-->
علوم قانونية وادارية علوم قانونية وادارية

اخر المواضيع

جاري التحميل ...

شكليات واجراءات دعوى المسؤولية الادارية

مقدمة

تعتبر نظرية المسؤولية الإدارية، من النظريات التي ابتدعها الاجتهاد القضائي حديثا، ولم يكن من المتصور إثارتها لأجل الحكم بالتعويض للخواص لجبر الأضرار التي لحقتهم من جراء نشاط إداري ،لذلك فان تقرير مبدأ المسؤولية يتلاءم مع وظائف الدولة الحديثة.
إن نشاط الإدارة إذا كان يهدف أساسا إلى تحقيق الصالح العام ،فانه قلما يلحق أضرارا بالإفراد ، ولكن ينبغي أن نعلم أن نشاط الدولة المتزايد و استعمالها لبعض الوسائل الخطرة لمن شأنه أن يحدث بعض المشاكل التي من الممكن أن تلحق بعض الأضرار بالخواص ،فكان لا بد من جبرها.
إن فلسفة التعويض المبنية على فكرة الخطأ المعروفة في القانون الخاص ، كانت إلى عهد قريب تعتبر من الأمور التي لا يمكن تطبيقها في المجال الإداري ، لأنه لم يكن يتصور أن ترتكب الدولة صاحبة السيادة خطأ ، فهي تعمل لمصلحة الجميع وليست لها مصلحة خاصة ،ومن ثم لا يجوز مساءلتها عن الأضرار التي تسببها للخواص ،فكان الضرر الذي لحقهم يعتبر بمثابة تضحية يتحملونها لتحقيق الصالح العام.
إلا أن مثل هذا التبرير يمكن قبوله إذا بقي نشاط الإدارة محصورا في الحفاظ على النظام العام، كما كان في الماضي ، أما اليوم فبسبب ازدياد تدخلها وتوسع مجالات نشاطها ،كثرت الأضرار التي تلحقها بالفرد  ، وازداد عدد الضحايا منهم ، لذلك فان مبدأ العدالة و مساواة  جميع المواطنين في تحمل الأعباء العامة الناجمة من جراء نشاط مختلف المرافق العمومية ، يجعل من غير المعقول أن يتحمل المتضرر وحده نتائج العمل الادار ي ،فيجب أن يتلقى تعويضا عن الضرر الذي أصابه.
والتساؤل الذي   يمكن أن يتبادر إلى الأذهان، هو من يعوض الضرر؟ الجواب إما أن يعوض الشخص المعنوي العمومي الضرر من أمواله التي تعتبر أموال عمومية، وإما أن يتحمل التعويض الموظف المسؤول عن المرفق الذي تسبب في الضرر فيصدر عليه حكم يقضي بمنح تعويض من ماله الخاص. وكلتا الحالتين تتضمنان مزايا وعيوب، احتمال إعسار الموظف قد يكون ذريعة لإبعاد مسؤولياته، إذا كان الضرر جسيما فإن الموظف الإداري لا يستطيع أن يتحمل أعباء هذا التعويض من ماله الخاص, لذلك تعتبر الدولة المدين أكثر يسرا، وإن الحصول على التعويض منها أضمن، ومن مصلحة المتضرر تقرير مسؤولية الدولة، ومن جهة ثانية فإن عدم تقرير مسؤولية الموظف سيشجعه على الابتكار والخلق دون خوف من تبعات نشاطه، ويلاحظ أن هذا الموقف هو الذي سلكه المشرع المغربي في الفصلين 79 و 80 من قانون الالتزامات و العقود ، حيث تعتبر مسؤولية الدولة هي الأصل و مسؤولية الموظف هي الاستثناء ولا ينبغي أن تثار إلا في حالة  ثبوت  خطئه أو تهوره.
   السؤال الذي يثار  هل ينبغي أن نعتبر مسؤولية السلطة العمومية في المغرب منظمة بنصوص القانون المدني ؟ وهل هي مسؤولية عامة أم يفترض قيامها وجود خطأ.
للإجابة على هذا السؤال فلا بد من البحث على أساس مسؤولية الإدارة أانطلاقا من فكرة استقلال القانون الإداري.
أما بعد صدور قانون المحاكم الإدارية فأن الفصل 8 يشير بأن دعاوى التعويض عن الأضرار التي تسببها أعمال و نشاطات أشخاص القانون العام ، تدخل في الاختصاص النوعي لهذه المحاكم ، ما عدا الأضرار التي تسببها في الطريق العام مركبات أيا كان نوعها يملكها شخص من أشخاص القانون العام فتدخل في اختصاص المحاكم العادية.
وهكذا يمكن القول أن السند القانوني للمسؤولية الإدارية في المغرب ، هي من صنع المشرع ،وليست من ابتداع القضاء ،كما هو الشأن في فرنسا لان القضاء الإداري لم يكن موجود في بداية الحماية فوقع التنصيص عليها في الفصلين 79 و 80 من قلع ثم في الفصل 8 من قانون المحاكم الإدارية ، و المسؤولية يمكن أن تكمن خطئية أو على أساس المخاطر.

سوف نتناوله عبر  فصلين الفصل الأول أساس المسؤولية الإدارية و الفصل الثاني شكليات و إجراءات دعوى المسؤولية الإدارية.













المبحث الأول: المسؤولية الخطئية

كانت هي أول مسؤولية طبقت من لدن المحاكم المغربية , وهي ترتكز على ركن أساسي هو الخطأ ,فلا يمكن أثارة مسؤولية الإدارة و الحكم عليها بتعويض الضرر الناتج عن نشاط مرافقها ,إلا إذا كان هناك خطأ مقترف من طرفها ,فالخطأ هو كل فعل غير مشروع أو غير مبرر يمكن أن ينتج عنه ضرر ,سواء كان هذا الفعل ايجابيا أو سلبيا , وسواء كان عمديا أو غير عمدي ,سواء كان جسيما أو عاديا ,ومن المسلم به أنه أذا كانت الدولة مسؤولة عن الأخطاء المصلحية أو المرفقية لموظفيها لأجل تشجيعهم على الإقدام و المبادرة وهو ما نص عليه الفصل 79 من قانون الالتزامات و العقود , فإنها غير مسؤولة عن أخطائهم الشخصية لأنه من غير المنطقي أن تتحمل خزينة الدولة أعباء هذه المسؤولية , بل ينبغي أن يتحملها الموظف المخطئ , فالدولة لا تتحمل ذلك إلا في حالة إعساره مع إمكانية الرجوع عليه و هو ما نص عليه الفصل 80 من قانون الالتزامات و العقود.

المطلب الأول: أنواع الخطأ

 الفرع الأول  الخطأ الشخصي

هو الخطأ الذي يمكن تمييزه وينسب إلى الموظف الذي يكون في هذه الحالة قد قام بأعمال لا تمت لمصلحة المرفق بأية صلة , و نتجت عنها أضرار للغير , فيكون ملزما بجبر الضرر من ماله الخاص لكونه هو الفاعل المخطئ.
ولا يوجد معيار محدد لهذا الخطأ يمكن أن يوصف بأنه معيار جامع مانع. فالخطأ الشخصي هو الذي نكشفه من خلال تهور الموظف و اتجاهه إلى تحقيق أغراض شخصية كالانتقام, أي أنه يتصرف دون أن يضع في الاعتبار تحقيق أهداف الإدارة.
ويعتمد في غالب الأحيان على معيار جسامة الخطأ و الباعث الحقيقي من الفعل, هل هو بحسن نية أو بسوء نية, أي أن العلاقة بين الفعل و مصلحة المرفق منعدمة.
لا بد أن يكون الخطأ الذي يصدر عن الموظف بقصد لا يرتبط بالوظيفة , ويتعلق ببعض تصرفاته الخاصة , أو نتيجة قيامه بأعمال تدليسية من شأنها أن تلحق أضرار بالغير.
ويجد الخطأ الشخصي سنده القانوني في الفصل 80 من قانون الالتزامات و العقود المغربي الذي نص على أن "مستخدمي الدولة و البلديات مسؤولون شخصيا عن الاضرار الناتجة عن تدليسهم أو عن الأخطاء الجسيمة الواقعة منهم في أداء وظائفهم ..."
ومن الحالات التي يمكن فيها للموظف أن يعفى من المسؤولية إذا اقتصر في عمله على تنفيذ الأمر الصادر إليه من رئيسه شريطة أن :
·     لا يتجاوز الموظف حدود الأمر الصادر إليه.
·     أن  يكون الفعل الذي الذي أدى إلى إلحاق الضرر بأمر من رئيس.
·     أن يدخل الفعل من اختصاص الرئيس.
·     ألا يكون الفعل مخالفا للقانون .

