المظاهرات العراقية التصعيد بالمطالب بدلا من التصعيد بالعنف
محمد عدنان علي الزبر
المظاهرات العراقية التصعيد بالمطالب بدلا من التصعيد بالعنف
محمد عدنان علي الزبر - باحث قانوني بغداد
لاشك بأن عدم الاستجابة للمطالب أو التأخر في تلبيتها ستولد ردة فعل شعبية تتمثل بالتصعيد أو الخيبة!، ولكن لو افترضنا ان التصعيد هو الخيار، علينا أن نتسائل ما هو التصعيد الافضل لتحقيق المطالب؟، التصعيد بأدوات التظاهر أم التصعيد بالمطالب؟، بمعنى اخر أيهما أفضل، اللجوء الى الاعتصامات ومن ثم العصيان المدني وما يرافقه من عنف وخسائر بشرية أم الاستعانة بأدوات اخرى اكثر نجاعة وفاعلية من الاولى، تتمثل في اعادة صياغة المطالب ومن ثم تغيير اليتها؟ بتصور الكاتب ومن خلال استقراء معظم التظاهرات الحاصلة في العراق منذ 2003 وحتى يومنا هذا نجدها مهما بدت قوية وقدمت من تضحيات ولكنها سرعان ما تتلاشى وتضعف حتى ينتهي بها المطاف القبول بأدنى المطالب ان كانت هنالك استجابة أصلا!، ولذلك فان اقتراحنا لنجاعة التظاهرات والخروج بعملية اصلاحية جذرية في العملية السياسية وليست (ترقيعية) فان الحل يكمن في صياغة المطالب والتي تكلمنا عنها في مقالنا السابق والذي نشرناه في جريدة الزمان في 5 آب 2018 بعنوان "مطالب المتظاهرين: نحو تصحيح المسار عبر حسن الصياغة"، واليوم سنتحدث عن مقترح لهذه الصياغة لعلها تجد اذناً صاغية من قبل الناشطين والمعنيين بصياغة المطالب لتوحيد الرأي العام العراقي بشأنها وتعزيز الجهود للتغير نحو عراقٍ أفضل ونظام سياسي أنجع ودستور يلبي طموح الشعب: أولا: فيما يرتبط بتبني النظام الرئاسي بدلا من البرلماني وما يتطلبه من تعديل الدستور أم الغائه: فإننا نقترح المطالبة بتعديل الدستور بدلا من الغائه لان في ذلك اختصرا للجهود والاموال فضلا عن الوقت، لان الغاء الدستور يتطلب اجراء انتخابات لهيئة تأسيسية والاخيرة تحتاج لفترة طويلة لصياغة دستور جديد حتى يُعرض للاستفتاء، في حين ان هذه الاجراءات ستكون اقل عندما نكون امام تعديل الدستور وذلك بالاعتماد على مجلس النواب الجديد الذي تم انتخابه والزامه بتعديل الدستور بموجب المادة 126 منه وطبقا للإجراءات التي نص عليها. ثانيا: وفيما يتعلق بتعديل الدستور فان المواد التي ينبغي تعديلها ان تحدد مسبقا من قبل الشعب، لا أن تترك لأصحاب القرار، لان عدم تحديد النصوص الدستورية محل التعديل قد يدفع اصحاب القرار الى زج نصوص دستورية خلافية لاسيما المعنية بالعلاقة بين الاقليم والمركز فيؤدي ذلك حتما الى فشل الاستفتاء ومن ثم توسيع دائرة الخلاف بدلا من تضييقها بين أبناء الشعب، في الوقت الذي يكون الشعب فيه بأمس الحاجة الى الوحدة للمضي قدما نحو التغيير. ثالثا: أما النصوص الدستورية التي يمكن تكون محلا للتعديل والتي سنتناولها بشكل اكثر تفصيلا في مقالتنا القادمة ان شاء الله تعالى هي المواد: 1، 48،49، 58، 58، (60/ أولا)، 61، 62، 63، 64، (65 الغاء)، 66، 63، 64،( 66- 86)، (92/ ثانيا)، 93. اما الباب الرابع والخامس فينصح عدم تعديل احكامه في الوقت الحالي والمعني بتحديد صلاحية المركز والاقليم، باستثناء المواد المعنية بالمحافظات غير المنتظمة في اقليم يمكن تعديلها لاسيما المادة 122.
