منـــــــــــــــــــــــــــازعاتالصفقات العمومية
LE CONTENTIEUX DES MARCHES PUBLICS
رقابة القضاء الإداري على الصفقات العموميةومعيقاته
1. تعريف الصفقات العمومية
من التعاريف التي أعطيت للصفقات العمومية من الناحية الفقهية، يمكن أن نصوغ التعريف الذي تقدم به الفقيه اندريه دو لوبادير، والذي جاء فيه "أن الصفقات العمومية هي عقود إدارية بمقتضاها يلتزم المتعاقد بالقيام بأعمال لفائدة الإدارة مقابل ثمن محدد"[1].
في حين عرف بعض الباحثين الصفقة العمومية بكونها "عقد خاص يلتزم بموجبه أحد الأشخاص (ذاتيا أو معنويا) تجاه شخص عمومي (دولة، مؤسسة عمومية، جماعة محلية) بانجاز لحساب وتحت مراقبة هذا الأخير مشروعا عاما، أو القيام بتوريدات أو خدمات تهم تسيير مرفق عمومي، مقابل ثمن محدد وطبقا للشروط المنصوص عليها في العقد"[2].
أما على المستوى القانوني، فإن مرسوم 5 فبراير 2007 المنظم للصفقات العمومية عرف الصفقة في المادة 3 منه بكونها «كل عقد بعوض يبرم بين صاحب مشروع من جهة، وشخص طبيعي أو معنوي من جهة أخرى، يدعى مقاول أو مورد أو خدماتي، ويهدف...إلى تنفيذ أشغال أو تسليم توريدات أو القيام بخدمات»[3].
وبخصوص عبارة "الصفقات الجماعية"[4]،فإن المغزى الذي يقصد بها لا يخرج عن مضامين التعاريف الواردة أعلاه، فهو ينحصر أساسا في العقود المبرمة بين الجماعة المحلية كأحد أشخاص القانون العام ومقاولين أو موردين (سواء كانوا أفرادا أو شركات، من أشخاص القانون العام أو الخاص)، ترمي إلى إنجاز أشغال أو تسليم توريدات أو القيام بخدمات، الهدف منها تحقيق المصلحة العامة[5].
رقابة القضاء الإداري على الصفقات العمومية
يقصد برقابة القضاء الإداري على الصفقات العموميةالرقابة التي يمارسها القضاء عن طريق الطعون المرفوعة لديه.
ودور القضاء الإداري - في هذا المجال- لا يذهب إلى حد الشطط أو التطرف في التضحية بإحدى المصلحتين العامة والخاصة لحساب الأخرى، بل يعمل على التوفيق ما بين المصلحتين دون إهدار لأحدهما. ولا شك أن عملية التوفيق هذه هي التي خولت للقضاء الإداري ولاسيما في هذا النوع من المنازعات القدرة على إبداع الكثير من النظريات القانونية واستنباط الكثير من الحلول التوفيقية بتأصيل أحكام القانون الإداري تأصيلا يربط بين شتاتها ربطا محكما متكيفا مع البيئة التي يوجد فيها. لاسيما أن القضاء الإداري ليس مجرد قضاء عادي يقضي بين الأفراد، ولكنه يقضي بين الجماعة العمومية وبين الفرد، والعلاقة بين هذه الجماعة والفرد تتطور وتختلف باختلاف الظروف وباختلاف الفلسفات الاجتماعية التي تعتنقها الدولة[6].
بيد أن القضاء الإداري في إطار الرقابة التي يباشرها على الصفقات العمومية تواجهه عدة عراقيل شأنه عدة مرافق حيوية داخل الدولة، وتتخذ هذه العراقيل عدة أبعاد مما يستلزم صدوره تدخل المشرع للحد من هذه العراقيل والاكراهات.
ومن هذا المنطلق سأتناول رقابة القضاء الإداري على الصفقات العمومية من خلال (المطلب الأول)، ثم سأعمل على إبراز المعيقات والعراقيل التي تواجه القضاء الإداري بخصوص رقابة الصفقات العمومية في (المطلب الثاني).
المطلب الأول: رقابة القضاء الإداري على الصفقات العمومية
لقد أصبحت منازعات الصفقات العمومية من اختصاص المحاكم الإدارية القانون 41-90، واستئنافاأمام محاكم الاستئناف الإداريةالقانون 80-03، وطعنا أمام المجلس الأعلى(محكمة النقض حسب القانون 11-58)، ما لم تنص على خلاف ذلك نصوص خاصة. وبإحداث المشرع المغربي للمحاكم الإدارية، يكون قد نهج نظام القضاء الإداري المتخصص والمستقل على القضاء العادي. لأن في التخصص الدقة في الأداء، وفي
الاستقلال حرية أكبر في تثبيث دعائم القانون وهذا يمنح مكانة سامية في نفوس الأفراد، ويشيع الإحساس بالعدل ويزيد الاطمئنان والاستقرار، لاسيما وأن المتعاملين مع الإدارة إذا لم تكن لهم ضمانات حماية حقوقهم سوف لن يقبلوا التعامل معها، وفي ذلك تأثير سلبي على المصالح العامة[7].
وللإطاحة بموقف القضاء الإداري تجاه منازعات الصفقات العمومية تقتضي الضرورة في هذا المجال التعرض لرقابة مختلف أنواع المحاكم الإدارية: رقابة المحاكم الإدارية (الفقرة الأولى)، رقابة محاكم الاستئناف الإدارية (الفقرة الثانية)، ثم رقابة المجلس الأعلى (الفقرة الثالثة).
الفقرة الأولى: رقابة المحاكم الإدارية
أحدثت هذه المحاكم بموجب القانون 90-41 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 225-91-1 بتاريخ 22 من ربيع الأول 1414 موافق 10 شتنبر 1993[8]، وبموجب الفصل الأول من القانون المذكور أسندت مسألة إحداث هذه المحاكم وتحديد مقارها ودوائر اختصاصها إلى صدور مرسوم بهذا الشأن. وفعلا صدر المرسوم المذكور تحت رقم 59-92-2 بتاريخ 18 من جمادي الأولى 1414 موافق3 نوفمبر 1993[9]. يحدد عدد المحاكم الإدارية في سبعة محاكم، كما يبين هذا المرسوم دوائر اختصاصاته في الجدول الملحق به.
وتسري على قضاة المحاكم الإدارية أحكام الظهير الشريف المعتبر بمثابة قانون رقم 467-74-1 الصادر في 26 شوال 1394 موافق 1 نوفمبر 1974 بتحديد النظام الأساسي للقضاة، حسبما وقع تغييره وتتميمه بالظهير الشريف رقم 227-91-1 الصادر في 10 سبتمبر 1993 بتنفيذ القانون رقم 90-43[10]مع مراعاة الأحكام الخاصة الواردة فيه باعتبار خصوصية المهام المنوطة بقضاة المحاكم الإدارية[11].
أما بخصوص تنظيم كيفية العمل داخل هذه المحاكم فقد أوكل المرسوم بذلك إلى الجمعية العامة للمحاكم الإدارية المادة2، التي تتكون من قضاة هذه المحاكم ومن المفوضين للدفاع عن الحق والقانون العاملين بها.
وتتكون المحاكم الإدارية من:
v رئيس وعدة قضاة؛
v كتابة الضبط؛
ويجوز تقسيم المحكمة الإدارية الابتدائية إلى عدة أقسام بحسب أنواع القضايا المعروضة عليها[12].
ويعين رئيس هذه المحكمة من بين قضاة المحكمة مفوضا ملكيا أو مفوضين ملكيين للدفاع عن القانون والحق باقتراح من الجمعية العمومية لمدة سنتين[13].
أما بخصوص اختصاصات المحكمة الإدارية في منازعات الصفقات العمومية والمسطرة المتبعة في طعون هذه الصفقات، فتتم كالآتي بيانه:
أولا: اختصاصات المحاكم الإدارية في منازعات الصفقات العمومية
إن مسألة الاختصاص يحددها القانون من أجل تنظيم الحقل القضائي، وفي هذا السياق حدد القانون المحدث للمحاكم الإدارية رقم 90-41 بتاريخ 10 سبتمبر 1993، نوعين من الاختصاصات واحد يهم الجانب النوعي وآخر يرسم الحدود الترابية لعمل المحاكم.
ويلاحظ أن في كلا الاختصاصين هناك قواعد تهم مجال الصفقات العمومية بالخصوص.
1-الاختصاص النوعي والمحلي للمحاكم الإدارية
لقد تطرق القانون المحدث للمحاكم الإدارية لسنة 1993[14]، في فصليه الأول والثاني لهذين النوعين من الاختصاصات وكذا الإجراءات والضوابط الواجب نهجها في حالة التفاوض في الاختصاص.
أ- الاختصاص النوعي
إن قواعد الاختصاص النوعي تعتبر من النظام العام وخرقها يمكن إثارته تلقائيامن طرف
القاضي أو الأطراف في أي مرحلة من مراحل الدعوى[15].
وتبعا لذلك فإن المادة 8 من القانون رقم 90-41 الاختصاص النوعي للمحاكم الإدارية
التي تنص على ما يلي:"تختص المحاكم الإدارية مع مراعاة أحكام المادتين 9و11 من هذا القانون والبث ابتدائيا في طلبات إلغاء قرارات السلطة الإدارية بسبب تجاوز السلطة وفي المنازعات المتعلقة بالعقود الإدارية..."
وبما أن الصفقات العمومية هي عقود إدارية فإنها تدخل في مجال الاختصاص النوعي للمحاكم الإدارية، كما أنه واستنادا إلى نص المادة الثانية من مرسوم 30 دجنبر 1998 مرسوم 2007 المتعلق بتحديد شروط وأشكال إبرام صفقات الدولة[16]، والتي تقضي بما يلي:
" تستثنى من مجال تطبيق هذا المرسوم الاتفاقات أو العقود التي يتعين على الدولة إبرامها وفقا للأشكال وحسب قواعد القانون العادي وكذا عقود امتياز المرفق العام..."
وهو ما يبين بمفهوم المخالفة أن الصفقة العمومية تخضع للقانون العام وتحديدا تنطبق عليها قواعد القانون الإداري[17].
وبناء على ما تقدم، فإن النزاعات المرتبطة بالصفقات العمومية من اختصاص المحاكم الإدارية باعتبار هذه الصفقات عقود إدارية. وهذا ما أكدته المحكمة التجارية بالرباط بموجب الأمر الاستعجالي عدد 131 بتاريخ02/03/2001[18]. الذي جاء فيه "وحيث تبين من الاطلاع على كافة المستندات المدلى بها صحة ما تمسك به المدعي من أصل الحق المتنازع بشأنه يتعلق بصفقة عمومية أبرم بخصوصها عقد إداري، وأن المحكمة المختصة مستقبلا بنظر موضوع هذه المنازعة هي المحكمة الإدارية وليست المحكمة التجارية.
وحيث أنه لما كان قاضي الأمور الوقتية يستمد اختصاصه من اختصاص المحكمة التي يتبعها، ولما كان العمل الإجرائي يعتبر باطلا بطلانا مطلقا وجوبيا إذا خالف قاعدة من قواعد الاختصاص النوعي حتى ولو صدر من القاضي فإنه لا يسعنا استنادا لذلك، وبالبناء على كل ما تقدم إلا القضاء للمدعي بطلبه".
والجدير بالذكر في هذا الإطار أن الاختصاص النوعي لا ينعقد للمحاكم الإدارية إلا باحترام إجراءات التقاضي العادية، باستثناء القضاء الاستعجالي لهذه المحاكم الذي ينفرد بصلاحية البث مؤقتا وبنوع من السرعة دون المساس بجوهر نوع النزاع خصوصا في بعض القضايا الحاملة بين طياتها السرعة في التنفيذ تفاديا لما قد يترتب عنه التأخير في التنفيذ من مخاطر وأضرار قد يصعب تداركها. وهذا ما أقرته المحكمة الإدارية بالرباط في أمرها الاستعجالي عدد 937 بتاريخ 10/11/1999[19]. الذي جاء فيه: "وحيث إن من شروط انعقاد اختصاص قاضي المستعجلات هو توفر عنصر الاستعجال في النازلة، وعدم المساس بما يمكن أن يقضي به في الجوهر، وحيث أنه ولئن كان عنصر الاستعجال متوفرا في نازلة الحال من حيث الطابع النفعي العام للمشروع التي تعاقدت بشأنه وزارة الأشغال العمومية مع الشركة المذكورة، إلا أنه بالنسبة للعنصر الثاني وهو وجوب عدم مساس الإجراء الوقتي المطلوب بجوهر الحق، فإن هذا الشرط يعتبر مختلا في هذه النازلة، نظرا لأن البث في القضية يقتضي فحص وتدقيق الحجج والمستندات المدلى بها للقول بإخلال أو عدم إخلال الشركة المتعاقدة بالتزاماتها تجاه الإدارة. وفي ذلك مساس صارخ بجوهر الحق. هذا فضلا عن أن النزاعات المتعلقة بتنفيذ العقود الإدارية والصفقات تختص بها المحكمة الإدارية كمحكمة موضوع، طبقا للمادة الثامنة من القانون رقم 90-41 المحدث للمحاكم الإدارية نظرا للطابع الموضوعي لتلك النزاعات، مما يتعين التصريح بعدم اختصاصنا للبث في الطلب"
ب- الاختصاص المحلي
يقصد بهذا الاختصاص تحديد النطاق الترابي لممارسة المحاكم لاختصاصاتها النوعية.
ولقد حدد الفصل الثاني من القانون المحدث للمحاكم الإدارية وذلك بمقتضى مادتيه 10 و11، هذا الاختصاص.
ففي هذا الإطار تؤكد المادة 10 على إلزامية تطبيق أمام المحاكم الإدارية قواعد الاختصاص المحلي المنصوص عليها في الفصل 27 وما يليه إلى الفصل 30 من قانون المسطرة المدنية، ما لم ينص على خلاف ذلك في هذا القانون أو في نصوص أخرى خاصة.
واستثناءا من قواعد المسطرة المدنية كما تنص على ذلك المادة 10 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية فإن طلبات الإلغاء بسبب تجاوز السلطة ترفع إلى المحكمة الإدارية التي يوجد موطن طالب الإلغاء داخل دائرة اختصاصها، أو أمام المحكمة التي صدر القرار المطعون فيه بدائرة اختصاصها.
كما أن إثارة الاختصاص المحلي ينبغي أن تتم قبل أي دفع أو دفاع كما ينص على ذلك الفصل 16 من قانون المسطرة المدنية، هذا الفصل الذي يلاحظ عليه أنه جاء معيبا فيما يتعلق بفقرته الأولى[20]، التي اشتملت على مغالطة تثير الالتباس، ذلك أنها لم تفرق بين قواعد الاختصاص النوعي، وقواعد الاختصاص المحلي بالرغم من كون الأولى تنتمي إلى النظام العام والثانية لا تنتمي إليه. ذلك أن الفقرة خالفت القاعدة القانونية المعروفة التي تقضي بأن الدفع بعدم الاختصاص النوعي يمكن إثارته خلال كل مراحل الدعوى لأنه من النظام العام، بينما الدفع بعدم الاختصاص المكاني "المحلي" هو الذي يتعين إثارته قبل كل دفع أو دفاع، ويتوجب على من يثيره أن يبين المحكمة المختصة مكانيا تحت طائلة عدم قبوله[21]. ولعل ذلك ما تداركه المشرع من خلال تنصيصه في المادة 12 من القانون 90-41 على اعتبار الاختصاص النوعي من النظام العام وأن للأطراف حق إثارته والدفع به في جميع مراحل الدعوى، وعلى الجهة القضائية المعروض عليها إثارته تلقائيا، دون إقحام الاختصاص المحلي في هذه المقتضيات.
