مقدمـــــة:
الديمقراطية هي مفهوم واسع ساهم في إثرائه عبر عقود طويلة من الزمن الكثير من المفكرين السياسيين كل حسب نظره لهذا المفهوم فجاء إطار كبير يجمع في داخله العديد من التيارات الفكرية التي تتفق على بعض الخطوط العامة و تختلف في معظم التفاصيل، بيد أن الديمقراطية تبلورت بمرور الزمن في الديمقراطيات الحديثة المطبقة بشكل أو بآخر في الغرب ، و من أجل هذا عملنا على تسطير الخطة الموضحة لاحقا للإجابة على التساؤلات حسب ما قرأنه حول هذا الموضوع الذي تناوله العديد من المفكرين تساءلنا ما هي الديمقراطية ؟ و هل هي كنظام للحكم ؟
الديمقراطية هي مفهوم واسع ساهم في إثرائه عبر عقود طويلة من الزمن الكثير من المفكرين السياسيين كل حسب نظره لهذا المفهوم فجاء إطار كبير يجمع في داخله العديد من التيارات الفكرية التي تتفق على بعض الخطوط العامة و تختلف في معظم التفاصيل، بيد أن الديمقراطية تبلورت بمرور الزمن في الديمقراطيات الحديثة المطبقة بشكل أو بآخر في الغرب ، و من أجل هذا عملنا على تسطير الخطة الموضحة لاحقا للإجابة على التساؤلات حسب ما قرأنه حول هذا الموضوع الذي تناوله العديد من المفكرين تساءلنا ما هي الديمقراطية ؟ و هل هي كنظام للحكم ؟
خــــطـــة الــبـــحـــث
مقدمــة
المبحث الأول: ماهية الديمقراطية و تطورها التاريخي
المبحث الأول: ماهية الديمقراطية و تطورها التاريخي
المطلب الأول: تعريف الديمقراطية و الأصل التاريخي للديمقراطية
الفرع الأول: تعريف الديمقراطية
الفرع الثاني: مضمون الديمقراطية
المطلب الثاني: التطور التاريخي لظهور الديمقراطية
الفرع الأول: تطور ظهور الديمقراطية في العصر القديم
الفرع الثاني: تطور الديمقراطية في العصر الحديث
المبحث الثاني: صور الديمقراطية و مميزاتها
المطلب الأول: أشكال الديمقراطية
الفرع الأول:الديمقراطية المباشرة
الفرع الثاني:الديمقراطية الغير مباشرة و شبه المباشرة
المطلب الثاني: مميزات الديمقراطية
الفرع الأول: تطور التمثيل الشعبي
الفرع الثاني: مضمون الانتخاب
الفرع الثالث: أساليب أو نظم الانتخاب
خاتمــة
المبحث الأول: ماهية الديمقراطية و تطورها التاريخي
سنتطرق في هذا المبحث إلى تعريف الديمقراطية و البحث عن الأصل التاريخي لها زيادة إلى ذلك التطور التاريخي لظهور الديمقراطية
المطلب الأول:تعريف الديمقراطية و الأصل التاريخي لها
الفرع الأول:تعريف الديمقراطية
تعني كلمة الديمقراطية في أصلها الفردي حكم الشعب: و هي ترجع إلى أصل يوناني مكون من مقطعين احدهما demos و تعني الشعب و الأخرى crates و تعني حكم أو سلطة و بذلك تعني الكلمة في معناها اللغوي أي الشعب هو صاحب السلطة أو حكم الشعب.
و قد ظهر الكثير من التعريفات لهذا المصطلح فقد عرفها الرئيس الأمريكي السابق أبراهام لتكون في إحدى خطبه بأنها حكم الشعب بواسطة الشعب و من اجل الشعب و تدل كلمة الشعب على أن يكون الحكم ملكا للشعب و يختص بـه.
و تشير عبارة بواسطة الشعب إلى اشتراك المواطنين في صنع السياسة و ممارسة الرقابة على ممثليهم أو نوابهم و تعني عبارة من اجل الشعب أن الحكومة في خدمة الشعب ليس مجرد رعايا لهذه الحكومة.
و ذهب لورد برايس إلى أن الديمقراطية شكل من أشكال الحكم تكون فيه السلطة الحاكمة في الدول ممثلة قانونيا في أعضاء الجماعة ككل، و ليس في طبقة أو طبقات معينة.
