-->
علوم قانونية وادارية علوم قانونية وادارية

اخر المواضيع

جاري التحميل ...

حصر مخطط الاستمرارية للمقاولة الخاضعة لمساطر المعالجة من الصعوبات

حصر مخطط الاستمرارية للمقاولة الخاضعة لمساطر المعالجة من الصعوبات
محمد انفلوس منتدب قضائي
                                                                              بالمحكمة التجارية باكاديــــر
تقديم:
إن حصر المحكمة التجارية لمخطط الاستمرارية لفائدة مقاولة أو تاجر تمتع مسبقا بميزة التسوية القضائية يعد مصب كل الإجراءات المتخذة منذ افتتاح المسطرة والغاية التي ترمي إليها، وللمحكمة التي تنظر في تقرير السنديك المتضمن لاقتراح هذا الأخير كامل السلطة التقديرية وأوسعها أثناء إعمال هذا الاختيار ولا تتقيد إلا بالأهداف النبيلة التي رسمها المشرع والتي تتمثل في استمرارية نشاط المقاولة، والحفاظ على مناصب الشغل وكذا تصفية الخصوم.
ومخطط الاستمرارية، يمكن القول بأنه إنما أتى على غرار اتفاق الصلح الذي كان معمولا به في ظل نظام الإفلاس الملغى والذي كانت المحكمة تصادق عليه بطريقة ميكانيكية بالنظر إلى الآجال الجديدة المقترحة على الدائنين دون الاهتمام بإمكانيات المقاولة في احترام هذه الآجال.
ويشترط للتصريح بحصر مخطط الاستمرارية للمقاولة أن تكون هذه الأخيرة قابلة فعلا للتقويم والتعديل، والا فينطق بالتصفية القضائية في مواجهتها.
ولقد جاء من بين حيثيات الحكم عدد:15/2002 الصادر بتاريخ:13/03/2002 في الملف عدد:9/2000 عن المحكمة التجارية بمراكش "....وحيث انه لا يوجد بالملف ما يفيد وجود إمكانيات جدية لتسوية وضعية المقاولة وسداد الخصوم ولم يتقدم أي متر شح لتفويتها ولا يبدو أن أي حل من حلول التسوية ممكنا مما يتعين معه التصريح بالتصفية القضائية للمقاولة...."
ويبدو أن تدخل المحكمة في هذا النطاق يضعها كسلطة قضائية في محك التجربة ويعدو أقوى اختبار لمدى نجا عتها في تحديد مصير المقاولات وهو الشيء الذي لن يتأتى دون كفاءة قضاة غرفة المشورة وإطلاعهم الواسع على ميادين أخرى من قبيل المحاسبة وتدبير المقاولات خاصة إذا ما أدركنا أن في مثل هذه القضايا يكون حجم الصلاحيات الممنوحة للقضاء اقتصادية أكثر منها قانونية.
علاوة على ما فصل سلفا، وتأسيسا عليه، فان مخطط استمرارية المقاولة يعد انسب وأنجع الحلول لا سيما في نظر الدائنين ورؤساء المقاولات ذلك أن استمرار المقاولة في مزاولة نشاطها تحت إدارة صاحبها يعد بالنسبة لهذا الأخير إنجاز يبعث على الارتياح، غير أن المحكمة لا تقوم بالمصادقة على هذا المخطط إلا بناء على معايير موضوعية لا ذاتية وتتمتع لتلك الغاية بسلطة واسعة في إعمال الاختيار بين الحلول المقترحة ( المبحث الأول ) وقد تبدو عبارة مخطط الاستمرارية عند أول وهلة مفهومة ورغم حداتثها في إطار صعوبات المقاولة غير أنها مبهمة لدى غير الفاعلين أو الممارسين لهذا النوع من المساطر مفهوما وطبيعة قانونية ثم لاحتوائها لاستمرارية عن طريق التسوية واستمرارية عن طريق التفويت ( المبحث الثاني )وتقوم المحكمة أيضا بمجموعة من التدابير رغبة في حصر مخطط الاستمرارية ( المبحث الثالث ) وتملك أخيرا الحق في فسخه في حالة الإخلال بتنفيذ الالتزامات الواردة فيه ( المبحث الرابع ).