الفرع الثاني : الخطأ المرفقي

هو الخطأ الذي  يصعب أن ينسب إلى الإنسان , بل يكون مرتبطا بالمرفق حتى ولو كان مرتكبه أحد الموظفين ,بمعنى أنه خطأ مجهول ينسب إلى الإدارة ,و لا بد أن تتوفر فيه بعض الشروط منها.
1.  أن ينسب الخطأ إلى مرفق عمومي وليس إلى إنسان ما.
2.  أن يخضع لقواعد القانون العام وليس لأحكام القانون المدني.
3.  أن تكون قواعد المسؤولية الناجمة عنه مستقلة عن قواعد المسؤولية المدنية المعروفة في القانون الخاص.
4.  ويمكن أن يشمل كل مرافق الدولة, فهو لا يرتبط بمصلحة معينة دون باقي المصالح الإدارية الأخرى.

ويمكن أن نذكر من بين صور الخطأ المرفقي ما يلي :
· عدم أداء المرفق لنشاطه, كامتناعه من القيام ببعض الأشغال التي من الممكن أن تنجم عنها حوادث قد تلحق أضرارا بالمواطنين.
·أن يقوم المرفق بنشاطه على وجه سيء ,بمعنى أن المهام المنوطة به لم تنجز وفق ما تقتضيه المصلحة العامة.
إن درجة الجسامة التي كانت تقررها المحاكم المغربية في عهد الحماية , حيث كانت تشترط لتوفير مسؤولية مرفق الشرطة إثبات قسوة في معاملة الجمهور لا يمكن أن تنسجم مع أهداف المحاكم الإدارية , فكل مواطن له الحق في المطالبة بتعويض الضرر الذي لحقه من جراء نشاط المرفق , إلا أنه أثناء تقدير الضرر ينبغي الانتباه إلى جسامته فقد يكون الضرر كبيرا فدرجة الضرر الحاصل للأشخاص هي مسألة نسبية تختلف باختلاف الأشخاص و باختلاف المكان و الزمان , فالمسألة تتطلب وجوب الانتباه إلى المتضرر و تقدير مدى الآثار الذي سببه له الخطأ المرفقي, فجسامة الخطأ هي مسألة تعود للسلطة التقديرية للقاضي.
ومن التبريرات التي كانت تستعملها المحاكم لإضافة درجة معينة من الجسامة على الخطأ لتفلت الإدارة من أداء التعويض ما يلي:
1.  وجوب الحفاظ على الأموال العمومية وعدم الإفراط في إنفاقها بسبب التعويضات الكثيرة , التي تحكم بتا المحاكم . فاشترط درجة معينة من الجسامة في الخطأ يجعل القاضي يراعي المصلحة المالية للمرفق , الذي من المحتمل أنن يتحمل أعباء كبيرة  في هذا المجال. ولكن هذا التبرير لا يستقيم أمام الواقع لان القضاء ليس حاميا للإدارة فهو حامي الأفراد بالدرجة الأولى وعليه لم يتم إحداث جهاز النيابة العامة ضمن تركيبة المحكمة الإدارية.
2.  إذا ما سئلت الإدارة عن أخطائها البسيطة فان هذا لن يتماشى مع أهداف المرفق الذي يسعى إلى تحقيق الصالح العام , كما يؤدي إلى قتل روح المبادرة لدى القائمين و المشرفين عليه خوفا من تحملهم المسؤولية.

ومن الأمثلة التطبيقية للخطأ المرفقي نذكر :
1.  تنفيذ قرار إداري  غير شرعي يشكل خطأ تترتب عنه المسؤولية الإدارية , فإذا حكم بإلغائه فانه يكون سببا للمطالبة بالتعويض . أما إذا لم يرفع المعني بالأمر دعوى الإلغاء فان القرار غير الشرعي يصبح متحصنا و يمكن المطالبة بالتعويض في إطار فحص شرعيته الفصل 44 من قانون 41.90.
2.  عدم تنفيذ الأحكام فإذا لم تقم الإدارة بتنفيذ الحكم الصادر ضدها فإنها تكون قد ارتكبت خطأ يستوجب المطالبة بتعويض الضرر الحاصل.
أما إذا امتنعت الإدارة من منح القوة العمومية لتنفيذ الأحكام القضائية بشكل عام دون أن يكون رفضها مستندا إلى حجة المحافظة على النظام فانه يعتبر بمثابة خطأ جسيم تترتب عنه مسؤوليتها.

الفرع  الثالث : العلاقة بين الخطأ الشخصي و المرفقي

إن منح وصف للخطأ لمن شأنه أن يحدد الجهة المختصة للنظر في طلب التعويض , فإذا كان شخصيا دخل في ولاية المحاكم العادية , إما إذا كان مرفقيا فيحال على المحاكم الإدارية.
ويستند معيار التمييز بينهما على درجة الخطأ فإذا كان الخطأ جسيما اعتبر شخصيا , و إذا اعتبر عاديا اعتبر مرفقيا,
وفي فرنسا يمكن الجمع بين الخطأين فقد يكون الفعل الضار ناتجا عن خطأين شخصي و مرفقي ,ففي هذه الحالة يمكن للقاضي الإداري أن يمنح التعويض المستحق لان التأكيد على وجود المسؤولية الشخصية للموظف , لا يحول دون تقرير مسؤولية الإدارة , فالجمع بين المسؤوليتين لا يعني منح المتضرر التعويض مرتين متتاليتين , كما أن أثارة مسؤولية الإدارة عن الأخطاء الشخصية لموظفيها ممكنة و تتحمل نتيجة لذلك العبء النهائي للتعويض , ولها أن تعود على الموظف لأجل إلزامه بدفع نصيبه في التعويض.
فالحكم بالتعويض يصدر في حق الإدارة وحدها ولا يكون على وجه التضامن.
أما في المغرب فان الفصل 80 من قانون الالتزامات و العقود يؤكد على أن الدولة لا تتحمل مسؤولية الخطأ الشخصي للموظف , إنما يمكن أن تحل محله في الأداء عند ثبوت إعساره لتقتطع بعد ذلك من راتبه أو معاشه, فإذا تبين أن الضرر ناتج عن خطأين شخصي و مرفقي , فان إقامة الدعوى على الموظف أمام المحكمة العادية سيحقق فائدتين :
·  حيث إن المدعى عليه فرد عاد فان إلزامه بالداء يكون بواسطة المحكمة العادية , وهي إمكانية لا تتوفر عليها المحكمة الإدارية بسبب عدم توفرها على جهاز النيابة العامة.
· إذا أثيرت أثناء مناقشة الدعوى مسألة الخطأ المرفقي فيجوز للمحكمة العادية أن تحكم على الإدارة بالتعويض حسب الفصل 18 من قانون 41.90

المطلب الثاني: إثبات الخطأ


الأصل أن أثبات الخطأ هو إجراء يقع على عاتق المتضرر فهو ملزم بان يبين على أن النشاط الذي سبب له الضرر كان بفعل عمل خاطئ للإدارة.
إلا أن هذه المهمة صعبة في بعض الأحيان لكون المتضرر قد لا يتوفر على الوثائق التي يعزز بها دفوعاته , كما أن بعض المستندات يصعب الحصول عليها إذا كانت بيد الإدارة ,فهو طرف ضعيف لا يمكنه أن يلزم الدولة من تمكينه من بعض الأدلة ,ومن شأن هذا أن يعرض مصلحة الأفراد للضياع ,فيكون القاضي ملزما بأن يقبل جميع وسائل لإثبات المنصوص عليها قانونا كإقرار الخصم الحجة الكتابية شهادة الشهود القرينة اليمين والنكوا عنها "الفصل 404 من قانون الالتزامات و العقود"
وان لم تفض هذه الوسائل إلى نتيجة فيمكن أن يجعل عبئ الإثبات يقع على عاتق الإدارة.


