-->
علوم قانونية وادارية علوم قانونية وادارية

اخر المواضيع

جاري التحميل ...

الأدلة الملزمة للقاضي في المواد المدنية-2-

الفصل الأول

الأدلة الملزمة ذات الحجية غير القاطعة

الأدلة الملزمة ذات الحجية غير القاطعة هي التي حدد لها المشرع الحجية بنص القانون ، غير أنها تتميز بإمكانية إثبات عكسها و تشتمل هذه الأدلة على الكتابة و الإقرار القضائي و القرائن القانونية البسيطة و هو ما سنتعرض له من خلال تخصيص مبحث لكل دليل.

المبـحث الأول

الكتابــة

يعرف الدليل الكتابي بأنه طريقة يبين بها المتقاضي حقيقة اتفاق ما أو واقعة قانونية تكون هي مصدر حقه الذي يدعي به أمام القضاء ([1]) ,لذلك جعل المشرع من الكتابة وسيلة إثبات أساسية معترفا لها بالقوة المطلقة ,هذا ويلاحظ أنه رغم هذه الأهمية للكتابة إلا أنها ليست حجة مطلقة في الإثبات, ذلك أنها على اختلاف أنواعها إنما يجوز إثبات عكسها و إن تم ذلك بطرق مختلفة بحسب نوع الورقة أو المحرر([2]) ,إذ أن المفهوم التقليدي يشتمل على الكتابة الرسمية و العرفية غير أن المفهوم الحديث أدرج ضمن النوعين السابقين نوع حديث من الكتابة و هي الكتابة الإلكترونية وهو ما سنتطرق إليه مخصصين بذلك مطلب لكل نوع نبرز من خلاله شروط و حجية كل نوع وسلطة القاضي في تقديره.

المطلب الأول: المحـررات الرسميــة.

تناول المشرع الجزائري تعريف العقد الرسمي و يقصد به المحرر الرسمي في المادة 324 قانون مدني جاء فيها: " العقد الرسمي عقد يثبت فيه موظف أو ضابط عمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة ما تم لديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن و ذلك طبقا للأشكال القانونية و في حدود سلطته و اختصاصه "و يتضح من خلال النص انه قد حدد شروط إضفاء الصفة الرسمية على المحرر، لذلك سنعرض لهذه الشروط و جزاء تخلفها في فرع أول ثم نتطرق إلى قوة و حجية المحرر الرسمي في فرع ثاني ثم سلطة القاضي في تقديره في فرع ثالث.

الفرع الأول: شـروط المحـرر الرسمي و جـزاء تخلفها.

بالرجوع إلى المادة 324 قانون مدني نجد المشرع تناول شروط صحة المحرر الرسمي والتي تتلخص في:

- أولا: أن يصدر المحرر من موظف أو من في حكمه.

- ثانيا: أن يقوم الموظف بتحرير المحرر في حدود سلطته و اختصاصه.

- ثالثا:أن يتم التحرير وفقا للأشكال التي حددها القانون.

فاختلال أي شرط يجعل الورقة الرسمية باطلة، و بمفهوم المخالفة بمجرد توافر الشروط الثلاثة يكتسب المحرر الصفة الرسمية و تصبح للورقة القوة الذاتية في الإثبات لذا كل من قدم ورقة رسمية للقضاء تتوافر على الشروط السابقة لا يطلب منه إثبات صحتها بل أن كل من أنكر حجيتها عليه أن يطعن فيها([3]) , ولعل الجزاء الذي يلحق بالمحرر عند تخلف أحد الشروط يختلف بحسب الشرط الذي تخلف، فإذا تعلق بالشرط الأول أو الثاني فإنه يؤدي إلى بطلان المحرر أما إذا تعلق بالشرط الثالث فنميز بين ما إذا كان المتخلف أحد البيانات الجوهرية فيعتبر المحرر باطلا و بين ما إذا كان أحد البيانات غير جوهري فلا تأثير على المحرر,غير المشرع قد أخذ بقاعدة تحول المحرر الرسمي إلى محرر عرفي طبقا للمادة326 مكرر2 إذا كان موقعا من الأطراف.

الفرع الثاني: حجيـة المحـرر الرسمــي.

إن تحرير المحرر الرسمي طبقا للشروط المنصوص عليها قانونا ،من شأنه جعل المحرر ينطوي على قرنيتين قرنية بسلامته المادية و قرنية أخرى بصدوره من الأشخاص الذين وقعوا عليه وهم الموظف أو الضابط العمومي أو المكلف بخدمة عامة وأصحاب الشأن ([4]) , وقد حدد المشرع حجية المحرر الرسمي في المواد 324 مكرر 5 إلى 324 مكرر 7 قانون مدني.

أولا : حجية المحرر الرسمي بالنسبة للأشخـاص

حسب المادتين 324 مكرر 5 و 324 مكرر6 فإن المحرر الرسمي حجة على الناس كافة سواء فيما بين المتعاقدين أو في مواجهة الغير بما دون فيه من أمور قام بها محرره في حدود مهمته أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره إلا إذا تبين تزويره بالطرق المقررة قانونا, غير أن تصريحات ذوي الشأن فإن حجيتها لا تقرر إلا بالنسبة لهم و خلفائهم سواء كانوا خلفا عاما أو خاصا، و على من يدعى منهم عدم صحة التصريحات أن

يثبت ذلك، أما الغير الأجنبي و هو كل شخص من غير ذوي الشأن و خلفائهم لا تكون تلك التصريحات حجة عليهم إذا أنكروا صحتها دون حاجة إلى أن يثبتوا عدم صحتها ([5]) .

ثانيـًا: حجية البيانات الواردة في المحرر الرسمي

أما فيما يتعلق بالبيانات فقد صدرت عدة قرارات توضح المسألة منها قرار المحكمة العليا الذي جاء فيه " حيث إذا كانت حجية الورقة الرسمية في الإثبات هي حجة على الناس كافة أي فيما بين المتعاقدين و بالنسبة للغير فإنه يجب التفرقة بين الوقائع التي أثبتها الموثق مما جرى تحت سمعه وبصره و التي فيها مساس بأمانة الموثق و هذه حجيتها مطلقة و لا يجوز إنكارها إلا عن طريق الطعن فيها بالتزوير أما الوقائع التي ينقلها ذوي الشأن فيجوز الطعن فيها عن طريق إثبات عكسها دون حاجة إلى الطعن في الورقة ذاتها بطريق التزوير" ([6]) .

و عليه فإن البيانات الواردة في المحرر الرسمي إذا ما أثبتها الموثق فإنه لا يجوز إثبات عكسها إلا بالطعن بالتزوير أما إذا صدرت هذه البيانات من ذوي الشأن فإنه يتم الطعن فيها بالبطلان وهو ما يؤكده في السياق ذاته قرار المحكمة العليا فيما يتعلق بحجية عقد الشهرة الصادر في 27/09/2000 ([7]) .

ثالثـًا: حجيـة صـور المحرر الرسمـي.

يتم تحرير المحرر الرسمي من أصل وصورة ويظل الأصل محفوظا بمكتب التوثيق و يعطى لذوي الشأن صورا عنه و قد بين المشرع حجية صور المحرر الرسمي في نص المادتين 325 و 326 من القانون المدني و اعتبر حجية الصورة أقل من حجية الأصل إنما أقام قرنية على مطابقتها للأصل و لهذا فحجيتها تتوقف على عدم منازعة أحد الطرفين في المطابقة لهذا تختلف هذه القوة بحسب :

أ/ وجود أصـل المحرر الرسمي.

إذا كان الأصل موجود فإن للصورة ذات الحجية المقدرة للأصل بغض النظر إذا كانت الصورة خطية أو شمسية , كما يستوي أن تكون صورا نقلت عن الأصل مباشرة أو صور أخذت عن صور الأصل ما دام أنها

كلها رسمية أي تم نقلها عن الأصل و عن صور الأصل بواسطة موظف مختص ([8]) ,و الصورة الرسمية لا تكون لها الحجية المقررة للأصل إلا إذا كانت مطابقة له و عليه فإنه بإمكان الخصم الذي يحتج عليه بصورة رسمية أن

يطلب إحضار الأصل، و يلزم القاضي بالأمر بإحضارها دون أن يمتنع من تمسك بها القيام بذلك , فإذا كانت الصورة مطابقة للأصل كانت لها قوتها في الإثبات أما إذا تبين عدم مطابقتها للأصل يتم استبعدها([9]) .