أما بالنسبة لاجتهاد القضاء الإداري بشأن تحديد الاختصاص المحلي للمحاكم الإدارية في دعاوي الصفقات العمومية، فيمكن الاستدلال في هذا المجال بحكم المحكمة الإدارية بالرباط تحت رقم 463 بتاريخ15/03/2005[22]. الذي جاء فيه: "حيث دفع الوكيل القضائي للمملكة بعدم اختصاص هذه المحكمة محليا للبث في الطلب، بعلة أن الفصل 28 من قانون المسطرة المدنية ينص على أن دعاوي الأشغال العمومية تقام أمام محكمة المكان الذي نفدت فيه تلك الأشغال، وأن موضوع الأشغال هي مدينة افران، مما تكون معه المحكمة المختصة للنظر في هذه الدعوى هي المحكمة الإدارية بمكناس.
وحيث عقبت المدعية بواسطة نائبها على هذا الدفع بأن مدلول الفصل 28 المستدل به يعطي الخيار للمتضرر من تصرفات المدعى عليه في تقديم دعواه أمام محكمة وقوع الضرر أو أمام محكمة موطن المدعى عليه، الذي هو في نازلة الحال مدينة الرباط. لذا تكون المحكمة الإدارية بالرباط هي المختصة مكانيا، كما أن الفقرة 8 من نفس الفصل تنص على أن العقود التي تكون الدولة أو جماعة عمومية أخرى طرفا فيها، تقام أمام محكمة المحل الذي وقع فيها العقد، وأن العقد الذي وقع بين طرفي النزاع توجد الدولة طرفا فيه وأنه وقع في الرباط كما يتجلى من عقد الصفقة، وأن الأشغال العمومية تغطي الطرق والقناطر والسدود.
وحيث أنه من الثابت في أوراق الملف ومما لا نزاع فيه أن جوهر النزاع بين الطرفين يتمثل في مدى تنفيذها لالتزاماتها المنصوص عليها في الصفقة العمومية المبرمة بينهما، وأن هذه الأخيرة تعتبر عقدا إداريا مسمى بطبيعته، وأنه حقا، كما جاء في تعقيب المدعية فإن الفقرة التاسعة من الفصل 28 من قانون المسطرة المدنية نصت صراحة على أنه "في دعاوى العقود التي توجد الدولة، أو جماعة عمومية أخرى طرفا فيها، تقام الدعوى، خلافا لمقتضيات الفصل 27 من نفس القانون أمام محكمة المحل الذي وقع العقد فيه" أي العقد الإداري.
وحيث لم ينازع الطرف المدعى عليه في أن العقد المذكور (الصفقة المشار إلى مراجعها أعلاه). وقعت في مدينة الرباط لذا تبقى هذه المحكمة هي المختصة محليا للبث في الطلب. ويتعين لذلك استبعاد الدفع المثار".
وفي هذا الصدد قضت المحكمة الإدارية بالرباط باختصاصها المحلي بالنظر لمكان توقيع الصفقة العمومية وباعتبار هذه الأخيرة عقدا إداريا.
ج- تنازع الاختصاص
لقد حدد القانون المحدث للمحاكم الإدارية رقم 90-41 بسنة 1993، الإجراءاتوالضوابط
التي يجب نهجها في حالة تنازع الاختصاص وذلك بموجب الفصل الثالث منه الذي يضم المواد من 12 إلى 19.
والتنازع في الاختصاص قد يتعلق بالاختصاص النوعي أو بالاختصاص المحلي.
* التنازع في الاختصاص النوعي: يظهر عند وجود خلاف بشأن تحديد نوعية وطبيعة موضوع النزاع ومدى إسناده إلى محكمة مختصة للبث فيه أو العكس.
وهذا يعني أن الخلاف قد يكون ايجابيا أو سلبيا:
-يكون التنازع ايجابيا: عندما تتشبث كل جهة من جهتي القضاء الإداري والقضاء العادي بأحقيتها في نظر الدعوى المعروضة عليها باعتبارها صاحبة الاختصاص.
-ويكون التنازع سلبيا: عندما تمتنع كل جهة من جهتي القضاء الإداري والقضاء العادي عن النظر في الدعوى المطروحة عليها لحجة عدم اختصاصها. وهذا ما يسمى بإنكار العدالة (بوجود قضية بدون قاض)[23].
وفي هذا الإطار تدخل المشرع بمقتضى المادة 12 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية لسنة 1993، وجعل القواعد المتعلقة بالاختصاص النوعي من قبيل النظام العام، وخول للأطراف الحق في الدفع بعدم الاختصاص النوعي في جميع مراحل إجراءات الدعوى كما أباح للجهة القضائية المعروضة عليها القضية إثارة هذه المسألة من تلقاء نفسها لتفادي ما قد يترتب عن هذا النوع من آثار سلبية على مجريات سير العدالة. كما بينت المادة 13 من القانون المذكور سلفا، الإجراءات الواجب اتخاذها تجاه هذا الدفع بالنسبة لكل من الجهة القضائية أو أطراف الدعوى المعينة وذلك بنصها على انه"إذا أثير دفع بعدم الاختصاص النوعي أمام جهة قضائية عادية أو إدارية وجب عليها أن تبث فيه بحكم مستقل، ولا يجوز لها أن تضمنه إلى الموضوع"[24].
ويحق للأطراف استئناف الحكم المتعلق بالاختصاص النوعي أمام المجلس الأعلى الذي يجب أن يبث في الأمر داخل أجل ثلاثين يوما، ويبتدئ الأجل من تاريخ تسلم كتابة الضبط به لملف الاستئناف.
* التنازع في الاختصاص المحلي:إن تعدد المحاكم الإدارية لا بد وأن يطرح بعض المشاكل في تحديد المحكمة المختصة محليا، لذلك فإنه في حالة إذا ما أثيرت صعوبة تهم تحديد الاختصاص المحلي فإنه يجري تطبيق الفصل 14 من قانون 90-41 الذي يحيل على قواعد قانون المسطرة المدنية.
من هنا نجد أحكام المادة 17 من قانون المسطرة المدنية تنص على أن المحكمة التي أثير أمامها الدفع بعدم الاختصاص المحلي، ملزمة أن تبث فيه بموجب حكم مستقل، أو أن تضيف الطلب العارض إلى الجوهر وذلك يعكس ما هو عليه الأمر بالنسبة للدفع بعدم الاختصاص النوعي حيث يقتصر عمل الجهة القضائية المرفوع أمامها على البث فيه دون
الحق في إحالته على الجهة التي يتعين عليها النظر فيه، ذلك أن الإحالة لا تكون إلابين
محكمتين من نفس الجهة القضائية ولا تكون بين جهتين قضائيتين مختلفتين[25].
وبهذا الصدد نجد الأستاذ محمد الصقلي حسني يقترح ضرورة تدخل المجلس الأعلى بقصد رسم العلامة الفاصلة بين مجال القانون العام حيث الاختصاص منعقد لجهة القضاء الإداري، والقانون الخاص المطبق أمام القضاء العادي، مما سيترتب عليه وضع حد لكل تضارب غبر مجد، ذلك أنه سجل أن نسبة 35% من أحكام المحكمة الإدارية بفاس طالت جانب اختصاصها النوعي، وأن المحاكم العادية أخذت تحيل عند قضائها بعدم الاختصاص النوعي على المحاكم الإدارية بالرغم من كون هذه الإحالة ممنوعة قانونا[26].
وحسب مقتضيات المادة 15 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية فإن المحكمة الإدارية يتوجب عليها النظر في جميع الطلبات المرتبطة بالقضية بما في ذلك الدفوعات المتعلقة بعدم اختصاصها المحلي.
أما بحسب مقتضيات المادة 16 من نفس القانون فإنه يتعين على المحكمة الإدارية التي ترفع إليها دعوى ذات ارتباط بدعوى تدخل ضمن اختصاص المجلس الأعلى ابتدائيا، أو ضمن اختصاصاها، وأن تعمل على إحالة الملف بكامله إلى المجلس الأعلى أو محكمة الرباط الإدارية، ويترتب على هذه الإحالة رفع الدعوى الأصلية والدعوى المرتبطة بها بقوة القانون إلى الجهة القضائية المحال إليها الملف، وذلك تطبيقا للقاعدة المسطرية "الفرع يتبع الأصل" هذا ويتوجب على المحكمة الإدارية التي قدم إليها طلب يشمل هذا النوع من الارتباط التصريح بعدم اختصاصها، ذلك أن هذا الارتباط يحدد علاقة تبعية بين القضية الأصلية والمسألة المرتبطة، لذلك كان منطقيا أن توكل إلى نفس القاضي مهمة البث في المسألتين الأصلية والمسألة المرتبطة[27].
بالإضافة إلى ما سلف الذكر فإن الفصل 18 من القانون 90-41 قد عالج مشكل الطلبات الفرعية الرامية إلى التصريح بمديونية إحدى الإدارات العمومية والمقدمة من طرف المدعى عليه في دعوى مرفوعة إلى محكمة عادية، حيث تم استثناء من مقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 15 من قانون المسطرة المدنية[28]، جعل المحكمة العادية التي رفع إليها الطلب الأصلي هي المختصة للبث في الطلب المقابل وقد رأى البعض[29]، في ذلك استجابة لمتطلبات قضاء جديد لما يقتضيه من وحدة في الاختصاص وذلك بجعل القضية توكل برمتها إلى نفس القاضي.
2- صلاحيات المحاكم الإدارية في رقابة مشروعية صفقات الدولة
إن صلاحيات هذه المحاكم الإدارية في رقابة مشروعية صفقات الدولة، تتم بإحدى الوسيلتين التاليتين: القضاء الشامل أو قضاء الإلغاء، وذلك كالآتي بيانه:
-القضاء الشامل: وهو القضاء الذي يخول للقاضي سلطة تصفية النزاع كلية، فيلغي القرارات المخالفة للقانون إن وجدت، ثم يرتب على ذلك نتائجه كاملة من الناحية الايجابية أو السلبية ومن هنا استمد القضاء تسميته[30].
فالقاضي الإداري، بمقتضى دعوى القضاء الشامل، لم يقتصر اختصاصه على التأكد من صحة أو بطلان القرارات الإدارية التي تصدر في شأن العملية المركبة لعقد الصفقة، وإنما يمتد ليشمل كل ما يتعلق بعملية التعاقد ذاتها، ابتداء من أول إجراء في تكوينها إلى آخر نتيجة في تصفية كافة العلاقات والحقوق والالتزامات التي نشأت عنها، وبذلك أصبح اختصاص المحاكم الإدارية في العقود الإدارية وخاصة في مجال صفقات الدولة، اختصاصا مطلقا وشاملا لأصل المنازعات وما يتفرع عنها من إجراءات وقرارات، وذلك باعتبارها من العناصر المتفرعة من المنازعة الأصلية في حدود اختصاصها الشامل طالما لم يسقط أصل الحق بمضي مدة تقادمه.
فالقضاء الشامل، يشمل كل عناصر عملية الصفقة بأسرها، يستوي في ذلك ما يتخذ صورة قرار إداري وما لا يتخذ هذه الصورة، طالما توافرت فيه حقيقة التعاقد الإداري. أما الأعمال الإدارية التمهيدية فتدخل في إطار دعوى الإلغاء وليس في إطار دعوى القضاء الشامل.
لأجل ذلك، فإن القضاء الشامل هو الأصل فيما يتعلق بالمنازعات التي تترتب عن العقود الإدارية[31].
ودعوى القضاء الشامل تتخذ صورا مختلفة، من أهمها ولاسيما ما يخص مجالصفقاتالدولة، الآتي بيانه[32]:
· دعوى لأجل بطلان عقد الصفقة: بسبب ثبوت عيب في تكوين الأمر الذي يبرر للمتعاقد الراغب في إلغاء عقد الصفقة باللجوء إلى القضاء الشامل لأنه هو السبيل الوحيد للتقاضي بشأن نزاعه. لأن دعوى الإلغاء لا توجد ضد العقود الإدارية.
ويشترط في هذه الدعوى رفعها من المتعاقد صاحب المصلحة لأن الأجنبي عن العقد لا يجوز له رفعها لأنه لا يتمتع بأي قوة في الالتزام. وإذا تضرر من عملية التعاقد بطريقة مباشرة أو غير مباشرة فلا يكون أمامه إلا حق الطعن بالإلغاء من تصرفات صاحب المشروع.
· دعوى لأجل الحصول على مبالغ مالية: سواء أكانت هذه المبالغ في صورة ثمن أو أجر المتفق عليه في العقد أو تعويض عن أضرار تسبب فيها الطرف المتعاقد أو لأي سبب أخر من الأسباب التي تؤدي إلى الحصول على حكم ذي مبلغ مالي، وتدخل في هذا المجال حتى فوائد التأخير.
· دعوى لأجل إبطال التصرفات الصادرة من الإدارة على خلاف التزاماتها التعاقدية: بحيث إذا ثبت مثل هذه التصرفات المخالفة لالتزامات التعاقدية يحق للمتعاقد مع الإدارة اللجوء إلى دعوى القضاء الشامل للحصول على حكم بإبطال هذه التصرفات حتى ولو اتخذت شكل قرارات إدارية صادرة عن سلطة إدارية بصفتها متعاقدة، مثل القرارات الصادرة عن صاحب المشروع تنفيذا لبنود العقد، كالقرارات الخاصة بجزء من الجزاءات التعاقدية أو بفسخ عقد الصفقة أو إنهائه أو إلغائه فهذه كلها تدخل في نطاق العقد وتنشأ عنه فهي منازعات حقوقية، وتكون محلا للطعن على أساس ولاية القضاء الشامل. ودعوى الإبطال في هذا المجال لا تتقيد بآجال ومنها دعوى الإلغاء.
· دعوى لأجل عقد فسخ الصفقة: تهدف هذه الدعوى إلى الحصول على حكم قضائي يقضي بفسخ الصفقة بناء على طلب أحد الطرفين، ليسري أثار هذا الفسخ ابتداء من تاريخ رفع الدعوى.
وأسباب هذا الفسخ متعددة نجملها في ثلاثة محاور أساسية وهي: القوة القاهرة، جزاء للإخلال بالالتزامات العقدية، كموازن لحق الإدارة في التعديل.
ودعوى الفسخ لأي سبب من الأسباب المشار إليها أعلاه، تندرج في نطاق القضاء الشامل أيضا فالمنازعة بشأن هذا الفسخ لا تدخل في نطاق قضاء الإلغاء[33].
· الأمور المستعجلة في منازعات صفقات الدولة: يسري على هذه الأمور المستعجلة ما يسري على الأمور العادية في مجال منازعات صفقات الدولة، وبمعنى آخر إذا كان اختصاص القضاء الإداري بمنازعات العقود الإدارية شاملة لكل ما يتعلق بتكوين عقد الصفقة أو تنفيذه أو إنهائه فانه أيضا يمتد ليشمل الطلبات المستعجلة المتصلة بمنازعاته وكذا كل ما يتفرع عن منازعة العقد وتتصل به[34].
كما أن اختصاص القضاء الإداري للفصل في المنازعات الإدارية يستتبع لزوما اختصاصه بالفصل فيما ينبثق عن هذه المنازعات من أمور مستعجلة[35].
-قضاء الإلغاء: دعوى الإلغاء بسبب تجاوز السلطة هي دعوى قضائية ترمي إلى
المطالبة بإلغاء أو إعدام قرار إداري لكونه معيبا أو مشيبا بعيب من عيوب عدم المشروعية
المعروفة.