المبحث الثاني: المسؤولية على أساس المخاطر

في هذه الحالة لا نكون في حاجة إلى أثبات خطأ الإدارة نظرا للصعوبات التي يواجهها المدعي لإثباته , فيكفي أن يثبت الضحية وجود علاقة سببية بين نشاط الإدارة و الضرر الذي أصابه ,أي أن يكون الضرر الذي لحقه ناتجا عن نشاط المرفق العمومي,
يشير الفصل 79 من قانون الالتزامات و العقود على أن الدولة و البلديات مسؤولة عن الأضرار الناتجة مباشرة عن تسيير ادارتها ,وهو نفس المبدأ الذي ينص عليه الفصل 8 من قانون 41.90.
يفهم من مقتضيات هذين الفصلين على أن المشرع المغربي لا يشترط لقيام المسؤولية وجود خطأ , فاذا ما حصل ضرر للمدعي أمكنه المطالبة بالتعويض في ضوء المسؤولية على أساس المخاطر ,أي مساءلة حتى في حالة انعدام الخطأ.
وبهذا يمكن القول ان المشرع المغربي رغبة منه في تخفيف العبء على المتضرر , كان سباقا الى اقرار المسؤولية على أساس المخاطر , فهو لم يجعل هذه المهمة تقع على عاتق الاجتهاد القضائي كما هو الشأن في بعض البلدان.
ومجال تطبيقها هو في اتساع متزايد يتماشى مع ما يفرزه التقدم العلمي و التكنولوجي من تعقيدات و صعوبات من شأنها أن تعقد إمكانية إثبات خطأ الإدارة.

المطلب الأول :  شروط قيام المسؤولية على أساس المخاطر

1.  محدوديتها أن يقتصر الضرر على فرد معين أو مجموعة محددة من الأشخاص دون أن يلحق باقي الأفراد ,الذين هم في نفس الوضعية معهم, ففي حالة حصول ضرر لعدد غير معين من الأفراد فلا يجوز تطبيق مقتضيات هذه المسؤولية .
2.  أن يكون الضرر الذي سببته على درجة من الجسامة و يخرج عن النطاق المألوف , ويكون متسما بجسامة غير عادية.
وفي المغرب فان النصوص المشار إليها أعلاه لا تشترط توافر درجة معينة من الجسامة ,فيعود تحديدها لسلطة التقديرية للقاضي .

المطلب الثاني: الأساس القانوني لنظرية المسؤولية على أساس المخاطر

نجد أساسها في مبدأ المساواة أمام الأعباء العامة . فهو يقضي بان يأخذ بعين الاعتبار الثقل الذي يقع على عاتق الفرد و الذي تسببت فيه السلطة الإدارية في سبيل تحقيق الصالح العام.
واذا كان المبدأ يستمد قوته من الاجتهاد القضائي شأنه شأن باقي المبادئ العامة للقانون ,التي لا تستند الى نص قانوني , ففي المغرب  يعتبر هذا المبدأ من المبادئ المقررة دستوريا "
فمبدأ مساواة الأفراد أمام الأعباء العامة يعني أن ما تقوم به الدولة هو لصالح الجميع وليس من باب العدل أن يتحمل نتائجه أفراد قلائل من المجتمع.

المطلب الثالث: حالات تطبيق المسؤولية على أساس المخاطر

من المجالات التي يطبق فيها هذا النوع من المسؤولية ما يلي :
1.  حالة صدور قوانين تلحق ضررا و جسيما كما وقع في قضية la fleurette
2.  حالة التعويض المخول عن ضرر ناتج بفعل تطبيق معاهدة دولية " وفي هذا تقييد لفكرة أعمال السيادة "
3.  حالة المسؤولية الناتجة بعد تطبيق قرار إداري شرعي سواء كان تنظيميا أو فرديا مثل التعويض المخول في حالة نزع الملكية الخاصة لأجل المنفعة العامة .
4.      حالة الأضرار الناتجة بسبب امتناع الإدارة عن تنفيذ الأحكام القضائية حفاظا على النظام العام.

