-->
علوم قانونية وادارية علوم قانونية وادارية

اخر المواضيع

جاري التحميل ...

بحث بعنوان حق الرضاع


حق الرضاع
من الحقوق الأخرى التي تثبت للطفل بعد ولادته حق الرضاع، فالرضاعة من الأمور التي يحتاجها الطفل منذ ولادته، وقد شرعها الله سبحانه وتعالى في قوله (وَالْوَلِدَتُ يُرْضِعْنَ أَوْلـدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ…)([1]) وذلك لتحقيق مصلحة الطفل والأم معاً.
فللرضاعة الطبيعية دور كبير في التكوين النفسي والأخلاقي والبدني للطفل، لذا ينصح علماء الطب والنفس الأمهات بارضاع أطفالهن رضاعة طبيعية وذلك لما في لبن الأم من مكونات تساعد على نمو المخ والأعصاب والقدرات الذهنية، وانماء عاطفة المودة والحب لدى الطفل، ويرى هؤلاء العلماء أن الاتصال البدني بين الأم والرضيع أثناء الرضاعة يجعل الطفل يشعر بحنان أمه وحرارتها ودفئها، ويبعده عن القلق والتوتر([2]).
والرضاعة من جانبٍ آخر شرعت لتحقيق مصلحة الأم ، إذ أنها بارضاعها لطفلها تتحقق لها مجموعة من المعاني ، فعن طريق الرضاعة تحافظ الأم على طفلها من الهلاك وتتحقق لها المودة بينها وبين طفلها وتشعر بارتياح نفسي لما تحسه من نعمة الأمومة التي جعلها الخالق في نفسها([3]).


المبحث الأول: تعريف الرضاع وأدلة مشروعيته:
لبيان تعريف الرضاع وأدلة مشروعيته يتطلب منا الأمر ان نقسم هذا المبحث إلى مطلبين يخصص الأول منهما لبيان تعريف الرضاع والثاني لبيان أدلة مشروعيته.
المطلب الأول: تعريف الرضاع:
الرضاع في اللغة (بفتح الراء وكسرها) اسمان لمصدر الفعل رضع يرضع رضعاً ويأتي بمعنى مص اللبن من الثدى أو شربه، فهو راضع ورضيع والجمع رُضَّع ، وأرضعتهُ أمه أي سقته اللبن من ثديها فهي مرضع ومُرضعة([4]).
أما في الاصطلاح فقد أورد الفقهاء للرضاع تعريفات عدة حيث عرفه الإمام ابن الهمام من الحنفية بأنه مص شخص اللبن من ثدي آدمية في وقت معلوم([5]).
وعرفه الإمام الشربيني الخطيب من الشافعية بأنه اسم لحصول لبن امرأة أو ما حصل منه في معدة طفل أو دماغه([6]).
وعرفه الإمام البهوتي من الحنابلة بأنه مص لبن ثاب([7]) في الحولين عن حمل من ثدي امرأة([8]).
وعرفهُ آخرون بما لا يخرج عن التعريفات السابقة([9]).
وعلى الرغم من اختلاف التعريفات السابقة من حيث الفاظ المستخدمة فيها إلا أنها جميعاً تدور حول معنى واحد وهو تناول الطفل اللبن من ثدي امراة سواء كانت أمه أم غيرها في مدة معينة([10]).
ويبدو الفرق بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي في النواحي التالية:
1ـ أن الرضاعة في المعنى اللغوي تنصرف إلى الصغير والكبير على حد سواء بخلاف المعنى الاصطلاحي اذ  ينصرف فيه الرضاعة الى الصغير دون الكبير([11]).
2 ـ أن الرضاعة في المعنى اللغوي تنصرف إلى تناول اللبن من ثدي المراة ومن ثدي غيرها، كتناوله من ثدي ناقة أو نعجة أو غير ذلك، بخلاف المعنى الشرعي فهو ينصرف إلى تناول اللبن من ثدي امرأة فقط سواء كانت هذه المرأة هي أم الصغير أم غيرها([12]).
3 ـ أن الرضاعة في المعنى اللغوي لا تتحدد بمدة معينة ، بخلاف المعنى الاصطلاحي إذ تتحدد فيه الرضاعة ـ كما سنبين ذلك ـ بمدةٍ معينة([13]).
4 ـ أن الرضاعة في المعنى اللغوي لا تشمل الحالة التي يحلب فيها اللبن في إناء ثم يتم تناوله وهو ما يسميه فقهاء الشريعة بالوجور، بخلاف المعنى الاصطلاحي فهو يشمل هذه الحالة، فالمعنى اللغوي هنا أخص من المعنى الاصطلاحي([14]).
وبناء على هذه الحالة الأخيرة يذهب بعض الفقهاء إلى القول بأن الرضاع الذي يثبت به التحريم هو الذي يتناول فيه الصغير اللبن عن طريق مص ثدي المراة مباشرة وبالتالي لا يثبتون التحريم في الحالة التي يتم فيها حلب اللبن في إناء ومن ثم تناوله([15])، وهو رأي منتقد إذ يذهب جمهور الفقهاء إلى خلافه حيث يثبتون التحريم بالرضاع بصورة مطلقة أي سواء تم عن طريق مص الثدي من قبل الصغير أو عن طريق حلبه في إناء وسقيه له([16])، وفي هذا المعنى يقول الإمام ابن قدامة المقدسي " يثبت التحريم بالوجور وهو أن يصب اللبن في حلقه لأنه ينشز العظم وينبت اللحم فأشبه الارتضاع، وبالسعوط وهو أن يصب في أنفه لأنه سبيل لفطر الصائم فكان سبيلاً للتحريم بالرضاع.."([17]).
ولم تعط قوانين الأحوال الشخصية تعريفاً معيناً للرضاع باعتباره حقاً من حقوق الطفل، وهو أمرٌ طبيعي إذ تترك هذه القوانين بصورة عامة مسألة وضع التعريفات للفقهاء، وهؤلاء بدورهم اقتبسوا تعريف هذا الحق من التعريفات التي وضعها فقهاء الشريعة ، فعرفوه بأنه "مص الرضيع اللبن من ثدي المرأة في زمنٍ معين"([18]).
المطلب الثاني : ادلة مشروعية الرضاع :-
حق الرضاع كما اشرنا من الحقوق المقررة لحفظ الصغير وحمايته من الضياع والهلاك. ولاهمية هذا الحق فقد وردت الادلة على مشروعيته في الشريعة الاسلامية ، وكذك في القوانين الوضعية، ولبيان ذلك سنقسم هذا المطلب الى فرعين يخصص الاول لبيان ادلة مشروعية الرضاع في الشريعة الاسلامية . فيما يخصص الثاني لبيان هذه الادلة  في القانون :

الفرع الاول : ادلة مشروعية الرضاع في الشريعة الاسلامية :
اقرته الشريعة الاسلامية للطفل بحق الرضاع، وعدته من الحقوق الاساسية المهمة التي تساعد في حمايته وبناء جسمه، وقد رودت الادلة على مشروعية هذا الحق في القران الكريم والسنة النبوية واجماع فقهاء المسلمين كما يقتضي العقل السليم بمشروعية هذا الحق:-