وتبعا لذلك فإن القضاء الشامل أكثر تطبيقا وأوسع مجالا في منازعات صفقات الدولة على خلاف قضاء الإلغاء، الذي نجد مجاله محدودا في هذا النوع من المنازعات على أساس مبدأين أصليين[36].
· إن دعوى الإلغاء لا يمكن أن توجه إلى العقود الإدارية، ذلك أن من شروط قبول دعوى الإلغاء أن توجه الدعوى إلى قرار إداري الذي هو تعبير عن الإرادة المنفردة للإدارة، في حين أن العقد الإداري متعلق بتوافق إرادتين.
· أنه في مجال قضاء الإلغاء لا يمكن الاستناد إلى مخالفة الإدارة لالتزاماتها التعاقدية بسبب من الأسباب التي تجيز طلب إلغاء القرار الإداري.
ومن هذا المنطلق يعتبر بعض الفقه دعوى الإلغاء دعوى موضوعية، أي أنها ترمي في طبيعتها إلى مخاصمة قرار إداري، لا مخاصمة شخص عينه بحيث تهتم بالموضوع دون الشخص، غير أن فقهاء آخرين يرون أن دعوى الإلغاء لا تخلو من الطابع الشخصي، خاصة وأن المدعي يسعى إلى حماية حقوق شخصية أضر بها القرار الإداري المطعون، لذا يرى طرف ثالث أنها دعوى مختلطة.
والجدير بالذكر في هذا الصدد أن صلاحيات المحاكم الإدارية بالبث في قضايا صفقات الدولة– ولاسيما في القضاء الشامل- رهينة بتوفرها على جملة من الشروط والضوابط.
ثانيا: المسطرة المتبعة في طعون الصفقات العمومية
إن الإجراءات المتبعة في طعون الصفقات العمومية هي نفس التي تطبق على مختلف الطعون المسموح برفعها قانونا أمام هذه المحاكم[37].
وهذه الإجراءات على نوعين: إحداهما متعلقة بمقال الدعوى والأخرى متعلقة بجلسات المحكمة الإدارية.
1-الإجراءات المتعلقة بمقال الدعوى
إن جميع القضايا المرفوعة إلى المحاكم الإدارية تتخذ شكل مقال مكتوب، موقع من طرف محامي مسجل بجدول هيئة من هيئات المحامين بالمغرب ويجب أن يتضمن هذا المقال المعلومات المنصوص عليها في الفصل 32 من قانون المسطرة المدنية المغربي، وأن يتم تسجيل هذا المقال، بكتابة ضبط المحكمة الإدارية، وأن يوكل إلى قاض مقرر وإلى مفوض ملكي للدفاع عن القانون والحق لأجل متابعة ملف القضية والتأكد من مدى احترام الإجراءات القانونية.
أ- شروط الكتابة في مقال الدعوى
يشترط في مقال الدعوى الكتابية أن يكون موقعا من طرف محام مسجل في جدول هيئة من هيئات المحامين بالمغرب[38].
وجعل المسطرة كتابية أمام المحاكم الإدارية إجباريا يجد سنده في كون المنازعات الإدارية تحتاج إلماما بالشكليات القانونية، إلى جانب كونها تحتاج إلى الدقة والتركيز والانسجام الذي يغيب عن المسطرة الشفوية[39].
كما أن الحاجة إلى صياغة استدلالات قانونية رصينة تفيد الدقة والترابط المنطقي توجب جعل المسطرة كتابية، ذلك أن المحاجة الكتابية أفضل من المحاجة الشفوية. هذا مع إمكانية تبادل الدفوعات شفويا بين الأطراف، لكن ذلك يتم من قبيل البرهنة التي تكون بالأساس متضمنة في مذكرات مكتوبة[40].
ومن هنا يكون لزاما على كل من المدعى والمدعى عليه أن يعزز ادعاءاته كتابة حتى
وإن سمح له بتقديم ملاحظات شفوية أثناء الجلسة[41].
وإذا كانت الكتابة مشروطة في مقال الدعوى بحكم القانون، فهل الكتابة مشروطة كذلك في عقد الصفقة موضوع الطعن القضائي-الواقع أن شرط الكتابة مطلوب كذلك في عقد الصفقة بموجب المادة 15 من مرسوم 5 فبراير 2007 بشأن صفقات الدولة-، غير أن انتقاء الشرط لا ينفي صفة الصفقة. ولكن يؤدي إلى صعوبة إثبات مسؤولية طرفي التعاقد، وهنا ما أكدته المحكمة الإدارية بمراكش في حكمها عدد 106 بتاريخ 30/4/2003 بأنها[42]. "تعد عقودا إدارية تلك التي تبرمها وزارة الأوقاف في إطار المرفق الذي تضطلع بسيره وتنظم في إطاره رحلات الحجللمواطنين المغاربة ويرجع بالتالي اختصاص البث في النزاعات الناشئة عن هذه العقود للمحاكم الإدارية...كما وانه في غياب عقد مكتوب بين الطرفين يتعذر القول بالتزام وزارة الأوقاف إلى جانبنقل الحجاج للديار السعودية وتوفير السكن لهم طيلة فترة الحج بتحملها مسؤولية ما قد يتعرض إليه هؤلاء الحجاج من أضرار ناتجة عن حوادث تحصل لهم بالديار السعودية" فهي من قبيل عقود الخدمات العامة[43].
أ-استيفاء المقال المعلومات القانونية
ويشترط في مقال الدعوى –فضلا عن شرط الكتابة توفره على البيانات والمعلومات المنصوص عليها في الفصل 32 من قانون المسطرة المدنية المغربي، الذي يقضي بضرورة توفر مقال الدعوى أو المحضر أو العريضة على الأسماء العائلية أو الشخصية وصفة أو مهنة وموطن المدعى عليه والمدعي، وكذا عند الاقتضاء أسماء وصفة وموطن وكيل المدعي وإذا كان أحد الأطراف شركة وجب أن يتضمن المقال أو المحضر اسمها ونوعها ومركزها ويبين فيه بإيجاز الوقائع والوسائل المثارة، ويكون معززا ببعض الوثائق والمستندات التي ينوي المدعي استعمالها عند الاقتضاء، وكذلك بعدد من النسخ مساو لعدد الخصوم.
وتظل للقاضي الصلاحية –عند الاقتضاء – في تحديد البيانات غير التامة أو التي وقع إغفالها.
وهذا ما أكدته المحكمة الإدارية بمكناس في حكمها رقم 189/2004/13 ش بتاريخ 20/05/2004[44]، الذي يتعلق بنزاع بين مقاول ممون وجماعة قروية بشان تجهيزات المكاتب وأدوات إصلاح السيارات وأجزاءها ووقود وغيرها. بحيث ادعى المقاول تزويده لهذه الجماعة بالوسائل المشار إليه أعلاه والتي كلفته 190.000.00 درهم حسب الفاتورات المرفقة، فهو تبعا لذلك يلتمس من المحكمة الحكم له بالدين المترتب في ذمة الجماعة المحدد في المبلغ المشار إليه سلفا مع النفاذ المعجل وتحميلها الصائر. إلا أن الجماعة المعنية، بناء على مذكرتها الجوابية نفت أن تكون قد تزودت بأية بضاعة من المدعي. لأن هذا النوع من التصرفات خاضع لمرسوم الصفقات العمومية، ولأن المدعي لا يتوفر على عقدة لتزويد الجماعة.
وبناء على المذكرة التعقيبية التي تقدم بها نائب المدعي، بتاريخ 23/02/2004 ثم التأكيد على أن الزعم بعدم المديونية لا أساس له من القانون والواقع، لن الحجج المدلى بها تحمل توقيع رئيس الجماعة وتأشيرتها بشكل يثبت المعاملات التجارية التي تمت بينه وبينها، لأجله يلتمس الحكم وفق مستنداته.
إلا أن المحكمة في حيثيات حكمها توصلت إلى ما يلي: "وحيث أنه بالرجوع إلى نازلة الحال، يتضح أن الأمر يتعلق بأعمال تمت بناء على سندات الطلب لفائدة الجماعة القروية، والتي يرجع الحق في الالتزام بها إلى الأمر بالصرف بهذه الجماعة بعد احترام المقتضيات المنصوص عليها في الفصل الأول المتعلق بالالتزام والنفقات من مرسوم30شتنبر 1976 المتعلق بنظام محاسبة الجماعات المحلية وهيئاتها.
وحيث إن تصفية هذه الالتزامات تتطلب إثبات حقوق الدائن، وهذا الإثبات حسب الفصل 62 من المرسوم السابق الذكر يكون إما بشهادة إنجاز الخدمة أو بيان حسابي يتضمن الكمية والمبلغ النقدي للأشياء المسلمة أو الأشغال المنجزة، وكذا بشهادة تؤكد تسلم الإدارة للأشغال أو الأشياء المذكورة.
وحيث أن المدعي لإثبات قيامه بتزويد الجماعة المدعى عليها بما سبق ذكره، أدلى بثلاثة فواتير صادرة عنه غير مرقمة وغير مؤرخة، كما أدلى بوصلات طلب صادرة عن جماعة أيت إسحاق وأدلى أيضا بوصلات طلب محررة على ورق عادي بخط اليد ومؤشر عليها من طرف رئيس الجماعة.
وحيث أنه بعد دراسة هذه الوثائق، اتضح من جهة أولى، على أن البعض منها لا يتوفر على الشروط القانونية بالمفهوم الإداري، ولا حتى بالمفهوم التجاري، إذ إنها مجرد أوراق عادية غير حاملة لأي رقم تسلسلي أو بيانات الوثيقة الإدارية وبالتالي فليست لها أية حجية قانونية، ومن جهة ثانية، فإن وصولات الطلب الأخرى المؤرخة والموقعة، لا تعتبر دليل إثبات المديونية وفق مقتضيات الفصل 62 السابق ذكره ما دامت لا تفيد حصول تسلم الإدارة للأدوات والأشياء المذكورة في المقال.
وحيث إنه لكل الاعتبارات السابق ذكرها، يتعين عدم قبول الطلب لعدم ثبوت مديونية الجماعة المدعى عليها.
وتبعا لذلك، قضت المحكمة بعدم قبول الطلب، مع جعل صائر الدعوى على خاسرها[45].
ج - تسجيل المقال بكتابة ضبط المحكمة الإدارية
يجب تسجيل مقال الدعوى لدى كتابة ضبط المحكمة المختصة، ويتولى كاتب الضبط المحكمة تسليم وصل بإيداع المقال، ويتكون ذلك المقال من نسخة منه يوضع عليها خاتم كتابة الضبط وتاريخ الإيداع مع بيان الوثائق المرفقة.
د- إسناد ملف الدعوى إلى قاض مقرر ومفوض ملكي للدفاع عن الحق والقانون
بعد تسجيل مقال الدعوى يتولى رئيس المحكمة إحالة الملف على قاض مقرر يقوم بتعينه، وعلى المفوض الملكي للدفاع عن القانون والحق لأجل متابعة ملف الدعوى[46].
هـ- إجراءات التحقيق
يتخذ القاضي المقرر الإجراءات لجعل القضية جاهزة للحكم، ويأمر بتقديم المستندات التي يرى وجودها ضروريا للتحقيق في القضية ويستمع للأطراف، ويجري معاينة، ويستعين بتقرير الخبراء، وعندما تصبح القضية جاهزة للحكم، اصدر أمرا بتخليه عن الملف وحدد بتاريخ الجلسة التي تدرج فيها القضية، ولا يمكن أن تضاف للملف أية مستندات جديدة ما عدا تلك الرامية إلى التنازل، ولكن إذا ظهرت واقعة جديدة من شانها أن تؤثر على سير الحكم يمكن إرجاع الملف إلى مكتب المستشار المقرر[47].
ومن الواجب على القاضي المقرر أن يراعي وضعية المتقاضي الذي يكون في منزلة غير متكافئة مع الإدارة، وأن يجعل عبء الإثبات يقع على عاتق هذه الأخيرة، أو إلزامها بتقديم الأسباب التي أستندت عليها أثناء اتخاذ القرار المطعون فيه[48].
و- الاستعانة بأهل الخبرة
يحق للمحكمة الاستعانة بمن تشاء من الخبراء لكي تصل إلى الحقيقة ومن أمثلةذلك،
ما توصلت إليه المحكمة الإدارية بالرباط في حكمها رقم 640 بتاريخ 27/4/2006، شركة دامبينكترافور والسيد مدير الحي الجامعي مولاي إسماعيل بالرباط بشأن الصفقة العمومية رقم 25-2001/N9/AO[49]والمتعلقة بترميم المحلات الإدارية بالحي والتي امتنع صاحب المشروع من دفع مستحقاته رغم قيام الشركة المقاولة بإنجاز الأشغال، الأمر الذي جعل هذه الأخيرة تلتمس من المحكمة قبول طلبها شكلا، والحكم موضوعا بأداء المدعى عليه لفائدتها مستحقاتها عن انجاز الأشغال مع الفوائد القانونية مند انتهائها وتعويض عن التماطل، مع اعتبار الحكم بمثابة محضر تسليم مؤقت ونهائي، والنفاد المعجل والصائر.
وعلى إثر ذلك، اضطرت المحكمة إلى إصدار حكم تنهيدي عدد 832 بتاريخ 7/7/2005 بإجراء خبرة، وعينت بمقتضاه الخبير المختص.
وبناء على الخبرة المنجزة –في هذا المجال- والمؤشر عليها بتاريخ 28/11/2005 وبناء على مذكرة المستنتجات بعد الخبرة المدلى بها من طرف المدعية بتاريخ 3/01/2006، الرامية إلى المصادقة على تقرير الخبرة.
وبناء على إنذار الجهة المدعي عليها قصد تقديم مستنتجاتها مع تبليغها مستنتجات المدعية، لم تستجب رغم منحها أجلا كافيا.
وبعد استيفاء القضية لكل عناصرها، قضت المحكمة بقبول الطلب شكلا، والحكم علىصاحب المشروع (الحي الجامعي مولاي اسماعيل بالرباط، في شخص ممثله القانوني)بأداء
مبلغ 678.935.55 درهم مع فوائد التأخير ابتداء من 25/01/2004، والنفاد المعجل في حدود مبلغ 400.000.00 درهم، وبتحميله المصاريف في حدود القدر المحكوم به[50].
وعليه فإن إجراءات الخبرة ساهمت بإثبات إنجاز أشغال المقاولة على كاملها وفقا للمتفق عليه، مع تحديد قيمتها المتنازع حولها، مما جعل المتعاقد محقا في الحصول على قيمتها مع فوائد التأخير.
والجدير بالذكر في هذا الصدد أنه يمكن الطعن في تقرير الخبرة بإجراء خبرة مضادة كما جاء في حكم المحكمة الإدارية بالرباط رقم 1372 بتاريخ 6/10/2005[51].كما يجوز للمحكمة استبدال الخبير بخبير آخر لسبب من الأسباب التي تحول دون قيام الخبير الأول بما أسند إليه من مهام. وهذا ما قامت به المحكمة الإدارية بالرباط بمقتضى الحكم المشار إليه أعلاه 1372، بالإضافة إلى ما سبق الذكر يجوز لأحد أطراف الدعوى، الدفع بعدم تعيين خبير مختص من طرف المحكمة، ويظل لهذه الأخيرة تبرير اختيارها للخبير المعين. وهذا ما أكدته المحكمة الإدارية بالرباط في حكمها رقم 463 الصادر في 15/3/2005[52]ويمكن كذلك إقرار خبرة ثالثة في نفس موضوع النزاع إذا اقتضتها الضرورة ويستشف ذلك من المفهوم العكسي لحكم المحكمة الإدارية بالرباط في حكمها رقم 463– المشار إليه سابقا- والذي جاء فيه "حيث أنه من جهة وكما هو ثابت من الخبرات المدرجة بملف المحكمة، وخاصة خبرتي السيدين(...) و(...) اللتين أنجزتا بحضور طرفي النزاع، واستنادا إلى محضر المعاينة وباقي الوثائق، المشار إليها بمناسبة البث في الطلب الأصلي، فإنه وما دام أن المقاولة المدعية قد أوفت بكافة التزاماتها، ما عدا العيب الذي بقي بالرخام الذي تم خصم نسبة 20 % من قيمته، فإن طلب إجراء خبرة ثالثة لم يعد له أي مبرر".