إن الأحكام تصدر عن مختلف المحاكم تتميز بطابعها التنفيذي الآمر الذي يحتم على السلطات الإدارية منح القوة العمومية لتأمين تنفيذها فإذا استنفذت طرق التنفيذ الأخرى العادية جاز للمعدي المطالبة بمنحه القوة العمومية لفرض احترام قرار العدالة و تنفيذ الحكم المحصل عليه.
فاذا اعتمدت في رفضها على مبرر الحفاظ على النظام العام فانه ليس من باب العدل أن يتحمل المدعي عبء  الحفاظ على النظام العام وحده ,بل يمكن أن يعوض استنادا لنظرية المسؤولية على أساس المخاطر لان الحفاظ على السلامة العامة لا يستفيد المدعي وحده بل كل المجتمع ولهذا وجب منحه تعويض من خزينة الدولة.
أما إذا امتنعت من منحه القوة العمومية بدون سبب فان ذلك يشكل خطأ جسيما لأنها لم تساعد على فرض احترام قرارات العدالة و تتحمل مسؤولية تعويض المدعي عن الضرر الذي لحقه بسبب عدم تنفيذه حكمه, حيث تكون المسؤولية في هذه الحالة مسؤولية خطئية.
5.      تطبيقها في الوظيفة العمومية  من أبرز مجالات تطبيق نظرية المسؤولية على أساس المخاطر , حالة الموظف الذي يصاب بأضرار بالغة بمناسبة أداء وظيفته , فمقتضيات العدالة تحتم بأن تبقى الدولة مسؤولة عن المخاطر التي لحقته نتيجة مساهمته في تسيير المرفق العمومي.
ويمكن الجمع بين التعويض الذي تمنحه أنظمة المعاشات وبين التعويض المخول في إطار المسؤولية الإدارية على أساس المخاطر
6.  الأضرار  الناتجة عن الأشغال العمومية إذا أدى انجاز الأشغال العمومية إلى إلحاق أضرار بممتلكات الأفراد وكان من شأنها أن تنقص من القيمة الشرائية  أو الايجارية للعقار فان الدولة تكون مسؤولية عن التعويض في ظل نظرية المسؤولية على أساس المخاطر.
وتشترط المحاكم المغربية لأجل منح التعويض لجبر الأضرار الناجمة بفعل الأشغال العمومية أن تكون لها علاقة مباشرة بهذه الأشغال ويمكن تمييز نوعين من الضحايا في هذه الحالة.
· الاغيار غير المنتفعين من الأشغال العمومية وهي حالة المارة الذين لا يستعملون ولا يستفيدون من الأشغال المنجزة ,فان مسؤولية الإدارة تكون على أساس المخاطر , ولا يكون ملزما إلا بإثبات وجود علاقة سببية بين نشاط الإدارة و الضرر الحاصل
ولقد ذهب المجلس الأعلى –محكمة النفض حاليا- إلى التشدد في فرض المسؤولية وعدم إفلات الإدارة منها ,فقرر في أحد أحكامه مسؤولية الإدارة عن الأضرار التي لحقت ورشة أحد الاغيار نتيجة فيضانات سببتها تهاطل أمطار غزيرة أدت الى تحول مجرى النهر بسبب وجود أكوام من الاتربة ناتجة عن القيام بأشغال عمومية و رغم تذرع الإدارة بأن الضرر حصل نتيجة قوة قاهرة فان مجلس الأعلى –محكمة النقض حاليا- حملها المسؤولية ولم يعتبر تهاطل الأمطار الغزيرة من قبيل القوة القاهرة التي تعفيها من المسؤولية ' القرار عدد 62 تاريخ 16/7/1959'
· أما في حالة الأضرار التي تصيب المنتفعين من الأشغال العمومية فان أساس المسؤولية هو الخطأ حيث لا بد من إثبات خطأ الإدارة أو المقاولة كعدم القيام بأعمال الصيانة أو عدم وضع علامات في الطريق تنبه السائقين و المارة إلى وجود خطر أمامهم .
ويمكن أن نطبق في تحديد هذه المسؤولية مقتضيات الفصل 89 من قانون الالتزامات والعقود الذي يجعل مالك البناء مسؤول عن الضرر الذي يحدثه انهياره أو تهدمه بسبب قدمه أو عدم صانته، ولا يعفى المقاول من المسؤولية غلا إذا كان قد انتهى من الأشغال وسلمها للإدارة، وهذا ما ذهبت إليه محكمة الاستئناف بالرباط عندما قررت الإدارة بصفتها رب العمل تصبح بعد تسلمها الأشغال مسؤولة عن الأضرار التي تلحق المارة في الطريق العمومية بسبب عدم القيام بالصيانة أو عدم وضع علامات تنبههم إلى وجود خطر (محكمة الاستئناف بالرباط قرار مدني عدد 56 تاريخ 26/11/1974 ملف عدد 18013 بين عائشة بنت قدور ورئيس المجلس البلدي بسلا ومن معه)
وإذا كانت المسؤولية ترفع عن المقاول عند تسليمه الأشغال نهائيا فإنه بالنسبة للإدارة لا ترفع عنها المسؤولية إلا إذا أثبتت خطأ الضحية، أو كان الفعل المسبب للضرر نتيجة قوة قاهرة، وهذا ما ذهب إليه المجلس الأعلى عندما اعتبر الدولة مسؤولة طبقا للفصل 79 من قانون الالتزامات والعقود، عن الأضرار التي تحدث لمستعملي الطرق بسبب عدم وضع علامات تدل على وجود الخطر، ولا تعفى هذه المسؤولية إلا إذا أثبتت خطأ الضحية، أو كون الضرر لم ينتج عن تقصير من الإدارة في القيام بالتزاماتها، كـأن يكون بفعل القوة القاهرة مثلا (القرار عدد 82 تاريخ 7/5/1960) وبهذا فإن قيام المسؤولية في هذه الحالة يتطلب أن يثبت المتضرر وجود علاقة سببية بين الضرر والفعل الخاطئ للإدارة إلا أنه من الناحية العملية نجد أنه يصعب على المتضرر إثبات خطأ الإدارة ولذلك يمكن للقاضي أن يجعل عبء الإثبات قع على عاتق هذه الأخيرة ولا يفلتها من المسؤولية إلا إذا أثبتت ما يفيد أنها لم تقترف أي خطأ.
7- الأضرار الناجمة عن مخاطر الجوار غير العادية
طبقت المسؤولية على أساس المخاطر في حالة الانفجار الذي أصاب مخازن التموين الحربي والذي سبب أضرارا كبيرة للسكان المجاورين.
ومن الأحكام الواردة في هذا الصدد في القضاء المغربي الحكم الخاص بمنح تعويض لجبر الضرر الذي لحق بعض ممتلكات الخواص الموجودة بجوار الغابات التي تنتشر فيها الخنازير بكيفية كبيرة، والتي أدت إلى إتلاف محصولاتهم الزراعية، في الوقت الذي أصدرت فيه الإدارة قرارا يمنع صيدها، ولذلك فإن مبدأ العدالة ومساواة المواطنين أمام التكاليف العامة يقضيان بمنح تعويض للفلاحين الذين أتلفت محاصلهم الزراعية بفعل هذه الخنازير.
ومن الأحكام الواردة أيضا في هذا المجال الحكم الصادر سنة 1928 القاضي بمنح تعويض للسكان الذين كسر زجاج نوافذهم بفعل طلقات نارية صادرة من مدافع قلعة الأوداية بالرباط، التي كانت تطلق طلقة واحدة  عند منتصف النهار اعتبرت المحاكم أن القرار الذي سمح باستعمال هذه الطلقات هو من أعمال السيادة ولا يمكن مراقبة شرعيته، ولكن يحق لها أن تحكم بمنح تعويض للمتضررين، استنادا لنظرية المسؤولية على أساس المخاطر.
8- الأضرار الناجمة عن استخدام بعض الوسائل الخطرة
تستخدم الإدارة في بعض الأحيان للقيام بنشاطها بعض الوسائل الخطرة كالآليات أو الأسلحة أو الأدوية السامة، فإذا سببت أضرارا للخواص فلابد من منحهم تعويض استنادا لنظرية المسؤولية على أساس المخاطر، ومن أمثلة ذلك استعمال رجال الأمن السلاح من أجل مطاردة المجرمين وإلقاء القبض عليهم، فإذا أدت مطاردة إحدى العصابات لجوء رجال الشرطة إلى إطلاق النار، وإصابة أحد المارة برصاصهم، فإنه يستحق تعويضا  بناءا على نظرية المسؤولية الموضوعية. وقد قررت المحاكم المغربية أن الإدارة مسؤولة عن الأضرار التي تلحق الأغيار بفعل الآليات أو الأسلحة المستخدمة من لدن رجال الأمن وفق نظرية المسؤولية على أساس المخاطر، أما بالنسبة للمجرم فإنه لا يستحق أي تعويض عن الضرر الذي لحقه إلا إذا كان ناتجا عن خطأ ارتكبه  مرفق الأمن، فهو ملزم بإثبات الخطأ ومن الأمثلة القضائية الواردة في المجال قضية عبد السلام الدكالي الصادرة عن المجلس الأعلى في 23/11/1964، حيث تبين أثناء مطاردة أحد المجرمين الفارين أن رجال الدرك استعملوا السلاح بدل السيارة لمطاردته، مما أدى إلى إصابته بجروح واستحق تعويضا بناء على نظرية المسؤولية الخطئية، لأن رجال الدرك لم يكونوا ملزمين باستعمال السلاح.
ومن الأمثلة أيضا استعمال بعض الأدوية السامة من طرف بعض المصالح الطبية لمعالجة المريض، فليس من العدل أن يتحمل المريض وحده نتائج مفعول الدواء المستعمل من لدن المستشفى المعالج، بل لابد من منحه التعويض استنادا للمسؤولية الموضوعية.
إلا أنه في أغلب الأحيان يكون المريض في وضعية المستفيد من العلاج فإن مسؤولية الإدارة لا تتقرر إلا إذا كان هناك خطأ (انظر الخطأ المرفقي)
وتجد الإشارة هنا إلى أن الأضرار الناجمة عن حوادث السير التي تسببها سيارة في ملك شخص عمومي وفي الطريق العمومي هو من اختصاص المحاكم العادية. أما الحوادث الجوية والبحرية والسكك الحديدية فهي من اختصاص المحاكم الإدارية ومسؤولية الضرر عنها تكون على أسس المخاطر في غالب الأحيان.
9- الأضرار اللاحقة بالتلاميذ: تكون الدولة مسؤولة عن الأضرار التي تلحق التلاميذ والطلاب في المؤسسات التعليمية في الوقت الذي يوجدون فيه تحت رعايتها ومسؤوليتها دون إثبات خطأ من جانبها.
وبمقتضى ظهير 26/11/1942 الذي وقع تتميمه بظهير 19 شتنبر 1977 أصبح بالإمكان تعميم المسؤولية السابقة على طلبة الكليات ومؤسسات التعليم العالي والتقني والأطفال الموجودين في المخيمات، فمسؤولية الدولة في هذه الحالة مقررة كيفما كان الضرر أو طبيعة المتسبب فيه.
10- مسؤولية الدولة عن الأضرار الناتجة بفعل الاضطرابات: حيث يصاب بعض المواطنين بأعمال العنف أو تلحق أضرار بممتلكاتهم وأموالهم (ظهير 30/9/1953 الذي ألغي بمقتضى المرسوم الملكي الصادر في 24/10/1966)فمسؤولية الدولة مقررة بناء على نظرية المسؤولية الموضوعية وعموما يلاحظ بأن مجال المسؤولية على أساس المخاطر عرف تطورا كبيرا وبدأ يتسع ليشمل مجالات كثيرة.









