مقدمــــــة :
يتم التطرق فيها إلى بعض النقط ذات الصلة بالموضوع, ولا سيما السياق التاريخي لظهور قانون صعوبات المقاولة مع نظرة موجزة عنه , ثم تناول أهمية الموضوع على ضوء ذلك .
تعرف صعوبات المقاولة على أنها عجز التاجر أو الشركة التجارية أو الحرفية عن مواجهة الخصوم بالأصول القابلة للتصرف أو إحاطة الدين بمال المدين ، أو استغراق الديون جميع أموال المحكوم عليه و العجز عن تأديتها مــن قبله و ليس فقط الديون المستحقة التي يكتفي بها في نظام الإعسار.
يستند قانون صعوبات المقاولة على فصل مصير المدين عن مصير المقاولة ، بحيث لم يعد ذلك الطابع الزجري بارزا كما كان في الماضي، إذ تم التقليص منه إلى حد كبير، و تم الإبقاء فقط على العقوبات التي مـن شأنها حمايـــــــــة المصالح المرتبطة بالمقاولة ، ( انظر القسم الخامس من الكتاب الخامس لمدونة التجارة المتعلق بالعقوبات المتخذة ضـــد مسيري المقاولـــة).
و تتم معالجة هذه الصعوبات بالسبل الوقائية ، إذا تم الكشف عنها قبل توقف المقاولة عن دفع ديونها ، و ذلك إما بواسطة أجهزة داخلية كمراقبي الحسابات ، أو خارجية أي ما يسمى بالتسوية الودية التي تتم بتدخل عناصر خارجة عن المقاولة ، و المتمثلة في قضاء و في الدائنين الذين يملكون مفاتيح المقاولة.
في حين تتم معالجة هذه الصعوبات بوسائل تقويمية و علاجية عند ثبوت توقف المقاولة عن دفع ديونها، بحيث تفتتح مسطرة المعالجة هذه المقاولة إما بطلب من رئيس المقاولة ، أو من الدائنين ، أو من طرف النيابــــــة العامة، أو من المحكمة تلقائيــــــــــــــا.
و تبتدئ هذه المسطرة بفترة لاعداد الحل يعمل فيها السنديك على إعداد تقرير الوازنة المالية و الاقتصاديـــــــــة و الاجتماعية للمقاولة تحت إشراف القاضي المنتدب خلال مدة أربعة اشهر قابلة للتجديد مرة واحدة، و على ضوء ذلـــك تحدد المحكمة التجارية المصير الملائم لوضعية المقاولة ، الذي قد يكون هو التسوية القضائية التي قد أخذ شكل مخطــط للاستمرارية أو محفظ للتفويت إما كليا أو جزئيا لحد الاغيار ، و إما وضعها في حالة التصفية القضائية إذا كان وضعها مختلا بشكل لا رجعة فيه.
تتمثل أهمية الموضوع من خلال رصد المواد المتفرقة التي خص بها المشرع الدائنين الناشئة ديونهم قبل فتــح المسطرة, إذ أنه لم ينظمها فـي فصل واحد. الأمر الـذي يزيد مـن صعوبة وحصر شتـات الموضوع والإشكاليات التـــــي يطرحها, ذلك أنه ينبغي التطرق لوضعية الديون منذ صدور الحكم القاضي بفتح مسطرة معالجة صعوبات المقاولة التــي تبتدئ بفترة لاعداد الحل, كما بتبغي تتبع وضعيتها في كل مسطرة يمكن أن تتخذها المحكمة بخصوص المقاولة فينبغـــي تصور جميع الحلول سواء كان الحل هو مخطط الاستمرارية أو التفويت للأغيار أوالتصفية القضائية, إضافة إلى التطرق لمجموعة من النصوص الأخرى كالقانون المدني الذي ينظم الكفالة وترتيب الدائنين ومدونة تحصيل الديون العموميــــة, وكذا مدونة الشغل فيما يخص الأجراء .
من هنا تتجلى لنا إشكالية الموضوع المتمثلة في مدى فعالية الحماية المقررة للدائنين الناشئة ديونهم قبل فتح المسطرة سواء في فترة إعداد الحل أو عند تنفيذه, من خلال قانون صعوبات المقاولة الذي يهدف بالأساس إلى حماية المقاولة.
