واقع سن الزواج
إن سن الزواج يختلف حتما ً من مجتمع لأخر ومن فترة لأخرى ، لا بل من طبقة أو فئة إجتماعية لأخرى في المجتمع الواحد وفي فترة زمنية واحدة. وبالتالي تختلف قناعة المشرع وفقا ً للمصالح الاجتماعية والموازنات المختلفة التي يقيمها عند إقراره لهذا الحكم أو ذاك .
إن استقراء واقع الحال في مجال تحديد سن الزواج ، والذي يعني بشكل من الأشكال حظر الزواج المبكر يرينا أن هناك تباين في الدول ، ففي الأردن الذي حدد قانونه سن الزواج بثماني عشرة سنة كمبدأ عام ،فإن واقع الحال الأجتماعي يظهر ميلا ً إلى تأخير الزواج لا بل إلى قلته نسبة ألى عدد السكان حيث تشكل نسبة النساء غير المتزوجات من عمر (18 سنة فأكثر) حوالي 29.1% من اجمالي النساء الأردنيات (2009) . وأن نسبة زواج من هم أقل من 20 سنة تعادل 0.4% من الذكور و 5.8% من الإناث (عام 2009) بينما كانت النسبة حوالي 22% حتى عام 1979 [1] وتذكر هذه التقارير الى أن الأردن حالياً هو في المرتبة 52 على مستوى الزيادة الطبيعية السكانية في العالم وأن السبب الرئيسي لهذا التراجع هو مشكلة العنوسة وتراجع حالات الأنجاب .[2]
فيما تشير التقارير ألى عكس هذا الأتجاه في بلدان اخرى مثل اليمن حيث تتزوج 48% من الفتيات اليمنيات قبل بلوغ سن 18 سنة ، وفي بعض المحافظات اليمنية يتزوج ما يزيد على نصف الفتيات قبل بلوغ سن 15 سنة .[3]
وتحتدم المناقشة في اليمن سياسياً واجتماعياً وثقافياًحول موضوع تحديد سن الزواج. ففيما يوجد هناك مشروع قانون (معطل) لفرض غرامة مالية وعقوبة تصل الى السجن لمدة سنة للأباء الذين يزوجون بناتهم قبل بلوغهن سبع عشرة سنة ، وهو ما تدعو اليه بعض المنظمات في اليمن، ومع ذلك فإن الأخبار تناقلت ان متظاهرات يحملن القرآن أمام البرلمان ويقلن أن تحديد سن الزواج بسبعة عشر عاماً أمر غير أسلامي ومرفوض .
ويمكن القول بصورة عامة أن التاريخ يحدثنا عن سن ابكر للزواج حتى في الغرب بصورة عامة وأن العالم الحديث يميل الى ارتفاع في سن الزواج حتى في الشرق بسبب نمط الحياة الحضرية وتكاليف المعيشة والاستقلال الأسري الاصغر والرغبة في اكمال التعليم وتسلق السلم المهني قبل الانجاب .
فمن الناحية التاريخية تشير المصادر إلى إن الزواج في روما القديمة ، سواء بين الوثنيين أو المسيحين يعتبر مبكرا جدا ًبمعايير الغرب الحالية ، فلم يكن يزيد معدل عمر الزواج للبنت عن 13 عاما ً وهناك من يقول إنها 12 عاما فقط ،[4]ويشير وستر مارك إلى أن القانون الروماني الذي يقضي بأن للرجل أن يتزوج في سن الرابعة عشرة والمرأة في سن الثانية عشر قد أقرته الكنيسة فيما بعد وأصبح يمثل شرطا في القانون الديني الذي ما يزال مرعياً في بلاد كثيرة .[5] وفيما كان اليهود يعتبرون الفتاة قابلة للزواج في سن الثالثة عشرة وهي سن النضج إلا أن هناك فترات كانت تتم فيها الزيجات ولم يتم العروسين العاشرة .[6] وتذكر مراجع أخرى ، أن اليهود الربانيين قد تم تحديد سن الزواج لهم وفق ديانتهم بثلاث عشرة سنة للذكر وإثني عشرة سنة ونصف للأنثى ولا يعتبر صحيحا ً الزواج الذي يخالف هذا الحكم أما اليهود القرائيين فلم تحدد لهم شريعتهم سنا ً معينة وإنما يعتد بالبلوغ الطبيعي .[7]
أما في الهند فقد ظل زواج الصغار سارياًحتى حرمه القانون الصادر عام (1600 م) والذي حدد عمر الفتاة المقبلة على الزواج بألا تقل عن أربعة عشر عاما ًولم بنجح هذا القانون .[8]
أما في مصر القديمة فلا يوجد مايشير بصورة واضحة الى سن الزواج إلا أنه توجد بعض الاشارات إلى أن الزواج كان يتم في سن مبكرة .[9]
[1] تقرير جمعية العفاف الخيرية بالتعاون مع دائرة الأحصاءات العامة ودائرة قاضي القضاة ومكتب الأحصاء الأردني منشور على موقع
www.iicwc.org/langa/iicwc.930
[2] تقرير جمعية العفاف – المصدر السابق ذكره .
[3] دراسة لمركز أبحاث ودراسات تنمية النوع الاجتماعي التابع لجامعة صنعاء – 2007 منشور على موقع
www.iraqiforum.net/vb/3216.html
[4] M . K . Hopkins _ The Age of Roman Girls at Marriage _ منشور على الموقع (www.jstore.org)
[5] وسترمارك ترجمة الزيادي . المصدر السابق .ص 54
[6] وسترمارك . المصدر السابق .ص 47
[7] هند المعدللي المصدر السابق .ص 90
[8] هند المعدللي . المصدر السابق .ص 49
[9] تحفة حندوسة المصدر السابق . ص24
شاركنا بتعليقك...