    الفصل الثاني شكليات و إجراءات دعوى المسؤولية الإدارية
 إن دعوى المسؤولية الإدارية كأية دعوى قضائية، لابد أن تتوفر فيها بعض الشروط ليتم النظر فيها أمام المحاكم الإدارية[1].
المبحث الأول: شكليات دعوى المسؤولية الإدارية
المطلب الأول: الشروط المتعلقة بافتتاح الدعوى
تتجسد هذه الأخيرة في كل من المقال الافتتاحي والاستعانة بمحامي، ثم المقرر السابق على الخصومة و إلزامية حضور بعض الأطراف في دعوى المسؤولية الإدارية، وأخيرا شرط آجال هذه الأخيرة.    
المقال الافتتاحي
إن افتتاح الدعوى رهين بالمقال الافتتاحي التي يجب أن تراعى فيه مجموعة من الشروط الشكلية، وتعد المسطرة المدنية القاعدة الأساسية في رفع الدعاوى في القضايا الإدارية بمقتضى المادة 7 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية والتي تنص على أنه: " تطبق أمام المحاكم الإدارية القواعد المقررة في قانون المسطرة المدنية ما لم ينص قانون على خلاف ذلك".
 ولما كانت للقضايا الإدارية خصوصيات تميزها عن غيرها لاتصالها بالقانون الإداري الذي يهدف بالأساس إلى تحقيق المصلحة العامة وضمان حسن سير الإدارة فإن قانون إحداث المحاكم الإدارية قرر مجموعة من الإجراءات الشكلية التي يلزم احترامها في الدعاوى الإدارية[2].
وأول شروط الشكلية المتعلقة بالمقال الافتتاحي تتعلق بشرط الكتابة، حيث تنص المادة 3 من قانون 90 ـ 41"ترفع القضايا إلى المحكمة بمقال مكتوب يوقعه محام مسجل في جدول هيئة من هيئات المحامين بالمغرب ويتضمن ما لم ينص على خلاف ذلك ،البيانات والمعلومات المنصوص عليها في الفصل32 من قانون المسطرة المدنية".
وأهمية سمة الكتابة للمسطرة قد تبدوا بديهية فكلما وجدنا أمام قضية عويصة، يكون من الأمور الجوهرية أن نصوغ استدلالا قانونيا رصينا، يفيد الدقة والترابط المنطقي. فأن تكون المسطرة كتابية قد يكون أفضل بكثير من أن تكون شفوية، وهذا الشيء لا ينفي طبعا إمكانية تبادل الدفوعات شفويا بين الأطراف، لكن هذا يأتي فقط من قبيل تكملة البرهنة التي تكون بالأساس متضمنة في مذكرات مكتوبة. ويتجسد افتتاح الدعوى في مقال يرفق في الغالب بمذكرة يبين فيها رافع الدعوى الدفوعات التي عرضها بشكل موجز في المقال الافتتاحي، ويمكن أنداك للطرف المدعى عليه، أي الإدارة في هذه الحالة، أن ترد بمذكرة دفاعية. وقد تستمر المحاجة بعد ذالك بواسطة مذكرات تعقيبية سيتبادلها الأطراف بمبادرتهم الخاصة أو بتوجيه من القاضي المقرر[3].
ونشير إلى أن هذا المقال يجب الإشارة فيه إلى من هو المدعى عليه: الدولة والإدارة المطلوبة في الدعوى، أو إحدى الجماعات العمومية...الخ. كما يجب أن يتضمن المقال ولو بشكل موجز مطالب رافع الدعوى، وان يحدد موضوع الطلب إلغاء أو تعويض. كما أن المقال يجب أن يتضمن أيضا دفوعات رافع الدعوى، وهذا أمر مهم لأنه لا يجوز للقاضي أن يبت فوق حدود الطلب إلا إذا وجد نفسه أمام وسيلة من النظام العام. ويمكن أن يكون عرض الوسائل موجزا في المقال إذ يجوز تفصيلها في ما بعد في مذكرة تفصيلية.
إذا كان الأصل إذن هو أن المسطرة تكون كتابية فإنه استثناء على ذلك فإنه فيما يتعلق بدعوى القيد في اللوائح الانتخابية فقد أتاح المشرع إمكانية تقديم الدعوى أمام المحاكم الإدارية بناءا على تصريح حسب المادة 36و37 من مدونة الانتخابات حيث تنص المادة 36 "تقدم الطعون المتعلقة بالقيد في اللوائح الانتخابية العامة ويفصل فيها وفق القواعد الإجرائية المقررة في هذا القانون وفى القانون رقم 41.90 المحدثة بموجبه محاكم إدارية" .
والمادة 37 "يقدم الطعن في القرارات المنصوص عليها في المواد 14 ، 25 و 27 من هذا القانون إلى المحكمة الإدارية المختصة بواسطة تصريح يدلى به لكتابة الضبط بها ويسلم عنه كاتب الضبط وصلا .
الاستعانة بمحامي
إلى جانب المقال الافتتاحي هناك شرط آخر والمتمثل في الاستعانة بمحامي، بحيث أن القضايا التي ترفع إلى المحكمة الإدارية بمقال مكتوب وجب توقيعها من طرف محام مسجل في جدول هيئة من هيئات المحامين بالمغرب[4]، ولقد ارتأى المشرع من خلال هذا الشرط تكريس حقوق الدفاع، ذلك أن مواجهة الإدارة أمام القضاء  يستلزم معرفة شاملة للقوانين والضوابط الإدارية، وهذا بالضبط لن يتأتى للمواطن العادي إلا بمؤازرة المحامي وإلا ضاع حقه بمجرد الإخلال بأبسط الإجراءات الشكلية.
كما أن استعانة الدولة والإدارات العمومية بخدمات المحامي تعد أمرا اختياريا بصريح المادة 31 من قانون المحامات، المادة 354 من قانون المسطرة المدنية ". . . . تعفى الدولة من مساعدة محامي طالبة كانت أو مطلوبا ضدها وذلك خلافا لمقتضيات الفقرتين 1و2أعلاه. . . ." كذلك المادة10 من قانون03-80 "يقدم الاستئناف إلى كتابة ضبط المحكمة الإدارية التي أصدرت الحكم المستأنف بواسطة مقال مكتوب يوقعه محام،ماعدا استئناف الدولة والإدارات العمومية حيث تكون نيابة محام أمرا اختياريا. .
المقرر السابق على رفع الخصومة
فيما يتعلق بهذا المقرر فإنه يبدوا من المنطقي عدم قبول اللجوء إلى القضاء إلا إذا وجد نزاع يختلف فيه بشكل بديهي رافع الدعوى مع الإدارة، ولذلك فإن مسألة معرفة الكيفية التي يمكن بواسطتها إظهار هذا الخلاف في الادعاء يطرح بشكل يختلف من قضاء المشروعية إلى قضاء التعويض. ففيما يخص القضاء الشامل نظريا يمكن رفع الدعوى مباشرة بمجرد أن يتحقق المس بالحق، فليس هناك لزوم للرجوع إلى الإدارة قصد حثها غلى اتخاذ مقرر من جانبها. لكن من الواضح أن للمتضرر كل المصلحة في قيام بذالك، حيث يمكن أن تعترف الإدارة على الوجه الأكمل بأخطائها، الشيء الذي يحصل منها غالبا عندما تكون هذه الأخطاء جالية[5].
من الممكن إذا أن ينال المتضرر مطالبه دون أن يعاني من صعوبة الخصومة ومصاريفها، اللهم إذا رفضت الإدارة كليا أو جزئيا تلبية هذه المطالب، حيث لا يبقى أمام المتضرر في هذه الحالة سوى اللجوء إلى القضاء، وإلزامية المقرر الإداري الأولي هذه موجودة في بعض المنازعات مثل المنازعات الضريبية، إذ يتعين على الملزم بالضريبة أن يتوجه قبل رفع أية دعوى قضائية إلى اللجان الإدارية.
الأصل إذن أنه لا يوجد أي إلزام باستصدار مقرر إداري سابق على الخصومة كرد على طلب التعويض موجه للإدارة.[6]
إلزامية حضور بعض الأطراف في دعوى المسؤولية الإدارية
ينص الفصل 514 من قانون المسطرة المدنية على أنه" كلما كانت الطلبات تستهدف التصريح بمديونية الدولة أو الإدارة العمومية أو مكتب أو مؤسسة عمومية للدولة في قضية لاعلاقة لها بالضرائب و أملاك الدولة وجب إدخال الوكيل القضائي في الدعوى وإلا كانت غير مقبولة".
وبالإضافة إلى الفصل 514 من قانون المسطرة المدنية الذي تحدد دور الوكيل القضائي في هذا المجال نجد نصوصا قانونية أخرى تحدد هذا الاختصاص خاصة ظهير 2 مارس1953 المتعلق بإعادة تنظيم وظيفة العون القضائي بالمغرب, هذا الظهير الذي جاء الفصل 514 من قانون المسطرة المدنية مؤكدا لما جاء فيه.
ففي الحالات التي يلزم فيها إدخال الوكيل القضائي في الدعوى تميز بين الحالات التي لايمكن إدخاله إلا بطلب من الإدارة المعنية من جهة وبين الحالات التي تتدخل فيها الدعوى دون تكليف من الإدارة المعنية.
هكذا بمقتضى الفصل 514 من قانون المسطرة المدنية والمؤكد عمليا لما جاء في الفقرة 4 من الفصل الأول من ظهير 2 مارس 1953 نجد إلزامية إدخال الوكيل القضائي وإلا كانت الدعوى غير مقبولة وذلك " كلما كانت الطلبات تستهدف التصريح بمديونية الدولة أو إدارة عمومية أو مكتب أو مؤسسة عمومية للدولة في قضية لا علاقة لها بالضرائب وأملاك االدولة"[7].
إذ يمكن استخلاص أنه كلما تعلق الأمر بمديونية الدولة فان إدخال الوكيل القضائي في الدعوى يكون إلزاميا, وليس من الضروري أن يتم هذا الإدخال حتما في مقال رفع الدعوى بل يمكن أن يتم بعد هذا المقال أثناء سير الدعوى ابتدائيا وهذا ما قرره المجلس الأعلى في قرار بتاريخ 9 دجنبر 1958 في قضية بيرتان ضد الدولة إذ أكد بوضوح في هذا القرار" حيث أنه بناء على مقتضيات الفصل الأول من ظهير 2 مارس 1953 في فقرته الأخيرة ينبغي إدخال العون القضائي في الدعوى تحت طائلة بطلان المقال".