تعتبر فترة إعداد الحل مرحلة ملاحظة وتشخيص وانتظار, وتسمى بفترة تشخيص وملاحظة لقيام الأطـــــراف المتدخلـة بدراسـة جميـع المعطيات القانونيـة والاقتصاديـة والاجتماعية للمقاولـة مـن أجأل إيجاد أفضل الحلـول الممكنــة, وتسمى بفترة انتظار, لاضطرار الدائنينفيها لانتظار القرار الذي ستتخذه المحكمة والذي سيحدد مصير المقاولةوبالتالـي مصير ديونهم .
وهكـذا تتأثر وضعية أصحاب الديون خلال هـذه الفترة بشكل ملموس, حيث يتعرضون لمجموعة مـن القيــــود نوردها فيما يلي :
1: الزامية التصريح بالديــــــــــون :
يعتبر التصريح بالدين الخطوة الأولى التي يعلن بواسطتها الدائن عن وجوده وعن مركزه القانوني, حيث يقوم وفق مسطرة معينة, بالإفصاح عن مبلغ دينه وعن طبيعته وكذا ملحقاته إن وجدت , وذلك خلال آجـال محـددة لا ينبغـــي تجاوزها وإلا سقط الدين, ما لم يقم برفع دعوى السقوط إذا توافرت شروطها.
و التصريح بالدين إجراء إلزامي طبقا للمادة 686 من مدونة التجارة, ولا يمكن اعتبار أن الالتزام الملقى على عاتق المدين بالتصريح بدائنيه كما هو وارد في المادة 689 من مدونة التجارة , بمثابة إعفاء الدائنين من التصريــــــح .
فالمادة686 من م.ت ألزمت جميع الدائنين الناشئة ديونهم قبل افتتاح المسطرة بالتصريح بها، باستثناء الأجراء الذين توخى المشرع من استثنائهم حمايتهم لكونهم غالبا ما يعتبرون الطرف الضعيف في العلاقة الشغلية،غيـر أن ذلـــك الاستثناء يبقى عند ذلك الحد لعـدم التنصيص على مقتضيات مهمة كما هو الشأن مثلا في القانون الفرنسي الـذي متعهــــم بامتياز ممتــــــــاز .
فباستثناء الأجـراء ،فـان جميع الدائنين الناشئة ديونهم قبـل افتتاح مسطرة التسوية يخضعون لإجراء التصريـــح بالديون, سواء كانوا دائنين عاديين, أو حاملين لضمانات آو عقد ائتمان ايجاري تم شهرهما بخلاف قانون الإفلاس الملغـى الذي كان يتضمن عدة مقتضيات تفرق بين مختلف الدائنين .
أ - : الدائنون الغير الحاملين لضمانات أو عقد ائتمان ايجاري:
يتمثل الدائنون الغير الحاملين لضمان أو عقـد ائتمان ايجاري فـي الدائنين العاديين الحاصلين على امتيــــــــــــاز.
والدائن العادي هو الذي لا يحضى بامتياز لا عام ولا خاص ولا بأي رهن رسمي أو حيا زي, بينما الدائن الحاصل على امتياز هو الذي يحضى بأحد الامتيازات التاليـــة :
- الامتيازات المنصوص عليها في الفصل 1243 من ق.ل,ع .
- الامتيازات المنصوص عليها من المادة 105 إلى 111 من مدونة تحصيل الديون العمومية .
- الامتيازات المنصوص عليها في المادة 28 من ظهير 27 يوليوز المتعلق بنظام الضمان الاجتماعي.. .
وهكذا ينبغي على هـذه الفئة التصريح بديونها دون إشعار شخصي مـن طرف السنديك, وعليـه فان الصندوق الوطني للضمان الاجتماعـي وبالرغم مـن كونه يحضى بامتياز قانوني طبقا لظهير 23 غشت 1972 فانه لا يعتبر من طائفــــــة الدائنين التي يجب أن تشعر شخصيا وهـذا ما ذهبت إليه محكمـة الاستئناف التجارية بفاس التي جاء في حيثيات إحــــــدى قراراتها : ” وحيث إن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لا يتمتع بأي امتياز معين وكان يتعين عليه أن يصرح بدينـه من جملة الدائنين داخل أجل شهرين ابتداء من تاريخ نشر حكم فتح المسطرة للجريدة الرسمية “.