و عرفها جون سنيوارت قبله بأنها شكل من أشكال الحكم يمارس فيه الشعب كله أو القسم الأكبر منه سلطة الحكم من خلال نواب ينتخبونه بأنفسهم بصورة دورية.
و عرفها سيلي بأنها الحكم الذي يشارك فيه كل فرد من أفراد المجتمع.
الفرع الثاني: مضمون الديمقراطية السياسي و الدستوري بالديمقراطية:
المشاكل الفعلية و المباشرة و المستمرة للمواطنين في تحديد اختبارات و سياسة البلاد و في تطبيقها . ضمان الحريات الفردية و الجماعية العامة و هي سياسة تسمح للمواطنين بمراقبة السلطة الحاكمة و التعبير عن رفضهم لسياستها عند الحاجة و بعزلها إن استدعى الأمر لذلك. و يمتد ضمان الحريات إلى حرية الإعلام الذي يجب أن يعبر عن كافة الآراء و الاتجاهات التعددية السياسية فعن طريقها يصبح ممكن تعدد الاختيارات و البدائل و الحلول لمختلف المشاكل.العمل برأي الأغلبية الذي يجب أن تنصاع إليه الأقلية غير أن ذلك لا يعني اضطهاد و محو وجهة نظر الأقلية بل لابد من احترام رأيها كمعارضة و هي ضرورية للديمقراطية فهي تحقق التوازن و تسمح بمراقبة الأغلبية و تطبق تطرفها إن أمكن ذلك و يمكن القول أن كل أغلبية ليست لها معارضة دليل على قمع للآراء و انعدام حرية التعبير.
تعدد المؤسسات الممارسة للسلطة من اجل منع الاستبدال لا يجب تركيز كامل السلطة السياسية بيد شخص واحد أو هيئة واحدة بل يجب توزيع السلطة على مؤسسات متعددة تراقب بعضها البعض و تمنع استحواذ إحداها على السلطة و في هذا الإطار يلعب مبدأ الفصل بين السلطات دور أساسي على المستوى الدستوري لتحقيق هذه الغاية.
المطلب الثاني:التطور التاريخي لظهور الديمقراطية
الفرع الأول: تطور الديمقراطية في العصر القديم
الديمقراطية في اليونان و روما ظهر التطبيق الأول للديمقراطية في بعض المدن اليونانية مثل: أثينا التي يتكون سكانها من ثلاثة طبقات هي:الأرقاء،الأجانب،المواطنين الأحرار و قد انفردت الطبقة الأخيرة دون (النساء و الأطفال) بممارسة السلطة في المدينة بواسطة جمعية الشعب صاحبة السلطة العليا في سن القوانين و تعيين الحكومة و النظر في المسائل الخارجية بطريقة مباشرة حيث يجتمع المواطنين الأحرار الذين بلغوا سن 20 سنة في هيئة جمعية شعبية لاتخاذ القرارات اللازمة لتسيير شؤون المدينة و ما يجب ملاحظته هو أن الديمقراطية هاته كانت ضيقة تفتقر على المواطنين و تبعد الأغلبية الكبرى من السكان من النساء و الأرقاء و الأجانب فضلا عن ذوبان الفرد في الجماعة التي يمكنها تقييد حقوق الفرد و حرياته إذا كانت تتعارض مع مصلحة الجماعة التي يمكنها تقييد أن تبين لها أن وجوده سيكون سببا في ظهور حكم فردي نتيجة تأييد مجموعة له و هو الوضع الذي ساد أيضا في روما سواء في عصرها الملكي أو الجمهوري حيث كانت تسير الدولة بواسطة اللجان و المجالس الشعبية إلى أن استأثر القياصرة على السلطة و أطلقوا يدهم في ممارستها دون قيد.
و بالنسبة لدور الأديان السماوية في تأكيد مبدأ الديمقراطية و المطالبة بتطبيقه فإننا نلاحظ أن الديانة المسيحية رغم أنها تفصل بين المسائل الدينية و الدنيوية تطبيقا لقول المسيح عليه السلام "دع ما لقيصر و ما لله".