المبحث الأول: المعايير التي تعتمدها المحكمة في تبني مخطط استمرارية المقاولة:
تنص المادة 590 من مدونة التجارة على انه " تقرر المحكمة إما استمرار قيام المقاولة بنشاطها أو تفويتها أو تصفيتها القضائية و ذلك بناء على تقرير السنديك وبعد الاستماع لأقوال رئيس المقاولة والمراقبين ومندوبي العمال "
ويتجلى من استقراء هذه المادة أنها تحوي جملة من الإجراءات الواجب اتباعها، فتنطلق المحكمة أولا من تقرير السنديك ( ا ) ثم تستمع بعد ذلك لأقوال الأطراف
أ‌-      ضرورة انطلاق المحكمة من تقرير السنديك:
بالرغم من أن المحكمة غير ملزمة بتبني مخطط التسوية المقترح من طرف السنديك في إطار إعداده للحل الكفيل بإنقاذ المقاولة، فإنها تنطلق من التقرير الذي يعده هذا الأخير لتكون قناعتها لكون تقرير السنديك يتضمن إلزاما موازنة مالية واقتصادية واجتماعية ينجزها بصفته تقني ملم بشؤون المحاسبة وتحليل القوائم التركيبية وتدبير شؤون المقاولات.
وتجدر الإشارة في هذا الصدد بان القانون الفرنسي لسنة1985 نص في مادته 61 على أن المحكمة تصدر الحكم القاضي باختيار الحل بناء على تقرير المتصرف القضائي وبعد الاستماع لأقواله أو استدعائه بصفة قانونية.
ويجب على المحكمة إصدار حكمها في أسرع وقت ممكن حتى يظل الاغيار الذين قدموا عروضا إلى السنديك تهدف إلى الحفاظ على نشاط المقاولة المفتوحة في حقها المسطرة، مقيدين بهذه العروض وفق الكيفية المنصوص عليها في المادة 582 من مدونة التجارة والتي تنص على انه:" لايمكن تغيير العرض المذكور ولا سحبه بعد تاريخ إيداع تقرير السنديك، ويقيد العرض صاحبه إلى حين صدور حكم المحكمة القاضي بحصر المخطط، شريطة أن يصدر هذا الحكم خلال الشهر الذي يلي إيداع التقرير. ولا يبقى صاحب العرض مقيدا بعرضه، ولا سيما في حالة الاستئناف، إلا إذا وافق على ذلك "
ولقد جاء في حكم صادر عن محكمة الاستئناف التجارية بمراكش تحت عدد:04 في الملف عدد:456/07 بتاريخ:03/01/2008 "....وحيث انه بتاريخ: 13/02/2007 عمد مقدم العرض إلى الإدلاء بطلب من اجل العدول عن العرض المقدم، حسبما هو ثابت من الكتاب المقدم أمام غرفة المشورة بنفس التاريخ. وحيث إن طلب العدول هذا جاء لاحقا لتاريخ إيداع السنديك لتقريره الذي تم بتاريخ:15/01/2007 وبالتالي فهو يدخل تحت طائلة مقتضيات المادة 582 من مدونة التجارة. وحيث إن الحكم المطعون فيه الذي اعتمد على واقعة سحب مقدم العرض لعرضه ولعدم التزام رئيس المقاولة بتقديم الدعم المالي اللازم لبعث الروح في نشاط المقاولة وللنتائج السلبية المتراكمة أثناء فترة المراقبة لوحدها لم يعلل هذه الأسباب المعتمدة التعليل الكافي..."
ومن جهة أخرى، فطبيعة المسطرة تفرض على المحكمة التجارية أن تسرع في القيام بكل إجراء من شانه أن يحول دون تفاقم المشاكل المالية التي تعاني منها المقاولة.