أما بالنسبة للخزينة العامة فلها وضع خاص، فهي تتمتع بمجموعة من الامتيازات المنصوص عليها في المواد مــن 105 إلى 111 من مدونة التحصيل العمومية، كما أنها تتمتع طبقا للمادة 113 من نفس القانون برهن رسمي على جميــــع الأمـلاك العقارية للمدينين الذيـن يدينون بمبلـغ يساوي أو يفـوق 20 000 درهم ، و الـذي لايمكن تقييده في المحافظــــــة العقارية إلا ابتداء من التاريخ الذي يتعرض فيه المدين للزيادة الناتجة عن عدم الأداء، وهذا ما يجعلها متمتعة بضمان فــي هذه الحالة الأخيرة.
ب : الدائنون ذوو الضمانات أو عقد ائتمان ايجاري :
تتميز هذه الفئة من الدائنين بكون السنديك ملزم بشعارها شخصيا بضرورة التصريح ، فان لم يقم بذلك ، يبقــــى من حقها الاحتجاج بعدم سقوط الدين ،و تتمثل هذه الفئة في الدائنين الحاصلين على ضمانات أو عقد ائتمان ايجاري تـــــم شهرهما كما هو وارد في المادة 686 من مدونة التجارة ،و المقصود بالضمانة الواردة في هذه المادة ” الضمانة التي يتــم شهرها، علما أن المفهوم القانوني للإشهار هو إعلام الغير بواقعة لم تكن معروفة لديه و ذلك عن طريق الإيداع والتسجيل أو التقييد و الإعلان
و تنقسم الضمانات التي حددها المشرع إلى نوعين ، ضمانات عينية و أخرى شخصيــة.
و تتمثل الضمانات العينية في :
- الرهن البحري المنصوص عليه في قانون الملاحة التجارية حسب ظهير 31 مارس 1919
- الرهن العقاري المنصوص عليه في ظهير 2 يونيو 1915
- الرهن الحيازي للمنقول و الرهن التخلي عن الحيازة المنصوص عليها في المادة 337من م.ت.
2 : مسطرة التصريح بالديون :
أ): التصريح بالدين من حيث الشكل والمضمون:
إذا كان عدم تحديد المشرع لشكل التصريح قد يعني ترك الحرية للدائن في التصريح بالطريقة التي يراها مناسبة، فان مصلحة الدائن تقتضي أن يتخذ التصريح شكلا كتابيا.
كما أن هذا الأمر يستفاد من البيانات التي تطلب المشرع إدراجها و التي لا يمكن إيرادها إلا إذا كان التصريـــــــح
مكتوبـــــــــــــا.
و يمكن أن يقوم الدائن بالتصريح شخصيا أو يفوض غيره كما جاء في الفقرة الأخيرة من المادة 686 من مدونــــة التجارة، المهم هو أن يكون مؤهلا لذلك ، على أن يتضمن التصريح بمجموعة من البيانات ، و أن يوضح الشخص الموجه ضده التصريح.
ب ):آجال التصريح بالدين و أثاره :
أول ملاحظة يمكن إثارتها بهذا الصدد هي تعدد الآجال ، فلقد حددت المادة 687 من م ت أجل التصريح، و الــــذي يختلف حسب بلد إقامة الدائن ، وكذا طبيعة الدين و مصدره .
فبالنسبة للدائنين القاطنين بالمغرب، فان أجل التصريح هو شهرين ابتداءا من تاريخ نشر الحكم القاضي بفتــــــــــح المسطرة في الجريدة الرسمية، وبالنسبة للقاطنين بالخارج، فان أجل التصريح يمتد إلى أربعة أشهر ابتداءا من نشر الحكم بالجريدة الرسميـــة.
و بالنسبة للدائنين الحاملين لضمانات أو لعقد ائتمان ايجاري تم شهرها، فانه يتم الاعتداد بتاريخ التوصل بالإشعـــار الموجه لهم من طرف السنديك.
و بالإضافة إلى ما ذكر ، فهناك أجل آخر خاص بالدائنين المشار إليهم في المادة 573 من م ت، إذ وطبقا للفقـــــرة الثانية من م 687 من م ت ، فان الأجل ينتهي بمرور 15 يوما بعد تاريخ الحصول على التخلي عن مواصلة العقد متـــــى كان هذا التاريخ لاحقا بتاريخ الأجل المنصوص عليه في الفقرة الأولى من م 687 من م ت .
