-->
علوم قانونية وادارية علوم قانونية وادارية

اخر المواضيع

جاري التحميل ...

محاضرات الالتزامات في القانون المدني

دروس في مقياس
الالتزامات (القانون المدني)


-  الكتـــاب الأول -          
  - مــــصــــــادر الالتزام -

-تعريف : مصدر الالتزام هو "السبب"  "      "المولد للالتزام.

-مصادر الالتزام في القانون المدني الجزائري :

   رتب المشرع الجزائري مصادر الالتزام في أربعة فصول هي :
الفصل الأول : القانون
الفصل الثاني : العقد
الفصل الثالث : العمل المستحق للتعويض
الفصل الرابع : شبه العقود 
                - الإثراء بلا سبب
                - الدفع الغير مستحق 
                - الفضالة

ترتيب تقليدي

الإرادة المنفردة          - شبه العقد
العمل غير المشروع     - الجنحة
الإثراء بلا سبب         - شبه الجنحة
                                                 - القانون.
         

                  









الجــزء  الأول   
                  
- المصادر الإرادية :
هما :    1/-العقد 
          2/- الإرادة المنفردة
 (1) العقــــــــــد

-تعريف : تنص المادة 54 من القانون المدني الجزائري أن " العقد اتفاق يلتزم بموجبه شخص أو عدة أشخاص آخرين بمنح ، أو فعل ،أو عدم فعل شيء ما ."

-تقسيم العقود : أهم التقسيمات هي :    

العقد المسمى  و العقد غير المسمى :

العقد المسمى :هو الذي نظمه المشرع ( مثلا : عقد البيع أو الإيجار عقد الشركة )

العقد غير المسمى :هو الذي لم يتناوله المشرع في نصوص خاصة و إنما تحكمه القواعد العامة ( مثلا :عقد استعمال دراجة نارية ) أو ( إعطاء دروس خاصة )

العقد الرضائي : هو الذي يتم بمجرد التراضي

العقد الشكلي : هو الذي يخضع لشكل معين ، أي الكتابة و في غالب الأحيان الكتابة الرسمية أمام الموثق،(وهدا لحماية المتقاعدين ( عقد بيع عمارة،...)             

العقد العيني : هو الذي يستوجب تسليم العين،محل العقد

العقد الملزم للجانبين : هو الذي ينشئ الالتزامات متقابلة في ذمة كل من المتعاقدين و هذا طبقا للمادة من القانون المدني التي تنص " يكون العقد ملزما للطرفين،تبادل المتقاعدين الالتزام بعضهما بعضا.
-العقد الملزم لجانب واحد : هو الذي ينشئ التزاما في ذمة أحد المتقاعدين دون آخر و هذا  حسب المادة 56 من القانون المدني التي تنص "" يكون العقد ملزما لشخص أو لعدة أشخاص ، إذا تعاقد فيه شخص نحو شخص ،دون التزام من هؤلاء الآخرين (مثلا :الهبة تمليك، المادة 202 من قانون الأسرة "الهبة تمليك بلا عوض ".

عقد المعاوضة : (أو العقد بعوض ).
هو الذي يأخذ فيه العاقد مقابلا لما يعطي ، المادة 58 من القانون المدني تنص  أن : 
" العقد بعوض هو الذي يلزم كل واحد من الطرفين إعطاء ، أو فعل شئ ما " 

ملاحظة : أغلب عقود المعاوضة ملزمة للجنبين ( مثلا عقد البيع البائع : إعطاء  الشاري : دفع الثمن )

عقد التبرع : هو الذي لا يأخذ فيه العاقد مقابلا لما يعطي .

 ملاحظة : أغلب عقود التبرع ملزمة لجانب واحد
( مثلا : الهبة التي يخرج المتبرع عن ملكية ماله  ، دون أخذ مقابلا )

العقد المعدد : أو التبادلي : هو الذي يستطيع فيه كل من المتعاقدين ، عند التعاقد ،تحديد   ما يحصل  عليه .
 تنص المادة 57  من القانون المدني " يكون العقد تبادلي متى التزم أحد الطرفين بمنح ، أو فعل شئ ،يعتبر معادلا لما يمنح أو يفعل له ".(مثلا : الكراء بسعر محدد).

عقد الغرر : أو العقد الاحتمالي : هو الذي لا يستطيع فيه كل من المتعاقدين تحديد ما يحصل عليه عند التعاقد ، و إنما يتحدد هذا فيما بعد ، أو محقق  الحصول و لكن لا يعرف متى يحصل.
حسب المادة 57 الفقرة 2 من القانون المدني : " إذا كان الشيء المعادل محتويا على حظ ربح أو خسارة لكل واحد من الطرفين على حسب حادث غير محقق فإن العقد يعتبر عقد غرر "0
              ( مثلا: التأمين 
                      الرهان
                       بيع الثمار قبل انعقادها بثمن جزافي....)





العقد الفوري : هو الذي يتم تنفيذه دفعة واحدة أو على دفعات دون أن يكون الزمن عنصرا أساسيا فيه.
                ( مثلا : البيع ( و لو كان دفع الثمن على أقساط )).

عقد المدة : هو الذي تعتبر المدة عنصرا أساسا فيه، إذا تحدد محله .
            (مثلا : العقود ذات التنفيذ المستمر : ـ عقد الإيجار 
                                                  ـ عقد العمل )
           القســـــــــم الأول : أركـــــــان العقـــــد

 التراضي هو الركن الأساسي للعقد و لكن جرى القول أن للعقد ثلاثة أركان هي :
          1 /-الــــــرضا
          2 /-المحــــــــل
          3 /-الســــبب
وتضيف شرط آخر : هو الشكلية ، أو التسلي .

البـــــــــــــــاب الأول : التـــــــراضي
حسب المادة 59 من "ق م ج " يتم العقد بمجرد أن يتبادل الطرفان التعبير عن إرادتهما المتطابقتين ،دون الإخلال بالنصوص القانونية ".

الـــــــــــفصل الأول : وجـــــــود التراضي
ندرس في هذا الفصل :
المبحث 1 /-التعبير عن الإرادة
المبحث 2 /- تطابق الإراديتين
المبحث 3 /- النيابة في التعاقد .









 المبحـــــــــث الأول : التعبير عن الإرادة

     كقاعدة عامة التعبير لا يخضع لشكل ما. في هذا الإطار ،تنص المادة 60 من "ق.م" "التعبير عن الإرادة يكون باللفظ( )وبالإشارة المتداولة عرفا،كما يكون باتخاذ موقف لا يدع أي شك في دلالته على مقصود صاحبه.ويجوز أن يكون التعبير عن الإرادة ضمنيا
(         ) إذا لم ينص القانون أو يتفق الطرفان على أن يكون صريحا ".
التعبير الصريح : مثلا : الكتابة ( عقد. . . . . ) 
                        الكلام  ( موافقة / مفاوضة  )                 
                        الإشارة ( " للبيع "...)
                        اتخاذ موقف : عرض أشياء في السوق 
                                       محل تجاري
   التعبير الضمني : مثلا : البقاء في محل تجاري بعد انتهاء مدة الكراء

المبحــــــــــث الثاني :توافق الإراديتين

في هذا الإطار ندرس : في الطلب الأول :
- في المطلب الأول : " الإيجاب " أو الوعد بالتقاعد ( كإرادة أولى )
- وفي المطلب الثاني : القبول (        ) (كإرادة ثانية )

المطلـــــــــب الأول : ( الإيجاب) أو لوعد بالتقاعد
التعريف: الوعد بالتقاعد ( أو الإيجاب ) هو التعبير البات عن إرادة أحد الطرفين، صادر
عن موجهه إلى الطرف الآخر،بقصد إبرام عقد بينهما .
-يجب أن يكون الوعد بالتقاعد كاملا،أي مشتملا على العناصر الأساسية للعقد المراد إبرامه.
( مثلا : إذا كان الوعد بالتعاقد مصحوب بتحفظ ،فيعتبر مجرد دعوى إلى التقاعد.
-وهكذا يجب القول أن في غياب وعد باتا  للتعاقد لا يمكن أن نتحدث عن أية مسؤولية عقدية خاصة مرحلة العرض والمفاوضة (                 )
- لكي ينتج الوعد بالتعاقد أثره ، يجب أن يوصا إلى علم الشخص الذي وجه إليه .
-القانون المدني الجزائري تكلم عن "الوعد بالتقاعد " في المادتين 72و71 تنص المادة 71 أن  : "الاتفاق الذي يعد له المتعاقدين أو أحدهما بإبرام عقد معين في المستقبل ،لا يكون له أثر إلا إذا عينت جميع  المسائل الجوهرية  للعقد المراد إبرامه ،و المدة التي يجب إبرامه فيها. "
-كما تنص المادة 72 أن " إذا وعد شخص بإبرام عقد ثم نكل وقاضاه المتقاعد الأخر طالبا تنفيذ الوعد، وكانت الشروط اللازمة لتمام العقد  "
(-وفي الأخير يجب أن نفرق بين الوعد بالعقد و الوعد بالتعاقد ( أو الإيجاب ).

-الوعد بالعقد : هو اتفاق
-أما الوعد بالتعاقد  ( أو الإيجاب الملزم ) : فإرادة منفردة.

 المـــــــطلب الثاني : القبـــــــــول 

القبول يجب أن  يكون باتا ،أي ينطوي على نية قاطعة و أن يوجه إلى صاحب الوعد بالتقاعد (أو الإيجاب ) و أن يطابق الإيجاب مطابقة تامة.
- لكن ما هو الحل إذا اقترن القبول بما يزيد في الإيجاب أو يقيد منه ، أو يعدل فيه ؟
  هذه الحالة يعتبرها البعض : رفضا يتضمن إيجابا جديدا.
- لكن المشرع قرر في المادة 65 من القانون المدني أن " إذا اتفق الطرفين على جميع    المسائل الجوهرية في العقد و احتفاظا بمسائل تفصيلية يتفقان عليها فيما بعد ولم يشترطا   أن لا أثر للعقد عند عدم الاتفاق عليهما ،أعتبر العقد منبرما و إذا قام خلاف على المسائل التي لم يتم الاتفاق عليهما فإن المحكمة تقضي فيها لطبيعة المعاملة ولا حكام القانون والعرف و العدالة ".
 مشكل القبول في "عقود الإذعان" .  ( أنظر المواد 70 / 110 و 112 ق.م )
   
المـــــــــطلب الثـــــــــــالث : اقتران القبول بالإيجـــــاب

    لكي يبرم ( ينعقد ) العقد ، لا يكفي صدور الوعد بالتعاقد  ( أو الإيجاب ) و القبول ، بل يجب أن يتلاقيا.
بمعنا آخر يجب أن يعلم كل من العاقدين بالإيجاب و القبول .

-فيما يخص التعاقد بين حاضرين في مجلس العقد :

مثلا : إذا صدر الإيجاب في مجلس العقد ، و لكن لم يعين ميعاد للقبول فإن الموجب يتحرر من إيجابه إذا لم يصدر القبول فورا.



 - بصفة عامة يجب القبول أن "  الإيجاب يسقط إذا لم يقبل فورا ". وهذا طبقا للمادة 64     من القانون المدني التي تنص أن " إذا صدر إيجاب في مجلس العقد لشخص حاضر دون تحديد أجل القبول فإن الموجب يتحلل من إيجابه إذا لم يصدر القبول فورا و كذلك إذا صدر الإيجاب من شخص إلى آخر بطريق الهاتف أو بأي طريق مماثل.
غير أن العقد يتم ،و لو يصدر القبول فورا ، إذا لم يوجد ما يدل على أن الموجب قد عدل عن إيجابه في الفترة ما بين الإيجاب و القبول ، و كان القبول صدر قبل أن ينقض مجلس العقد. "
- فيما يخص مسألة " العربون كخيار للعدول عن العقد ":

تعريف :  العربون هو مبلغ يدفعه أحد العاقدين للآخر عند انعقاد العقد.
 -البعض يعتبرون العربون " كتنفيذ جزئي للعقد " و البعض الآخر يعتبرون العربون كخيار للعدول عن العقد.

فيما يخص التعاقد بين غائبين ( أو التعاقد بالمراسلة )

-عند ما يتم العقد بالمراسلة ، هو الوقت الذي يعتبر فيه منعقدا عل وجه التحديد ؟
- هل هو الوقت الذي  فيه القابل عن قبوله ؟ (هذه نظرية" صدور القبول )
-أم هو الوقت الذي يصل فيه القبول إلى علم الموجب ؟  (هذه نظرية " علم الموجب بالقبول ")
-هذه المسألة قد نوقشت بشدة حيث أن تحديد  زمان العقد  يترتب عليه  تعيين الوقت الذي يبدأ فيه تنفيذ العقد.

-المشرع الجزائري أختار النظرية الثانية ، أي نظرية " وصول القبول " في المادة 67  من القانون المدني التي تنص أن : " يعتبر التعاقد ما بين الغائبين قد تم في المكان و في الزمان اللذين يعلم فيهما الموجب بالقبول ، ما لم يوجد اتفاق أو نص قانوني يقضي بغير ذلك ، ويفترض أن الموجب قد علم بالقبول في المكان ، و في الزمان اللذين وصل إليه فيهما القبول  "

المبحث الثــــالث : النيـــــــــــابة في التعـــــــــــــاقد 

تعريف : النيابة في التعاقد هي حلول إرادة النائب (     ) محل إرادة الأصيل  (      )  في إنشاء تصرف قانوني ، مع إضافة آثار ذلك التصرف إلى الأصيل.

مبدئيا : النيابة تجوز في كل تصرف قانوني

-ولكن القانون يمنع النيابة في المسائل المحددة كعقد الزواج ، حلف اليمين.

- يجب التفريق ما بين :

- النيابة القانونية  :  مثلا : الوالي ، الحارس القضائي. . . . .

- والنيابة الاتفاقية  : الناشئة عن عقد الوكالة ( أو الوكالة النيابة )
  النيابة تخضع إلى ثلاثة شروط  :

  1/- أن تحل إرادة النائب محل إرادة الأصيل
 2/- أن يكون التعاقد باسم الأصيل 
 3/- ألا يجاوز النائب الحدود المرسومة لنيابته 

يجب أن نفرق بين النيابة و الاسم المستعار :

-الاسم المستعار : هو ناشئ كذلك عن عقد وكالة : و لكن في هذا العقد يتفق الموكل أن مع الوكيل أن يعقد الوكيل عقد باسمه هو ، لا باسم الموكل ، ثم ينقل فيها بعد أثار هذا العقد إلى الموكل.

مسألة : تعاقد الشخص مع نفسه
تعريف : هو حالة شخص يتعاقد بالنيابة عن  كل من الطرفين الآخرين ، أو بالنيابة عن أحدهما  و بالأصالة عن نفسه.

 - هذا التعاقد مع  النفس  يعتبر عقد حقيقي يقترن فيه إيجاب و قبول ، و لو أن الإيجاب     و القبول  صادرين عن طرف واحد.
 - المشرع الجزائري  أعتبر التعاقد مع النفس غير جائز بحيث  من الممكن أن  يغلب النائب مصلحته أو مصلحة أحد الطرفين على الآخر .
-و هكذا تنص المادة 77 من القانون المدني  : " لا يجوز لشخص أن يتعاقد  مع نفسه   باسم من ينوب عنه سواء كان التعاقد لحسابه شخص آخر، دون  ترخيص من الأصيل على أنه يجوز للأصيل في هذه الحالة أن يجيز التعاقد كل  ذلك مع  مراعاة ما يخالفه ، مما يقضي به القانون و قواعد التجار "
  
 الفصل الثــــــــــــاني : صحــــــــة التراضي

  الشروط اللازمة لتكوين العقد هي ثلاثة :
     1- رضــى الطرفين 
     2- موضوع أو محل العقد .
     3- السبب.
 و يجوز إبطال العقد إذا فقد شرط من هذه الشروط الثلاثة .

-فضلا عن ذلك ، أن صحة العقد تشترط :
من جهة : أن يكون الطرفان أهلا لإبرامه ( الأهلية )
و من جهة أخرى  : أن لا يقع الرضى مشوبا بعيب الغلط (      ) أو الغش  التدليس 
(          ) أو الإكراه (      ).و حتى في بعض الحالات بعيب الغبن  (          ) 
و الاستغلال (              )  .
- و يجوز كذلك إبطال العقد إذا فقد أحد هذين الشرطين أي الأهلية (             )       و الرضا (                  ).
-وسنستعرض بإيجاز  في هذا الفصل في : المبعث الأول ، أحكام عامة في الأهلية.

 المبحـــــث الثــــاني : عيــــــــوب الــــــــرضى.

   المبحــــــــــث الأول : الأهليــــــــــــــــــــة

-يجب الملاحظة أن عدم الأهلية أو نقصها هو قرينة قانونية قاطعة على عيب الإرادة 
-بعكس العيوب الأربعة الأخرى ، فإنه يجب إثباتها
- حسب المادة 78 من القانون المدني التي تنص : " كل شخص أهل للتعاقد ما لم تسلب    أهليته أو يحد منها بحكم القانون "

   كما تنص المادة  45 من القانون المدني أن : " ليس لأحد التناول عن أهليته و لا   لتغيير أحكامها."




المبحــــــــث الثــــــــــاني : عيوب الرضا

يجب أن يكون رضاء المتعاقدين سليما ، أي خاليا من كل عيب.
و عيوب الرضا هي :

المطلب الأول : 1 /- الغلط
المطلب الثاني : 2 /- الغش أو التدليس
المطلب الثالث : 3 /- الإكراه
المطلب الرابع : 4/-الاستغلال أو الغبن

المطلب الأول : الغــــــــلط
تعريف : الغلط هو الاعتقاد بصحته ما ليس بصحيح  أو بعدم صحة ما هو صحيح  و هو عيب من عيوب الرضى : إذا يسمح القانون لمن وقع فيه أن يطلب إبطال العمل الحقيقي ، عندما يبلغ حدا كافيا من الجسامة .
(مثال ذلك أن يعقد شخصان عقدا ، الأول منهما يبغى من وراء هذا العقد بيع ماله ، والثاني يعتقد إستجاره 
-و مثاله أيضا أن يشتري إنسان شيئا  يعتقد أنه قديم بينما هو حديث 
- و العكس ، فإذا ذكرت في العقد، بعض الشروط ثم لم تتوفر فإن العقد لا يوصف بأنه قابل للإبطال للغلط، وإنما يكون صحيحا قابلا للفسخ لعدم إمكان تنفيذه بالصورة المتفق عليها.

-النظرية التقليدية تقول بثلاثة أنواع من الغلط  هي :

1- النوع الأول من الغلط : هو الغلط  الذي يبطل العقد بطلا مطلقا، بعبارة أخرى ، هو الغلط  الذي يعدم الرضا ، و يكون في ماهية العقد ، أو في ذاتية محل الالتزام ، أو في سبب الالتزام.

2- النوع الثاني من الغلط : هو الغلط الذي يبطل العقد بطلانا نسبيا ، و يكون في حالتين هما الغلط  في مادة الشيء ، والغلط في شخص المتعاقد ، إذا كانت شخصيته محل اعتبار.

3 - النوع الثالث من الغلط : هو الغلط الذي أثره له في صحة العقد ، أي الغلط فيه صفة غير جوهرية.


المشرع الجزائري وضع معيار عاما ، و أخذ بالمعيار الذاتي  في المادتين 81 و 82 من القانون المدني .

حسب المادة 81 : " يجوز للمتعاقد الذي وقع في غلط جوهري وقت  إبرام العقد ، أن يطلب إبطاله."

و تضيف المادة 82 من نفس القانون ." يكون الغلط جوهريا إذا بلغ حدا من الجسامة بحيث يمتنع عن إبرام العقد لو يقع في هذا الغلط ".

-مشكلة التوقيت بين احترام مبدأ سلطان الإرادة و استقرار المعاملات :

-لعدم وقوع انهيار العقود و لحماية  التعامل يجب :

-1 على مدعى الغلط أن يقيم الدليل 
2- أن يكون الغلط جوهري 

-قضية الغلط في القانون ، و الغلط في الواقعة 

- تنص المادة 83 من القانون المدني : " يكون العقد قابلا للإبطال لغلط في القانون إذا توفرت فيه شروط الغلط في الواقع طبقا للمادتين 81 و 82 ما لم يقض القانون بغير ذلك".
- نستخلص من المادة 83 أن الغلط في القانون كالغلط في الواقعة كلاهما يعيب الرضا بشرط :
1/- أن يكون الغلط جوهريا ( طبقا للمادتين 81 و 82 )
2/- إذا ما لم يقضي القانون بغير ذلك ( مثلا المادة 465 التي تنص أنه " لا يجوز الطعن    
     في الصلح بسبب غلط في القانون" ). 

3/بشرط  أن يقع هذا الغلط في قاعدة قانونية ثابتة ،أي واردة في التشريع أو استقر عليها القضاء ، و ليست محل أي خلاف.
"الجهل بالقانون ليس عذرا "
- قضية الغلط الذي يتعارض مع ما يقضي به حسن النية :
 المادة 85 من القانون المدني تنص " ليس لمن وقع في الغلط أن يتمسك به على وجه    
 بتعارض مع ما يقضي به حسن النية "  
ويبقى بالأخص ملزما بالعقد قصد إبرامه إذا أظهر الظرف الآخرإستعداده لتنفيذ هذا العقد".
و يمكن أن يقال حسن النية هنا يقصد به نزاهة التعامل.
قضية الغالط الفاضح ، أو الغلط الغير مسموح هو الغلط الناشئ عن الجهل فاضح،أو إهمال
أو عدم المعاينة للشيء المتعاقد عليه ، أو لعدم قراءة نصوص العقد.

المطــــــلب الثـــــــاني : الغش أو الخداع أو التدليس 

تعريف : بعض الفقهاء يقولون أن : التدليس هو أن يستعمل أحد طرفي العقد،وسائل غايتها تضليل الطرف الآخر: و الحصول على رضاه في الموافقة على عقد أي عمل حقوقي آخر.
-بعض الآخرين من الفقهاء يقولون أن : التدليس هو نوع من الغش، يصاحب تكوين العقد، و هو إيقاع المتعاقد في غلط يدفعه إلى التعاقد نتيجة استعمال الحيلة.
التدليس يؤدي حتما إلى الغلط ، بحيث يمكن القول بعدم جدوى نظرية التدليس ، _اكتفاء بنظرية الغلط .
-و التدليس يعيب الإرادة في جعل العقد قابلا للإبطال
-و التدليس نتيجة حيلة .
-و الحيلة خطأ عمدي يستوجب التعويظ طبقا لقواعد المسؤولية التقصيرية.
   يستنتج من هذا التعريف أن التدليس يفترض : أربعة شروط :
  الشرط 1 : استعمال الوسائل ( أو الطرق ) ، الإحتيالية .
  الشرط 2 : نية التضليل .
  الشرط 3 : اعتبار التدليس الدافع  إلى العقد .
  الشرط 4 : أن يكون التدليس صادر من المتعاقد الآخر. 
            ( أو على الأقل أن يكون متصلا به). 
  الشرط الأول : استعمال وسائل إحتيالية :
  ( عنصر مادي )
- يكفي الكذب.
- أو مجرد الكتمان (                ) ، إذا كان المدلس عليه جاهلا للأمر المكتوم عنه ،   
  و لا يستطيع أن يعرفه من طريق آخر ، (مثلا : في  عقود التأمين )
- مثلا و حسب المادة 86 الفقرة 2 من القانون المدني  :" يعتبر تدليسا السكوت عمدا عن واقعة أو ملابسة (                ) إذا ثبت أن المدلس عليه ما :أن ليبرم العقد لو علم بتلك الواقعة أو هذه الملابسة ".         