هذا كله، لكن المشرع المغربي لم ينص صراحة على الأجل الذي يتعين على المحكمة ألا تتجاوزه وهي بصدد البت في مال المقاولة رغم انه حدد الآجال التي يتعين على السنديك احترامها في إيداع تقريره لدى كتابة ضبط المحكمة التجارية المعنية، الأمر الذي يفيد بان المحكمة رغم أن المصلحة تستدعي السرعة في البت وتحديد المراكز القانونية لمختلف الأطراف غير مقيدة في هذا الإطار بأي اجل صريح.
ب - ضرورة الاستماع للأطراف المتداخلة:
يتعلق الأمر كما سبقت الإشارة إلى ذلك في مقتضيات المادة 590 من مدونة التجارة بكل من رئيس المقاولة ومراقبي الدائنين المعينين وفق المادة 645 من مدونة التجارة، ومندوبي العمال،
غير أن المشرع في المادة 567 من مدونة التجارة حدد المعايير المتبعة من طرف المحكمة وهي تبت بشان فتح المسطرة في استماعها لرئيس المقاولة أو استدعائه قانونيا للمثول أمام غرفة المشورة ولم يشر إلى الخيار الثاني بخصوص اقتراح الحل إذ نص على الاستماع للأطراف فقط ، دون الاكتفاء عند الاقتضاء باستدعائهم بصفة قانونية.
غير أن العمل القضائي دأب على البت في مصير المقاولة بعد استدعاء الأطراف المعنية بصفة قانونية وان لم يحضروا وتحكم بالتالي بناء على أقوال من حضر وعلى ماهو وارد في تقرير السنديك دون أن تلتزم باقتراح هذا الأخير.
وسواء تعلق الأمر بالتشريع المغربي أو بنظيره الفرنسي، فان المأجورين لا يتم الاستماع إليهم أو استدعاؤهم بصفة قانونية من طرف المحكمة التي تنظر في مال المقاولة الخاضعة للمساطر الجماعية قبل إصدار حكمها القاضي باختيار الحل الملائم لوضعية هذه المقاولة ما لم تكن هناك لجنة المقاولة أو مندوبو العمال.
ولا تحمل المادة 590 من مدونة التجارة أية تراتبية، بحيث بامكان المحكمة اختيار مخطط لتفويت المقاولة بدلا من مخطط لاستمراريتها عن طريق التسوية إذا كان الأول يحقق أهداف التسوية بامتياز عن الثاني.
ولقد صدر عن المحكمة التجارية بمراكش في ملف صعوبات المقاولة 1/98 حكم ورد ضمن حيثيات تعليله "... حيث إن المشرع قد وضع معيارا عاما قصد اختيار الحل الملائم لإخراج المقاولة من صعوباتها أي وجه المحكمة إلى أن تروم حل الاستمرارية إذا كانت هناك امكانات جدية لتسوية وضعها وسداد خصومها ( الفصل 592 من مدونة التجارة ) . وحيث إن بعض الفقه اعتبر أن هذا المعيار هو معيار مادي مالي يقوم على ما تتوفر عليه المقاولة من إمكانيات لتسوية وضعيتها وسداد ديونها أو خصومها، وبمعنى آخر يحكم بحصر مخطط لاستمرارية المقاولة إذا كانت هناك امكانات جدية لتسوية وضعها وسداد خصومها ( د. شكري السباعي، الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات الجزء 2 ص 426 ). وحيث إن الفقه المقارن في نطاق شرح مقتضيات قانون 1985 الفرنسي قد اعتبر أن للمحكمة وحدها كامل الصلاحية لحصر مخطط التسوية سواء باعتماد مخطط الاستمرارية أو التصفية القضائية وذلك بالنظر للعروض المقدمة وكذا ظروف النازلة المعروضة أمامها ويتعين على المحكمة في سبيل ترجيح احد الحلين - الاستمرارية أو التصفية - أن تستند على أسباب الترجيح المنصوص عليها قانونا وبحسب ترتيبها كالآتي:
1-               إنقاذ المقاولة من صعوباتها
2-               المحافظة على نشاط المقاولة
3-               أداء الخصوم
وان المحكمة في سبيل اختيارها للحل الملائم غير مقيدة بأي رأي سواء كان مصدره المسير القضائي أو حتى القاضي المنتدب "
وذهبت بعض المحاكم التجارية بفرنسا وخاصة محكمة الاستئناف Colmar** إلى أن الفروق الناتجة عن صياغة المادة 69 والمادة 81 من قانون 25/01/1985 لا تمنح أية أفضلية أو تراتبية لمخطط على حساب آخر، وان الشرط الوحيد هو حصر المخطط الذي يفضي إلى أفضل حل للمحافظة على النشاط ثم مناصب الشغل ثم لتصفية الخصوم وهي المعايير المسطرة أعلاه.