ب/ عدم وجود أصل المحرر الرسمي

و نميز بين ثلاث حالات قررتها م 326 قانون مدني :

* حالة الصورة الرسمية : هذه الصورة تؤخذ من الأصل مباشرة، سواء كانت هذه الصورة تنفيذية أو غير تنفيذية مثل النسخ أو الصورة الأصلية البسيطة فكلها تعتبر الصورة الأصلية لأنها مأخوذة من الأصل مباشرة و لها حجية الأصل طالما أن مظهرها الخارجي لا يسمح بالشك في مطابقتها ،وهذه الحجية مستندة إلى الصورة ذاتها لعدم وجود الأصل والذي يجعل الصورة تأخذ هذا الحكم هو ختم الموثق عليها رغم عدم حملها لتوقيعه و لا توقيع الأطراف.

* حالة الصورة الرسمية المأخوذة من الصورة الأصلية : الصورة في هذه الحالة ليست مأخوذة من الأصل مباشرة ،و لكن لها نفس الحجية التي للصور المأخوذة عنها بشرط أن تكون الأصلية موجودة حتى يمكن المراجعة عليها إذا ما طلب أحد الطرفين ذلك، حجية الصورة في هذه الحالة ليست مستمدة من ذاتها بل هي مستمدة من الصورة الأصلية فإذا لم تكن مطابقة للصورة الأصلية استبعدت و بقيت الصورة الأصلية هي صاحبة الحجية .

و لذلك إذا فقدت الصورة الأصلية فمعنى ذلك أن الصورة المأخوذة عنها لا يكون لها الحجية عند المنازعة فيها و لا يعتد بها إلا بمجرد الاستئناس ([10]) .

* حالة الصورة الرسمية للصورة المأخوذة من الصورة الأصلية : تعد في هذه الحالة الصورة الثالثة بالنسبة للصورة الرسمية الأصلية، لا حجية لها في ذاتها و لا يعتد بها إلا لمجرد الاستئناس تبعاً للظروف ،كأن تكون مجرد قرائن بسيطة أما اعتبارها مبدأ ثبوت الكتابة ففيه خلاف ([11]) .

الفرع الثالث : سلطة القاضي في تقديـر المحرر الرسمـي.

رأينا أن المحرر الرسمي يعتبر حجة على الناس كافة ،و الخصم الذي يتمسك به لا يلزم بإثبات صحته غير أن هذه القرنية التي يتمتع بها المحرر الرسمي لا تحدث أثرها إلا أذا اتسم المحرر الرسمي بحالة ظاهرة من الصحة و المشروعية، فإذا ظهر على أن شكله مشوب بعيب ظاهر للعيان لوجود حشو أو تشطيب أو كشط و غيره من العيوب المادية, فإنه وتماشياً مع الدور الإيجابي للقاضي في الإثبات فقد منح المشرع للقاضي سلطة إسقاط الصفة الرسمية على المحرر([12]) , دون أن ينتظر القاضي تحرك الخصم ليطعن في هذا المحرر بالتزوير, هذا الحكم أورده المشرع المصري في المادة 28 من قانون الإثبات في حين أن المشرع الجزائري أغفل النص عليه صراحة فقط ما أورده في نص المادة 43 قانون الإجراءات المدنية بإمكانية قيام القاضي بالتحقيق في الكتابة إضافة إلى نص المادة 27 من القانون رقم 06/02 المتضمن تنظيم مهنة التوثيق و التي أوردت حكماً يقضي بأن الكلمات المحورة أو المكتوبة بين السطور أو المضافة باطلة إذا تضمنها العقد ليبقى التساؤل بشأن هذا البطلان المقرر بنص صريح إذا ما كان القاضي أن يثيره من تلقاء نفسه أو على أحد الخصوم أن يدفع به، في حين أن القانون المصري ترك للقاضي إذا شك في المحرر المقدم إليه أن يأمر من تلقاء نفسه باتخاذ ما يراه من إجراءات الإثبات فله أن يدعو الموظف الذي صدر عنه المحرر ليبدي أمامه ما يوضح به حقيقة الأمر فيه، فإذا تأكد القاضي أن المحرر مزور كان له أن يحكم برد المحرر و بطلانه حتى لو لم يطعن أمامه بالتزوير و لا شك أن سلطة القاضي في ذلك تنبع من سلطته في تقدير الأدلة المقدمة إليه و الأخذ بما يرتاح إليه، فقط عليه أن يذكر في حكمه الأسباب التي استند إليها متى كان المحرر جوهرياً و جدياً في النزاع([13]) .

وللإشارة فقط فإن الخصم إذا أراد إسقاط حجية المحرر الرسمي فإن عليه إتباع طريق حاليا هو الوحيد وهو طريق الإدعاء الفرعي بالتزوير لأنه هو الوسيلة الوحيدة المقررة قانوناً لهدم قوة المحرر الرسمي في الإثبات ،غير أن المشرع الجزائري أوجد طريقا آخر لهدم قوة المحرر الرسمي من خلال دعوى التزوير الأصلية المنصوص عليها في المواد 186 و 187 و 188 قانون الإجراءات المدنية و الإدارية و الذي سيبدأ سريانه من تاريخ 21 أفريل 2009

المطلب الثاني: المحــررات العرفيــة.

لم يضع المشرع تعريفًا خاصاً للمحرر العرفي إلا أنه يمكن أن يعرف بأنه سند معد للإثبات يتولى تحريره و توقيعه أشخاص عاديون دون تدخل من الموظف العام ([14]) ,و هذه المحررات إما تكون معدة سلفاً للإثبات و في هذه الحالة تكون موقعة ممن هي حجة عليه, و إما غير معدة للإثبات لذلك يغلب ألا تكون موقعة و إما يعطيها القانون حجية في الإثبات([15]).

الفرع الأول : المحررات العرفيـة المعـدة للإثبـات.

وضعت المادة 326 مكرر الإطار التي من خلاله يعتبر المحرر العرفي دليل كامل لهذا نتطرق أولاً إلى شروطها ثم نتناول حجيتها :

أولاً: شروط المحررات العرفية المعدة للإثبات: لا بد من توافر شرطين هما:

1-الكتابـة : لا يقصد بالكتابة في هذا الباب أن تكون الورقة العرفية مكتوبة فهذا أمر بديهي ,و لكن يقصد بها أن تنصب على الواقعة المراد إثباتها بالمحرر، و يستوي أن تكون هذه الكتابة باللغة العربية أو بلغة أجنبية بخط اليد أو بآلة يتولاها الأطراف أو أي شخص آخر.

2- التوقيـع : يعرف على أنه علامة أو إشارة أو بيان ظاهر مخطوط إعتاد الشخص على إستعماله للتعبير عن موافقته على عمل أو تصرف قانوني بعينه([16]) ,لذلك هو شرط أساسي لنسب المحرر إلى صاحب التوقيع, لذلك إذ لم يوجد التوقيع على المحرر لا يمكن اعتباره دليل كامل و التوقيع المطلوب هو توقيع من يعتبر المحرر دليلاً ضده.

التوقيع إما أن يكون بالإمضاء أو بصمة الأصبع و هو ما أورده تعديل2005 في المادة 329 أو ببصمة الختم، ويوضع التوقيع في آخر الكتابة للدلالة على إطلاع الموقع على مضمونه وإن وجد في مكان آخر فللمحكمة أن تقرر قيمة المحرر.

ثانياً : حجيـة المحررات العـرفية المعدة للإثبـات

تناول المشرع هذه الحجية في نص المادة 327 قانون مدني و لمعرفة هذه الحجية نتطرق بداية إلى الحجية من حيث المضمون ثم من حيث التاريخ.

أ – حجية المحرر العرفي من حيث مضمونه :

1- حجية المحرر العرفي فيما بين أطرافـه :

أشارت الفقرة الأولى من المادة 327 قانون مدني إلى أن العقد العرفي و المقصود المحرر يعتبر صادراً ممن كتبه أو وضع عليه بصمة أصبعه ما لم ينكر صراحة ما هو منسوب إليه.

و معنى ذلك أن المحرر العرفي يحوز الحجية إذا اعترف صاحب التوقيع على المحرر العرفي بصدوره منه أو سكت و لم ينكر صدوره عنه صراحة كله أو بعضه ، عندئذ ينفذ التصرف الثابت في المحرر في حقه هو و خلفه العام و الخاص ([17]) و هو ما أكدته المحكمة العليا في عدة قرارات لها ([18]) .

2- حجية المحرر العرفي بالنسبة للغيـر.

