدينية في المجتمع المغربي مثل رابطة علماء المغرب  خطباء وعلماء دار الحديث الحسنية وبعض خطباء المساجد وجمعية العدول بالمغرب ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية والتيار الإسلامي بمجلس النواب وقد أصدرت رابطة علماء المغرب في 27ماى 1999بياناً أكدت فيه أنها لم تستشر في الموضوع وأن مشروع الخطة تم وضعه من جانب جمعيات غير متخصصة في غياب العلماء وفقهاء الشريعة الإسلامية وأكدت أن الاجتهاد هو " اجتهاد أهل العلم والاختصاص لا اجتهاد غيرهم من المبهرين بالحضارة الغربية الطامعين في فتات مثالبها " كما أكد البيان على أن " علماء المغرب يحذرون من تغيير أحكام الشريعة الإسلامية في مجال الأسرة وغيرها لما يترتب على ذلك من نتائج وخيمة وأصدر العلماء خريجوا دار الحديث الحسنية بدورهم بياناً في 20يونيو 1990ردوا فيه على مشروع الخطة حيث اعتبروه مخالفاً للشرع ومناقضاً لأحكامه ، وعلى مستوى آخر أصدرت منظمة تجديد الوعي النسائي بياناً في 11غشت 1999تندد فيه بإقصاء الجمعيات النسائية ذات التوجه الإسلامي  ، وحتى تعبر عن رفضها لمشروع الخطة نظمت الهيئة الوطنية لحماية الأسرة المغربية بتنسيق مع عدد من المنظمات النسائية وتحت شعار " النساء شقائق الرجال في الأحكام " مسيرة ضخمة بمدينة الدار البيضاء في نفس اليوم الذي نظمت فيه التيارات المؤيدة مسيرتها بالرباط أي في 12مارس 2000.
ولأن هذا الخلاف صار من الحدة لدرجة أنه أصبح ينذر بتصادم عنيف بين الطرفين بادر الوزير الأول إلى تشكيل لجنة استشارية في 12 ماى 2000وهى لجنة لم تجتمع قط لأنها حملت في تركيبها بوادر فشل .

ثالثاً : تدخل السلطة العليا وتشكيل اللجنة الاستشارية الملكية :
في يوم 5مارس2001أعلن جلالة الملك محمد السادس عن تشكيل لجنة استشارية ملكية لإصلاح مدونة الأحوال الشخصية وفي يوم 27أبريل من نفس السنة أعلن جلالة الملك بالقصر الملكي بفأس عن أعضاء تلك اللجنة حيث تم استقبالهم بصفة رسمية ومن أبرز ما جاء في الكلمة التي ألقاها جلالة الملك محمد السادس حفظه الله بالمناسبة أنه حرص منذ توليه عرش المملكة المغربية على النهوض بأوضاع المرأة في كل المجالات وذلك بناء على أحكام الشريعة الإسلامية فيما أحلت أو حرمت من أجل ترسيخ قيم العدل والمساواة بين الرجل والمرأة ، وحتى يكون عمل اللجنة الاستشارية الملكية ذا فعالية ذكر صاحب الجلالة بأنها مطالبة بالإصغاء إلى كل الأطراف المعنية وفتح الأبواب أمامها لكي تدلي بآرائها والوقوف عند مطالبها بإمعان وتبصر، وبالقراءة المتأنية لواقع اللجنة الاستشارية لتعديل مدونة الأحوال الشخصية نلاحظ أنه يغلب على هذه اللجنة الطابع الفقهي المحافظ .
رابعاً : إصلاح قضاء الأحوال الشخصية :
من التصريحات القلائل التي صدرت عن رئيس اللجنة الاستشارية الملكية لإصلاح مدونة الأحوال الشخصية الأستاذ / إدريس الضحاك في لقاء تلفزى أن عمل اللجنة يسير في اتجاهين ،اتجاه يخص قضاء الأسرة وتفعيل الإجراءات المسطرية التي تتحكم في وظيفته واتجاه يخص إصلاح القواعد الموضوعة المضمنة بمدونة الأحوال الشخصية وأن ما تقرر بشأن الاتجاه الأول أي الجانب الإجرائي المسطري سيعلن عنه .
وغني عن البيان أن تطبيق وتأويل القواعد الموضوعية المضمنة في مدونة الأحوال الشخصية بكيفية سليمة رهين بأمرين :
1/ وجود قضاء مؤهل علمياً أي ذي تكوين قانوني وفقهي في ذات الوقت مع إلمامه بواقع مجتمعه وخاصة ما اتصل منه بالعلاقات داخل الأسرة المغربية .
2/ وضع إجراءات مسطرية تلائم النزاع المتصل بتطبيق قانون الأحوال الشخصية وتفعيل أحكامه بالسرعة المطلوبة .
إن المتغيرات البنيوية التي عرفها المغرب منذ الاستقلال سواء على الصعيــــد الديموغرافي أو الاقتصــادي أو التكنولوجي أو السياسي والتحولات التي طرأت على البنية الاجتماعية وخـــاصة على الأسرة المغربية منذ عام 57-58 أي تاريخ صدور مدونة الأحـــوال الشخصية بل حتى منذ عـــام 93 تاريخ تعـــديلها والممتدة إلى فترة صدور مدونة الأسرة 2004 لم تواكبها تحولات من نفس الحجم على الصعيد القوانين بنفس الوتيرة ، كمـا على ما يبدوا من جهة أخرى لم تواكبها تحولات من نفــس الحجـــم في السلوكيات والذهنيات الفردية والجماعية من جهة أخرى كل هذه العوامل أدت إلى وضعية مشوبة بتناقضات كثيرة يمكن تشبيهها بأعراض الانفصام انفصام الواقع اليومي والقوانين وخصوصــا في الســـلوكيات اليومية والثقافـــة الســـائدة التي أصبحت في أواخر القرن الماضي وبداية هذا القرن عبارة عن مزيج بين التقاليد وبين زخم العولمة وأنماطها ورموزها .
أن القــانون ليس في نهاية الأمر إلا تعبيراً مكثفاً عن النظـــام السياسي الاجتماعي وعلاقـات السلطة القائمة فيه سواء تلك التي توجد بين الفئات والطبقات أو بين النساء والرجال ..




















