أسباب الإختلاف في الفقه محورا جديدا
وإنموذجها الآتي :
1. إختلاف الزمان بما له من الأثر على الحكم الشرعي وذلك بعدة عوامل :
أ. تحول القيم الاخلاقية ، كمقدار النفقة للزوجة ، وعد العسر والحرج بالنسبة للمرأة قاعدة عامة لجواز طلاقها . وهكذا مما مرده الى إنتفاء موضوع الوجوب مثلاً(39) .
ب. تغيّر العلوم والتقدم التكنولوجي ، فالبرص والقرن يعد سبباً من أسباب فسخ النكاح وكذا العنن للرجل ، وتطور العلم جعله ليس كذلك نظراً لامكانية علاجه(40).
ج. تغير الاحتياجات والضرورات :
يقول الدكتور كاتوزيان ما حاصله :
إن ضغوط الضرورات والاحتياجات لن تقتصر فقط على استبدال الاحكام الثانوية فقط ، بل أصبح لها تأثيرها في استبدال الاحكام الطبيعية الاولية في الشرع، وقد مثّل ببيع ثمرة العمل بالمؤجل ، بأن يشتري المتمول نتاج المزرعة مثلاً بثمن بخس وبالمؤجل ، وكان الزارع يرضى بهذه المعاملة لأنها توفر له ضماناً مستقبلياً ، ولذا حرّم هذا الضرب من البيع .
أما اليوم فقد برزت مصالح أهم أخذت تدفع للقبول بمثل هذا الضرب من التعامل بل تجعله ضرورياً لا يمكن تجنبه ، فنحن نبيع نفطنا بهذه الطريقة ، فهل نجروء على أن نحكم ببطلان جميع هذه المعاملات ؟ وإذا فهم الأجانب أن مثل هذه المعاملة باطلة في فقهنا الحقوقي فهل يكونون على استعداد بعد ذلك للتعامل معنا(41) ؟ .
د. تغير المعلومات التي يكون لها دخل في إيضاح بعض الموضوعات والتي تختلف من فقيه لآخر(42) .
ي. تسلم بعض الفقهاء دفة الحكم في بعض البلدان وحرية ابداء الرأي الفقهي بعد الاطلاع على عنصر الزمان، أو إدراك العوامل المؤثرة في المجتمع التي توفرها المتغيرات الزمانية لئلا يقع في إشتباهات التطبيق(43) .
يقول الامام الصادق A : (العالم بزمانه لا تهجم عليه اللوابس)(44).
2. إختلاف المكان وعادات البلاد، كحداد السواد المتقدم مثاله .
وكقول صاحب الجواهر في مسألة المكيل والموزون ببيع أحدهما بالآخر وبالعكس :
(إن الاقوى اعتبار التعارف في ذلك وهو مختلف باختلاف الازمنة والامكنة)(45).
3. وفرة القرائن الحالية في مرحلة يتصور فيها القرب من عصر النص وفقدها حال البعد مما له دخل في فهم أو توجيه النص، ومن ثم فهمه بشكل مختلف .
4. وفرة الأدلة عند بعض ووصولها إليه ، وفقدها عند الآخر فيرجع للأصل .
5. الاختلاف في مدى وسعة الأخذ بالاحكام الولائية والتي تكون على أنواع :
أ. ما كان موكولاً الى الفقيه الحاكم لتشخيصه ، كتحديد الهدنة من الحرب ، ومقدار الجزية المجزية على أهل الذمة .
ب. الحكم الولائي الذي يرفع الحكم الالزامي الثابت الى حكم مغاير كجواز تولي الولاية من قبل الجائر المحرمة بالأصل؛ لتحقيق النظام .
6. الإختلاف بدرجة التيسير في العبادات والمعاملات ، كما عند الحنفية بما لم يصل غيره إلى درجته ، ومثل له الزلمي(46) بجملة من المسائل مثل :
أ. اذا أصاب البدن أو الثوب نجاسة جاز إزالتها بكل مائع طاهر .
ب. تجويز دفع قيمة شاة الزكاة بدلاً عنها .
7. ظهور المدارس الفقهية وإتجاه الجمهور الى كلتا الناحيتين في النزاع الفقهي، وهما الرأي، والتمسك بظاهر النصوص(47).
رابعاً : أسباب الإختلاف في القضايا والعلوم القرآنية .ياتي لاحقا عن قريب
شاركنا بتعليقك...