و مما تجب الإشارة إليه هو أن أجل التصريح بالدين هو اجل سقوط ، و ليس أجل تقادم، و بالتالي فلا يمكن أن يكون الأجل موضـوع إيقـاف أو قطـع ، لذا يتعيـن على الدائنيـن توخي الحذر والمبادرة بالتصريح خلال الأجــل المحـدد ، وإلا ترتب عن ذلك سقوط الدين.
ج) : الجزاء المترتب عن عدم التصريح بالدين :
يترتب عن عدم التصريح داخل الأجل القانوني سقوط الدين، أي حرمان الدائنين من المشاركة في التوزيعـــــــات و المبالغ التي لم توزع بعد طبقا للمادة 690 من م ت ، هذا مـا لم يقم الدائن بسلوك دعوى رفع السقوط عنـد توافـــــــــر شروطهــــــا.
و سنركز هنا على دعوى رفع السقوط، و التي تهدف أساسا إلـى تجنيب الدائن الأثر السلبي الـذي يرتبه السقـــوط على الدائنين ، والى تمكينهم من المشاركة في تقسيم التوزيعات الموالية لتاريخ طلبهم.
و حتى يتم قبول هذه الدعوى ، ينبغي على الدائن إثبات أن سبب عدم التصريح بالدين لا يعود إليه، و ذلك داخــل أجل سنة ابتداء من تاريخ صدور الحكم القاضي بفتح المسطرة، فمتى أثبت أن سبب عدم التصريح داخل الأجل القانوني لا يعود إليه، فانه يرفع عنه السقـــــوط.
و قد بحثنا عن طبيعة هذا السبب ، فوجدنا أن المشرع المغربي لم يحدد طبيعته، و عليه وحسب رأينـا المتواضـــع، فيمكن أن يكون سبب عدم التصريح هو القوة القاهرة ، مثلا، أو غيرها، المهم هو أن لا يرجع السبب إلى الدائن، و كمثــال إضراب مصالح البريد أو جهل الدائن بوجود دينه قبل انصرام أجل السقوط.
3 : تحقيـــق الديــــــــون :
تهدف عملية تحقيق الديون إلى تحديد خصوم المقاولة و هي مسطرة دقيقة و جوهرية بالنسبة للدائنين و المقاولـــة على السواء، فالتحقيق هو الذي يمكن من استبعاد جميع الديون التي قدمت على سبيل الاحتياط ، خرقا للقواعد الخاصـــــة بنظــام التصريح، أو خارج الآجال القانونية ، كما أنها تسمح بالبث في مختلف المنازعات التي قد تثار بهذا الشأن.
و تعتبر هذه المسطرة إجبارية, تخضع لها مبدئيا جميع الديون المصرح بها, باستثناء الديون العادية خلال مرحلــة التفويت أو التصفية القضائية, وذلك إذا اتضح أن منتـوج الأصول ستستهلكه بالكامل المصاريف القضائية والمثقلـــــــــــة بامتياز, ما لم يتعلق الأمر بشخص معنوي, حيث يتم في هذه الحالة تحميل المسيرين القانونيين أو الفعليين مأجورين أم لا, كلا أو بعضا من خصوم المقاولة طبقا للمادة 704 من م.ت .
ويستثنى أيضا من عملية التحقيق, الديون التي كانت موضوع دعوى جارية من أجل إثبات الدين وحصر مبلغـه, والتي صدر بشأنها حكم يقضي بوجود الدين, ذلك أن هذه الأحكام تكون حائزة لقوة الشيء المقضي به طبقا لمقتضيـــــات المادة 655 من م.ت .
ونظرا لأهمية عملية تحقيق الديون, والآثار المترتبة عنها, سواء بالنسبة للمقاولة أو بالنسبة للدائنين, فلقد عمـــــل المشرع المغربي على إشراك مجموعة من الأطراف فيها, حيث أوكل هذه المهمة في مرحلة أولى للسنديك باعتبـــاره الشخص المؤهل لاعداد تقرير الموازنة المالية والاقتصادية والاجتماعية, وذلك بمساعدة المراقبين باعتبارهم ممثلين عـن الدائنين , كل هذا يتم تحت مراقبة القاضي المنتدب الذي تبقى له وحده صلاحية اتخاذ القرار في مرحلة ثانية, علــــــى أن يبقى للدائنين حق الطعن فيه حسب ما تنص عليه المادة 697 من م.ت , بل وأكثر من ذلك, فلقد مكن المشرع الأغيـــــــار أيضا من الطعن ضد مقررات القاضي المنتدب بمقتضى المادتين 700 و 701 من م.ت , واللتين عنونهما بمطالـــب الأغيــــــــار .