المبحث الثاني :أهمية التعديل وآلياته .
حقيقةً يصعب أن نستخلص كل الايجابيات التي تضمنتها مــدونة الأسرة ومكامن النقص فيها على المستويين التشريعي والتطبيقي نظراً لتشعب هذا الموضوع والتداخل بين ما هو إيجابي وسلبي لكل بنود المــدونة التي ترتبط بواقع متغير باستمرار، فقد تكون أحكامها تحقق أهــدافاً مجتمعية وطنية للأسرة حسب ظروف الزمان والمكان ، وقد يحدث العكس حسب تلك الظروف
ومن خلال أحكام قضاء الأسرة التي اتسمت بالتباين في تطبيق نصوص المدونة ونفس الحراك المجتمعي والنقاش الفكري الثقــافي والديني وتغير المعطيات الدوليـــة والإقليمية التي تبرز في ظرف زمني هام وخطير فأن المطلب الأول من هذا المبحث سنتناول القرار السياسي وسياسة التشريع فيما يخص مدونة الأسرة ،ونخصص المطلب الثاني للأسباب التي تستدعي ضرورة تعديل المدونة بعد 10سنوات من التطبيق .
المطلب الأول : مدونة الأسرة القرار السياسي وسياسة التشريع .
أن التنشئة السياسية لأي مكون حزبي مرتبطة جذريا بالمتغيرات وبالتحولات في المنظومة السوسيوثقافية داخل المجتمع أو خارجه، إن أول اختبار حقيقي داخل الساحة السياسية المغربية في عهد ما أصطلح عليه آنذاك بحكومة "التناوب التوافقي" كان في الرجة التي عرفتها الساحة السياسية عندما ظهر مشروع الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية. هذه الخطة المقترحة في عهد حكومة التناوب، كانت فرصة لقياس ميزان الحرارة والذي أظهر مدى العمل الذي يستوجب القيام به لخلق نوع من الإجماع من أجل خلق مجتمع ديمقراطي حداتي قادر على مجابهة قوة العولمة.
الآليات والميكانيزمات السياسية التي تلت هذه الخطة من خلال الإجماع الذي عرفته مدونة الأسرة، جعلت المغرب يدخل  في عملية التحديث السياسي العقلاني. فبعد مرحلة الجمود والتقليد السياسي بكل أشكاله، كانت مرحلة التناوب والتي تعدُ النواة الصلبة للمشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي.
الانتخابات التشريعية لشتنبر 2002 ، رغم السياق العام التي جرت فيه، جعلت المغرب، من خلال ميثاق الشرف بين جميع مكونات الجسم السياسي المغربي،  يقطع شوطا كبيرا للخروج من عملية الشرود السياسي التي طبعته بحكم هشاشة المؤسسات الحزبية. التغييرات القانونية والتنظيمية التي عرفتها العملية الانتخابية أنداك كانت السمة الأساسية التي كرست للتناوب الديمقراطي والذي تأثر بشكل أو بآخر بالأحداث المرعبة لـ 16 ماي 2003 التي عرفتها مدينة الدار البيضاء. هذه الأحداث الدامية أبانت على ضعف التأطير الحزبي و السياسي للشارع و بالتالي أبرزت ضرورة تقويم السلوكيات والقيم السياسية وحتى الهياكل المؤسساتية للأحزاب السياسية المغربية من أجل أداء وظيفتها الحقيقية بدل  انشغال غالبيتها بحروب سياسية ضيقة جعلها تسقط في فخ الخطابات السياسوية و الشعبوية الفارغة من كل خطاب يؤسس للقطيعة و ينمي روح المبادرة و الاجتهاد. كل هذا  جعل الساحة فارغة من أي تأطير مؤسساتي فاعل وهذا ما أدى إلى فراغ سياسي مدمر، هذا الفراغ أظهرته بالملموس انتخابات 7 شتنبر 2007 من خلال تدني نسبة المشاركة الانتخابية و أبان على جدوى البحث الفعال المناسب لمقاربة شاملة تأخذ بعين الاعتبار التغيرات السوسيوثقافية و الاجتماعية التي أصبحت تميز المغرب.
العزوف السياسي هو الداء الخطير الذي قد يصيب أي مسار ديمقراطي .المنهجية الديمقراطية التي اعتمدها المغرب مباشرة بعد هذه الانتخابات  لتحديد المسؤوليات وإعطاء بعد سياسي لعملية الانتقال الديمقراطي و الخروج به من عملية التقليد إلى التحديث، هي في حد ذاتها منهجية عقلانية لتحديث البنى الأساسية للدولة والمجتمع و جعل الجميع، بدون استثناء، أمام مسؤولياته.
ويجب هنا أن نضع هذه الكلمات المباركة من جلالة الملك محمد السادس حفظه الله أمام مجلس النواب في الدورة التشريعية أمام البرلمان المغربي في عام 2003:-   
" وإذا كانت مدونة 1957 قد وضعت ، قبل تأسيس البرلمان ، وعدلت سنة 1993 ، خلال فترة دستورية انتقالية ، بظهائر شريفة ، فإن نظرنا السديد ارتأى أن يعرض مشروع مدونة الأسرة على البرلمان ، لأول مرة ، لما يتضمنه من التزامات مدنية ، علما بأن مقتضياته الشرعية هي من اختصاص أمير المؤمنين ، وإننا لننتظر منكم أن تكونوا في مستوى هذه المسؤولية التاريخية ، سواء باحترامكم لقدسية نصوص المشروع ، المستمدة من مقاصد الشريعة السمحة ، أو باعتمادكم لغيرها من النصوص ، التي لا ينبغي النظر إليها بعين الكمال أو التعصب ، بل التعامل معها بواقعية وتبصر ، باعتبارها اجتهادا يناسب مغرب اليوم ، في انفتاح على التطور الذي نحن أشد ما نكون تمسكا بالسير عليه ، بحكمة وتدرج.وبصفتنا أميرا للمؤمنين ، فإننا سننظر إلى عملكم ، في هذا الشأن ، من منطلق قوله تعالى "وشاورهم في الأمر" ، وقوله عز وجل "فإذا عزمت فتوكل على الله".وحرصا من جلالتنا ، على توفير الشروط الكفيلة بحسن تطبيق مدونة الأسرة ، وجهنا رسالة ملكية إلى وزيرنا في العدل. وقد أوضحنا فيها أن هذه المدونة ، مهما تضمنت من عناصر الإصلاح ، فإن تفعيلها يظل رهينا بإيجاد قضاء أسري عادل ، وعصري وفعال ، لا سيما وقد تبين من خلال تطبيق المدونة الحالية ، أن جوانب القصور والخلل لا ترجع فقط إلى بنودها ، ولكن بالأحرى إلى انعدام قضاء أسري مؤهل ، ماديا وبشريا ومسطريا ، لتوفير كل شروط العدل والإنصاف ، مع السرعة في البت في القضايا ، والتعجيل بتنفيذها.كما أمرناه بالإسراع بإيجاد مقرات لائقة لقضاء الأسرة ، بمختلف محاكم المملكة ، والعناية بتكوين أطر مؤهلة من كافة المستويات ، نظرا للسلطات التي يخولها هذا المشروع للقضاء،فضلا عن ضرورة الإسراع بإحداث صندوق التكافل العائلي.كما أمرناه أيضا ، بأن يرفع إلى جلالتنا اقتراحات بشأن تكوين لجنة من ذوي الاختصاص ، لإعداد دليل عملي ، يتضمن مختلف الأحكام والنصوص ، والإجراءات المتعلقة بقضاء الأسرة ، ليكون مرجعا موحدا لهذا القضاء ، وبمثابة مسطرة لمدونة الأسرة ، مع العمل على تقليص الآجال ، المتعلقة بالبت في تنفيذ قضاياها الواردة في قانون المسطرة المدنية الجاري به العمل ".