وحسب الشطر الثاني للمادة 327 قانون مدني التي تنص:" أما ورثته أو خلفه فلا يطلب منهم الإنكار و يكفي أن يحلفوا يميناً بأنهم لا يعلمون أن الخط أو الإمضاء أو البصمة هو لمن تلقوا منه هذا الحق ". فإن المحرر العرفي حجة على من صدر منه وعلى خلفه العام و الخاص و إذا ما توفي صاحب التوقيع فهنا لورثته أو الخلف أن يتمسكوا لعدم صدور المحرر ممن وقعه لا عن طريق إنكار التوقيع بل يكفي أن يحلفوا يميناً بأنهم لا يعلمون أن الخط أو البصمة أو الختم هو لمن تلقون عنه الحق وهو طريق الطعن بالجهالة الذي لا يمتد أثره إلى التصرف ذاته الصادر عن المورث ([19]) , أما إذا أقرا الخلف أو الورثة بأن الختم أو التوقيع أو البصمة الموجودة على المحرر لمن تلقوا عنه الحق فإنه لا يقبل منهم بعد ذلك الطعن بالجهالة بل عليهم سلوك الطعن بالتزوير في المحرر العرفي.

ب/ حجية المحرر من حيث تاريخــه:

إذا كان للمحرر العرفي حجية بما ورد به من بيانات و منها تاريخه في مواجهة طرفيه حتى يثبت العكس و له ذات الحجية في مواجهة الغير فما عدا التاريخ فلا يكون حجة إلا إذا كان ثابتاً .

الغير حسب م 328 قانون مدني , لا يقصد به ذلك الشخص الأجنبي الذي يكون بعيدا عن التصرف موضوع المحرر و إنما يراد به كل من يضار من الاعتداد بالتاريخ الثابت في المحرر العرفي ([20]) .

لذلك لا يعتبر من الغير المتعاقد نفسه ولو قام نائبه بالتعاقد نيابة عنه، أيضا الخلف العام الذي مثله سلفه في المحرر، و الدائن الذي مثله مدينه فكل هؤلاء ليسوا من الغير لأنهم أطراف في المحرر العرفي أو كانوا ممثلين فيه بواسطة شخص آخر أما الغير فهما :

- الخلف الخـاص: فهو من تلقى حق عيني من صاحب التوقيع على المحرر العرفي على شيء معين بالذات كالمشتري بالنسبة للبائع و الموهوب له بالنسبة للواهب و الدائن المرتهن للمدين الراهن وجميع هؤلاء تسري في حقهم تصرفات السلف فقط إذا كانت سابقة على تاريخ اكتسابهم لحقوقهم.

- الدائـن الحاجـز: ([21]) الدائن العادي لا يعتبر من الغير حسب الأصل لأن حقه لا يتعلق بعين معينة من أموال مدينه بل تتعلق بذمة هذا المدين ،ولكن القانون يجيز للدائن أن يتخذ بعض الإجراءات يترتب عليها أن يتعلق حقه بمال معين من أموال مدينه وحتى لا يضار هذا الدائن من تصرفات مدينه الوارد على هذا المال فإنه يعتبر من الغير إذ لا تسرى في حقه تلك التصرفات إلا إذا كانت ثابتة التاريخ و سابقة على اتخاذ الإجراء الذي علق حق الدائن بالعين، أهمها الحجز فإذا حجز الدائن على منقول مملوك لمدينه و تقدم شخص مدعياً إنه اشتراه لا يسري في حق الدائن الحاجز هذا الشراء إلا إذا كان ثابت التاريخ بشكل قطعي و كان تاريخه الثابت سابقاً على تاريخ الحجز، أما إذا كان تاريخ الشراء غير ثابت أوكان لاحقا على الحجز فإنه لا يحتج به على الدائن الحاجز و بالتالي مواصلة إجراءات التنفيذ على الشيء المحجوز لبيعه و استيفاء حقه.

- ثبوت التاريخ في المحرر العرفي : دائما بالرجوع إلى المادة 328 قانون مدني نجد أن المشرع حدد حالات ثبوت التاريخ و تتمثل في :

- ثبوته من تسجيله في مصلحة الطابع والتسجيل: بصدور القانون رقم 91/25 المؤرخ في 16/12/1991 المتضمن قانون المالية لسنة 1992 في مادته 63 منع تسجيل المحررات العرفية و أوجب أن تفرغ جميع العقود الخاضعة للتسجيل في محرر رسمي فأصبحت هذه الحالة غير متصورة.

- ثبوته من يوم ثبوت مضمونه في محرر رسمي: ويشترط في هذه الحالة أن يذكر مضمون المحرر العرفي بصورة واضحة لا تؤدي إلى أي لبس و هنا يكون التاريخ الثابت للمحررين واحد ،ومن ذلك الإشارة إلى مضمون

المحرر العرفي في محاضر الضبطية أو أي محرر يكون مصدره موظف أو ضابط عمومي أو شخص مكلف بخدمة عمومية.

- ثبوته من يوم وفاة أحد ممن لهم على المحرر أثر معترف به : سواء بخط أو إمضاء أو بصمة ،و هنا يكون من المفروض أن المحرر صدر قبل الوفاة و يصبح تاريخ الوفاة تاريخ ثابت للمحرر العرفي و يقاس نفس الأمر بالنسبة لليوم الذي يصبح مستحيلاً على أحدهم أن يكتب أو يبصم لعلة كبتر اليدين.

- ثبوته من يوم التأشير على المحرر العرفي من موظف عام :و هذا عند المصادقة على إمضاء الأطراف أمام ضابط الحالة المدنية ،أو عند تأشير القاضي على المحرر العرفي المقدم في الدعوى لتسليمه للخصم الآخر للإطلاع عليه.

و للإشارة فقد منح المشرع سلطة تقديرية للقاضي حسب ظروف كل قضية أن يستبعد تطبيق المادة 328 فيما يتعلق بالمخالصات، و ذلك للصعوبة التي يتلقاها الأفراد لو طبق النص عليها لكثرة التعامل بها.

الفرع الثاني : المحررات العرفية غير المعـدة للإثبات.

توجد محررات عرفية لم تعد مقدماًً للإثبات و هي في الغالب غير موقعة و رغم ذلك فإن القانون يضفي عليها قوة في الإثبات و هو ما تعرض له المشرع في المواد من 329 إلى 332 قانون مدني و يتعلق الأمر بأربعة أنواع.

أولاً- الرســائل و البرقيـــات :حسب المادة 329 قانون مدني نميز بين :

1- الرسائـل: و تعرف الرسالة على أنها كل كتابة مخصصة لربط علاقة بين شخصين و أكثر لغرض من الأغراض([22]) و حسب الشطر الأول من المادة 329 التي تنص على أنه" تكون للرسائل الموقع عليها قيمة الأوراق العرفية من حيث الإثبات" فالمشرع قد ساوى بين الرسالة و المحرر العرفي أي أنها تكون دليل كتابي كامل بشرط أن تكون موقعة وتتضمن من البيانات ما يعين الواقعة المراد إثباتها ، من جهة أخرى فإنها تخضع لنفس الحكم الذي يخضع له المحرر العرفي من حيث عدم الإحتجاج بتاريخها على الغير إلا إذا كان تاريخها ثابتاً ، و الحق في استخدام الرسالة للإثبات يكون لمالكها و تعتبر الرسالة ملكاً للمرسل إليه لذا هو صاحب الحق في تقديمها للإثبات.

2- البرقيـات : دائماً و حسب المادة 329 قانون مدني في شطرها الثاني فإن المشرع افترض مطابقة البرقية لأصلها المودع في مكتب التصدير ، لأن موظف التلغراف لا مصلحة له في تغيير مضمون الأصل و من الحجية التي يعطيها المشرع للبرقية مشروط بقاء أصلها الموقع عليه من المرسل ،فإذا انعدم أصل البرقية فلا يعتد بها إلا لمجرد الإستئناس([23]) .

ثانياً- الدفاتـر التجاريـة :

أوجب القانون التجاري في المادة 14 منه على التاجر مسك دفترين هما دفتر اليومية و دفتر الجرد يقيد فيهما العمليات التجارية و كل ما يرتبط بتجارته و تنظيمها ،حتى يكون له حجة في الإثبات طبقاً للمادة 330 قانون مدني و التي إما تكون حجة للتاجر أو حجة عليه.