الشرط الثاني : توافر نية التضليل لدى المدلس ، مع قصد الوصول إلى غرض غير مشروع.
( عنصر معنوي )
  - أما إذا كان الغرض مشروعا فلا تدليس .


الشرط الثالث : اعتبار التدليس الدافع للتعاقد :
-حسب المادة 86 الفقرة 1 من القانون المدني : " يجوز إبطال العقد  للتدليس إذا كانت الحيل التي لجأ إليها المتعاقدين أو النائب عنه ، من الجسام بحيث لولاها لما إبرام الطرف الثاني العقد ".
- كما نلاحظ في المادة 86/1 المعيار شخص هنا و قاضي الموضوع هو الذي يقضي في ذلك.
- وهذا التفرقة بين التدليس الدافع للتعاقد ، و التدليس غير الدافع ، هي السائدة في الفقه التقليدي ، و ينتقدها كثير من الفقهاء اللذين يرونا أن التدليس هو تضليل و سوءا دفع إلى التعاقد ، أو اقتصر أثره 
على قبول بشروط أبهظ ، يعيب الرضا و يجيز طلب إبطال العقد.
الشرط الرابع : أن يكون التدليس صادر من التعاقد الآخر ، أو على الأقل يكون متصلا به.
تنص المادة 87 من القانون المدني أن : " إذا صدر التدليس من غير المتعاقدين ، فليس للمتعاقد المدلس عليه أن يطلب العقد ، ما لم يثبت المتعاقد الآخر كان يعلم ، أو كان من المفروض حتما أن يعلم بهذا التدليس"
-وحسب المادة 87 يجب إذن أن يصدر التدليس من العاقد نائبه(المشار إليه في المادة 86 )، و يرى البعض أن كلمة نائب تعمل على محل التوسع لتشمل كل من يعارض العاقد في إنشاء العقد.
- و لكن المادة من التدليس عالما به ، أو من المفروض حتما أن يعلم به.
- في النهاية أن التدليس لا يؤثر في صحة العقد إذا صدر من غير                
  المتعاقد أو نائبه.
  نقطة أخيرة : هل تغني نظرية الغلط ، عن نظرية التدليس.
  حسب أغلب الفقهاء : أن نظرية الغلط لا تغني عن نظرية التدليس ،لأنه في النظرية   
 التقليدية للغلط لم يكن الغلط في القيمة ، أو في الباعث، يبطل العقد في حين أنه لو حدث   
 شيء من ذلك نتيجة التدليس يكون العقد باطلا بطلانا نسبيا.
- و من جهة أخرى كان يمكن إبطال العقد للغلط حيث لا يمكن إبطاله للتدليس في حالة 
   صدور التدليس من أجنبي.
- و في الأخير يجب القول أنه إذا كان الغلط يغني عن التدليس   (        ) فإن التدليس   
   لا يمكن أن يغني عن الغلط (              ).
  المـــــــطلـــــــب الثاني : الإكــــــــــراه

تعريف : الإكراه هو الظغط المادي أو المعنوي الذي يوجه إلى شخص بغية حمله التعاقد.
تعريف ثاني : الإكراه هو الظغط بقصد الوصول إلى غرض مشروع يعترض له العاقد، فيولد في نفسه رهبة تدفعه إلى التعاقد.
المعيار الموضوعي للغلط : يأخذ بعين الاعتبار الظغط الذي يتأثر به الرجل الشجاع أو ذو التمييز.
- بعض الفقهاء انتقدوا المعيار الموضوعي لجموده.
- أما المعيار الذاتي للظغط : فيأخذ بعين الاعتبار 
                             مثلا : سن العاقد.
                                  - حالته الاجتماعية و الصحية.
                          الجنس  - الدورة أو الأنوثة
- و هذا المعيار الذاتي يتناسب مع حالة كل عاقد في ذاته.
- القانون المصري الحالي : أخذ بالمعيار الذاتي وحده.
- القانون الفرنسي : جمع بين المعيارين ( الموضوعي و الذاتي )   
  المتعارضين.

- أما القانون الجزائري : فأخذ بالمعيار الذاتي ، حيث أن المادة 88 من القانون المدني تنص : " يجوز إبطال العقد للإكراه إذا تعاقد شخص تحت سلطان رهبة بينة بعثها المتعاقد الآخر في نفسه دون حق و تعتبر الرهبة قائمة على بينة إذا كانت ظروف الحال تصور للطرف الذي يدعيها أن خطرا جسيما محدقا يهدده هو ، أو أحد أقاربه ، في نفس، أو جسم أو الشرف ، أو المال.
و يراعى في تقدير الإكراه جنس من وقع عليه هذا الإكراه و سنه ، وحالته الاجتماعية ، و الصحية ، و جميع الظروف الأخرى التي من شأنها أن تؤثر  في جسامة الإكراه ".
- و تظيف المادة 89 من نفس القانون : " إذا صدر الإكراه من غير المتعاقدين ، فليس للمتعاقد المكره أن يطلب إبطال العقد إلا إذا أثبت أن المتعاقد الآخر كان يعلم أو كان من المفروض حتما أن يعلم بهذا الأمر".
حتى يترتب على الإكراه إبطال العقد ، أو العمل القانوني ، يجب أن يتوفر ثلاثة شروط :
الشرط الأول : استعمال وسيلة من وسائل الإكراه.
الشرط الثاني : و أن تحمل هذه الوسيلة العاقد الآخر على إبرام العقد.
الشرط الثالث : أن تصدر وسيلة الإكراه من العاقد الآخر ، أو تكون متصلة به.

ـ الشــــــرط الأول : استعمال وسيلة من وسائل الإكراه.
  هذا العنصر المادي يتكون من عنصرين أساسيين :

 العنصر الأول : استعمال وسيلة الإكراه لغرض غير مشروع :
إذا : الإكراه لا يتحقق إذا استعملت وسيلة مشروعة ، للوصول إلى غرض مشروع.
إنما يتحقق الإكراه إذا استعملت وسيلة مشروعة أو غير مشروعة ، للوصول إلى غرض غير مشروع . بصفة أخرى : فلا إكراه ، ما دام الغرض مشروعا.
إذا الإكراه كالتدليس لا يقوم على فكرة فساد الإرادة فقط ، و إنما يقوم كذلك على اعتبار أنه فعلا خطأ ، و من ثم يجيز طلب إبطال العقد إلى جانب طلب التعويض.

- من جهة أخرى نجد أن المشرع الجزائري يعامل الإكراه معاملة التدليس الصادان من الغير كلاهما يعيب الرضا ، بشرط أن يثبت أن المتعاقد الآخر كان يعلم أو كان من المفروض أن يعلم بهذا التدليس ، أو هذا الإكراه ، أي سيئ النية كل هذا طبقا للمادتين 87 و 89 من القانون المدني .
- المادة 87 أنظر التدليس ( المطلب الثاني ) .
- المادة 89  أنظر الإكراه ( المطلب الثالث ) .                                         
- و لهذا يجب القول أنه إذا كان العاقد المستفيد من التدليس أو الإكراه حسن النية ، فلا يجوز إبطال عقده ، و ليس للعاقد ضحية التدليس أو الإكراه إلا أن يرجع على فاعل التدليس أو الإكراه على أساس المسؤولية التقصيرية.
- يمكن طرح السؤال التالي : هل يمكن اعتبار الضغط باستعمال النفوذ الأدبي (      ) ، الإكراه ، يفسد الإرادة ؟              
- مثلا : ـ نفود الأب على ابنه.
         ـ نفوذ الزوج على زوجته.
         ـ الأستاذ على تلميذه .
الجواب : فإذا أخذنا بالمعيار الذاتي فإن التسلط الواقع نتيجة النفوذ الأدبي يكفي لتحقيق الإكراه ، ( في بعض الحالات ).
- هذه القضية لم تقنن في التشريع الجزائري ( و المصري ).
- و لكن محكمة النقص المصرية قضت بأن مجرد النفوذ الأدبي و هيبة    
  الأقارب لا يكفيان لبطلان العقد ، بل يجب أن يقترن ذلك بوسائل غير مشروعة 
  ( نقص مدني  في 25.2.43 ).
- أما القانون الإنجليزي من جهته يعتبر أن الضغط بالاستعمال النفوذ الأدبي قد يفسد   
  الإرادة و يجعل العقد قابل للإبطال ، و يسميها بالتأثير غير مشروع.
العنصر الثاني : أن يكون الخطر المهدد به جسميا و حالا :

المادة 88 من القانون المدني  المشار إليها سابقا تشترط أن يكون الخطر المهدد به جسيما و محدقا.
ـ فيما يخص درجة الجسامة التي تولد الرهبة في نفس العاقد فهي مسألة متروكة لقاضي الموضوع ، و العبرة هي حالة المكره النفسية و لو كانت الوسيلة المستعملة غير جدية ، و المعيار هنا ذاتي :
مثلا: التهديد بالسحر و متى تأثير العاقد بهذا التهديد.
الشرط الثاني : أن تحمل هذه الرهبة التي يولدها الإكراه المتعاقد على إبرام العقد.
ـ هذا هو العنصر المعنوي في الإكراه.
ـ و هنا يترك لقاضي الموضوع مسألة القول بأن هذه الرهبة هي حملة المتعاقد على إبرام العقد أم لا.
ـ في تقدير هذه الرهبة يدخل القاضي في تقديرها : الحالة الشخصية للمكره لا للشخص المعتاد.
ـ كما يراعى في هذا المعيار الذاتي كل الظروف التي من شأنها أ ن يؤثر في جسامة   
 الإكراه : مثلا : ـ المكان
                 ـ الوقت الزمان
ـ باختصار يجب أن يثبت أنه لولا الرهبة لم يبرم العقد من طرف المكره.

الشرط الثــــالث : أن تصدر وسيلة الإكراه من العاقد الآخر أو تكون متصلة به :

حسب المادة 89 من القانون المدني : " إذا صدر الإكراه من غير المتعاقدين فليس للمتعاقد المكره أن يطلب إبطال العقد إلا إذا أثبت أن المتعاقد الآخر كان يعلم أو كان من المفروض حتما أن يعلم بهذا الإكراه ".
السؤال المطروح هنا هو : هل يمكن إبطال العقد في حالة إكراه ناتج عن حالة ضرورة ؟

الجواب هو : أنه بصفة عامة ، بقضي ، ببطلان أو تخفيض الشروط الباهظة التي يتعهد بها المتعاقد للإكراه في حالة الضرورة ، متى أستغلها العاقد الآخر بسؤ نية كوسيلة للضغط على الإرادة.
المطلــــب الرابع : الاستغلال - و الغـــبن
تعريف : ـ الغبن هو المظهر المادي للاستغلال.
          ـ و الغبن هو عدم تعادل البدل فهو في محل العقد ، لا في الإرادة.
3- و نلاحظ أن الغبن :
1- لا يكون إلى في عقد معارضة محدد
                  التبرعات                           )
2- يقدر بمعيار مادي 
3- العبرة بتقدير وجوده هو وقت تكون العقد.
- نلاحظ أيضا أن نظرية الغبن المادية تطورت إلى نظرية الاستغلال النفسية ، حيث أن جانب عدم التعادل في التعاقد يقوم عنصر أخر و هو عنصر نفسي مبني على استغلال ضعف نفس المتعاقد
- بناء على هذا نلاحظ أن بعض القوانين الحديثة أخذت بنظرية عامة في الاستغلال ، إلى جانب الاحتفاظ بنظرية الغبن في الحالات المحددة التي نصت عليها.
مثلا المادة 90 من القانون المدني الجزائري أدخلت الاستغلال كعيب عام في كل العقود حيث أنها تنص أن :" إذا كانت التزامات أحد المتعاقدين متفاوتة كثيرا في نسبة مع ما حصل عليه هذا المتعاقد من فائدة بموجب العقد أو مع التزامات المتعاقد من فائدة بموجب العقد أو التزامات المتعاقد الآخر ، وتبين أن المتعاقد المغبون لم يبرم العقد للقاضي بناء على طلب المتعاقد المغبون أن يبطل العقد أو أن ينقص التزامات هذا المتعاقد و يجب أن ترفع دعوى بذلك خلال سنة من تاريخ العقد ، إلا كانت غير مقبولة.

و يجوز في العقود المعارضة أن يتوقى الطرف الآخر دعوى الإبطال ، إذا عرض ما يراه القاضي كافيا لرفع الغبن ".
-و في نفس الوقت المشرع الجزائري احتفظ بالتطبيقات التقليدية للغبن
في المادة 91 التي تنص أن " يراعى في تطبيق المادة 90 عدم الإخلال بالأحكام الخاصة بالغبن في بعض العقود ".
(مثلا المادة 358 من القانون المدني التي تنص أن " إذا بيع عقار بغبن يزيد عن الخمس فللبائع الحق في طلب تكملة الثمن إلى أربعة أخماس ثمن المثل ".
- إذا يمكن القول أن للاستغلال عنصرين : عنصر مادي و عنصر معنوي .
1- العنصر المادي : و هو عدم التعادل ، أو عدم التكافؤ بين التزام المغبون و التزام الطرف الآخر الذي استغله.
- و يجب أن يكون فادحا أو فاحشا.
- و تقرير ذلك يرجع لقاضي الموضوع . المجال التقليدي لاختلال التعادل هو عقود المعاوضات أين ينحصر الغبن بمعناه الأصلي 
( أو التقليدي ) أي بالمعيار المادي فقط ( لكن النظرية العصرية  للاستغلال تنطبق كذلك على العقود الاحتمالية و عقود التبرعات التي كثيرا ما يتحقق فيها عملا الاستغلال مثلا :
العنصر المعنوي أو النفسي : و هو استغلال ما لدى المتعاقد الآخر من طيش أو هوى للتحصيل على التعاقد معه.
- و يمكن القول أن هذا العنصر المعنوي متكون بدوره بثلاثة عناصر مشار إليها في المادة 90 من القانون المدني و هي :
العنصر 1 أو أولا وجود طيش أو هوى عند أحد المتعاقدين
- تعريف الطيش : هو الخفة ، التي تتضمن التسرع و سوء التقدير.
- تعريف الهوى : هو الميل ، الذي يتضمن غلبة العاطفة و ضعف الإرادة.
ثانيا : استغلال المتعاقد لطيش أو لهوى المتعاقد الآخر.

و هكذا فإن كان المتعاقد يجهل بقيام شئ من ذلك ( طيش أو هوى ) لدى المتعاقد الآخر فالعقد صحيح لعدم توفر الاستغلال.
ثالثا : أن يكون الاستغلال هو الذي دفع المغبون إلى التعاقد.
و هنا نلاحظ أن الاستغلال يلتقي مع سائر عيوب الإرادة
-و تقدير توافر عناصر الاستغلال هو مسألة متروكة لقاضي الموضوع الذي يجوز له ، بناء على طلب المغبون أن يبطل العقد أو أن ينقص التزامات المتعاقد المغبون إذا كانت التزاماته متفاوتة كثيرا في النسبة مع ما حصل عليه من فائدة  بموجب العقد أو مع التزامات المتعاقد الآخر ، و تبين أن المتعاقد المغبون لم يبرم العقد إلا لأن المتعاقد الأخر قد أستغل عليه من طيش أو هوى ( المادة 90 من القانون المدني )
ملاحظة : فيما يخص الجزاء الذي يترتب على الاستغلال يجب أن نذكر أن :
1- جزاء الاستغلال هو ( حسب المادة 90 ) أما إبطال العقد ، أو إنقاص التزامات العاقد،  و الاختيار يرجع هنا لتقرير المغبون.
2- ففي عقود المعاوظات يجوز للطرف الأخر أن يتوقى الإبطال إذا عرض ما يراه القاضي كافيا لرفع الغبن ( المادة 90 ).
3- دعوى الاستغلال تسقط بمضي سنة من تاريخ العقد و إلا كانت غير مقبولة ( 2-90 )
و لا تقبل الوقف أو الانقطاع فهي ميعاد سقوط ، و هذا حتى لا يبقى مصير العقد معلقا على دعوى مجال الإدعاء فيها متسع.
في النهاية نلاحظ أن الاستغلال عيبا من عيوب الإرادة يقترب جدا من الإكراه في حالة : الهوى الجامح ، كما يقترب من الغلط التدليس  في حالة : الطيش البين
 البـــــــاب الثــــــــــاني : المحــــــل و الســــبب

سنستعرض أولا : المحل ( في الفصل الأول ) ، ونخصص الفصل الثاني إلى دراسة السبب.

الفــــصل الأول : المحل ( المواد 92 إلى98  من القانون المدني ).
تعريف : المحل هو النتيجة الحقوقية التي أراد الطرفان إعطاءها للعقد أو كل ما يلتزم به المدين ، و هو : إما التزام بعمل (         ) أو بالامتناع عن العمل (       ) أو بإعطاء شيء (          ) و يقصد به نقل أو إنشاء حق عيني (                        ) شروط المحل : هي ثلاثة
الشرط الأول : أن يكون المحل ممكنا ، إذا التزام بمستجيد ، حسب المادة 93 إذا كان محل الالتزام مستحيلا في ذاته كان العقد باطلا بطلانا مطلقا
- و يجب أن تكون الاستحالة مطلقة و قائمة وقت إنشاء العقد
- أما الاستحالة اللاحقة لانعقاد العقد فجزاؤها الفسخ ، لا البطلان
- و كذلك يجب أن يكون محل الالتزام موجود في الحال
- كما يجوز أن يكون محل الالتزام شيئا مستقبلا و محققا ( المادة 92).
- لكن في بعض الحالة يمنع المشرع التصرفات في الشيء المستقبل 
  ( مثلا في المواد 886،489،966 من القانون المدني ).
الشـــرط الثـــاني : أن يكون المحل معينا أو قابلا للتعيين
- أو بصفة أخرى يجب أن يحدد محل الالتزام أو على الأقل أن يكون   قابلا للتحديد.
- و هكذا تنص المادة 94 من القانون المدني " إذا لم يكن محل الالتزام معينا بذاته ، ويجب أن يكون معينا بذاته ، وجب أن يكون معينا بنوعه ، و مقداره وإلا كان العقد باطلا و يكفي أن يكون المحل معينا بنوعه فقط إذا تضمن العقد ما يستطاع به تعيين مقداره ، و إذا لم يتفق المتعاقدان على درجة الشيء ، من حيث جودته و لم يمكن تبيين ذلك من العرف أو من أي ظرف آخر ، التزم المدين بتسليم شيء من صنف متوسط."
- و حسب المادة 95 " إذا كان محل الالتزام نقودا ، التزم المدين بقدر عددها المذكور في العقد دون أن يكون لارتفاع قيمة هذه النقود أو لانخفاضها وقت الوفاء أي تأثير ".
الشــــرط الثــــالث : أو يكون المحل مشروعا
أي إذا كان محل الالتزام مخالف للنظام العام ، أو الآداب كان العقد باطلا و هذا حسب المادة 96  من القانون المدني.


مثلا : إذا احتفظ البائع يوم البيع بحق إستراد الشيء المبيع في أجل معين يكون هذا البيع باطلا ( المادة 396 )
- المادتين 402 و 403 تنص على منع و بطلان شراء القضاة و أعوانهم، و المحاميين للحقوق المتنازع عليها.
- أنظر كذلك المادة : 454 فيما يخص القرض الاستهلاكي.
                      903   الرهن الرسمي.
                      960   الرهن الحيازي.
المادة 461 : الصلح في مسائل الآجال الشخصية ، أو النظام العام.
المادة 3-107: حوادث طارئة ، تنقص الالتزام.
المادة 110 : شروط تعسفية في عقد الإذعان.
-كما ينص القانون على بطلان كل  اتفاق خاص بمقمرة أو رهان -لكن المشرع أستثنى الرهان الخاص بالسباق ، و الرهان الرياضي الجزائري في المادة 612.
 الفصـــــل الثــــــاني : الســـــبب

-حسب المادة 97 من القانون المدني
تعريف  : السبب هو القصد الذي في سبيله شخص نحو شخص آخر.
-في العقد الملزم للجانبين يكون السبب في تنفيذ كل من الطرفين التزام الآخر . ( مثلا في عقد البيع : سبب التزام البائع هو في قبض ثمن المبيع بينهما السبب في التزام المشتري يكون في انتقال هذا المبيع إليه ).
- أما في العقود الملزمة لجانب واحد  يختلف السبب الدافع إلى التزام حسب نوع العقد.
مثلا : في العقود التبرع
 -الغاية التي يقصدها الواهب هي إثراء الموهوب بصورة مجانية.
  بصفة أخرى : سبب التزامه يكون في نية التبرع.
بينما في العقود المجردة في المنفعة يكون السبب في أداء أحد المتعاقدين خدمة مجانية للأخر، دون أن ينقص ثروته المالية ، كما في الوديعة و الوكالة بدون أجر. . . . .
 ملاحظة : يجب أن نفرق بين سبب العقد و محل العقد :
 فالسبب هو الجواب على السؤال الآتي ، لماذا التزم المتعاقد ؟
أما المحل هو الجواب على السؤال الآتي : بماذا التزم المتعاقد .
- و السبب  الذي يهمنا هنا هو : الغرض المباشر ( مثلا : قبض الثمن).
- أما الغرض الغير مباشر فهو الباعث ( مثلا : استغلال هذا الثمن في 
   التجارة ).
-وقد أختلف الفقهاء بين مؤيدين لنظرية السبب و متكون لها بدعوى عدم    
  جدوها.
- نلاحظ وجود نظريتين للسبب :
1 ـ النظرية التقليدية .
2 ـ و النظرية الحديثة في السبب .