وحيث أن عدم إثارة ذلك من طرف ممثل الدولة أمام قضاة الموضوع, لا يمكن أن يمنع محكمة النقض من النظر إليها تلقائيا.
وعليه فان الدولة على حق في التمسك بكون المقال المودع من قبل السيد برتان غير مقبول لعدم إدخال العون القضائي باعتبار أن الدعوى تهدف إلى التصريح بمديونية الدولة وهذا العيب لا يمكن تغطية ويترتب إلغاء المسطرة المتبعة ضد الدولة سواء في المرحلة الابتدائية والاستئنافية .
كما نجد المادة 38 من قانون المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية ينص على أنه: تحدث تحت سلطة وزير الداخلية مساعد قضائي للجماعة المحلية يكلف بتقديم المساعدة القانونية للجماعات المحلية ومجموعاتها, يؤهل المساعد القضائي في هذا الصدد للتصرف للحساب الجماعات المحلية ومجموعاتها كمدعى أو مدعى عليه عندما تفوضه في الدعاوى التي يكون الهدف منها التصريح باستحقاق ديون على تلك الجماعات ولمجموعات.يجب إدخال المساعد القضائي في الدعوى تحت طائلة عدم قبول المقال, كما أقيمت دعوى قضائية بغرض التصريح باستحقاقات الديون على جماعة محلية أو مجموعة ما يمكن أن يكون خدمات المساعد المشار إليها في هذه المادة موضوع اتفاقية بين وزير الداخلية والجماعات المحلية ومجموعاتها وتحدد هذه الاتفاقيات على الخصوص تحمل المصاريف القضائية وأتعاب المحامين والخبراء والمصاريف المختلفة.
شروط الآجال
يجد شرط الآجال في رفع الدعوى أمام القاضي مبرره في فكرة مفادها انه ليس من اللائق ترك الأوضاع الخصامية تخلد في الزمن، ويجب التمييز في المنازعات الإدارية بين قضاء الإلغاء والمسؤولية الإدارية. فإذا كان اللجوء إلى القضاء في القضايا المتعلقة بالمشروعية مقيد بأجل 60 يوما فإنه لا يوجد اجل لرفع دعوى المسؤولية، وهذا ما عكس ما عليه الحال في فرنسا والجزائر، حيث يوجد شرط الآجال في كلتا الدعوتين[8].
غير أن غياب الآجال يجب أن لا ينسينا  أن هناك مدد للتقادم المنصوص عليها في الفصل 106 من قانون الالتزامات والعقود.
المطلب الثاني الشروط المتعلقة برافع الدعوى
يتوجب أن تكون لرافع الدعوى الأهلية القانونية للتقاضي والصفة وان تكون له المصلحة في رفع الدعوى. فإذا لم تتوفر هذه الشكليات كاملة حكم القاضي بعدم قبول الدعوى دون أن ينظر في موضوعها.
وقد نص الفصل 1 من قانون المسطرة المدنية " بأنه لا يصح التقاضي إلا ممن له الصفة والأهلية و المصلحة لإثبات حقوقه."بل انه جعل توفرها من النظام العام بحيث يثيره القاضي تلقائيا لانعدام الأهلية أو الصفة أو المصلحة.
الأهلية: بالنسبة للأهلية المتطلبة هنا لا تختلف عن مثيلاتها في الدعاوى الأخرى فقد نص المشرع على أن كل شخص بلغ سن الرشد القانوني لتقاضي وهو18 سنة شمسية كاملة ومتمتع بقواه العقلية ولم يثبت سفه يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية. وبهذا نجد الأهلية قسمين أهلية أداء وأهلية وجوب تتمثل في صلاحية الشخص لاكتساب حقوق وتحمل الواجبات و أهلية الأداء هي صلاحية الشخص لممارسة حقوقه الشخصية والمالية ونفاذ تصرفاته ووفقا لهذا فان من لا تتوفر فيه أهلية أداء لمانع من الموانع فيجب أن ينوب عنه من أقامه القانون لهذا الغرض كالوالي أو الوصي أو الأب.
أما الأهلية التقاضي  بالنسبة للأشخاص المعنوية فإنها تختلف باختلاف القوانين المنظمة لها[9].
الصفة: هي قدرة الشخص للمثول أمام القضاء في الدعوى كمدعي أو مدعى عليه بالنسبة لصفة المدعي أو المتضرر هي علاقته بموضوع حق الادعاء المدعى عليه ويشترط لقبول الدعوى أن ترفع من صاحب الحق المطلوب الحكم به أو أن ترفع باسمه من قبل وكيل مفوض عنه في رفعها.
فإذا كان المدعي لا يملك الحق المطلوب في دعوى ولا هو موكل عن صاحب الحق تكون الدعوى المرفوعة من غير ذي صفة لان الشخص لا يملك المقاضاة إلى في شأن نفسه.
أما بالنسبة لصفة المدعي عليه  فهي علاقته بالفعل الضار وبهذا يتعين آن ترفع دعوى المسؤولية الإدارية على صاحب الصفة في المنازعة وهو ما يصطلح عليه بأنه يجب أن ترفع الدعوى من ذي صفة على ذي صفة أي الجهة أو السلطة المتصلة بموضوع الدعوى أي المتسبب في الضرر [10]. أما عملية تمثيل الدولة أمام القضاء فقد نص عليها الفصل 515من قانون المسطرة المدنية على أن:
1. تمثل الدولة أمام القضاء من طرف الوزير الأول أو رئيس الحكومة وله عند الاقتضاء أن يكلف الوزير المختص لذلك.
2. الخزينة في شخص الخازن العام.
3. الجماعات المحلية في شخص العامل بالنسبة للعمالات والأقاليم، وفي شخص رئيس المجلس القروي بالنسبة للجماعات.
4. المؤسسات العمومية في شخص ممثلها القانوني.
5. مديرية الضرائب في شخص مدير الضرائب فيما يخص " النزاعات المتعلقة بالقضايا الجبائية التي تدخل ضمن اختصاصاتها".
بالرجوع إلى المادة 41 نجده تنص على ما يلي" يمثل الرئيس العمالة أو الإقليم لدى المحاكم ما عدا إذا كانت القضية تهمه بصفة شخصية أو بصفته شريكا أو مساهما أو بصفته وكيلا عن غيره أو تهم زوجه أو أصوله أو فروعه للمباشرين. وفي هذه الحالة تطبق مقتضيات المادة 43 من هذا القانون المتعلقة بالإنابة المؤقتة. ولا يـجوز له أن يقيم دعوى قضائية إلا بمقرر مطابق للمجلس. غير أنه يجوز له دون إذن مسبق من للمجلس، أن يدافع أو يطلب الاستئناف في دعوى أو يتابع هذا الاستئناف، أو يقيم جميع الدعاوى المتعلقة بالحيازة أو يدافع عنها، أو يقوم بجميع الأعمال التحفظية أو الموقفة لسقوط الحق، ويدافع عن التعرضات المقدمة ضد اللوائح الموضوعة لتحصيل الديون المستحقة للعمالة أو الإقليم، كما يجوز له تقديم كل طلب لدى القضاء المستعجل وتتبع القضية عند استئناف الأوامر الصادرة عن قاضي المستعجلات واستئناف هذه الأوامر"[11].
وبالنسبة للجهات يمثلها الوالي أو عامل العمالة مركز الجهة وهذا ما نصت عليه المادة 56 من قانون، 47.96 "يمثل الجهة لدى المحاكم عامل العمالة أو الإقليم مركز الجهة ولا يجوز له ما لم يرد خلاف ذلك في نص تشريعي، أن يقيم دعوى قضائية إلا بعد موافقة المجلس، غير أنه يجوز له دون قرار من المجلس أن يدافع أو يطلب الاستئناف في دعوى أو يتابع هذا الاستئناف أو يقيم جميع الدعاوى المتعلقة بالحيازة أو يدافع عنها أو يقوم بجميع الأعمال التحفظية أو الموقفة لسقوط الحق ويدافع عن التعرضات المقدمة ضد اللوائح الموضوعة لتحصيل الديون المستحقة للجهة، كما يجوز له تقديم كل طلب لدى القضاء المستعجل وتتبع القضية عند استئناف الأحكام التي يصدرها قاضي المستعجلات واستئناف هذه الأحكام"[12].
وبهذا وجب القول أنه إذا كان المدعي لا يدعي الحق لنفسه أو لا ينوب عن صاحب الحق فان الدعوى لا تقبل.
المصلحة: يقتضي المبدأ المأثور في المسطرة أنه لا يسوغ لأحد رفع دعوى إذا لم تكن له مصلحة في القيام بذلك . غير أن المصلحة ليست مجردة أو مثالية . هذه يجن أن ترتبط بأساس قانوني، ينصب عليه تقدير القاضي بدرجة قد تزيد أو تنقص صرامتها حسب نوعية الدعوى المعروضة أمامه.[13]
و للمصلحة شروط منها :
- المصلحة القانونية : وهي التي تستند إلى حق يجب أن يكون موضوع الدعوى المطالبة بحق أو مركز قانوني أو تعويض عن ضرر أصاب حق من الحقوق.ويستوي أن تكون المصلحة القانونية:
مصلحة مادية أي حماية حق عيني كالملكية أو اقتناء حق شخصي أو مصلحة أدبية لكون المطالبة  بالتعويض عن ضرر أدبي.
والمصلحة القانونية سواء كانت مادية أو أدبية يجب أن لا يكون مجرد مصلحة نظرية بل يجب أن تعود بفائدة عملية من دعواه.
المصلحة يجب أن تكون قائمة وحالة: يجب أن تكون قد تم الاعتداء فعلا حق رافع الدعوى وان يكون الغير نازعه فيه فعلا، أما أذا كان الضرر محتملا فالأصل أنه لا تقبل الدعوى.
-المصلحة الشخصية والمباشرة : أي يجب أن يكون رافع الدعوى هو صاحب الحق أو من يقوم مقامه كالوكيل أو الوالي فليس للشخص أن يطالب إلا بحقه ما لم يكن وكيلا أو ممثلا لغبره ولا يجوز للشخص أن يرفع دعوى نيابة عن المجتمع لأن رفع الدعوى نيابة عن المجتمع، حق للنيابة العمة فقط.