1- دفـاتر التاجر حجة عليه : بغض النظر عن الشخص الذي تعامل معه التاجر فقد يكون تاجراً أو لا و ما إذا كان الأمر يتعلق بنزاع مدني أو تجاري ، فالبيانات المدونة في الدفتر هي بمثابة إقرار مكتوب ([24]) ,صادر عن التاجر و هذا خروج عن القواعد العامة في الإثبات، من ناحية أن دفتر التاجر محرر عرفي غير موقع من التاجر هذا من جهة و من جهة أخرى أن التاجر ملزم بتقديم دليل ضد نفسه.

2- دفـاتر التاجر حجـة له : خروجاً عن قاعدة أنه لا يجوز للشخص أن يصطنع دليلاً لنفسه بنفسه يمكن أن تكون لدفاتر التاجر حجة له في حالتين .

الأولى: في الدعاوى التجارية إذا كان الخصم تاجر إستناداً إلى المادة 13 قانون تجاري و هنا يجوز للقاضي مقابلة الدفاتر و التأكد من صحة البيانات الواردة بها.

الثانية : في الدعاوى المدنية إذا كان الخصم ليس تاجراً أجاز كذلك القانون أن يكون الدفتر حجة للتاجر إذا تعلق بما يورده لعملائه غير التجار ، و ألا تزيد قيمة البضائع على ما يجوز إثباته بالبينة أي 100.000 دج ،و الحجية في هذه الحالة ناقصة يتعين إذا ما قبلها القاضي أن يكملها باليمين المتممة أي يوجهها إلى أي من الخصمين([25]) .

ثالثاً-الدفـاتر والأوراق المنزلية :

يقصد بها المذكرات التي يضعها الأشخاص و يدونون فيها الوقائع الخاصة بشؤونهم و تصرفاتهم اليومية المنزلية و المالية أما على دفاتر و أوراق متفرقة .

و قد بين المشرع حجية هذه الأوراق و الدفاتر المنزلية في نص المادة 331 قانون مدني و ما يمكن إستخلاصه أن هذه الدفاتر و الأوراق المنزلية لا تكون حجة لصاحبها في أية صورة لأنه لا يستطيع أن يصطنع دليلاً لنفسه غير أنه يمكن أن تكون لها حجية على صاحبها في حالتين:

الأولى : أن يذكر فيها من صدرت منه أنه أستوفى ديناً و يكون ذلك بشكل صريح و يقصد به إقرار الدائن بوفاء الدين سواء كان كلياً أو جزئياً.

الثانية : إذا ذكر صراحة أنه قصد بما دونه أن تقدم هذه الأوراق مقام السند لصاحب الحق فيها.

و يراعى أن حجية الدفاتر و الأوراق المنزلية هنا هي حجية قابلة لإثبات العكس ،فيستطيع صاحبها أن يثبت أن البيانات التي دونها تم تدوينها عن طريق الخطأ و إنتظاراً الوفاء لم يتم، و يمكن ذلك حتى بالبينة و القرائن. و لا يقال هنا أن الدفاتر و الأوراق المنزلية لا تعد محررات عرفية موقعة تنطبق عليها هذه القاعدة([26]).

و الأصل أن هذه الأوراق لا يجوز الإجبار على تقديمها إلى القضاء إلا إذا كانت مشتركة بين الخصمين أو مثبتة لإلتزاماتها و حقوقها المتبادلة.

رابعاً- التأشير على السند بما يستفاد منه براءة ذمة المدين:

إذا قام المدين بالوفاء بالدين فإن الدائن يعطيه عادة مخالصة بالسداد أو يؤشر على سند الدين بالوفاء مع التوقيع و يعد بذلك دليل كتابي كامل ،و قد يكتفي الدائن بالتأشير بخطه دون توقيع على السند المثبت للدين ببراءة ذمة المدين ، خاصة إذا كان الوفاء جزئياً فاعتبر المشرع طبقاً للمادة 332 قانون مدني أن مثل هذا التأشير حجة على الدائن بحصول الوفاء حتى يثبت عكس ذلك، و يلزم لإعمال هذا الحكم توفر عدة شروط تختلف حسب ما إذا كان السند في حيازة الدائن أم في حيازة المدين.

1- التأشير على سند الدين و هو في يد الدائن:

إذا أشر الدائن على سند الدين الموجود في حيازته بما يفيد الوفاء الكلي أو الجزئي فإن هذا التأشير رغم أنه غير موقع عليه من الدائن يعتبر دليلاً على براءة ذمة المدين، و لكن حجية هذا التأشير مقرونة بشرطين.

- أن يتضمن التأشير بما يفيد براءة ذمة المدين من كل أو بعض الدين، و أن يقع التأشير على سند الدين ذاته لا على صورة له أو ورقة مستقلة عنه و التأشير على السند يكون بأي شكل سواء في ظهره أو بهامشه و وجود شطب أو محو لا يؤثر على وجود الوفاء ما دام مقروءاً ما لم يثبت الدائن العكس.

- يجب أن لا يكون السند قد خرج من حيازة الدائن، فإذا خرج من حيازته فيقع عليه عبء إثبات خروج السند لدحض هذه الحجية.

2- التأشير على سند الدين و هو في يد المدين : إذا أشر الدائن بما يفيد براءة ذمة المدين على السند الموجود لدى المدين فإن ذلك يكون حجة في الإثبات بشرطين هما([27]) :

- أن يكون التأشير مكتوب بخط الدائن على نسخة من السند الأصلي أو على مخالصة ببراءة ذمة المدين و لا يلزم أن يكون التأشير موقعاً عليه من الدائن، و لكن يجب ألا يكون هنالك محو أو شطب و إلا زالت الحجية للتأشير لأنه لا يفهم من المحو إلا أن الوفاء لم يتم و إذا أدعى أن الشطب تم عن غلط أو دون علمه عليه الإثبات.

- يجب أن تقع نسخة السند أو المخالصة في حيازة المدين ، و متى توفر الشرطان اعتبر التأشير حجة على الدائن في براءة ذمة المدين إلا أنه لا يصل إلى قوة الورقة العرفية الموقعة و من ثمة يمكن للدائن أن يثبت عكس هذا الدليل بكافة الطرق.

المطلب الثالث : المحررات الإلكترونيــة .

لعل التطور المتسارع في مجال التكنولوجيا و ما استتبعه من ظهور شكل حديث للكتابة و التوقيع، جعل الدول الرائدة في هذا المجال تعدل النصوص القانونية المتعلقة بالإثبات لتتناسب و هذا التطور الذي قاد إلى تجريد المحررات من دعامتها الورقية و التي تعتمدها نصوص الإثبات التقليدية لتحل إلى جانبها محررات دعامتها إلكترونية، و هذا ما دفع المشرع الجزائري إلى مواكبة هذا المفهوم الجديد واعتماده في نصوص المواد 323 مكرر و 323 مكرر 1 و327 قانون مدني ، و لم تعد الكتابة كدليل في الإثبات قاصرة على الكتابة المفرغة في محرر ورقي بل تشمل أيضاً التي تضمنتها دعامة إلكترونية أيا كان شكلها و متى توفرت فيها الشروط المتطلبة قانوناً([28]) ، لذلك سنحاول معرفة عناصر المحررات الإلكترونية و حجيتها و سلطة القاضي التقديرية بشأنها .

الفرع الأول : عناصر المحررات الإلكترونية.

أولاً:الكتابة الإلكترونية وشروط صحتها.

دون الغوص في المفاهيم التي أوجدتها "الأونيسترال" ([29]) , في القوانين النموذجية و كذا التشريعات المقارنة للكتابة الإلكترونية فإن المشرع الجزائري كان مسايراً لما يحدث في هذا المجال،حيث أنه و لأول مرة يعرف مدلول الكتابة في نص المادة 323 مكرر قانون مدني و يجعله جامعاً و قابلاً للتطبيق على كل أنواع الكتابة، و بذلك فصل بين الكتابة كعنصر من عناصر المحرر و الوسيط الذي تتم من خلاله سواء كانت دعامة ورقية و إلكترونية فإنه لا يؤثر على قوتها الثبوتية ،و باستقراء المادة 323 مكرر قانون مدني التي تنص على أنه " ينتج الإثبات بالكتابة من تسلسل حروف أو أوصاف أو أرقام أو أية علامات أو رموز ذات معنى مفهوم مهما كانت الوسيلة التي تتضمنها و كذا طرق إرسالها" , يمكن أن نستخلص أول شروط صحة الكتابة الإلكترونية و هو أن تكون:

1/ ذات دلاله تعبيرية واضحة و مفهومة و هو شرط مألوف لأن الكتابة المستعملة تحتاج إلى وسيط سواء مادي كالشاشة و لوحة المفاتيح أو غير مادي كبرنامج الكمبيوتر و ذلك لتشغيل البيانات و المعلومات المحمولة([30]) .