1-الإجراءات المتعلقة بجلسات المحكمة الإدارية
اشترط المشرع في جلسات المحاكم الإدارية أن تنعقد وتصدر الأحكام بشكل علني، وتكون أثناء إصدار هذه الأحكام مكونة من ثلاثة قضاة يساعدهم كاتب الضبط، ويتولى رئاسة الجلسة رئيس المحكمة الإدارية أو قاضي معين من لدن الجمعية العامة السنوية لقضاة المحكمة الإدارية، وحضور المفوض الملكي إلزامي في الجلسات، ولا يشارك في مداولات إصدار الحكم[53].
ويعتبر مبدأ علانية الجلسات من المبادئ المعمول بها في معظم الأنظمة القضائية وبمقتضاه تكون الإجراءات التي تقوم بها المحكمة قبل إصدار الحكم علانية وللقاضي من تلقاء نفسه أو بناء على طلب أحد الأطراف أن يأمر بجعلها سرية حفاظا على النظام أو مراعاة للآداب والأخلاق الحميدة[54].
وبصفة عامة تطبق أمام المحاكم الإدارية القواعد المقررة في قانون المسطرة المدنية ما لم ينص على خلاف ذلك في قوانين أخرى.
الفقرة الثانية: رقابة محاكم الاستئناف الإدارية
تستفيد الصفقات العمومية من استئناف طعون منازعاتها أمام محاكم الاستئنافالإدارية
وفق مسطرتها ومقتضياتها القانونية وللإحاطة بهذه المحاكم من حيث تكوينها واختصاصاتها سنتعرض لذلك وفقا لما يلي:
أولا:تكوين محاكم الاستئناف الإدارية
أحدثت هذه المحاكم بموجب قانون رقم 03-80 بتاريخ 14 فبراير 2006، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.06.07 بتاريخ 15 محرم 1427 موافق 1427 موافق 14 فبراير 2006 المحدث بموجبه محاكم الاستئناف الإدارية. وعند إحداث هذه المحاكم تم تحديد عددها في اثنين (2):احدهما بالرباط (تشتمل المحاكم الإدارية،بالرباط،الدار البيضاء،فاس،مكناس،وجدة)والأخرى بمراكش(تشتمل المحاكم الإدارية بمراكش واكادير)[55].
وتتكون هذه المحاكموفق ما تقتضي به المادة 2 من القانون رقم 03-80 من:
§ رئيس أول ورؤساء غرف ومستشارين؛
§ كتابة الضبط؛
ويمكن تقسيم هذه المحاكم إلى عدة غرف حسب أنواع القضايا المعروضة عليها.
ويساعد الهيئة القضائية في هذه المهام، المفوض الملكي للدفاع عن الحق والقانون،
ويتم تعينه من طرف الرئيس الأول لمحكمة الإستئناف الإدارية، من بين المستشارين، وباقتراح من الجمعية العمومية لمدة سنتين قابلة للتجديد.
وتعقد هذه المحاكم جلساتها وتصدر قراراتها، وهي متركبة من ثلاثة مستشارين من بينهم رئيس يساعدهم كاتب ضبط، أما عن المفوض الملكي للدفاع عن الحق والقانون فإن حضوره ضروريا للإدلاء بآرائه مكتوبة مع إمكانية توضيحها شفويا لهيئة الحكم بكامل الإستقلال سواء فيما يتعلق بالوقائع أو القواعد القانونية المطبقة عليها، وذلك بالنسبة لكل قضية على حدة بالجلسة العامة[56].
وفي هذا الصدد فإن المفوض الملكي للدفاع عن الحق والقانون محظور عليه المشاركة في المداولة أما حضوره في الجلسة، ضمن تشكيلة هيئة الحكم، فهو إلزامي، إلا أن الأستاذ مصطفى التراب يرى بأنه لا موجب لمنع المفوض الملكي من المشاركة في المداولة ما دام لا يمثل أي طرف وليس من حقه الطعن في الأحكام، وأن دوره يقتصر على الدفاع عن الحق والقانون، وهو دور يمكن أن يمارسه أيضا حتى عند المشاركة لو أن المشرع سمح له بذلك.
ثانيا : اختصاصات محاكم الإستئناف الإدارية في قضايا الصفقات العمومية
تختص محاكم الاستئناف الإدارية- بموجب المادة5 من القانون رقم 03-80 بالنظر في استئناف أحكام المحاكم الإدارية وأوامر رؤسائها ما عدا إذا كانت هناك مقتضيات قانونية.
أما بخصوص النزاعات الاستعجالية المعروضة على هذه المحاكم، فينظر فيها الرئيس الأول لمحكمة الإستئناف أو نائبه باعتباره قاضي المستعجلات.
ويدخل موضوع الصفقات ضمن (اختصاصات هذه المحاكم وفق مقتضيات خاصة قبل النظر فيها من طرف الهيئة القضائية، وهي نفسها الإجراءات العامة التي يتطلبها الطعن بالإستئناف في جميع القضايا المطروحة على محاكم الإستئناف الإدارية، وفيما يلي بيان هذه المقتضيات وصلاحية الهيئة القضائية في البت في منازعات الصفقات العمومية.
1- إجراءات الطعن بالاستئناف
يتم استئناف الأحكام بشأن صفقات الدولة، الصادرة عن المحاكم الإدارية داخل أجلثلاثينيوما من تاريخ تبليغ الحكم، وذلك وفق المقتضيات المنصوص عليهافي الفصل 134
وما يليه إلى الفصل 141 من قانون المسطرة المدنية لسنة 1974 وتبعا لآخر تعديلاته.
وتخضع الأوامر الصادرة عن رؤساء المحاكم الإدارية المنصوص عليها في الفصلين 148 و153 من قانون المسطرة المدنية لنفس أجل الإستئناف.
يقدم مقال الاستئناف إلى كتابة ضبط المحكمة الإدارية بواسطة مقال مكتوب يوقعه محام.
وينبغي أن يرفق مقال الإستئناف مع مستنداته داخل أجل أقصاه 15 يوما من تاريخ إيداعه بكتابة ضبط المحكمة الإدارية.
أما ما يتعلق باستئناف قضايا الدفع بعدم الاختصاص النوعي، فتظل مقتضياته المنصوص عليها في المادة 13 من قانون رقم 41.90 بتاريخ 10 سبتمبر 1993 بشأن إحداث المحاكم الإدارية[57]، سارية المفعول ويحيل المجلس الأعلى الملف بعد البت فيه إلى المحكمة المختصة ( المادة 12 من القانون رقم 80.03 بتاريخ14 فبراير 2006 بشأن إحداث محاكم الاستئناف الإدارية).
ولا يترتب عن الطعن بالإستئناف- في الأحكام الصادرة بوقف تنفيذ قرار إداري- أي أثر واقف، إذ تظل للإدارة الصلاحية في الإستمرار في تنفيذ قرارها ما لم تنته مختلف مراحل التقاضي، تطبيقا لمبدأ الفاعلية الإدارية الذي يقضي بتنفيذ القرارات الإدارية بأثر فوري وذلك خلافا لما يسري في مجال القضاء العادي[58].
كما أن القرارات الغيابية الصادرة عن محاكم الإستئناف لا تقبل التعرض (المادة 14 من قانون رقم 80.03 لسنة 2006 بشأن إحداث محاكم الاستئناف الإدارية).
2- صلاحيات محاكم الاستئناف الإدارية بالنظر في مشروعية صفقات الدولة
إن صلاحيات محاكم الإستئناف الإدارية في قضايا صفقات الدولة تدخل في مجال اختصاصاتها العامة المنصوص عليها في الباب الثاني من القانون رقم 80.03 المحدث بموجبه محاكم استئناف إدارية، وذلك في مادتيه 5و6 منه.
فبخصوص المادة 5 تقضي باختصاص محاكم الإستئناف الإدارية بالنظر في استئناف أحكام المحاكم الإدارية، وأوامر رؤسائها، ما عدا إذا كانت هناك مقتضيات قانونية مخالفة.
أما المادة 6 فتقضي بصلاحية الرئيس الأول لمحكمة الإستئناف الإدارية أو نائبه في ممارسة مهام قاضي المستعجلات إذا كان النزاع معروضا عليها.
ووفقا لما سبق ذكره فإن قضايا صفقات الدولة يكون الطعن بالاستئناف بشأنها أمام محاكم الاستئناف الإدارية سواء تعلق الأمر بالقضايا العادية أو الاستعجالية الصادرة عن المحاكم الإدارية. مع مراعاة المقتضيات الخاصة باختصاصها المكاني والنوعي.
والجدير بالذكر أن دعوى الطعن بالإستئناف، تكون في إطار دعوى القضاء الشامل،ولايستفيذ منها المعني بالأمر إلا مرة واحدة(في نفس الموضوع)،وأن التنازل عنها
يتم بموجب منطوق قضائي[59].
وموضوع الطعن بالإستئناف في مجال صفقات الدولة قد يتعلق بالأشغال أو التوريدات أو الخدمات وفيما يلي بيان ببعض المقتضيات العامة والأساسية في الطعن بالإستئناف في قضايا صفقات الدولة.
أ- بعض المقتضيات الأولية في الطعن بالإستئناف في قضايا صفقات الدولة
يتعين التأكد من توفر المقتضيات الأولية قبل التطرق إلى موضوع الدعوى، خصوصا القواعد والإجراءات المسطرية من جهة، ومن جهة أخرى القواعد الخاصة بتحديد الإختصاص النوعي والمكاني للمحكمة المختصة، وكيفية التنازل عن الدعوى ...إلخ.
- الإختصاص المكاني والنوعي
إن الإختصاص النوعي لهذه المحاكم يثير بعض الإلتباس في حالة تداخل نوعية القضايا في معطياتها، عكس الإختصاص المكاني لمحاكم الإستئناف الإدارية في قضايا صفقات الدولة الذي لا يثير أي التباس، نظرا لوضوح مقتضيات مرسوم رقم2.06.187 بتاريخ 25 يوليوز 2006 بتحديد عدد محاكم الإستئناف الإدارية ومقرها ودوائر اختصاصها[60].
وفي الحالة التي يثير فيها الالتباس بخصوص الاختصاص النوعي يكون الدفع بعدم
الاختصاص النوعي بحكم مستقل والإستئناف بهذا الشأن يكون أمام المجلس الأعلى، وهذا ما عملت على تطبيقه محاكم الإستئناف الإدارية في عدة أحكام نقتصر على القرار عدد444[61]الذي جاء فيه : "حيث يعيب المستأنف الحكم المستأنف بخرقه قواعد الإختصاص لما اعتبر أن طلب المدعي يدخل ضمن اختصاص المحكمة، كما يعيبه بخرق المادة 13 من القانون رقم 90.41 المحدث بموجبه محاكم إدارية".
لكن وحيث سبق للمجلس الأعلى – بموجب قراره عدد 55 بتاريخ 17/10/2007 في ملف رقم 3099/14/06- أن بث في الاختصاص المذكور، باعتبار أن موضوع الطعن يدخل ضمن عقود التوريد التي تعتبر عقودا إدارية يختص القضاء الإداري بالبث فيها، مما لا يمكن معه إعادة مناقشة هذا الدفع من جديد ويبقى السبب المثار بهذا الصدد غير جدير بالإعتبار.
- دعوى القضاء الشامل
يدخل الطعن بالإستئناف في قضايا الصفقات العمومية في إطار دعوى القضاء الشامل وليس دعوى الإلغاء وهذا ما قضت به محكمة الإستئناف الإدارية في قرارها عدد 638 بتاريخ 26/09/2007[62]" وحيث أن القرارت التي تسند إلى أحكام العقد يكون الطعن فيها أمام القضاء الشامل وليس قضاء الإلغاء، باعتبار أن هذا الأخير جزاء لمخالفة المشروعية بينما الإلتزامات المترتبة على العقود الإدارية هي التزامات شخصية مما يكون معه طلب الإلغاء غير مقبول لوجود دعوى موازية باعتبار أن القرار موضوع الطعن متصلا بالعقد الإداري، وأن المحكمة حينما صارت في هذا المنحى يكون حكما صائبا وواجب التأييد".
- اقتصار الطعن بالاستئناف على مرة واحدة بشأن نفس الموضوع
يتم الاستفادة من الطعن بالإستئناف مرة واحدة إذا تعلق الأمر بنفس الموضوعوهذا ما أكدته محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط في قرارها عدد 955 بتاريخ 19/12/2007[63].
-التنازل عن دعوى الطعن بالإستئناف
إذا رأى المدعى لسبب من الأسباب التنازل عن دعواه التي رفعها أمام المحكمة الإستئنافية بشأن صفقة من صفقات الدولة فإنه يكون ملزما باحترام إجراءات شكلية للحصول على منطوق حكم بتنازله والتأكد من أن هذا التنازل لا يمس حقوق مكتسبة للغير[64].
- التأكد من سلامة إجراءات الخبرة المعتمدة
إن سلامة إجراءات الخبرة المعتمدة في الأحكام القضائية رهينة بمدى احترام مقتضيات الفصل 63 من قانون المسطرة المدنية الذي يتضمن مجموعة من الإجراءات يجب احترامها، وإذا تبث خرق هذه المقتضيات يطعن فيها قضائيا.
- لا يصح الدفع بعدم جواز الحكم بالنفاد المعجل كسبب للاستئناف
بمعنى أنه لا يجوز أن يكون سببا من أسباب الإستئناف الدفع بعدم إمكانية الحكمبالنفاد
المعجل، على اعتبار أنه بإمكان من صدر عليه الحكم بالنفاد المعجل المطالبة بإيقاف الحكم أمام غرفة المشورة للمحكمة المعروض أمامها الإستئناف أو التعرض[65]، طبقا لمقتضيات الفصل 147 من قانون المسطرة المدنية.
ب- موضوع الطعن بالاستئناف في قضايا الصفقات العمومية
إن موضوع الطعن بالإستئناف في قضايا الصففقات العمومية يتعلق بصفقات الأشغال والتوريدات، والخدمات كما أنه يشمل جميع مراحل إبرام الصفقة، وكذا مراحل تنفيذها وصولا بالتسليم النهائي للصفقة، وما يترتب عن ذلك من نتائج إيجابية أو سلبية تخص حقوق أطراف الصفقة.
الفقرة الثالثة: رقابة المجلس الأعلى على الصفقات العمومية( محكمة النقض)
لقد قام المجلس الأعلى بدور بارز في رقابته على منازعات صفقات الدولة، منذ إحداثه منذ سنة 1957 إلى اليوم، بمقتضى اجتهاداته المتواصلة والمبدعة والخلاقة وتبعا لتطبيقاته الحكيمة، عرفت مادة الصفقات العمومية الترسيخ في قواعدها، والتطوير في مقتضياتها.