1 ـ النظرية التقليدية

حسب المادة 98 من القانون المدني " كل التزام مفترض أن له سببا مشروعا ما لم يقم الدليل على غير ذلك.
و يعتبر السبب المذكور في العقد هو السبب الحقيقي حتى يقوم الدليل على ما يخالف ذلك ، فإذا قام الدليل على صورية السبب فعلى من يدعي أن للالتزام سببا آخر مشروعا أن يثبت ما يدعيه ".
- لهذا نلاحظ أن حسب المادة 98 للسبب شرطين 

الشرط الأول : أن يكون السبب موجودا :
مثلا : إذا أكره شخص على توقيع تعهد بدين ، كان التعهد بغير سبب و من ثم باطلا .
- كذلك الحال في سندات المجاملة ، إذا  لا سبب لها فيما يخص المتعاقدين 
- أو تعاهد في تجديد دين ، في حين أن هذا الدين باطلا أو كان قد انقضى.
الشرط الثاني : أن يكون السبب مشروعا :

أي لم يخالف النظام العام و الآداب .
فإذا كان السبب غير مشروع ، وقع العقد باطلا.
مثال ذلك : دفع مبلغ مقابل ارتكاب جريمة أو الامتناع عن ارتكاب جريمة .
- يجب الملاحظة أن بعض الفقهاء (         ) انتقدوا هذه النظرية التقليدية للسبب و يقولون أنها غير صحيحة و يمكن الاستغناء عنها ، و اكتفاء بالركنيين الأخريين ، أي المحل و الرضا.
- أما القضاء فقد اشترط أن يكون الباعث مشروعا ، حماية للنظام العام و الآداب ، و هذه النظرية تسمى  بالنظرية الحديثة في السبب.


2- النظرية الحديثة للسبب أو نظرية الباعث :

- هذه النظرية تأخذ بعين الاعتبار " الباعث " و لا تكتفي بمجرد الغرض المباشر.
- و هذا الباعث يجب ألا يخالف النظام العام و الآداب و إلا وقع العقد باطلا ، و ذلك بشرط علم الطرفين معا بهذا الباعث سواء في المعاوضات و التبرعات و الهدف هنا هو استقرار المعاملات .
- هذه النظرية الحديثة أوسع من النظرية التقليدية ، لكن لا تحل محلها و إنما تكملها بحيث تصبح النظرية الحديثة للسبب عاملا من العوامل التي تكفل حماية النظام العام و الآداب.
- و البعض يتكلم عن نظرية ازدواج السبب و يقولون أن :
من جهة 1 للسبب الالتزام -يقصد به حماية المتعاقد نفسه من تحمل التزام بدون سبب ، تحقيقا للعدالة ، و يحقق هنا مصلحة فردية .

من جهة أخرى 2 سبب العقد - يقصد به حماية المجتمع من إبرام عقود مخالفة للنظام العام و الآداب و يحقق هنا مصلحة جماعية .
3- إثبـــــــــات السبب
حسب المادة 98-1 من القانون المدني " كل التزام مفترض أن له سببا مشروعا ، ما لم يقم الدليل على غير ذلك ."
و الفقرة الثانية من المادة تضيف أن " و يعتبر السبب المذكور في العقد هو السبب الحقيقي حتى يقوم الدليل على ما يخالف ذلك ، فإذا قام الدليل على صورية السبب فعلى من يدعي أن للالتزام سببا آخر مشروعا أن يثبت ما يدعيه "
- بعد دراسة أركان العقد ( الرضى ، المحل و السبب ) يجب القول في النهاية أنه إذا فقد العقد ركنا من أركانه ، فالجزاء هو البطلان.
الباب الثالث : البطلان
( أنظر المواد 99 إلى 105 من القانون المدني )
تعريف : بطلان العقد هو الجزاء القانوني على عدم استجماع العقود لشروط صحتها أن هذا البطلان يسبب انعدام أثرها .
- يجوز للعمل الحقيقي أن يكون مشوبا بنوعين من البطلان المطلق ،و البطلان النسبي .
البطلان المطلق : يكون العقد باطلا مطلقا إذا فقد أحد أركان تكوينه الأساسية ( أي الرضا ، و المحل ،و السبب )، و متى كان من العقود الرسمية ( أو  الشكلية ) إذا لم تراع الشروط الشكلية التي يتطلبها انعقاده أو متى كان مخالفا للنظام العام و الآداب العامة . و لا يرتب القانون أثر لمثل هذا العقد.

البطلان النسبي : و يكون العقد أيضا باطلا بطلانا نسبيا و بمعنى آخر قابلا للإبطال .أن الأسباب الرئيسية التي تحمل على البطلان هي :

1- عدم أهلية أحد المتعاقدين.
2- عيوب الرضى : أي الغلط ، التدليس ، أو الغبن .
- فهو عقد موجود يترتب له القانون كل أثاره ، حتى يقضي بالبطلان لمصلحة ناقص الأهلية ، أو من شاب إرادته عيب ، أو يتراضى عليه الطرفان .
- لكن بعض الفقهاء يضيف نوع ثالث و هو الانعدام ، في حالة عدم وجود ركن من أركان العقد و هي : الرضى ، المحل ، و السبب ، فالعقد هنا منعدم و يقولون : إذا أختل ركن المحل، أو السبب فقط -فالعقد باطلا بطلانا مطلقا.
أما إذا أختل ركن الرضا وحده ، فالعقد باطلا بطلانا نسبيا.
- و يجب تمييز البطلان عن أوضاع مقاربة
1-البطلان والفسخ :
البطلان يرجع إلى عيب أصاب العقد في إحدى أركانه.
أما الفسخ فيرجع إلى عدم تنفيذ ، أحد المتعاقدين لالتزاماته في العقد الملزم للجانبين ( الصحيح).
2- البطلان و الانحلال :

يجمع البطلان و الانحلال أنه يترتب عليهما زوال العقد. 
لكن :
- الانحلال يرد على عقد نشأ صحيحا، ثم ينحل .
- و قد ينحل العقد باتفاق الطرفين
- أو عن طريق الرجوع فيه بالإرادة المنفردة لأحد العاقدين
- و في هذه الأحوال ، لا يكون للإلغاء أثر رجعي
3- البطلان و عدم السريان على الغير :

- البطلان يكون في علاقة المتعاقدين ، هو الجزاء على عدم توافر أركان العقد ، أو شروط صحته.
- أما عدم السريان على الغير فإنه يكون بالنسبة للغير، أي للأجنبي عن العقد و هذا أمر طبيعي نظرا لقاعدة نسبية أثر العقد.



الفصل الأول : أحكام البطلان بنوعيه
الاختلافات بين حالات البطلان المطلق و حالات البطلان النسبي :
- العقد الباطل بطلانا مطلقا ليس له وجود قانوني.
- أما العقد الباطل بطلانا نسبيا ( أو القابل للإبطال ) فله وجوده القانوني حتى يتقرر إبطاله ، فيبطل بأثر رجعي .
- يترتب على ذلك ما يلي : 
1- أن العقد الباطل بطلانا مطلقا لا ينتج أثر ما
أما العقد الباطل بطلانا نسبيا فينتج كل أثره.
2- لا يستطيع الاحتجاج بالبطلان النسبي إلا الشخص الذي قصد القانون حمايته و هذه طبقا للمادة 99 من القانون المدني التي تنص أن 
" إذا جعل القانون لأحد المتعاقدين حقا في إبطال العقد فليس للمتعاقد الآخر أن يتمسك بهذا الحق ".
-بينما يستطيع كل ذي مصلحة أن يحتج بالبطلان المطلق كذلك العقد الباطل بطلانا لا يحتاج إلى حكم يقرر بطلانه ، و تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها
و هذا طبقا للمادة 102 من القانون المدني التي تنص أن " إذا كان العقد باطلا بطلانا مطلقا جاز
لكل ذي مصلحة أن يتمسك بهذا البطلان و للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها و لا يزول البطلان بالإجازة ".
 يزول البطلان النسبي بإجازة ( أو بتصديق ) من قرر البطلان لمصلحته أي أن الشخص الذي أراد القانون حمايته يجوز له ، عند زوال العيب ،إجازة العقد ، أي إعطاءه كل قوته ، و ذلك بالتنازل عن التمسك بالبطلان كل هذا حسب المادة 100 من القانون المدني التي تنص أن : "يزول حق إبطال العقد بالإجازة الصريحة أو الضمنية ، و تسديد الإجازة إلى التاريخ الذي تم فيه العقد ، دون إخلال بحقوق الغير ".
- بينما البطلان المطلق لا يزول بإجازة ( أو بتصديق ) أحد أصحاب العلاقة
4- البطلان المطلق الذي لا يزول بالإجازة ، لا يتقادم أيضا يمضي مدة.
- بينما العقد الباطل بطلانا نسبيا فتلحقه الإجازة ، و يصححه التقادم و هذا طبقا للمادة 101 من القانون المدني التي تنص أن " يسقط الحق في إبطال  العقد إذا لم يتمسك به صاحبه خلال عشر سنوات .



و يبدأ سريان هذه المدة ، في حالة نقص الأهلية من اليوم الذي يزول فيه، هذا السبب و في حالة الغلط أو التدليس من اليوم الذي يكشف فيه ، و في حالة الإكراه ، من يوم انقطاعه غير أنه لا يجوز التمسك بحق الإبطال لغلط أو تدليس أو إكراه إذا انقضت خمسة عشرة سنة من وقت تمام العقد ". 
أثر العقد الباطل بطلانا مطلقا و العقد الباطل بطلانا نسبيا :
- العقد الباطل بطلانا مطلقا لا أثر له بوصفه قانونيا ( و لكنه واقعة مادية ، و قد يكون له أثر بهذا الوصف ).
- أما العقد الباطل بطلانا نسبيا فهو عقد صحيح ، و لكنه قابل للإبطال كما وصفه القانون المدني .
فقبل أن يتكرر إبطاله هو عقد تام الصحة ، و إذا ما أبطل أصبح كأي عقد باطل ، و يزول بأثر رجعي.
- بعبارة أخرى يمكن القول أن العقد الباطل بطلانا نسبيا هو عقد صحيح حتى يتقرر بطلانه .
1- أثر العقد الباطل ، فيما بين العاقدين : هو رد العاقدين إلى حالتهما قبل التعاقد.

مثلا : فإن كان العقد بيعا : رد المشتري المبيع ( و ثماره من يوم المطالبة القضائية )، كما تزول كل أثار العقد حسب المادة 103 الفقرة 1 من القانون المدني التي تنص أن : " يعاد المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد في حالة بطلان العقد أو إبطاله ، فإن كان هذا مستحيلا جاز الحكم بتعويض معادل ".
- لكن : لقاعدة رد العاقدين إلى حالتهما قبل التعاقد يستثني حالة الإبطال لنقص الأهلية في الفقرة  "2"  للمادة 103  من القانون المدني التي تنص أن :" غير أنه يلزم ناقص الأهلية ، إذا بطل العقد لنقص أهليته ، أن يرد غير ما عاد عليه من منفعة بسبب تنفيذ العقد ".
2- أثار العقد الباطل ، بالنسبة للغير :
- القاعدة العامة : هي زوال العقد بالنسبة للمتعاقدين و للغير.
-لكن القانون و القضاء قبل  ببعض الإستثناءات حفاظا على استقرار المعاملات و على حق الغير الحسن النية ، رغم زوال حق المتصرف
- أنظر مثلا فيما يخص هذه الإستثناءات المواد :
468  من القانون المدني : بالنسبة لعقود إدارة الأموال
835 من القانون المدني : بالنسبة للحياز
885 من القانون المدني : بالنسبة لصحة الرهن لمصلحة الدائن المرتهن الحسن النية  وقت إبرام عقد الرهن في حالة إبطال أو فسخ أو إلغاء سند الملكية
837 من القانون المدني : بالنسبة للحايز  الذي يكسب ما يقبضه من ..
"النية الغلط الشائع يقوم القانون " ، يذهب القضاء مثلا إلى عدم سقوط صفات الوارث الظاهر و هذه حماية الغير الحسن النية ضمانا للاستقرار المعاملات
المبحث الأول : الإجازة
ملاحظة : لا تلحق الإجازة إلى العقد الباطل بطلانا نسبيا أي العقد القابل للإبطال .
فيزول حق الإبطال بالإجازة الصريحة أو الممضية
- أما العقد الباطل بطلانا مطلقا ، لا سبيل إلى تصحيحه بل لابد من إبرام عقد جديد.

تعريف : الإجازة هي تصرف قانوني من جانب واحد يزيل به أحد العاقدين العيب الذي لحق العقد ، و من ثم فيلزم أن تتوافر فيه شروط التصرف ( من حيث الأهلية ، و سلامة الإرادة من العيوب ).
- يجب التفريق بين الإجازة ، و الإقرار : حيث أن
- الإقرار هو تصرف قانوني من جانب واحد أيضا ( كالإجازة ) 
إلا أن الإقرار يصدر من أجنبي عن عقد ، به يضيف هذا الأجنبي أثر العقد إلى نفسه ( مثلا إقرار المالك للبيع في حالة بيع ملك للغير )
-شروط الإجازة : الشروط الموضوعية للإجازة هي :
1- أن تصدر ممن له حق التمسك بالإبطال ( مثلا ناقص الأهلية بعد بلوغه ).
2- أن تكون بصدد عقد باطلا نسبيا(              ).
3- أن يكون المجيز على علم بالعيب و قاصد النزول عنه.
4- و أن تصدر الإجازة بعد زوال العيب
مثلا : لا إجازة و العاقد ما زال قاصر ( سن الرشد 
لا إجازة و الإكراه ما زال قائما(     ).
لا إجازة إلا بعد كشف الغلط أو التدليس و زوال الظرف الذي أفسد إرادة العاقد الواقع تحت الاستغلال من طيش ، أو هوى ، إلا كانت الإجازة نفسها مشوبة بعيب من عيوب الإرادة
- الإجازة ممكن أن تكون صريحة ، أو ضمنية .
- و عبء إثبات الإجازة على من يذيعها .
- مثال للإجازة الصريحة : بعض القوانين تشترط أن تكون الإجازة الصريحة مكتوبة ، و أن تشير إلى العقد المراد إجازته ، و العيب الذي لحقه . . . .
-مثال للإجازة الضمنية : تنفيذ العاقد للعقد و لو كان هذا التنفيذ جزئيا أو استعمال الشيء موضوع العقد من طرف 'العدالة'

- فيما يخص أثر الإجازة فيما بين العاقدين : يجب القول أن الإجازة لا تصحح العقد الذي كان قابل للإبطال فقط ، لأنه عقد صحيحا قبل هذه الإجازة التي تبعد ( فقط ) خطر الإبطال الذي كان يهدد العقد.
-فيما يخص أثر الإجازة بالنسبة للغير : تنص الفقرة 2 من المادة 100 من القانون المدني أن
 " الإجازة تستند إلى التاريخ  الذي تم فيه العقد ، دون إخلال بحقوق الغير ".
المبحـــــــــث الثـــــاني : التقادم 
1- فيما يخص العقد بطلانا مطلقا : يجب القول أن المادة102  الفقرة 2 من القانون المدني تنص أن " دعوى البطلان تسقط بمضي 15 سنة من وقت إبرام العقد ".
- لكن إذا كانت دعوى البطلان تسقط بالتقادم (15) ، هذا التقادم يصحح البطلان المطلق.
2- فيما يخص العقد الباطل بطلانا نسبيا:
حسب المادة 101 الفقرة 1  من القانون المدني تنص أن : " يسقط الحق في إبطال العقد إذا لم يتمسك به صاحبه خلال عشر سنوات "
- و مدة التقادم هذه ( 10 سنوات ) توقف و تنقطع وفقا للقواعد العامة :
- في النهاية : فإذا سقط حق التمسك  بالبطلان بالتقادم و البطلان و أستقر الوجود القانوني للعقد بعد أن كان مهددا بالزوال ،  و أصبح العقد يثبت وجوده منذ صدوره أو انعقاده ( و ليس من يوم تمام مدة التقادم )، إذا للتقادم أثر رجعي كما للإجازة.
المبحـــــــــث الثالــــــــث : دعوى البطلان
1- فيما يخص العقد الباطل بطلانا مطلقا :
ما دام العقد الباطل بطلانا مطلقا ليس له وجود قانوني ، فلا حاجة إذن لصدور حكم بقرر بطلانه ( أو انعدامه ( أو بعبارة أخرى لا ضرورة للحكم بالعدم على شيء معدوم )).
- و يمكن لكل ذي من له مصلحة أن يتمسك ببطلانه .
- كما يمكن للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها.

2-فيما يخص العقد الباطل بطلانا نسبيا :
-هذا العقد له وجود قانوني ، إلى أن يتقرر بطلانه.
- لذلك لا بد في تقرير البطلان من التراضي أو التقاضي.
- التراضي ( أو الاتفاق ) يتم المتعاقدين المعنيين ، و يعتبر بمقتضاه ، العقد باطل دون حاجة إلى العلم بذلك.


-فإذا لم يتم الاتفاق ، فالعقد يعتبر صحيحا حتى يرفع من تقرير البطلان في مصلحته دعوى البطلان و يحصل على حكم بذلك ، إذن فالحكم هو الذي يبطل العقد في البطلان النسبي ( ملاحظة : غير ممكن للمحكمة أن تقضي بالبطلان النسبي من تلقاء نفسها ).
- في النهاية يجب القول أن العقد الباطل بطلانا نسبيا لا يتقرر بطلانه بالاتفاق  ( التراضي ) ، أو بحكم القضاء.
الفصل الثاني : أثار تقرير البطلان
فإذا تقرر بطلان العقد ( و كان البطلان مطلقا ) ، فقد تبين أن هذا لم يكن له وجود قانوني ، و لم يترتب عليه أثر .
- أما إذا كان البطلان نسبيا ، فإن العقد يزول ، و ينعدم وجوده القانوني و يكون ذلك بأثر رجعي.
إذن : فالقاعدة العامة : أنه متى تقرر بطلان العقد أعتبر كان لم يكن وزالت أثاره ، سوءا كان ذلك فيما بين المتعاقدين ، أو بالنسبة للغير.
-لكن في بعض الحالات يعطي القانون أثار عريضة للعقد الباطل بوصفه واقعة مادية.
-كما يعطي أثار جوهرية أو أصلية للعقد بإعتباره قائما حكما و ذلك لاستقرار المعاملات ( أو لحماية " الظاهر ")
الآثار العرضية : ليست هي الآثار المباشر التي قصد إليها المتعاقدين و لم تكن هي التي يتوقع
أنها وقت التعاقد مثال ذلك التي تنتج عن عقد الزواج  بين المحارم ، فهو عقد باطل ، إنما ينتج 
أثار عرضية كوجوب المهر ، بعد الدخول و العدة ،  و ثبوت النسبة مثلا : العقد الباطل للتدليس أو الإكراه يوجب التعويض على أساس المسؤولية التقصرية عن الفعل غير مشروع( و لا على أساس المسؤولية العقدية إذا أن العقد باطل ، لا أثر له).
و إذا كان يبدوا غريبا أن عقدا باطلا ، ليس له وجود قانوني ، ينتج مع ذلك أثر قانونيا ، فإن هذه الغرابة تزول إذا علمنا أن العقد الباطل في بعض الأحوال ينتج الأثر القانوني بإعتباره 
واقعة مادية.
- لكن كعقد أو عمل قانوني لا ينتج أثره لأنه باطلا ليس له وجود قانوني .
- و لكنه كواقعة قانونية لها وجود فعلي ، قد ينتج بعض الآثار العرضية و في بعض الأحوال ينتج العقد الباطل أثارا جوهرية تترتب عليه بإعتباره عقدا.
- و بعض الفقهاء يأخذون بنظرية الخطأ عند تكوين العقد و أساس المسؤولية العقدية.
- أما البعض الآخر من الفقهاء و بعد التشريعات فأخذ بنظريتا : انتقاض العقد ، و تحول العقد - وهكذا تنص المادة 104 من القانون المدني أن : " إذا كان العقد في شق منه باطلا أو قابلا للإبطال ، فهذا الشق وحده هو الذي يبطل ، إلا إذا تبين أن العقد ما كان ليتم بغير الشق  الذي وقع باطلا ، أو قابلا للإبطال فيبطل العقد كله ".
- أما المادة 105 فتنص أن " إذا كان العقد باطلا أو قابلا للإبطال وتورث فيه أركان عقد آخر فإن يكون صحيحا بإعتباره العقد الذي توفرت أركانه ، إذا تبين أن نية المتعاقدين كانت تنصرف إلى إبرام هذا العقد ".
2- الآثار الجوهرية ( أو الأصلية ) للعقد الباطل :
مثلا : الشركة الواقعة ، هي شركة تجارية باطلة لعدم احترام بعض الإجراءات .
القسم الثــــاني : أحكام العقد
-بعد دراسة أركان العقد و شروط صحته في القسم الأول 
- ندرس في القسم الثاني : أحكام العقد.
- في الفرع الأول : نتكلم على قوة العقد الملزمة.
- في الفرع الثاني : نتكلم على جزاء الإخلال بقانون العقد.


الفرع الأول : قوة العقد الملزمة ( أو أثار العقد )
إذا قام العقد صحيحا ترتبت عليه أثاره القانونية التي تقتصر على العاقدين فقط : 
لأن احترام حرية الأفراد يقتضي أن تقتصر أثار العقد على طرفيه.
فالعقد إذن نسبي في أثره على أن العقد ، إذا كان يقتصر في أثره على العاقدين ، فإنه يعتبر بينهما في حدود هذا الأثر ، بمثابة القانون ، بحيث يلتزمان بتنفيذه ، كما يلتزمان بتنفيذ القانون.
- فيتعين أن ندرس في : 
     الباب الأول : نسبية أثر العقد 
     أو قوة  العقد الملزمة بالنسبة للأشخاص.
- و الباب الثاني : القوة الملزمة للعقد من حيث الموضوع ( أو مدى أثر العقد 
البـــاب الأول : نسبية أثر العقد :
أو : قوة العقد الملزمة بالنسبة للأشخاص  :
- يهيمن على القوة الملزمة للعقد بالنسبة للأشخاص مبدأ نسبية أثر العقد ، يقضي بأن " أثر العقد يقتصر على طرفيه " بمعنى أن الالتزامات الناشئة و الحقوق المتولدة عنه لا تنصرف إلا إلى العاقدين.
( لكن نرى أن هذا المبدأ يحتمل استثناء فيما يتعلق بالحقوق المتولدة عن العقد و هكذا تنص المادة 113 من القانون المدني أن " لا يرتب العقد التزاما في ذمة ، و لكن يجوز أن يكسبه
 حقا ".
- و يقضي بهذا المبدأ الاعتراف باستقلال الأفراد ، و ضرورة احترام حريتهم فالإثارة التي ينشئها العقد هي وليدة إرادة العاقدين دون غيرهما ، و لا يمكن من ثم ، أن تنصرف إلا إليهما ( أي للعاقدين ).
ملاحظة هامة :
- لكن لا يقصد بالعاقدين طرفا العقد وحدهما ،ليتقصر أثر العقد عليهما ، لأن الفرد بتعاقد لنفسه ،كذلك لوارثة ( أو خلفه العام ) ، فلا تقسيم المعاملات إذا انقضى أثر العقد ( حق أو التزام ) بوفاة الدائن أو المدين ، بل يتعين انتقاله إلى " خلفه العام ".