إلا أنها طالبت بالفضيلة و الأخلاق الحميدة و ضرورة تطبيق العدالة بين أفراد المجتمع كما أن المسيحية كانت تطالب بتجنب عبادة الملوك مما ساعده على تحقيق الفصل بين صفة المواطن الذي عليه أن يتقبل سلطة الحاكم الزمنية واصفة الإنسان الذي يتمتع بقيمة في ذاته له عقل و روح و ضمير يفكر بحرية و يؤمن و يعتنق الحرية التي اختارها لنفسه و هذا كله ساعد على تأكيد كرامة الإنسان التي خص بما من عند الله فاد ذلك إلى الحد من سلطان على الفرد في الشؤون الدينية مما ولد في نفوسهم نتيجة حرية العقيد و الفكر اتجاها إلى المطالبة بالعديد من الحقوق و الحريات.
إلا أنها طالبت بالفضيلة و الأخلاق الحميدة و ضرورة تطبيق العدالة بين أفراد المجتمع كما أن المسيحية كانت تطالب بتجنب عبادة الملوك مما ساعده على تحقيق الفصل بين صفة المواطن الذي عليه أن يتقبل سلطة الحاكم الزمنية واصفة الإنسان الذي يتمتع بقيمة في ذاته له عقل و روح و ضمير يفكر بحرية و يؤمن و يعتنق الحرية التي اختارها لنفسه و هذا كله ساعد على تأكيد كرامة الإنسان التي خص بما من عند الله فاد ذلك إلى الحد من سلطان على الفرد في الشؤون الدينية مما ولد في نفوسهم نتيجة حرية العقيد و الفكر اتجاها إلى المطالبة بالعديد من الحقوق و الحريات.
و بعد سقوط الإمبراطورية في الغرب سنة 476 أصيبت الأفكار تلك بنكسة رهيبة فقامت الإقطاعية و انقسم المجتمع إلى ملاك و أقنان تم سيطرة رجال الدين على السلطة الدينية ثم السلطة فقامت الكتوليكية بأعمال بشعة ضد من لا يؤمن بالديانة المسيحية و من يخرج عن تعاليمها فقد الإنسان ما حققه أثناء ظهور المسيحية و حلت السلطة المطلقة الدينية محل السلطة المطلقة الزمنية السابقة على الديانة المسيحية و مع ذلك يمكن اعتبار الديمقراطية اليونانية الباردة الأولى للديمقراطية الحديثة التي نادى بها الفلاسفة بعد النهضة الأوربية للوقوف ضد الملكية المطلقة و تطبيق مبدأ تقييد السلطة و خضوع الحاكم للقانون و ظهر تطبيق هذه الأفكار فيما بعد على اثر الثورات التي قامت في أمريكا و أوربا التي ضمنت إعلاناتها و دساتيرها مبدأ سيادة الأمة و المساواة بين المواطنين و أن القانون يعد التعبير عن الإرادة العامة للأمة الديمقراطية في الإسلام.
بين ظهور المسيحية الثورات الأوربية ظهور دين جديد لعب دور كبير في تصوير و تدعيم الديمقراطية.انه الدين الإسلامي الذي كان ثورة على العبودية و الطغيان بتقريره الحرية و المساواة بين الأفراد و أصبحت الحرية و المساواة نتيجتين متلازمتين لاعتناق الإسلام و إذا قلنا بان للإسلام دور في تدعيم الديمقراطية فهذا لا يعني أن الدولة الإسلامية طبقت المبادئ الديمقراطية الحديثة المعروفة في الدول الليبرالية ذلك أن ديننا منح الفرد حقوقا اتجاه الجماعة و العكس. و هذا ما لم تفعله الديمقراطية الحديثة رغم اختلاف أساليب التطبيق بين الديمقراطية الإسلامية و الديمقراطية الليبرالية فإننا نجد عناصر متقاربة بينهما و أن كان النظام الإسلامي ليس عقدا أو تنازلا أو منحة و إنما هي حقوق و واجبات اقرها الإسلام على الحاكم و المحكوم الالتزام بها و أن كان مبدأ الشورى الذي يطبع النظام الإسلامي يجد تطبيقا نوعيا له قبل الإسلام. و بعد الخلفاء الراشدين.