وللعلم، فإن اختصاصه- بشأن صفقات الدولة- قد عرف التطور مع إحداث المحاكم
الإدارية ومحاكم الاستئناف الإدارية. فبإحدات المحاكم الإدارية سنة 1993، تحدد اختصاصه في الدور الاستئنافي للأحكام الصادرة عن هذه المحاكم وبإحداث محاكم الإستئناف الإدارية سنة 2006، اقتصر اختصاصه على نقض الأحكام الاستئناف الصادرة عن المحاكم المعنية بالأمر، مع مراعاة الإستثناءات المنصوص عليها قانونا[66].
وتطبق في إجراءات النقض القواعد الواردة في قانون المسطرة المدنية.
وفيما يلي بيان توضيح بشأن إحداث وكيفية تركيب المجلس المذكور، وبيان اختصاصاته.
أولا: إحداث المجلس الأعلى وتأليفه
لقد تم إحداث هنا المجلس، بموجب الظهير الشريف رقم 1.57.223 الصادر في 2 ربيع الأول 1377 موافق 2 شتنبر 1957[67]، الذي عرف عدة تعديلات وتتميمات بموجب الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.74.388 بتاريخ 15 يوليوز سنة 1974 يتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة، وكذا المرسوم التطبيقي له رقم 2.74.498 الصادر في 16 يوليوز1974[68]، ووفق ما لحقها كذلك من تعديلات وتتميمات.
أما بخصوص تأليف المجلس فتتم وفق الضوابط التالية[69]:
1) يرأس المجلس الأعلى رئيس أول ويمثل النيابة العامة فيه الوكيل العام للملك يساعده المحامون العامون.
ويشتمل المجلس الأعلى على رؤساء غرف ومستشارين ويشمل أيضا على كتابة الضبط وعلى كتابة النيابة العامة.
كما ينقسم إلى ست غرف: غرفة مدنية تسمى الغرفة الأولى وغرف الأحوال الشخصية والميراث وغرفة جنائية وغرفة اجتماعية وغرفة إدارية وغرفة تجارية.
يرأس كل غرفة رئيس الغرفة، ويمكن تقسيمها إلى أقسام، كما يمكن لكل غرفة أن تبحث وتحكم في جميع القضايا المعروضة على المجلس أيا كان نوعها(الفصل10 من الظهير الشريف).
2) يعقد المجلس الأعلى جلساته ويصدر قراراته من طرف خمسة قضاة بمساعدةكاتبالضبط مالم ينص القانون على خلاف ذلك ويعتبرحضور النيابة العامةإلزاميافي
سائر الجلسات (الفصل 11 من الظهير الشريف).
3) يسهر الرئيس الأول للمجلس الأعلى على إنجاز القضايا في أحسن الظروف وعلى حسن سير مصالح كتاب الضبط للمجلس الأعلى.
ويمارس مراقبته على المستشارين بالمجلس الأعلى وكذا على الرؤساء الأولين لمحاكم الإستئناف (الفصل 15 من الظهير الشريف).
4) للوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى السلطة على أعضاء النيابة العامة بالمجلس وعلى مصالح كتابتها.
كما يراقب أعوان كتابة الضبط المكلفين بالمصلحة الجنائية أو المسندة إليهم مهام حسابية.
ويمكنه أن يوجه مباشرة تعليمات وملاحظات إلى الوكلاء العامين للملك لدى محاكم الإستئناف وإلى وكلاء الملك لدى المحاكم الإبتدائية.
ويتعين عليه أن يبلغ لوزير العدل الإخلالات التي قد يلاحظها في أي قاض من قضاة النيابة العامة(الفصل16 من الظهير الشريف).
ثانيا : اختصاصات المجلس الأعلى في منازعات الصفقات العمومية
يبث المجلس الأعلى ما لم يصدر نص صريح بخلاف ذلك في مجموعة من القضايا حددها الفصل 353 من قانون المسطرة المدنية.
وفي المجال الإداري فإن المشرع أوكل بموجب الفصل 362 من قانون المسطرة المدنية إلى الغرفة الإدارية حق النظر في:
· الطعون بالنقض ضد الأحكام القضائية الصادرة في القضايا التي يكون أحد الأطراف فيها شخصا عموميا.
· الطعون الموجهة ضد مقررات السلطات الإدارية للشطط في استعمال السلطة.
وفي هذا النطاق يتضح أن قضايا الصفقات العمومية التي تعرض على المجلس الأعلى يجب أن تتعلق بإحدى أنواع الطعون المشار إليها، وإلا كان مصيرها عدم القبول.
بالإضافة إلى ما سبق الذكرفإنه يجب أن تكون طلبات نقض الأحكام المعروضة على
المجلس الأعلى مبنية على أحد الأسباب التالية[70]:
v خرق القانون الداخلي؛
v خرق قاعدة مسطرية أضر بأحد الأطراف؛
v عدم الاختصاص؛
v الشطط في استعمال السلطة؛
v عدم ارتكاز الحكم على أساس قانوني؛
والجدير بالذكر أن معظم هذه الأسباب نجدها متوفرة في قضايا صفقات الدولة، وذلك كالآتي:
1- خرق قاعدة مسطرية أضر بأحد أطراف الصفقة
إذا تبت للمجلس الأعلى احتواء حكم –معروض عليه- على خرق قاعدة مسطرية أضرت بأحد أطراف عقد الصفقة قضى بإلغاء الحكم وإرجاع الملف إلى المحكمة المختصة لتبت فيه طبقا للقانون. وهذا ما قضت به الغرفة الإدارية للمجلس الأعلى في القرار رقم 291 بتاريخ 28/03/2007[71].
"حيث أنه بالرجوع إلى مقتضيات الفصل 796 من قانون الإلتزامات والعقود، نجدها تنص على أنه يلزم رفع الدعوى خلال الثلاثين يوما التالية ليوم ظهور الواقعة الموجبة للضمان، وإلا كانت غير مقبولة؛
وحيث ثبت من وقائع النازلة، أن الإدارة المستأنف عليها، ظهرت لها الوقائع الموجبة للضمان حسب مقالها بتاريخ 31/01/2000 بدليل رسالتها التي وجهتها المستأنفة، ولم ترفع إلا بتاريخ 14/05/2001، أي خارج الشهر المحدد في الفصل المذكور، مما عرضت به دعواها لعدم القبول والمحكمة لما قبلت الدعوى رغم العيب الشكلي المذكور لم تجعل لقضائها أساسا، فكان حكمها واجب الإلغاء".
وتبعا لذلك قضى المجلس الأعلى بإلغاء الحكم المستأنف.
أما إذا ثبت أن الحكم المطعون فيه سليم ولا يحتوي على خرق للقاعدة المسطرية التيتضربأحد طرفي الصفقة، فإنه يعمل على قبول الدعوى شكلا ويقضيبتأييدالحكمالمطعونفيه.
2- عيب عدم الاختصاص
إن فكرة الاختصاص – في مجال الصفقات العمومية- تتحدد بالعناصر التالية[72]:
عنصر شخصي: للتأكد ممن لهم الحق في إبرام الصفقة، ومن له الحق في أن يكون مدعيا أو مدعى عليه في دعوى الصفقة العمومية.
عنصر موضوعي:وذلك بالبحث في طبيعة الأعمال موضوع الصفقة العمومية للتأكد من اختصاص الجهة المبرمة لعقد الصفقة، والمحكمة المختصة بالنظر في النزاع المطروح عليها.
عنصر مكاني: بتحديد النطاق الترابي لإختصاص المحكمة.
وتبعا لذلك فإنه إذا ثبت للمجلس الأعلى، أن عيبا من العيوب يشوب أحد العناصر السابقة فإنه يقضي بإلغاء الحكم المطعون فيه وإرجاع الملف إلى المحكمة المختصة لإعادة النظر فيه.
3- الشطط في استعمال السلطة
إذا تبث للمجلس الأعلى تضرر المتقاعد مع الإدارة من جراء تصرفها سواء كان إيجابيا أو سلبيا فإن المجلس يقضي برفع هذا التصرف من أجل حسن تنفيذ الإلتزام، وهذا ما أكده المجلس الأعلى في قراره عدد 345 بتاريخ 30/04/2008[73]الذي جاء فيه:" وحيث أثبتت الخبرات المنجزة في الملف، أن المقاولة أنجزت الأشغال موضوع عقد الصفقة واحترمت جميع المواصفات التعاقدية، باستثناء ما تعلق برخام البهو، وأعملت بشأنه تخفيضا في الثمن بنسبة %20 كما أكدت سلامة الإنجاز، الشهادات المدلى بها من طرف المقاولة والمسلمة من طرف مكتب المراقبة، سواء بالنسبة للبناء، أو الترصيص، أو الكهرباء. كما أثبت الخبرات والمعاينة القضائية، رفع جميع التحفظات التي جاءت بها محاضر الورش رقم 53و54و55 المتعلق بزيارة الورش للإستعداد للتسليم المؤقت فتكون بذلك المقاولة محقة في استخلاص مقابل الأشغال، وما تحتج به الإدارة من وجود تأخير في إنجاز الأشغال داخل الأجل القانوني المتفق عليه(18 أشهر) غير قائم، بالنظر إلى الأمربالبدء في الأشغال، الذي كان بتاريخ 4/10/ 99، وبعد الأخذ بعين الإعتبار مدة التوقف من طرف الإدارة، والذي تولى القضاء تحديده، فإنه بالرجوع إلى المحضرين رقم 53و54 يتبين أنهما تضمنا ملاحظات يجب على المقاول رفعها لإنجاز التسليم المؤقت.
وحيث ثبت رفعها بشهادة المهندس المشرف، الأمر الذي أكدته الخبرات المنجزة في موضوع النزاع، مما يبرر القول بتحقيق التسليم المؤقت عملا بقواعد العدل والإنصاف التي توجب حسن تنفيذ الالتزام من الطرفين، الأمر الذي يبقى معه تمسك الإدارة بعدم وجود التسليم المؤقت، تعسفا من جانبها، لأن العبرة بواقع الأمر وليس بالمحضر الصادر عنها أمام ثبوت ما ذكر أعلاه"
لأجل ذلك قضى المجلس الأعلى بتأييد الحكم المستأنف في هذا الجانب.
4- عدم ارتكاز الحكم على أساس قانوني أو انعدام التعليل
إذا ثبت للمجلس الأعلى بشأن الطعون المرفوعة أمامه عدم ارتكازها على أساس قانوني أو انعدام تعليلها فإنه يقضي بإلغائها أو إحالتها إلى المحكمة المختصة لإعادة النظر فيها أما إذا تبين له أنها سليمة فإنه يقضي بقبولها شكلا وموضوعا.
وفي هذا الصدد صدرت مجموعة من قرارات المجلس الأعلى ولاسيما فيما يخص الصفقات العمومية نكتفي بذكر القرار عدد 137 بتاريخ 27/02/2008[74]الذي جاء فيه "وحيث أنه بالرجوع إلى تعليلات الحكم المستأنف، يتبين أنه لم يناقش الدفع، ولم يبحثه بالرغم من تحققه من حيث المدة ـ تاريخ الأمر بالبدء 7/6/1999 والأمر بالتوقف في 28/03/2000 والأمر بالاستئناف 20/13/2001 والاستلام المؤقت بتاريخ 28/11/2001، الأمر الذي يستوجب بحث أسباب التأخير ومن يتحمل مسؤوليته، وهو أمر لم تناقشه المحكمة وما اعتمدته المحكمة للحكم بالمبالغ المستحقة غير كاف، الأمر الذي يستلزم التحقيق في النازلة".
وحيث أن القضية غير جاهزة، قضى المجلس الأعلى بإلغاء الحكم وإرجاع الملف
إلى المحكمة الإدارية بالرباط ، لتبث فيه طبقا للقانون.
وبالنسبة للأحكام التي لا تقبل الطعن بالتعرض والاستئناف، يمكن أن تكون موضوع
إعادة النظر لدى المجلس الأعلى، ممن كان طرفا في الدعوى أو ممن استدعى بصفةقانونية
إن مجال الصفقات العمومية يعاني من عدة عوائق على غرار باقي النزعات الإدارية المرفوعة إلى المحاكم الإدارية، غير أن حدة التأثير تختلف خصوصا وأن مجال الصفقات العمومية يشكل مجالا حساسا لارتباطه بالمصالح الخاصة والمصالح العامة في آن واحد، وترتبط أيضا بتنفيذ السياسة العامة للدولة مما يجعل تأثير هذه العوائق يتخذ أبعادا أخرى سياسية واقتصادية وكذلك تنموية، وبالتالي فإن الضرورة تقتضي الاجتهاد من أجل التقليص من حجم الأضرار المترتبة عن ذلك، وتعد إشكالية عدم تنفيذ الأحكام القضائية (الفقرة الأولى) من أعوص هذه المشاكل، إلى جانب باقي العراقيل اللوجستيكية (الفقرة الثانية) التي يعرفها القضاء الإداري.
الفقرة الأولى: إشكالية عدم تنفيذ الأحكام القضائية
تمثل إشكالية عدم تنفيذ الأحكام القضائية إحدى أعقد المشاكل التي تواجه القضاء الإداري، والتي تثير تساؤلات كبيرة عن مدى رغبة الدولة في وضع تنظيم قضائي يحمي الحقوق والحريات، فما هي هذه الإشكالية؟"أولا" وما مدى تأثيرها على مجال الصفقات العمومية؟ "ثانيا"
أولا : التعريف بإشكالية عدم تنفيذ الأحكام القضائية
إن إشكالية عدم تنفيذ الأحكام القضائية تطرح مشكلة العلاقة بين مؤسسات الدولة في إطار فصل السلط ومدى احترام القانون من طرف مختلف الفاعلين داخل الدولة.
ويعتبر التنفيذ الجبري أو الإكراه على التنفيذ، إحدى الامتيازات التي تتوفر عليها السلطة العمومية، فأطراف النزاع يوجدون في وضعية غير متساوية ، ذلك أنه في حالة رفض القاضي الدعوى المرفوعة ضد الإدارة فإن عملها يدخل حيز النفاد ويحوز صفة الشرعية، أما في حالة الحكم لصالح الطاعن، فإنه يكون ملزما بالإعتماد على حسن نية الإدارة من أجل التنفيذ، لأنه لا يمكن إكراه الإدارة على تنفيذ الأحكام[77]، لعدم إمكانية تطبيق الفصل 433 من قانون المسطرة المدنية المتعلق بتنفيذ الأحكام القضائية استنادا إلى منع استعمال القوة العمومية ضد الإدارة، إضافة إلى كون الفصل 25 من ق .م.م يحظر على المحاكم أن تأتي بكل ما من شأنه أن يعرقل نشاط الإدارة العمومية حتى لا يقع خرق مبدأ فصل السلط، وحتى لا تشكل قرارات القضاء تدخلا سافرا في شؤون الإدارة[78]، غير أن الإجتهاد القضائي قد ابتدع عدة وسائل لحمل الإدارة على التنفيذ نذكر منها : الغرامة التهديدية، الحجز لدى الغير والتنفيذ التلقائي، وإن كانت الأحكام قليلة بهذا الشأن خاصة وأن الإدارة لا تعدم الوسائل والمبررات من أجل عدم الامتثال لتنفيذ الأحكام من ذلك تذرعا بانعدام الاعتمادات المالية أو ادعاء الحفاظ على الأمن...
وفي هذا السياق تندرج قضية مقاومة حيدا ضد بلدية العرائش الممتنعة عن تنفيذ القرار الصادرعن المجلس الأعلى[79]، والقاضي بتأييد الحكم المستأنف الذي ينص على أداء المدعي عليه المجلس البلدي للعرائش لفائدة المدعية مبلغ 221.772.11 درهما عن قيمة الأشغال المنجزة وتعويضا عن التأخير بمبلغ 690.88.00 درهم مع تحميل المدعى عليه الصائر بحسب نسبة القدر المحكوم به ورفض الطلب في ما عدا ذلك، وقد صرح رئيس المجلس البلدي السيد حسيسن لمأمور التنفيذ بأن المجلس لا يتوفر على ميزانية لتنفيذ الحكم وبالتالي لا يمكنه ذلك.