و كذلك قد يتعلق العقد بشيء معين يملكه العاقد ، و لا يتصل بشخصه ، و تقتضي طبيعته أن ينتقل أثر العقد ، مع الشيء الذي يتعلق به ، إلى من  ينتقل هذا الشيء إليه ، و الذي يسمى با " لخلف الخاص "
- فأثر العقد ينصرف إلى العاقدين و من يمثلانه في إبرامه : و العاقد يمثل في تعاقده " خلفه العام " و قد يمثل " خلفه الخاص " ، و على ذلك ينصرف أثره إلى العقدين و إلى " الخلف العام " و قد ينصرف أيضا إلى " الخلف الخاص ".
-فإذا قلنا أن أثر العقد لا ينصرف إلى غير العاقدين ، فلا يعتبر " الخلف العام " ،و لا " الخلف الخاص " ، ( في حدود معينة ) ، من " الغير " اللذين لا ينصرف إليهم أثره .
الفـــصل الأول : أثر العقد بالنسبة إلى العاقدين
-أنظر فيما يخص الخلف العام : المادة   108  من القانون المدني .
- فيما يخص الخلف الخاص : المادة 109 من القانون المدني.
الفصل الثـــاني : أثار العقد بالنسبة للغير
أنظر المادة : 114 التعهد عن الغير
              116 الاشتراط لمصلحة الغير
              118 الاشتراط لمصلحة الغير
البـــــاب الثــــاني : مدى أثر العقد أو : القوة الملزمة للعقد من حيث الموضوع
- للعقد ( في حدود موضوعيه ) قوة ملزمة تساوي قوة القانون ، فيجب على كل عاقد تنفيذ الالتزامات التي ترتبت في ذمته بمقتضاه ، و إلا كان مسؤولا عن عدم تنفيذها فيتعين ، من ثم تحديد موضوع العقد أو مضمونه لنرى إلى أي حد يلتزم العاقدين بهذا المضمون و يتعين  الجزاء الذي يترتب على إخلال أحد العاقدين بتنفيذ ما التزم به وفقا له.
- و قد يقتضي تعيين مضمون العقد تفسيره.


الفصل الأول : تفسير العــــقد
- إن تفسير العقد يعني شرح و معنى نطاق العبارات  الواردة فيه ، أن  مهمة تفسير العقود 
 ( عند اختلاف الأطراف  المتعاقدين ) ، تعود إلى السلطة القضائية .
- و يتولى القاضي تفسير العقد ليصل إلى تحديد الالتزامات التي أنشأها عن طريق الكشف عن إرادة العاقدين و تطبيق نصوص القانون ، و يتعين على القاضي الذي عرض عليه النزاع بين العاقدين أن يبحث على الإرادة المشتركة للعاقدين للفصل في النزاع.
-فإذا كانت عبارات العقد واضحة : يكون تفسيرها يسيرا إلى حد يمكن القول معه بأنه يمر غير ملحوظ ، بحيث لا يكون على القاضي سوى تطبيقه ، و أخذ العاقدين بحكمه.
- أما إذا كانت عبارات العقد غير واضحة : تعين على القاضي تفسيرها عن طريق الكشف عن الإرادة المشتركة للعاقدين.
- فإذا قام لدى القاضي ، شك في التعرف على هذه الإرادة المشتركة ، فسر الشك لمصلحة المدين في غير عقود الإذعان - أين ( حسب المادة 112 يفسر الشك فيها لمصلحة المذعن ).
- و على هذا يكون لتفسير العقد ، حالات ثلاث :
1- حالة العبارات الواضحة
2- حالة العبارات الغير واضحة.
3- حالة قيام شك في تبين الإرادة المشتركة للعاقدين.
الفصــــل الثــــاني : تحديد نطاق العقد
بعد أن يفسر القاضي بنود العقد للكشف عن النية المشتركة للعاقدين ، ينتقل إلى تحديد النطاق (أو أثار ) العقد ، غير مكتف ، في هذا التحديد  ، بما ورد فيه وفقا لتلك النية المشتركة ، بل يجاوزه إلى ما يعتبر من "  مستلزماته " طبقا للقانون و العرف و العدالة و هذا حسب المادة 107 من القانون المدني التي تنص " يجب تنفيذ العقد طبقا لما أشتمل عليه و بحسن نية ".
و لا يقتصر العقد على إلزام المتعاقد بما ورد فيه فحسب ، بل يتناول أيضا ما هو من مستلزماته وفقا للقانون  و العرف و العدالة ، بحسب طبيعة الالتزام.

غير أنه إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها و ترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي ، و أن لم يصبح مستحيلا ، صار مرهقا للمدين بحيث يهدده بخسارة فإذا جاز للقاضي تبعا للظروف و بعد مراعاة لمصلحة الطرفين أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول، و يقع باطلا كل اتفاق على خلاف ذلك .

الفــــصل الثـــالث : مدى التزام العاقدين بتنفيذ العقد
حسب المادة  106من القانون المدني تنص أن " العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ، و لاتعديله إلا باتفاق الطرفين ، أو للأسباب التي يقررها القانون ".
- و تطبيقا للفقرة 1 للمادة107  "... يجب تنفيذ العقد لما أشتمل عليه و بحسن نية..."
- ( نلاحظ أن مبدأ حسن النية و مبدأ " العقد : شريعة المتعاقدين " من المبادىء الأساسية التي بنيا عليها تشريع العقد ).
- لكن المشرع أورد إستثناءين على هذا المبدأ العام ، تقرر فيهما للمحكمة سلطة تعديل العقد :
1- أولهما يتعلق بعقود اللاذعان ( المادة 110 ) و الشروط التعسفية .
2- و ثانيهما تقضي به نظرية الظروف الطارئة ( المادة107 -3 ) .

الفرع الثـــاني : جزاء الإخلال بالعقد
- إذا نشأ العقد صحيحا ، يكون واجب التنفيذ ، بحيث يتعين على المدين أن ينفذ الالتزامات الناشئة عنه على الوجه المتفق عليه فيه ، و إلا كان للدائن أن يسأل المدين عن عدم تنفيذها ، و تقوم مسؤولية هذا الأخير عنه ، ما لم يثبت رجوعه إلى سبب أجنبي لا بد له فيه ، فيحكم عليه بتعويض الضرر الذي لحق الدائن نتيجة له.
-فالمسؤولية العقدية هي جزاء الإخلال بتنفيذ التزام ناشئ عن العقد.
- لكنها ليست جزاءه الوحيد إذا كان العقد الذي ولده ملزما للجانبين ، بل يضاف إليها ( في نطاقه ) جزاءات أخرى : مثلا إذا أخل أحد العاقدين ، في عقد ملزم للجانبين ، بالتزاماته ، جاز للعاقد الآخر أن يطلب فسخ (         ) العقد ، لتنحل الرابطة القانونية التي ولدها ، و يتخلص ، بانحلالها ، عن التزاماته .

- كما يجوز له أن رأى الأبناء ، رغم ذلك على العقد أن يكتفي بوقف تنفيذ التزاماته إلى أن يقوم العاقد الأخر بتنفيذ التزاماته ، بمقتضى الدفع بعدم التنفيذ الذي تقرر له إلى جانب الفسخ .
- و هكذا نخصص :
الباب الأول : للمسؤولية العقدية و هي المبادىء العامة في جزاء الإخلال بالعقد ( أي جزاء عام كل العقود ) .
و نكسر : الباب الثاني : للفسخ و الدفع بعدم التنفيذ ( اللذين تتمثل فيهما القواعد الخاصة بالعقد الملزم للجانبين ) ( أي الفسخ هو جزاء خاص بالعقود الملزمة للجانبين و يقوم إلى المسؤولية العقدية ).

الباب الأول : المسؤولية العقدية 
للدائن ، في القاعدة العامة ، أن يقتضي من المدين تنفيذ التزاماته عينا ، أو في عبارة أخرى ، على النحو المتفق عليه بينهما في العقد.
و تقوم المسؤولية العقدية في حالة عدم تنفيذ الالتزام على النحو المتفق عليه و لو نفذ الالتزام جزئيا ، أو بعد الوقت المعين له ، أو على غير الوجه المحدد له.
- فالمسؤولية العقدية ، باختصار ، هي جزاء إخلال أحد العاقدين بالتزام ناشئ عن العقد الذي أبرمه .
- و عناصر المسؤولية العقدية هي :
1- الخطأ :  من طرف المدين أو أن يكون عدم تنفيذ التزام المدين راجعا إلى أخطائه .
2- الضرر : الذي يصيب الدائن و الناجم عن إخلال المدين بالتزامه .
3- و علاقة السببية بين الخطأ و الضرر .

ملاحظة : لما كانت هذه العناصر ( أو الأركان ) الثلاثة هي بذاتها عناصر المسؤولية التقصيرية ، فإننا نقتصر ( في هذا الباب ) على ما يميز المسؤولية العقدية في هذه العناصر،( ونخلف دراسة كل ما هو مشترك بين نوعي المسؤولية المدنية إلى الجزء الثاني بالمسؤولية التقصيرية.

الفصـــل الأول : الخطأ العقدي
تعريف: الخطأ العقدي هو تنفيذ المدين لالتزامه الناشئ عن العقد على
الوجه الوارد فيه .سواء كان عدم تنفيذه كليا أو حقيقيا أو جزئيا ( و يدخل في هذه الصورة الأخيرة : التأخر في تنفيذه ).
و حسب المادة 176 من القانون المدني أن " إذا استحال على المدين أن ينفذ الالتزام عينا حكم عليه بتعويض الضرر الناجم عن عدم تنفيذ التزامه ، ما لم يثبت أن استحالة التنفيذ نشأت عن سبب لا بد له  فيه ، و يكون الحكم كذلك إذا تأخر المدين في تنفيذ التزامه ".
- فالمدين الذي لا ينفذ الالتزام الذي رتبه العقد في ذمته يرتكب الخطأ ، لعدم تنفيذه للعقد الذي يعتبره بالنسبة له ، بمثابة القانون .
- و أن محل الالتزام العقدي يكون تحقيق نتيجة أو بدل عناية.
و لهذا فعدم تنفيذ الالتزام الذي يتكون منه خطأ العاقد يتخذ حسب طبيعة الالتزام صورتين :
1- إما عدم تحقيق النتيجة .
2- أو القصور عن بذل العناية .


- و هكذا إذا كان الالتزام الذي ترتب بمقتضى العقد في ذمة المدين ، التزاما بتحقيق نتيجة ، يتوافر الخطأ في جانبه بمجرد عدم تحقيق هذه النتيجة لأنه أخل بالتعهد الذي أخذه في العقد على نفسه ، و لم ينجز ما التزم به وفقا له ( للالتزام ).
- و لا يجوز للمدين أن يقيم الدليل على انعدام الخطأ في جانبه ، لأنه هذا الخطأ وقع فعلا بعدم تنفيذه لالتزامه.
- أما إذا كان الالتزام الذي ترتب بمقتضى العقد في ذمة المدين إلتزامايبذل عناية ، لا يتوافر الخطأ في جانبه إلا إذا قصر عن العناية المطلوبة منه ( قانونا أو اتفاقا ) في اتخاذ الوسيلة التي تؤدي إلى الغاية التي أرادها العاقدين.
- فذلك القصور ( لا عدم تحقيق هذه الغاية ) هو عدم تنفيذ الالتزام الذي يتكون منه الخطأ.
- لأن المدين يكون قد وفى بالتزامه إذا بذل القدر المطلوب من العناية ، و لو لم تتحقق تلك الغاية .

- و على ذلك لا يقوم خطأ المدين بمجرد عدم تحقيق الغاية لأن محل التزامه بذل هذه العناية ، و لا يظهر الخطأ إلا بتقدير سلوك المدين و مقارنته بسلوك " الشخص العادي " و هذا حسب المادة 172 التي تنص أن :" في الالتزام بعمل ، إذا كان المطلوب من المدين أن يحافظ على شيء ، أو أن يقوم بإرادته أو أن يتوخى الحيطة في تنفيذ التزام فإن المدين يكون قد وفى بالالتزام إذا بذل في تنفيذه من العناية كل ما يبذله الشخص العادي ، و لو لم يتحقق الغرض المقصود ، و هذا ما لم ينص القانون أو الاتفاق على خلاف ذلك ".
و على كل حال يبقى المدين مسؤولا عن غشه أو خطئه الجسيم . ( أو بعبارة أخرى : يتكون خطأ المدين من الإهمال أو عدم الاحتياط ).
- فيما يخص جسامة الخطأ العقدي ، يجب الملاحظة أن لما كان الخطأ العقدي هو الإخلال بتنفيذ الالتزام أو ، في عبارة أخرى ، عدم تنفيذه على الوجه المتفق عليه في العقد ، سواء كان عدم التنفيذ كليا ، أو جزئيا ( كالتنفيذ المتأخر و التنفيذ العيب ) فلا يكون للأسباب ، أو البواعث التي أدت إليه ، أو الظروف التي لابسته ، أية أهمية في تقدير وجوده ، طالما لم ينشأ سبب أجنبي لا بد للمدين فيه.
- فيما يخص إثبات الخطأ العقدي  ، يجب التمييز بين ثلاثة مسائل :
1- إثبات وجود الالتزام  : هذا الإثبات يقع على عاتق الدائن .
2- إثبات عدم التنفيذ العيني : في هذه الحالة يجب على المدين أن يثبت قيامه بالتنفيذ 
( لكن فبعض الحالات ، يجب على الدائن إثبات أن النتيجة لم تتحقق ( إذا كان الالتزام بتحقيق غاية ) أو أن المدين لم يبذل العناية التي فرضها العقد بإثبات الإهمال أو عدم الاحتياط من طرف المدين ( إذا كان الالتزام ببذل عناية ).
3- أما علاقة السببية : فتنحصر في أنه إذا أثبت الدائن وجود الالتزام و عدم تنفيذه قامت مسؤولية المدين  و لا يتخلص منها إلا إذا ثبت " السبب الأجنبي ".
الفصـــل الثـــاني : الضرر
- لقيام المسؤولية العقدية ، لا يكفي ثبوت خطأ في جانب المدين ، بل يجب أن ينجم عن هذا الخطأ ضرر في جانب الدائن.
- و للضرر نوعان : * مادي 
                      * أو معنوي ( أو أدبي )
- و كلاهما يجب التعويض  عنه.
- ولا فرق بينهما من حيث الشروط التي يترتب عنها حق التعويض عن الضرر.
- لكن المشرع ، و في حالة معينة ،حدد الأشخاص اللذين  لهم حق المطالبة بالتعويض عن الضرر المعنوي.
- فيما يخص التعويض عن الضرر يجب القول أن الدائن يستحق تعويضا عن الضرر الذي لحقه من عدم تنفيذ المدين لالتزامه كليا أو جزئيا ، أو من تأخره في التنفيذ.
- ويترتب عادة على الإخلال بتنفيذ الالتزام أضرار عديدة ، بعضها ترتيب و الأخرى بعيد
- و لا يمكن مبدئيا أن يسأل المدين عن تعويض جميع هذه الأضرار البعيدة التي ضعفت صلتها بالخطأ الذي أرتكبه المدين.
- بعبارة أخرى يتعين الوقوف عند الضرر الذي ينتج مباشرة عن الإخلال المدين بالتزامه ، أو ما يسمى " بالضرر المباشر " : و هو ما يكون  " نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالالتزام أو للتأخير في الوفاء به " ( أي الضرر الذي " يرتبط بالخطأ بعلاقة السببية " )
- أما الضرر الغير المباشر فينجم ، في الواقع عن خطأ الدائن الذي كان في وسعه أن يبذل جهده معقول ، ولكنه لم يبذله ، ومن ثم لا يعتبر المدين مسؤولا عنه ، لعدم توفير علاقة سببية بينه و بين خطأ المدين.
- في القاعدة العامة يجب القول بأن المدين ، في المسؤولية العقدية ، لا يلتزم بتعويض كل الضرر المباشر ، و يتعين التمييز في حدود الضرر المباشر بين " المتوقع " و " غير المتوقع " ( ما عد إذا أرتكب المدين غشا أو خطأ جسيما ).
- و يقتصر التزامه المدين على تعويض الضرر الذي يتوقعه ، وقت التعاقد " الشخص العادي " حسب المعيار المادي ، و ليس المعيار الذاتي".
- أما  إثبات الضرر فيقع مبدئيا على الدائن و لكن يجوز للمدين أن يتخلص من الحكم عليه إذا أثبت العكس أي أن الدائن لم يلحقه أي ضرر.

الفصـــــل الثــــالث : علاقــــــة السببيــــــــة
- لا يكفي ( ليسأل المدين عن عدم تنفيذ التزامه العقدي ) أن يثبت خطأ في جانبه ، و ضرر لحق الدائن ، بل يجب أن يكون هذا الضرر نتيجة لذلك الخطأ ( أو بعبارة أخرى : يجب أن يكون الخطأ سبب الضرر ) .
- أما إذا وقع خطأ في المدين ، و لحق ضرر بالدائن ، فدون أن ذلك الخطأ هو السبب في الضرر ـ فلا تقوم المسؤولية العقدية ـ
-فعلاقة السببية هي الركن الثالث في المسؤولية العقدية ( بل فالمسؤولية المدنية عموما عقدية أو تقصيرية ).
1- إثبات العلاقة السببية :
- تقوم مسؤولية المدين متى ثبت عنصرا الخطأ و الضرر.
- و يجب عليه ، ليتخلص من هذه المسؤولية ، أن ينفي علاقة السببية بينهما ، بإقامة الدليل على أن الضرر الذي لحق الدائن لا يرجع لخطئه ، بل إلى سبب أجنبي عنه.
 و يعبر الفقه عن ذلك بأن علاقة السببية مفروضة أو مفترضة فلا يكلف الدائن بإثباته.
2- نفي علاقة السببية :
لا يستطيع المدين أن ينفي علاقة السببية إلا بإثبات السبب الأجنبي  : و يقصد به كل أمر غير منسوب إليه ( إلى المدين ) أدى إلى حدوث الضرر الذي لحق الدائن ( و يختلف من ثم عن انعدام الخطأ ) و أهم صورة هي القوة القاهرة أو الحادث الفجائي أو فعل الدائن ، أو فعل الغير يكفي لانعدام الخطأ ، أن يتفق سلوك المدين مع سلوك الرجل العادي .
- حين يجب لقيام  السبب الأجنبي أن يستحيل على الرجل العادي أن يسلك سبيلا آخر ، غير الذي سلكه المدين ، ( يقصد بالسبب الأجنبي كل أمر غير منسوب إلى المدين أدى إلى حدوث الضرر الذي لحق الدائن ) .
- لكن لا يكفي للمدين ليتخلص من المسؤولية أن يثبت انعدام الخطأ في جانبه (أو من طرفه) ، لأن عدم تنفيذ الالتزام هو الخطأ ذاته.
- بعبارة أخرى ، القاعدة هي : أنه في حالة عدم تنفيذ قوة قاهرة ، أو حادث فجائيا ، أدى إلى استحالة تنفيذه













الحادث الفجائي :
    الحادث الفجائي أو فعل الدائن ، أوفعل الغير يكفي لإنعدام الخطأ ، أن يتفق سلوك المدين مع سلوك الرجل العادي ، 
ـ حين يجب ، لقيام السبب الأجنبي أن يستحيل على الرجل العادي أن يسلك سبيلا آخر ، غير الذي سلكه المدين ، ( يقصد بالسبب الأجنبي كل أمر غير ، منسوب إلى المدين أدى إلى حدوث الضرر الذي لحق الدائن ) 
ـ لكن لا يكفي للمدين ليتخلص من المسؤولية أن يثبت إنعدام الخطأ في جانبه ( أو من طرفه ) ، لأنّ عدم تنفيذ الإلتزام ، لا يبرأ المدين إلاّ إذا أثبت واقعة معينة تعتبر قوة قاهرة ، أو حادث فجائيا  أدى إلى إستحالة تنفيذه.

ـ تعريف القوة القاهرة أو الحادث الفجائي :
ـ القضاء و الفقه لا يفرق ( في أغلب الأحيان ) بين القوة القاهرة ، و الحادث الفجائي ( ويعتبرانهما اسمين لمسمى واحد ) و آمر لا ينسب إلى المدين .
ـ شروط القوة القاهرة أو السبب لا جنبي بصفة عامة :
1 ـ أمر ـ ليس متوقعا حصوله 
2 ـ أمر ـ و غير ممكن دفعه
3 ـ أمر ـ يؤدي إلى إستحالة تنفيذ الإلتزام ـ ( ماديا  / معنويا / قانونيا ).
4 ـ أمر ـ أجنبي عن المدين ، أي لا يكون خطأ من طرف المدين

ـ أثر السبب الأجنبي : ( أي القوة القاهرة أو الحادث الفجائي ) ، تترتب على السبب الأجنبي إنتقاء مسؤولية المدين عن الإخلال بإلتزام الذي رتبه العقد في ذمته .
و لا يكون للدائن أن يطالبه بالتعويض عنه ، لا نقطع السببية بين الخطأ الذي أتاه المدين و الضرر الذي لحق الدائن .
ـ و يترتب على إستحالت تنفيذ الإلتزام.
أما ـ إنقضاء
أما ـ فسخ العقد
أما ـ وقفه




الباب الثاني ـ فسخ العقد ( و مايتصل به ).
     إلى جانب المسؤولية العقدية ـ فسخ العقد يعتبر عدم تنفيذ أحد العاقدين لما رتبه في ذمته من إلتزامات.
بعبارة أخرى يعتبر ( الفسخ ) حق كل عاقد ( في العقد الملزم للجانبين ) في أن يطلب ـ متى لم يقم العاقد الآخر بتنفيذ إلتزامه ـ حل الرابطة العقدية ـ و زوال كل أثارها ـ بأثر رجعي . فيتخلص من الإلتزامات التي فرضتها عليه.
و قد نص في المواد 119 إلى 122 من القانون المدني
( الأساس القانوني للفسخ هو نظرية السبب في العقود الملزمة للجانبين لأنّ في هذه الحالة ( أي في حالة تخلف الطرف الآخر  عن التنفيذ ) الإلتزام بلا سبب ).
سندرس في : الفصل الأول : فسخ العقد .
الفصل الثاني : الدفع بعدم التنفيذ
الفصل الثالث : أسباب زوال العقد الأخرى.

الفصل الأول : فسخ العقد 
يتضمن البحث في الفسخ دراسة ثلاثة مطالب .     
          ـ المطلب الأول : شروط الفسخ.        
ـ المطلب الثاني : تقرير الفسخ
          ـ المطلب الثالث : آثار الفسخ
المطلب الأول : شروط الفسخ
     حسب المادة 119 الفقرة الأولى من القانون المدني : لقيام الحق في فسخ العقد يجب توافر ثلاثة شروط:

الشرط الأول : أن يكون العقد ملزما للجانبين (    ) أي يوجد فيه إلتزامان يتقبلان ).
الشرط الثاني : أن يكون أحد العاقدين قد تختلف من تنفيذ إلتزامه 
الشرط الثالث : أن يكون العاقد الآخر الذي يطلب الفسخ ، قد نفذ إلتزامه ، أو على الأقل مستعدا لتنفيذه.



