مقدمة
من بين أكبر المعضلات التي أضحت تؤرق بال مختلف الحكومات مسألة الفساد الإداري، فهذا الأخير باعتباره استغلال السلطة من أجل المنفعة والفائدة الخاصة والشخصية[1]، يبقى من أخطر أنواع الفساد[2]، ذلك أن الإدارة تشكل المحرك الرئيسي في حركة الدولة والسلطات القائمة[3]، خاصة في ظل التحولات الكبرى التي عرفتها أدوار وظائف الدولة بمفهومها الحديث[4]، كما يشمل هذا المصطلح – الفساد الإداري – محاور عديدة تتقاطع مع مختلف أنواع الفساد الأخرى، لأنه آفة تطال كل القطاعات الحكومية أو الخصوصية، ويبرز في أي تنظيم تكون فيه للشخص سيطرة أو احتكار على سلعة أو خدمة أو سلطة قرار، وتكون له الحرية في تحديد من يستلم الخدمة أو السلعة أو تمرير القرار لفئة دون أخرى[5]. وأمام محدودية التدخلات الرسمية في مكافحة الفساد، ومع ظهور وتطور ادوار المجتمع المدني اعتباره مجال خصب لتفاعل وتضافر إرادات الأفراد لتقديم بدائل وخدمات كقطاع ثالث مكمل للقطاعين الخاص والعام([6])، أضحى هذا الأخير يلعب أدوارا أساسية في على المستوى الوطني، ويحضى بمكانة جد مهمة خاصة في إطار إقرار الديمقراطية التشاركية التي جعلت منه رافعة وطرف أساسي في رسم وتنفيذ السياسات العمومية بما فيها تلك المتعلقة بالجريمة.
فما هي أدوار منظمات المجتمع المدني في مجال محاربة الفساد الإداري؟ وما هي الأسس والمحددات التي يستند إليها للقيام بهذه الأدوار؟
ألا يعتبر انفتاح السياسة الجنائية على جمعيات المجتمع المدني آلية محددة لمكافحة الفساد الإداري؟
هذا ما سأحاول العرض له عبر تناول الموضوع على الشكل التالي:
المبحث الأول: دور هيئات المجتمع المدني في مكافحة الفساد الإداري.
المبحث الثاني: انفتاح السياسة الجنائية على منظمات المجتمع المدني.
لتحميل المقال المرجو الضغط
——————————————————————
[1] – للمزيد من التفصيل في تعريف الفساد الإداري راجع: عصام عبد الفتاح مطر، الفساد الإداري ماهيته، أسبابه، مظاهره، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، سنة 2011م، ص 73.
[2] – أبو مسلم الحطاب، الوجيز في الجرائم المالية دراسة تحليلية ونقدية في ضل القانون المغربي والقانون المقارن، دار الأفاق المغربية للنشر والتوزيع، مطبعة الأمنية، الرباط، 2013م، ص8.
[3] – عصام عبد الفتاح مطر، م.س، ص 73.
[4]– voir dans ce sens: Ali Sedjari, Quel Etat pour 21éme siècle ? ouvrage collectif, l’Harmattan, 2011.
[5] – عصام عبد الفتاح مطر، م.س، ص 16 و17.
([6])– عرفه البنك الدولي بكونه مصطلح يشير لمجموعة من المنظمات التطوعية التي تملأ المجال بين الأسرة والدولة وتعمل لتحقيق المصالح المادية والمعنوية لأفرادها، وذلك في إطار الالتزام بقيم ومعايير الاحترام والتراضي والتسامح والقبول بالتعددية والإدارة السلمية للخلافات والنزاعات.
– حسن توفيق إبراهيم، النظم السياسية العربية: الاتجاهات الحديثة في دراستها، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الأولى، سنة 2005م، ص159.
شاركنا بتعليقك...