4: الحد من المبادرات الفردية :
ذهب المشرع في رغبته لإنقاذ المقاولة إلى درجة المساس بحقوق الدائنين , فرغبته القوية في مساعدة المقاولــــــة للتخلص من مشاكلها والإسهام من جديد في الاقتصاد الوطني, وتوفير إطار قانوني لجلب الاستثمارات الوطنية والأجنبية, جعلته يرجح مصلحة المقاولة على باقي المصالح الأخرى متناسيا أن دائني المقاولة بدورهم قد يكونون مدينين لآخريــن , مما سيؤثر سلبا على الدورة الاقتصادية .
كما أهمل المشرع أيضا وبشكل واضح وضعية الأجراء, إذ أن اهتمامه بهم لم يرق إلى المستوى المطلــــــوب .
ويتجلى هذا المساس في مجموعة من القواعد التي وان كانت تحمل في طياتها نوعا من المساواة بين الدائنيـــن إلا أنها في مجملها تضر بهم .
فمن جهة فقد أخضع كل دائن ناشئ دينه قبل افتتاح مساطر معالجة صعوبات المقاولة, وكيفما كان مركزه إلى مبدأ وقف المتابعات الفردية, ومن جهة أخرى فقد منع جميع الدائنين من استيفاء ديونهم, ورتب على كل أداء يقوم به المديــــن جزاء البطلان بالإضافة إلى جزاءات أخرى كما منعهم من تقييد الرهون والامتيازات .
وللالمام بالإشكاليات المحيطة بهذه النقطة, سنتناول – بشكل موجز – وقف المتابعات الفردية وسريان الفوائد, ثـــم منع استيفاء الديون وتـقـييد الرهون والامتيازات .
أ ) - وقف المتابعات الفردية وسريان الفوائــــد :
نشير بداية إلى أن المتابعات الفردية وسريان الفوائد تتعارض مع الطابع العلاجي الذي توخاه المشرع مـــــــــــن صعوبات المقاولة، لهذا نص على وقفهما على الأقل في فترة إعداد الحل .
ويقصد بوقف المتابعات الفردية، منع كل دائن ناشئ دينه قبل صدور حكم مسطرة التسوية, من مباشرة أي إجراء للتنفيذ, أو دعوى لاستيفاء دينه, أو فسخ عقد من أجل عدم أداء مبلغ من المال, أو الاستمرار في دعوى كانت مرفوعــــة قبل صدور الحكم, وذلك من أجل تحقيق المساواة بين الدائنين .
ويلعب إجراء وقف المتابعات الفردية دورا أساسيا في تحقيق السياسة المتوخاة من التسوية القضائية, فوقف المتابعات الفردية يمكن مختلف الأطراف المتدخلة في إعداد الموازنة المالية والاقتصادية والاجتماعية لمشروع المخطــط الممكن اعتماده, دون أن تكون المقاولة مهددة بأي إجراء يعرقل الأطراف الفاعلة لتشخيص المقاولة وإعداد الحل الملائــم لها, لهذا فقد وسع المشرع من نطاق تطبيق هذا المبدأ – مبدأ الوقف – وان مكن على وجه الاستثناء بعض الدائنين من نوع خاص من مطالبة مدينهم لاسترجاع أموالهم, وهم الدائنين ذوي الحقوق القابلة للاسترداد .
هذا فيما يتعلق بوقف المتابعات الفردية, وفيما يخص وقف سريان الفوائد، فهو كقاعدة يهدف أساسا إلى تبسيـــــط المسطرة الجماعية, وتخفيف عبء تفاقم الديون على المقاولة حتى تستطيع هذه الأخيرة العودة إلى الحالة السليمة, ولكنــه بالمقابل، لا يهدف إلى تحقيق المساواة بين الدائنين كما هو الحال بالنسبة لوقف المتابعات الفردية, ذلك أن مبدأ المســـــاواة لا يعني معاملة الدائنين على قدم المساواة حتى ولو كانت حقوقهم مختلفة .