المطلب الثاني : تقرير الفسخ
     كيف يتقرر الفسخ ؟
ـ في القاعدة العامة ، يقع الفسخ بحكم القاضي ، لأنه جزاء الإخلال بإلتزامات ناشئة عن العقد.
ـ فيتعين تدخل القاضي ليراقب توافر شروطه ( الفسخ ) ـ ثمّ يقضي به.
ـ و مع ذلك ، يجوز إتفاق العاقدين ( مقدما أو مسبقا ) ، على إعتبار العقد مفسوخا عند إخلال أحدهما بإلتزامه ، فيقع الفسخ بمقتضى هذا الإتفاق.
ـ فالفسخ إذن يكون قضائيا ـ أو إتفاقيا.

) أولا : الفسخ القضائي : ( أو الفسخ بحكم القضاء ).1
ـ يجب على الدائن ـ حتى يطلب فسخ العقد ، أن يعذرالمدين مطالبا أياه بالتنفيذ ، و قد نص صراحة في المادة 119 الفقرة الأولى من القانون المدني على ضرورة هذا الإعذار : " في العقود الملزمة للجانبين ، إذا لم يوفى أحد المتعاقدين بإلتزامه جاز للمتعاد الآخر بعد إذاره المدين أن يطالب بتنفيذ العقد أو فسخه ، مع التعويض في الحالتين إذا أقتضى الحال ذلك ".
ـ و مع ذلك ، ( في بعض الحالات ) ، لا ضرورة للإعذار ، مثلا :
ـ إذا أصبح تنفيذ الإلتزام غير ممكن بفعل المدين
ـ بفوات ميعاد مثلا 
ـ أو كان محله إمتناعا عن العمل أتاه ( أو قام به ) المدين
ـ أو إذا صرح المدين عتابه أنه لا يريد القيام بإلتزامه .
ـ يجب التوضيح أنّ : فإذا ما رفع الدائن دعوى الفسخ ، فإنّ الحكم بالفسخ لا يكون حتميا ، بل يكون هناك خيار بين الفسخ و التنفيذ .
ـ و هذا الخيار يكون لكل من الدائن ، و المدين ، و القاضي .
ـ فللدائن / ـ بعد أن يرفع دعوى الفسخ : أن يعدل ( قبل الحكم به ) إلى طلب التنفيذ ( عينيا أو بمقابل).
ـ كما أنه ، له إذا كان قد رفع دعوى بطلب التنفيذ ، أن يعدل عنه إلى طلب الفسخ.
ـ و للمدين / ـ قبل الحكم النهائي بالفسخ : أن ينفذ إلتزامه (            ) ( فيتجنب الحكم به ، حين لا يبقى أمام القاضي إلا أن يقدر ما إذا كان نهائي هناك محل للحكم بالتعويض على المدين لتأخيره في تنفيذ إلتزامه).
ـ و القاضي /ـ إزاء طلب الفسخ ، سلطة تقديرية قررتها له المادة 119 الفقرة 2 من القانون المدني التي بمقتضاها " و يجوز للقاضي أن يمنح المدين أجلا حسب الظروف ، كما يجوز له أن يرفض الفسخ إذا كان ما لم يوف له المدين قليل الأهمية بالنسبة إلى كامل الإلتزامات ".

) ـ الفسخ الإتفاقي : ( أو الفسخ بالإتفاق ) 2
ـ حسب المادة 120      من القانون المدني : " يجوز الإتفاق على أن يعتبر العقد مفسوخا بحكم القانون عند عدم الوفاء بالإلتزامات الناشئة عنه بمجرد تحقيق الشروط المتفق عليها و بدون حاجة إلى حكم قضائي، و هذا الشرط لا يعفي من الإعذار ، الذي يحدد حسب العرف عند عدم تحديده من طرف المتعاقدين ".
( هذا الإتفاق يسمى " الشرط الفاسخ الصريح " تمييزا له عن الفسخ القضائي الذي على فكرة " الشرط الفاسخ الضمني "
ـ و بالإتفاق الأول ( الشرط الفاسخ الصريح ) يقع الفسخ بمجرد تحقق الشرط ، فيتجنب العاقدان به تدخل القاضي في تقرير الفسخ ، الذي يقع بتحقيق الشرط ، من تلقاء نفسه .
ـ و في هذه الحالة ( الإخلال بالتزام ) لا يملك القاضي سوى الحقق من إخلال المدين بالتزامه ، و الحكم بوقوع الفسخ نتيجة لتحقيق الشرط.
ـ و في ذلك رفع عن المدين لتلك الحماية التي يوفرها له الفسخ القضائي بالخيار الذي يقرره له بين الفسخ و التنفيذ ، و بالسلطة التقديرية التي منحها للقاضي إزاء طلبه.
ـ يجب التوضيح أنّ هذا الفسخ بالإتفاق لا يعفي من الإعذار ( المنصوص عليه في المادة 120 من القانون المدني أعلاه ) ، إلاّ إذا اتفق الطرفان صرحة على الإعفاء منه . في هذه الحالة الإتفاق 
يحل محل حكم الفسخ ( بعبارة أخرى هذا الإتفاق على الإعفاء من الإعذار ، يقرر الفسخ .

المطلب الثالث : أثار الفسخ
     حسب المادة 122 من القانون المدني : " إذا فسخ العقد أعيد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد  ، فإذا استحال ذلك جاز للمحكمة أن تحكم بالتعويض "
ـ و على ذلك يترتب على الفسخ ( القضائي ـ أو الإتفاقي ) زوال العقد يرتد أثاره إلى وقت إبرامه، و يعاد العاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل قيامه.
( الآثار ) ـ فيما بين العاقدين : يزول العقد بأثر رجعي ( المادة 122 من القانون المدني التي تنص " إذا فسخ العقد أعيد المتعاقدان إلى الحالة  التي كانا عليها قبل العقد ، فإذا استحال ذلك جاز للمحكمة أن تحكم بالتعويض ".
ـ فإذا استحالت إعادة العاقدين إلى ما كانا عليه قبل العقد ، فيحكم بالتعويض لصالح طالب الفسخ و هذا حسب المادة 122 من القانون المدني المشار إليه أعلاه .
( الأثار ) ـ أمّا بالنسبة للتغيير : فالفسخ ( كالبطلان ) يجاوز أثره العاقدين إلى الغير.

الفصل الثاني : الدفع بعدم التنفيذ
     تعريف : الدفع بعدم التنفيذ هو حق كل عاقد ( في العقد الملزم للجانبين ) ، إذا ما طلبه العاقد     الآخر بتنفيذ إلتزامه ، أن يمتنع عنه إلى أن يقوم هذا الأخير بتنفيذ ما التزم به .
حسب المادة 123 من القانون المدني : " في العقود الملزمة للجانبين إذا كانت الإلتزامات المتقابلة مستحقة الوفاء جاز لكل من المتعاقدين أن يتمتع عن تنفيذ إلتزامه إذا لم يقم المتعاقد الآخر بتنفيذ ما التزم به.
إذا يجب لا مكان التمسك بالدفع ( بعدم التنفيذ) أن يكون الإلتزام الذي يدفع بعدم تنفيذه مستحق الوفاء ، أو في عبارة أخرى واجب التنفيذ من وفوره.
ـ فلا يجوز الدفع بعدم التنفيذ في بعض الحالات : مثلا :
ـ عندما يتفق العاقدان ، ( أو تجرى العادات ) على أن ينفذ أحد العاقدين إلتزامه قبل الآخر ( كعامل أو صاحب الفندق يقدم عمله أو خدماته لصاحب العمل أو للعميل قبل أن يتقاضى أجرة العمل أو ثمن الخدمات).
ـ و يجب في النهاية أن يكون العاقد ( في التمسيك بالدفع ) حسن النية.

الفصل الثالث / أسباب العقد الأخرى : ( أو إنحلال العقد
     يقصد بإنحلال العقد زواله ، بعد إبرامه ، و الإنحلال يتعلق بعقد نشأ صحيحا ثم يزول باثر    رجعي : كالفسخ ـ و الإلغاء ـ بالإرادة المنفردة ـ و التقابل ـ و الرجوع ـ و الإبطال  و من ثم يختلف الإنحلال عن : الإنقضاء.
في الإنقضاء : يزول العقد بالتنفيذ ( أو بوفاة المدين إذا كانت شخصية هذا الغخير محل إعتبار ) أو بإنتهاء المدة.
ـ الإلغاء بالإدارة المنفردة : 1
ـ عندما يرخص القانون أو العقد نفسه ـ فيمكن أن ينحل العقد ( دون أثر رجعي ) بإلغائه بإرادة أحد طرفيه مثلا : في العقود الغير محددة المدة ( أو العقود تازمنية ) كعقد الإيجار أو عقد العمل ، أو عقد الشركة ـ إذا أبرمت لمدة غير محددة .
ـ ( أو إذا تقرر بنص في القانون ـ لأحد طرفيه ـ حق إلغائه بإرادته المنفردة.
2ـ الإقامة ( أو التقابل) :
ـ ينحل العقد ـ في كل الأحوال ـ بإتفاق طرفيه ـ فالإرادة المشتركة التي أنشأت العقد قادرة في كل وقت على إلغائه.
بصفة عامة لا يوجد ما يمنع الإتفاق على أن يكون إلإلغائه بأثر رجعي ( لكن لا يمكن على كل حال ـ أن يمس هذا الأثر الرجعي بحقوق الغير )
3 ـ الرجوع ( أو رجوع المتعاقد بإرادته المنفردة ) 
في الحقيقة قانون العقد ينتفي و الرجوع ، و لهذا فالرجوع لا يجوز قانونا إلا في الهبة و تحت بعض الشروط ( أنظر )
أنظر الجزء الأول : المصادر الإرادية 
1) العقــد
2) ـ الإرادة المنفردة.
ما هو دور الإرادة المنفردة في ترتيب الأثار القانوني ؟.
ـ يقصد بها ( أي بالإرادة المنفردة ) إرادة شخص لواحد.
و هي قادرة ، في القانون الوضعي ، على إنشاء أثار قانونية متعددة ، فمثلا قانونية متعددة ، مثلا : نقل أو إنشاء الحقوق العينية ، كما في الوضعية ـ ( أو إنهاء هذه الحقوق : كالنزوفل عن ( إتفاق أو عن رهن )
و هي قادرة كذلك على تصحيح عقد قابل للإبطال ، كما في الإجازة .
و على جعل العقد يسري في مواجهة من لم يكن طرفا فيه ـ كإقرار الأصيل لتصرف النائب الذي جاوز فيه حدود النيابة ، و لإقرار المالك الحقيقي لبيع ملك الغير.
ـ و قادرة أخيرا ـ على إنهاءالعقد ذى المدة غير المحددة ( و في بعض الحالات و لو كانت مدته محددة ( كالوكالة )
أمّا في دائرة الحقوق الشخصية أو الإلتزامات فإنّ الإرادة المنفردة قادرة كذلك على إنهاء الإلتزام
ـ و لم يبقى من ثم سوى إنشاء الإلتزام : هل تستطيع الإرادة المنفردة أن تنشىء الإلتزام ؟
ليس في المنطق القانوني ما يمنع الإرادة المنفردة أن تكون مصدرا للإلتزام ، مادام القانون يمنحها القدرة على إنشائه.
ـ على أنّ البحث في الإعتراف للإرادة المنفردة بالقدرة على إنشاء الإلتزام ليس متصورا في الجانب الإيجابي له : فلا يمكن أن يكون إنشاء الإلتزام بإرادة الدائن قاعدة في الشرائع الوضعية ، و هذا لحماية الفرد و ضمان إستقلاله ، دون رضاه ،  بعبارة أخرى : أنّ الفرد لا يستطيع إثقال غيره بإلتزام إلا في حالات إستثنائية يعترف القانون فيها لإرادة الدائن به : و أظهر هذه الحالات هي
 " الفضالة " ، حيث تكون إرادة الفضولي مصدرا لإلتزامات رب العمل ، و تقريرها لمصلحة المدين.
ـ إنما لا تقوم تلك الإعتبارات عائقا في سبيل الإعتراف بقدرة الإرادة المنفردة أن تنشىء الإلتزام ؟
ليس في المنطق القانوني ما يمنع الإرادة المنفردة أن تكون مصدرا للإلتزام ، مادام القانون يمنحها القدرة على إنشائه.
ـ على أنّ البحث في الإعتراف للإرادة المنفردة بالقدرة على إنشاء الإلتزام ليس متصورا في الجانب الإيجابي له : فلا يمكن أن يكون إنشاء الإلتزام بإرادة الدائن قاعدة في الشرائع الوضعية ، و هذا لحماية الفرد و ضمان إستقلاله ، دون التسليم بأن يصبح الشخص مدينا دون رضاه ، ( بعبارة أخرى: أنّ الفرد لا يستطيع إثقال غيره بإلتزام إلا في حالات إستثنائية يعترف القانون فيها لإرادة الدائن به : و أظهر هذه الحالات هي " الفضالة " ، حيث تكون إرادة الفضولي مصدرا لإلتزامات رب العمل ، و تقريرها لمصلحة المدين.
ـ إنما لا تقوم تلك الإعتبارات عائقا في سبيل الإعتراف بقدرة الإرادة المنفردة على إنشاء الإلتزام في جانبه السلبي في ذمة صاحبها ، بحيث يصير هذا الأخير مدينا لغيره ( لا دائنا له ).
ـ و إذا كانت حماية إستقلال الفرد تحول دون جعله دائنا ، فيكفي لتحقيقها ، أن يترك له خيار.
بين قبول الحق أو رفضه ، إنما يلتزم الواعد نهائيابوعده ، بمجرد التعبيير عن إرادته فيه 
ـ ( و لا يجوز له التحلل منه ) ، ففي صفة النهائية : للوعد تكمن الخصيصة الأساسية للإلتزام بالإرادة المنفردة .
ـ و مع ذلك ، لا يمكن الإعتلراف بالإرادة المنفردة على هذا الوجه الأخير : مصدر عاما للإلتزام لإعتبار هام له وضوح البديهية : لماذا لا يستطيع الفرد أن ينقض وحده ، ما أقامه بإرادته المنفردة ؟ 
لا يتصور عقلا أن يمنعه القانون من الرجوع فيما وعد به ، لأنّ ما تقيمه الإرادة يمكنها بداهة أن تزيله ـ إلى إذا وجد إعتبار خاص يدعو إلى حماية المصلحة المشروعة للمنتفع من وعده .
ـ في النهاية : يمكن القول أن الإرادة المنفردة لا تستطيع أن تنشىء إلتزاما إلا حيث أجيز لها بنصوص خاصة ـ إنشاؤه.
ـ و تعتبر الإرادة المنفردة ـ على هذا الوجه ـ مصدرا إستثنائيا للإلتزام ، ( إلى جانب المصدر العام و هو العقد ).


الجزء الثاني : المصادر غير الإرادية .
القسم الأول : العمل غير المشروع : ( المسؤولية التقصيرية )
تمهيد:
     المسؤولية القانونية : أمّا أن تكون جنائية ، و أما أن تكون مدنية ، بعبارة أخرى : 
ـ إذا كانت المسؤولية القانونية : ( عموما ) ( على خلاف المسؤولية الخلقية ) هي أن يحاسب شخص على ضرر أحدثه بغيره ، فإنها تنقسم ( بحسب ما إذا كان هذا الضرر يقتصر على الأفراد ، أم يصيب الجماعة ) ـ إلى مسؤولية جنائية ـ و مسؤولية مدنية .
ـ المسؤولية المدنية : هي الإلتزام بتعويض الضرر الناشئ عن الإخلال بالإلتزام عقدي أو قانوني .
ـ و تنقسم المسؤولية المدنية تقليديا إلى :

 1       ) ـ المسؤولية العقدية : تقوم إذا كنا بصدد إخلال بإلتزام عقدي .
أو بعبارة أخرى : هي المسؤولية التي تترتب على عدم تنفيذ الإلتزام الناشئ عن العقد على الوجه المتفق عليه فيه ( في العقد )
    
    2) ـ أمّ المسؤولية التقصيرية : تقوم إذا كنا بصدد إخلال بإلتزام قانوني .
أو بعبارة أخرى : هي المسؤولية التي تقوم على إلزام القانون بتعويض الضرر الذي ينشأ دون علاقة عقدية بين المسؤول عنه و الذي كان ضحيته.
مــلاحــظة : من بين مصادر الإلتزام نجد :
1ـ " الجريمة " و " شبه الجريمة " :( هما مصدر واحد ( غير منفصلين )) ذلك هو العمل غير المشروع.
أ) ـ ( الجريمة أو الجنحة ) المدنية : هي الفعل الصادر عن عمد.
و شبه ( الجريمة أو الجنحة ) هي الفعل الصادر عن إهمال.

1                ـ الفارق بين المسؤلية المدنية و المسؤولية الجنائية :
ـ المسؤولية الجنائية : فهي جزاء الأضرار بالجماعة التي يتعين لحمايتها توقيع عقوبة على المسؤول فيها ، بناء على طلب النيابة العامة بإعتبارها ممثلة للجماعة .
ـ أمذا المسؤولية المدنية : فتقوم جزاء الأضرار بالمصالح الخاصة أو الفردية .
و يترتب على أخلاف أساس المسؤوليتين عدة نتائج ، من بينهما :
1) ـ أنّ العقوبة عن الجريمة الجنائية تتناسب مع جسامة خطأ المتهم ( حين أن التعويض عن الفعل الضار، في المسؤولية المدنية لا علاقة له بجسامة خطأ المسؤول .
2 ) ـ في المسؤولية المدنية الجزاء هو : التعويض .
ـ أمّا في المسؤولية الجنائية الجزاء هو : العقوبة .
3 ) ـ في المسؤولية الجنائية : يباشر الدعوى الجنائية ( أو العمومية ) المجتمع ممثلا من طرف النيابة العامة و بصفة عامة ـ لا يجوز فيها الصلح و التنازل
ـ أمّا الدعوى المدنية فيباشرها الشخص المضرر و يجوز فيها الصلح و التنازل .
4 ) ـ في المسؤوليةالجنائية : الأعمال الموجبة لهذه المسؤولية محددة بنص قانوني .
ـ أمّا في المسؤولية المدنية : الأعمال غير محددة بنص هي كل عمل غير مشروع يسبب ضرر للغير.
5) ـ بعض الأفعال تترتب عليها مسؤولية جنائية 
ـ دون المسؤولية المدنية  
ـ و العكس : بعض الأفعال تترتب عليها مسؤولية مدنية ، دون المسؤولية الجنائية 
ـ و لكن توجد دائرة مشتركة بين المسؤوليتين ، مثلا في جرائم الأشخاص ( كالقتل العمدي أو الخطأ) و ( جرائم الأموال ) ( كالسرقة و خيانة الأمانة ....... )
6) ـ فيها يتعلق بالإختصاص : يجوز رفع دعوى المسؤولية المدنية عن الفعل الضار و إلى المحكمة الجنائية التي رفعت إليها الدعوى العمومية ( الجنائية ) . فتفصل هذه المحكمة في الأولى مع الثانية .( المادة 3 من قانون الإجراءات الجزائية ).
7) ـ فيما يتعلق بوقف الدعوى المدنية :إذا رفعت دعوى المدنية أمام المحكمة المدنية ، و الدعوى العمومية أمام المحكمة الجنائية ، تعيين على المحكمة المدنية أن تقف الدعوى المدنية إلى أن تفصل المحكمة الجنائية في الدعوى الجنائية.
و يعبر عن ذلك بأنّ " الجنائي يوقف المدني "
8) ـ من حيث التقادم ( تسقط ) دعوى ( التعويض ) المسؤولية المدنية عن الفعل الضار إلاّ بتقادم الدعوى العمومية عن الجريمة.
( غير أنّ دعوى التعويض تتقادم طبقا لأحكام القانون المدني ( المادة 10 من قانون الإجراءات الجزائية))
9) ـ قوة الأمر ( الشئ ) المحكوم فيه : و إذا قضت المحكمة الجنائية في الدعوى العمومية بحكم حاز قوة الشيء المحكوم فيه : قيدت المحكمة المدنية عقد الفصل في الدعوى المدنية ـ بالوقائع التي أثبتها القاضي الجنائي في حكمه .
و لكنها لا تتقيد بالتكييف القانوني لهذه الوقائع ، و تستطيع أن تكيف الوقائع ( كما أثبتها الحكم الجنائي)، تكييفا آخر ، أي غير الذي أخذت به المحكمة الجنائية.
2)ـ الفارق بين المسؤوليتين :
      العقدية و التقصيرية ، ظلت سائدة طيلة القرن التاسع عشر .
و لكنها تعرضت للنقد في الفقه الحديث الذي رأى في أساس المسؤولية المدنية إخلال بإلتزام ـ فتكون ـ في الحالتين ( بنوعيها       ) ، ذات طبيعة واحدة ـ سواء نشأ هذا الإلتزام عن عقد أن عن القانون.
فأركان المسؤولية المدنية واحدة ـ سواء كانت عقدية أم تقصيرية : تقوم ( في الحالتين ) على الخطأ ـ و يترتب عليها في الحالتين تعويض الضرر.
و مع ذلك إذا كانت العناصر الأساسية للمسؤولية المدنية ( في نوعيها      ) واحدة ، فإنّ فروقها هامة تقوم من الناحية الفنية بينهما ، لإختلاف التنظيم التشريعي للمسؤولية العقدية من بعض الوجوه عن المسؤولية التقصيرية . و أهم هذه الفروق هي :
الاعذار ، فالاعذار الذي تستلزمه المادة 119 الفقرة لاستحقاق التعويض ـ يقتصر على المسؤولية العقدية ( و يعفى منه الدائن في المسؤولية التقصيرية ).
الأهلية : كما أشرنا سابقا ، فالأهلية شرط للإلتزام بمقتضى العقد ـ (أي المسؤولية العقدية تستلزم الأهلية الكاملة ، ناقص الأهلية لا يلتزم بعقده ) و لكن يلتزم الشخص ـ بعمله غير المشروع ، متى كان مميزا ( أي : في المسؤولية التقصيرية يكفي توافر التمييز لدى المسؤول ).
ـ ( لكن البعض ( أنصار وحدة المسؤولية ) يقولون : أن:
ـ سبب المسؤولية العقدية ليس العقد ـ و لكن مخالفة الإلتزام الناشئ عن العقد.
ـ سبب المسؤولية التقصيرية ليس القانون ـ و لكن مخالفة الإلتزام الناشئ عن القانون
ـ و في الحالتين لا يتطلب توافر الأهلية لدى المسؤول.
التعويض : لا يلتزم المدين ( الذي يخل بإلتزامه الناشئ عن العقد ) إلا بتعويض الضرر " الذي كان يمكن توقعه عادة وقت التعاقد " ، مالم يكن قد ارتكب غشا أو خطأ جسيما ـ و في ذلك تنص المادة 182 الفقرة 2  من القانون المدني : " غير أنه إذا كان اللإلتزام مصدره العقد ، فلا يلتزم المدين الذي لم يرتكب غشا أو خطأ جسيما إلا بتعويض الضرر الذي كان يمكن توقعه عادة وقت التعاقد".
و لكن المدين ( في إلتزام عن فعل غير مشروع ) يلتزم بتعويض كل الضرر المباشر متوقعا أو غير متوقع.


