(بكل فخر أحد طلبة الدكتور عصام العطية).
(بكل فخر أحد طلبة الدكتور عصام العطية).بقلم الدكتور حيدر كاظم عبد علي القريشي |
بقلم الدكتور حيدر كاظم عبد علي القريشي
لا يمكن لطالب فقير علماً مثلي, كما لا يمكن للكلمات مهما بلغت من الرقي, ان تحيط بجزء يسير من شخصية علم من أعلام العراق وفقيه من فقهاء القانون فيه - أستاذي المرحوم الدكتور عصام العطية - , تخمده الله فسيح جناته.
كما أني لست بمعرض الحديث عن اخلاق المغفور له, لأنه كتلة أخلاق بشرية متحركة تفيض خلقاً وعلماً على كل من يتشرف بلقائه.
ومع ذلك أجد من العدالة, بل من المفيد لي ولباقي زملائي الباحثين وغيرهم, أن أورد مجموعة من الصفات والخصال التي كان يتحلى بها أستاذي صاحب الذكرى, استخلصها من تجربتي, معه كونه استاذي المشرف في دراستي للماجستير والدكتوراه, ولعل أهمها :-
1- العلم والمعرفة : - يكفي أستاذنا فخرنا ونحن طلبة العراق في كليات القانون والتي تجاوز عددهم على مر العقود الاربع الماضية عشرات من الالف, أن تتلمذ على يده ولو لم يكن قد درس البعض منهم , ذلك أن كل طلبة القانون كان مقررهم العام في البكالوريوس كتاب استاذنا المرحوم (القانون الدولي العام), الذي ومنذ ثمانينات القرن الماضي حتى اليوم بعد وفاته, المصدر المنهجي الاول في جميع الجامعات العراقية, وهو ما كان ان يكون كذلك لولا أصالة معرفة مؤلفه وكاتبه - استاذي المرحوم - .
2- التواضع والمروءة :- كنت في أحد أيام شهر كانون الثاني من عام 2004م, متوجها, إلى كلية القانون - جامعة بغداد, حيث قسم القانون الدولي ورئيسه استاذي المغفور له, كي اسلمه الرسالة لأغراض القراءة النهائي, فوجئت بأنه راقداً في احدى مستشفيات بغداد, وجدته فيها بالفعل سلمت عليه وكان مريضا شاحب الوجه ضعيف البنية, وبعد الجلوس معه لفترة وجيزة استأذنت منه كي لا اثقل عليه, ومعي نسخة رسالة الماجستير, وأذا بضحكته المعتادة يبادر للقول ما هذا الذي بين يديك قلت له لا شيء أوراق عادية احتاج إليها في البحث, واذا به يبتسم ويقول هذه نسخة رسالتكم, وطلب مني أن اسلمه اياها, رفضت الا انه ابى الا استلمها وبعد ثلاثة أيام وهو مازال في المستشفى ابلغني احد الاخوان بضرورة استلام الرسالة لان الدكتور قد انهى قراءته لها. هذه قيم الشهامة التي يتحلى بها استاذي المرحوم, والتي يفتقر اليها اليوم الكثير منا نحن الأكاديميين.
3- الشجاعة : - لا يختلف أثنان , بل الصفة التي اقترنت بشخصية استاذي المرحوم هي الشجاعة في المبادئ وسأورد واقعة معينة, مازالت عالقة في ذهني حتى اللحظة, رغم مرور ما يقارب العشرين عاما, ففي أحدى مناقشات رسالة ماجستير لأحد الطلبة الذي يشرف عليهم استاذنا المرحوم, أعترض أحد أعضاء لجنة المناقشة على الباحث لذكر عبارة غزو العراق للكويت فانبرى له صاحب الذكرى بالقول متندرا (عليك ايه الباحث بان لا تقول غزو العراق للكويت بل فتية أمنوا بالله ..), وهو بذلك يعري موقف النظام السابق وأزلامه في عصر دكتاتوريته.
4- التواضع والضيافة :- زرت أستاذي في بيته مرتين, كان في كلاهما هو من يتولى أعمال الضيافة من جلب الماء وما يفيض كرمه.
أعجز كثيراً أن أحيط بمكنونات شخصية استاذي المرحوم وما عساني ألا أن أقول.
نفثت أكفي وهي ترتفع إلى السماء (اللهم أرحم فقيدنا), وأجعله مع الذين ناموا بسلام أمنين وتعصف في قلوبنا الثكلى تساؤلات حينما التقطتك اكف الموت, كيف أنت؟ شربت من ضفاف نبع الحياة مرأ أم لعقت؟ تألمت؟ أمهرت أم أننت فيما يا ترى هل في ليلك هجعت؟ إبقاؤك الطلبة هل تذكرت؟
شاركنا بتعليقك...