وهو خطاب بين في مجمله مدى حكامة جلالته وحجم المسؤولية التي يجب أن تكون منهاج عمل لكل أطياف المجتمع المغربي بأحزابه وتياراته السياسية والأيدلوجية وأهمية موضوع الأسرة منذ بداية تشريع قانون وضعي للملكة في الأحوال الشخصية عام 57 ، وهذه المسؤولية هي التي تستوجب من جميع الأحزاب الخروج من نفق الكتلة و الوفاق و الوسط  ، فالمرحلة الحالية تستوجب الخروج من فلسفة التوافقات السياسية ونظام الحصص التي طبعت المشهد الحزبي المبلقن و الدخول في عهد القطبية  المبنية على تقارب في التصور و الممارسة السياسية الخلاقة ذات الأهداف التي يكون فيها المواطن العنصر الأساسي ومصلحة الوطن والمحافظة على آمنه وسلامه هي المصلحة العليا لكل الفرق السياسية داخل أروقة البرلمان وصناعة القرار وصياغة التشريعات الوطنية .
ولايخفى على الجميع الدور الذي لعبته الهيئات الدولية لتفعيل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية في صناعة القرار وفق للتطور الدولي لصالح العولمة وحكومة العالم الموحدة بشكلها المبطن لتمرير دعائم التطبيق على المستوى الداخلي للدول الوطنية بحيث يتم ربط الفرد مباشرةً بالتطبيق المباشر للمخططات العالمية ،وقد كانت ولا زالت قضية المرجعية هي النقطة الجوهرية في الخلاف، فإن ما تبقى تحصيل حاصل، فقضايا حذف الولاية نهائياً، ورفع سن الزواج، وجعل الطلاق بيد المرأة أو القاضي، والمساواة في الإرث، واقتسام الممتلكات بعد الطلاق، ومنع تعدد الزوجات، والحرية الجنسية للمراهقين، وتقنين الدعارة، وغيرها من القضايا كانت هي الأخرى موضع مواجهات إعلامية وسياسية وشعبية .ومن أسباب التوتر والمواجهات قضية التمويل الأجنبي للخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية المشروط والواضح  فمن المعروف أن الخطة مولها البنك الدولي ووثق ذلك في الصفحة الأولى للمشروع: بتمويل من البنك الدولي، ومن المعلوم أن البرامج المتعلقة بقضايا التعليم والمرأة والإسكان وتنظيم النسل أصبحت هي المفضلة عند البنك الدولي، ولم يعد البنك يكتفي برهن السياسات الرسمية لمشاريعه ومخططاته، ولكنه انتقل بعد ذلك على التحكم في مؤسسات المجتمع الأهلي وتحويلها إلى مؤسسات للضغط على الحكومات من أجل فرض قيم العولمة الغربية، ولقد علم أن دول الاتحاد الأوروبي منحت لوحدها أربعة مليارات سنتيم لجمعيات مدنية مغربية، دون الحديث عن الهيئات الأمريكية والكندية، لذلك لم يكن غريباً أن تصر الجهات المؤيدة للخطة على ضرورة وفاء المغرب لتعهداته فيما يتعلق بخطة بيكين وغيرها ، ولا غرابة أن يظهروا تأففهم وتضايقهم من التحفظات التي سجلتها الحكومة المغربية على المشروع الدولي.
وبالنظر إلي الإشكاليات الحاليــة في المـدونة و التطبيق المتباين للعمل القضائي ، سببه سياسي محض ، والذي يعــود في أســـاسه إلى مسار تاريخي .وقد حظيت في هذا الصدد بشرف الحضور لعــديد الندوات الرسميــة والمجتمعيـــة بخصوص مـــدونة الأسرة واستمعت للانتقادات الموجهة إلى نصوصها وكـــذلك تقـــارير ومداخـــلات حول إشكاليات التطبيق أمام المحاكم والقضاء المغربي ، وقد أطلعت على ما لا يقل عن 200 حكم بشأن قضــايا الأسرة من كافة محــــاكم المملكـــة وعلى مختلف درجـــــات التقاضي - ابتدائي – استئناف – نقض متنوعة الفترة الزمنية طيلة 10 سنوات من التطبيق . والتي ترجـــمت لنا وبشكل واضح عن الآتي :
1/ تأثيرالاتجـــاهات الفقهية في مرجعية التفسير لروح النص ، والمرجعيات الأيدلوجية والانتماء السياسي " الحداثى – الأصولي " .
2/  أبانت عن الخلال في منظومة تطبيق نصوص المدونة والتي كان السبب فيها عدم الوضوح من قبل المشرع في مسائل عديدة .
3/ التداخل بين السلطات في الاختصاص والتباين الواضح في الأداء بين السلطة التشريعية والقضائية في تجسيد المبادئ التي كانت وراء تعديل المدونة والتي جاءت واضحة في خطاب جلالة الملك محمد السادس حفظه الله .
4 / صعوبة الانتقال الديمقراطي وتكييف التوافق السياسي للفرق البرلمانية وصناعة الصياغة التشريعية لمدونة الأسرة بما ينعكس على تطبيقها بضمان العدل والمساواة ورفع الحيف وصيانة الأسرة .
5 / الدور الإعلامي الباهت في مخاطبة المجتمع المغربي بضرورة إنجاح مدونة الأسرة كمكسب مهم للمجتمع وليس للمرأة فقط .
6/ الخلل الواضح في ديناميكية العمل القضائي وعدم نجاح الدليل العملي الذي صدر للمدونة عن طريق وزارة العدل .
7 / الموروث الثقافي والعادات والتقاليد والتنوع الحضاري الذي يشكل ثروة حضارية للمغرب بعيد جدا عن روح النصوص وتأثيره المباشر في التطبيق أو في عدم الالتزام خصوصاً فيما يتعلق بالزواج .
8 / الاحترام المبالغ فيه للاتفاقيات والمعاهدات الدولية وتغليب هذا التوجه في مدونة الأسرة على حساب الضرورات الوطنية .
9 / تأثير التوافق السياسي على صياغة مدونة الأسرة 2004 والنتائج المترتبة عن ذلك على مؤسسة الأسرة وآليات التطبيق .
10/ البطء الشديد في تفعيل المرافق والهيئات الداعمة للتطبيق السليم للمقتضيات الاجتماعية التي يستوجبها تنفيذ الأهداف والمبادئ والفلسفة التي تطورت بتطور سلطة التشريع وإصدار القوانين بالمملكة المغربية .
11/ ويدخل من أهم الأسباب وجديدها هو الدعوة لتحكيم شرع الله من قبل جماعات متطرفة ومتشددة تأخذ من الثغرات التي تطبق خصوصاً في مجال الأحوال الشخصية والأسرة منطلقها الإقناعى للفئات الشعبية والفقيرة وتنامي تلك التيارات بسرعة تفوق البطء التشريعي والعمل الحكومي .
12/ التهديد الحقيقي للمتطرفين الإسلاميين والذي بدأ يداهم الدول المغاربية تونس ليبيا مثلاً ويجند الشباب ويسخرهم لتدمير أوطانهم بحجة إقامة شرع الله وتحكيم الشريعة الإسلامية وفق تصوراتهم على حساب الدولة المدنية ومؤسساتها .
13/ ضرورة الإسراع بإدخال تحويرات جذرية على العمل القضائي لأن القضاء والمحاكم والعدل هو المستهدف الأول لتلك الجماعات المتطرفة المتشددة بحجة تحكيم شرع الله والحكم ليس للقضاء الذي يحكم بالقانون الوضعي .
وحقيقة نضع الآن وفي هذا الظرف الزمني الذي تمر به أمة الإسلام والمنطقة المغاربية على وجه الخصوص وقياسا ً بالواقع الليبي الذي أنتج لنا المقارنة الواقعية العديد من التعجبات فما فرض بالأمس من اتفاقيات ومعاهدات دولية وعن طريق إكراهات مالية من صندوق النقد الدولي لتعديل القوانين الداخلية سنجنى ثماره السلبية بهذه الفتنة التي يغديها ممولي نفس المشاريع الدولية التي همها الإنسان وكرامته معادلة صعبة الفهم في الوقت الحالي ولكن الحلول البديلة ممكنة وتحتاج إلي جهد وتفاني وتغليب المصلحة الوطنية في كل تلك الاكراهات ووضع " المسؤولية الاستباقية " في إدارة الأزمات والحلول على مستوى العمل السياسي والابتعاد عن الانتماء الحزبي الضيق المفهوم والبحث عن الحلول الشمولية في صناعة التشريعات الوطنية .





