أتعاب المحامي Attorney Fees جمع تَعَب ومصدر من تعِبَ، وجمعه أتعاب، ويقالُ: جنى ثِمارُ جُهْدِهِ وَغَلَّةَ اجْتِهَادِهِ، فهي لا تأتِ إلاّ بعد المشقّة والجُهد، وهي مالٌ يتقاضاه من قدّم الخدمة أو المشورة ، وتنصرفُ مجازاً على أتعابِ المحامي.
وقد نظّم قانون مهنة المحاماة الفلسطيني رقم (3) لسنة 1999م في المواد (21-23) الأحكام المتعلّقة بأتعاب المحامين، فأعطى للمحامي الحق في تقاضي بدل أتعاب عما يقوم به من أعمال ضمن نطاق مهنته، كما له الحق في استيفاء أية مصروفات قضائية تحمّلها في سبيل القضية التي كان وكيلاً فيها شريطة أن تكون مؤيدة بالمستندات.
وعند وجود اتفاق على الأتعاب بين المحامي والموكل مثال نموذج اتفاقية اتعاب محاماة يجوز للمحامي أن يستوفي ما يعادل ما يستحقه من المبالغ المحصّلة لحساب موكله وذلك في حال تخلّف الموكّل عن تسديدها، أو حجز الأوراق والمستندات المتعلقة بموكّله لحين استيفاء حقّه في الأتعاب المتفق عليها شريطة إلا يؤثر ذلك على أي ميعاد محدد لاتخاذ إجراء قانوني يترتّب على عدم مراعاته سقوط الحق فيه، كما يسقط حق الموكل في مطالبة محاميه برد الأوراق والمستندات والحقوق المترتبة على عقد الوكالة بمضي خمس سنوات من تاريخ انتهاء وكالته، وتنقطع هذه المدة بالمطالبة بها بكتاب موصى عليه.
كما جعل القانون المذكور لأتعاب المحامي وما يلحق بها من مصروفات امتياز يلي مباشرة حق الخزانة العامة على ما آل إلى موكله نتيجة عمل المحامي، أو الحكم في الدعوى موضوع الوكالة وعلى ضمانات الإفراج والكفالات أياً كان نوعها.
أمّـا المادة الرابعة من قانون المحامين الشرعيين الأردني رقم 12 لسنة 1952م المطبّق في فلسطين، فقد أجازت للمحامين أن ينظموا اتفاقاً خطياً مع موكليهم بأجرة أتعابهم يبينوا فيه مقدار تلك الأجور وكيفية دفعها، وإذا وقع نزاع بين الموكل ووكيله بهذا الخصوص، ينفذ مضمون ذلك الاتفاق إلّا إذا رأت المحكمة الشرعية أنه غير عادل ولا معقول، فيجوز لها حينئذ أن تقرّر المبلغ الذي تعتبره كافياً بعد النظر في جميع ظروف تلك القضية.
فإذا لم يكن بين الموكل ومحاميه اتفاق خطي بشأن أتعاب المحاماة، ولم يكن قد وضع نظام للأجور الواجب استيفاؤها عن هذه الأتعاب، جاز للمحامي أن يطلب من المحكمة الشرعيّة أن تقدّر له الأجر الذي تراه عادلاً ومعقولاً، والمقدار الذي تحكم به المحكمة يحصل بالطريقة التي تحصل بها الديون المحكوم بها، وكل قرار تصدره المحكمة في موضوع الأجور المبينة في الفقرتين السابقتين يكون قابلاً للاستئناف وفق ما هو مقرّر في قانون أصول المحاكمات الشرعيّة.
ولما لموضوع أتعاب المحامي من أهميّة، فقد ارتأينا تحقيقاً للفائدة، إيراد ما تضمنته المواد (82 -91) من قانون المحاماة المصري رقم 17 لسنة 1983م، والتي منحت للمحامي الحق في تقاضي أتعاب لما يقوم به من أعمال المحاماة والحق في استرداد ما أنفقه من مصروفات في سبيل مباشرة الأعمال التي وكل فيها، وذلك وفقاً للعقد المحرر بينه وبين موكله، وإذا تفرّع عن الدعوى موضوع الاتفاق أعمال أخرى حقّ للمحامي أن يطالب بأتعابه عنها.
ويدخل في تقدير الأتعاب الدعوى والجهد الذي بذله المحامي والنتيجة التي حققها أهمية وملائمة الموكل وأقدميّة درجة قيد المحامي، على ألا تزيد على عشرين في المائة، ولا تقلّ عن خمسة في المائة من قيمة ما حقّقه المحامي من فائدة لموكّله في العمل موضوع طلب التقدير، وفي جميع الأحوال لا يجوز أن يكون أساس تعامل المحامي مع موكله أن تكون أتعابه حصة عيّنية من الحقوق المتنازع عليها.
