الدفع بالاحالة للارتباط
بقلم المحامي محمد هاشم المنكوشي
لقد نصت المادة (75) من قانون المرافعات المدنية على ( اذا تبين للمحكمة ان للدعوى ارتباطا بدعوى مقامة قبلا بمحكمة أخرى فلها ان تقرر توحيد الدعويين وترسل اضبارة الدعوى الى المحكمة الاخرى والقرار الصادر من المحكمة الأخرى برفض التوحيد يكون قابلا للتمييز ).
بحث ودراسة قانونية الدفع بالاحالة للارتباط |
فهذه المادة ادرجها المشرع في الباب السادس الخاص بالدفوع الشكلية , لذا سنتناول اولا مفهوم الدفع بالإحالة للارتباط وثانيا احكام هذا الدفع .
اولا/ مفهوم الدفع بالإحالة للارتباط:
الدفع لغة : هو الرد والابعاد .
الدفع اصطلاحا : هو الإتيان بدعوى من المدعى عليه توجب رد دعوى المدعي كلا او جزءا مباشرة بموجب المادة (8 ) مرافعات , والدفوع ثلاثة أنواع هي :
1) دفوع موضوعية : وهي الدفوع الموجه للحق المدعى به فترد الدعوى موضوعا وتمنع من أقامتها مجددا , كالدفع بالوفاء او التقادم بالنسبة لدعوى الدين .
2) دفوع شكلية : وهي الدفوع الموجه لإجراءات الدعوى فترد الدعوى شكلا ولا تمنع من أقامتها مجددا , كالدفع بعد الحكم ببطلان التبليغ او بعدم الاختصاص المكاني .
3) الدفع بعدم قبول الدعوى : وهو الدفع الموجه لوسيلة الادعاء , كالدفع بعدم توجه الخصومة .
وتمييز الفقهاء بين الدفعيين الأخيرين هو تمييز نظري ولا تترتب عليه أي فائدة او ثمرة عملية لان الدفع بعدم قبول الدعوى , ان كان يدفع دعوى المدعي موضوعا ويمنع من أقامتها مجددا فهو دفع موضوعي , وان كان يرد دعوى المدعي من حيث الشكل ولا يمنع من أقامتها مجددا فهو من الدفوع الشكلية وهو الحق .
الاحالة لغة : هو الرفع والنقل .
الاحالة اصطلاحا:هو رفع الطلب القضائي الى الجهة المختصة بنظره سواء كان المحيل هو المحكمة ام غيرها , وهناك فرق بحسب الاصطلاح بين الاحالة والنقل وهذا الفرق يتجلى بامرين هما :
1) قرار الإحالة يصدر من المحكمة الغير مختصة في نظر الدعوى فتقرر رفعها إلى المحكمة المختصة في نظرها بموجب المادة (78) مرافعات مدنية , وللمحكمة المحال أليها الدعوى الخيار في قبول او رفض قرار الاحالة .
2) قرار النقل يصدر من محكمة التمييز يرفع بموجبه الدعوى من المحكمة المختصة في نظرها قانونا إلى محكمة أخرى وذلك بسبب تعذر تشكيل المحكمة أو لأسباب تتعلق بالأمن أو لأي سبب أخر تراه محكمة التمييز استنادا للمادة 97 مرافعات مدنية , والمحكمة المنقول اليها الدعوى مجبرة على نظرها أي ليس لها الخيار في قبول او رفض قرار النقل لان قرار محكمة التمييز واجب الأتباع .
الارتباط لغة :الاتحاد والتماسك.
الارتباط اصطلاحا : هو اتحاد الطلبان القضائيان بأمر واحد أي يكون مشتركا بينهما وهذا الامر الواحد اما ان يكون هو السبب او هو الموضوع او هو الخصوم , مثال ذلك :دعوى منع المعارضة التي يقيمها بائع السيارة خارج دائرة المرور , ودعوى رد البدل المقامة من قبل مشتري ذات السيارة فتقرر المحكمة توحيدهما لاشتراك الدعوتين بالخصوم والسبب .