لكن أحيانا نجد القاضي الإداري يتصدى بجرأة للامتناع عن تنفيذ الأحكام القضائية ونسوق في هذا الصدد المثال التالي:
ـ الحكم الصادر بالغرامة التهديدية في قضية ورثة عبد القادر العشيري[80]ضد وزارة
التربية الوطنية الممتنعة عن تنفيذ الأمر الاستعجالي[81]، الصادر ضدها بتاريخ 20/12/1995
والذي اعتبره الاستاذ أمال المشرافي[82]، بشكل سابقة قضائية وبادرة أقدمت عليها المحكمة الإدارية قائلا : "فالمحكمة الإدارية هي التي واجهت مقاومة تنفيذ حكمها، واقترحت لتجاوز هذا الرفض حلا فريدا من نوعه، لم يجرأ المجلس الأعلى على استعماله على امتداد 40 سنة".
وانطلاقا من الأهمية التي يكتسبها تنفيذ الأحكام القضائية داخل دواليب الدولة عملت
الحكومة المغربية خصوصا في ضل حكومة عبد الرحمان اليوسفي على اتخاد جملة من التدابير تتمثل أساسا في إصدار مجموعة من المناشير، تحث الإدارة وتهيب بالعاملين في اسلاكها على ضرورة تنفيذ الأحكام القضائية، من بينها منشور الوزير الأول بتاريخ 17 مارس 1993 عدد 80/د والمنشور 37/98 الصادر بتاريخ 21 غشت 1998، كما أن الحكومة أنشأت لجنة يترأسها الوزير الأول تهتم بدراسة ملفات التنفيذ العالقة، وتتداول في مسألة تنفيذ الأحكام القضائية بصفة عامة[83].
ومن هنا يمكن التساؤل حول حصيلة عمل هذه اللجنة. هل فعلا ساهمت هذه الأخيرة في حمل مختلف الإدارات على تنفيذ الأحكام القضائية؟ والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا الصدد مفاده، ما مصير هذه اللجنة بعد رحيل حكومة عبد الرحمان اليوسفي؟
كانت هناك دورية للوزير الاول على عهد عباس الفاسي ثم جاء القانون 45-08 لحل المشكل
ثانيا : تأثير عدم تنفيذ الأحكام القضائية على الصفقات العمومية
إن عدم تنفيذ الأحكام القضائية له تداعيات عدة سياسية، واجتماعية، واقتصادية ولعل هذه الأخيرة تختزل كل السلبيات المطروحة على الصعيدين السياسي والإجتماعي لارتباطهما المباشر بمجال الصفقات العمومية، وفي هذا الصدد فإن المتعاقد باعتباره الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية مع الإدارة التي تملك سلطات واسعة وامتيازات مما يجعل المتعاقد يلجأ إلى القضاء بحثا عن العدالة والإنصاف، لكن أمام تعقد المساطير وارتفاع كلفة الدعوى الإدارية تجعل المتعاقد يتردد في خوض تجربة القضاء، بل الأكثر من ذلك فإن بعضهم يفرون من اللجوء إلى القضاء لمعرفتهم بصعوبة تنفيذ الأحكام الصادرة عنه .
إن هذا الأمر يخلف إحساسا عند المتعاقد بعدم جدوى الدعوى القضائية مما يجعله يبحث عن طرق أخرى للحصول على حقه، يستعمل من خلالها وسائل غير مشروعة إما عبر سلك قنوات الزبونية والمحسوبية والرشوة وغيرها من الأمراض التي تنخر الجسدالإداري والتي ينبغي محاربتها، وإما عبر محاولته التخفيف من خسائره ـ في بعض الحالات التي يكون مستحقا فيها التعويض ـ عن طريق الغش في جودة السلع والخدمات المقدمة وكذا الكفاءات التي ينبغي عليه الاستعانة بها في المشروع، وهو ما ينعكس سلبا على مردودية العمل ويحول دون تحقيق الأهداف، كما أن عدم تنفيذ الأحكام يؤدي إلى تعطيل عدد من المشاريع القائمة، ويجعل النزاع مستمرا مما يؤثر على الخدمات المقدمة للمواطن، وبالتالي يضر بالتنمية. وبذلك يساهم عدم التنفيذ في تعميق المشاكيل التي يعرفها نظام الصفقات العمومية بالمغرب، والمتمثلة في عدة مظاهر سلبية تحول دون جودة هذا النظام وشفافيته.
إن عدم تنفيذ الأحكام يحقر من سلطة القضاء ويعطي لمبدأ فصل السلط معنى عبثيا، إذ يظهر بجلاء مدى تعاظم دور السلطة التنفيذية بالمقارنة مع باقي السلط، سواء السلطة التشريعية التي أوجدت النصوص القانونية والمطبقة أمام القضاء أو السلطة القضائية التي تبدو عاجزة عن إلزام الإدارة بتنفيذ أحكامها، بل إن عدم امتثال الإدارة لتنفيذ الأحكام القضائية يعد عصيانا لأوامر الملك بإعتباره أعلى سلطة داخل الدولة وأن الأحكام القضائية تصدر بإسمه، والمفارقة الغريبة في الأمر أن الموظفون الساميون يعينون من طرف جلالة الملك والوزراء هم وزراء جلالة الملك، ومع هذا يجرؤون على مخالفة أوامر جلالته[84].
يعتبر عدم تنفيذ الأحكام القضائية مؤشرا على تخلف الدولة وعدم احترامها للقانون، والنظام العام، وتمت نماذج لدول راقية تمسكت بالعدالة في أصعب الفترات التاريخية التي مرت بها مما يجعلها محط ثقة وإطمئنان بالنسبة لمواطنها.
هنا نستحضر ذلك النموذج الرائع الذي سجله التاريخ بمداد الفخر لرئيس الوزراء البريطاني تشرشل عندما قال "لابد من تنفيذ الحكم فإنه من الأهون أن يكتب في التاريخ أن انجلترا قد هزمت في الحرب، من أن يكتب فيها أنها امتنعت عن تنفيذ حكم قضائي" وذلكجاءعلى إثر إصدار أحد قضاة أمره بمنع إقلاع الطائرات الحربيةمن المطار المجاور للمحكمةأثناء
انعقاد الجلسات مما تسببه في الإخلال بالنظام[85].
وعليه فإن عدم تنفيذ الأحكام القضائية لا يساعد على توفير مناخ ملائم من أجل الاستمرار مما يجعل المستثمرون يلتجؤون إلى البلدان التي توفر تسهيلات وضمانات بالنسبة للمستثمرين.
إن عدم الثقة في قدرة القضاء يحذو بالعديد من الدول والشركات عند تعاقدها مع بعض أشخاص القانون العام الوطنية من خلال بعض الاتفاقات والمعاهدات إلى تضمينها شرطالتحكيم والذي غالبا ما يكون لدى مؤسسات تحكيم دولية، نظرا لما توفره منسرعةفي البت، بالرغم من بعض الصعوبات التي قد تعتري تنفيذ القرار التحكيمي[86].
وفي هذا الصدد نتساءل، ألم يحن الوقت بعد لفرض جزاءات على الإدارة الممتنعة عن التنفيذ بعد كل هذه السنوات من عمل المحاكم الإدارية؟
وصفوة القول يظهر أن إشكالية عدم تنفيذ الأحكام القضائية تتداخل فيها عدة أسباب منها ماهو قانوني والذي يتجسد في الفراغ التشريعي، وأسباب بشرية تتمثل في العقليات السائدة سواء في أوساط رجال الإدارة أو المواطنين، كل هذه الأسباب وغيرها ساهمت في تعقيد وضعية عدم التنفيذ ببلادنا.
الفقرة الثانية : العراقيل اللوجستيكية
تتخذ العراقيل اللوجستيكية عدة أبعاد خصوصا فيما يتعلق بمنازعات الصفقات العمومية مما يستوجب تدخل المشرع عاجلا "أولا" لمعالجة المشاكل القانونية و "ثانيا" للعمل على تجاوز المعيقات البشرية والمالية.
أولا : العراقيل القانونية
إلى جانب إشكالية عدم تنفيذ الأحكام القضائية فإن ثمة عدة مشاكل قانونية تواجه المتقاضي في مجال منازعات الصفقات العمومية وكذا في مختلف المنازعات الإدارية، غير أن حدة هذه الصعوبات وانعكاساتها تكون لها تأثيرات متفاوتة الخطورة حسب نوع المنازعة وأطرافها.
وبما أن مجال الصفقات العمومية مجال جد حساس تتداخل فيه المصلحة العامة بالمصلحة الخاصة، بل إنهما يشكلان مصلحة مشتركة، فإن أي نزاع ينبغي أن يجد طريقه إلى الحل السليم بعيدا عن التعقيدات لأنه في نزاع الصفقات العمومية لا ينبغي أن يقتصر النظر على زاوية دون أخرى بل ينبغي أن ينظر إلى النزاع في نطاقه الشمولي وذلك حتى يسهم القضاء في ممارسة رقابة بناءة تساعد على خلق شفافية هذا المجال الذي تعتريه العديد من السلوكيات والممارسات المنافية للحق والقانون، والذي يحتاج إلى التخليق[87]، بما يتماشى ومبادئ ميثاق حسن التدبير.
إن من أهم المشاكل المطروحة بالنسبة لممارسة رقابة القضاء الإداري على الصفقات العمومية نجد مشكل طول الآجال إضافة إلى مشاكل أخرى تشترك فيها منازعات الصفقات العمومية مع باقي المنازعات الإدارية.
- من حيث طول الآجال
تتعدد الآجال المطبقة في مجال دعاوى الصفقات العمومية، وتنطلق من آجال التقدم فالتظلم التمهيدي وحتى الطعن أمام المجلس الأعلى. فبخصوص الطعن التمهيدي فإنه يعاب على المشرع منحه آجالا طويلة للسلطات الإدارية، مقابل إعطاء المتعاقد أجلا قصيرة[88].
وذلك يتجلى مثلا في منح الإدارة شهرين من أجل الرد على التظلم المرفوع إلى صاحب المشروع في حين لا يتمتع المقاول إلا بأجل خمسة أيام، كما أن مدة الطعن يمكن أن تزداد إذا ما قرر المقاول تظلما رئاسيا إلى الوزير المعني بالصفقة حيث يتمتع الأول بأجل ثلاثة أشهر ليرفع تظلمه ويتمتع الثاني بأجل ثلاثة أشهرأخرى ليقدم جوابه، فإن كان بالرفض الصريح أو الضمني، الكلي أو الجزئي، جاز للمتظلم أن يرفع طعنا داخل أجل 60 يوما، يمكن أن يتساهل بشأنها فيتم تمديدها كما هو الشأن بالنسبة لحالة الاستحالة الجسدية أو طلب المساعدة القضائية وجعل عبء إثبات تاريخ تبليغ القرار المطعون فيه- باعتباره نقطة بدء حساب الأجل- يقع على عاتق الإدارة، أما في حالة التشدد في حساب الآجل فمثلا لا يعتد بالطعن المرفوع إلى محكمة غير مختصة ولا يعتبر طلب المساعدة القضائية موقفا لسريان أجل تقديم التظلم الإداري[89].
وفي هذا الصدد يمكن القول أن طول الآجال يؤدي حتما إلى طول الدعوى وبالتالي يضيع وقتا ثمينا سواء بالنسبة للطاعن أو بالنسبة للصفقة، ومن هذا المنطلق اقتضت الضرورة التفكير في أسلوب يضمن حقوق المتعاقد مع الإدارة وتجنبه جملة من الشكليات لما ينتج عن ذلك من تضيع للفرص إلى جانب تحمله أعباء أخرى.
- من حيث المسطرة المتبعة أمام المحاكم الإدارية
يلاحظ أن القانون المحدث للمحاكم الإدارية قد أحال على قانون المسطرة المدنية في جانب إجراءات الدعوى الإدارية، غير أن الممارسة العملية أبانت عن وجود بعض الاختلاف بين الدعوى الإدارية وباقي الدعاوى المدنية. مما خلف عدة مشاكل ينبغي تجاوزها حتى يتمكن القضاء الإداري من الإضطلاع بالمهام الموكولة له من حماية الحقوق والحريات، خاصة وان الدعوى الإدارية لها عدة خصوصيات تميزها عن الدعوى العادية، سواء من حيث الأطراف، الموضوع أو القانون المطبق على المنازعات المعروضة عليها[90].
ذلك أنها لا معنى للتشدد حاليا في الإبقاء على وحدة القضاء على حساب حقوق المتقاضين وبلادنا تعيش ثورة قانونية متمثلة في محاولة عصرنة النظام القانوني والقضائي للمملكة وذلك من خلال إحداث محاكم تجارية إلى جانب المحاكم الإدارية التي أحدثت لها استئنافيتان هما محكمة استئناف إدارية بالرباط واستئنافية مراكش[91]، إلى جانب إحداث مدونة الأسرة وكل ما رافقها من اجتهاد في الجانب الشرعي وغيرها من النماذج، إلا أن إرادة المشرع ما تزال جامدة فيما يخص وحدة القضاء بالرغم من محاولته خلق ازدواجية في القانون.
وأمام هذا الوضع فإن التطورات العالمية وما تفرزه من تحديات ومستجدات تواجه الإدارة
المغربية، والقضاء المغربي، يقتضي من المشرع التدخل من أجل تسليحهما بكل الوسائل القانونية والعملية الكفيلة بمواجهة هذه التحديات ومواكبة المستجدات المطروحة في هذا المجال.
إذا وأمام كل الإشكالات العملية التي سجلتها الممارسة الميدانية داخل المحاكم الإدارية فيما يخص الجانب المسطري[92]. سواء ما تعلق برفع الدعوى أو بطلب المساعدة القضائية، أو الإجراءات التي تهم القاضي المقرر، أو ما تعلق أيضا بممارسة الطعن ضد الأحكام الإدارية، أو مايهم الدفع بعدم الإختصاص النوعي دون إغفال جانب تنفيذ الأحكام القضائية[93].
فإنه وبالنظر إلى كل ذلك يستحسن إفراد المحاكم الإدارية بمسطرة مغايرة للمسطرة المدنية ومستقلة عنها، أو على الأقل وكما ذهب إلى ذلك الأستاذان أمينة جبران وأحمد البخاري [94]: "تخصيص باب مستقل للمسطرة الإدارية دورا إيجابيا أكثر بتدخله في توجيه إجراءات الدعوى نظرا لكونه يفصل بين طرفين غير متساويين...".
ولا يفوتنا أن نذكر بأن تعقد الجانب المسطري خاصة في منازعات الصفقات العمومية يولد نفورا لدى المتعاقدين مع الإدارة من اللجوء إلى القضاء لعلمهم بإغراقه في الشكليات، وأن إهمال أية شكلية يترتب عليه عدم ربح الدعوى، مما يحدو بهم إلى سلوك طرق غير مشروعة خاصة أن القانون يضيق الخناق على الحلول البديلة في مجال الصفقات العمومية، ذلك أنه إذا ما استثنينا التظلم الإداري فإن القانون كان يمنع اللجوء إلى –التحكيم الذي يعتبر وسيلة تقع بين القضاء وبين بدائله- بالنسبة للأموال العمومية،غير أننا نلاحظ ازدواجية في التعامل مع التحكيم سابقا، حيث يباح في بعض الاتفاقيات والمعاهدات الدولية بعد الحصول على إذن الوزير الأول، بينما يمنع منعا تاما بالنسبة للصفقات الداخلية قبل أن يتدخل المشرع لإصلاح الأمر عبر التعديل الذي نص عليه قانون المسطرة المدنية المتعلق بالتحكيم والوساطة الإتفاقية وذلك ما فصلناه سابقا[95].