المطلب الثاني : تعديل المدونة بعد 10سنوات من التطبيق .
نتفق جميعا على أن هناك إجماعا وطنيا على إيجابيات هذه المدونة كإطار قانوني لتنظيم الأسرة، وهذا أمر واقعي عكسته ردود الفعل المرحبة بالمدونة داخليا ودوليا. ونحن الآن ندخل مرحلة أخرى تشكل رهان الساعة، مسترشدين بالإصلاحات الكبرى لتحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية، وعلى رأسها الإصلاحات الدستورية الأخيرة، وبتعليمات صاحب الجلالة التي رسم فيها معالم الإصلاح القضائي وتأسيس مفهوم جديد للعدالة.وتحميله صراحة المسؤولية في الشراكة السياسية للشعب والبرلمان في صناعة وصياغة تشريعات المملكة                      
فإصلاح الأسرة رهين بإصلاح المنظومة السياسية في ظل دولة الحق والقانون، وإصلاح القضاء ودوره الفعال في التطبيق السليم لمقتضياتهالكن هناك خطوات أخرى يمكن عن طريق توضيح معالمها في مجهود جماعي أن تخفف العبء عن كاهل القضاء، باستشراف آليات أكثر نجاعة وحماية لتماسك الأسرة واستقرارها، ولن يتحقق ذلك إلا بالبحث عن معوقات هذا التطبيق سواء كانت نابعة من النص القانوني نفسه أو البيئة التي يخاطبها أو مدى الوعي بنصوصه وفهمها بالرغم من نتائج الإيجابية للتعديل الذي جاءت به مدونة الأسرة، وبالرغم من الجهود المبذولة من طرف الجهات المختصة لتفعيلها وتسهيل تطبيقها على أرض الواقع، إلا أنه يتبين أن هناك العديد من المعوقات التي ما تزال تواجه تطبيقها منذ صدورها إلى الآن، سنحاول أن نعرض لبعضها، انطلاقا من كتابات وملاحظات ودراسات وتوصيات ولقاءات للعديد من المهتمين من قضاة وأساتذة جامعيين وباحثين وجمعويين وأصحاب المهن القضائية والقانونية خلال الندوات والموائد المستديرة التي يحضرونها أو يشاركون فيها، وما تخرج به من توصيات نتاج معايشتهم للمشاكل الأسرية بحكم تخصصاتهم، واعتمادا على ما أفرزه التطبيق القضائي خلال هذه الفترة الكافية لوضع تقييم لها، أو تبعا لبعض الثغرات التي شابت نصوصها من قبيل الغموض أو التناقض والتي نعتبرها أسباب تفرض نفسها لضرورة تعديل واصلاح مدونة الأسرة :
1-    غياب اعتماد مقاربة شمولية للإصلاح تنطلق من وجود بيئة ملائمة لنص تشريعي يجب أن تتوفر في المخاطبين به القدرة على استشراف أهدافه وروح نصوصه.
2-    عدم وضع سياسة حكومية من اجل تحسيس الجهات المختصة من جمعيات نسائية وفعاليات مهتمة بالشأن الأسري بفلسفة النص ومقاصده الأساسية التي تستهدف تماسك الأسرة واستقرارها لا العمل على التفرقة
3-    عدم الربط الفعلي في الاعتناء بتوفير البيئة الاقتصادية الملائمة لحل المشاكل الأسرية .
4-    عدم فهم مضامين المستجدات التي جاءت بها مدونة الأسرة وتشويه روح نصوصها بالتأويلات المغلوطة، سواء من المخاطبين بها أو من بعض من يتحملون دور التوعية والإصلاح بين أطراف العلاقة الزوجية
5-    الانحراف عن القصد الأساسي للمشرع في حمايته لاستقرار الأسرة وتماسكها، بسبب تغلغل هذه الأفكار المغلوطة في ذهن المخاطبين بأحكام مدونة الأسرة نتيجة المعرفة السطحية بمستجداتها ،والعمل القضائي المتباين حسب قناعات ظاهر النصوص ومرجعيات القضاء وأهل الاختصاص في التنفيذ .
6-    الثغرات القانونية، والتي أوجدتها صياغة النصوص في بعض  المفاهيم الأساسية التي تصدرت المدونة دون وجود إطار قانوني لها، ما جعلها نوعا من الشعارات المعنوية الظرفية التي لا تتمتع بالقوة الإلزامية في التطبيق، أو مواد أدرجت مصطلحات دون تحديد معايير تطبيقها، أو مواد أدرجت بعض المؤسسات دون وجود إطار قانوني لها، بل هناك مواد تتعارض فيما بينها وتتناقض.
·        تبين مما سبق عرضه أن واقع تطبيق مدونة الأسرة رغم مرور أزيد من عرش سنوات على دخولها حيز التنفيذ مازالت تواجه بعض الإكراهات والإشكالات ، مما يتطلب جهـودا مضاعفــة من طــرف الجميع ، وتوفـــر الرغبة في الإصلاح وليس الهــدم وذلك بالعمل على الآتي :