التضامن :
     لا  تضامن بين المدينين في الإلتزام الناشء عن العقد (ـ إلاّ إذا اتفق أو نص عليه القانون.
و لكن التضامن بين المسؤولين عن الفعل الضار مفروض بحكم القانون المادة 126  من القانون المدني : " إذا تعدد المسؤولين عن عمل ضار كانوا متضامنين في إلتزامهم بتعويض الضرر، و تكون المسؤولية فيما بينهم بالتساوي إلاّ إذا عين القاضي نصيب كل منهم في الإلتزام بالتعويض".
الإتفاق على الإعفاء من المسؤولية :
يجوز الإتفاق ( في حدود معينة ) على الإعفاء من المسؤولية العقدية ( المادة 178 الفقرة 2 من القانون المدني ) : " و كذلك يجوز الإتفاق على إعفاء المدين من أية مسؤولية تترتب على تنفيذ إلتزامه التعاقدي ، إلاّ ما ينشأ عن غشه ، أو عن خطئه الجسيم غير أنه يجوز للمدين أن يشترط إعفاءه من المسؤولية الناجمة عن الغش ، أو الخطأ الجسيم الذي يقع من أشخاص يستخدمهم في تنفيذ إلتزامه ".
و لكن يقع ( في جميع الأحوال " باطلا كل إتفاق على الإعفاء من المسؤولية التقصيرية ، المادة 178 الفقرة 3 من القانون المدني :" و يبطل كل شرط يقضي بالإعفاء من المسؤولية الناجمة عن العمل الإجرامي ".
التقـــادم : دعوى المسؤولية العقدية تتقادم بـ 15 سنة ، حسب المادة 308 من القانون المدني : " يتقادم الإلتزام بإنقضاء خمسة عشرة سنة عدا الحالات التي ورد فيها نص خاص في القانون و فيما عدا الإستثناءات الأتية "
ـ أمّا دعوى المسؤولية التقصيرية فتتقادم بـ 15 سنة من يوم وقوع العمل الضار ، المادة 133 من القانون المدني : " تسقط دعوى التعويض بإنقضاء خمسة عشرة سنة من يوم وقوع العمل الضار ".
درجة الخطأ : البعض ( أنصار الإزدواجية المسؤولية ) يشترط أن يكون ( الخطأ العقدي على درجة معينة من الجسامة ).
 ـ بينما يكفي أن يكون الخطأ تافها في المسؤولية التقصيرية .
ـ لكن القضاء يأخذ بمعيار واحد في مقياس الخطأ : هو الرجل المعتاد.
عبء الإثبات : في المسؤولية العقدية : عبء الإثبات يقع على عاتق المدين .
في المسؤولية التقصيرية : عبء الإثبات يقع على عاتق الدائن

3 ) ـ نطاق المسؤولية العقدية :
ـ بتحديد نطاق المسؤولية العقدية بالعلاقات الناشئة عن عقد صحيح بين المسؤول و المضرور.
ـ فيجب ـ لقيام المسؤولية العقدية :
من ناحية : 1) ـ أن يوجد عقد صحيح بين المسؤول عن الضرر من كان صحبته.
و من ناحية أخرى : 2) ـ أن ينشأ الضرر عن عدم تنفيذ العقد القائم بينهما .
أولا : يجب أن يوجد عقد بين المسؤول و المضرور :
ـ فبدون هذا العقد ، لا يمكن أن تقوم مسؤولية عقدية ، و قد أثر تكييف النقل المجاني خلافا في القضاء الفرنسي.
ـ استقر بعده على عقد قيام مسؤولية عقدية عنه ، لعدم اعتباره عقدا ، فهو لا يعتبر عقد نقل إذا لا أجرة فيه ( و لا عقد غير مسمى ) ، لعدم إتجاه  نية طرفيه إلى انشاء رابطة قانونية بينهما به ، فإذا دعي صديق ( على وجه المجاملة ) للركوب في سيارة صديقه ، و أصيب في أثناء نقله ـ لا تكون مسؤولية هذا الأخير عن هذه الإصابة إلى تقصيرية . و كذلك ، لا تقوم مسؤولية عقدية في المرحلة السابقة على التعاقد ـ و لا في المرحلة اللاحقة لانحلال العقد.

أولا : يجب أن يوجد عقد بين المسؤول و المضرور :
ـ فبدون هذا العقد ، لا يمكن أن تقوم مسؤولية عقدية ، و قد أثار تكييف النقل المجاني خلافا في القضاء الفرنسي .
ـ استقر بعده على عقد قيام مسؤولية عقدية عنه ، لعدم اعتباره عقدا . فهو لا يعتبر عقد نقل إذا لا أجرة فيه ( و لا عقد غير مسمى ) ، لعدم اتجاه نية طرفية إلى انشاء رابطة قانونية بينهما به ، فإذا دعي صديق ( على وجه المجاملة ) للركوب في سيارة صديقه ، و أصيب في أثناء نقله ـ لا تكون مسؤولية هذا الأخير عن هذه الإصابة إلى تقصيرية . و كذلك ، لا تقوم مسؤولية عقدية في المرحلة السابقة على التعاقد ـ و لا في المرحلة اللاحقة لإنحلال العقد.
إذا : فالمسؤولية العقدية تظهر بإبرام العقد ، و تختفي بإنقضائه.
ـ من جهة أخرى ، يجب أن يقوم العقد صحيحا . فلا تقوم المسؤولية العقدية إلاّ بوجود عقد صحيح . أمّا إذا كان العقد باطلا ، أو تقرر ابطاله ، فلا يمكن أن ينشأ بين طرفيه سوى مسؤولية تقصيرية.
ـ و يتعين ، كذلك ، أن يكون العقد الصحيح قائما بين المسؤول عن الضرر ومن كان ضحيته فيخضع تدخل الغير في العلاقات العقدية لقواعد المسؤولية التقصيرية.


ثانيا : يجب أن ينشأ الضرر عن عدم تنفيذ العقد : ( القائم بينهما ):
ـ لا يكفي ـ لقيام المسؤولية العقدية ـ وجود عقد صحيح بين المسؤول عن الضرر من كان ضحيته .
ـ بل يجب كذلك أن يكون الضرر نتيجة الإخلال بإلتزام ناشئ عنه ـ بدون تمييز بين إلتزام رئيسي و إلتزام ناشئ ثانوي ـ أو تفرقة بين إلتزام أو حدته بنود العقد ـ و إلتزام فرضته نصوص مقرر.
ـ و يتعين على القاضي تفسير إرادة العاقدين ـ لتعيين مضمون العقد ـ و تحديد الإلتزامات الناشئة عنه ـ و التي تقوم المسؤولية العقدية جزاء الإخلال بها.
هل يجوز الجمع  أو الإخيرة  بين المسؤوليتين : العقدية أو التقصيرية ؟
ـ إذا كان نطاق المسؤولية العقدية تحدد على الوجه الذي درسناه سابقا ـ فإنه قد تعبر ( ووفقا ) له نطاق المسؤولية التقصيرية . لأنّ نطاق هذه الأخيرة يتحدد خارج نطاق الأولى .
ـ ففي كل مرة لا تتوافر شروط المسؤولية العقدية ، يكون للدائن أن يتمسك بمبادئ المسؤولية التقصيرية ـ التي يحدد نطاقها خارج العلاقات العقدية و يخضع لها من لا تقوم بينهم هذه العلاقات.
ـ و لكن هل يقتصع تطبيق المسؤولية التقصيرية على هؤولاء الآخرين ( خارج العلاقات العقدية ) ـ بحيث لا يستطيع العاقد تطبيق الذي أصابه ضرر من إخلال العاقد الآخر بإلتزامه الناشئ . عن العقد إلاّ التمسك بقواعد المسؤولية العقدية ـ أو يمتد نطاقها ( المسؤولية التقصيرية ) إلى العلاقات العقدية و يخضع لقواعدها أطراف العقود كما يخضع الأجانب عنهما ـ بحيث يكون للعاقد أن يختار بين المسؤوليتين وفقا لمصلحته : فيترك دعوى المسؤولية العقدية لرفع دعوى المسؤولية التقصيرية.
ـ لا شك أنّ الدائن لا يستطيع التمسك بالمسؤوليتين ، لأنّ الضرر لا يمكن تعويضه مرتين ، و لا بمعنى رفع دعوى واحدة يجمع فيها بين قواعد المسؤوليتين : لأنّ الدائن لا يستطيع أن يرفع إلى أحد الدعوتين : أمام التي يخلط فيها بين خصائص الدعوتين فهي : ليست بالدعوى العقدية . و لا بالدعوى التقصيرية : بل هي دعوى ثالثة لا يعرفها القانون الوضعي  .
ـ لذلك إذا نقش الفقه مسألة " الجمع " بين المسؤوليتين ، فإنما يناقش ـ في الحقيقة ـ إمكان إجتماعهما  معا في نطاق العلاقات العقدية ـ ليختار الدائن بينهما : و يرفع ( ووفقا لمصلحته ) :
ـ دعوى المسؤولية العقدية.
ـ أو دعوى المسؤولية التقصيرية .
ـ أو عدم إمكانه ، بحيث لا يكون أمام العاقد سوى دعوى المسؤولية العقدية .
و تعطي الفروق القائمة ـ في التشريع ـ بين المسؤوليتين ( و التي أشرنا إليها ـ و على الخصوص ما تعلق منهما بإمكان الإتفاق على الإعفاء من المسؤولية ـ و تضامن تالمسؤولين ـ و مدى التعويض عن الضرر ) لهذه المسألة أهمية المسألة أهمية كبيرة.
و ظفرت هذه المسألة بعناية الفقه الفرنسي و كثرت فيهما بحوثه . و نادي الفقهاء بعدم جواز " الجمع" إستنادا إلى إستقلال كل من المسؤوليتين يؤدي إلى إستبعاد أحدهما من نطاق الأخرى.
ـ فكل مسؤولية (   ) مكانا في التقنين تتفرد فيه لنظام خاص ، و لا يمكن ـ من ناحية الفنية ـ تطبيق المبادئ التي وضعت لأحداهما على الأخرى.
ـ أمّا البعض من الفقهاء يقبل " الخبرة " على أساس أنّ المسؤولية التقصيرية من النظام العام  .
ـ  يميل القضاء ( في أغلبيته ) إلى رفض أخد العاقدين بمبادئ المسؤولية التقصيرية :
و هكذا لا يستطيع الدائن ( إذا أراد إثبات خطأ المدين ) إغفال العقد الذي يقوم بينهما ليعامل هذا الأخير كأجنبي عنه ـ إذا لولا قيام هكذا العقد لما أمكن تحقق للضرر.
5) ـ أساس المسؤولية التقصيرية و تطورها :
      و إذا كانت المسؤولية التقصيرية هي الإلتزام بتعويض الضرر الذي يحيق يالغير ، فإنّ البحث في أساسها معناه تحديد د الأسباب التي دعت ( في القانون الوضعي ) إلى قيام هكذا الإلتزام .
ـ ليست المسؤولية ـ في الحقيقة ـ سوى توزيع للأضرار التي تقع في الجماعة على بعض الأفراد فيها. ففي كل جماعة تقع أضرار متنوعة ( نتيجة حتمية لتزاحم أفرادها في إشباع حاجاتهم ـ و لتشابك مصالحهم.
ـ و تزداد هذه الأضرار ( على مر الزمن ) بزيادة كثافة السكان ـ و اتساع نشاطهم و تشعبعبه .
ـ و يتعين على الجماعة ( بداهة ) أن تحاول ما أمكنها ـ منع وقوعها ـ أو الإقلال من فرض تحققها و إلاّ تفاقمها إلى تهديد كيان كل فرد فيها و إعاقة نشاطه على نحو يعرقل تقدم المجموع و يعبث بأمنه.
ـ و إذا كان الحل المثالي يكمن في تشريع وقائي يؤدي إلى تجنب وقوع الأضرار و يمنع قيام أسبابها ـ (كتنظيم المرور في الطرقات تفاديا للحوادث ـ و اقتضاء " مواصفة " معينة في الأبنية منعا لانهيارها) فإنّ نجاح هذا التشريع لن يكون إلاّ نسبيا ـ كما أنّ وقوع الأضرار ( في الحياة الإجتماعية) لا يمكن منعه بالكلية ـ لأنها في الحقيقة ـ تلازم نشاط الأفراد فيها ـ و تعتبر له ـ ( من ثم ) نتيجة حتمية . فلم يبقى سوى توزيعها : هل يبقى الضرر على عاتق ضحيته ؟ أم يلقى على كاهل من أحدثه ؟ أم تتحمله الجماعة بأسرها بدلا من هذا الشخص أو ذلك ؟: يتوقف على الإجابة على هذا السؤال تحديد أساس المسؤولية .



المسؤولية :
نظرية الخطأ أو النظرية الشخصية :
     يمكن القول بأن يتحمل كل فرد في الجماعة ما يلحقه من ضرر . فكما يفيد من الحياة المشتركة ـ يجب أن يستكين إلى ما يصيبه نتيجة لها ـ و يحمل( من ثم ) عبء الضرر من يختاره القدر لحمله ، إلاّ إذا نشأ هذا الضرر نتيجة انحراف في سلوك من أحدثه ـ اهمالا أو عدم احتياط منه ـ حين يصبح هذا الأخير وحده مسؤولا عنه : تلك هي النظرية التقليدية التي تؤسس المسؤولية على فكرة الخطأ.
و تتفق بهذا الأساس مع فقه المذاهب الفردية التي نادت باستقلال كل فرد ( في الجماعة ) عن الآخر . و لا يمكن ( من ثم ) لأخذ منهم أن يسأل غيره ـ عن ضرر لحقه ، إلاّ إذا استطاع اقامة الدليل على خطأ منه كان سببا في حدوثه.
ـ و تعتبر النظرية على هذا الوجه ـ في دائرة العلاقات ، غير عقدية ـ مقابل لمبدأ سلطان الإرادة في نطاق الروابط العقدية . فكما أنّ حرية فرد هي الأصل.
ـ( و العقد استثناء عليها) فإنّ عدم المسؤولية ( كذلك ) هو الأصل . و المسؤولية استثناء عليه : لا تقوم المسؤولية إلاّ بتوافر الخطأ (                   ).
ـ نظرية تحمل التبعة ( أو النظرية الموضوعية أو المادية ).
ـ و يمكن القول في هذه النظرية بأنّ من " يباشر نشاطا يتحمل نتيجته " أو يستفيد من شيء يتحمل مخاطره ".
ـ و عليه أن يعوض الغير الذي يلحقه ضرر منه ـ و لو كان سلوكه غير مشوب بخطأ ما : هذه عي نظرية " تحمل التبعة " التي تعني بالضرر فقط و يلقى عبء الضرر ـ و فقا لها ـ لا على عاتق ضحيته ـ بل على كاهل من أحدثه أو ـ في عبارة أخرى ـ من كان بنشاطه سببا فيه ( بغير حاجة إلى تقدير سلوكه أو إقامة الدليل على خطأه ) .
ـ و تسند هذه النظرية في رأي أنصارها ـ إلى فكرة العدل : على من يبدى نشاطا أن يتحمل جميع نتائجه : حسنة أو سيئة ـ ( لأنه لو ركن إلى السكون لما لحق الضرر غيره ) فإذا وقع ضرر ـ دون خطأ من أحد ـ فمن يجب ـ عدلا ـ أن يتحمله ؟
ـ أم الشخص الذي كان بعمله سببا فيه ؟
كما أنّ هذا الأخير ـ في العادة ـ يفيد من مغانم نشاطه : فيتعين عليه ( من ثم ) أن يتحمل مغارمه.
ـ و يضيفون أن الخطأ يجب أن يفقد مكانه في المسؤولية المدنية التي ـ (بعد انفصالها عن المسؤولية الجنائية التي تتأسس على فكرة العقوبة ) ـ لا تحفل إلاّ بالتعويض ـ بحيث لا يبقى ركنا لها ـ سوى علاقة السببية  : كل من يحدث ضررا بالغير يلتزم بتعويضه : و هكذا تتأكد فكرة التضامن الإجتماعي متغلبة على روح الأنانية الفردية التي تدفع إلى العمل دون اكثرات بمصالح الآخرين.
و من هنا تتفق هذه النظرية مع الإتجاه إلى المادية في القانون ، التي تقوم العلاقات القانونية وفقا لها ـ لا مع شخصين و لكن بين ذمتين . و لامكان فيها لتقدير السلوك الفردي .
ـ و يمكن القول ـ أخيرا ـ بأنّ الجماعة ممثلة في الدولة تتحمل تلك الأضرار ( بدلا من الذين تضعهم المقادير تحت أثقالها ) لتلقيها ـ بدورها ـ على جميع المواطنين عن طريق الضريبة ( و تلجأ الدول في العادة إلى هذه الفكرة للتعويض عن أخطار الحرب ـ و عن كوارث الجوية ... ).
و يمكن القول أنّ النظرية التقليدية ( التي تؤسس المسؤولية على فكرة الخطأ ) قد سادت في القوانين الوضعية القديمة حتى أواخر القرن التاسع عشر .
ـ و لكن ظهر قصورها بعد النهظة الصناعية ، التي قامت على استخدام القوى المحركة في الإنتاج و في النقل بما تبعها من زيادة الأضرار الناجمة عن حوادث العمل و المواصلات زيادة بالغة ، ـ و عجزت عن إقامة توازن معقول بين :
ـ ضحايا الألات ، الذين يتحملون أخطارها.
ـ و بين أصحابها الذين يجنون ثمارها .
ـ تعذر على الأولين اثبات الخطأ و الكشف عن سبب الحادث.
ـ و أفلت الأخيرون ـ بالتالي ـ من المسؤولية ( عما يصيبهم ).
قرائن الخطأ :
لما كان الإلتزام بالتعويض يتأسس على الخطأ ـ الذي يعتبر ، في النظرية التقليدية ركنا في المسؤولية لا تقوم إلاّ بتوافره . فإنه يقع على المضرورة ( وفقا للقواعد العامة ) إقامة الدليل على الخطأ الذي أدى إلى الضرر الذي لحقه ، ليحصل على التعويض عنه.
ـ و لكن هذا الإثبات يكون ( في بعض الظروف ) عسيرا .
ـ لذلك أقام المشرع ( في حالات معينة ـ كحالة ( المتبوع ) و حارس الحيوان ) قرائن قانونية على رجوع الضرر إلى خطأ من أحدثه ـ تعفى المظرور من عبء اثباته .
ـ و يجوز مبدئيا و لكن لم تقوم ضده القرينة ، ليتخلص من المسؤولية ، أن يثبت انعدام الخطأ في جانبه.
ـ و لكن مبدئيا ، لم يقبل دائما هذا الإثبات ، و اعتبر هذه القرينة ـ قرينة قاطعة ـ لا يستطيع المسؤول أن ينفيها ـ و يتعين عليه ـ ليتخلص من المسؤولية ـ أن يقطع علاقة السببية ( بين الضرر و خطئه المفترض ).
ـ كذلك اعتبر البعض في قطيعة القرينة قناعا لمسؤولية مادية لا تتأسس على الخطأ .
ـ و في بعض الحالات ، ألقي على عاتق أحد العاقدين ، إلتزاما بالضمان أو إلتزام بالسلامة لمصلحة العاقد الآخر ، بدلا من الإكتفاء بقواعد المسؤولية التقصيرية ـ ليحصل الدائن على تعويض  عن الضرر الذي يصيبه ـ دون ( حاجة إلى إثبات خطا المدين ).
تنظيم المسؤولية التقصيرية :
ـ تضمنت المادة 124 القاعدة العامة في المسؤولية التقصيرية لنصها على أنّ " كل عمل أيا كان يرتكبه المرء و يسبب ضررا للغير يلزم من كان سببا في حدوثه بالتعويض ".
ـ و عرض ـ في بعض النصوص ، للمسؤولية المبنية على خطأ مفترض ـ أو على قرينة الخطأ .
و هي كما أشرنا :
ـ مسؤولية متولي الرقابة :
ـ و مسؤولية المتبرع :
ـ و مسؤولية حارس الحيوان :
ـ و مسؤولية حارس البناء ( عن تهدمه ) ( تقوم في الجزائر ) على أساس الخطأ المفترض الذي يقبل اثبات العكس ).
ـ و حالة حارس الأشياء غير الحية .

وزارة التعليـــم العــــالي و البحــث العلـمي
جــــامعة التكويـــن المتـــواصل





نيابة رئاسة الجامعة للدراسات و البيداغوجية
نيابة مديرية التعليم عن بعد
السنة الأولى : لشهادة الدراسات الجامعية التطبيقية
فرع : قانون الأعمال 
الإرسال الثاني


دروس في مقياس
قانون العقود




الأستاذ الدكتور : علي بن سليطان









جميع الحقوق محفوظة 


الحدث الفجائي :
    الحادث الفجائي أو فعل الدائن ، أوفعل الغير يكفي لإنعدام الخطأ ، أن يتفق سلوك المدين مع سلوك الرجل العادي ، 
ـ حين يجب ، لقيام السبب الأجنبي أن يستحيل على الرجل العادي أن يسلك سبيلا آخر ، غير الذي سلكه المدين ، ( يقصد بالسبب الأجنبي كل أمر غير ، منسوب إلى المدين أدى إلى حدوث الضرر الذي لحق الدائن ) 
ـ لكن لا يكفي للمدين ليتخلص من المسؤولية أن يثبت إنعدام الخطأ في جانبه ( أو من طرفه ) ، لأنّ عدم تنفيذ الإلتزام ، لا يبرأ المدين إلاّ إذا أثبت واقعة معينة تعتبر قوة قاهرة ، أو حادث فجائيا  أدى إلى إستحالة تنفيذه.