ومن هنا يظهر بجلاء أن تعقد الجانب القانوني لا يساهم في فرض رقابة فعالة على
الإدارة خاصة في مجال الصفقات العمومية، كما يترتب عن تعقد الإجراءات المسطرية تكوين قناعة لدى المتعاقد مع الإدارة بعدم جدوى الدعوى القضائية وإحساسه باستنزاف وقته وماله دون أن يضمن استيفاء حقوقه، علاوة على انعدم الثقة الذي يخالجه في مدى نزاهة القضاء.
ثانيا- العراقيل البشرية والمالية
إن عمل المحاكم الإدارية يعرف شيئا من التعثر خصوصاأمام الكم الهائلمنالقضايا
المعروضة عليها، الذي يقابله قلة القضاة وضعف التجهيزات مما يؤثر سلبا على منازعات الصفقات العمومية المعروضة أمام القضاء الإداري، وفي هذا الصدد فإن منازعات الصفقات العمومية يجب أن تنفرد بعناية خاصة نظرا لمميزاتها، فمنازعات الصفقات العمومية تقتضي السرعة في البت بالإضافة إلى حاجتها لقضاة متخصصين في مجال الصفقات نظرا لطابعها التقني والدقيق بل والمعقد أحيانا أخرى.
بالإضافة إلى ما سلف الذكر فإن الضرورة تقتضي تمتيع قضاة المحكمة الإدارية بالمزيد من الإستقلالية باعتبار ان أحكامهم تصدر ضد الإدارة وبالتالي حمايتهم من أي ضغوطات أو تهديدات تحول دون أدائهم للمهام المنوطة بهم.
وإلى جانب تأهيل قضاة المحاكم الإدارية، فإنه ينبغي تأهيل العنصر البشري الذي يزاول مهامه بهذه المحاكم، ولا سيما كتابة الضبط لإتصالها المباشر بالمتقاضين مما يستلزم إمدادها بتقنيات التواصل وحسن الإستقلال مع تحسين وضعية الموظفين العاملين بها قصد تشجيعهم على تقديم عطاء ومردودية أكبر.
علاوة على ذلك ينبغي توفير التجهيزات الحديثة وتعميمها على جل المحاكم الإدارية حتى تساهم في عصرنتها.
كما يجب تأهيل الموظفين المسؤولين عن الصفقات العمومية داخل مختلف الإدارات المغربية خاصة في الجانب القانوني.
عموما فإن كل هذه الإجراءات تبقى دون جدوى ما لم تتغير من جهة، نظرة رجل الإدارة إلى السلطة الموكولة له خاصة في ظل المفهوم الجديد للسلطة، ومن جهة أخرى نظرة المواطن بصفة عامة والمتعاقد مع الإدارة خصوصا إلى القضاء وذلك بتجديد ثقته في جهاز القضاء كبوابة أساسية من أجل القضاء على المعتقدات والمسلمات السائدة في المخيلالشعبي والتي تستبعد فكرة مقاضاة الإدارة، وتعتبره ضربا من ضروب الخيال.
كما ينبغي التنصيص على تطوير جوانب التواصل وذلك في محاولة لتحديث وعصرنة وسائل التبليغ والمراسلات، إذ لا ينبغي الإكتفاء بالوسائل التقليدية وإنما يجب الإنفتاح على وسائل الإتصال الحديثة كالشبكة العنكبوتية ربحا للوقت وتوخيا للسرعة في الإنجاز[96]، تماشيا مع روح المقاولات اليوم، والتي تعتبر سرعة التواصل بالمعلومات في عالم متسارع من ضمن أولوياتها.
وبالإضافة إلى كل هذا ينصح بإحداث مؤسسة قاضي التنفيذ، والسهر على تمتيع أعوان التنفيذ وكل العاملين بهذا القسم بامتيازات تحفيزية ...كما لا يفوتنا التنصيص على أهمية تبني نظام للمحكمين الإداريين يكونون تابعين للمحاكم الإدارية، حيث يعملون تحتها ويسند إليها العمل على تذبيل أحكامهم بالصيغة التنفيذية على اعتبار أن هذه المحاكم هي صاحبة الإختصاص الأصيل في مادة العقود الإدارية.
لائحة للمراجع
- المراجع باللغة العربية
1- الكتب :
- الجيلالي أمزيد: الحماية القانونية والقضائية للمنافسة في صفقات الدولة، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية، عدد 79، الطبعة الأولى 2009.
- توفيق السعيد: الصفقات العمومية المبرمة من قبل الجماعات المحلية النظام القانوني الجديد، طوب بريس، الرباط، الطبعة الأولى 2003.
- خالد المير وإدريس القاسمي: الصفقات العمومية، سلسلة التكوين الإداري، عدد 13، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 2002.
- عبد الله حداد: صفقات الأشغال العمومية ودورها في التنمية، منشورات عكاظ، الرباط، الطبعة الثانية 2002.
- محمد الأعرج: نظام العقود الإدارية والصفقات العمومية وفق قرارات وأحكام القضاء الإداري المغربي، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية، عدد 73، الطبعة الثانية 2007.
- محمد باهي: دليل الصفقات العمومية، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 2000.
- مليكة الصروخ: الصفقات العمومية في المغرب (الأشغال-التوريدات-الخدمات)، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 2009.
2- الرسائل الجامعية :
- أحمد حليبة: حسن تدبير الصفقات العمومية أساس لتحقيق التنمية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، اكدال الرباط، السنة الجامعية 2001-2002.
- حماد حميدي: طرق إبرام الصفقات العمومية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام، جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الرباط، 1982.
- حنان ترموسي: تدبير الصفقات العمومية دراسة مقارنة بين مرسومي 1976-1998، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الدار البيضاء، السنة الجامعية 2001-2002.
- خالد شهيم: إشكالية المراقبة في الصفقات العمومية الجماعية على ضوء المرسوم الجديد، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الدار البيضاء، السنة الجامعية 1998-1999.
- عبد المجيد القندوسي: الصفقات العمومة الجماعية ودورها في التنمية المحلية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، اكدال الرباط، السنة الجامعية 2002-2003.
- عمار شقواري: حكامة إبرام الصفقات العمومية قراءة سوسيوقانونية في مرسوم 5 فبراير 2007، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، جامعة الحسن الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، سطات، السنة الجامعية 2007-2008.
- فاطمة المنيرة: نظام الصفقات العمومية، رسالة لنيل دبلوم السلك العادي للمدرسة الوطنية للإدارة العمومية، 1995.
- فريزة اشهبار: دور الصفقات العمومية في توجيه الاقتصاد الوطني، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، اكدال الرباط ، السنة الجامعية 2002-2003.
- نجيب عزيزي: الصفقات الجماعية أداة التنمية المحلية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام، جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الدار البيضاء، السنة الجامعية 1992-1993.
3- المقالات والمداخلات :
- الجيلالي أمزيد: منازعات المنافسة في مجال الصفقات العمومية، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة، عدد 19، 2000.
- عبد اللطيف رونق: طرق ومساطر إعداد وإبرام الصفقات العمومية، مجلة المعيار، عدد 34 يونيو 2005.
- عبد الله بووانو: صفقات الجماعات المحلية بين التكييف القانوني وآفاق الإصلاح، مجلة المدبر العمومي، عدد 1 ابريل 2008.
- عبد الله حداد: مساهمة الصفقات الجماعية في التنمية المحلية، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد مزدوج 4-5 يوليوز-دجنبر 1993.
- محمد باهي: تسوية المنازعات المترتبة عن مخالفة شروط إبرام الصفقات العمومية، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد مزدوج 87-88 يوليوز-أكتوبر 2009.
- محمد قصماوي: حدود المنافسة في إطار مساطير إبرام الصفقات العمومية، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 13 أكتوبر-دجنبر 1995.
3- النصوص القانونية والتنظيمية :
- القانون رقم 78.00 المتعلق بالميثاق الجماعي لسنة 2002، كما تم تغييره وتتميمه بالقانون 17.08 الصادر بتنفيذه الظهير رقم 1.08.153، جريدة رسمية عدد 5711، بتاريخ 23 فبراير 2009، ص 536.
- القانون رقم 45.08 المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية ومجموعاتها، الصادر بتنفيذه الظهير رقم 1.09.02، جريدة رسمية عدد 5711، بتاريخ 23 فبراير 2009، ص 174.
- مرسوم رقم 2.75.840 صادر في 30 دجنبر 1975 بإصلاح لجنة الصفقات، جريدة رسمية عدد 3297، بتاريخ 7 يناير 1976، ص 6.
- مرسوم رقم 2.99.1087 صادر في 4 ماي 2000، بالمصادقة على دفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الأشغال المنجزة لحساب الدولة، جريدة رسمية عدد 4800، بتاريخ 1 يونيو 2000، ص 1280.
- مرسوم رقم 2.01.2332 صادر في 4 يونيو2002، بالمصادقة على دفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الخدمات المتعلقة بأعمال الدراسات والإشراف على الأشغال المبرمة لحساب الدولة، جريدة رسمية عدد 5010، بتاريخ 6 يونيو 2002، ص 1800.
- مرسوم رقم 2.06.388 صادر في 5 فبراير 2007 بتحديد شروط وأشكال إبرام صفقات الدولة وكذا بعض المقتضيات المتعلقة بتدبيرها ومراقبتها، جريدة رسمية عدد 5518، بتاريخ 19 ابريل 2007، ص 1235.
- مشروع المرسوم المتعلق بالصفقات العمومية كما طرح للتعليق على موقع الأمانة العامة للحكومة.
4- الوثائق الرسمية :
- وزارة الداخلية، الصفقات العمومية الإصلاح الجديد وانتظارات الجماعات المحلية، ورقة عمل من إعداد المديرية العامة للجماعات المحلية، مديريةالشؤون القانونية والدراسات والتوثيق والتعاون، الرباط، يوليوز 2007.
- المجلس الأعلى للحسابات، التقارير السنوية لسنوات المالية: 2006، 2007، 2008.
- الخزينة العامة للمملكة، مذكرة تقديم مشروع المرسوم المتعلق بالصفقات العمومية.
- المراجع باللغة الفرنسية
1- Ouvrages
- AbdelmjidChrif BOUTAQBOUT: Marchés publics guide pratique du gestionnaire, publications de la Revue Marocaine d’Administration Locale et de Développement, collection guides de gestion, N° 18, 2004.
- Abdelouahed OURZIK et Jean Pierre MURET: Les marchés publics des collectivités locales, Manuels pratique pour les élus et cadres des collectivités locales, Collection management public, Publications de la Communauté urbaine de Tétouan, 1994.
- André DE LAUBADERE: Traité théorique et pratique des contrats administratifs, Tome I, librairie générale de droit et de jurisprudence, France, 1956.
- Florian LINDITCH : Le droit des marchés publics, Dalloz, 4 ème édition 2006.
2- Thèse et mémoire
- Abdellatif EL ATROUZ: La gestion des collectivités décentralisées entre les contraintes financières et les exigences de développement local, thèse pour l’obtention du doctorat d’Etat en droit public, université Hassan II, faculté des sciences juridiques économiques et sociales, Casablanca, année 2000.
- Bachir BOUCAKRI: La rationalisation des marchés des collectivités locales, Mémoire pour l’obtention du diplôme d’études supérieures, université Mohamed V, faculté des sciences juridiques économiques et sociales, Rabat, promotion 1998-1999.
- Ikram El QAOUTI: Gestion locale des marchés publics et service public local : Le cas communal, Mémoire pour l'obtention du diplôme d'études supérieures approfondies en management de développement social, Université Mohammed V, facultés des sciences juridiques économiques et sociales, Agdal Rabat, 2009.
- Loubna ELHAMDI: La gouvernance des marchés publics au Maroc, Mémoire pour l’obtention du diplôme des études supérieures approfondies en sciences économiques, université Mohammed V, faculté des sciences juridiques économiques et sociales, Souissi Rabat, 2008.
- Mohamed ABDELMOUHEIN HANINE: La procédure de passation des marchés publics au Maroc : Etude analytique et réflexion à la lumière du code français des marchés publics (et des directives européennes) et des directives de la banque mondiale, mémoire pour l'obtention du diplôme du master en administration publique, Ecole nationale d'administration (française), session 2007-2008.
- Mostapha BENSAOUD: Marchés publics et développement local: Essai pour une réglementation vecteur du développement, mémoire pour l’obtention du diplôme d’études supérieures en droit public, université Hassan II, faculté des sciences juridiques économiques et sociales, Casablanca, année universitaire 1998-1999.
3- Articles et communication :
- Abdellah REGALA OUAZZANI: Pour une réglementation spécifique des marchés des collectivités locales, Revue Marocaine d’Administration Locale et de Développement, (REMALD), N° 6 Janvier - Mars 1994.
- Abdellah RAGALA OUAZZANI: L’importance des marchés publics et la nécessité de préserver leur éthique, REMALD, N° 17 Octobre-Décembre 1996.
- Abdellah RAGALA OUAZZANI: Problème de la discordance entre le droit communal et le droit des marchés publics, REMALD, N° 35 Novembre-Décembre 2000.
- Abdelaziz EL HADDAD: Les avancées de la réforme des marchés de l’Etat, AL KHAZINA, Revue de la Trésorerie Générale du Royaume, N° 7, spécial marchés publics, Février 2009.
- Ahmed ZEJJRAI: La réforme des marchés publics: Portée et limites, REMALD, Série Thème actuels, N° 19, 2000.
- Hanae ADIMI ALAMI: Exécution budgétaire des marchés publics, Revue Manager Public, N°1 Avril 2008.
- Mohammed EL YAAGOUBI: Les incertitudes du droit des marchés publics au Maroc, REMALD, Série Thèmes actuels, N° 19, 2000.
- Mostafa MEFTAH: Les enjeux de la réforme de la réglementation des marchés publics au Maroc, AL KHAZINA, Revue de la Trésorerie Générale du Royaume, N° 7, spécial marché publics, Février 2009.
4- Colloques et Journées d’Etudes :
- Colloque national sur les marchés publics organisé par la Trésorerie Générale du Royaume les 20 et 21 avril 2009, sous le thème: «gestion des marchés publics Etat des lieux et perspective».
[1]- André DE LAUBADERE: Traité théorique et pratique des contrats administratifs, Tome I, librairie générale de droit et de jurisprudence, France, 1956, p 11.
[2]- AbdelmjidChrif BOUTAQBOUT: Marchés publics guide pratique du gestionnaire, publications de la Revue Marocaine d’Administration Locale et de Développement, collection guides de gestion, N° 18, 2004, p 13.
[3]- مرسوم رقم 2.06.388 صادر في 5 فبراير 2007 بتحديد شروط وأشكال إبرام صفقات الدولة وكذا بعض المقتضيات المتعلقة بتدبيرها ومراقبتها، جريدة رسمية عدد 5518، بتاريخ 19 ابريل 2007، ص 1235.
[4]- تجدر الإشارة إلى أن نظام الصفقات العمومية الحالي (مرسوم 5 فبراير 2007) سيعرف قريبا إصلاحا جديدا بموجب مرسوم أعدته السلطة التنظيمية، ينص لأول مرة على مقتضيات خاصة بالصفقات العمومية المبرمة من قبل الجماعات المحلية،انظرالمواد: من 139 إلى 154 من مشروع المرسوم المتعلق بالصفقات العمومية كما طرح للتعليق على موقع الأمانة العامة للحكومة:www.sgg.gov.ma.