في حين أن محاكم أخرى مثال محكمة الاستئناف ل *Agen*تمنح الأولوية لمخطط الاستمرارية على حساب مخطط التفويت إذا كان الأول يتضمن إمكانيات جدية للتسوية وتصفية الخصوم تستغرق تلك التي أتى بها مخطط التفويت، ويحظى بقبول الأطراف ذوي المصلحة ويتم تفضيله عن الثاني، هذا الأخير الذي لا يتضمن الأداء الكامل للديون.
وان سلطة الاختيار المخولة للقضاء عززت مركز هذا الأخير في كل ما يتعلق بمصير المقاولات وأرغمته على اتخاذ قرارات حاسمة رغم الاكراهات الاقتصادية وعلى لعب دور ايجابي فنجده أحيانا يقضي بالتصفية القضائية مع استمرارية النشاط لمدة قابلة للتجديد.
ويرى بعض الفقه الفرنسي بان الدائنين ينظرون بعين الرضى إلى مخطط الاستمرارية أكثر ما ينظرون إلى مخطط التفويت، لان الأول يضمن بقاء رئيس المقاولة على راس المشروع في حين أن المقاولة في المخطط الثاني تؤول إلى المفوت له والذي قد يستغني على مناصب شغل.
وقد وضعت المادة 592 من مدونة التجارة موازاة مع المادة 69 من القانون الفرنسي ل 25/01/1985 معيارين أساسيين: الأول يتمثل في وجود إمكانيات جدية للتسوية والثاني في كيفية تسديد الخصوم ،أي أن إمكانية التسوية لها الأسبقية على سداد الخصوم وهو الأمر الذي لا يجانب الهدف المتوخى من نظام معالجة صعوبات المقاولة الذي يرمي إلى إنقاذ المقاولة كوحدة اقتصادية ثم تصفية الخصوم كمسالة ثانية من حيث الأهمية وذلك كله خلافا لواقع الحال بنظام الإفلاس الملغى الذي كان يمنح الأولوية لتسديد الخصوم على حساب مصلحة المقاولة.
ولقد جاء في كتابMichel Jeantin تحت عنوان: La continuation de l'entreprise   بان تقدير الإمكانيات الجدية لتسوية وضعية المقاولة وسداد خصومها يبقى خاضعا للسلطة التقديرية لقضاة الموضوع دون رقابة من محكمة النقض، ولذلك يتعين أن يعكس القرار المتخذ من طرف المحكمة مدى خبرة وحنكة القضاة في تطبيق القانون وتفسيره التفسير الصحيح.