ـ تعريف القوة القاهرة أو الحادث الفجائي :
ـ القضاء و الفقه لا يفرق ( في أغلب الأحيان ) بين القوة القاهرة ، و الحادث الفجائي ( ويعتبرانهما اسمين لمسمى واحد ) و آمر لا ينسب إلى المدين .
ـ شروط القوة القاهرة أو السبب لا جنبي بصفة عامة :
1 ـ أمر ـ ليس متوقعا حصوله 
2 ـ أمر ـ و غير ممكن دفعه
3 ـ أمر ـ يؤدي إلى إستحالة تنفيذ الإلتزام ـ ( ماديا  / معنويا / قانونيا ).
4 ـ أمر ـ أجنبي عن المدين ، أي لا يكون خطأ من طرف المدين

ـ أثر السبب الأجنبي : ( أي القوة القاهرة أو الحادث الفجائي ) ، تترتب على السبب الأجنبي إنتقاء مسؤولية المدين عن الإخلال بإلتزام الذي رتبه العقد في ذمته .
و لا يكون للدائن أن يطالبه بالتعويض عنه ، لا نقطع السببية بين الخطأ الذي أتاه المدين و الضرر الذي لحق الدائن .
ـ و يترتب على إستحالت تنفيذ الإلتزام.
أما ـ إنقضاء
أما ـ فسخ العقد
أما ـ وقفه




الباب الثاني ـ فسخ العقد ( و مايتصل به ).
     إلى جانب المسؤولية العقدية ـ فسخ العقد يعتبر عدم تنفيذ أحد العاقدين لما رتبه في ذمته من إلتزامات.
بعبارة أخرى يعتبر ( الفسخ ) حق كل عاقد ( في العقد الملزم للجانبين ) في أن يطلب ـ متى لم يقم العاقد الآخر بتنفيذ إلتزامه ـ حل الرابطة العقدية ـ و زوال كل أثارها ـ بأثر رجعي . فيتخلص من الإلتزامات التي فرضتها عليه.
و قد نص في المواد 119 إلى 122 من القانون المدني
( الأساس القانوني للفسخ هو نظرية السبب في العقود الملزمة للجانبين لأنّ في هذه الحالة ( أي في حالة تخلف الطرف الآخر  عن التنفيذ ) الإلتزام بلا سبب ).
سندرس في : الفصل الأول : فسخ العقد .
الفصل الثاني : الدفع بعدم التنفيذ
الفصل الثالث : أسباب زوال العقد الأخرى.

الفصل الأول : فسخ العقد 
يتضمن البحث في الفسخ دراسة ثلاثة مطالب .     
          ـ المطلب الأول : شروط الفسخ.        
ـ المطلب الثاني : تقرير الفسخ
          ـ المطلب الثالث : آثار الفسخ
المطلب الأول : شروط الفسخ
     حسب المادة 119 الفقرة الأولى من القانون المدني : لقيام الحق في فسخ العقد يجب توافر ثلاثة شروط:

الشرط الأول : أن يكون العقد ملزما للجانبين (    ) أي يوجد فيه إلتزامان يتقبلان ).
الشرط الثاني : أن يكون أحد العاقدين قد تختلف من تنفيذ إلتزامه 
الشرط الثالث : أن يكون العاقد الآخر الذي يطلب الفسخ ، قد نفذ إلتزامه ، أو على الأقل مستعدا لتنفيذه.



المطلب الثاني : تقرير الفسخ
     كيف يتقرر الفسخ ؟
ـ في القاعدة العامة ، يقع الفسخ بحكم القاضي ، لأنه جزاء الإخلال بإلتزامات ناشئة عن العقد.
ـ فيتعين تدخل القاضي ليراقب توافر شروطه ( الفسخ ) ـ ثمّ يقضي به.
ـ و مع ذلك ، يجوز إتفاق العاقدين ( مقدما أو مسبقا ) ، على إعتبار العقد مفسوخا عند إخلال أحدهما بإلتزامه ، فيقع الفسخ بمقتضى هذا الإتفاق.
ـ فالفسخ إذن يكون قضائيا ـ أو إتفاقيا.

) أولا : الفسخ القضائي : ( أو الفسخ بحكم القضاء ).1
ـ يجب على الدائن ـ حتى يطلب فسخ العقد ، أن يعذرالمدين مطالبا أياه بالتنفيذ ، و قد نص صراحة في المادة 119 الفقرة الأولى من القانون المدني على ضرورة هذا الإعذار : " في العقود الملزمة للجانبين ، إذا لم يوفى أحد المتعاقدين بإلتزامه جاز للمتعاد الآخر بعد إذاره المدين أن يطالب بتنفيذ العقد أو فسخه ، مع التعويض في الحالتين إذا أقتضى الحال ذلك ".
ـ و مع ذلك ، ( في بعض الحالات ) ، لا ضرورة للإعذار ، مثلا :
ـ إذا أصبح تنفيذ الإلتزام غير ممكن بفعل المدين
ـ بفوات ميعاد مثلا 
ـ أو كان محله إمتناعا عن العمل أتاه ( أو قام به ) المدين
ـ أو إذا صرح المدين عتابه أنه لا يريد القيام بإلتزامه .
ـ يجب التوضيح أنّ : فإذا ما رفع الدائن دعوى الفسخ ، فإنّ الحكم بالفسخ لا يكون حتميا ، بل يكون هناك خيار بين الفسخ و التنفيذ .
ـ و هذا الخيار يكون لكل من الدائن ، و المدين ، و القاضي .
ـ فللدائن / ـ بعد أن يرفع دعوى الفسخ : أن يعدل ( قبل الحكم به ) إلى طلب التنفيذ ( عينيا أو بمقابل).
ـ كما أنه ، له إذا كان قد رفع دعوى بطلب التنفيذ ، أن يعدل عنه إلى طلب الفسخ.
ـ و للمدين / ـ قبل الحكم النهائي بالفسخ : أن ينفذ إلتزامه (            ) ( فيتجنب الحكم به ، حين لا يبقى أمام القاضي إلا أن يقدر ما إذا كان نهائي هناك محل للحكم بالتعويض على المدين لتأخيره في تنفيذ إلتزامه).
ـ و القاضي /ـ إزاء طلب الفسخ ، سلطة تقديرية قررتها له المادة 119 الفقرة 2 من القانون المدني التي بمقتضاها " و يجوز للقاضي أن يمنح المدين أجلا حسب الظروف ، كما يجوز له أن يرفض الفسخ إذا كان ما لم يوف له المدين قليل الأهمية بالنسبة إلى كامل الإلتزامات ".

) ـ الفسخ الإتفاقي : ( أو الفسخ بالإتفاق ) 2
ـ حسب المادة 120      من القانون المدني : " يجوز الإتفاق على أن يعتبر العقد مفسوخا بحكم القانون عند عدم الوفاء بالإلتزامات الناشئة عنه بمجرد تحقيق الشروط المتفق عليها و بدون حاجة إلى حكم قضائي، و هذا الشرط لا يعفي من الإعذار ، الذي يحدد حسب العرف عند عدم تحديده من طرف المتعاقدين ".
( هذا الإتفاق يسمى " الشرط الفاسخ الصريح " تمييزا له عن الفسخ القضائي الذي على فكرة " الشرط الفاسخ الضمني "
ـ و بالإتفاق الأول ( الشرط الفاسخ الصريح ) يقع الفسخ بمجرد تحقق الشرط ، فيتجنب العاقدان به تدخل القاضي في تقرير الفسخ ، الذي يقع بتحقيق الشرط ، من تلقاء نفسه .
ـ و في هذه الحالة ( الإخلال بالتزام ) لا يملك القاضي سوى الحقق من إخلال المدين بالتزامه ، و الحكم بوقوع الفسخ نتيجة لتحقيق الشرط.
ـ و في ذلك رفع عن المدين لتلك الحماية التي يوفرها له الفسخ القضائي بالخيار الذي يقرره له بين الفسخ و التنفيذ ، و بالسلطة التقديرية التي منحها للقاضي إزاء طلبه.
ـ يجب التوضيح أنّ هذا الفسخ بالإتفاق لا يعفي من الإعذار ( المنصوص عليه في المادة 120 من القانون المدني أعلاه ) ، إلاّ إذا اتفق الطرفان صرحة على الإعفاء منه . في هذه الحالة الإتفاق 
يحل محل حكم الفسخ ( بعبارة أخرى هذا الإتفاق على الإعفاء من الإعذار ، يقرر الفسخ .

المطلب الثالث : أثار الفسخ
     حسب المادة 122 من القانون المدني : " إذا فسخ العقد أعيد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد  ، فإذا استحال ذلك جاز للمحكمة أن تحكم بالتعويض "
ـ و على ذلك يترتب على الفسخ ( القضائي ـ أو الإتفاقي ) زوال العقد يرتد أثاره إلى وقت إبرامه، و يعاد العاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل قيامه.
( الآثار ) ـ فيما بين العاقدين : يزول العقد بأثر رجعي ( المادة 122 من القانون المدني التي تنص " إذا فسخ العقد أعيد المتعاقدان إلى الحالة  التي كانا عليها قبل العقد ، فإذا استحال ذلك جاز للمحكمة أن تحكم بالتعويض ".
ـ فإذا استحالت إعادة العاقدين إلى ما كانا عليه قبل العقد ، فيحكم بالتعويض لصالح طالب الفسخ و هذا حسب المادة 122 من القانون المدني المشار إليه أعلاه .
( الأثار ) ـ أمّا بالنسبة للتغيير : فالفسخ ( كالبطلان ) يجاوز أثره العاقدين إلى الغير.

الفصل الثاني : الدفع بعدم التنفيذ
     تعريف : الدفع بعدم التنفيذ هو حق كل عاقد ( في العقد الملزم للجانبين ) ، إذا ما طلبه العاقد     الآخر بتنفيذ إلتزامه ، أن يمتنع عنه إلى أن يقوم هذا الأخير بتنفيذ ما التزم به .
حسب المادة 123 من القانون المدني : " في العقود الملزمة للجانبين إذا كانت الإلتزامات المتقابلة مستحقة الوفاء جاز لكل من المتعاقدين أن يتمتع عن تنفيذ إلتزامه إذا لم يقم المتعاقد الآخر بتنفيذ ما التزم به.
إذا يجب لا مكان التمسك بالدفع ( بعدم التنفيذ) أن يكون الإلتزام الذي يدفع بعدم تنفيذه مستحق الوفاء ، أو في عبارة أخرى واجب التنفيذ من وفوره.
ـ فلا يجوز الدفع بعدم التنفيذ في بعض الحالات : مثلا :
ـ عندما يتفق العاقدان ، ( أو تجرى العادات ) على أن ينفذ أحد العاقدين إلتزامه قبل الآخر ( كعامل أو صاحب الفندق يقدم عمله أو خدماته لصاحب العمل أو للعميل قبل أن يتقاضى أجرة العمل أو ثمن الخدمات).
ـ و يجب في النهاية أن يكون العاقد ( في التمسيك بالدفع ) حسن النية.

الفصل الثالث / أسباب العقد الأخرى : ( أو إنحلال العقد
     يقصد بإنحلال العقد زواله ، بعد إبرامه ، و الإنحلال يتعلق بعقد نشأ صحيحا ثم يزول باثر    رجعي : كالفسخ ـ و الإلغاء ـ بالإرادة المنفردة ـ و التقابل ـ و الرجوع ـ و الإبطال  و من ثم يختلف الإنحلال عن : الإنقضاء.
في الإنقضاء : يزول العقد بالتنفيذ ( أو بوفاة المدين إذا كانت شخصية هذا الغخير محل إعتبار ) أو بإنتهاء المدة.
ـ الإلغاء بالإدارة المنفردة : 1
ـ عندما يرخص القانون أو العقد نفسه ـ فيمكن أن ينحل العقد ( دون أثر رجعي ) بإلغائه بإرادة أحد طرفيه مثلا : في العقود الغير محددة المدة ( أو العقود تازمنية ) كعقد الإيجار أو عقد العمل ، أو عقد الشركة ـ إذا أبرمت لمدة غير محددة .
ـ ( أو إذا تقرر بنص في القانون ـ لأحد طرفيه ـ حق إلغائه بإرادته المنفردة.
2ـ الإقامة ( أو التقابل) :
ـ ينحل العقد ـ في كل الأحوال ـ بإتفاق طرفيه ـ فالإرادة المشتركة التي أنشأت العقد قادرة في كل وقت على إلغائه.
بصفة عامة لا يوجد ما يمنع الإتفاق على أن يكون إلإلغائه بأثر رجعي ( لكن لا يمكن على كل حال ـ أن يمس هذا الأثر الرجعي بحقوق الغير )
3 ـ الرجوع ( أو رجوع المتعاقد بإرادته المنفردة ) 
في الحقيقة قانون العقد ينتفي و الرجوع ، و لهذا فالرجوع لا يجوز قانونا إلا في الهبة و تحت بعض الشروط ( أنظر )
أنظر الجزء الأول : المصادر الإرادية 
1) العقــد
2) ـ الإرادة المنفردة.
ما هو دور الإرادة المنفردة في ترتيب الأثار القانوني ؟.
ـ يقصد بها ( أي بالإرادة المنفردة ) إرادة شخص لواحد.
و هي قادرة ، في القانون الوضعي ، على إنشاء أثار قانونية متعددة ، فمثلا قانونية متعددة ، مثلا : نقل أو إنشاء الحقوق العينية ، كما في الوضعية ـ ( أو إنهاء هذه الحقوق : كالنزوفل عن ( إتفاق أو عن رهن )
و هي قادرة كذلك على تصحيح عقد قابل للإبطال ، كما في الإجازة .
و على جعل العقد يسري في مواجهة من لم يكن طرفا فيه ـ كإقرار الأصيل لتصرف النائب الذي جاوز فيه حدود النيابة ، و لإقرار المالك الحقيقي لبيع ملك الغير.
ـ و قادرة أخيرا ـ على إنهاءالعقد ذى المدة غير المحددة ( و في بعض الحالات و لو كانت مدته محددة ( كالوكالة )
أمّا في دائرة الحقوق الشخصية أو الإلتزامات فإنّ الإرادة المنفردة قادرة كذلك على إنهاء الإلتزام
ـ و لم يبقى من ثم سوى إنشاء الإلتزام : هل تستطيع الإرادة المنفردة أن تنشىء الإلتزام ؟
ليس في المنطق القانوني ما يمنع الإرادة المنفردة أن تكون مصدرا للإلتزام ، مادام القانون يمنحها القدرة على إنشائه.
ـ على أنّ البحث في الإعتراف للإرادة المنفردة بالقدرة على إنشاء الإلتزام ليس متصورا في الجانب الإيجابي له : فلا يمكن أن يكون إنشاء الإلتزام بإرادة الدائن قاعدة في الشرائع الوضعية ، و هذا لحماية الفرد و ضمان إستقلاله ، دون رضاه ،  بعبارة أخرى : أنّ الفرد لا يستطيع إثقال غيره بإلتزام إلا في حالات إستثنائية يعترف القانون فيها لإرادة الدائن به : و أظهر هذه الحالات هي
 " الفضالة " ، حيث تكون إرادة الفضولي مصدرا لإلتزامات رب العمل ، و تقريرها لمصلحة المدين.
ـ إنما لا تقوم تلك الإعتبارات عائقا في سبيل الإعتراف بقدرة الإرادة المنفردة أن تنشىء الإلتزام ؟
ليس في المنطق القانوني ما يمنع الإرادة المنفردة أن تكون مصدرا للإلتزام ، مادام القانون يمنحها القدرة على إنشائه.
ـ على أنّ البحث في الإعتراف للإرادة المنفردة بالقدرة على إنشاء الإلتزام ليس متصورا في الجانب الإيجابي له : فلا يمكن أن يكون إنشاء الإلتزام بإرادة الدائن قاعدة في الشرائع الوضعية ، و هذا لحماية الفرد و ضمان إستقلاله ، دون التسليم بأن يصبح الشخص مدينا دون رضاه ، ( بعبارة أخرى: أنّ الفرد لا يستطيع إثقال غيره بإلتزام إلا في حالات إستثنائية يعترف القانون فيها لإرادة الدائن به : و أظهر هذه الحالات هي " الفضالة " ، حيث تكون إرادة الفضولي مصدرا لإلتزامات رب العمل ، و تقريرها لمصلحة المدين.
ـ إنما لا تقوم تلك الإعتبارات عائقا في سبيل الإعتراف بقدرة الإرادة المنفردة على إنشاء الإلتزام في جانبه السلبي في ذمة صاحبها ، بحيث يصير هذا الأخير مدينا لغيره ( لا دائنا له ).
ـ و إذا كانت حماية إستقلال الفرد تحول دون جعله دائنا ، فيكفي لتحقيقها ، أن يترك له خيار.
بين قبول الحق أو رفضه ، إنما يلتزم الواعد نهائيابوعده ، بمجرد التعبيير عن إرادته فيه 
ـ ( و لا يجوز له التحلل منه ) ، ففي صفة النهائية : للوعد تكمن الخصيصة الأساسية للإلتزام بالإرادة المنفردة .
ـ و مع ذلك ، لا يمكن الإعتلراف بالإرادة المنفردة على هذا الوجه الأخير : مصدر عاما للإلتزام لإعتبار هام له وضوح البديهية : لماذا لا يستطيع الفرد أن ينقض وحده ، ما أقامه بإرادته المنفردة ؟ 
لا يتصور عقلا أن يمنعه القانون من الرجوع فيما وعد به ، لأنّ ما تقيمه الإرادة يمكنها بداهة أن تزيله ـ إلى إذا وجد إعتبار خاص يدعو إلى حماية المصلحة المشروعة للمنتفع من وعده .
ـ في النهاية : يمكن القول أن الإرادة المنفردة لا تستطيع أن تنشىء إلتزاما إلا حيث أجيز لها بنصوص خاصة ـ إنشاؤه.
ـ و تعتبر الإرادة المنفردة ـ على هذا الوجه ـ مصدرا إستثنائيا للإلتزام ، ( إلى جانب المصدر العام و هو العقد ).


الجزء الثاني : المصادر غير الإرادية .
القسم الأول : العمل غير المشروع : ( المسؤولية التقصيرية )
تمهيد:
     المسؤولية القانونية : أمّا أن تكون جنائية ، و أما أن تكون مدنية ، بعبارة أخرى : 
ـ إذا كانت المسؤولية القانونية : ( عموما ) ( على خلاف المسؤولية الخلقية ) هي أن يحاسب شخص على ضرر أحدثه بغيره ، فإنها تنقسم ( بحسب ما إذا كان هذا الضرر يقتصر على الأفراد ، أم يصيب الجماعة ) ـ إلى مسؤولية جنائية ـ و مسؤولية مدنية .
ـ المسؤولية المدنية : هي الإلتزام بتعويض الضرر الناشئ عن الإخلال بالإلتزام عقدي أو قانوني .
ـ و تنقسم المسؤولية المدنية تقليديا إلى :

 1       ) ـ المسؤولية العقدية : تقوم إذا كنا بصدد إخلال بإلتزام عقدي .
أو بعبارة أخرى : هي المسؤولية التي تترتب على عدم تنفيذ الإلتزام الناشئ عن العقد على الوجه المتفق عليه فيه ( في العقد )
    
    2) ـ أمّ المسؤولية التقصيرية : تقوم إذا كنا بصدد إخلال بإلتزام قانوني .
أو بعبارة أخرى : هي المسؤولية التي تقوم على إلزام القانون بتعويض الضرر الذي ينشأ دون علاقة عقدية بين المسؤول عنه و الذي كان ضحيته.
مــلاحــظة : من بين مصادر الإلتزام نجد :
1ـ " الجريمة " و " شبه الجريمة " :( هما مصدر واحد ( غير منفصلين )) ذلك هو العمل غير المشروع.
أ) ـ ( الجريمة أو الجنحة ) المدنية : هي الفعل الصادر عن عمد.
و شبه ( الجريمة أو الجنحة ) هي الفعل الصادر عن إهمال.

1                ـ الفارق بين المسؤلية المدنية و المسؤولية الجنائية :
ـ المسؤولية الجنائية : فهي جزاء الأضرار بالجماعة التي يتعين لحمايتها توقيع عقوبة على المسؤول فيها ، بناء على طلب النيابة العامة بإعتبارها ممثلة للجماعة .
ـ أمذا المسؤولية المدنية : فتقوم جزاء الأضرار بالمصالح الخاصة أو الفردية .
و يترتب على أخلاف أساس المسؤوليتين عدة نتائج ، من بينهما :
1) ـ أنّ العقوبة عن الجريمة الجنائية تتناسب مع جسامة خطأ المتهم ( حين أن التعويض عن الفعل الضار، في المسؤولية المدنية لا علاقة له بجسامة خطأ المسؤول .
2 ) ـ في المسؤولية المدنية الجزاء هو : التعويض .
ـ أمّا في المسؤولية الجنائية الجزاء هو : العقوبة .
3 ) ـ في المسؤولية الجنائية : يباشر الدعوى الجنائية ( أو العمومية ) المجتمع ممثلا من طرف النيابة العامة و بصفة عامة ـ لا يجوز فيها الصلح و التنازل
ـ أمّا الدعوى المدنية فيباشرها الشخص المضرر و يجوز فيها الصلح و التنازل .
4 ) ـ في المسؤوليةالجنائية : الأعمال الموجبة لهذه المسؤولية محددة بنص قانوني .
ـ أمّا في المسؤولية المدنية : الأعمال غير محددة بنص هي كل عمل غير مشروع يسبب ضرر للغير.
5) ـ بعض الأفعال تترتب عليها مسؤولية جنائية 
ـ دون المسؤولية المدنية  
ـ و العكس : بعض الأفعال تترتب عليها مسؤولية مدنية ، دون المسؤولية الجنائية 
ـ و لكن توجد دائرة مشتركة بين المسؤوليتين ، مثلا في جرائم الأشخاص ( كالقتل العمدي أو الخطأ) و ( جرائم الأموال ) ( كالسرقة و خيانة الأمانة ....... )
6) ـ فيها يتعلق بالإختصاص : يجوز رفع دعوى المسؤولية المدنية عن الفعل الضار و إلى المحكمة الجنائية التي رفعت إليها الدعوى العمومية ( الجنائية ) . فتفصل هذه المحكمة في الأولى مع الثانية .( المادة 3 من قانون الإجراءات الجزائية ).
7) ـ فيما يتعلق بوقف الدعوى المدنية :إذا رفعت دعوى المدنية أمام المحكمة المدنية ، و الدعوى العمومية أمام المحكمة الجنائية ، تعيين على المحكمة المدنية أن تقف الدعوى المدنية إلى أن تفصل المحكمة الجنائية في الدعوى الجنائية.
و يعبر عن ذلك بأنّ " الجنائي يوقف المدني "
8) ـ من حيث التقادم ( تسقط ) دعوى ( التعويض ) المسؤولية المدنية عن الفعل الضار إلاّ بتقادم الدعوى العمومية عن الجريمة.
( غير أنّ دعوى التعويض تتقادم طبقا لأحكام القانون المدني ( المادة 10 من قانون الإجراءات الجزائية))
9) ـ قوة الأمر ( الشئ ) المحكوم فيه : و إذا قضت المحكمة الجنائية في الدعوى العمومية بحكم حاز قوة الشيء المحكوم فيه : قيدت المحكمة المدنية عقد الفصل في الدعوى المدنية ـ بالوقائع التي أثبتها القاضي الجنائي في حكمه .
و لكنها لا تتقيد بالتكييف القانوني لهذه الوقائع ، و تستطيع أن تكيف الوقائع ( كما أثبتها الحكم الجنائي)، تكييفا آخر ، أي غير الذي أخذت به المحكمة الجنائية.
2)ـ الفارق بين المسؤوليتين :
      العقدية و التقصيرية ، ظلت سائدة طيلة القرن التاسع عشر .
و لكنها تعرضت للنقد في الفقه الحديث الذي رأى في أساس المسؤولية المدنية إخلال بإلتزام ـ فتكون ـ في الحالتين ( بنوعيها       ) ، ذات طبيعة واحدة ـ سواء نشأ هذا الإلتزام عن عقد أن عن القانون.
فأركان المسؤولية المدنية واحدة ـ سواء كانت عقدية أم تقصيرية : تقوم ( في الحالتين ) على الخطأ ـ و يترتب عليها في الحالتين تعويض الضرر.
و مع ذلك إذا كانت العناصر الأساسية للمسؤولية المدنية ( في نوعيها      ) واحدة ، فإنّ فروقها هامة تقوم من الناحية الفنية بينهما ، لإختلاف التنظيم التشريعي للمسؤولية العقدية من بعض الوجوه عن المسؤولية التقصيرية . و أهم هذه الفروق هي :
الاعذار ، فالاعذار الذي تستلزمه المادة 119 الفقرة لاستحقاق التعويض ـ يقتصر على المسؤولية العقدية ( و يعفى منه الدائن في المسؤولية التقصيرية ).
الأهلية : كما أشرنا سابقا ، فالأهلية شرط للإلتزام بمقتضى العقد ـ (أي المسؤولية العقدية تستلزم الأهلية الكاملة ، ناقص الأهلية لا يلتزم بعقده ) و لكن يلتزم الشخص ـ بعمله غير المشروع ، متى كان مميزا ( أي : في المسؤولية التقصيرية يكفي توافر التمييز لدى المسؤول ).
ـ ( لكن البعض ( أنصار وحدة المسؤولية ) يقولون : أن:
ـ سبب المسؤولية العقدية ليس العقد ـ و لكن مخالفة الإلتزام الناشئ عن العقد.
ـ سبب المسؤولية التقصيرية ليس القانون ـ و لكن مخالفة الإلتزام الناشئ عن القانون
ـ و في الحالتين لا يتطلب توافر الأهلية لدى المسؤول.
التعويض : لا يلتزم المدين ( الذي يخل بإلتزامه الناشئ عن العقد ) إلا بتعويض الضرر " الذي كان يمكن توقعه عادة وقت التعاقد " ، مالم يكن قد ارتكب غشا أو خطأ جسيما ـ و في ذلك تنص المادة 182 الفقرة 2  من القانون المدني : " غير أنه إذا كان اللإلتزام مصدره العقد ، فلا يلتزم المدين الذي لم يرتكب غشا أو خطأ جسيما إلا بتعويض الضرر الذي كان يمكن توقعه عادة وقت التعاقد".
و لكن المدين ( في إلتزام عن فعل غير مشروع ) يلتزم بتعويض كل الضرر المباشر متوقعا أو غير متوقع.