و عليه و رغم أن الكتابة الإلكترونية تكون في شكل معادلات و خوارزميات تنفذ من خلال عمليات البيانات و إخراجها من خلال شاشة الكمبيوتر و أن قراءتها و الإطلاع عليها لا يكون بطريقة مباشرة إلا أن ذلك غير ذي أثر على الإعتراف بها كدليل إثبات، و هو ما يتجلى في نص المادة 323 مكرر بقولها " مهما كانت الوسيلة التي تضمنها و كذا طرق إرسالها".

أما الشرطين الثاني و الثالث فقد أوردتهما المادة323 مكرر1 قانون مدني.

فأما الشرط الثاني فيتعلق بـ :

2/ التأكد من هوية الشخص الذي أصدرها ، أي إذا أستخدمت طريقة لتعيين هوية الشخص و التدليل عليه فإن ذلك يعد من قبيل التوقيع على رسالة البيانات غير أن هذا الشرط يرتبط أكثر بالعنصر الثاني للمحررات الإلكترونية ألا و هو التوقيع و الذي سنوضحه في حينه.

أما الشرط الثالث فهو يتعلق بـ :

3/ إمكانية الحفظ و الإسترجاع و هو ما عبرت عنه المادة السالفة الذكر بقولها " و أن تكون معدة و محفوظة في ظروف تضمن سلامتها" و معيار تقدير سلامة المعلومات هو تحديد ما إذا كانت قد بقيت مكتملة و دون تغيير بالشكل الذي أنشئت أو أرسلت أو أستلمت به.

في حين أن الإسترجاع فيعبر عنه بإمكانية الإطلاع على المعلومات و الرجوع إليها لاحقاً بعد إعدادها و حفظها و إرسالها([31]) .

ثانياً :التوقيع الإلكتروني و شروط صحته.

المشرع الجزائري لم يورد تعريفاً للتوقيع الإلكتروني و من خلال المادة 327 قانون مدني فإنه ربط بين التوقيع و الشروط المتعلقة بالكتابة الإلكترونية ، و إذا أردنا إعطاء تعريف له فإنه يتعين علينا إيضاح هذا التعريف في كل من قوانين الأونيسترال و كذا المنظمات الدولية و التشريعات المقارنة لفهم هذا المدلول و بما أن المقام لا يتسع ،فمن المهم فقط معرفة أن جل التشريعات تنقسم بين من يعرف التوقيع الإلكتروني بالوظائف المنوطة به و هو حال التشريعات اللاتينية و بين من يعرفه بالجانب التقني أي كيفية العمل و هو حال التشريعات الأنجلوساكسونية و هذا الإنقسام عرفه أيضاً الفقه بنفس التفرقة التي عرفتها التشريعات، حتى ظهر فريق يجمع بين الفريقين ،و من ذلك أن التوقيع الإلكتروني هو مجموعة من الإجراءات و الوسائل التي يتيح إستخدامها عن طريق الرموز أو الأرقام إخراج رسالة إلكترونية تتضمن علامة مميزة لصاحب الرسالة المنقولة إلكترونياً، يجري تشفيرها باستخدام خوارزم المفاتيح ،واحد معلن و الآخر خاص بصاحب الرسالة "([32]) .

و عرف أيضاً بأنه مجموعة من الرموز أو الأرقام و الحروف الإلكترونية تدل على شخصية الموقع دون غيره([33]).

و عرف أيضاً بأنه عبارة عن " معلومات أو معطيات في شكل إلكتروني ترتبط أو تتصل منطقياً بمعطيات إلكترونية أخرى و تستخدم كوسيلة لإقرارها"([34]).

أما بالنسبة لشروط صحة التوقيع الإلكتروني فقد أحال المشرع على شروط الكتابة الإلكترونية في المادة 323 مكرر1 ،و هي إمكانية تحديد هوية الشخص الذي أصدره و كذا الحفظ في ظروف تضمن سلامته، غير أنه و في ظل غياب نص تنظيمي للمسألة تطرح إشكالية تحديد الشخص الذي يصدر عنه التوقيع

و كذا ضمان سلامة التوقيع ما دام لا توجد هيئة الإقرار و التوثيق التي من خلالها يتم إعتماد إجراءات بين الأطرف تهدف إلى التحقق من أن التوقيع لم يتعرض إلى أي تعديل أو تغيير.

و بالرجوع إلى الشرط الأول فإنه يتحقق بالربط المنطقي بين التوقيع و بيانات إنشاء التوقيع المخزنة في قاعدة بيانات خاصة و التيقن من تطابقهما من عدمه.

أما الشرط الثاني فيقتضي أن تكون هناك سيطرة على منظومة التوقيع ،و علم الموقع الوحيد ببيانات إنشاء التوقيعات وقت إستعمالها ،و على هذا الأساس يجب على الموقع أن يولي قدراً معقولاً من العناية و الحرص لتأمين البيانات التي يستخدمها للتوقيع و هذا يختلف حسب كل نوع من التوقيعات الإلكترونية([35]).

الفرع الثاني : حجيـة المحررات الإلكترونيــة.

المتمعن في نص المادة 323 مكرر1 قانون مدني يجد أن المشرع قد عادل بين الإثبات بالكتابة في الشكل الإلكتروني و الإثبات بالكتابة المفرعة على دعامة ورقية و ما يرتبه ذلك من أثر ،لهذا نتطرق أولاً إلى هذا المبدأ و ثانياً إلى أثر ذلك.

أولاً : مبدأ التعادل الوظيفي بين الكتابة في الشكل الإلكتروني و الكتابة على الورق.

صحيح أن مبدأ المعادلة الوظيفية مقرر بنص المادة 323 مكرر1 قانون مدني غير أنه في الوقت ذاته يظهر الإلتباس في عدم وجود نصوص تنظيمية للمبدأ ،و يتضح ذلك من خلال أن المشرع لم يحدد نوع الكتابة التي يمكن أن تعادل في حجيتها الكتابة في الشكل لإلكتروني، بمعنى هل هذه المعادلة الوظيفية تتعلق بالمحرر الرسمي أو المحرر العرفي .

طبعاً و قد أنقسم الفقه حول هذه المسألة بين من يفسر هذه المادة إلى نطاق يتسع ليشمل الكتابة الرسمية و بين من يرى أن هذا التدخل التشريعي يجب أن يحصر مجال إعماله في المحررات العرفية فقط ذلك أن المحررات الرسمية يشترط لصحتها حضور الأطراف أمام الضابط العمومي و توقيعه للمحرر حتى تمنح له الرسمية

و هذا غير ممكن في المحرر الإلكتروني ،و لعل هذا الرأي هو الأقرب إلى الترجيح في ظل غياب نصوص توضح المسألة عندنا([36]).

ثانيـاً : أثر التعادل الوظيفي بين المحررات الإلكترونية و المحررات العرفية

بعد ما خلصنا إلى أن الكتابة في الشكل الإلكتروني تعادل المحررات العرفية وظيفياً و باستقراء المادة 327 قانون مدني فإن حجية المحررات الإلكترونية تطبق عليها نفس الأحكام المقررة لحجية المحرر العرفي الذي تم التطرق إلى أحكامه في المطلب الثاني و هذا مع مراعاة الشروط الخاصة بالكتابة في الشكل الإلكتروني و التي أوردتها المادة 323 مكرر1.

الفرع الثالث: سلطة القاضي في تقديـر المحرر الإلكتروني

رأينا أن التفرقة بين التوقيع العادي و التوقيع الإلكتروني قد أزيلت و أعطي للتوقيع الإلكتروني ما إذا توافرت شروطه الخاصة نفس الحجية و الآثار القانونية دون تمييز بينهما ، غير أن التوجه الأوروبي يرى بأنه لا بد من التمييز بين التوقيع الإلكتروني العادي و التوقيع الإلكتروني المتقدم أو المعزز([37] )إذا تم النظر إليهما من زاوية سلطة القاضي التقديرية ،فالتوقيع المتقدم يثبت حجيته بقوة القانون عكس التوقيع العادي الذي لا يتمتع سوى بقرينة يجب تعزيزها بإثبات جدارة التقنية المستخدمة و عليه للقاضي سلطة واسعة في تحديد قيمته في الإثبات مستعيناً برأي الخبراء ([38]) .