ولقد أثارت مسالة تراتبية مخططات التسوية ( استمرارية - تفويت ) جدلا فقهيا وقضائيا بفرنسا تمخض عنه اتجاهان رئيسيان:
الاتجاه الأول: ذهب إلى القول بان القضاء غير مقيد بأي ترتيب معين في اختيار احد الحلول المناسبة لوضعية المقاولة وانه يتعين فقط الأخذ بعين الاعتبار الأهداف المسطرة في المادة الأولى من قانون 25/01/1985
Art -1-:Il est institué une procédure de redressement judiciaire destinée à permettre la sauvegarde de l'entreprise ; le maintien de l'activité de l'emploi et l'apurement du passif                            الاتجاه الثاني: يهدف إلى تفضيل مخطط الاستمرارية عن طريق التسوية بالنظر إلى الايجابيات والمزايا التي يقدمها ، ومنها أن هذا المخطط الأخير لا يخرج كثيرا عن نطاق القانون العام ويتفادى نزع الملكية من المدين الذي يبقى ملتزما تجاه دائنيه ، خلافا لمخطط التفويت الذي يحرم الدائنين من استيفاء ديونهم بالكامل.
وتجدر الإشارة بهذا الصدد أن بعض الإحصائيات التي تطرقت لها الكاتبة Francoise perochon  في كتابها Entreprises en difficultés  والمباشرة على صعيد ضاحية باريس أبانت عن كون فترات الملاحظة تنتهي بأكثر من نصف الحالات إلى النطق بالتصفية القضائية ، والنصف الآخر بإقرار مخطط للتسوية بنسبة 72% وللتفويت بنسبة 28 %  
المبحث الثاني:مفهوم وطبيعة مخطط الاستمرارية:
ا - مفهوم المخطط:
المخطط هو كل مشروع يتم تهيئته يتضمن سلسلة منظمة من العمليات موجهة لتحقيق هدف معين.
Tout projet élaboré comportant une suite ordonnée d'opération destinées à ateindre un but                                                              ويحيل هذا المفهوم على فكرة التهييئ العقلاني والمنظم لمرحلة مستقبلية ذلك أن مخطط الاستمرارية يستشرف عمليا الآفاق المستقبلية للمقاولة إما عن طريق التسوية أو عن طريق التفويت
ب - الطبيعة القانونية للمخطط:
لما كان مخطط الاستمرارية عن طريق التسوية أم التفويت ناجم عن قرار قضائي فانه يرتكز على التزامات الأطراف الإرادية، وهو ما حدا بالأستاذين:Ripert & Roublot  في كتابهما Traité de droit commercial   إلى وصف المخطط بالعقد القضائي ، ولعل المادتين 604 و 591 من مدونة التجارة بهما إشارات قوية تضفي الطابع التعاقدي على المخطط ، علاوة على انه يمكن إبطال المخطط لوجود عيب في الإرادة وفقا لقواعد القانون العام.
غير أن الطابع القضائي للمخطط لا تؤثر فيه إرادة الأطراف واقتراحاتهم، لان مصالح الدائنين غالبا ما تتفاوت مع مصالح المقاولة المدينة فتنتهي المحكمة بفرض مضامين المخطط بطريقة قسرية، وفي حالات أخرى يشكل المخطط حقلا للتوفيق بين المصالح الجماعية، ويكون الحكم الصادر بالمصادقة عليه هو المانح للقوة التنفيذية للمخطط ويضفي عليه طابعا إلزاميا تجاه الكافة باستثناء الكفلاء المتضامنين وللذين لا يمكنهم التمسك بمقتضيات مخطط الاستمرارية.