التضامن :
     لا  تضامن بين المدينين في الإلتزام الناشء عن العقد (ـ إلاّ إذا اتفق أو نص عليه القانون.
و لكن التضامن بين المسؤولين عن الفعل الضار مفروض بحكم القانون المادة 126  من القانون المدني : " إذا تعدد المسؤولين عن عمل ضار كانوا متضامنين في إلتزامهم بتعويض الضرر، و تكون المسؤولية فيما بينهم بالتساوي إلاّ إذا عين القاضي نصيب كل منهم في الإلتزام بالتعويض".
الإتفاق على الإعفاء من المسؤولية :
يجوز الإتفاق ( في حدود معينة ) على الإعفاء من المسؤولية العقدية ( المادة 178 الفقرة 2 من القانون المدني ) : " و كذلك يجوز الإتفاق على إعفاء المدين من أية مسؤولية تترتب على تنفيذ إلتزامه التعاقدي ، إلاّ ما ينشأ عن غشه ، أو عن خطئه الجسيم غير أنه يجوز للمدين أن يشترط إعفاءه من المسؤولية الناجمة عن الغش ، أو الخطأ الجسيم الذي يقع من أشخاص يستخدمهم في تنفيذ إلتزامه ".
و لكن يقع ( في جميع الأحوال " باطلا كل إتفاق على الإعفاء من المسؤولية التقصيرية ، المادة 178 الفقرة 3 من القانون المدني :" و يبطل كل شرط يقضي بالإعفاء من المسؤولية الناجمة عن العمل الإجرامي ".
التقـــادم : دعوى المسؤولية العقدية تتقادم بـ 15 سنة ، حسب المادة 308 من القانون المدني : " يتقادم الإلتزام بإنقضاء خمسة عشرة سنة عدا الحالات التي ورد فيها نص خاص في القانون و فيما عدا الإستثناءات الأتية "
ـ أمّا دعوى المسؤولية التقصيرية فتتقادم بـ 15 سنة من يوم وقوع العمل الضار ، المادة 133 من القانون المدني : " تسقط دعوى التعويض بإنقضاء خمسة عشرة سنة من يوم وقوع العمل الضار ".
درجة الخطأ : البعض ( أنصار الإزدواجية المسؤولية ) يشترط أن يكون ( الخطأ العقدي على درجة معينة من الجسامة ).
 ـ بينما يكفي أن يكون الخطأ تافها في المسؤولية التقصيرية .
ـ لكن القضاء يأخذ بمعيار واحد في مقياس الخطأ : هو الرجل المعتاد.
عبء الإثبات : في المسؤولية العقدية : عبء الإثبات يقع على عاتق المدين .
في المسؤولية التقصيرية : عبء الإثبات يقع على عاتق الدائن

3 ) ـ نطاق المسؤولية العقدية :
ـ بتحديد نطاق المسؤولية العقدية بالعلاقات الناشئة عن عقد صحيح بين المسؤول و المضرور.
ـ فيجب ـ لقيام المسؤولية العقدية :
من ناحية : 1) ـ أن يوجد عقد صحيح بين المسؤول عن الضرر من كان صحبته.
و من ناحية أخرى : 2) ـ أن ينشأ الضرر عن عدم تنفيذ العقد القائم بينهما .
أولا : يجب أن يوجد عقد بين المسؤول و المضرور :
ـ فبدون هذا العقد ، لا يمكن أن تقوم مسؤولية عقدية ، و قد أثر تكييف النقل المجاني خلافا في القضاء الفرنسي.
ـ استقر بعده على عقد قيام مسؤولية عقدية عنه ، لعدم اعتباره عقدا ، فهو لا يعتبر عقد نقل إذا لا أجرة فيه ( و لا عقد غير مسمى ) ، لعدم إتجاه  نية طرفيه إلى انشاء رابطة قانونية بينهما به ، فإذا دعي صديق ( على وجه المجاملة ) للركوب في سيارة صديقه ، و أصيب في أثناء نقله ـ لا تكون مسؤولية هذا الأخير عن هذه الإصابة إلى تقصيرية . و كذلك ، لا تقوم مسؤولية عقدية في المرحلة السابقة على التعاقد ـ و لا في المرحلة اللاحقة لانحلال العقد.

أولا : يجب أن يوجد عقد بين المسؤول و المضرور :
ـ فبدون هذا العقد ، لا يمكن أن تقوم مسؤولية عقدية ، و قد أثار تكييف النقل المجاني خلافا في القضاء الفرنسي .
ـ استقر بعده على عقد قيام مسؤولية عقدية عنه ، لعدم اعتباره عقدا . فهو لا يعتبر عقد نقل إذا لا أجرة فيه ( و لا عقد غير مسمى ) ، لعدم اتجاه نية طرفية إلى انشاء رابطة قانونية بينهما به ، فإذا دعي صديق ( على وجه المجاملة ) للركوب في سيارة صديقه ، و أصيب في أثناء نقله ـ لا تكون مسؤولية هذا الأخير عن هذه الإصابة إلى تقصيرية . و كذلك ، لا تقوم مسؤولية عقدية في المرحلة السابقة على التعاقد ـ و لا في المرحلة اللاحقة لإنحلال العقد.
إذا : فالمسؤولية العقدية تظهر بإبرام العقد ، و تختفي بإنقضائه.
ـ من جهة أخرى ، يجب أن يقوم العقد صحيحا . فلا تقوم المسؤولية العقدية إلاّ بوجود عقد صحيح . أمّا إذا كان العقد باطلا ، أو تقرر ابطاله ، فلا يمكن أن ينشأ بين طرفيه سوى مسؤولية تقصيرية.
ـ و يتعين ، كذلك ، أن يكون العقد الصحيح قائما بين المسؤول عن الضرر ومن كان ضحيته فيخضع تدخل الغير في العلاقات العقدية لقواعد المسؤولية التقصيرية.


ثانيا : يجب أن ينشأ الضرر عن عدم تنفيذ العقد : ( القائم بينهما ):
ـ لا يكفي ـ لقيام المسؤولية العقدية ـ وجود عقد صحيح بين المسؤول عن الضرر من كان ضحيته .
ـ بل يجب كذلك أن يكون الضرر نتيجة الإخلال بإلتزام ناشئ عنه ـ بدون تمييز بين إلتزام رئيسي و إلتزام ناشئ ثانوي ـ أو تفرقة بين إلتزام أو حدته بنود العقد ـ و إلتزام فرضته نصوص مقرر.
ـ و يتعين على القاضي تفسير إرادة العاقدين ـ لتعيين مضمون العقد ـ و تحديد الإلتزامات الناشئة عنه ـ و التي تقوم المسؤولية العقدية جزاء الإخلال بها.
هل يجوز الجمع  أو الإخيرة  بين المسؤوليتين : العقدية أو التقصيرية ؟
ـ إذا كان نطاق المسؤولية العقدية تحدد على الوجه الذي درسناه سابقا ـ فإنه قد تعبر ( ووفقا ) له نطاق المسؤولية التقصيرية . لأنّ نطاق هذه الأخيرة يتحدد خارج نطاق الأولى .
ـ ففي كل مرة لا تتوافر شروط المسؤولية العقدية ، يكون للدائن أن يتمسك بمبادئ المسؤولية التقصيرية ـ التي يحدد نطاقها خارج العلاقات العقدية و يخضع لها من لا تقوم بينهم هذه العلاقات.
ـ و لكن هل يقتصع تطبيق المسؤولية التقصيرية على هؤولاء الآخرين ( خارج العلاقات العقدية ) ـ بحيث لا يستطيع العاقد تطبيق الذي أصابه ضرر من إخلال العاقد الآخر بإلتزامه الناشئ . عن العقد إلاّ التمسك بقواعد المسؤولية العقدية ـ أو يمتد نطاقها ( المسؤولية التقصيرية ) إلى العلاقات العقدية و يخضع لقواعدها أطراف العقود كما يخضع الأجانب عنهما ـ بحيث يكون للعاقد أن يختار بين المسؤوليتين وفقا لمصلحته : فيترك دعوى المسؤولية العقدية لرفع دعوى المسؤولية التقصيرية.
ـ لا شك أنّ الدائن لا يستطيع التمسك بالمسؤوليتين ، لأنّ الضرر لا يمكن تعويضه مرتين ، و لا بمعنى رفع دعوى واحدة يجمع فيها بين قواعد المسؤوليتين : لأنّ الدائن لا يستطيع أن يرفع إلى أحد الدعوتين : أمام التي يخلط فيها بين خصائص الدعوتين فهي : ليست بالدعوى العقدية . و لا بالدعوى التقصيرية : بل هي دعوى ثالثة لا يعرفها القانون الوضعي  .
ـ لذلك إذا نقش الفقه مسألة " الجمع " بين المسؤوليتين ، فإنما يناقش ـ في الحقيقة ـ إمكان إجتماعهما  معا في نطاق العلاقات العقدية ـ ليختار الدائن بينهما : و يرفع ( ووفقا لمصلحته ) :
ـ دعوى المسؤولية العقدية.
ـ أو دعوى المسؤولية التقصيرية .
ـ أو عدم إمكانه ، بحيث لا يكون أمام العاقد سوى دعوى المسؤولية العقدية .
و تعطي الفروق القائمة ـ في التشريع ـ بين المسؤوليتين ( و التي أشرنا إليها ـ و على الخصوص ما تعلق منهما بإمكان الإتفاق على الإعفاء من المسؤولية ـ و تضامن تالمسؤولين ـ و مدى التعويض عن الضرر ) لهذه المسألة أهمية المسألة أهمية كبيرة.
و ظفرت هذه المسألة بعناية الفقه الفرنسي و كثرت فيهما بحوثه . و نادي الفقهاء بعدم جواز " الجمع" إستنادا إلى إستقلال كل من المسؤوليتين يؤدي إلى إستبعاد أحدهما من نطاق الأخرى.
ـ فكل مسؤولية (   ) مكانا في التقنين تتفرد فيه لنظام خاص ، و لا يمكن ـ من ناحية الفنية ـ تطبيق المبادئ التي وضعت لأحداهما على الأخرى.
ـ أمّا البعض من الفقهاء يقبل " الخبرة " على أساس أنّ المسؤولية التقصيرية من النظام العام  .
ـ  يميل القضاء ( في أغلبيته ) إلى رفض أخد العاقدين بمبادئ المسؤولية التقصيرية :
و هكذا لا يستطيع الدائن ( إذا أراد إثبات خطأ المدين ) إغفال العقد الذي يقوم بينهما ليعامل هذا الأخير كأجنبي عنه ـ إذا لولا قيام هكذا العقد لما أمكن تحقق للضرر.
5) ـ أساس المسؤولية التقصيرية و تطورها :
      و إذا كانت المسؤولية التقصيرية هي الإلتزام بتعويض الضرر الذي يحيق يالغير ، فإنّ البحث في أساسها معناه تحديد د الأسباب التي دعت ( في القانون الوضعي ) إلى قيام هكذا الإلتزام .
ـ ليست المسؤولية ـ في الحقيقة ـ سوى توزيع للأضرار التي تقع في الجماعة على بعض الأفراد فيها. ففي كل جماعة تقع أضرار متنوعة ( نتيجة حتمية لتزاحم أفرادها في إشباع حاجاتهم ـ و لتشابك مصالحهم.
ـ و تزداد هذه الأضرار ( على مر الزمن ) بزيادة كثافة السكان ـ و اتساع نشاطهم و تشعبعبه .
ـ و يتعين على الجماعة ( بداهة ) أن تحاول ما أمكنها ـ منع وقوعها ـ أو الإقلال من فرض تحققها و إلاّ تفاقمها إلى تهديد كيان كل فرد فيها و إعاقة نشاطه على نحو يعرقل تقدم المجموع و يعبث بأمنه.
ـ و إذا كان الحل المثالي يكمن في تشريع وقائي يؤدي إلى تجنب وقوع الأضرار و يمنع قيام أسبابها ـ (كتنظيم المرور في الطرقات تفاديا للحوادث ـ و اقتضاء " مواصفة " معينة في الأبنية منعا لانهيارها) فإنّ نجاح هذا التشريع لن يكون إلاّ نسبيا ـ كما أنّ وقوع الأضرار ( في الحياة الإجتماعية) لا يمكن منعه بالكلية ـ لأنها في الحقيقة ـ تلازم نشاط الأفراد فيها ـ و تعتبر له ـ ( من ثم ) نتيجة حتمية . فلم يبقى سوى توزيعها : هل يبقى الضرر على عاتق ضحيته ؟ أم يلقى على كاهل من أحدثه ؟ أم تتحمله الجماعة بأسرها بدلا من هذا الشخص أو ذلك ؟: يتوقف على الإجابة على هذا السؤال تحديد أساس المسؤولية .



المسؤولية :
نظرية الخطأ أو النظرية الشخصية :
     يمكن القول بأن يتحمل كل فرد في الجماعة ما يلحقه من ضرر . فكما يفيد من الحياة المشتركة ـ يجب أن يستكين إلى ما يصيبه نتيجة لها ـ و يحمل( من ثم ) عبء الضرر من يختاره القدر لحمله ، إلاّ إذا نشأ هذا الضرر نتيجة انحراف في سلوك من أحدثه ـ اهمالا أو عدم احتياط منه ـ حين يصبح هذا الأخير وحده مسؤولا عنه : تلك هي النظرية التقليدية التي تؤسس المسؤولية على فكرة الخطأ.
و تتفق بهذا الأساس مع فقه المذاهب الفردية التي نادت باستقلال كل فرد ( في الجماعة ) عن الآخر . و لا يمكن ( من ثم ) لأخذ منهم أن يسأل غيره ـ عن ضرر لحقه ، إلاّ إذا استطاع اقامة الدليل على خطأ منه كان سببا في حدوثه.
ـ و تعتبر النظرية على هذا الوجه ـ في دائرة العلاقات ، غير عقدية ـ مقابل لمبدأ سلطان الإرادة في نطاق الروابط العقدية . فكما أنّ حرية فرد هي الأصل.
ـ( و العقد استثناء عليها) فإنّ عدم المسؤولية ( كذلك ) هو الأصل . و المسؤولية استثناء عليه : لا تقوم المسؤولية إلاّ بتوافر الخطأ (                   ).
ـ نظرية تحمل التبعة ( أو النظرية الموضوعية أو المادية ).
ـ و يمكن القول في هذه النظرية بأنّ من " يباشر نشاطا يتحمل نتيجته " أو يستفيد من شيء يتحمل مخاطره ".
ـ و عليه أن يعوض الغير الذي يلحقه ضرر منه ـ و لو كان سلوكه غير مشوب بخطأ ما : هذه عي نظرية " تحمل التبعة " التي تعني بالضرر فقط و يلقى عبء الضرر ـ و فقا لها ـ لا على عاتق ضحيته ـ بل على كاهل من أحدثه أو ـ في عبارة أخرى ـ من كان بنشاطه سببا فيه ( بغير حاجة إلى تقدير سلوكه أو إقامة الدليل على خطأه ) .
ـ و تسند هذه النظرية في رأي أنصارها ـ إلى فكرة العدل : على من يبدى نشاطا أن يتحمل جميع نتائجه : حسنة أو سيئة ـ ( لأنه لو ركن إلى السكون لما لحق الضرر غيره ) فإذا وقع ضرر ـ دون خطأ من أحد ـ فمن يجب ـ عدلا ـ أن يتحمله ؟
ـ أم الشخص الذي كان بعمله سببا فيه ؟
كما أنّ هذا الأخير ـ في العادة ـ يفيد من مغانم نشاطه : فيتعين عليه ( من ثم ) أن يتحمل مغارمه.
ـ و يضيفون أن الخطأ يجب أن يفقد مكانه في المسؤولية المدنية التي ـ (بعد انفصالها عن المسؤولية الجنائية التي تتأسس على فكرة العقوبة ) ـ لا تحفل إلاّ بالتعويض ـ بحيث لا يبقى ركنا لها ـ سوى علاقة السببية  : كل من يحدث ضررا بالغير يلتزم بتعويضه : و هكذا تتأكد فكرة التضامن الإجتماعي متغلبة على روح الأنانية الفردية التي تدفع إلى العمل دون اكثرات بمصالح الآخرين.
و من هنا تتفق هذه النظرية مع الإتجاه إلى المادية في القانون ، التي تقوم العلاقات القانونية وفقا لها ـ لا مع شخصين و لكن بين ذمتين . و لامكان فيها لتقدير السلوك الفردي .
ـ و يمكن القول ـ أخيرا ـ بأنّ الجماعة ممثلة في الدولة تتحمل تلك الأضرار ( بدلا من الذين تضعهم المقادير تحت أثقالها ) لتلقيها ـ بدورها ـ على جميع المواطنين عن طريق الضريبة ( و تلجأ الدول في العادة إلى هذه الفكرة للتعويض عن أخطار الحرب ـ و عن كوارث الجوية ... ).
و يمكن القول أنّ النظرية التقليدية ( التي تؤسس المسؤولية على فكرة الخطأ ) قد سادت في القوانين الوضعية القديمة حتى أواخر القرن التاسع عشر .
ـ و لكن ظهر قصورها بعد النهظة الصناعية ، التي قامت على استخدام القوى المحركة في الإنتاج و في النقل بما تبعها من زيادة الأضرار الناجمة عن حوادث العمل و المواصلات زيادة بالغة ، ـ و عجزت عن إقامة توازن معقول بين :
ـ ضحايا الألات ، الذين يتحملون أخطارها.
ـ و بين أصحابها الذين يجنون ثمارها .
ـ تعذر على الأولين اثبات الخطأ و الكشف عن سبب الحادث.
ـ و أفلت الأخيرون ـ بالتالي ـ من المسؤولية ( عما يصيبهم ).
قرائن الخطأ :
لما كان الإلتزام بالتعويض يتأسس على الخطأ ـ الذي يعتبر ، في النظرية التقليدية ركنا في المسؤولية لا تقوم إلاّ بتوافره . فإنه يقع على المضرورة ( وفقا للقواعد العامة ) إقامة الدليل على الخطأ الذي أدى إلى الضرر الذي لحقه ، ليحصل على التعويض عنه.
ـ و لكن هذا الإثبات يكون ( في بعض الظروف ) عسيرا .
ـ لذلك أقام المشرع ( في حالات معينة ـ كحالة ( المتبوع ) و حارس الحيوان ) قرائن قانونية على رجوع الضرر إلى خطأ من أحدثه ـ تعفى المظرور من عبء اثباته .
ـ و يجوز مبدئيا و لكن لم تقوم ضده القرينة ، ليتخلص من المسؤولية ، أن يثبت انعدام الخطأ في جانبه.
ـ و لكن مبدئيا ، لم يقبل دائما هذا الإثبات ، و اعتبر هذه القرينة ـ قرينة قاطعة ـ لا يستطيع المسؤول أن ينفيها ـ و يتعين عليه ـ ليتخلص من المسؤولية ـ أن يقطع علاقة السببية ( بين الضرر و خطئه المفترض ).
ـ كذلك اعتبر البعض في قطيعة القرينة قناعا لمسؤولية مادية لا تتأسس على الخطأ .
ـ و في بعض الحالات ، ألقي على عاتق أحد العاقدين ، إلتزاما بالضمان أو إلتزام بالسلامة لمصلحة العاقد الآخر ، بدلا من الإكتفاء بقواعد المسؤولية التقصيرية ـ ليحصل الدائن على تعويض  عن الضرر الذي يصيبه ـ دون ( حاجة إلى إثبات خطا المدين ).
تنظيم المسؤولية التقصيرية :
ـ تضمنت المادة 124 القاعدة العامة في المسؤولية التقصيرية لنصها على أنّ " كل عمل أيا كان يرتكبه المرء و يسبب ضررا للغير يلزم من كان سببا في حدوثه بالتعويض ".
ـ و عرض ـ في بعض النصوص ، للمسؤولية المبنية على خطأ مفترض ـ أو على قرينة الخطأ .
و هي كما أشرنا :
ـ مسؤولية متولي الرقابة :
ـ و مسؤولية المتبرع :
ـ و مسؤولية حارس الحيوان :
ـ و مسؤولية حارس البناء ( عن تهدمه ) ( تقوم في الجزائر ) على أساس الخطأ المفترض الذي يقبل اثبات العكس ).
ـ و حالة حارس الأشياء غير الحية .










شاركنا بتعليقك...

التعليقات



، اشترك معنا ليصلك جديد الموقع اول ً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

احصائيات الموقع

جميع الحقوق محفوظة

علوم قانونية وادارية

2010-2019