أولاً: الأدلة من القرآن الكريم:
وردت الادلة في القرآن الكريم على مشروعية وأهمية الرضاعة بالنسبة للصغير في النصوص التالية :
1 ـ قوله تعالى: (وَالْوَالِـدَتُ يُرْضِعْنَ أَوْلـدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ...)([19]). وبموجب هذه الاية جعل الشارع مدة الرضاعة التي تسحتق عنها الأم الأجرة عن ارضاع الصغير تكون في السنتين الأوليين من عمر الصغير([20]) وهي واضحة الدلالة على مشروعية الرضاعة.
2 ـ قوله تعالى: (فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى)([21])، وهذه الآية تدل أيضاً على مشروعية الرضاعة لحفظ الصغير، إذ تلزم الآية والد الصغير بدفع الأجرة لأم الصغير عند قيامها بارضاعه، وعند التعاسر بينهما على هذه الأجرة على الأب أن يستأجر امرأة أخرى تقوم بارضاع الصغير، ولو لم يكن الارضاع مشروعاً لما أوجب النص دفع الأجرة عنه.
ثانياً ـ الأدلة من السنة النبوية:
ورد في السنة النبوية عدد من الأحاديث التي تبين مشروعية الرضاع وتضع الأحكام الخاصة بهذا الحق ومن هذه الأحاديث:
1 ـ قوله (صلى الله عليه وسلم) "لا رضاع بعد الحولين"([22]) وهذا الحديث استدل به فقهاء الحنفية في قولهم أن مدة الرضاع التي تستحق عنها الأم الاجرة عن ارضاع الصغير هي سنتان، وهو واضح الدلالة على مشروعية الرضاعة([23]).
2 ـ قوله (صلى الله عليه وسلم) " لارضاع الا ما انشز العظم وأنبت اللحم"([24])، وهذا الحديث استدل به جمهور الفقهاء على أن مدة الرضاع حولين كاملين، وهي المدة التي يؤدي فيها الرضاع إلى انبات اللحم انشاز العظم([25]). وهو يدل أيضاً على مشروعية الرضاعة.
3 ـ قوله (صلى الله عليه وسلم) "لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء في الثدي وكان قبل الفطام"([26]) وبموجب هذا الحديث لا يكون الرضاع القليل سبباً" من أسباب التحريم وإنما الرضاع الذي يكون سبباً للتحريم وهو الذي يصل إلى الأمعاء ويؤدي إلى توسيعها ويكون قبل الفطام([27]) وفي هذا الحديث إيضاً دلالة على مشروعية الرضاعة وأهميتها للصغير.
ثالثاً ـ الدليل من الاجماع:
لا خلاف بين فقهاء الشريعة الإسلامية في مشروعية الرضاعة بالنسبة للصغير، إذ يتفق هؤلاء الفقهاء على وجوب أرضاع الصغير لحفظه من الهلاك، ويضعون الأحكام الخاصة بهذا الحق من حيث مشروعيته ، ومدى أهميته للصغير، وما يترتب عليه من آثار([28]).
4 ـ الأدلة من العقول:
يقضي العقل السليم بأهمية الرضاعة بالنسبة للصغير، ذلك لأن الصغير عندما يولد يكون غذاؤه الأساس هو اللبن، وبه يُبنى جسده ويقوى، وبدونه يتعرض للجوع والهلاك، لذا كان واجباً أن يتم أرضاعه حتى يصبح قادراً على تناول غير اللبن من الأغذية.
الفرع الثاني ـ أدلة مشروعية الرضاع في القانون:
تعد قوانين الأحوال الشخصية الرضاع من الحقوق المهمة والأساسية التي تثبت للطفل بعد ولادته ، ولهذه الأهمية فقد جاءت هذه القوانين بالعديد من النصوص التي تبين مشروعية هذا الحق وتؤكد على اهميته وتضع الأحكام الخاصة به ، ومن هذه القوانين:
أولاً ـ القانون العراقي:
عالج قانون الأحوال الشخصية العراقي حق الرضاع في الفصل الثاني من الباب السادس منه وذلك في مادتين هما المادة (55) والمادة (56) ، وبموجب هاتين المادتين عد المشرع العراقي الرضاع من الحقوق المهمة والمشروعة للصغير.
فقد نصت المادة (55) على أنه "على الأم أرضاع ولدها إلا في الحالات المرضية التي تمنعها من ذلك" فأوجبت هذه المادة على الأم ارضاع طفلها، ولا يعفيها من هذا الواجب إلا المرض وذلك بأن يشكل الارضاع خطراً على صحتها أو على صحة الطفل، واعفاء الأم في مثل هذه الحالات يقتضي وجود من تقوم بارضاع الصغير بدلاً عنها فإن لم توجد وتعرض الصغير للهلاك ألزمت الأم بارضاع الصغير وأن تضررت بذلك ما لم يؤدي بها هذا الضرر إلى الهلاك([29]).
وهنا يستعين القاضي بأهل الخبرة من الأطباء للموازنة بين الضرر الذي يصيب الأم من جراء الارضاع والضرر الذي يصيب الصغير من جراء الامتناع عنه، ومن ثم اختيار أخف الضررين.
والزمت المادة (56) المكلف بنفقة الصغير بدفع اجرة الرضاع للمرأة التي تقوم بإرضاع الصغير سواء كانت أمه أم غيرها واعتبرت هذه الأجرة مقابل غذاء الصغير([30])، فنصت هذه المادة على أن أجرة رضاع الولد على المكلف بنفقته ويعتبر ذلك مقابل غذائه".
وهكذا نجد أن المشرع العراقي بموجب هذين النصين عد الرضاع من الحقوق المشروعة والمهمة التي لا يمكن للصغير الاستغناء عنها.
ثانياً ـ القوانين العربية الأخرى:
تعتبر قوانين الأحوال الشخصية العربية هي الأخرى الرضاع من الحقوق المهمة والأساسية التي يحب للطفل بعد ولادته لذا فقد جاءت هذه القوانين بالعديد من النصوص التي تبين مشروعية هذا الحق وتؤكد على اهميته وتضع الأحكام الخاصة به ومن هذه القوانين([31])، القانون السوري([32]) والقانون الأردني([33]) والقانون المغربي([34]) والقانون التونسي([35]).
وهكذا يتضح لنا أن كلاً من فقهاء الشريعة الإسلامية وقوانين الأحوال الشخصية قد اتفقا على مشروعية حق الرضاع وأهميته للصغير وبناءً على ذلك وضعوا الأحكام الخاصة بهذا الحق.

المبحث الثاني
مدة الرضاع:
البحث في مدة الرضاع يتضمن الحديث عنها من ثلاث نواح:
الناحية الأولى: من حيث اعتبارها سبباً من أسباب التحريم، ويخرج الكلام عن مدة الرضاع من هذه الناحية عن إطار بحثنا فهو من المسائل التي تبحث عند الكلام عن المحرمات في الزواج.
الناحية الثانية : من حيث استحقاق الأم للأجرة عنها. وهو ما سنتناوله بالبحث عند الكلام عن أجرة الرضاع.
الناحية الثالثة: من حيث كونها حقاً للطفل ، وهو ما سنتناوله بالشرح والتفصيل في هذا المبحث في مطلبين يخصص الأول فهما لبحث مدة الرضاع في الشريعة الإسلامية والثاني لبحث هذه المدة في القانون.
المطلب الأول: مدة الرضاع في الشريعة الإسلامية:
نعني بمدة الرضاع من حيث كونها حقاً للطفل تلك المدة التي يحتاجها الطفل لبناء جسمه وفيها أيضاً يتعود على التحول من الرضاعة إلى تناول طعامٍ آخر غير اللبن، والتي تجبر فيها الأم على الارضاع ويجبر فيها الأب على دفع الأجرة عن هذا الارضاع.
ولم يتناول الفقهاء مدة الرضاع بوصفها حقاً للطفل بصورة مباشرة إلا أنهم تناولوا هذه المدة من حيث كونها المدة التي يعتبر فيها الطفل رضيعاً والتي إذا ما تم الارضاع خلالها كان سبباً من أسباب التحريم، وللتداخل بين الحالتين فإننا سنعرض آراء الفقهاء في هذا الجانب:
أولاً: اختلف فقهاء الحنفية فيما بينهم في تحديد هذه المدة على النحو التالي:
1 ـ حددها الإمام أبو حنيفة بثلاثين شهراً وفي هذا المعنى جاء في الفتاوى الهندية "ووقت الرضاع عند ابي حنيفة رحمه الله تعالى مقدر بثلاثين شهراً إذا ارتضع في هذه المدة تثبت الحرمة"([36]).
وقد استدل الإمام أبو حنيفة بقوله تعالى: (وَحَمْلُهُ وَفِصَـلُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا)([37]) فهو يرى أن الشارع قد ذكر في هذه الآية أمران هما الحمل والفصال وذكر لهما مدة واحدة وهي ثلاثون شهراً فكانت هذه المدة مضروبة لكل واحد من هذين الأمرين([38]).
2 ـ حددها صاحبا أبو حنيفة ـ أبي يوسف ومحمد ـ بسنتين استدلالاً بالأدلة التالية:
أ ـ قوله تعالى: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلـدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ)([39]) حيث جعل الشارع الحولين تمام مدة الرضاعة ، وليس وراء التمام شيء([40]).
ب ـ قوله تعالى: (وَفِصَـلُهُ فِي عَامَيْنِ)([41])، حيث جعلت الآية فطام الطفل يتم بعد السنتين الأوليين من عمره([42]).
ج ـ قوله تعالى: (وَحَمْلُهُ وَفِصَلُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا)([43])، وبموجب هذه الآية تكون مدة الرضاع سنتين لأن الفقهاء اتفقوا على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر فإذا ذهب للحمل هذه المدة يبقى للفصال عامين([44]).
د ـ قوله (صلى الله عليه وسلم): ((لا رضاع بعد الحولين))([45]) حيث جعل النبي (صلى