و أن كان المقصود بالديمقراطية في الإسلام هو اعتماد مبدأ الشورى الذي يعني لغويا تبادل الرأي حول موضوع أو مواضيع معينة و يقصد به في الاصطلاح فلسفة في الحكم و التعامل بين أفراد المجتمع و الذي يعتبر احد مبادئ فلسفة الحكم في الإسلام فان أنظمة الحكم التي كانت سائدة قبل الإسلام رغم اعتمادها في كثير من الحالات على التنظيم القبلي حيث فقد الفرد قيمته داخل الجماعة، اعتمدت هي الأخرى مبدأ الشورى و هذا ما أكده القران الكريم إذ أننا نجد أنظمة اليمن قديما أقرت الشورى كنظام للحكم و هذا في عصر الملكة بلقيس، فقد جاء في القران الكريم "يأيها الملا أفتوني في أمري ما كانت قاطعة أمرا حتى تشهدون" و كذلك موسى عليه السلام "و اجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي اشد به أزري و أشركه في أمري" و قد ثبت بان مجالس الشورى كانت موجودة قبل الإسلام فقد كان لقبيلة تدمر مجلسين احدهما لشيوخ يضم المتقدمين في السن من ذوي الثروة و الجاه و الثاني للعشائر يضم الشباب ، و لدى القبانيين في اليمن أيضا مجلسا للشورى يسمى بدار الشورى أو المشاورة المتكون من رؤساء القبائل و مهمتهم تقديم المشورة للملك و أكن لهم دستور ينظم العلاقات بين الأفراد و الحكام و في مكة أقام بن كلاب حكما يعتمد الشورى بعد أن طرد بني خزاعة حيث أسس دار الندوة بالقرب من الكعبة و كان أوجه فريق يتداولون حول شؤون المدينة مهما كانت طبيعتها.
و إن انتقلنا إلى منطقة المغرب العربي قبل الإسلام أيضا فان الأمر لا يختلف عن المشرق ذلك أن هذه المنطقة لم تكن تخضع كليا للبيزنطيين و إنما هناك بعض منها بقي محتكر بواسطة أبنائه حكما اعتمد مبدأ الشورى بين مختلف القبائل التي تعاونت فيما بينها لحكم تقسمها بواسطة الثورة في ضل القبيلة و الغرض من هذا الأسلوب في الحكم هو كفالة التوازن بين القبائل من جهة و الحفاظ على حق كل قبيلة أو جزاء منهما من جهة أخرى و يسمى ذلك في تمثيل كل عائلة أو قبيلة في مجلس أعيان القبيلة التي ينتخب شيخها من قبل الأعيان و الذي لا يتخذ أي قرار هام إلا بعد استشارتهم.
و يجيء الإسلام تأكد مبدأ الشورى لكن بمفهوم أوسع و أوضح حيث عد جزءا من نظام الحكم قصد تعويد المسلمين على معالجة الأمور بحكمة بعد التشاور الذي ينير و يوضح الصواب من الخطأ و من ثم فهي (الشورى) جزء من فلسفة الحكم في الإسلام و هذا ما أكده القران الكريم و السنة "و شاورهم في الأمر" سورة 3 الآية 159 "و أمرهم شورى بينهم" السورة 42 الآية 38 و كان الرسول صلى الله عليه و سلم يشاور أصحابه في الأمور الهامة و اخذ برأي و تبعه في ذلك الخلفاء الراشدين فقد جاء في حديث النبي صلى الله عليه و سلم "استعينوا على أمركم بالشورى " قال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه "مشاورة أهل الرأي ثم ابتاعهم" و طبق المبدأ أول الأمر في عصر الرسول صلى الله عليه و سلم بعد المبايعة الأولى في العتبة للرسول صلى الله عليه و سلم من قبل وفد ضم جماعة من الأوس و الخزرج ذلك الوفد الذي وصف بالوفد العقائدي و ليس القبلي . حيث بموجب تلك المبايعة أعلنوا عن انضمامهم و دخولهم في الإسلام على أساس عقائدي و الذي تأكد بالدستور الأول الذي وضع يوم هاجر مسلمو مكة إلى المدينة "هذا كتاب محمد النبي (ص) بين المؤمنين و المسلمين من قريش و يثرب و من تبعهم فلحق بهم و جاهد معهم أنهم امة واحدة من دون الناس" و من هنا نجد هذه الوثيقة قد أكدت مبدأ الشورى الذي جاء في القران و جعل منه فلسفة حكم و حياة. و قد كان الصحابة العشرة أصحاب الشورى و استمروا كذلك حتى مقتل علي بن أبي طالب غير أن الحكم فيما بعد قضى على مبدأ الشورى أو الدور القيادي للجماعة و خاصة الصحابة في تسيير شؤون الدولة الإسلامية و أم كان قد ظهر للوجود بين الحين و الآخر (على فترات) مثل ما حدث أثناء حكم عمر ابن عبد العزيز الذي شكل مجلس للشورى من عشرة من أبناء الصحابة و من ثم تحولت الشورى في بعض الأحيان من فلسفة حكم إلى تقليد لممارسة السلطة.