1ـ الربط بين المجهودات المبذولة للتطبيق السليم للمدونة ، وبين العمل من أجــل إصلاح القضاء بتحسين ولوج المواطن إليه ، وترسيخ مفهوم جديد للعدالة ، وهو الورش الضخم الذي يحظى الآن باهتمام الجميع وخاصة المسئولين عن جهاز العـــدالة بتعليمات سـامية من صاحب الجلالة نصره الله.
2 ـ الاستمرار في عملية تكــوين القضاة في علــوم أخرى مثل التواصل وعلـــم النفــــس الاجتماعي ، وإعادة التكوين بالنسبة للقضاة القدامى بما يتناسب مع التطورات المجتمعية التي عرفتها الخلية الأساسية للمجتمع ، وتوعية القضاة بأهداف النص وغاياته الأساسيــة
وضع إطار قانوني للوساطة الأسرية ، بل وجعلها إجبارية قبل المرور أمـــام القضاء كما هو العمل لدى بعض التشريعات العربية كالأردن.، مع إعادة النظر في آليات الصلح الحالية بما يحقق الاستقرار الأسـري ويقلل من حـــالات تفككه، وهنا يبرز دور المهتمين والباحثين والفقهاء والمختصين في الشأن القانوني والقضائي في نقد واقـــع آليات الصلح الحالية أمام ارتفاع نسب الطلاق والتطليق في السنوات الأخـــيرة، وآثارها السلبيــة على الأطفال. 
4ـ دور المساعــدات الاجتماعيات في التخــفيف من النزاعــات الزوجيــة وامتصاص الانفعالات الناجمة عن الظروف المشار إليها سابقا ما أمكن ذلك، وهذا يتطلب إصدار قانون منظم للمساعدات الاجتماعيات يجعله يقوم بالأعمال الموكولة إليه على أســـاس قانوني واضح ، يعتمد التركيز على استحضار مبادئ الشريعة الإسلامية في الرحمـة والمودة والمعاشرة بالمعروف .
        5-التبليغ عن حالات العنف بأشكاله ، حتى تتدخل الجهات المختصة بالزجر والعقاب عند      
         الضرورة ،أو إنهاء علاقة زوجية شرها أكثر من خيرها ، خاصة وأن الأطفــال أول من   
          يكون في مواجهة مباشرة أمام صراع غير متكافئ بين الزوجين .
     6-إيجاد عقوبات بديلة أقرب إلى إعادة التأهيل منها إلى الردع الجنائي، والاستئناس في ذلك  
        بالقانون المقــارن، دون إهمــال مراجعة القانون الجنائي بما يكفل حمــاية أقـــوى للمعنف    
        بإضافة مواد تجرم العنف الأسري عـــــامة والعنف الزوجي خاصة.
7-    توجيـــه العمل الجمعوي للتوعيــة واستنهاض القيم الإسـلاميــة في التسامح والتآزر لدى
    الأطراف المتنازعة، والتدخل الفعال عندما يكون النزاع مصحوبا بأعمال العنف بأشكــاله   
      الجسدي والنفسي والجنسي.
8-    تنشيط وتوجيه الإعــلام في التوعية بمقاصــد التعديل الذي مــس قــانون الأسرة؛ والذي  
تبين خلال عشر سنوات ونيف أنه دور قاصر. فباستثناء السنة الأولى التي صحبتها ضجة إعــــلامية تفتقر للمنهجية السليمة في التوعية، نستطيع القول إن الإعـلام المغربي قد فشل في حملة التعريف بمحتوى مــــدونة الأسرة وفي إطـــلاع الأسر على حقوقها وواجباتها، سواء لدى الإعلام المرئي أو المسمــوع أو المقروء إلا ما ندر، الأمــر الــذي عكس آثارا سيئة على نص هذا القانون وإثارة البلبلة والتشكيك حـولهو يجب الاعتمـــاد في جميع وســـائل الإعلام على أشخاص ذوي كفاءات متنوعة في هــــذا الميــدان لارتباط مشـاكل الأسـرة بالقـانوني والاقتصـادي والاجتماعي والديني والنفسي والطبي
9-    مسؤولية الجهات المختصة ورجال الدين من فقهاء وعلماء في العمل على غربلة مقتضيات الشريعــة من ترسبات التقاليـــد والموروثات والعـــادات التي اكتسبت، بفعل الوقـــت، قــوة أكبر بالمقارنة مع بعض النصوص الشرعية
10ـ مراجعة بعض النصوص وتعديلــها بما يضمن استقرار الأســــــرة بالشكل المرجو مــن
   هــــذا التعــديل، وخصوصــــا تلك التي أثارت إشكــاليات على أرض الواقـــع أو ســـاهم
   تأويلها الخاطئ في الرفع من الفرقة أو كـــانت صيــاغتها غـــامضة ممــا أدى إلى إهمــال   
   تطبيقها وضياع حقــوق أصحابها، أو جاءت فضفاضة وغير ملزمـــــة والتي تم التعرض
   لبعضها أعلاه
ولابد لنا من التطرق لبعض النصوص التي سيشملها التعديل القادم للمدونة لما سببته من إشكاليات في التطبيق والواقع وهي للذكر لاالحصر :
ـ  فيما يتعلق بزواج القاصر فنقترح التنصيص على إجبارية الخبرة والبحث الاجتماعي، وتوحيد العمل القضائي حتى يصبح زواج القاصر بالفعل، استثناء بجميع المقاييس في أفق القضاء عليه، واتخاذ إجراءات زجرية في حق الولي الذي يثبت ضده أنه زوج من يتولى أمرها قبل السن القانوني، دون اللجوء إلى طلب إذن المحكمة، ووضع عقوبات تأديبية لمن ثبت أنه منح الإذن لأقل من 18 سنة، أو التدخل تشريعيا لوضع حد أدنى للزواج وهو 17 سنة ، أو اتخاذ الخطوة الشجاعة بإلغاء الاستثناء وهذا ما انتبهت إليه العديد من التشريعات العربية التي حسمت في الأمر وحددت سن الزواج في 18 سنة فقط.
 ـ العمل على حل جذري لفئة كبيرة من الأطفال لن تستفيد من المادة 156 من مدونة الأسرة، وهم الأطفال الناتجون عن زنا المحارم أو الاغتصاب أو العنف الجنسي كيفما كان نوعه؛ هؤلاء الأطفال المرشحون لأن يكونوا الفريسة السهلة للمستغلين لظروفهم لغايات عديدة تثيرها المنظمات المهتمة بحقوق الطفل وطنيا ودوليا، ويعرضهم لكل أشكال الحرمان والهجرة السرية والانحراف عندما يكبرون.