الله عليه وسلم) الرضاع الذي يثبت به التحريم هو الذي يتم في الحولين الأوليين من عمر الصغير([46]).
وبالاستناد إلى هذه الأدلة حدد الصاحبان مدة الرضاع بسنتين وفي هذا المعنى يقول الإمام الكاساني في بدائعه " وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى حولان لا يحرم بعد ذلك.. احتج أبو يوسف ومحمد بقوله والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ، جعل الله تعالى الحولين الكاملين تمام مدة الرضاع وليس وراء التمام شيء ، وبقوله تعالى وفصاله في عامين، وقوله عز وجل وحمله وفصاله ثلاثون".
ثانياً: ذهب الإمام مالك إلى القول بأن مدة الرضاع سنتان وشهر أو سنتان وشهران ، وفي هذا المعنى جاء في المدونة الكبرى "وإذا شرب اللبن كان ذلك عيشاً في الحولين وقرب الحولين فهو رضاع وإنما قال مالك الشهر والشهرين ذلك إذا لم ينقطع الرضاع عنه"([47]).
ثالثاً: ذهب فقهاء الشافعية([48]) والحنابلة([49]) والظاهرية([50]) والإمامية([51])، والزيدية([52]) إلى القول بأن مدة الرضاع سنتان من ولادة الطفل، حيث وافقوا برأيهم هذا رأي الصاحبين ـ أبي يوسف ومحمد ـ وفي هذا المعنى جاء في مغني  المحتاج من كتب الشافعية "جعل تمام الرضاعة من الحولين فأفهم بأن الحكم بعد الحولين بخلافه.."([53]).
وفي ذات المعنى جاء في المغني من كتب الحنابلة "ولنا قوله تعالى ((والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن اراد أن يتم الرضاعة)) فجعل تمام الرضاعة حولين فيدل على أنه لا حكم لما بعدهما"([54]).
وقد استدل هذا الجانب من الفقه على رأيهم بجعل مدة الرضاع سنتين بذات الأدلة التي استدل بها صاحبا أبي حنيفة([55]).
والرأي الراجح من بين الآراء السابقة هو الرأي الذي قال به جمهور الفقهاء والذي كما بينا حدد مدة الرضاع بالسنتين الأوليين من عمر الصغير وذلك للأدلة التي ساقها أنصار هذا الرأي.
وقد رجع الإمام أبي حنيفة عن رأيه في أن المدة المذكورة في قوله تعالى: (حمله وفصـله ثلاثون شهراً) "تشمل الحمل والفصال كل على حدة وذلك في باب ثبوت النسب حيث جعل هذه المدة لهما معاً([56])".
والهدف من تحديد مدة الرضاع بسنتين هو تحقيق مصلحة الصغير أذ في المدة يكون اللبن هو الغذاء الرئيسي للطفل وتكون معدته في هذه السن ضعيفة بحيث يصعب عليه الاكتفاء بطعام آخر غير اللبن([57]).
ولما كان المعتبر في تحديد هذه المدة هو مصلحة الصغير من هنا فإن تحديد هذه المدة بسنتين أمرٌ قابلٌ للزيادة والنقصان بحسب ما تقتضيه مصلحة الصغير فإذا بلغ الصغير السنتين ولازال يعتمد في غذائه على اللبن جاز تمديد هذه المدة لفترة أخرى، وإذا استغنى عن اللبن قبل تمام هذه المدة جاز النقصان عنها، وفي هذا المعنى يقول الإمام ابن حزم الظاهري في محلاه "فهذه الأخبار ترفع الاشكال وتبين مراد الله عز وجل في الآيات المذكورات أن الرضاعة التي تتم بتمام الحولين أو بتراضي الأبوين قبل الحولين إذا رأيا في ذلك اصلاحاً للرضيع انها هي الموجبة للنفقة على المرضعة والتي يجبر عليها الأبوان أحبا أم كرها، ولعمري لقد كان في الآية كفاية في هذا لأنه تعالى قال : (والولدات يرضعن أولـدهن حولين كاملين لمن اراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف) فأمر الله تعالى الوالدات بارضاع المولود عامين وليس في هذا تحريم الرضاعة بعد ذلك ولا أن التحريم ينقطع بتمام الحولين"([58]).
وقد حدد فقهاء الإمامية المدة التي يجوز انقاصها من الحولين بثلاثة أشهر وحددوا الزيادة بشهر وشهرين وفي هذا المعنى يقول الإمام العاملي "ويستحب للأم أن ترضعه طوال المدة المعتبرة في الرضاع وهي حولان كاملان لمن أراد أن يتم الرضاعة فإذا أرادا الاقتصار على أقل المجزي فإحدى وعشرون شهراً ولا يجوز نقصانه عنها، ويجوز الزيادة على الحولين شهر وشهرين خاصة"([59]).
المطلب الثاني: مدة الرضاع في القانون:
اختلفت قوانين الأحوال الشخصية في معالجتها لمدة الرضاع التي يعتبر الارضاع فيها حقاً للطفل، ولبيان ذلك سنقسم هذا المطلب إلى فرعين يخصص الأول لبيان مدة الرضاع في القانون العراقي ، والثاني لبيان مدة الرضاع في القوانين العربية.
الفرع الاول : مدة الرضاع في القانون العراقي:
لم ينص قانون الأحوال الشخصية العراقي على مدة الرضاع من حيث كونها حقاً من حقوق الطفل إلا أن المادة (55) من هذا القانون نصت على أنه "على الأم ارضاع ولدها إلا في الحالات المرضية التي تمنعها من ذلك" فأوجبت هذه المادة على الأم ارضاع ولدها دون أن تحدد ذلك بمدة معينة، وكان الأجدر بالمشرع العراقي أن يحدد هذه المدة بالسنتين الأوليين من عمر الطفل، آخذاً بالاتجاه الذي ذهب إليه  جمهور الفقهاء في هذا الشأن الذين حددوا هذه المدة كما أشرنا بسنتين من تاريخ ولادة الطفل.
ومن جانب آخر فإن تحديد هذه المدة على النحو الذي أشرنا إليه يتفق مع اتجاه محكمة التمييز في هذا الصدد،فمن خلال تتبع قرارات هذه المحكمة نجد أنها تحدد هذه المدة بالسنتين الأوليين من عمر الطفل حيث جاء في أحد قرارتها "يبقى الرضيع لدى أمه ولو تزوجت بأجنبي عنه ولا تنتقل حضانته إلى أبيه إلا بعد فطامه واكماله السنة الثانية من عمره"([60]).
ولنا على نص المادة (55) المشار إليه ملاحظة أخرى، فبموجب هذا النص تلزم الام بارضاع ولدها إلا في الحالات المرضية التي تمنعها من ذلك حيث حصر المشرع الحالات التي يجوز للأم فيها الامتناع عن ارضاع طفلها بالحالات المرضية وهو كما يبدو لنا أمر غير دقيق إذ أن هناك حالات أخرى لا تكون مرضية يجوز للأم فيها الامتناع عن ارضاع طفلها كما لو كان الصغير لا يقبل ثدي أمه أو غير ذلك من الحالات.
وبناء على ذلك نقترح إعادة صياغة المادة (55) المشار إليها لتكون صياغتها على النحو التالي "على الأم ارضاع ولدها في السنتين الأوليين من عمره إلا إذا كان هناك عذر مشروع يمنعها من ذلك".
الفرع الثاني ـ مدة الرضاع في القوانين العربية:
لم تتعرض أغلب قوانين الأحوال الشخصية لبيان لمدة التي يعتبر فيا الارضاع حقاً من حقوق الطفل باستثناء القانون الأردني الذي حدد هذه المدة بسنتين، وهو ما نص عليه في المادة (153) والتي جاء فيها "الأم أحق بارضاع ولدها ومقدمة على غيرها بأجرة المثل.. وتفرض الأجرة من تاريخ الارضاع إلى اكمال الولد سنتين إن لم يفطم قبل ذلك". وبذلك يكون المشرع الأردني قد أخذ  باتجاه جمهور الفقهاء في هذا الصدد.
ويبدو لنا أن عدم بيان قوانين الأحوال الشخصية للمدة التي يعتبر الارضاع فيها حق من حقوق الطفل يمثل نقصاً تشريعياً ، وذلك لأن تحديد هذه المدة يترتيب عليه أجكام أخرى، ومن ذلك مثلاً اجبار الأم على ارضاع الصغير خلال هذه المدة عند امتناعها عن ذلك دون أن يكون لها عذر مشروع.
من جانب آخر فإن عدم تحديد هذه المدة يجعل القاضي مضطراً للرجوع إلى الأحكام التي قررها فقهاء الشريعة في هذا الصدد، وهذه الأحكام ـ كما بينا ـ مختلفة إذ لم يتفق الفقهاء على تحديد لهذه المدة.


المبحث الثالث

 تكييف الرضاع:
لما كان الرضاع من الحقوق المهمة التي تثبت للطفل بعد ولادته. فإن فقهاء الشريعة الإسلامية قد اختلفوا في تكييف هذا الحق بالنسبة للأم هل هو التزام عليها بحيث أنها تجبر عليه في حالة امتناعها عنه دون أن يكون لها في ذلك الامتناع عذر مشروع، أم أنه حق لها بحيث أنها تستطيع استعمال هذا الحق فترضع صغيرها، وتستطيع في نفس الوقت ترك هذا الحق فلا ترضعه ،وكذلك اختلفت قوانين الأحوال الشخصية في حكم هذه المسألة، ولبيان ذلك فإننا سنقسم هذا المبحث إلى مطلبين يخصص الأول منهما لبيان التكييف الشرعي للرضاع، ونبين في الثاني التكييف القانوني له.