[5]- توفيق السعيد: الصفقات العمومية المبرمة من قبل الجماعات المحلية النظام القانوني الجديد، مطبعة طوب بريس، الرباط، الطبعة الأولى 2003، ص 7.
[6]- مليكة الصروخ، مرجع سابق، ص: 405.
[7]- مليكة الصروخ، مرجع سابق، ص: 408.
[8]- منشورة بالجريدة الرسمية عدد 4227 بتاريخ 3 نوفمبر 1993 ص 2168. ولقد دخل هذا القانون حيز التنفيذ في اليوم الأول من الشهر الرابع الذي تلى شهر نشره في الجريدة الرسمية المشار إليها سلفا (انظر المادة 51 من القانون رقم 90-41 المحدث للمحاكم الإدارية.
[9]- منشورة بالجريدة الرسمية عدد 4229 بتاريخ 17 نوفمبر 1993 ص 2161
[10]- منشورة بالجريدة الرسمية عدد 4227 بتاريخ 3 نوفمبر 1993 ص2210 .
[11]-المادة الأولي من القانون المحدث للمحاكم الإدارية لسنة 1993-المشار إليه سلفا-
[12]- مليكة الصروخ، المرجع السابق، ص410.
[13]- المادة 2 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية- الذي سبق ذكره-
[14]- وتبعا لما لحقه من تعديلات وتتميمات.
[15]- ميشيل روسي: المنازعات الإدارية بالمغرب،ترجمة محمد هيري والجيلالي امزيد ،EDITION LA PORTE ، دون ذكر الطبعة الرباط،1992 ص 47.
[16]- ج.ر عدد 4654 بتاريخ 7 يناير 1999. ص 12، والاستدراك ب: ج.ر عدد 4705 بتاريخ 05/07/1999 ص 1780.
[17]- الجيلالي أمزيد: مباحث في مستجدات القضاء الإداري، م.م.إ.م.ت. سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية، العدد 50 سنة 2003، الطبعة الأولى، ص 214.
[18]-حكم منشور في المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة "دلائل التسيير" عدد 16 لسنة 2004، التي سبق ذكرها، ص: 368.
[19]- منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة "دلائل التسيير" عدد 16 لسنة 2004، التي سبق ذكرها، ص: 365.
[20]- يجب على كل الأطراف الدفع بعدم الاختصاص النوعي أو المكاني قبل كل دفع أو دفاع"
[21]- مصطفى التراب: مدى الموافقة بين القانون المحدث للمحاكم الإدارية وقانون المسطرة المدنية، مساهمة في أشغال الدراسات المنظمة حول موضوع المنازعات الإدارية من طرف وزارة الوظيفة العمومية والإصلاح الإداري، مديرية الإصلاح الإداري، 1998، ص: 21
وما يليها.
[22]- في ملف رقم 58/03 ش.ع غير منشور، والذي سبقت الإشارة إليه.
[23]- مليكة الصروخ، مرجع سابق، ص: 424 .
[24]- وهذا ما يؤكده كذلك الفصل 17 من قانون المسطرة المدنية -المشار إليه سلفا-.
[25]- مصطفى التراب، مرجع سابق، ص: 24.
[26]- محمد الصقلي حسيني: تقييم عمل القضاء الإداري بفاس نموذجا، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية/ عدد مزدوج 14-15، يناير – يونيو 1996، ص: 96 و97.
[27]- مشيل روسي: مرجع سابق ص: 54-53 .
[28]- "تختص المحكمة بالنظر في جميع الطلبات المقابلة أو طلبات المقاصة التي تدخل بنوعها أو قيمتها في حدود اختصاصها".
[29]- مشيل روسي: مرجع سابق ص: 54.
[30]- ويطلق عليه في الاجتهاد القضائي المصري "بالقضاء الكامل" للزيادة في التفاصيل انظر مؤلف الدكتور سليمان محمد الطماوي بعنوان: الأسس العامة للعقود الإدارية –دراسة مقارنة- الطبعة الرابعة 1984 مطبعة جامعة عين شمس الناشر دار الفكر العربي، ص: 174 وما بعدها.
[31]- مليكة الصروخ، مرجع سابق، ص: 427.
[32]- الدكتور محمد سليمان الطماوي، مرجع سابق، ص: 176 وما بعدها.
[33]- مليكة الصروخ، مرجع سابق، ص: 428.
[34]- مليكة الصروخ، مرجع سابق ، ص: 428.
[35]- للزيادة في التفاصيل انظر مؤلف الدكتور محمد سليمان الطماوي: مرجع سابق: ص: 179 وما بعدها.
[36]- مليكة الصروخ، مرجع سابق، ص: 429.
[37]- المادة 2 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية الذي سبق ذكره.
[38]-الفقرة 1 من المادة 3 1 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية لسنة 1993.
[39]- عبد الله حداد: تطبيقات الدعوى الإدارية في القانون المغربي، منشورات عكاظ، دون ذكر الطبعة، الرباط 1999، ص: 58.
[40]- ميشيل روسي، ص: 58.
[41]- مولاي ادريس الحلابي الكتاني: مسطرة التقاضي الإدارية، الجزء الأول. منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية سلسلة مواضيع الساعة، لعدد 12 سنة1997، ص: 26.
[42]- أنظر الدليل العملي للاجتهاد القضائي في المادة الإدارية، الجزء الثاني، سلسلة "دلائل التسيير" منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 16 لسنة 2004 ص:392.
[43]- مليكة الصروخ، مرجع سابق، ص: 411.
[44]- ملف رقم 1064/2003/13 ش - قسم القضاء الشامل- شعبة العقود والصفقات الإدارية، حكم غير منشور.
[45]- ورد هذا الحكم في مؤلف الدكتورة مليكة الصروخ، مرجع سابق، ص: 412-413.
[46]- المادة 4 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية – الذي سبق ذكره.
[47]- الفصول 333 إلى 336 من قانون المسطرة المدنية.
[48]- عبد الله حداد: القضاء الإداري المغربي على ضوء القانون المحدث للمحاكم الإدارية، منشورات عكاظ، الطبعة الثانية ،1995، الرباط، ص: 31.
[49]- المؤشر عليه من طرف مراقب الالتزام بالنفقات بتاريخ 19/07/2002 تحت رقم 365. أنظر ملف إداري –قسم القضاء الشامل- رقم 387/2004 حكم غير منشور.
[50]- ورد هذا الحكم في مؤلف الدكتور مليكة الصروخ، المرجع السابق، ص: 414-415.
[51]- ملف رقم 680/02 ش.ع–قسم القضاء الشامل –حكم غير منشور -.
[52]- ملف رقم 85/03 ش.ع– حكم غير منشور-
[53]- المادة 5 من قانون المحاكم الإدارية الذي سبق ذكره.
[54]- الفصلان 334-339 من قانون المسطرة المدنية
[55]- انظر مرسوم رقم.02.187.06. الصادر في 29 من جمادي الآخرة 1427 موافق 25 يوليوز2006 بتحديد عدد محاكم الاستئناف الإدارية ومقرها ودوائرها اختصاصاتها .منشور بالجريدة الرسمية عدد 5447 بتاريخ 14 غشت 2006 ص2002.
أما من تاريخ بدأ العمل بهده المحاكم فقد حدد بشهر من تاريخ نشر المرسوم المحدد لعددها المشار إليه.
[56]- مليكة الصروخ، المرجع السابق، ص 494
[57]- تنص المادة 13 من القانون رقم 41.90 المشار إليه أعلاه، على ما يلي :
" إذا أثير دفع بعدم الإختصاص النوعي أمام جهة قضائية أو إدارية وجب عليها أن تثبت فيه بحكم مستقل، ولا يجوز لها أن تضمنه إلى الموضوع. وللأطراف أن يستأنفوا الحكم المتعلق بالإختصاص النوعي أيا كانت الجهة القضائية الصادر عنها، أمام المجلس الأعلى الذي يجب عليه أن يثبت في الأمر داخل أجل ثلاثين يوما من تسلم كتابة الضبط به لملف الإستئناف"
[58]- مليكة الصروخ ، مرجع سابق، ص 497.
[59]- مليكة الصروخ، مرجع سابق، ص 498
[60]- منشور بالجريدة الرسمية عدد 5447- التي سبق ذكرها-.
[61]- ملف إداري عدد 1/06/7 بين السيد الوكيل القضائي للمملكة ومن معه وبين السيد اللحية عبد العالي –حكم غير منشور-
[62]- ملف إداري عدد 03/07/05 بين شركة أسفار واستيلس، وبين المكتب الوطني للسكك الحديدية –حكم غير منشور-
[63]- ملف عدد 33/07/7 بين الدولة لمغربية ومن معها وبين محمد المنصوري –حكم غير منشور-
[64]- مليكة الصروخ مرجع سابق،ص 501
[65]-مليكة الصروخالمرجعالسابق،ص 504
[66]- مليكة الصروخ، مرجع سابق، ص517
[67]- منشور بالجريدة الرسمية عدد 2347 بتاريخ 23 ربيع الأول 1377 موافق 18 أكتوبر 1957(من صفحة 2245 إلى ص 2252)
[68]-منشور بالجريدة الرسمية عدد 3220 لسنة 1974.
[69]- مليكة الصروخ، مرجع سابق، ص 518.
[70]-الفصل 359 من قانون المسطرة المدنية لسنة 1974 وفق ما لحقه من تعديلات وتتميمات.
[71]- ملف إداري القسم الأول عدد 993/04/2006 بين شركة ايماباك (في شخص ممثلها القانوني) وبين الدولة (في شخص السيد وزير الصحة بمكاتبه بالرباط)...وآخرين–حكم غير منشور-
[72]مليكة الصروخ، المرجع السابق، ص 525.
[73]-بشأن ملفين إداريين مضمومين : عدد 1377/4/1/05و1452/4/1/2005 بين مقاولة البناء ابيضار أحمد ومن معه، وبين مديرية التعليم والبحث الفلاحي ومن معها.
[74]في الملف الإداري (القسم الأول) عدد : 2546/4/1/2006 بين المكتب الوطني للماء الصالح للشرب وبين شركة سكود ـ قرار غير منشور
[75]ولقد نصت المادة 402 من قانون المسطرة المدنية على الحالات التي يكون فيها الطعن بإعادة النظر
[76]مليكة الصروخ ، مرجع سابق، ص5310.
[77]-إدريس الحلابي الكتاني:" مسطرة التقاضي الإدارية الجزء الأول منشورات المجلة المغربية للإدارية المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة العدد 12/1997، ص47.
[78]-عبد الله حداد، حول ظاهرة عدم امتثال الإدارة لأحكام القضاء، المجلة المغربية للقانون والسياسية والاقتصاد ، عدد 18 سنة 1998، ص117.
[79]-عدد 105 بتاريخ 25 يناير 2001 في الملف 309/4/1/99.
[80]-حكم المحكمة الابتدائية بالرباط عدد 134 بتاريخ 1997/03/06.
[81]-الملف الاستعجالي رقم 85/83 س.
[82]-أمال المشرفي : الغرامة التهديدية وتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الإدارة: تعليق على حكم المحكمة الإدارية بالرباط، عدد 134 بتاريخ 6 مارس 1997 ، م .م.. أ .م..ت ، عدد 23 أبريل ، يونيو 1998 ص 82.
[83]-هناء العلمي العروسي الإدريسي الحسني ، كوثر أمين ، مرجع سابق، ص 111.
[84]-عبد الله حداد: حول ظاهرة عدم امتثال الإدارة لأحكام القضاء ، المجلة المغربية للقانون والسياسة والاقتصاد العدد 18 ، دجنبر 1985 ، ص 114 وما يليها .
[85]-هناء العلمي العروسي الإدريسي الحسني ، كوثر أمين ، مرجع سابق، ص 113.
[86]- بوبكر بودي: معيار التفرقة بين التحكيم التجاري الدولي والتحكيم الوطني ندوة العمل القضائي والتحكيم التجاري المشتركة بين المجلس الأعلى ومحكمة النقض المصرية يوم 5 مارس 2004، سلسلة دفاتر المجلس الأعلى، العدد 7/2005،ص من 11 إلى 17.
[87]-RAGALA OUZZANE ABDELLA, la transparence facteur primordial de Moralisation de la chose publique ; Cas des marches publics, revue marocaine d'administration locale et du développement n°37,2001,p51-68
et voir aussi:
- Ben Bachir hassani houssine: la transparence dans la gestion des marches publics, revue marocaine d'administration locale et développement n°50,2003,page 57-64.
[88]- هذه الآجال تختلف باختلاف طبيعة وموضوع النزاع فهي تتجاوز 15 يوما في حالة ظن المقاول أن هناك تجاوزات للالتزامات ومن تاريخ تبليغ الأمر بالخدمة المادة 70 من دفتر الشروط الإدارية العامة،
أو أجل 7 أيام في حالة القوة القاهرة، المادة 43 د.ش.ا.ع.
- و30 يوما بشأن التحفيظ وتغيير الأثمنة المادة 51 د.ش.ا.ع
- أو أجل 15 يوما بشأن تبليغ المهندس الرئيسي طلب مكتوب لفسخ الصفقة أو رفع نقص الخدمة المادة 51 الفقرة الثالثة د.ش.إ.ع
- أو كذلك أجل 40 يوما بشأن طلبات التعويض عن تغيير طارئ ولإنهاء الصفقة المادة 45 د.ش.إ.ع
-أو بسبب تأخير الأشغال أكثر من سنة ،المادة 44.
-أو 40 يوما بخصوص رفض قبول الكشف الحسابي وبعث أسباب التحفظ، المادة 62 في فقرتها السابعة د.ش.إ.ع
-أو 5 أيام بشأن الطعن الرئاسي، المادة 71.
-أو ستة أشهر لرفع الطعن أمام المحاكم الإدارية المادة 72 الفقرة3 د.ش.إ.ع
أخذا عن مولاي إدريس الحلابي الكتاني، العقود الإدارية، مكتبة دار السلام الرباط، الطبعة الأولى، أكتوبر 2000، ص 79، هامش2.
[89]- أمينة جبران، وأحمد البخاري: تفاعل القضاء الإداري مع المحيط السياسي والاجتماعي، ندوة القضاء الإداري حصيلة وآفاق، بحث منشور في كتاب أصدرته الجمعية المغربية للعلوم الإدارية تحت عنوان : القضاء الإداري حصيلة وآفاق شركة بابل للطباعة ،الرباط 1993 ص 59.
[90]- هناء العلمي العروسي الإدريسي الحسني، كوثر أمين: منازعات الصفقات العمومية على ضوء النص القانوني ووقائع الاجتهاد القضائي المغربي، مطبعة طوب بريس، الرباط، الطبعة الأولى 2010، ص 118.
[91]- ظهير شريف رقم07.06.1 الصادر في 14 فبراير 2006 بتنفيذ القانون رقم 80.03 المحدثة بموجبه محاكم استئناف إدارية، جريدة رسمية عدد 5398 بتاريخ 23 فبراير 2006، ص490.
[92]- مصطفى التراب، مرجع سابق، ص7 وما يليها.
[93]-هناء العلمي العروسي الإدريسي الحسني، كوثر أمين، مرجع سابق، ص 119.
[94]-أمينة جبران وأحمد البخاري، مرجع سابق، ص54.
[95]-هناء العلمي العروسي الإدريسي الحسني، كوثر أمين، مرجع سابق، ص 119.
[96]- محمد الإدريسي : الأركان الأساسية للتدبير، ردمك، طباعة فيدبرانت، دون ذكر الطبعة، ولا مكان الطبع أكتوبر 2004،ص67.
شاركنا بتعليقك...