وقد يتحقق الارتباط بين الطلبين القضائيين الا ان النصوص الخاصة تمنع من التوحيد كما في دعوى فرق البدلين ودعوى استرداد البدل حيث يتحد الطلبان بالخصوم والسبب الا انه لا يمكن توحيدهما لاختلاف طرق الطعن لكل دعوى .
والغاية من توحيد الطلبات القضائية هي حسن الفصل فيها وتجنب التعارض عند البت فيها .
شرائط الدفع بالاحالة للارتباط هي :
1. وجود امر مشترك بين طلبين قضائيين وهو اما وحدة السبب او وحدة الموضوع او وحدة الخصوم .
2. ان تكون المحكمة المطلوب الاحالة اليها مختصة بنظر الطلب القضائي المنظور من قبلها أي ان الطلب القضائي المقام اولا يجب ان يكون من اختصاص المحكمة التي تنظره .
3. ان تكون المحكمة المطلوب الاحالة اليها مختصة بنظر الطلب القضائي المحال اليها أي ان الطلب القضائي المقام لاحقا والمراد توحيده مع الطلب المقام اولا يجب ان يكون من الاختصاص النوعي للمحكمة المحال اليها .
4. ان تكون المحكمتان تابعتان لجهة واحدة , وبهذا القيد يمنع توحيد دعوى منظوره من قبل محكمة البداءة التابعة للقضاء العادي مع دعوى منظوره من قبل محكمة القضاء الاداري التابعة للقضاء الاداري .
5. ان تكون المحكمتان من درجة واحدة , وبهذا القيد يمنع توحيد دعوى منظوره من قبل محكمة البداءة مع دعوى منظوره من قبل محكمة الاستئناف .
ثانيا/ احكام الدفع بالاحالة للارتباط :
أ . الطلبات القضائية المقامة امام محكمة واحدة /
اذا ثبت لمحكمة الموضوع اثناء نظر الطلب القضائي سواء من تلقاء نفسها او بناءا على طلب احد الخصوم وجود ارتباط بين طلبين قضائين مقامين امامها فتقرر توحيدهما واعتبار الطلب المدفوع عنه الرسم اولا هو الاصل وتفصل فيهما معا .
ب الطلبات القضائية المقامة امام محاكم متعددة /
إذا ثبت لمحكمة الموضوع اثناء نظر الطلب القضائي بناءا على طلب احد الخصوم وجود ارتباط بين طلبين قضائيين مقامين امام محكمتتين فبعد جلب المحكمة للطلب القضائي الاخر المقام اولا فتقرر توحيدهما وترسل الطلب القضائي الى المحكمة المجلوبة منها الطلب القضائي ,فإذا قررت المحكمة المرسلة أليها الطلب القضائي قبول التوحيد فتفصل فيهما معا وإذا رفضت التوحيد فيكون قرارها قابلا للتمييز بموجب الفقرة (1) من المادة (216) مرافعات مدنية .
ومن الجدير بالذكر ان هناك فرقا جوهريا بين التوحيد بسبب الارتباط وبين التوحيد بسبب قيام ذات النزاع وهو ان التوحيد الاول لا يترتب عليه اندماج الطلبين بل يبقى كل منهما محتفضا باستقلاله والشاهد على ذلك ان المحكمة تحقق في كل واحدة منهما وتبت فيهما في ان واحد وبحكم واحد في حين ان التوحيد الثاني يترتب عليه اندماج الطلبان ولا يكون لاي منهما بعد الضم ذاتية مستقلة وتجري المحكمة تحقيقا واحدا ثم تصدر حكما واحدا .
وفذلكة المقال ان الدفع بالاحالة للارتباط بغية توحيد الطلبين القضائين ليس من الدفوع وان اعتباره دفعا من قبل المشرع هو اعتبار مسامحي ياباه العقل والقانون لان الميزان في الدفع هو ما يرد دعوى المدعي كلا او جزءاً , وان احالة الطلب القضائي لغرض توحيده مع طلب اخر والبت فيهما معا لا رد فيه لاي طلب بل هو من الطلبات المقدمة من الخصوم , بغية حسن الفصل فيهما وتجنب التعارض عند البت فيها
شاركنا بتعليقك...