ـ الاستئناس بالإحصائيات التي أشرفت على إعدادها وزارة العدل، حيث نشرت وزارة العدل أرقاما ونسبا لحصيلة سنوات من التطبيق الفعلي لمدونة الأسرة ، تحمل دلالات كبيرة وتمثل مادة خاما بالنسبة للدارسين والمهتمين والمتتبعين. وهي أرقام يجب استنطاقها من الناحية القانونية والعملية واستشراف ارتفاع نسبها أو انخفاضها اعتمادا على المحيط الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والديني والأخلاقي
ـ إنشاء محكمة لقضاء الأسرة بدلا من الاكتفاء بأقسام لقضاء الأسرة والتي غالبا ما تعرف اكتظاظا مهولا يعرقل الوصول إلى إصلاح ذات البين بين الأزواج، بل يؤدي إلى تعنتهما وارتفاع حدة الخصام بينهما
ـ ضمان سرعة معالجة الملفات المتراكمة باحترام الآجال وضمان حسن تنفيذ الأحكام.
ـ الرفع من مستوى التوعية بفلسفة المشرع وراء هذه المستجدات، والتي تتلخص فيما عبر عنه صاحب الجلالة بعدم تحريم حلال أو تحليل حرام، وضمان حماية حقوق المرأة والأطفال وصيانة كرامة الرجل
ـ الاستمرار في الجهود المبذولة لتلافي الإشكاليات التي نجمت عند تطبيقها قانونيا وعمليا، والحفاظ على إيجابيات هذا المكسب الوطني بالعمل الممنهج والمستمر وفق خطة واضحة تشارك فيها جميع الجهات المختصة
ـ دور النظام التعليمي في زرع ثقافة حقوق الإنسان لدى الطفل منذ مراحل تعليمه الأولية وتحفيزه على التعاطي مع مبادئ المساواة وتفادي الإضرار بالغير واحترام الآخر دون تمييز جنسي، وإعادة الاعتبار لمنظومة القيم لدينا المبنية على الود والرحمة والتعامل بإحسان
ـ إدماج الاتفاقيات الدولية في مرجعية مدونة الأسرة ووقف مغالطة استبعادها لتلافي رد فعل الاتجاه المحافظ .
ـ اعتماد الاجتهاد التنويري الذي يراعي روح الإسلام ومقاصده، ويأخذ بعين الاعتبار تطور المجتمع وتحدياته، وذلك بتجاوز الاجتهادات الفقهية المتشددة بفعل هيمنة العادات والتقاليد، واعتبار الزواج نظام تشارك وتشاور وتساكن وميثاق غليظ، وليس عقدا يخول الزوج سلطات تمس بإنسانية المرأة وكرامتها ويحصر أدوارها في الاستمتاع والإنجاب وخدمة البيت وتأديبها بالضرب إن لم تطع أوامره، وتوعية الزوجة في المقابل بأن إلغاء مفهوم الطاعة والقوامة لا يعني أبدا المساس بكرامة الزوج والتعنت في معاملته، فكلاهما يكمل الآخر على أساس من الاحترام والرغبة في الاستمرار والتشارك في تربية الأطفال
وكل هذه الأسباب والمقترحات التي نراها تتوقف حقيقةً على عنصر مهم وهو كيفية الصياغة القادمة للتعديلات المرتقبة على مدونة الأسرة والآلية المتبعة من قبل مجلس النواب صائغ التشريعات والقوانين فلا يمكن مطلقاً أن نصل إلي تحقيق العدل والمساواة وإصدار قوانين تواكب حاجات المجتمع المغربي وضرورات التطور نحو المجتمع الحداثي الديمقراطي المحافظ على الثوابت الإسلامية وعلى حضارة الماضي والأعراف والتقاليد إلا بالعمل على تطوير آليات العمل البرلماني ونلخص ملاحظاتنا في ذلك بالآتي  :
1-    إعادة النظر في النظام الداخلي للبرلمان فيما يتعلق باللجان البرلمانية وتكوين أعضائها القادمين من الفرق السياسية باشتراط شروط خاصة لبعض اللجان مثلاً .
2-    ضرورة زيادة عدد اللجان البرلمانية وفض الخلط في تصنيف عمل اللجان أي محاولة إيجاد حل بديل لإكتضاض التخصصات داخل اللجان الحالية وخصوصاً اللجنة "3" .
3-    توحيد المسميات والأغراض بين اللجان البرلمانية واللجان الاستشارية وليس مجلس المستشارين بوضعه الحالي داخل البرلمان .
4-    تنوع مكونات اللجان الاستشارية وتجديدها وتعديل نظام عملها وفقاً للنظام الداخلي للبرلمان .
هذا فيما يتعلق ببعض الملاحظات التي من الممكن أن تساهم في سرعة إتخاذ إجراءات تشريعية تتماشي ووتيرة المتغيرات التي تستدعيها حركية المجتمع لدي السلطة التشريعية أما فيما يتعلق بمدونة الأسرة وأمام الفراغ التشريعي الذي تسبب فيه التنزيل السابق لنص المادة "16" وكذلك التطبيق المنحرف عن القصد للتطليق للشقاق وغيرها من المواد المتناقضة والناقصة فأننا نقترح فيها على مستوي البرلمان ولجانه مايلي :
1-    تفعيل اللجان المؤقتة التي يجب استحداثها على أن يراعى في تكوينها تجنيبها للفرق السياسية في البرلمان وأن تشمل كافة مكونات المجتمع ومن جميع التخصصات ذات العلاقة بمدونة الأسرة لتفادي فرضية التوافق السياسي على حساب الأسرة والمجتمع
2-    الاستعانة بالخبرات والفقهاء ومدونات الأحوال الشخصية والأسرة بالدول الإسلامية
3-    التعجيل بتعديل مدونة الأسرة وملاءمة مقتضياتها للنصوص الدستورية والنظام العام
4-    العمل على تفعيل دور المجلس العلمي الأعلى في مواكبة التحولات التي تعرفها الأسرة بالشكل المطلوب .
5-    إصدار قانون للوساطة الأسرية ودليل عملي خاص بها .
6-    توسيع مستحقي مخصصات صندوق التكافل العائلي وتبسيط إجراءاته .
7-    منح فرصة حقيقية وعملية لمختلف مؤسسات المجتمع المدني للمشاركة عبر آلية برلمانية في صياغة وصنع القرار التشريعي .


