العرف كمصدر احتياطي للقانون.
العرف هو ما ألّفه النّاس،و ساروا عليه في تصّرفاتهم،سواء كان فعلا،أو قولا،دون أن يصادم نصّا.
و هو يعتبر من أقدم مصادر التّشريع الإنساني، إذ أنّ البشرية بدأت بعادات،و أعراف جـعلت منها شريعة تحتكم إليها.و لا يزال العرف إلى يومنا هذا منأهمّ المصادر للقوانين (المادّة 1/2 من القــانـون المدني الجزائري ).والشريعة الإسلامية حينما جاءت وجدت كثيرا من الأعراف في المجتمعالعـربي،فأقرّت الصالح منها، و ألغت الفاسد من تلك العادات،و الأعراف.
و العرف الصحيح، كالمصالح المرسلة، يعتبر مصدرا خصبا في الفتوى، و القضاء، و الاجتهاد،فينبغي
أن يراعي في كلّ من تشريع الأحكام، أو تفسير النّصوص.
و سنتعرّض لموضوع العرف في ما يلي :
- المطلب الأوّل: مفهوم العرف،و أقسامه.
العرف هو ما استقرّ في النّفوس، و تلّقته الطّباع السّليمة بالقبول، فعلا، أو قولا، دون معارضة لنصّ،
أو إجماع سابق.
يفهم من هذا التّعريف أنّ تحقّق العرف يعتمد على عدد كبير من النّاس، اعتادوا قولا، أو فعلا تكرّر
مرّة بعد أخرى حتّى تمكّن أثره من نفوسهم، و صارت تتلّقاه عقولهم بالقبول، و الاستئناس.و من ثمّ
فإذا لم يكن الأمر المتعارف عليه شائعا بين أكثر النّاس لا يتكون به عرفا معتبرا، بل يكون من قبيل
العادّة الفردية، و السلوك الشخصي.و العرف أصل أخذ به الحنفية، و المالكية في غير موضع النصّ،
و هو عندهم ما اعتاده النّاس من معاملات،و استقامت عليه أمورهم.و قال ابنالعربي المالكي أنّ العرف دليل أصولي بنى الله عليه الأحكام، و ربط بهالحلال، و الحرام.و قد اتّخذ من قوله عليه السّلام: « ما رآه المسلمونحسنًا فهو عند الله حسن ».و الذي مفاده أنّ الأمر الذي يجري عليه عرفالمسلمين على اعتباره من الأمور الحسنة، يكون عند الله أمرا حسنا،و أنّمخالفة العرف الذي
يعدّه النّاس حسنا بشروطه المعتبرة شرعا، يكون فيه حرج، و ضيق، بقوله: «ما جعل عليكم في الدّين من حرج ». و من هنا، قال علماء المذهب الحنفي، والمالكي بأنّ الثابت بالعرف الصّحيح كالثابت بالنصّ الشّرعي(1).
- ينقسم العرف إلى أربعة أقسام رئيسية :
*1/ العرف اللّفظي(أو القولي) :
- هو اتّفاق النّاس على استعمال لفظ معيّن يخالف معناه اللّغوي لأنّه شاع بينهم استعماله، بحيث