المطلب الأول ـ تكييف الرضاع في الشريعة الإسلامية

اختلف فقهاء الشريعة الإسلامية كما أشرنا في تكييف الرضاع هل هو حق للأم أم هو التزام عليها([61])، فلهم في هذه المسالة الاراء التالية:-
أولاً: ذهب جمهور الفقهاء إلى القول بأن الرضاع حق للأم فهي لا تجبر على ارضاع طفلها إلا في الحالات التي تتعين فيها لذلك، وهي الحالات التي لا يمكن فيها ارضاع الصغير إلا منها ، وهذا ما ذهب إليه فقهاء الحنفية([62]) والحنابلة([63]) والإمامية([64]) والزيدية([65]).
وفي هذا المعنى يقول الإمام السرخسي في مبسوطه "وإن أبت أن ترضع لم تكره على ذلك لأن المستحق عليها بالنكاح تسليم النفس إلى الزوج للاستمتاع وما سوى ذلك من الأعمال تؤمر به تديناً ولا تجبر عليه في الحكم نحو كنس البيت وغسل الثياب والطبخ والخبز فكذلك ارضاع الولد"([66]).
وقد حدد هؤلاء الفقهاء الحالات التي تتعين فيها الأم للارضاع بالحالات الثلاثة التالية:
1 ـ إذا لم يكن هناك امراة أخرى غير الأم تقبل ارضاع الصغير .
2 ـ إذا كان الصغير لا يقبل سوى ثدي أمه بحيث يمتنع عن الرضاعة من غيره.
3 ـ إذا كان الأب معسراً ليس لديه من المال ما يستأجر به مرضعة للصغير ولا توجد من تتبرع بارضاعه([67]).
ففي هذه الحالات الثلاث تكون الأم قد تعينت لارضاع الصغير وبالتالي أصبح الرضاع واجباً عليها ولا يجوز لها الامتناع عنه لأن الامر دخل في حيز الضرورة والضرورات كما هو معروف تقدر بقدرها.
أما في غير هذه الحالات فإن الارضاع يعتبر حقا للأم بحيث تستطيع استخدامه فترضع الصغير كما أن لها أن تمتنع عن ذلك([68]).
ويستدل الفقهاء على قولهم بعدم وجوب الارضاع على الأم قضاء إلا في الحالات التي تتعين فيها بأدلة نقلية منها قوله تعالى: (وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى)([69]). ، فبموجب هذه الآية إذا اختلف الزوج مع زوجته في أجرة الرضاع فإن للأب أن يسترضع لولده مرضعة أخرى غير أمه ولو كان الارضاع واجباً على الأم لما أمكن القول بذلك، ومنا أيضاً قوله تعالى: (لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا)([70]) فبموجب هذه الآية لا تجبر الام على ارضاع الصغير إذا كان في ذلك ضرر يصيبها، ولو كان الرضاع واجباً على الأم لما أمكن القول بذلك، كما استدلوا أيضاً بأدلة عقلية منها أن ارضاع من النفقة والنفقة على الأب وحده فلا يكون له اجبار الأم على الارضاع([71]).
ثانياً : ورد عن الإمام مالك في هذه المسألة روايتان، الأولى أن الأم تجبر على ارضاع ولدها قضاء عند الامتناع عن ذلك مستدلا على رأيه هذا بقوله تعالى: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلـدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ) فهذه الآية من الأخبار التي مفهومها الأمر، أما الرواية الثانية وهي المشهورة عن الإمام مالك فمفادها وجوب مراعاة العرف والعادة في هذه المسألة، فإذا كان العرف والعادة يجبريان على هذه المرأة ترضع أولادها أجبرت على ذلك، أما إذا كان العرف والعادة لا يجريان على ذلك فإنها لا تجبر، فالعرف والعادة هما الأساس في وجوب الارضاع من عدمه، وفي هذا المعنى جاء في المدونة الكبرى "سألت مالكاً عن المرأة ذات الزوج أيلزمها ارضاع ابنها (قال) نعم يلزمها رضاع ابنها على ما أحبت أو كرهت ألا أن تكون ممن لا تكلف ذلك قال فقلت ومن التي لا تكلف ذلك قال المرأة ذات الشرف واليسار الكثير التي ليس مثلها ترضع وتعالج الصبيان"([72]).
ثالثاً: فرق فقهاء الظاهرية في هذه المسألة بين المرأة التي في حبال الزوجية، والمرأة المطلقة ، فاعتبروا الارضاع واجباً على الأم إذا كانت في حبال الزوجية أحبت ذلك أم كرهت، أما المطلقة فاعتبروا الارضاع حقاً لها بحيث تستطيع أن ترضع ولدها كما تستطيع أن تمتنع عن ذلك، وفي هذا المعنى يقول الإمام ابن حزم في محلاه "والواجب على كل والدة حرة كانت أو أمة في عصمة زوج أو ملك سيد.. أن ترضع ولدها أحبت ذلك أم كرهت ولو أنها بنت الخليفة وتجبر على ذلك إلا ان تكون مطلقة، فإن كانت مطلقة لم تجبر على ارضاع ولدها من الذي طلقها إلا ان تشاء هي فلها ذلك أحب أبوه أم كره"([73]).
وقد استدل الإمام ابن حزم على رأيه هذا بقوله تعالى: (والوالدات يرضعن أولدهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة) فهذه الآية جاءت بصيغة أمر للأمهات بارضاع أولادهن وقد أخرج الشارع الأم المطلقة من عموم هذه الاية في قوله تعالى: (فإن ارضعن لكم فأتوهن أجورهن واتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى) فجعل الله سبحانه وتعالى الخيار للأم بعد الطلاق في الارضاع من عدمه"([74]).
وينتقد الإمام ابن حزم الظاهري ما ذهب إليه الإمام مالك من القول بوجوب تمييز الشريفة ذات الحسب والنسب عن غيرها فيقول "واختلف فيه عن مالك فمرة قال مثل قولنا ومرة قال الشريفة لا تجبر على ذلك، وهذا قول في غاية الفساد لأن الشرف هو التقوى ، فرب هاشمية أو عبشمية بنت خليفة تموت هزلاً ورب زنجية أو بنت غية صارت حرمة ملك أو أمه"([75]).
ويبدو لنا أن الرأي الراجح هو كون الارضاع واجب على الأم بحيث تجبر عليه قضاءً في حالة امتناعها إلا في الحالات التي يكون لها عذر مشروع يمنعها من ذلك، ونستدل على رأينا هذا بالأدلة التالية:
1 ـ قوله تعالى: (والولدات يرضعن أولـدهن حولين كاملين...) فهذا النص نص عام موجه إلى الأمهات بصيغة الأمر بوجوب ارضاع أولادهن.
2 ـ اجمع الفقهاء على أن الرضاع واجب على الأم ديانةً بحيث تكون آثمة إذا تركته دون عذر مشروع، والإثم لا يكون إلا بترك الواجب.
3 ـ قوله تعالى: (...لا تضار والدة بولدها...) لا ينصرف إلى الضرر الذي يصيب الأم بسبب ارضاع ولدها، وإنما ينصرف إلى الضرر الذي يصيبها من جراء الانفاق على ارضاع الصغير ، كما يتمكن حمله أيضاً على الضرر  الذي يصيبها من جراء اجبارها على الارضاع سواء بصورة مباشرة كما لو كانت مريضة تتأذى من الارضاع، أو بصورة غير مباشرة كما لو كان لبنها يضر بالصغير أو لم يكن لها لبن أصلاً فمثل هذا الضرر الذي يصيب الصغير بصورة مباشرة ينعكس أثره على الأم بصورة غير مباشرة.
4 ـ أما ما ذهب إليه الإمام مالك من وجوب مراعاة العرف والعادة في هذه المسألة ، فيبدو لنا أنه لا مجال لأعمال العرف والعادة هنا وذلك للمعاني التي يحققها ارضاع الأم لولدها من الناحية النفسية والصحية والاجتماعية، إذ أن الأم أحن الناس على طفلها وأعطفهم عليه وأعرفهم بحاجاته ، ولبنها أنفع له من لبن غيرها وأصح، وهذه الأمور لا تتأثر بالأعراف والعادات، ومن هنا امتنع القول بوجوب مراعاة العرف والعادة.
المطلب الثاني: تكييف الرضاع في القانون:
اختلفت قوانين الأحوال الشخصية في تكييفها للرضاع هل هو حق للأم أم هو واجب عليها ولبيان ذلك نقسم هذا المطلب إلى فرعين يخصص الأول لتكييف الرضاع في القانون العراقي والثاني لتكييفه في القوانين العربية .

الفرع الأول ـ تكييف الرضاع في القانون العراقي:
عد قانون الأحوال الشخصية العراقي الارضاع واجباً على الأم من حيث الأصل، وسواء كانت زوجة لأبي الصغير أو مطلقة، إلا أنه أورد على هذا الأصل استثناءً معيناً يتمثل بعدم الزام الأم بالارضاع في الحالات المرضية التي تمنعها من ذلك([76]). وهذا ما نصت عليه المادة (55) والتي جاء فيها "على الأم ارضاع ولدها إلا في الحالات المرضية التي تمنعها من ذلك".
وقد سبق لنا الإشارة إلى أن حصر المشرع للحالات التي يجوز للأم فيها الامتناع عن ارضاع طفلها على الحالات المرضية أمر غير دقيق ، واقترحنا تعديل هذا النص بحيث يصبح للأم الحق بالامتناع عن ارضاع الصغير متى ما كان لها عذر مشروع يمنعها من ذلك وسواء كان هذا العذر مرضاً أم غير مرضي.
الفرع الثاني ـ تكييف الرضاع في القوانين العربية:
لم تتعرض أغلب قوانين الأحوال الشخصية العربية لتكييف االرضاع من حيث كونه حقاً للأم أم واجباً عليها. ومن هذه القوانين القانون المصري والقانون السوري والقانون المغربي والقانون التونسي، في حين عالج القانون الأردني حكم هذه المسألة فعد الارضاع حقاً للأم من حيث الأصل فلها الامتناع عنه ولا تجبر عليه قضاء إلا انه استثنى من هذا الأصل عدد من الحالات التي تتعين فيها الأم للارضاع فتجبر عليه وحدد هذه الحالات بالحالات التالية:
1 ـ إذا لم يكن للولد ولا لأبيه مال يستأجر به مرضعة ولا توجد من تتبرع بالارضاع.
2 ـ إذا لم يجد الأب مرضعة غير الأم.
3 ـ إذا كان الصغير لا يقبل غير ثدي الأم.
وهذا ما نص عليه المشرع الأردني في المادة (150) والتي جاء فيها "تتعين الأم لارضاع ولدها وتجبر على ذلك إذا لم يكن للولد ولا لأبيه مال يستأجر به مرضعة ولم توجد متبرعة أو إذا لم يجد الأب من ترضعه غير أمه أو إذا كان لا يقبل ثدي غيرها".
وبذلك يكون المشرع الأردني قد وافق الاتجاه الذي ذهب إليه جمهور فقهاء الشريعة الذين كما أشرنا قالوا بعدم وجوب الارضاع على الأم إلا في الحالات التي تتعين فيها لذلك.