اما بالنسبة لآلية تقديم المطالب فكما ذكرنا في المقال السابق انه ينبغي في كل مطلب تحديد الجهة المعنية بتلبيته والسقف الزمني له والاثر المترتب عن عدم التلبية ويكون بالشكل التالي:
القضاة المنتدبون للعد والفرز اليدوي: الزامهم بإكمال عملهم مدة أقصاها سبعة أيام من تأريخ اعلان المطلب وبخلافه يكونون مسؤولين أمام الشعب مباشرة عن كل يوم تأخير.
المحكمة الاتحادية: وبعد الانتهاء من العد والفرز واعلان النتائج، يكون المطلب بالزام المحكمة الاتحادية بتصديق نتائج الانتخابات خلال خمسة أيام من تأريخ الانتهاء وبخلافه تكون المحكمة الاتحادية مسؤولة أمام الشعب مباشرة عن كل يوم تأخير.
رئيس الجمهورية الحالي فؤاد معصوم: وبعد التصديق على النتائج، يكون المطلب بالزام رئيس الجمهورية بدعوة مجلس النواب الى الانعقاد خلال مدة خمس أيام، وألا تزيد في كل الاحوال عن خمسة عشر يوما بموجب الدستور العراقي (المادة 54)، وبخلافه يكون رئيس الجمهورية مسؤولا دستوريا وشعبيا عن التواطؤ والتأخير.
مجلس النواب الجديد: يلتزم أعضاء مجلس النواب في أول يوم من انعقاده بعد اداء اليمين الدستوري، انتخاب رئيس ونائبين لمجلس النواب بموجب المادة 55 من الدستور، وبعد ذلك يلتزم رئيس الجمهورية (الحالي) ومجلس الوزراء (الحالي) مجتمعين، أو خمس عدد أعضاء مجلس النواب العراقي باقتراح التعديلات الدستورية على مجلس النواب بموجب المادة 126 من الدستور العراقي والموافقة على تلك التعديلات بثلثي عدد اعضاء مجلس النواب وتعرض التعديلات بعد ذلك على الشعب للاستفتاء، وبعد الاستفتاء يصادق عليه رئيس الجمهورية او يعد مصادقا عليها بعد مضي خمسة عشر يوما، وينفذ التعديل بعد نشره في الجريدة الرسمية (الوقائع)، لتُجرى بعد ذلك انتخابات جديدة لرئيس الجمهورية طبقا للنظام الرئاسي اذا ما اراده الشعب بديلا عن النظام البرلماني، ومجلس نواب جديد بمهام وصلاحيات جديدة يحددها الدستور تنسجم مع النظام الجديد (الرئاسي)
واخيرا علينا توضيح مسألة مهمة ألا وهي: كيف لرئيس الجمهورية الحالي ومجلس الوزراء الحالي اقتراح التعديلات الدستورية على مجلس نواب جديد؟!، في حين ان مجلس النواب الجديد ملزم بانتخاب رئيس جمهورية ورئيس ومجلس وزراء جديدين؟!، للإجابة عن ذلك نقول: ان المادة المعنية بتعديل الدستور اي المادة 126، قد ذكرت رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء بشكل مطلق ولم تشترط ان يكون الجديد هو المعني بالاقتراح والمطلق يسري على اطلاقه مالم يقيد بنص اخر، وبالرجوع الى الاحكام الختامية من الدستور وبالتحديد المادة 142 المعنية هي الاخرى بتعديل الدستور نجدها تنيط مهمة التعديل بأول انعقاد لمجلس النواب العراقي دون ان تشترط تشكيل الحكومة ما يعني ان عملية التعديل اجراء مستقل عن عملية تشكيل الحكومة، ولأن رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء يحافظون على صلاحياتهم لحين انتخاب حكومة جديدة ومن ضمن تلك الصلاحيات اقتراح تعديل الدستور، ويفضل الكاتب الحكومة الحالية في اقتراح التعديل على الحكومة الجديدة لان الاخيرة في حال تشكيلها وما يرافقها من مفاوضات وتنازلات ومساومات يُستحال معها ان تقترح تعديل الدستور وتلغي نفسها ليحل محلها نظام جديد (رئاسي)، فضلا عن اختصار الوقت والجهد تلبية للمطالب
شاركنا بتعليقك...