بناءا على ما سبق يمكن القول أن المصلحة في دعوى المسؤولية الإدارية تنتج عن حق تم الاعتداء عليه وتولد عن هذا الاعتداء ضرر أصاب احد الأشخاص سواء كان معنويا أو طبيعيا من جراء أعمال ونشاطات أشخاص القانون العام.
ويمكن القول في المنازعات الإدارية أن دعوى الإلغاء مفتوحة بشكل واسع لان القاضي لا يوجب على رافع الدعوى أكثر من إثبات مصلحة بسيطة في الدعوى بينما يوجب في القضاء الشامل وجود حق متضرر، أي حق مرتبط بعقد أو حق ملكية ..الخ.[14]
















المبحث الثاني : إجراءات دعوى المسؤولية الإدارية و المحكمة المختصة
 تمر دعوى المسؤولية الإدارية شأنها شأن باقي الدعاوى من مسطرة خاصة بها ( المطلب الأول) كما يختص بها جهاز قضائي توكل له مهمة النظر في دعاوى المسؤولية وتختلف تسميته من دولة إلى أخرى (المطلب الثاني).
المطلب الأول الخصائص العامة للمسطرة دعوى المسؤولية الإدارية
تتميز المسطرة في دعوى المسؤولية الإدارية بالخصائص التالية:

1 – مسطرة كتابية:
 وهذا ما سبق الإشارة إليه عند الحديث عن المقال الافتتاحي فهذه الصفة مشتركة بين الدعاوى المدنية والدعاوى الإدارية التي أوجبتها المادة 3 من قانونها الأساسي أن ترفع الدعوى أمامها في شكل مقال مكتوب يتضمن الاسم العائلي والشخصي وصفة ومهنة وعنوان المدعي واسم الإدارة المدعى عليها ومركزها وممثلها القانوني مع تعزيزها بالمستندات التي ينوي المدعي استعمالها وكذلك بعدد من النسخ مساوي لعدد الأطراف. كما يجب أن يوقع هذا المقال من طرف محامي مسجل بجدول هيأة المحامين.
2 – مسطرة تحقيقية:
بعد تسجيل مقال الدعوى يعين رئيس المحكمة قاضيا مقررا ويحيل الملف على المفوض الملكي للدفاع عن القانون والحق لمتابعة ملف الدعوى.
ويصدر القاضي المقرر بمجرد إحالة الملف عليه أمرا يقضي بتبليغ المقال للمدعى عليه ويعين تاريخ الجلسة والآجال التي ينبغي فيها تقديم مذكرة إدارية، وإذا تقاعس فقد يمنح له أجلا جديدا. وبانقضائه تعتبر المسطرة حضورية بالنسبة لجميع الأطراف ويشار في الملف على جميع التبليغات والإشعارات الحاصلة ( فصل 32 من ق.م.م)1. ويتخذ القاضي المقرر الإجراءات لجعل القضية جاهزة للحكم، ويأمر بتقديم المستندات التي يراها ضرورية للتحقيق في الدعوى، ويمكن له بناءا على طلب الأطراف وحتى تلقائيا بعد سماع الأطراف أو استدعائهم للحضور بصفة قانونية، أن يأمر بأي إجراء للتحقيق من بحث وخبرة وحضور شخصي.
وينبغي أن يجري التحقيق وفق مقتضيات الباب الثالث من القسم الثالث من ق.م.م المتعلقة بإجراءات التحقيق فإن من شأنها أن تستعين بمن تشاء من الخبراء للوصول إلى الحقيقة2.
3 – مسطرة حضورية:  
تعتبر هذه الخاصية من أهم سمات مسطرة التقاضي لأنها مرتبطة بأهم حق يملكه المدعى عليه ألا وهو حق الدفاع، فلا يتصور صدور الحكم دون تمكين الشخص من إبداء دفوعاته والرد على جميع المسائل القانونية التي أثيرت في المقال الافتتاحي والمذكرات التعقبية، وهذا يقتضي تبليغ نسخة من المقال إلى المدعي عليه ويعذر بالإطلاع على المرفقات بكتابة الضبط. ويكون المدعى عليه ملزم هو الآخر بالإجابة والإدلاء بحججه داخل الأجل الممنوح له كما يستفيد من أجل ثاني حسب الأحوال المشار إليها ( الفقرة الرابعة من الفصل 329 من ق.م.م) وإلا اعتبرت المسطرة حضورية بالنسبة إليه.
وتبت المحكمة الإدارية وهي تضم ثلاثة قضاة في هيئة الحكم. و تكون الجلسات عمومية ما عدا الاستثناء المنصوص عليه في الفصل 43 من قانون المسطرة المدنية، حيث يجوز للمحكمة أن تكون جلستها سرية متى استوجب النظام العام والأخلاق الحميدة ذلك.
وتستمع المحكمة للقاضي المقرر وللمفوض الملكي، وللمحامي، ولممثلي الإدارة.  وفي الدعوى الرامية إلى التصريح بمديونية الإدارات العمومية أو مكتب أو مؤسسة عمومية، يستوجب الفصل 514 من قانون المسطرة المدنية الاستماع للعون القضائي للملكة الذي يوكل إليه الدفاع عن المصالح المالية للدولة ويكون إدخاله إجباريا.
يمكن بعد ذلك أن يصدر حكما في شأن القضية المعروضة عن المحكمة، غير أنه في غالب الأحيان سيتم حجزها للتأمل، حيث يؤجل القاضي النطق بالحكم إلى الجلسة اللاحقة. ويتم إصدار الحكم في جلسة عمومية بعد تحريره في اجتماع غير عمومي وه\ا ما يسمى بسرية المداولة.
4-الحكم في دعوى المسؤولية:
 يجب ان يشتمل الحكم على عدد من البيانات المنصوص عليها في الفصل 50 من قانون المسطرة المدنية. ويصدر الحكم باسم جلالة الملك وطبقا للقانون، ويجب أن يذكر الحكم بالبيانات المتعلقة بالأطراف وأن يتضمن الإشارة إلى مختلف ما تم الاستماع إليه من الأطراف والقاضي المقرر والمفوض الملكي. وتتم الإشارة في الحكم إلى إدخال العون القضائي للملكة، والتذكير بمطالب الأطراف، وبمناقشة موجزة لدفوعاتهم، والوثائق المدلى بها وبالنصوص التي طبقت. يؤرخ الحكم ويوقع من طرف الرئيس وكاتب الضبط، تم بلغ للأطراف مع الإشارة إلى إمكانية الاستئناف وأجله.
ونشير إلى أن الحكم في دعوى الإلغاء متى كان انتهائيا، فإنه يحوز على القوة المطلقة للشيء المقضي به: ولذلك يقال ا ناثره تسري على الجميع، أما الحكم الصادر في إطار القضاء الشامل، فإن سلطته لا تعدو أن تكون نسبية، بمعنى أن قوته لا تسري إلا الأطراف.
المطلب الثاني الجهاز القضائي المختص في دعوى المسؤولية الإدارية
إن إشكالية تحديد مجال المنازعات الإدارية تعتبر أهم الإشكاليات التي تطرح أمام  القضاء، ذلك أن تحديد طبيعة النزاع والقاضي المختص بالبت فيه هما من أصعب المسائل التي يعرفها النظام القضائي الذي يتبنى ازدواجية القضاء والقانون، وهذا الإشكال يطرح اليوم بحدة أكثر إذ أصبحت بالمغرب ازدواجية في القاعدة ووحدة في القمة، وداخل هذا التصور يحيل مفهوم اختصاص المحاكم الإدارية على سلطة المحكمة للبت في قضية معينة. إما بالنظر إلى طبيعة الرابطة القانونية محل الحماية فنكون أمام اختصاص نوعي، أو على أساس الموقع أو المكان فنكون أمام الاختصاص المحلي[15].
1-    الاختصاص النوعي:
يقصد به تحديد الاختصاص المحكمة بدعوى معينة بالنظر إلى طبيعة الرابطة القانونية محل الحماية بصرف النظر عن قيمتها ويتبع هذا النوع من الاختصاص عادة بالنسبة لتحديد المحاكم ذات الاختصاص أو المحاكم الاستثنائية أو لتحديد اختصاص تشكيلة الخاصة بالمحاكم.
وبالرجوع الى المادة الثامنة من القانون 41.90 المحدث للمحاكم الإدارية نجدها تنص على اختصاص هذه الأخيرة بدعوى التعويض عن الأضرار التي تسببها أعمال ونشاطات أشخاص القانون العام، ما عدا الأضرار التي تسببها في الطريق العام مركبات أيا كان نوعها يملكها شخص من أشخاص القانون العام.
وجعل دعاوى المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي تسببه في الطريق العمومية مركبات في ملك أحد أشخاص القانون العام لا تدخل من اختصاص المحاكم الإدارية، حتى لا تعوق وفرة قضايا حوادث السير المحاكم الإدارية عن تحقيق الغاية التي أنشئت من أجلها[16].
وتعتبر قواعد الاختصاص النوعي من النظام العام ويحق للأطراف إثارة مخالفتها في أي مرحلة من مراحل الدعوى، ويستطيع القاضي الإداري أن يثيرها تلقائيا ( المادة 12 من قانون 41.90 المحدث للمحاكم الإدارية). وإذا أثير دفع بعدم الاختصاص النوعي أمام جهة قضائية عادية أو إدارية وجب عليه أن تبت فيه بحكم مستقل ولا يجوز لها أن تضمه إلى الموضوع.
2-الاختصاص المحلي:
يقصد به توزيع الاختصاص بالقضايا توزيعا جغرافيا بين المحاكم الطبقة الواحدة على أساس الموقع أو المكان، فقواعد الاختصاص المحلي هي التي تحدد المنازعات الداخلة في الدائرة الإقليمية لكل محكمة أي معرفة المحكمة التي سترفع إليها الدعوى من الناحية المكانية الو الجغرافية، ومن هنا جاءت تسميته بالاختصاص المحلي أو الإقليمي لأن قواعده تبنى في الغالب على اعتبارات محلية أو إقليمية.
وهكذا تطبق أما المحاكم الإدارية قواعد الاختصاص المحلي المنصوص عليها في المادة 27 وما يليها من الفصل 30 من قانون المسطرة المدنية ومفاد ذلك أن محكمة الموطن الحقيقي أو المختار المدعى عليه هي المختصة مكانيا للبت في النزاع، وإذا لم يكن لهذا الأخير محل ولا موطن إقامة بالمغرب، يمكن تقديم الدعوى أمام محكمة موطن أو إقامة المدعي أو أحد منهم عند تعددهم، غير أنه خلافا لذلك فإن دعوى التعويض بحسب المادة 28 من قانون المسطرة المدنية ترفع أمام محكمة المحل الذي وقع فيه الفعل المسبب للضرر أو أمام محكمة الموطن المدعى عليه باختيار المدعي.
وقواعد الاختصاص المحلي لا تعتبر من النظام العام لكونها تقتصر على توزيع الاختصاص بين نوع واحد من المحاكم وهي المحاكم الإدارية. وينبغي أن يثاره أيضا قبل كل دفع أو دفاع.









