فإذا انتهت الدعوى أو النزاع صلحاً أو تحكيماً استحق المحامي الأتعاب المتفق عليها ما لم يكن قد تم الاتفاق على غير ذلك، كما يستحق المحامي أتعابه إذا أنهى الموكل الوكالة دون مسوّغ قبل إتمام المهمة الموكلة إليه، وللمحامي الذي صدر قرار بتقدير أتعابه أو عقد صلح مصدّق عليه من مجلس النقابة الفرعية أو من المحكمة أن يحصل على أمر باختصاصه بعقارات من صدر ضده قرار التقدير أو عقد الصلح أو الحُكم.
كما يكون للمحامي عند وقوع خلاف بينه وبين موكله بشأن تحديد أتعابه في حالة عدم الاتفاق كتابة عليها، أن يقدّم إلى النقابة الفرعية التي يتبعها طلباً بما يحدّده من أتعاب، ويعرض هذا الطلب على لجنة يشكلها مجلس النقابة الفرعية من ثلاثة من أعضائه، ويخطر الموكل بالحضور أمامها لإبداء وجهة نظره، وعلى اللجنة أن تتولى الوساطة بين المحامي وموكله، فإذا لم يقبل الطرفان ما تعرضه عليهما، فصلت في موضوع الطلب خلال ستين يوماً على الأكثر بقرار مسبّب، وإلا جاز لكل من الطرفين أن يلجأ مباشرة إلى المحكمة المختصّة، أمّا إذا قبل الطرفان ما تعرضه عليهما حُرّر محضر بذلك يوقع عليه الطرفان مع ممثل النقابة الفرعية، وتوضع عليه الصيغة التنفيذيّة بواسطة قاضي الأمور الوقتيّة المختص وذلك بغير رسوم.
ويراعى عدم جواز الطعن في قرارات التقدير التي تصدرها النقابات الفرعيّة إلا بطريق الاستئناف للمحكمة الابتدائية التي يقع بدائرتها مكتب المحامي إذا كانت قيمة الطلب خمسمائة جنيه فأقل، وإلى محكمة الاستئناف إذا جاوزت القيمة ذلك، ولا يكون قرار التقدير نافذاً إلا بعد انتهاء ميعاد الاستئناف أو صدور الحكم فيه وتوضع الصيغة التنفيذية على قرارات التقدير النهائي بواسطة قاضي الأمور الوقتية المختص وذلك بغير رسوم.
هذا ويسقط حق المحامي في مطالبة موكله أو ورثته بالأتعاب عند عدم وجود اتفاق كتابي بشأنها بمضي خمس سنوات من تاريخ انتهاء الوكالة أو من تاريخ وفاة الموكل حسب الأحوال. وتنقطع هذه المدة بالمطالبة بها بكتاب موصى عليه.
كما يكون للمحامي الحق في أن يسترد من موكله ما يكون قد أنفقه من مصروفات قضائية مؤيدة بالمستندات، على أن تكون لأتعاب المحامين وما يلحق بها من مصروفات امتيازٌ يلي مباشرة حق الخزانة العامة على ما آل إلى موكله نتيجة عمل المحامي، أو الحكم في الدعوى موضوع الوكالة وعلى ضمانات الإفراج والكفالات أياً كان نوعها.
وعلى المحامي عند انتهاء توكيله لأي سبب من الأسباب أن يقدم بياناً إلى موكله بما يكون قد تم دفعه أو تحصيله ناشئاً عن الدعوى أو العمل الموكل إليه بمناسبتهما، وأن يرد إلى الموكل جميع ما سلمه إليه من أوراق أو مستندات ما لم يكن قد تم إيداعها في الدعوى، وأن يوافيه بصور المذكرات والإعلانات التي تلقاها باسمه، دون أن يلتزم بتسليم موكله مسودات الأوراق التي حرّرها في الدعوى، أو العمل الذي قام به، ولا الكتب الواردة إليه، ومع ذلك يجب على المحامي أن يعطي موكّله صوراً من هذه الأوراق بناءً على طلب الموكل وعلى نفقته.
أخيراً، إذا وجد اتفاق كتابي على الأتعاب، يحق للمحامي حبس الأوراق والمستندات المتعلقة بموكله، أو حبس المبالغ المحصلة لحسابه بما يعادل مطلوبه من الأتعاب التي لم يتم سدادها له وفق الاتفاق، وإذا لم يكن هناك اتفاق كتابي على الأتعاب، كان للمحامي أن يستخرج صوراً من هذه الأوراق والمستندات التي تصلح سنداً له في المطالبة، وذلك على نفقة موكله، ويلتزم برد الصور الأصليّة لهذه الأوراق متى استوفى من موكله مصروفات استخراجها؛ وفي جميع الأحوال يجب أن يراعى ألا يترتّب على حبس الأوراق والمستندات تفويت أي ميعاد محدّد لاتخاذ إجراء قانوني يترتب على عدم مراعاته سقوط الحق فيه، على أن يسقط حق الموكّل في مطالبة محامية برد الأوراق والمستندات والحقوق المترتبة على عقد الوكالة بمضي خمس سنواتٍ من تاريخ انتهاء وكالته، وتنقطع هذه المدة بالمطالبة بها بكتاب موصى عليه.