المبحث الثالث: التدابير والتغييرات الجوهرية المدخلة من طرف المحكمة على بنية المقاولة:
إن البحث على وجود امكانات جدية لتسوية وضعية المقاولة وسداد خصومها، يتطلب من المحكمة القيام بتقويم دقيق للوضعية المالية و القانونية للمقاولة وتحليل مركز للموازنة ودراسة متأنية لتقرير السنديك كما تعتمد من اجل تكوين قناعتها على استشارة الأطراف المعنية ( رئيس المقاولة- مراقبي الدائنين - مندوبي العمال ) وللمحكمة أيضا صلاحيات اقتصادية تمكنها من إرفاق المخطط المحصور بمجموعة من التدابير لإنجاحه، وهي تدابير تتعلق بميدان التسيير وتدبير المقاولات يمكن سردها من خلال التفصيل آلاتي:
1-               توقيف أو إضافة أو تفويت بعض قطاعات النشاط:
تنص الفقرة الرابعة من من المادة 592 من مدونة التجارة على انه " ... ترفق هذه الاستمرارية بتوقيف أو إضافة أو تفويت بعض قطاعات النشاط.تخضع التفويتات التي تتم وفق هذه المادة لمقتضيات القسم الثالث من هذا الكتاب "
ولقد خول المشرع هذه الإمكانية للمحكمة كلما رأت فيها فائدة لضمان حسن تنفيذ مخطط الاستمرارية، وإذا كانت إمكانية إضافة نشاط جديد للمقاولة غير محققة، لان تفويت احد أنشطة المقاولة التي تعاني صعوبات مالية أو توقيفه من شانه أن يعيد لها توازنها المالي والاقتصادي
2 - المنع المؤقت من تفويت بعض الأموال:
يمكن للمحكمة أن تقرر في الحكم الذي ينحصر بمقتضاه مخطط الاستمرارية وطبقا للمادة 594 من مدونة التجارة ، عدم إمكانية تفويت الأموال التي تعتبرها ضرورية لاستمرارية المقاولة دون ترخيص منها لمدة تحددها المحكمة والتي لا تتجاوز في غالب الأحيان مدة تنفيذ المخطط.
وقد ينصب المنع على كل الأموال التي تعتبرها المحكمة ضرورية لاستمرار المقاولة في مزاولة نشاطها، ويتم تقييد ذلك في السجل التجاري، كما يعتبر باطلا كل عقد ابرم خرقا لقاعدة عدم قابلية التفويت بناء على طلب كل ذي مصلحة داخل اجل ثلاث سنوات من تاريخ إبرام العقد ونشره، ويمكن القول بان استرجاع رئيس المقاولة لحرية التصرف بمجرد الحكم بحصر المخطط جاء محاصرا بمنع من تفويت أصولها الضرورية للاستغلال ما يجعل عودته مشروطة ومقيدة
3 - إدخال تغييرات على النظام الأساسي للمقاولة:
قد تعلق المحكمة قرارها بحصر مخطط الاستمرارية على إجراء تعديلات في النظام الأساسي للمقاولة لضمان تنفيذ المخطط في أحسن الأحوال، إذ أن تسوية المقاولة قد تكون غير ذات منفعة إذا ما استمر مسير أو مسيرو الشخص المعنوي على راس المشروع مع تبوث عدم كفاءتهم المهنية أو سوء تسييرهم.
ويمكن للمحكمة بهذا الصدد أن تقوم باستبدال مسير أو عدة مسيرين سواء كانوا قانونيين أو فعليين مع مراعاة السلطات المخولة للشركاء، اللذين يتم الاستماع إليهم أو استدعائهم قانونيا لهذه الغاية، وقد تنص المحكمة أيضا بعدم قابلية تفويت الأسهم وحصص الشركة وشهادات حق التصويت التي يحوزها هؤلاء وان تقرر تعيين وكيل قضائي لمدة تحدده يمارس حق التصويت الناشئ عنها، ويمكن للمحكمة أيضا أن تقضي بتفويت هذه الأسهم أو الحصص بثمن تحدده على أساس خبرة.
