المحامي عارف الشعال
تعتبر هذه النظرية إحدى أهم النظريات المتفرعة عن نظرية "البطلان" في قانون أصول المحاكمات، وبالرغم من أننا كمحامين وقضاة نشتغل بها بشكل شبه يومي، ولكن قلة قليلة من رجال القانون يعرفونها بهذا الاسم، فهي مغمورة قياساً على النظريات القانونية الشهيرة كنظرية "الظروف الطارئة"، أو "التعسف باستعمال الحق"،
تعنى هذه النظرية بتيسير الخصومة وتصحيح البطلان أو العيب أو النقص الذي يشوب إجراء ما بالدعوى بتكملته، وبدور القاضي في الحث على هذا التصحيح، قبل جنوحه لإبطاله.
لفت النظر لهذه النظرية الفقيه الدكتور "فتحي والي" في مرجعه القيّم "البطلان في قانون المرافعات" الصفحة 527 وما بعدها قائلاً:
((نقصد بتكملة العمل الإجرائي الباطل، إضافة المقتضى الذي ينقصه، أو تصحيح المقتضى المعيب فيه.
فالعمل الإجرائي يكون باطلاً إذا نقصه أحد المقتضيات التي يتطلبها القانون لصحته، أو إذا جاء أحد هذه المقتضيات على غير الوجه الذي يريده القانون. فإذا أمكن تكملة العمل بحيث توافرت فيه جميع المقتضيات القانونية، فإنه يعتبر عملاً صحيحاً))
ويأخذ الفقيه الكبير على المشرع الفرنسي والمصري عدم اعتنائهما بوضع نصوص تنظم هذه النظرية، تاركين أمر الأخذ بها إلى القواعد العامة في نظرية البطلان.
بينما اعتنى المشرع الايطالي خاصة في نصوص متفرقة في استعمال هذه الوسيلة (التكملة) للتخفيف من أثر البطلان في عرقلة الخصومة، وكان له موقف متقدم بعدم انتظار الخصوم المبادرة بالتكملة والتصحيح من تلقاء ذاتهم، وإنما منح القاضي سلطة إرشاد الخصوم إلى تكملة الأعمال الإجرائية المعيبة، وتحديد ميعاد للخصم ليصحح العمل المعيب فإذا لم يقم بذلك حكم القاضي بالبطلان.
حيث تنص المادة 316 مرافعات إيطالي أنه:
((يستطيع قاضي الصلح أن يبيّن للخصوم في أي وقت عيوب الأعمال والمستندات التي يمكن إصلاحها ويحدد ميعاد لتصحيحها، بدون مساس بالحقوق المكتسبة لكل خصم))
ويحث الفقيه الكبير على الأخذ بهذه النظرية حتى لو كان البطلان المطلوب تصحيحه وتكملته يتعلق بالنظام العام فيقول في الصفحة 529 من سِفْرِهِ المذكور:
((ويمكن التصحيح بالتكملة سواء أكان البطلان متعلقاً بالمصلحة الخاصة أم متصلاً بالنظام العام. ذلك أن {النظام العام لا يضار ما دام قد أمكن تكملة العيب بحيث أصبح العمل صحيحاً}......
هذه القاعدة تعني أنه حيث يختفي العيب فإنه يجب عدم الحكم بالبطلان، إذ بتكملة النقص تكملة تامة تتحقق الغاية التي يريدها الشارع.
والأخذ بـ {نظرية التصحيح بالتكملة} يتفق مع الاتجاه الحديث في نظرية بطلان العمل الإجرائي الذي يدعو إلى التقليل من الحكم بالبطلان حتى تستطيع الخصومة أن تؤدي وظيفتها بغير عرقلة))
فإذا ما تمّ التصحيح أو التكملة ضمن ضوابط معينة تختلف حسب البطلان أو الإجراء، فلا يستطيع القاضي التصدي للبطلان من تلقاء ذاته، إذ يتابع الفقيه في الصفحة 532 قائلاً عن أثر التكملة:
((تؤدي تكملة العمل الإجرائي المعيب إلى زوال العيب فيعتبر عملاً صحيحاً، ليس لأحد التمسك ببطلانه، وليس للقاضي أن يقضي ببطلانه من تلقاء نفسه، ويتم التصحيح بأثر رجعي أي يعتبر العمل صحيحاً من وقت القيام به))
في الجزء القادم سنتحدث -إن شاء الله- عن موقف القانون والقضاء السوريين من هذه النظرية.
شاركنا بتعليقك...