من جهة أخرى أثيرت مسألة التنازع بين الدليل الكتابي الورقي و الدليل الكتابي الإلكتروني و موقف القاضي منهما ، و كما سبق الذكر المشرع الجزائري تناول فقط المبادئ دون تفضيل عكس ما ذهب إليه المشرع الفرنسي في نص المادة 1316-02 قانون مدني التي تنص على أنه: " عندما لا ينص القانون على قواعد مخالفة أو عندما لا يكون هناك إتفاق متكافئ في إثبات الإلتزامات و الحقوق بين الأطراف ،

يبث القاضي في النزاعات القائمة حول الإثبات بالكتابة غير تحديد السند الأكثر مصداقية أياً كانت دعامته و ذلك عن طريق إستخدام كافة الطرق المتوفرة لديه.

هذا الحل التشريعي الذي اعتمده المشرع الفرنسي أعطى للقاضي سلطتين الأولى تتعلق بالبث في النزاعات القائمة حول وسائل الإثبات و تحديد السند الأكثر مصداقية ، أما الثانية هي سلطة تقديرية واسعة في عملية التحديد فهو الذي يرجح واسطة إثبات دون أخرى بغض النظر عن الدعامة ورقية كانت أو إلكترونية و ذلك باستخدام الأدوات المتوفرة لديه.

و مما أوجده النص أيضاً أنه منح إمكانية وضع إتفاقات بين المتعاقدين تخالف قواعد الإثبات الموجهة للقاضي، و بالتالي الاعتراف بأن هذه القواعد يمكن الإتفاق على خلافها([39]) ,و هو الإتجاه الذي أيدته محكمة النقض الفرنسية في أشهر قضية عرضت على القضاء الفرنسي([40]) بقولها " تخضع حقوق الأطراف لحرية التصرف فيها و كل تصرف يرد عليها يجوز إثباته اتفاقاً ...." فهذا الإجراء الحديث- التوقيع الإلكتروني- يقدم نفس الضمانات التي يقدمها التوقيع اليدوي و الذي يبقى سارياً لا يعلمه سوى حائز البطاقة.

و يبقى الأمر صعب على القاضي الجزائري في ظل أولاً غياب نصوص تنظيمية للمسألة ،و من جهة أخرى تعود القاضي على وسائل الإثبات الورقية و معرفته المتصلة بالقانون و ليس بالتقنية من جهة أخرى.

المبحث الثاني

الإقــرار القـضائي

الأصل أن الادعاءات و التصريحات سواء الشفهية أو المكتوبة التي يتقدم بها الأطراف عن أنفسهم لا تقوم دليلا بذاتها لبناء قناعة القاضي، ومن ثمة لا تصلح أساسا لحكمه إلا أنها متى تضمنت إخبارا من احد الخصوم لثبوت واقعة مدعى بها عليه في حقه أصبحت ذات قيمة و أثر قانونيين، وهو مايصطلح عليه بالإقرار القضائي وقد عرف المشرع الجزائري الإقرار القضائي في المادة 341 قانون مدني على أنه "اعتراف الخصم أمام القضاء بواقعة قانونية مدعى بها عليه وذلك أثناء سير الدعوى المتعلقة بها الواقعة " لهذا فهو عمل قانوني بإرادة منفردة، وجب أن تتوفر فيه شروط التصرف القانوني ([41]).

لذلك يتعين البحث بشيء من التفصيل في صيغ الإقرار القضائي و صوره في مطلب أول و شروطه في مطلب ثاني و حجيته و سلطة القاضي في تقديره في مطلب ثالث .

المطلب الأول : صيغ الإقرار القضائي وصوره.

بما أن الإقرار القضائي طريق غير عادي للإثبات مادام يعفي الخصم من اللجوء إلى طرق الإثبات المقررة قانونا، فهو يجعل الواقعة غير متنازع فيها لهذا يأخذ صيغا و صورا متعددة نتناول كل واحدة في فرع.

الفرع الأول : صيغ الإقرار القضائي .

ليس للإقرار شكل خاص فهو قد يكون صريحا أو ضمنيا, و الصريح قد يكون مكتوبا أو شفويا ([42]) و الغالب انه يكون تقريرا مكتوبا دون اشتراط أي شكل .

و الإقرار لا يكون ضمنيا إلا قليلا، لأن الأصل أنه لا ينسب لساكت قول فتغيب الخصم عن الحضور أمام المحكمة ،أو سكوته عن الرد عند استجوابه ،أو تخلفه عن الحضور للاستجواب لا يكفي لاستخلاص إقرار ضمني ،غير أن المشرع الجزائري أوجد حالات من الإقرار الضمني و أحداث لها آثار قانونية ومن ذلك ما جاء في المادة 347 قانون مدني "كل من وجهت إليه اليمين فنكل عنها دون ردها على خصمه و كل من ردت

عليه اليمين فنكل عنها خسر دعواه "فالمشرع أعطى حكم الإقرار الضمني بمجرد الامتناع عن حلف اليمين ،أو بعد ردها على من وجهها إليه .

كما أن حضور الخصم للتحقيق ورفضه الإجابة عن أسئلة محددة موجهة إليه من طرف القاضي يمكن اعتباره إقرار.وقد قضي بان دفع المدين بسقوط دعوى الدائن بالمقاصة أو الإبراء إقرار علي عدم الوفاء بالدين، و إذا تبين عدم صحة المقاصة أو الإبراء فلا يجوز للخصم الدفع بالوفاء ،و ادعاء خصم بواقعتين فينكر خصمه إحداهما صراحة و يسكت عن الأخرى يعتبر إقرار ضمني بصحة الواقعة المسكوت عنها([43]).

الفرع الثاني : صور الإقرار القضائي .

نميز بين ثلاث صور مختلفة للإقرار القضائي :

الإقرار البسيط : ويقصد به الاعتراف بما يدعيه الخصم دون تعديل أو إضافة

الإقرار الموصوف: هو الذي يتضمن الاعتراف بالواقعة المدعى بها ،مع إضافة واقعة أخرى مرتبطة بها نشأت

وقت نشوء الواقعة الأصلية ومن شانها أن تؤثر في نتيجتها .

الإقرار المركب: يكون كذلك إذا تضمن إلى جانب الواقعة الأصلية واقعة أخرى مستقلة عنها نشأت بعد نشوء الواقعة الأصلية([44]).

غير أن البحث بشيء من التفصيل في هذه الأنواع سنتطرق إليه عند دراسة حجية الإقرار .

المطلب الثاني :شروط الإقرار القضائي .

من خلال نص المادة 340 قانون مدني نخلص إلى أن للإقرار ثلاثة شروط مهمة نتطرق لكل واحد منها في فرع .

الفرع الأول : صدور الإقرار من الخصم .

وهو تقرير لواقعة معينة على اعتبار أنها حصلت، و لاشك في أن التقدير على هذا النحو هو عمل مادي كالشهادة و الكتابة و التوثيق ،إذن في الأصل هو عمل مادي غير أنه من جهة أخرى في ينطوي علي نزول من جانب المقر عن حقه في مطالبة خصمه بإثبات ما يدعيه و هذا النزول هو تصرف قانوني من جانب واحد فيكون التكييف الصحيح للإقرار انه واقعة مادية تنطوي على تصرف قانوني ([45]).

وللإقرار من حيث هو واقعة مادية لا حاجة في تمامه إلى قبول من الخصم الذي صدر الإقرار لصالحه، و إذا كان هذا الخصم يطلب عادة إثبات الإقرار في المحضر فهو يفعل ذلك لا لإظهار قبوله إياه بل لتسجيله كما صدر حتى يتيسر الرجوع إليه .

أما الإقرار من حيث هو ينطوي علي تصرف قانوني من طرف واحد لا يحتاج أيضا إلى قبول الخصم بل يجب لصحته الشروط الواجبة لصحة التصرف القانوني .

و الإقرار يكون في حكم عمل من أعمال التصرف كونه لا ينشئ الحق المقر به ،فهذا الأخير موجود قبله و يأتي الإقرار ليؤكده فقط ،و إنما يعد كذلك لان ما يثبت الحق ذاته و يبرزه إنما يؤثر على هذا الحق تأثيرا ايجابيا مما جعله في مصاف أعمال التصرف، وما دام يعتبر من أعمال التصرف و ليس من أعمال الإدارة يجب أن يكون التوكيل به بموجب وكالة خاصة طبقا للمادة 571 قانون مدني لهذا تثار مسألة حجية الإقرارات الصادرة من المحامين عن موكليهم، و التي فصلت فيها المادة 04 من قانون رقم 91/04 المتضمن تنظيم مهنة المحاماة حين منحت بصريح النص الحق للمحامي في الإقرار و التنازل عن حق موكله، و هو استثناء لنص المادة 574 قانون مدني أما الوكلاء من غير المحامين مقيدون بالنص السالف الذكر و لا يمكن للقاضي أن يصدر حكمه بناءا على إقرار وكيل الخصم بموجب وكالة عامة، وإلا كان حكمه معيب بعيب القصور في التسبيب .