الخاتمة
من خلال من سبق ذكره يتبين إن هناك فراغ هائل في التوعية بمضامين مدونة الأسرة وفلسفتها، ومدى تطبيق روح نصوصها، وإلصاق النتائج السلبية التي تكشف عنها الإحصائيات بها وحدها، كجسم قانوني جاء لينظم العلاقة الأسرية على أسس من العدل والمساواة ـ وإن أثبت الواقع المعيش وجود ثغرات في نصوصه أو صعوبات في تطبيقه أو نقص في آليات تفعيله ـ وذلك بإغفال عدة عوامل أهمها التربية والوازع الديني والجانب الاقتصادي والاجتماعي للمخاطبين بها ومدى وعيهم بمضامينها، وأن القانون والقضاء مهما صلحا وتطورا فلن يكونا سوى عنصرين يكملان باقي العناصر الأخرى، أن المسؤولية مشتركة بين المشرع والقضاء والجمعيات والإعلام والتعليم والمواطن نفسه، ولا يمكن تحميل الفراغ والنقص وسوء التطبيق لجهة معينة أو للنص القانوني أو حتى لأجهزة تطبيقه فلا مجال للسهو في وضع النصوص التشريعية أو للإغفال أو للتوافق السياسي بين الاتجاهات السياسية المكونة للفرق البرلمانية المسئولة عن إيجاد الحلول للمشاكل التي رافقت العمل بنصوص المدونة خلال عشريتها الأولي من التطبيق .
ولابد أن تأخذ السلطة التشريعية بعين الاعتبار في التعديل القادم التحديات التي أصبح يشكلها موضوع " الشريعة الإسلامية " واستغلال التغراث وفلسفة الاجتهاد الفقهي كذريعة لنشر الأفكار والمناهج المتشددة لضرب المكتسبات الحضارية والوطنية في تأجيج فتنة " الدولة الإسلامية " وتحكيم شرع الله بالطريقة الهمجية التي تعتمد التخريب والدمار والقتل .
 كل هذا يفرض على المجتمع المدني والحكومة المغربية التفكير بجدية في استحداث قوانين وتبسيط مساطرها لتسير والتغيير الحاصل في المجتمع والتركيز على " الاستباقية " في تطوير النصوص التشريعية ،والعمل على نشر الوعي وإرشاد المواطن بداية من التلميذ في المدرسة مرورا بخلق دورات تدريبية للعمال والموظفين والفلاحين وغيرهم وصولا إلى وسائل الإعلام باختلاف أنواعها حتى يعرف كل مواطن واجباته وحقوقه لان القوانين وحدها لن تغير المجتمع أن الوضع الحالي والقادم يفرض على السلطة التشريعية أن تدرس الحالات الاجتماعية دراسة مستفيضة موضوعية بعيدة عن ردهات الفرق السياسية وطموحاتها الحزبية ،والاستفادة من وسائل التكنولوجيا المتطورة وخصوصاًالشبكة العنكبوتية لخلق استفتاءات غير رسمية لمعرفة آراء الشعب قبل سن القوانين, لأنها موضوعة لشعب ومن حقه الديمقراطي المشاركة وإبداء الرأي بها.