المبحث الرابع ـ أجرة الرضاع:
أجرة الرضاع عبارة عن مبلغ من المال يدفعه المسؤول عن نفقة الصغير إلى المراة التي تقوم بارضاعه سواء كانت الأم أم غيرها. وقد نص عليها القرآن الكريم في قوله تعالى: (وَإِنْ كُنَّ أُولَـتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى)([77]).
وقد وضع فقهاء الشريعة الإسلامية بعض الأحكام الخاصة بأجرة الرضاع كما فعلت ذلك قوانين الأحوال الشخصية ولبيان ذلك فإننا سنقسم هذا المبحث إلى مطلبين يخصص الأول منهما للكلام في الأحكام الخاصة بأجرة الرضاع في الشريعة الإسلامية فيما يخصص الثاني للكلام في هذه الأحكام في قوانين الأحوال الشخصية:
المطلب الأول ـ أجرة الرضاع في الشريعة الإسلامية:
تناول فقهاء الشريعة الإسلامية بالبحث الأحكام الخاصة بأجرة الرضاع حيث بينوا من تجب عليه هذه الأجرة والحالات التي تجب فيها، ومدة الرضاع التي تجب فيها، والشخص المسؤول عنها، ونخصص لبيان حكم كل حالة فرعاً مستقلاً:

الفرع الأول ـ المسؤول عن أجرة الرضاع:
من الأمور المقررة فقهاً أن نفقة الصغار تكون على أبيهم ، وهذا الأمر يعد من العبادات المهمة التي يتقرب بها الإنسان إلى خالقه، وفي هذا يقول النبي (صلى الله عليه وسلم) ((أن أول ما يوضع في ميزان العبد نفقته على أهله))([78]).
فيجب على الإنسان أن ينفق على أولاده بالقدر الذي يدفع عنهم الأذى وبما يحقق لهم الكفاية في ذلك ويدخل ضمن هذه النفقة أجرة الرضاع للمرأة التي تقوم به سواء كانت هذه المرأة أماً للصغير أم كانت غيرها([79]).
وأجرة الرضاع تكون واجبة من حيث الأصل في مال الأب إذا كان موسراً ولم يكن للصغير مال، أما إذا كان للصغير مال فإن الأجرة تكون واجبة في ماله سواء كان الأب موسراً أم معسراً([80])، وإذا كان كل من الأب والصغير معسراً لا مال له فإن أجرة الرضاع تنتقل إلى من تجب عليه نفقة الصغير من الأقارب([81]).
وفي حالة وفاة الأب ولم يكن للصغير مال فان أجرة الرضاع تنتقل إلى الأقارب من الورثة كل بحسب حصته من الميراث لقوله تعالى: (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلا وُسْعَهَا لا تُضَارَّ وَلِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذلك ...)([82])، فتجب أجرة الرضاع بموجب هذا النص على الورثة رجالاً كانوا أم نساءً كلٌ بحسب ميراثه من والد الصغير([83]).
وإذا توفي الأب ولم يكن له وارث ولم يكن للصغير مال فإن أجرة الرضاع تكون واجبة على الأم أن كانت موسرة وإن لم تكن وارثة ، فإذا توفيت الأم بعد وفاة الأب الذي لا وارث له فإن أجرة الرضاع تكون واجبة في بيت المال، وفي هذا المعنى يقول الإمام ابن حزم الظاهري "فإن ماتت أو مرضت أو أضر به لبنها أو كانت لا لبن لها ولا مال فارضاعه على بيت المال"([84]).
الفرع الثاني ـ الحالات التي تجب فيها أجرة الرضاع:
فرق الفقهاء في مسألة وجوب الأجرة عن الارضاع للأم بين الحالة التي تكون فيها الأم لا تزال في حبال الزوجية بأن تكون زوجة حقيقية أو معتدة من طلاق رجعي أو بائن ، والحالة التي تكون فيها الأم خارج حبال الزوجية وذلك بعد انتهاء عدتها من الطلاق الرجعي أو البائن حسب التوضيح التالي:
أولا : إذا كانت الأم في حبال الزوجية :
اختلف الفقهاء حول مدى استحقاق الأم للأجرة عن الرضاع إذا كانت لا تزال في حبال الزوجية على النحو التالي:
1 ـ ذهب فقهاء الحنفية إلى القول بأن الأم لا تستحق أجرة عن ارضاع ولدها في حال قيام الزوجية بينها وبين زوجها، وهي لا تستحق هذه الأجرة حتى لو كان الأب قد استأجرها لارضاع الولد، وذلك لأنه في حال قيام الزوجية يعتبر الارضاع من الأمور الواجبة على الأم ديانة  فهي لا تستحق عنه أجرة، وفي هذا المعنى يقول الإمام السرخسي في مبسوطه "وهذا بخلاف حال قيام النكاح بينهما فإنها لا تستوجب الأجر على ارضاع الولد وأن استأجرها عندنا لأن في حال بقاء النكاح الرضاع من الأعمال المستحقة عليها ديناً"([85]).
وإلى مثل هذا الرأي ذهب فقهاء الظاهرية ، فقد جاء في المحلى "فإن كانت في عصمة الأب بزواج صحيح أو ملك يمين فعلى الوالد نفقتهما وكسوتهما فقط كما كان قبل ذلك ولا مزيد"([86]) ويعني بذلك أن الأم لا تستحق زيادة في النفقة بسبب الارضاع.
2 ـ ذهب فقهاء المالكية إلى التفرقة بين المرأة ذات الشرف التي لم تجر عادة النساء من أمثالها على ارضاع أولادهن وبين تلك التي لا يتحقق فيها مثل هذا الوصف فأوجبوا الأجرة للأولى دون الثانية وفي هذا المعنى جاء في المدونة الكبرى  "قال مالك عليها ارضاع ولدها منه على ما أحبت أو كرهت إلا أن تكون امرأة ذات شرف.. فقلنا لمالك فعلى أبيه أن يغرم اجرة الرضاع قال نعم إذا كانت كما وصفت"([87]).
3 ـ للإمام أحمد ابن حنبل في هذه المسألة قولان: أحدهما أن أم الصغير تستحق الأجرة عن ارضاع ولدها مطلقا أي سواء كانت زوجة او مطلقة، والثاني يوافق ما ذهب إليه فقهاء الحنفية وفيه أن الأم تستحق الأجرة عن ارضاع ولدها إن كانت مطلقة، ولا تستحق هذه الأجرة إذا كانت الزوجية بينها وبين زوجها لا تزال قائمة، وفي هذا المعنى يقول الإمام النجدي من الحنابلة" ولها طلب أجرة المثل لرضاع ولدها ولو أرضعه غيرها مجانا لأنها أشفق من غيرها ولبنها أمر بائناً كانت أم الرضيع في الأحوال المذكورة أوفختة) .. لعموم قوله تعالى : فإن ارضعن لكم فاتوهن أجورهن"([88]).
4 ـ يرى فقهاء الشافعية أن الأم إذا أرضعت صغيرها فإنها تستحق الأجرة مقابل ذلك لكنهم يرون أن هذه الأجرة لا تدخل ضمن النفقة الواجبة للزوجة  على زوجها بحيث لا يؤدي الارضاع إلى زيادة هذه النفقة، وإنما تكون الأجرة منفصلة عن النفقة، وفي هذا المعنى جاء في حاشية البجيرمي "ولا تزاد نفقتها للارضاع، أي لا تزاد نفقتها التي تستحقها بسبب الزوجية لأجل الارضاع  لأنها إنما تستحق في مقابله أجرة لا مؤونة"([89]).
5 ـ ذهب فقهاء الإمامية إلى القول بأن الأم تستحق الأجرة عن ارضاع ولدها خلال فترة السنتين لروليين من عمره فقط، فإذا أرضعته بعد ذلك فإنها لا تستحق أجرة عن المدة الزائدة ولم يفرقوا في هذا الحكم بين الزوجة والمطلقة، وفي هذا المعنى يقول الإمام العاملي "ويستحب للأم أن ترضعه طوال المدة المعتبرة في الرضاع وهي حولان كاملان.. ويجوز الزيادة على الحولين شهرا وشهرين خاصة لكن لا تستحق المرضعة على الزائد أجرة"([90]).
6 ـ ذهب فقهاء الزيدية إلى القول بأن الأم تستحق الأجرة عن ارضاع ولدها مطلقا أي سواء كان زوجة لأبي الصغير أو كانت مطلقة، وفي هذا المعنى جاء في البحر الزخار "وعلى الأم ارضاع لبنها([91]) ثلاثة أيام أو سبعا.. ولا يلزمها ما زاد إلا بأجرة"([92]).
وبهذا الرأي يوافق فقهاء الزيدية أحد الرأيين اللذين قال بهما الإمام أحمد ابن حنبل.
ويبدو لنا بعد عرض آراء الفقهاء أن الرأي الذي قال به فقهاء الحنفية والظاهرية من أن الأم لا تستحق اجرة عن الارضاع حال قيام الزوجية بينها وبين زوجها هو الرأي الأصوب، وذلك لأن الارضاع من الأمور الواجبة على الأم ديانةً فهي لا تستحق عليه الأجرة، كما أن الأم تستحق النفقة حال قيام الزوجية ويدخل في هذه  النفقة غذاء الصغير فلا موجب لفرض نفقة جديدة لها عن الارضاع، لأنها بذلك تجمع بين نفقتين عن فعل واحد وهو أمرٌ غير مقبول ، ولأن في هذاالأمر اضرار بوالد الصغير إذ يؤدي الزامه بدفع نفقتين عن فعل واحد وقد قال تعالى (...لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده...)([93]).
ثانياً ـ إذا كانت الأم خارج حبال الزوجية:
لا خلاف بين فقهاء الشريعة الإسلامية في أن الأم تستحق الأجرة عن ارضاع ولدها إذا كان العلاقة الزوجية قد انقطعت بينها وبين زوجها بالطلاق او الوفاة، مستدلين على ذلك بقوله تعالى: (وإن كن أولات حمل فانفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فإن ارضعن لكم فاتوهن أجورهن واتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى).
فهذه الآية الزمت الأزواج باعطاء مطلقاتهم الأجرة عن الرضاع الواقع بعد الطلاق([94]).
الفرع الثالث ـ المدة التي تجب فيها أجرة الرضاع:
بينا فيما تقدم الحالات التي تستحق فيها الأم الأجرة عن ارضاع ولدها، ولا خلاف بين الفقهاء في أن الأم لا تستحق الأجرة عن الارضاع في مثل هذه الحالات إلا عن السنتين الأوليين من عمر الصغير، وفي هذا المعنى يقول الإمام الكاساني في بدائعه ".. أن الأم المطلقة إذا طلبت الأجر بعد الحولين ولا ترضع بلا أجر، لم يجبر الأب على أجر الرضاع فيما زاد على الحولين"([95]).
وبناءً على ذلك إذا لم يستغن الصغير بعد تمام الحولين بالطعام عن الرضاع واستمرت الأم في ارضاعه ، فإنه لا يحق لها المطالبة بأجرة الرضاع فيما زاد على الحولين، ويبدو لنا أن الفقهاء قالوا بعدم استحقاق الأم المطلقة للأجرة عن ارضاع ولدها إلا في السنتين الأوليين من عمره للسببين التاليين:
1 ـ دفع الأم على تعويد طفلها على تناول الأغذية الأخرى غير اللبن الأمر الذي يساعد على بناء جسمه البناء الصحيح.
2 ـ مراعاة مصلحة الأب المالية بعدم الزامه بدفع الأجرة عن الارضاع لفترة طويلة الأمر الذي قد يؤدي إلى الاضرار به وقد قال تعالى: (..لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده...).
وتستحق الأم الأجرة عن هذه الفترة سواء تم الاتفاق على مقدارها أم لم يتم لأن الشارع جعل استحقاقها للأجرة مترتبا على الارضاع لا على الانفاق، من جانبٍ آخر فإن قيام الأم بارضاع طفلها دون أن تتفق مع زوجها على الأجرة لا يكون دليلاً على أنها متبرعة فيه لأن شفقتها تدفعها لارضاع طفلها ولا تتركه جائعاً حتى تتفق مع الزوج على الاجرة، وإذا لم يتم الاتفاق على مقدار الأجرة كان للأم أجرة المثل([96]).
ومتى استحقت الأم أجرة الرضاع أصبحت واجبة لها دون أن يتوقف ذلك على وجود عقد بينها وبين الأب، وتصبح هذه الاجرة من الديون الصحيحة التي لا تسقط إلا بالأداء والابراء أو بالتصالح عليها ولا تسقط بموت الأب أو موت الصغير ولا تسقط كذلك بموت الأم ، إذ يستطيع ورثتها المطالبة بها بعد موتها([97]).