أما الولي و الوصي و القيم فيصح إقرارهم عن الأصيل في الحدود التي يجوز فيها القيام بأعمال التصرف فيشرط في كثير من الأحيان لصحة هذا الإقرار الحصول على إذن من المحكمة .

الفرع الثاني : أن ينصب الإقرار على واقعة قانونية مدعى بها .

محل الإقرار هو الحق المراد إثباته، و لا يشترط في الواقعة المقر بها أن تكون تصرفا قانونيا بل يصح أن تكون واقعة مادية كالإقرار بالجوار أو الالتصاق، و الإقرار لا ينصب على القواعد القانونية لأن القاضي هو المكلف بالبحث عنها و يشترط في محل الإقرار :

- أن لا يكذبه ظاهر الحال كإقرار شاب ببنوة كهل ([46]).

- ألا ينصب على ما لا يجوز التعامل به أو فيه مخالفة للقوانين و النظام العام أو الآداب، كالإقرار بفوائد ربوية بين الأفراد أو الإقرار لإثبات وجود عقد شكلي، كما لا يصح الإقرار لدحض ما جاء في محرر أو محضر له حجية إلى غاية الطعن فيه بالتزوير، و لا يعتد بالإقرار خلافا لما تقتضيه قرينة قانونية قاطعة ([47]).

- أن يكون محل الإقرار معينا تعينا كافيا مانعا للجهالة و هذا مرتبط أساسا بكونه من أعمال التصرف فلا يجوز الإقرار بشيء لم يوجد بعد كونه لم يترتب بعد في ذمة الشخص .

الفرع الثالث : أن يتم الإقرار أمام القضاء و أثناء سير الدعوى .

هذا الشرط يقضي معرفة مكان و زمان الإقرار

-أولا: يجب أن يتم الإقرار أمام القضاء و هو ما يميز بين الإقرار القضائي و غير القضائي، و قد ذهب البعض إلى انه يعد الإقرار الذي يحصل أمام محكمة غير مختصة إقرار قضائي بشرط ألا يكون عدم اختصاصها متعلق بالنظام العام ,و كذلك الإقرار الذي يتم أمام المحكمين.

أما الإقرار أمام النيابة و التحقيق و الخبراء فلا يعتبر إقرار قضائي لأن هذه الجهات ليست جهات قضاء لعدم اختصاصها بالفصل في الموضوع([48]). وقد اعتبرت المحكمة العليا أن الإقرار الصادر أمام الخبير لا يعتبر إقرار قضائيا و تختلف حجيته عن الإقرار القضائي([49])

- ثانيا :أن يكون الإقرار أثناء سير الدعوى :

و مقتضي ذلك أن يصدر الإقرار خلال إجراءات الدعوى التي يكون فيها الإقرار دليل الإثبات، فيصح أن يكون في صحيفة الدعوى ذاتها أو في المذكرات التي تليها أو في المذكرات التي يرد بها علي الدعوى، و قد أكدت المحكمة العليا ذلك في قرارها المؤرخ في 13/10/1991 تحت رقم 79639 جاء فيه "من المقرر قانونا أن الإقرار هو اعتراف الخصم أمام القضاء بواقعة قانونية مدعي بها عليه وذلك أثناء سير الدعوى المتعلقة بها الواقعة ومن ثم فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد خرقا للقانون .

و لما كان من الثابت في قضية الحال أن الطاعن يتمسك في الطعن بالرسالة الموجهة له من المدعى عليه و التي يوجه له فيها الإنذار لمغادرة السكن المؤجر له و ذلك بعريضة افتتاح الدعوى التي يتعرف فيها المطعون ضده بأنه سلم للطاعن السكن على سبيل الإيجار فان قضاة الاستئناف بعدم تحليلهم لذلك بأنه إقرار قضائي يكونوا قد خرقوا القانون و متى كان كذلك استوجب نقض القرار المطعون فيه".

المطلب الثالث : حجية الإقرار القضائي وسلطة القاضي في تقديره .

الفرع الأول :حجية الإقرار القضائي .

متى توافرت شروط الإقرار القضائي ترتبت آثاره القانونية الواردة في المادة 342 من القانون المدني، و التي تنص على أن "الإقرار حجة قاطعة على المقر و لا يتجزأ الإقرار على صاحبه إلا إذا قام على وقائع متعددة و كان وجود واقعة منها لا يستلزم حتما و جود الوقائع الأخرى."

ومن خلال النص يتبين أن الإقرار حجة قاطعة على المقر و قاصرة عليه و أن الإقرار لا يتجزأ إلا استثناءًا .

-أولاً : الإقرار حجة قاطعة على المقر .

يقصد بذلك انه يعتبر حجة عليه يؤاخذ به و لا يجوز له العدول عنه، و كونه يكسب حجية كاملة ضد المقر هو انه يصدر من الخصم ضد مصلحته الشخصية غير انه إذا كان الإقرار حجة على المقر و لا يجوز له أن يعدل عنه فذلك لا يمنع من أن يطعن المقر في إقراره بأنه صوري تواطأ عليه خصمه أو انه وقع نتيجة غلط أو تدليس أو إكراه، أو صدر منه و هو ناقص الأهلية فإذا اثبت ذلك بالطرق المقررة قانونا بطل الإقرار، و لا يكون هذا رجوعا في إقرار موجود بل هو إلغاء لإقرار ظهر بطلانه ،أما الإقرار القائم الصحيح فلا يجوز الرجوع فيه و لا يجوز إثبات عكسه ([50])

في ذات الوقت بما أن الإقرار حجة قاطعة على المقر فهو إذًا حجة قاصرة عليه و على الخلف العام ([51])، فالإقرار تصرف قانوني لا تسري آثاره إلا بالنسبة للأشخاص الذين تنصرف إليهم آثار التصرف القانوني، أما غير هؤلاء فلا يتعدى إليهم أثر الإقرار ، فإقرار احد الشركاء لا ينصرف إلى باقي الشركاء ،و إقرار أحد الورثة بدين على التركة لا يسري على باقي التركة وإقرار أحد المدينين المتضامنين بعد اكتمال مدة السقوط لا يسري في حق غيره.

-ثانياً : عدم جواز تجزئة الإقرار .

يقصد بعدم جواز تجزئة الإقرار انه لا يجوز للخصم أن يفصل في الإقرار بين ما يكون نافعا له يأخذه وبين ما يكون ضارا به فيتركه، و ذلك على أساس أن ارتباط أجزائه في قصد المقر يجعل الإقرار وحدة يجب أخذها بأكملها أو تركها بأكملها ([52]) ،إلا أن تطبيق هذه القاعدة يجرنا إلى الحديث عن صور الإقرار و التي تم التطرق إليها في المطلب الأول بإيراد أمثلة عن ذلك .

ففي الإقرار البسيط لا مجال لإعمال قاعدة تجزئة الإقرار، و مثال ذلك أن يدعي الدائن انه اقرض المدعى عليه مبلغا فيعترف المدعى عليه دون تعديل .

أما في الإقرار الموصوف نميز بين الاعتراف بواقعة أصلية مدعى بها ،تضاف إليها واقعة أخرى مرتبطة بها نشأت وقت نشؤ الواقعة الأصلية ومن شأنها أن تؤثر في نتيجتها مثل أن يدعي المدعي أنه اقرض المدعى عليه مبلغ من المال وان الأجل قد حل و يطلب الوفاء غير أن المدعى عليه يقر بالدين و لكن الأجل لم يحل بعد، فالإقرار هنا موصوف و الوصف هو عدم حلول أجل الوفاء و حكمه أنه لا يتجزأ على صاحبه فقد أقر المدين بالدين مؤجلا، فإما أن يأخذ الإقرار كله موصوفا كما هو و إما أن يتركه كله و ليس للدائن أن يجزئه مقتصر على ما يفيده منه

في حين في الإقرار المركب الواقعة الأصلية المعترف بها تقترن بواقعة أخرى مرتبطة بها توجد بعدها ،و لا تنشا وقت نشوئها ،و مثاله أن يقر المدين بأنه اقترض مبلغ من المال وهي الواقعة الأصلية و لكنه وفـى ذلك المبلغ وهي واقعة أخرى مستقلة عن الواقعة الأصلية و نشأت بعدها، و الأصل أن الإقرار المركب لا يتجزأ على صاحبه ،غير أن هناك من يفرق بين صور الإقرار المركب و التي منها ما يمكن أن يتجزأ على صاحبه وحسبهم الإقرار المركب لا يتجزأ إذا كانت الواقعة المضافة إلى الواقعة الأصلية مرتبطة بها ارتباطا وثيقا من حيث محلها و طبيعتها و تفترض سابقا وجودها و إلا فانه يتجزأ و اعتبروا الإقرار بالدين و الوفاء لا يقبل التجزئة وهو ما أكدته المحكمة العليا ([53])

الفرع الثاني : سلطة القاضي في تقدير الإقرار القضائي .