هذا ولم تترك نقابة المحامين الأردنيين لقانون المحاماة منفرداً مهمة تحديد أتعاب منتسبيها، بل تصدّت لذلك في لائحة آداب وسلوك المهنة، مشدّدة على أنه لا يجوز أن يغيب عن الذهن في معرض تحديد الأتعاب أن مهنة المحاماة هي جزءٌ أساسي من عملية تحقيق العدالة، وليست سلعة للاتجار أو لتحقيق الربح، فأوجبت أن تكون الاتفاقية المتعلقة بأتعاب المحاماة خطية، كما أوجبت على المحامي عدم تضخيم خدماته أو انتقاضها في معرض تحديد أتعابه، كما لم تجز له استغلال عدم خبرة موكله أو ضعفه من أجل الحصول على أتعابٍ باهظةٍ تفوق الخدمات التي قام أو يمكن أن يقوم بها، وعدم اعتبار مقدرة الموكل الماليّة مبرراً لاستيفاء أتعابٍ تتجاوز الخدمة التي تقدم له، أما إذا كان فقيراُ، فيجب أن تكون الأتعاب بأقل حدٍّ ممكن، أو أن تقدّم الخدمات بلا مقابل.
كما أوجبت اللائحة المذكورة لدى تحديد مقدار الأتعاب أن يؤخذ بالاعتبار الوقت والجهد اللازمان، وحداثة وصعوبة المسائل ذات العلاقة، والمهارة اللازمة لتسيير الدعوى أو القضية، وعمّا إذا كان قبول المحامي للوكالة من شأنه أن يحول دون توكّله عن آخرين في قضايا قد تنشأ عن المقاضاة أو ينطوي على خسارة عمل آخر.
هذا وحدّدت لائحة آداب وسلوك المهنة الأتعاب المتعارف عليها في النقابة، على ضوء قيمة موضوع الخلاف، والمنافع التي قد يحصل عليها الموكل من خدمات المحامي، وعمّا إذا كان حصول الموكل على التعويض أو المنافع أكيداً أو احتمالياً، وكون الوكالة عابرة، أو لأحد الموكّلين القدامى أو الدائمين.
كما تضيف ذات اللائحة بأنه يجب أن لا تقل أتعاب المحامي الذي بقوم بأعمال المحاماة لدى البنوك وباقي الشركات المساهمة العامة عن مبلغ خمسماية دينار شهريا.
أخيراً، يكون على المحامي أن يتجنب الاختلاف مع موكله على الأتعاب بالقدر الذي يتلاءم مع مقتضيات احترام الذات، ومع الحق في استيفاء تعويضٍ معقول عن الخدمات، ولا يجوز اللجوء إلى إقامة الدعوى على الموكّل إلا لمنع الظلم، أو فرض الإرادة أو الاحتيال.
ختاماً لمقالنا القانوني هذا، نورد ما قرّرته محكمة التمييز الأردنية بالحقوق بهيئتها العامّـة في اجتهادها رقم 3389 لسنة 2003م حول موضوع الأتعاب، والذي جاء فيه " إذا كانت اتفاقية أتعاب المحاماة المبرمة بين المحامي وموكله واضحة الدلالة فلا يجوز الانحراف عنها بتفسير يناقض مدلولها، والعبرة لنيّة الطرفين في اتفاقية أتعاب المحاماة المبرمة بين المحامي وموكله هي للشروط المكتوبة بخط اليد على الأنموذج المطبوع لاتفاقية الأتعاب ويلتفت عن باقي ما هو مدون من عبارات مطبوعة من السابق لأنهما لو أرادا أن تكون نسبة أتعاب المحاماة (7%) من قيمة دعوى الإخلاء والمطالبة المالية لما قاما بتعديل هذه الاتفاقية المطبوعة بإضافة عبارات جديدة بخط اليد، وبناءً على ذلك يُحكم للمدعي بأتعاب المحاماة وفقا للشرط المكتوب بخط اليد بأن الأتعاب هي (7%) من قيمة الأرض موضوع دعوى الإخلاء وليس من قيمة دعوى الإخلاء المحدّد أجرتها سنداً للعقد والمطالبة بقيمة بدل الإيجار الذي لم يدفعه المستأجر للمؤجر، وعليه، فان الحكم للمدعي بنسبة (7%) من قيمة الأرض التي باعها بموجب عقد البيع المبرز باعتباره وثيقة رسمية موافق للقانون، وليس القيمة المقدرة بواسطة الخبرة التي طالب بها المدّعي لادعائه بان قطعة الأرض بيعت بمبلغ اقل من قيمتها تفادياً لزيادة رسوم الأراضي وأتعاب المحاماة المتفق عليها".
بقلم: المسـتشار/ أحمـــد المبيض
أقرأ أيضاً: كيف تقرأ ملف قضية ؟
رسالة المحامي
عزلُ المحامـين الوكلاء بينَ القانونِ والاجتهادْ
أقرأ أيضاً: كيف تقرأ ملف قضية ؟
رسالة المحامي
عزلُ المحامـين الوكلاء بينَ القانونِ والاجتهادْ
شاركنا بتعليقك...