الفهرس

الفصل الأول أساس المسؤولية الإدارية ..................................................................1

    الفصل الثاني شكليات و إجراءات دعوى المسؤولية الإدارية..........................................
   المبحث الأول شكليات دعوى المسؤولية الإدارية ..................................................
   المطلب الأول الشروط المتعلقة بافتتاح الدعوى ..................................................
   المطلب الثاني الشروط المتعلقة برافع الدعوى ..................................................
   المبحث الثاني إجراءات دعوى المسؤولية الإدارية و المحكمة المختصة...........................
   المطلب الأول الخصائص العامة للمسطرة دعوى المسؤولية الإدارية...........................
   المطلب الثاني الجهاز القضائي المختص في دعوى المسؤولية الإدارية.........................


[1] - عبد الله حداد،القضاء الإداري على ضوء القانون المحدث للمحاكم الإدارية، منشورات عكاظ،الطبعة الثانية 1995،ص92.
[2]: عبد الله حداد :" تطبيقات الدعوى الإدارية في القانون المغربي" الطبعة الثانية 2002.

[3]. أشركي أفقير عبد الله: " التنظيم القضائي المغربي" السنة /2005 ، صفحة 126/127
[4] نورة غزلان الشنيوي ، أوجه تطبيقات الدستور المغربي الجديد في مادة التنظيم القضائي للمملكة ، دراسة من صميم اصلاحات سنة 2011، مطبعة الورود، شارع الجيش الملكي انزكان، الطبعة الأولى، السنة 2012، ص 209
[5] - عبد القادر باينة، أسباب إنشاء المحاكم الإدارية على هامش مشروع القانون المحدث للمحاكم الإدارية المعروض على مجلس النواب في    دورة ربيع 1991 ، ص 147

-ميشل روسي ، المنازعات الادارية بالمغرب، كرونوبل-الرباط، السنة 1992، ص66[6]
 عبد القادر باينة ، مرجع سابق ،ص123                                                                                        [7]
[8] = ميشل روسي، مرجع سايق،ص69
[9] :عبد القادر باينة: تطبيقات القضاء الإداري بالمغرب، دار توبقال،ص 31
[10] :عبد اللطيف لبغيل :الدعوى المدنية وإجراءاتها في التشريع المغربي، طبعة الأولى سنة2005، ص57.
[11] : القانون رقم 79.00   المتعلقة بتنظيم العمالات والأقاليم .
[12] : القانون رقم 47.96  المتعلق بتنظيم الجهات.
[13] نورة غزلان الشنيوي ، أوجه تطبيقات الدستور المغربي الجديد في مادة التنظيم القضائي للمملكة ، دراسة من صميم اصلاحات سنة 2011، مرجع سابق الصفحة209
[14] -ميشل روسي، مرجع سابق ص70
1   - الإجراءات المتبعة أمام المحاكم الإدارية، أعمال اليوم الدراسي المنظم من طرف كلية الحقوق الرباط  السويسي، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية عدد 15 يونيو 1996 ص 47.
  2- مليكة الصروخ ، القانون الإداري ،دراسة مقارنة ، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة السابعة ،السنة 2010 ص 597

[15] - كريم لحرش، القضاء الإداري المغربي، سلسلة اللامركزية والإدارة المحلية، عدد مزدوج 16-17، الطبعة الأولى، 2002،ص91.
[16] - عبد الله حداد، القضاء الإداري المغربي على ضوء القانون المحدث للمحاكم الإدارية، المرجع السابق،ص20.

شاركنا بتعليقك...

التعليقات



، اشترك معنا ليصلك جديد الموقع اول ً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

احصائيات الموقع

جميع الحقوق محفوظة

علوم قانونية وادارية

2010-2019