ب ) - المنع من استيفاء الديون وتقييد الرهون والامتيازات :
منع المشرع المغربي من حيث المبدأ في المادة 657 من م.ت ،المدين من أداء الديون للدائنين الناشئة ديونهم قبل فتح المسطرة, كيفما كان مركزهم, سواء كانوا حاصلين أم لا على رهون أو امتيازات, أو كيفما كان الأداء, سواء كان نقدا أو بالتحويل أو بالأوراق التجارية أو بأية طريقة كانت .
غير أن الأداء الذي يتم بواسطة الشيك, يكون مقبولا إذا تم إصداره قبل صدور الحكم القاضي بفتح المسطـرة, لأن ملكية مؤونة الشيك تكون قد انتقلت إلى المستفيد بمجرد الإصدار, ولا يعد تقديم الشيك للوفاء سوى إجراء ماديا يتــــم لأجل معاينة واقعة قانونية تكون قد تمت من قبل كما ذهب إلى ذلك الأستاذ آمحمد لفروجي .
ويبتدئ هذا المنع من يوم النطق بالحكم القاضي بفتح مسطرة التسوية, إلا أن الأداءات التي تتم في المرحلة السابقة للحكم والتي تكون قد تمت في فترة الريبة ( وفترة الريبة هي الفترة السابقة لصدور الحكم القاضي بفتح التسوية أو التصفية) تكـون قابلة للإبطال طبقـا لمقتضيات المادة 682 مـن م. ت , باستثناء الأداءات التي تتـمبواسطـة الأوراق التجارية كما ورد في المادة 684 من م. ت , وهذا تحت طائلة بطلان كل أداء مخالف .
وفيما يتعلق بمنع تقييـدات الرهـون والامتيازات فيقصد بـه منع المدين أو السنديك مـن القيام بشهـر الرهون والامتيازات التي نشأت قبل الحكم, سواء كان الشهر بواسطة التسجيل أو القيد في السجل التجاري, وتعتبر هذه القاعدة من القواعد القانونية التي تعمل على تحقيق مصلحة المقاولة والدائنين معا .
وينطبق نفس المبدأ على جميع الرهون والامتيازات سواء وردت على عقارات أو منقولات, وكيفما كانت طبقا لمقتضيات المادة 666 التي جاءت عامة .
وإذا كان المبدأ هو منع التقييدات فان المشرع نص على استثناء واحد وارد في المادة 578 من م. ت يقضي بإمكان تقديم رهن رسمي أو رهن من طرف السنديك أو رئيس المقاولة بعد الحصول على إذن من القاضي المنتدب .
هذا ولم ينص المشرع المغربي على أي جزاء في حالة خرق هذه القاعدة ، ومع هذا يمكن القول بأنه في حالة خرقها يطبق جزاء البطلان لكونها من النظام العام .
تبين من خلال ما سبق أن تغيير المفاهيم والأهداف وفصل شخص المدين عن المقاولة، كان له بالغ الأثر على وضعية الدائنين الناشئة ديونهم قبل فتح المسطرة, حيث كان هاجس المشرع متجسدا في حماية المقاولة دون الدائنيـن، متناسيا أن هؤلاء الدائنيـن فـي أغلبهـم أصحـاب مقاولات, الشيء الذي جعـل الحماية القانونية لهـذه الفئـة لا ترقى إلى تطلعاتها، مما يبقى معه أمر تعديل القانون بشكل يتلاءم مع المقاولة المغربية ومستقبل الائتمان أمرا ضروريا وملحا لكون القانون على حالته التي هي عليه الآن غير صالح للوضع المغربي.
المراجـــــــــع :
أحمد شكري السباعي : الوسيط في مساطير الوقاية مـن الصعوبات التـي تعترض المقاولة ومساطـر معالجتها, ج. الأول, دار نشر المعرفة الرباط, ط . الثانية 2000 .
آمحمد لفروجي : صعوبات المقاولة والمساطر القضائية الكفيلة بمعالجتها, مطبعة النجاح الجديدة ط . الأولـــــــي 2000 .
التصريح بالديون في إطار مسطرة معالجة صعوبات المقاولة الإجراءات والآثار, مقال منشور بالمجلة المغربية لقانــــون الأعمال والمقاولات, ع . 3 شتنبر 2003 .
أثـار فتح مسطرة التسوية القضائية علـى الدائنين الناشئة ديونهم قبـل فتح المسطرة مقـال منشور بمجلة القصر عـــدد: 12 شتنبر 2005.
شاركنا بتعليقك...