كما قد تقتضي إعادة تسوية المقاولة ضرورة إدخال تعديلات على رأسمال المقاولة بالرفع منه أو تخفيضه، ويتم تكليف السنديك باستدعاء الجمعية المختصة وفق الشكليات المنصوص عليها في النظام الأساسي للمقاولة، وهكذا، فان الجمعية مدعوة في البداية إلى العمل على إعادة تأسيس راس مال الشركة إذا كانت رؤوس الأموال الذاتية تقل عن ربع راس مال الشركة بفعل الخسارات المثبتة في وثائق المحاسبة، ولقد صدر عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء حكم تحت عدد:113/02 بتاريخ:25/03/2002 قضت فيه " بالاشهاد على الزيادة في رأسمال الشركة تبعا لتقرير السنديك والتي يتوقف عليها تنفيذ مخطط الاستمرارية"
بينما ترى المحكمة التجارية باكادير بأنه لا جدوى من هذا الإجراء كما هو الحال في الحكم الصادر عنها تحت عدد:45 بتاريخ:27/12/2001 في الملف عدد:36/2001 والذي جاء فيه " .....وحيث إن المخطط موضوع التعديل قد اعتمد زيادة في الرأسمال بمبلغ:74 مليون درهم، وحيث إن الزيادة في الرأسمال تقرر بالنسبة لشركات المساهمة بمناسبة مخطط الاستمرارية لغايتين أساسيتين: فإما أن تكون لتطهير المقاولة من الإخلال البنيوي الحاصل بفقدانها لربع رأسمالها أو لغاية دعم الأساس الحسابي المعتمد في إعداد المخطط أو لكلتا الغايتين معا. وحيث إن الزيادة في الرأسمال المقررة كوسيلة من وسائل مخطط الاستمرارية قد قررت في النازلة في جزء منها وفقا لما تقتضيه المادة 583 من مدونة التجارة كإعادة لتكوين الرأسمال الاجتماعي لحدود الربع وفي جزء منها لمواجهة حجم المديونية المصرح بها والمعتمدة إجمالا في حسابات المخطط. وبحصول ذلك التغيير المعتبر في حجمها على نحو ايجابي وتقلصها إلى حدوده المبينة انفا فان موجب الإبقاء على حجم تلك الزيادة قد أصبح منتفيا ، ويشكل عبئا فارغا من كل جدوى اقتصادية وعنتا على كاهل المساهمين لم تعد تقتضيه المتطلبات الحسابية ( حجم المديونية ) أو القانونية ( إعادة تكوين راس المال إلى حدود الربع )...وحيث إن المحكمة ترى توضيح أن الغاية التي قررت من اجلها الزيادة في الرأسمال هي التي تحدد الشكل الذي يجب أن تتم فيه، ومن تحصيل الحاصل القول أن هذه الزيادة ليست إجراءا عقابيا مسلطا على المساهمين وإنما هي أداة في خدمة المخطط...."
وأجاز العمل القضائي الفرنسي أن تتم الزيادة في راس المال بإجراء مقاصة مع ديون مصرح بها متجاوزا الانتقادات الفقهية التي يرى بعض منها في ذلك خرقا لمبدأ المساواة بين الدائنين ويمنح للدائن الذي أجريت معه المقاصة مقابلا من دينه
4 - صلاحية المحكمة لإدخال تعديلات على أهداف ووسائل المخطط:
طبقا للمادة 697 من مدونة التجارة فلا يمكن تغيير أهداف ووسائل المخطط إلا بحكم من المحكمة بطلب من رئيس المقاولة وبناء على تقرير السنديك، وتباين التشريع المغربي عن نظيره الفرنسي بخصوص هذه النقطة، حيث تحدث الأول عن تغييرات جوهرية ، في حين لم يتطرق الثاني إلا لمجرد تغيير أهداف المخطط ووسائله
5 - تصفية الخصوم في إطار مخطط الاستمرارية:
وان كانت تحتل المرتبة الموالية لإنقاذ المقاولة والمحافظة على منا صب الشغل غير أن ذلك لا يعني السماح بالتضحية بمصالح كتلة الدائنين عبر فرض استحقاقات طويلة أو غير جدية.