و من هنا فان الحكم في الإسلام لا يقوم على إرادة الأمة أو شعب حسب المفاهيم الغير إسلامية و إنما على أحكام الشريعة الإسلامية ذلك أن الحاكم و المسلمين مقيدين بأحكام القران و السنة و أن التمثيل فيه يعتمد على الفترة العلمية مما يتجافى مع أحكام الدساتير الغير إسلامية التي تقضي بان إرادة وضع القانون من اختصاص البرلمان دون أية قيود إلهية. و مهما يكن من أمر فان نظام الشورى ذو الطبيعة الخاصة هو من الوسائل التي تطبع الحكم الإسلامي.
الفرع الثاني:التطور الديمقراطي في العصر الحديث:
لقد كان للحرب العالمية الأولى و ما أصاب العالم الرأسمالي من نكسات اثر بالغ الفور على النظام السياسي الديمقراطي الليبرالي فقد أشارة مرحلة ما بين الحربين بالصراعات السياسية الاقتصادية مما أدى إلى ظهور نظام رغم ارتكازه على النظام الفردي مغاير في قيمة من الواقع فحل النظام الإدارة الجماعية و التخطيط محل المنافسة الحرة و اعتمد على وسائل الإعلام في فرض منتوجه و المطالبة بقيام دولة قرية تنظم الإنتاج و التوزيع و التبادل و إنشاء أحزاب جماهيرية منظمة بدلا من اقتصارها على الدور التقليدي و المنافسة بين أحزاب غير منتظمة و هو ما أدى بالعديد من الكتاب إلى إطلاق تسمية جديدة على هذا النظام الجديد "انه الديمقراطية الفنية " فضلا عن ظهور جديد لنموذج من الديمقراطية هو الديمقراطية الماركسية.
المبحث الثاني : صور الديمقراطية و مميزاتها:
المطلب الأول : أشكال الديمقراطية:
الفرع الأول: الديمقراطية المباشرة:
الديمقراطية المباشرة هي أقدم صور الديمقراطية و كانت متبعة في المدن اليونانية القديمة و لكنها اختفت في العصور الحديثة و في ظل الديمقراطية المباشرة يكون للمواطنين حق التعبير المباشر إرادة الدولة و تحكم الحكومة الشعبية و في هذا الشكل من الديمقراطية يمارس الشعب جميع السلطات التشريعية و التنفيذية و القضائية فيضع القوانين و يتولى تنفيذها و إدارة المرافق العامة كما يتولى القضاء الفصل في المنازعات.
و لا يأتي هذا الشكل من الحكم إلا إذا كانت الدولة صغيرة في مساحتها قليلة في عدد سكانها و بالتالي يستطيعون أن يجتمعوا لمناقشة قوانين و دستور الدولة و هذا النوع كان منتشر في المدن اليونانية القديمة و التي كانت تسمى دولة المدينة city state و هي تختلف عن الديمقراطية الحديثة.
كانت دولة المدينة في أثينا خلال القرن الرابع و الخامس قبل الميلاد تحكم حكم مباشر بواسطة عقد اجتماعات منظمة للجمعية و التي كانت تتكون من 30.000 من المواطنين الذكور و كان عدد الأعضاء الكافي لإصدار قرار 6.000 و كانت القرارات تأخذ عن طريق أغلبية الأصوات و كان الأجانب و العبيد و النساء لا يمثلون في الجمعية و كان المواطنون في النموذج الديمقراطي هم الحكومة.
الفرع الثاني:الديمقراطية الغير مباشرة و الشبه مباشرة:
و تعني الديمقراطية غير مباشرة النظام السياسي الذي قوامه برلمان حيث يختار الشعب نواب لممارسة السلطة و يتم ذلك بواسطة الأحزاب السياسية و بعهد إلى السلطة إلى هيآت تتولى ممارستها نيابة عنه.