 







قائمة المراجع
الكتب
1-       د.محمد الكشبور ،الوسيط في قانون الأحوال الشخصية – الطبعة الخامسة 2013
2-       د.محمد الأزهر ،شرح مدونة الأسرة الطبعة السادسة 2013 مطبعة دار النشر العربية –الدار البيضاء
3-       د. إمحمد لفروجى، مدونة الأسرة وفق آخر التعديلات المدخلة بالقانون 08.09 بشأن سماع دعوى الزوجية الطبعة الثالثة 2013 مطبعة النجاح الجديدة .
4-       دستور المملكة المغربية 2011
5-       النظام الداخلي للبرلمان المغربي .
6-       د.سعيد محمد الجليدى،أحكام الزواج والطلاق وآثارهما في القانون الليبي الجزء الأول الطبعة الثانية 2010 مطبعة عصر الجماهير – الخمس .
7-       د.أحمد الخمليشي من مدونة الأحوال الشخصية إلى مدونة الأسرة؛ الجزء الأول – الزواج؛ طبعة 2012؛ مطبعة المعارف الجديدة – الرباط.
8-       د.محمد الكشبور ،الوسيط في شرح مدونة الأسرة الكتاب الثاني "إنحلال ميثاق الزوجية وآثاره " الطبعة الثانية 2009 مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء .
9-       أ. رشيد مشقاقه ، وجهة نظر قانونية طبعة 1995 شركة بابل للطباعة والنشر والتوزيع الرباط .
10-إدريس بلمحجوب ، مستجدات مدونة الأسرة وتطبيقاتها العلمية – سلسلة الموائد المستديرة بمحكمة الاستئناف بالرباط 2010
11-مجموعة من الاختصاصيين – ثورة هــادئة من مدونة الأحـــوال الشخصيــــة إلي مدونة الأســـــرة – منشورات الزمن ،مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء 2004
الأطروحات العلمية :
1-      فتحية الشافعي ، إلتزام المساكنة بين الزوجين وآثار الإخلال بها – أطروحة لنيل الدكتوراة في الحقوق – جامعة محمد الخامس أكدال 2004
2-     عبدالباسط الهادي أحمد النعاس ،أحكام الولاية على النفس في الفقه الإسلامي والقانون الليبي والمغربي – أطروحة لنيل دكتوراة الدولة في القانون الخاص- كلية الحقوق بالدار البيضاء 2001
الدوريات
1-      د.خالد برجاوي ،تطور إثبات ونفى النسب في القانون المغربي سلسلة ندوات محكمة الاستئناف بالرباط العدد 2 لسنة 2011
2-      د.ة. حنان سعيدي ،مقتضيات المادة "16" من مدونة الأسرة منشورات مجلة الحقوق العدد 13
3-      مجلة البحوث الفقهية القانونية العدد الثالث يونيو 2004 دار القلم للطباعة الرباط
4-      مجلة البحوث الفقهية القانونية العدد الخامس 2006دار القلم للطباعة الرباط
5-      - مجلة المذهب المالكي العدد الثامن عشر ربيع 2014مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء
6-      فتيحة الشافعي: مدونة الأسرة بعد ست سنوات من تطبيق مدونة الأسرة المكاسب، المعوقات والآثار؛ مقال منشور بمجلة الفقه والقانون الإلكترونية؛ بتاريخ 15 شتنبر 2011
محاضرات :
- مشقاقة رشيد , محاضرات في قانون الأسرة المعمق , ماستر القانون و الممارسة القضائية , السنة الجامعية 2013-2014 
 2- د.ة الشافعي فتيحة , محاضرات في قانون الأسرة المعمق , ماستر القانون و الممارسة القضائية , السنة الجامعية 2013-2014 

3-د.ة المصلي جميلة , محاضرات في قانون الأسرة المعمق , ماستر القانون و الممارسة القضائية , السنة الجامعية 2013-2014 

شاركنا بتعليقك...

التعليقات



، اشترك معنا ليصلك جديد الموقع اول ً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

احصائيات الموقع

جميع الحقوق محفوظة

علوم قانونية وادارية

2010-2019