-->
علوم قانونية وادارية علوم قانونية وادارية

اخر المواضيع

جاري التحميل ...

مادة السلطة والنفوذ في الاسلام د.احمد العلمي: معنى المذهبية


المذهبية


معنى المذهبية هي التعاليم والمبادئ والأفكار التي يقول بها منشئ النظام، والتي ينزلها أنصاره منزلة العقيدة العامة، والتي يصحبها تخطيط وبيان لكيفية التنفيذ.
وتقوم كل مذهبية على حتمية معينة، فإذا وصل الاعتقاد بالحتمية إلى حد الإيمان والعقيدة العامة فإنها تتحول إلى مذهبية يجري التخطيط لتطبيقها وكيفية تنفيذها.
*ميزات المذهبية
تتميز المذهبية بما يلي:
1- أنها عقيدة عامة وهدف اجتماعي: فالعقيدة والإيمان في علم النظم لا ينظر إليهما باعتبارهما أمرا بين الإنسان وربه أو بينه وبين نفسه، وإنما ينظر إليهما كغرض اجتماعي عام يسير النظام كله في هديه، أي كمذهبية يلزمها النظام أفراده. ولا تكون المذهبية شعارات ونداءات جوفاء، بل يجب أن تكون هدفا اجتماعيا وغاية مستمرة، يعمل المجتمع لبلوغها وتحقيقها، وتصير أهم ضرورات المجتمع، بحيث يضحي من أجلها بالنفس والمال.
2- أن المذهبية تكون مدونة: فقد تكون المذهبية أحيانا وثائق مستقلة، كالكتب السماوية التي هي في الأصل عهد بين الإنسان والله، على أن يعمل الإنسان على تحقيقها، وأن يضحي في سبيل ذلك بكل غال ونفيس.
وقد تكون في صورة إعلان أو ميثاق، أو في صورة مقدمة للدستور، ونحو ذلك من القواعد البرنامجية، ذات القدسية العالية، ولذلك فإن مقدمات الدساتير ليست قطعا إنشائية أدبية، ولكنها أعلى الأحكام الدستورية المقيدة للدستور نفسه.
ويعتبر القرآن الكريم الوثيقة العليا للمذهبية الإسلامية، إذ هو مصدرها بما يتضمن من أحكام القانون البشري الأعلى الخالد ، فيجب العمل على استخلاصها، وبذلك يتحول القرآن إلى إمام ومرشد أعلى ومنهج للحياة، وكذلك الحديث الشريف، يجب اتخاذه معيارا للتصرف وأساسا له، ولا تصح مخالفته.
3- أن المذهبية لا تكون غاية مؤقتة تنقضي باستنفاذها، كتحرير أرض الوطن، أو الانتصار في حرب، بل المذهبية لا تعتبر كذلك إلا إذا كانت مستمرة ودائمة.
* الفرق بين المذهبية والنظام العام.
قد يقع الخلط بين النظام العام والمذهبية، وإذا كان معنى المذهبية ما سبق فإن معنى النظام العام "تلخيص أو بلورة لثقافة جماعة معينة في وقت معين" وهذه الفكرة في الأصل تتعلق بالأمور التي لا تجوز مخالفتها عند الاتفاق، (كثير من الحريات والحقوق الأساسية والآداب من النظام العام لتعلقها بالمصالح العامة للمجتمع أو لعلوها عن نطاق المصالح الشخصية).
وتختلف فكرة النظام العام عن فكرة المذهبية من وجوه:
أ- فكرة النظام العام فكرة وقتية متغيرة، فما يعتبر من النظام العام قد لا يصير كذلك بعد وقت، وخاصة إذا صدر قانون يبيح ما كان محظورا.
أما المذهبية فهي تستند إلى حتمية دائمة، ولذلك فهي لا تقبل التغيير.
ب- فكرة النظام العام فكرة جزئية لا تشمل النظام كله، فالنظام العام في القانون المدني غيره في القانون التجاري، أو في المجال الجنائي والإداري، إذ لكل مجموعة من الأحكام غايتها الخاصة، لذلك تستقل عن بعضها البعض.
فمثلا: غاية القانون الجنائي هي الردع والزجر وحفظ الأمن العام، بينما غاية القانون الإداري هي حسن سير المرافق العامة واطرادها.
أما المذهبية فهي مظلة شاملة تغطي النظام كله بقيود واحدة، لذلك فلا نجد في النظم المذهبية فكرة ازدواج القوانين، كالمدني والإداري بل يخضع الجميع لمنهج واحد.
ج- أن الدفع بمخالفة النظام العام هو دفع على مستوى الدفع بمخالفة القانون، فالنظام العام يقرره القانون غالبا، ويجوز للقانون أن يسمح أو يقيد ما يعتبر من النظام العام، ولا يجوز للنظام العام أن يتحدى الدستور أو يطاوله، أما المذهبية فهي دفع على مستوى الدستور، فما كان مخالفا للمذهبية يكون مخالفا للدستور، لأن الدستور إنما وضع تنفيذا للمذهبية وتحقيقا له، فلا يجوز له أن يخالفها، ومن هنا قيل: إن المذهبية تعلو على الدستور وتسبقه، فلا يجوز له أن يخالفها، فالمذهبية هي مصدر المشروعية العليا.

شاركنا بتعليقك...

التعليقات



، اشترك معنا ليصلك جديد الموقع اول ً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

احصائيات الموقع

جميع الحقوق محفوظة

علوم قانونية وادارية

2010-2019