و من مزايا الحكم النيابي انه سهل التطبيق و خاصة في الدول كثيرة السكان و أن اختيار النواب يكون الأصلح و خاصة في المسائل الفنية أو العلمية التي تحتاج إلى مختصين أو ذوي خبرة و يوصف النظام بأنه نيابي في ضوء النقاط الآتية:
يتعين أن يكون البرلمان منتخب من الشعب أن يعتبر عضو البرلمان ممثلا للأمة كلها إلا لناخبي دائرته فيجب أن يستقيل عضو البرلمان عن ناخبيه إبان نيابته فلا يكلف بتقديم حساب لهم عن أعماله و ليس لهؤلاء حق عزله أن ينتخب عضو البرلمان لمدة معينة و ذلك حتى لا يترتب على استقالته عن ناخبيه إبان نيابته أن تفقد الأمة كل رقابة على البرلمان فإذا كان العضو معين لمدة قصيرة حمله هذا على أن يعمل جهده على الاحتفاء بثقة ناخبيه حتى يعاد انتخابه. و لا يكون المجلس نيابيا إذا كانت له سلطات جدية فلا تعتبر مجالس نيابية المجالس الاستشارية حتى لو كان أعضائها يعينون بالانتخاب إذا المفروض في المجالس النيابية في منطق النظام النيابي إنما ينوب عن الأمة في مباشرة سلطاتها. إن الأمة في النظام الديمقراطي هي مصدر السلطات جميعا و لذلك تتولى المجالس النيابية السلطة التشريعية إما منفردة كما هو الحال في الولايات الأمريكية المتحدة و إما بالاشتراك كما هو الحال في انجلترا. و قد يكون نظام الحكم خليط من النظامين السابقين (مباشرة و نيابية) و ذلك بان ينتخب الشعب هيئة نيابية تمثله و تتولى السلطة باسمه على أن ترجع هذه الهيئة النيابية إلى الشعب تستفتيه في بعض الأمور الهامة و يسمى هذا النظام بالديمقراطية الشبه المباشرة أو شبه النيابية و تستخدم وسائل عديدة لتطبيق الديمقراطية الشبه المباشرة.
وهي الاستفتاء الشعبي فالبرلمان يضع مشروع القانون ثم يعرض على الشعب لأخذ رأيه فيه فإذا وافق عليه أصبح واجب التنفيذ و إذا اعترض عليه يسقط المشروع و هذا يسمى بالاستفتاء التشريعي و قد يكون الاستفتاء سياسيا إذا كان متعلق بمسالة سياسية.
اعتراض الشعبي: و ذلك إذا اعترض الشعب على قانون معين أو إجراء معين اتخذه البرلمان خلال فترة معينة يحددها الدستور الاقتراح الشعبي و يقصد به اقتراح الشعب مشروع قانون و يتقدم به إلى البرلمان ، إقالة الناخبين لنوابهم و هذا المبدأ مطبق في الولايات المتحدة و هناك طرق مختلطة للديمقراطية فقد تجمع الدولة فيما يتعلق باختيار حكمها بين الديمقراطية الأوتوقراطية فتلجا الدولة لنظام وسط بينهما فقد تلجا الدولة إلى إتباع طريقة ديمقراطية في اختيار الآخرين مثال ذلك أن يوجد في الدولة حاكم وراثي (ملك) بجوار البرلمان يعين أعضاءه بالانتخاب كما كانت الحالة في مصر في ظل النظام الملكي و بقدر إتباع سلطة الملك أو البرلمان يقترب من الأوتوقراطية أو الديمقراطية.
و إذا كان رئيس الدولة منتخبا و يتم انتخاب رئيس الجمهورية بطرق عديدة تختلف باختلاف الدساتير فالبعض ينتخب بواسطة الشعب و البعض الآخر عن طريق البرلمان.
و يعاب على طريقة الانتخاب عن طريق الشعب أن الرئيس المنتخب قد يستأثر بالسلطة مادام يتمتع بنيابيين شعبي و هو ما فعله شارل لويس نابليون الذي اختاره الشعب الفرنسي فاستبد بالسلطة و عين نفسه إمبراطور على فرنسا مدى الحياة أما الانتخاب عن طريق البرلمان فيجلس رئيس الجمهورية خاص للسلطة التشريعية (البرلمان) و لحزب الأغلبية في البلاد و من ثم تخضع السلطة التنفيذية لسيادة القانون.