وإذا طلبت الأم ارضاع طفلها مجاناً فضلت على غيرها، وإذا طلبت اجرة معينة وطلبت امرأة أخرى نفس الأجرة فضلت الأم أيضاً ، أما إذا طلبت الأم أجرة أعلى من غيرها أو كانت هذه الغير متبرعة فضلت على الأم([98]).
المطلب الثاني ـ أجرة الرضاع في القانون:
عالجت قوانين الأحوال الشخصية الأحكام الخاصة بأجرة الرضاع من حيث بيان من تجب عليه هذه الأجرة والحالات التي تجب فيها ومدة الرضاع التي تجب فيها هذه الأجرة، ولبيان هذه الأحكام سنقسم هذا المطلب إلى فرعين يخصص  الأول لبيان الأحكام الخاصة بأجرة الرضاعة من القانون العراقي والثاني لبيان هذه الأحكام في القوانين العربية.
الفرع الأول ـ أجرة الرضاع في القانون العراقي:
عالج قانون الأحوال الشخصية العراقي الأحكام الخاصة بأجرة الرضاع في المادة (56) والتي تنص على ان "أجرة رضاع الولد على المكلف بنفقته ويعتبر ذلك مقابل غذائه" وبموجب هذه المادة تكون أجرة الرضاع واجبة على المكلف بنفقة الصغير ولما كان الأب هو المكلف بنفقة الصغير في حال يساره فإن أجرة الرضاع تكون واجبة في ماله، وفي حال عسر الأب تنتقل النفقة إلى من تجب عليه نفقة الصغير بعد الأب([99]).
ويجب أن يلاحظ في هذا الصدد نص الفقرة (1) من المادة (59) والتي تنص على أنه "إذا لم يكن للولد مال فنفقته على أبيه ما لم يكن فقيراً عاجزاً عن الكسب".
ويفهم من هذا النص أن أجرة الرضاع لا تكون واجبة على الأب إلا إذا لم يكن للصغير مال فإذا كان للصغير مال كانت أجرة رضاعه واجبة في ماله، وهو ما يفهم أيضا من نص المادة (58) والتي جاء فيها نفقة كل إنسان واجبة في ماله إلا الزوجة فنفقتها على زوجها".
وقد اشارت المادة (56) إلى كون هذه الأجرة مقابل غذاء الصغير، وبيان ذلك أن النفقة ثلاثة أنواع نفقة للغذاء وأخرى للملبس وثالثة للمسكن فأجرة الرضاع تكون مقابل غذائه([100]).
ويلاحظ أن المادة (56) المشار إليها أوجبت الأجرة للأم مقابل ارضاعها للصغير، ولم تفرق في هذا الصدد بين ما إذا كانت الزوجية بين الأب والأم قائمة أم منتهية ويبدو لنا أنه كان الأفضل أن يأخذ المشرع العراقي في هذا الصدد بالرأي الذي ذهب إليه جمهور فقهاء الشريعة من أن الأم لا تستحق الاجرة عن ارضاع الصغير إذا كانت الحياة الزوجية بينها وبين زوجها لا تزال قائمة، بخلاف ما إذا كانت الحياة الزوجية بينهما قد انتهت بانتهاء العدة من الطلاق الرجعي او البائن أو الوفاة، وذلك لأنه في الحالة الأولى تكون نفقة الزوجة واجبة على زوجها على أساس الزوجية، ويدخل ضمن هذه النفقة أجرة الرضاع، فلا يجوز للزوجة الجمع بين نفقتين عن فعل واحد أما في الحالة الثانية فإنه بانتهاء الحياة الزوجية بين الزوجين فإن نفقة الزوجة لا تكون واجبة على الزوج فهي تستحق الأجرة عن ارضاعها الصغير.
وهكذا فإننا نقترح إضافة فقرة ثانية إلى المادة (56) لتكون صياغتها على النحو التالي: "أ ـ أجرة رضاع الولد على المكلف بنفقته ويعتبر ذلك مقابل غذائه، ب ـ لا تستحق الأم أجرة عن ارضاع ولدها حال قيام الزوجية وفي عدة الطلاق رجعياً كان أم بائنا".
من ناحية أخرى يلاحظ أن المادة (56) المشار إليها لم تتعرض لبيان المدة التي تستحق فيها الأم الأجرة عن ارضاعها للصغير الأمر الذي يتطلب من القاضي الرجوع إلى الأحكام التي قررها الفقهاء في هذا الصدد.
الفرع الثاني ـ أجرة الرضاع في القوانين العربية :
عالجت قوانين الأحوال الشخصية العربية أجرة الرضاع على النحو التالي:
أولاً ـ القانون المصري:
لم يتعرض قانون الأحوال الشخصية المصري رقم (25) لسنة (1929) للأحكام الخاصة بالرضاع وكذلك لم تتعرض التعديلات التي أجريت على هذا القانون لهذا الأمر، ونعني بذلك القانون رقم (44) لسنة (1979) والقانون رقم (100) لسنة (1985) ، لذا كان على القاضي الرجوع للأحكام التي قررها الفقهاء في هذا الصدد، وهو في رأينا نقص تشريعي وذلك لعدم اتفاق الفقهاء على الأحكام الخاصة بهذا الشان.
ثانياً ـ القانون السوري:
تناول القانون السوري الأحكام الخاصة باجرة الرضاع في المواد (152) و(153) ، حيث نصت الفقرة الأولى من المادة (152) على أنه "أجرة رضاع الولد سواء كان الرضاع طبيعياً أم اصطناعيا على المكلف بنفقته ويعتبر ذلك مقابل غذائه"([101]).
وبموجب هذا النص يلزم المكلف بالانفاق على الصغير سواء كان الأب أم غيره بدفع أجرة الرضاع للمراة التي تقوم بارضاعه سواء كانت الأم أم غيرها، وهذه النفقة تكون مقابل غذاء الصغير.
وتناولت الفقرة الثانية من المادة (152) الحالات التي تستحق فيها الأم أجرة الرضاع فنصت على أنه "لا تستحق الأم أجرة الرضاع حال قيام الزوجية أو في عدة الطلاق الرجعي".
وبموجب هذا النص لا تستحق الأم أجرة عن ارضاعها لولدها في حالة قيام الحياة الزوجية بينها وبين زوجها وكذلك إذا كانت في عدة الطلاق الرجعي. أما إذا كانت الزوجة في عدة الطلاق البائن أو كانت قد انتهت عدتها من الطلاق الرجعي او البائن فإنها تستحق الأجرة عن ارضاع ولدها. ولنا على نص هذه الفقرة ملاحظة تتعلق بالتفرقة بين المعتدة من طلاق رجعي والمعتدة من طلاق بائن من حيث استحقاق الأجرة عن الرضاع، إذ يوجب نص هذه الفقرة أجرة الرضاع للمعتدة من طلاق رجعي بخلاف المعتدة من طلاق بائن، وهي حسب رأينا تفرقة لا موجب لها وذلك لأن المعتدة من طلاق بائن تستحق النفقة من زوجها كما هو حال المهتدة من طلاق رجعي فإذ أوجبنا لها أجرة عن الرضاع نكون قد حكمنا لها بنفقتين عن فعل واحد وهو أمرٌ غير مقبول.
وتناولت المادة (153) حكم التبرع بالرضاع حيث نصت على أنه "المتبرعة أحق بالارضاع أن طلبت الأم أجرة وكان الأب معسراً على أن يكون الارضاع في بيت الأم" .
وبموجب هذا النص إذا كانت الأم قد طلبت أجرة عن ارضاع الصغير، وكان الأب معسراً وكان  هناك من تتبرع بارضاعه فان المتبرعة تكون أحق من الأم بالارضاع بشرط أن يتم ارضاع الصغير في بيت أمه([102]).
ثالثا ـ القانون الأردني:
تناول قانون الأحوال الشخصية الأردني الأحكام الخاصة بأجرة الرضاع في المواد (152) و(153) ، وقد جاءت هذه المواد بنصوصٍ لا تختلف كثيراً عن النصوص التي جاء بها القانون السوري في هذا الشأن فنصت المادة (152) على أنه "لا تستحق ام الصغير حال قيام الزوجية أو في عدة الطلاق الرجعي أجرة على ارضاع ولدها وتستحقها في عدة الطلاق البائن وبعدها".
ونلاحظ على هذه المادة ما لاحظناه على نص المادة (153) من القانون السوري من التفرقة بين المعتدة من طلاق رجعي والمعتدة من طلاق بائن من حيث استحقاق الأجرة عن الارضاع.
ونصت المادة (153) على ان "الأم أحق بارضاع ولدها ومقدمة على غيرها بأجرة المثل المتناسبة مع حال المكلف بنفقته ما لم تطلب أجرة أكثر ففي هذه الحالة لا يضار المكلف بالنفقة وتفرض الأجرة من تاريخ الارضاع إلى اكمال الولد سنتين إن لم يفطم قبل ذلك".
وبموجب هذا النص تكون الأم احق من غيرها بارضاع الصغير إذا طلبت أجرة المثل بما يتناسب مع حال المكلف بالنفقة ، أما إذا طلبت أكثر من أجرة المثل ففي هذه الحالة تقدم غيرها عليها وتفرض لها هذه الأجرة من تاريخ ارضاعها للصغير إلى حين اكماله سنتين من هذا التاريخ ما لم يتم فطامه قبل هذه المدة.
رابعاً ـ القانون المغربي([103]):
جاءت مدونة الأحوال الشخصية المغربية فيما يتعلق بأجرة الرضاع بأحكام لا تختلف عن تلك التي جاءت بها القوانين الأخرى وذلك في الفصول (112)، (113)، (114).
فنص الفصل (112) على أنه "أجرة رضاع الولد على المكلف بنفقته".
ونص الفصل (113) على أنه "لا تستحق الأم أجرة الرضاع حال قيام الزوجية أو في عدة الطلاق الرجعي".
ونلاحظ على نص هذا الفصل ما لاحظناه على نصوص القانونين السوري والأردني من التفرقة بين المعتدة من طلاق رجعي والمعتدة من طلاق بائن من حيث استحقاق الأجرة عن الارضاع.
وتناول الفصل (114) حكم التبرع بالارضاع فنص على أن "المتبرعة أحق بالارضاع من الأم الطالبة للاجرة إذا كان الأب ضعيفاً ويكون الارضاع في بيت الأم".
وأخيراً يتضح لنا عند الموازنة بين المعالجتين الفقهية والقانونية للأحكام الخاصة بأجرة الرضاع أن الجانبين قد اتفقا على بعض الأحكام واختلفا في بضعها الآخر.
أولاً ـ أوجه الاتفاق:
اتفق الجانبان على المسائل التالية:
1 ـ أن أجرة الرضاع تجب على المكلف بنفقة الصغير سواء كان الأب أم غيره وأنها تعد مقابل غذاء الصغير .
2 ـ أن الأم تستحق الأجرة عن ارضاع ولدها إذا كانت خارج حبال الزوجية أي بعد انهائها عدة الطلاق أو الوفاة وصيرورتها أجنبية عن الزوج.
3 ـ أن المتبرعة بالارضاع تقدم على الأم إذا كانت الأم قد طلبت أجرة عن الارضاع ، وذلك رعاية لمصلحة الصغير المالية إذا كانت نفقة الرضاع واجبة من ماله، ولعدم الاضرار بالمسؤول عن أجرة الرضاع إذا كان الصغير معسراً.
ثانياً ـ أوجه الخلاف:
خالفت قوانين الأحوال الشخصية اتجاه جمهور فقهاء الشريعة الإسلامية الذي يساوي بين المعتدة من طلاق رجعي والمعتدة من طلاق بائن من حيث عدم استحقاق الأجرة عن الارضاع حيث جعلت هذه القوانين المعتدة من طلاق رجعي لا تستحق الأجرة عن الارضاع بخلاف المعتدة من طلاق بائن وهو أمر منتقد كما بينا.