وقد ذهبت المحكمة التجارية بالدار البيضاء من خلال الحكم الصادر عنها تحت عدد:408/02 بتاريخ:14/10/2002 في الملف عدد:287/10/2002 إلى أن مقترحات التسوية المقدمة من طرف السنديك إلى الدائنين وان لم تحض بقبول بعضهم فان للمحكمة أن تفرض آجالا موحدة للأداء طبقا للمادة 598 من مدونة التجارة، خاصة وان مصالح الدائنين تبقى دائما محفوظة ومصانة سواء عبر مخطط الاستمرارية الذي يضمن لهم استخلاص ديونهم أو بواسطة فسخ مخطط الاستمرارية وتقرير التصفية القضائية للمقاولة حالة إخلالها بالتزاماتها أو التملص من تنفيذها.
ومما تجب ملاحظته بهذا الخصوص انه يمكن للمحكمة حصر مخطط الاستمرارية ولو لم تنته عملية تحقيق الديون، ويتم قبول الديون التي خضعت لعملية التحقيق بشكل نهائي في باب الخصوم
المبحث الرابع: فسخ مخطط الاستمرارية:
تنص المادة 602 من مدونة التجارة على انه " إذا لم تنفذ المقاولة التزاماتها المحددة في المخطط يمكن للمحكمة أن تقضي تلقائيا أو بطلب من احد الدائنين وبعد الاستماع إلى السنديك بفسخ مخطط الاستمرارية وتقرر التصفية القضائية للمقاولة "
ومن تطبيقات العمل القضائي المغربي في هذا الإطار نذكر مثلا الحكم الصادر عن تجارية الدار البيضاء بتاريخ:29/6/2001 تحت رقم 199/2001 ملف عدد:287/10/2002 والذي جاء فيه "....بناء على التقرير الذي تقدم به السيد القاضي المنتدب للتسوية القضائية للمقاولة والمسجل بكتابة ضبط هذه المحكمة يعرض فيه انه بمقتضى حكم صادر عن هذه المحكمة بتاريخ:27/03/2000 في الملف التجاري عدد:11517/10/99 تم حصر مخطط الاستمرارية للمقاولة المذكورة وحددت مدته في 10 سنوات تنطلق من تاريخ الحكم مع تكليف السنديك بمتابعة إجراءات تنفيذ المقاولة لالتزاماتها وتقديم تقرير سنوي للقاضي المنتدب مضيفا أن السنديك وضع تقريره السنوي بتاريخ:26/03/2001 أكد فيه أن رئيس المقاولة اخل بكثير من التزاماته ولم يعمل على تطبيق ما جاء في مخطط الاستمرارية وهو لم يأت بمبلغ:2.000.000,00 درهم ولم يؤد الاستحقاقات الحالة ولم يشتر وسائل الإنتاج والتنقل ولم يدل بالترتيبات التي قام بها أو التي ينوي القيام بها ولم يقم بأي عمل يبرهن على انه يسعى لاستمرارية المقاولة والتمس القاضي المنتدب طبقا للفصل 602 من مدونة التجارة فسخ مخطط الاستمرارية للمقاولة وتقرير تصفيتها قضائيا...."
وبالتمعن في مقتضيات المادة 602 أعلاه، يتبادر إلى الذهن أن جزاء الفسخ الوارد بها إلزاميا وليس على سبيل الاختيار أي أن المحكمة ملزمة في هذه الحالة بإخضاع المقاولة المعنية بالأمر للتصفية القضائية، غير انه وفي نظرنا المتواضع فللمحكمة السلطة التقديرية لتقرير الجزاء الملائم وقد تفتح الباب لمنح فرصة جديدة لتنفيذ المخطط أو تقر إدخال تغييرات أو تعديلات عليه إن لم يبدو لها تفويت أصول المقاولة إن جزئيا أو كليا لما لهذا الحل من مزايا تغنيها وتغني الدائنين عن اللجوء إلى مسطرة التصفية القضائية.



مواضيع مختارة

شاركنا بتعليقك...

التعليقات



، اشترك معنا ليصلك جديد الموقع اول ً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

احصائيات الموقع

12,068,895 عدد المقالات 13291 عدد التعليقات 327

جميع الحقوق محفوظة

علوم قانونية وادارية

2010-2019