المطلب الثاني:مميزات الديمقراطية:
الفرع الأول:تطور التمثيل الشعبي:
ساد العصر القديم نظام يسمى بالديمقراطية المباشرة الذي يعني تسيير شؤون الدولة بواسطة الشعب مباشرة دون إنابة غيره، و قد ساد هذا النظام في اليونان حيث كان يجتمعون المواطنون الأحرار في شكل جمعيات كشكل كالجمعية الشعبية eclesia لاتخاذ القرارات الضرورية لتسيير شؤونهم فضلا عن تعيين القضاء و مراقبة مجلس الخمسمائة و بعد انهيار هذا النظام ساد الحكم الفردي باستثناء فترات معينة في روما و الدولة الإسلامية إلى أن جاءت الثورة الفكرية التي اعتمدت الديمقراطية كأساس للحكم الشعبي و ارتبط مفهومها بالانتخاب حتى أن الكتاب المحدثين لا يطلقون تسمية النظام الديمقراطي إلا على تلك التي يتم فيها انتخاب الهيئات الحاكمة بواسطة الشعب. و قد استطاعت البرجوازية أن تفرض هذا المبدأ للقضاء على الطبقات الوراثية و الارستقراطية و الدينية إلا أنها كانت متخوفة هي الأخرى الطبقات الشعبية فحاولت وضع قيود على الانتخابات حفاظا على سلطتها و مصالحها و لكنها أقرت أن الأفراد أحرار و متساوون، و انه لا يحق وفقا لذلك أن يسيروا من طرف شخص واحد دون الرضا عنه بالانتخاب عليه و للتوفيق بين الحرية و المساواة من جهة، و القيود التي يجب فرضها على الانتخابات في حالات معينة إذ كانت تظهر مصالح الطبقة الحاكمة .اجتهد الفقه و جاء بنظريات تتماشى و المبدئية و هما نظريتان.الوكالة الإلزامية و الوكالة العامة التي سبق الحديث عنها.
الفرع الثاني:مضمون الانتخاب:
لقد عرفت نظم الحكم القديمة و الحديثة و خاصة الديمقراطية الليبرالية منها الانتخاب ، إلا أن هذه الوسيلة اشتهرت في النظم الغربية نتيجة استحالة تطبيق الديمقراطية المباشرة بعد أن انتقدت من قبل الدولة اليونانية القديمة باعتبارها لا تحقق المساواة بين للمواطنين في تولي السلطة ، فاعتمدوا القرعة في تولي الوظائف العامة ، و كذلك الديمقراطية المباشرة في ممارسة السلطة تكون بواسطة الجمعية الشعبية المكونة من المواطنين الأحرار.
و الانتخاب كما سبق أن رأينا كيف من قبل البعض على انه حق في حين أن البعض الآخر اعتبره وظيفة و قد استند أيضا الرأيين على الحجج التالية: الرأي القائل بان الانتخاب حق شخصي لكل مواطن نتيجة تمتعه بحقوقه السياسية إلى جانب الحقوق المدنية و بالتالي امتلاكه لجزء من السيادة يمارسه عن طريق الانتخاب، مما يقرر حق الاقتراع العام و عدم حرمان أي مواطن يتمتع بالحقوق السياسية من ممارسته و كذلك له حرية استعماله أو الامتناع عن ممارسته.
أما الرأي القائل بان الانتخاب وظيفة فيرتكز على وحدة السيادة غير القابلة للتجزئة مما يحرم المواطن من التمتع بحق الانتخاب، فالمواطنون يمارسون وظيفة كلفوا بها من طرف الأمة، و التي لها الحق في تحديد من يمارس تلك الوظيفة سواء نتيجة انتماءاتهم الوظيفية أو المالية و كذلك إجبارهم على ممارستها. و الحقيقة أن الرأيين تنقصهما الدقة،فاعتبار الانتخاب حقا شخصيا يحول دون تقييده مع أن المشرع يستطيع تقييده و تنظيمه، أما اعتباره وظيفة فان ذلك لا يمنع المشرع أيضا من توسيعه على اكبر عدد من المواطنين باسم المصلحة العامة و إن كان البعض يتساءل أيضا عن مدى شرعية تنظيم المشرع لوظيفة هي التي كانت سببا في نشأته أو ظهوره.