([1]) سورة البقرة: آية 233.
([2]) د. عبد المهدي مساعدة وآخرون، المصدر السابق، ص 880.
([3]) عمر عبد الله ، المصدر السابق، ص 547.
([4]) ينظر في هذا المعنى: المصباح المنير، أحمد بن محمد بن علي المقري الفيومي، ج1، المكتبة العلمية، بيروت، ص 312، المنجد الأبجدي ، ط21، دار المشرق، بيروت، ص625، تهذيب اللغة، أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري، ج1، الدار القومية ، القاهرة ، 1964، ص472.
([5]) شرح فتح القدير 3/2.
([6]) مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج، الشيخ محمد الشربيني الخطيب، ج3، مصطفى البابي الحلبي، 1958، ص 472.
([7]) ثاب ـ اجتمع.
([8]) شرح منتهى الارادات 3/235.
([9]) انظر: شرح الخرشي، أبو عبد الله محمد ابن عبد الله الخرشي، ج4، دار صادر، بيروت، 1975، ص176، حاشية العلامة الشيخ سليمان الجمل على شرح المنهج، الشيخ زكريا الأنصاري، ج4، دار الفكر، بيروت، بدون سنة طبع ، ص474، حاشية البجيرمي على الخطيب 4/59.
([10]) عبد العزيز عامر ، المصدر السابق، ص 152.
([11]) حاشية البجيرمي على الخطيب 4/59، ينظر كذلك محيي الدين عبد الحميد، المصدر السابق، ص377.
([12]) حواشي العلامتين ، الشيخ عبد الحميد الشراوني، والشيخ أحمد بن قاسم العبادي، ج8، بدون اسم مطبعة أو سنة طبع، ص 283، حاشية البيجرمي على الخطيب 4/60.
([13]) حاشية البجيرمي على الخطيب 4/60.
([14]) حاشية سليمان الجمل 4/474.
([15]) وهذا ما ذهب إليه الإمام ابن حزم الظاهري ، إذ يقول في محلاه "وأما صفة الرضاع المحرم فإنما هو ما امتصه الراضع من ثدي المرضعة بفيه فقط، فأما من سقى لبن امرأة فشربه من إناء أو حلب في فيه فبلعه أو طعمه.. فكل ذلك لا يحرم شيئاً ولو كان غذائه دهره كله" المحلى 10/279ـ280. ونلاحظ على اتجاه ابن حزم أنه اتجاه غير دقيق وذلك لأنه من القواعد الفقهية المسلم بها أن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً ، وعلة التحريم بسبب الرضاع لا تكمن في طريقة تناوله، وإنما تكمن فيما يترتب على تناول هذا اللبن من آثار تتمثل بانبات اللحم وانشاز العظم ، فالعبرة بالحليب ذاته لا بطريقة تناوله.
([16]) المبسوط 29/296، مغني المحتاج 3/415، الأم 8/227، حاشية الجمل 4/374.
([17]) الكافي 3/343.
([18]) علاء الدين خروفة ، المصدر السابق، ص193، ينظر في نفس المعنى علي محمد إبراهيم الكرباسي، المصدر السابق، ص 117.
([19]) سورة البقرة: آية 233.
([20]) شرح فتح القدير 3/6، المدونة الكبرى 5/407، الكافي 3/341.
([21]) سورة الطلاق: آية 6.
([22]) كتب السنن ، ابو عثمان سعيد بن منصور الخرساني ، الدار السلفية ، الهند ط1،1982 اسم المحقق حبيب الرحمن الاعظمي، رقم الحديث 987، 1ص281.
([23]) نيل الاوطار ،7/120.
([24]) سنن أبي داود ، أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي، ج6، ط3، دار الفكر، 1979، ص 61.
([25]) شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك، محمد الزرقاني ، ج3، دار المعرفة، بيروت، 1978، ص 241، شرح منتهى الارادات 3/237، المغني 7/627.
([26]) سنن الترمذي ، محمد بن عيسى ابو عيسى الترمذي السلمي، دار احياء التراث العربي ، بيروت، اسم المحقق احمد محمد شاكر واخرون ، 3/458.
([27]) حاشية الروض المربع م7/94.
([28]) انظر: سبل السلام شرح بلوغ المرام من جملة أدلة الأحكام ، محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني، ج3، دار الجيل، بيروت، لبنان، بدون سنة طبع، ص1150، وما بعدها، زاد المعاد 5/252، حاشية الروض المربع 7/93 وما بعدها، المبسوط 29/288 وما بعدها، المدونة الكبرى 3/416 وما بعدها، مغني المحتاج 3/414 وما بعدها، الكافي 3/339 وما بعدها، حاشية الجمل 4/474 وما بعدها.
([29]) د. ليلى عبد الله سعيد، الشريعة الإسلامية وحقوق الطفل، بحث منشور في مجلة العدالة، العدد الثالث، السنة الخامسة ، 1979، ص934ـ 935.
([30]) محسن ناجي، المصدر السابق، ص 383ـ 385.
([31]) وتلافيا للتكرار فإننا سنقتصر على ذكر أرقام المواد الواردة في هذه القوانين والتي تؤكد مشروعية حق الرضاع، وذلك للحاجة إلى ذكرها بصورة مفصلة في المباحث اللاحقة.
([32]) ينظر المواد (152، 153).
([33]) ينظر المواد (150، 151، 152، 153).
([34]) ينظر الفصول (112، 113، 114).
([35]) ينظر الفصل (48).
([36]) الفتاوى الهندية في مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان، تأليف العلامة الهمام الشيخ نظام وجماعة من علماء الهند، المجلد الأول، المكتبة الإسلامية ، تركيا، بدون سنة طبع، ص 417، بدائع الصنائع 4/6.
([37]) سورة الأحقاف: آية 15.
([38]) بدائع الصنائع 4/6، عبد العزيز عامر.
([39]) البقرة: الآية 233.
([40]) بدائع الصنائع 4/6.
([41]) سورة لقمان: آية 14.
([42]) بدائع الصنائع 4/6.
([43]) سورة الأحقاف: آية 15.
([44]) بدائع الصنائع 4/6.
([45]) مر تخريج الحديث ينظر ص  .
([46]) بدائع الصنائع 4/6.
([47]) المدونة الكبرى م2/408.
([48]) مغني المحتاج 3/416.
([49]) المغني والشرح الكبير 9/202، الكافي 3/341.
([50]) المحلى 10/ 22.
([51]) الروضة البهية 2/139، المسائل الإسلامية المنتخبة، السيد صادق الحسني الشيرازي ط25، دار صادق للطباعة والنشر، كربلاء 2003، ص 410.
([52]) البحر الزخار 3/266.
([53]) مغني المحتاج 3/416.
([54]) المغني والشرح الكبير 9/202.
([55]) الكافي 3/341، الفروع 5/570، المغني والشرح الكبير 9/203، مغني المحتاج 3/416، البحر الزخار 3/266.
([56]) شرح فتح القدير 3/311، عبد العزيز عامر ، المصدر السابق، ص154.
([57]) سبل السلام 3/1152.
([58]) المحلى 10/22.
([59]) الروضة البهية 2/139.
([60]) القرار رقم (3012) / شخصية/ 1979 في 11/9/1980. نقلا عن عباس محمود موسى ، الرضاع والحضانة كأثرين من آثار الزواج بحث مقدم إلى وزارة العدل ، مجلس العدل، بدون تاريخ طبع، ص9.
([61]) ولابد لنا من الإشارة هنا إلى أن هذا الخلاف يقتصر على مدى وجوب الارضاع على الأم قضاء، أما ديانةً فقد ذهب الفقهاء على وجوب الارضاع على الأم ، بحيث أنها تعد آثمة إذا امتنعت عنه دون أن يكون لها عذر مشروع ، ينظر شرح فتح القدير 3/346، المبسوط 5/209.
([62]) المبسوط 5/209، شرح فتح القدير 3/345.
([63]) المغني والشرح الكبير 9/312.
([64]) الروضة البهية 2/139.
([65]) البحر الزخار 3/278.
([66]) المبسوط 5/209.
([67]) ينظر المصادر السابقة ، نفس الصفحات.
([68]) شرح فتح القدير 3/345، شرح منتهى الارادات 3/258ـ259،حاشية الروض المربع 7/136 ـ137.
([69]) سورة الطلاق : آية 6.
([70]) سورة البقرة : آية 233.
([71]) المبسوط 5/208،شرح منتهى الارادات 3/285ـ 259، حاشية الروض المربع 7/136ـ137، بدران أبو العينين ، المصدر السابق، ص50، عمر عبد الله ، المصدر السابق ، ص548.
([72]) المدونة الكبرى 3/416، انظر في نفس المعنى، محمد أبو زهرة ، المصدر السابق، ص 403، د. أحمد علي، د. حمد عبيد، د. محمد عباس ، المصدر السابق، ص211، د. ليلى عبد الله سعيد، المصدر السابق، ص934.
([73]) المحلى 10/373.
([74]) المصدر السابق.
([75]) المحلى 10/338.
([76]) فريد فتيان ،المصدر السابق، ص191، ينظر كذلك،محمد شفيق العاني، المصدر السابق،ص130ـ131.
([77]) سورة الطلاق: آية 6.
([78]) المعجم الأوسط، أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني ، ج6، دار الحرمين، القاهرة، 1415هـ، تحقيق طارق بن عوض الله بن محمد، عبد المحسن بن إبراهيم الحسيني، ص 184.
([79]) المدونة الكبرى م2، 416، المغني والشرح الكبير 9/229، حاشية الجمل 4/489، حاشية الروض المربع 7/130، د. أحمد الكبيسي، المصدر السابق، ص210ـ211.
([80]) وإلى خلاف هذا الرأي ذهب الإمام ابن حزم الظاهري، إذ يرى بأن أجرة الرضاع تكون واجبة على الأب سواء كان للصغير مال أم لم يكن وفي هذا المعنى يقول في محلاه "وأما قولنا كل ما ذكرنا أنه يجب على الوالد في الرضاع من اجرة ونفقة وكسوة وهي الرزق فهي واجبة عليه كان للرضيع مال أو لم  يكن". المحلى 10/341.
([81]) المبسوط 5/208 ـ 209، المدونة الكبرى ، م2 416 ـ417، حاشية سليمان الجمل 4/514 ـ 515، حاشية الروض المربع 7/127 وما بعدها ، محمد أبو زهرة ، المصدر السابق، ص 417، عمر عبدالله ، المصدر السابق، ص551 وما بعدها.
([82]) سورة البقرة: آية 233.
([83]) المبسوط 5/209، شرح منتهى الارادات 3/254، حاشية الروض المربع 10/342.
([84]) المحلى 10/ 342.
([85]) المبسوط 5/208.
([86]) المحلى 10/340.
([87]) المدونة الكبرى م2/417.
([88]) حاشية الروض المربع 7/138.
([89]) حاشية البجيرمي على الخطيب 4/70.
([90]) الروضة البهية 2/139.
([91]) اللبأ هو أول لبن يخرج من ثدي المرأة بعد الولادة، ينظر البحر الزخار 3/277.
([92]) البحر الزخار 3/277 ـ 278.
([93]) سورة البقرة : اية 233.
([94]) ينظر المبسوط 5/208، المدونة الكبرى م2/ 417، حاشية البجيرمي على الخطيب 4/69، حاشية الروض المربع م7/138، الروضة البهية 2/139، البحر الزخار 3/277ـ278.
([95]) بدائع الصنائع ، ينظر في نفس المعنى، حاشية الروض المربع م7/134، الروضة البهية 2/139.
([96]) البحر الزخار 3/278، ينظر كذلك محمد أبو زهرة، المصدر السابق، ص404، زكريا البري، المصدر السابق، ص197.
([97]) محيي الدين عبد الحميد ، المصدر السابق، ص388، محمد الحسيني حنفي، المصدر السابق، ص144، د. أحمد الكبيسي، المصدر السابق، ص213، علاء الدين خروفة، المصدر السابق، ص 198.
([98]) المدونة الكبرى م2/418، حاشية الجمل 4/515.
([99]) فريد فتيان ، المصدر السابق، ص191.
([100]) علاء الدين خروفة، المصدر السابق، ص56.
([101]) ويبدو لنا أن عبارة "سواء كان الرضاع طبيعيا أم اصطناعيا" الواردة في هذا النص عبارة زائدة لا موجب لايرادها.
([102]) وقد حاول المشرع في هذا النص الجمع بين مصلحتين الأولى مصلحة الأب بعدم الزامه بدفع الأجرة عن ارضاع الصغير عند وجود المتبرعة ، والثانية مصلحة الأم وذلك بقيام المتبرعة بارضاع الصغير في بيتها ليكون تحت عنايتها واشرافها.
([103]) تناولت مجلة الأحوال الشخصية التونسية الأحكام الخاصة بالرضاع في الفصل (48) والذي جاء فيه :على الأب أن يقوم بشؤون الارضاع بما يقتضيه العرف والعادة إذا تعذر على الأم ارضاع الولد" وبموجب هذا النص إذا تعذر على الأم ارضاع الصغير وجب على الأب أن يقوم بكل ما يتعلق بشؤون الرضاع وفقاً لما يقضي به العرف والعادة.

شاركنا بتعليقك...

التعليقات



، اشترك معنا ليصلك جديد الموقع اول ً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

احصائيات الموقع

جميع الحقوق محفوظة

علوم قانونية وادارية

2010-2019