و قد ظهر نتيجة لذلك موقف جديد كيف الانتخاب على أنها سلطة قانونية يقررها المشرع للمواطنين للمشاركة في اختيار السلطات العامة في الدولة.السلطة القانونية مقررة من اجل الجماعة و ليس من اجل الفرد و للمشرع سلطة تعديل مضمونها و طرق استعمالها.
الفرع الثالث: أساليب أو نظم الانتخاب
توجد عدة أساليب أو نظم للانتخاب يمكن إجمالها فيما يلي:
أ* الاقتراع المقيد:
لم يظهر الاقتراع العام في الدول الديمقراطية إلا بعد تطور أصاب الاقتراع المقيد.الذي اخذ شكلين أساسيين:
القيد المالي و قيد الكفاءة: و هما القيدان الواردان في الدستور أو قانون الانتخاب اللذان يتطلبان توافر شروط معينة في الشخص حتى يتمكن لا من ممارسة هذا الحق، و أهم هذه الشروط هي توافر نصاب مالي معين أو كفاءة أو هما معا.
القيد المالي: فبالنسبة لتوافر نصاب مالي معين نجد أن القانون يشترط لكي يمارس المواطن تلك السلطة، أن يكون ملكا لثروة مالية معينة، قد تكون نقد أو عقارية و السبب في ذلك أن الثروة شريطة أكثر من غيره بالوطن،و أن يساهم خلافا لغير المالك في تحمل نفقات الدولة و له المصلحة في الدفاع عن الوطن، كما أن امتلاك لتلك الثروة تدل على كفاءته و إدارة شؤون الدولة لأنه اثبت قدرته و إدارة و حفظ أمواله، و هذا ما عبر عنه احد الكتاب الفرنسيين في القرن 19 rene remond بقوله:"on n'accédera a la plénitude des droits politiques qu'on dessus d'un niveau détermine de plénitude atteste soit par le montant de revenu annuel, soit par ',' la somme des impôts a acquitter" .
إلا أن هذا القيد كان يخالف مبدأ المساواة و يسمح لطبقة البرجوازية لتولي السلطة و إبعاد غيرها مما كان سببا في إلغاء هذا القيد باستثناء بعض الولايات الجنوبية و الولايات المتحدة الأمريكية الغرض منها إبعاد السود من ممارسة حق الانتخاب.
قيد الكفاءة: أما تقييد الانتخاب بالكفاءة فيهدف إلى منح سلطات أوسع للمواطن الكفء على المواطن البسيط، و مثل ذلك اشتراط قانون الانتخاب مستوى من التعليم أو شهادة معينة. و قد أتيحت هذه الطريقة في الولايات المتحدة الأمريكية في الجنوب ، كذلك كانت تشترط للتمتع بحق الانتخاب أن يكون المواطن حلما بالقراءة و الكتابة أو يكون قادرا على تفسير الدستور.
و الملاحظ أن هذه الطريقة كانت تتنافى هي الأخرى مع الديمقراطية إلا أنها استعملت في بعض الدول مثل فرنسا في عصر الملكية سنة 1830 التي اعترفت للأعضاء الأكاديمية و ضباط الصف من اجل التخفيف من شرط النصاب المالي بحق الانتخاب.
و نظرا للعيوب السالف ذكرها و ضغط الرأي العام، ظهر أسلوب الاقتراع العام أول الأمر في سويسرا سنة 1830 و في فرنسا 1848 ثم ألمانيا سنة 1871 و بريطانيا سنة 1918.
ب* الاقتراع العام:
إذا كان الاقتراع العام قدسا في معظم دول العالم إلا أن هذا لا يعني انتقاء قيود معينة تفرض على الشخص لممارسة حق الانتخاب.
الخاتمــة :
و منه نستخلص أن الديمقراطية شكل من أشكال الحكم تكون فيه السلطة الحاكمة للدول للجماعة ككل بطريقة أو بأخرى أو بشكل من الأشكال و لهذا تعتبر الديمقراطية أحسن نظام معمول به و أنجعهم لحد الآن.
قائمــة المراجـع:
1 دكتور بو شعير د سعد القانون الدستوري و النظم السياسية ،الجزء الثاني الطبعة السابعة 2005 ، ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر.
2 دكتور حسين عبد الحميد أحمد رشوان ، الديمقراطية و الحرية و حقوق الإنسان ، طبعة 2006 ، المكتب الجامعي الحديث ، مصر.
altatawor tarikhi llintikhab
ReplyDelete