إذا توافر للإقرار كل الشروط التي يتطلبها القانون لانعقاده و صحته صار حجة قاطعة على المقر لا يجوز له العدول عنه، و يتعين على القاضي أن يأخذ به و يحكم بمقتضاه، فالإقرار ليس من الأدلة التي يكون للقضاة سلطة تقدير حجيتها و إنما من الأدلة التي يتقيد القاضي بحجيتها وهو ما ضمنته المحكمة العليا في أحد قراراتها حيث جاء فيه "متى كان من المقرر قانونا أن الإقرار القضائي حجة قاطعة على المقر فان قاضي الموضوع لا يحتفظ باختصاصه في السلطة التقديرية تجاه هذا الإقرار ومن ثم فان القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد خرقا للقانون ،ولما كان من الثابت في قضية الحال أن المطعون ضده اعترف صراحة انه استولى على الغرفة المتنازع عليها دون علم أو موافقة المالك أمام القاضي الأول فان القضاة بإلغائهم الحكم المستأنف لديهم ومن جديد القضاء برفض طلب الطاعن الرامي إلى طرد المطعون ضده من الغرفة المتنازع عليها الكائنة بالعمارة التي يملكها يكونوا كما فعلو خرقوا القانون و متى كان ذلك استوجب نقض القرار المطعون فيه " ([54])

ومع ذلك فان للقاضي أن يفسر الإقرار لتوضيح ما فيه من غموض و إزالة ما فيه من لبس و هي سلطة مقررة له بالنسبة لأي دليل ومن حقه أن يفسر كل دليل يقدم لديه .

المبحث الثالث

القرائن القانـونية غير القاطعة "البسيطة"

المشرع الجزائري تناول الأحكام الموضوعية للقرائن في نصوص المواد من 337 إلى 341 قانون مدني

وبما انه كان من الأحسن تناول موضوع القرائن تأصيلا ثم تفريعا بيان تعريف و عناصر القرينة ثم أنواع القرائن و حجية كل منهما في دراسة شاملة و كاملة غير إننا ملزمون بالتقيد بموضوع البحث و ذلك بالتطرق إلى القرائن القانونية البسيطة على اعتبار أنها دليل إثبات له حجية ملزمة تقبل إثبات العكس .

فالقرينة بصفة عامة تعرف على أنها النتائج التي يستخلصها المشرع أو القاضي من واقعة أو وقائع معلومة ثابتة لسحبها على واقعة أخرى غير موجودة أو متنازع فيها ،وكان يستحيل أو يصعب إثباتها من الناحية العملية ([55]) لهذا نميز بين قرينة قانونية تتعلق بما يستنبطه المشرع نفسه مما يغلب وقوعه فعلا في نوع معين من الحالات ،و قرينة قضائية تتعلق بما يستنبطه القاضي من وقائع الدعوى المعروضة عليه.

و القرائن القانونية الأصل فيها جواز إثبات عكسها لأنها تقوم على الراجح الغالب الوقوع وقد لا يتفق الراجح الغالب مع الوقائع، فيجعل المشرع في بعض الأحيان القرينة القانونية غير قابلة لإثبات العكس، و على هذا تقسم القرائن القانونية إلى قرائن بسيطة أو غير قاطعة و هي التي يجوز إثبات ما يخالفها و قرائن قانونية قاطعة لا يجوز إثبات ما يخالفها ([56]) .لذلك سنتناول في هذا المبحث حجية القرينة القانونية غير القاطعة و مجال عملها و كيفية إثبات عكسها و أخيرا دور القاضي وسلطته في الإثبات بها .

المطلب الأول : حجية القرينة القانونية غير القاطعة و مجال عملها .

القرائن القانونية غير القاطعة ليست كلها في نفس درجة الحجية فهناك قرائن قانونية غير قاطعة يجوز إثبات عكسها بجميع الوسائل ،و قرائن قانونية غير قاطعة يجوز إثبات عكسها بطرق محددة ،و المشرع عندما حدد مجال تطبيقها فمنها من قررها لتعمل في مجال إثبات المسؤولية أو إثبات ركن من أركانها، و هناك قرائن يفرض بها صحة الوضع القائم بناء على ما هو ثابت و ظاهر حتى يثبت العكس .

الفرع الأول : حجية القرينة القانونية غير القاطعة .

نص المشرع الجزائري على القرينة القانونية غير القاطعة و اعتبرها الأصل و هذا مانستشفه من نص المادة 337 قانون مدني و قد جرى الفقه على تقسيمها إلى قرائن بسيطة الحجية و أخرى نسبية الحجية .

أولاً: ذات الحجية البسيطة :

هذا النوع هو الغالب لذلك المشرع أخضعها للقواعد العامة في الإثبات، و معيار تمييزها أن النص يرفق دائما بعبارة "ما لم يقم الدليل على عكس ذلك " دون تحديد منه لا لوسيلة الإثبات و لا لمحله ومن ثمة نفي حجيتها بجميع الوسائل ،و من ذلك ما نصت عليه المادة 499 قانون مدني بقولها "الوفاء بقسط من بدل الإيجار يعتبر قرينة على الوفاء بالأقساط السابقة ما لم يقم الدليل على عكس ذلك " ، أيضا ما نصت عليه المادة 98 قانون مدني بقولها "كل التزام مفترض أن له سببا مشروعا ما لم يقم الدليل على غير ذلك ".

ثانياً : ذات الحجية النسبية :

فهي كما عرفها الفقه الفرنسي بأنها قواعد إثبات قانونية لا تقبل إثبات عكسها إلا بإثبات وقائع معينة بوسائل محددة ،فهي تشترك مع ذات الحجية البسيطة في أنها تقبل إثبات العكس غير أنها تختلف عنها من حيث أنها لا تقبل إثبات عكسها إلا بإثبات وقائع معينة و بوسائل معينة ،ففي التشريع الفرنسي يستدلون بنص المادة 552 من القانون المدني التي تفيد بأن مالك الأرض يملك ما فوق الأرض و ما تحتها و التي يمكن إثبات عكسها بوسيلتين هما الكتابة أو التقادم .

وفي الفقه الإسلامي توجد أيضا قاعدة شرعية تقضي بان الولد للفراش و اللعان هو الطريق المقرر لنقض هذه القرينة ([57]) .

في القانون الجزائري لا يوجد نص مقابل للنص الفرنسي غير انه أورد في بعض النصوص كما جاء في المادة 822 قانون مدني بأنه إذا تنازع أشخاص متعددون في حيازة حق واحد اعتبر بصفة مؤقتة أن حائزه هو من

كانت له الحيازة المادية إلا إذا قد اكتسب هذه الحيازة عن طريق التدليس ،فهذا النص يجعل من الحيازة المادية قرينة على الحيازة القانونية و هي قرينة غير قاطعة جعل القانون لا ثبات عكسها إثبات واقعة التدليس في الحصول على الحيازة المادية .

الفرع الثاني: مجال عمل القرينة القانونية غير القاطعة

يختلف مجال عملها باختلاف الدافع إلى تقريرها من طرف المشرع، فهي إما تقيم وقائع تتعلق بالمسؤولية المدنية تسهيلا لإثبات ركن من أركانها و إما يقيمها مقام الشرط في عمل القاعدة الموضوعية ،و يكون دورها هو مجرد الاستدلال مؤقتا على صحة الوضع القائم بناءًا على الافتراض المحض و استصحاب الأصل، لهذا قسمها الفقه إلى قسمين :

أولاً : قرائن تقوم على أساس الافتراض الأولي السابق.

و هي التي يقيمها المشرع بناءا على عمل افتراضي محض لما يجب أن يكون في الواقع بحكم أصل وظيفة الأشياء و مثال ذلك تقرير الملكية في حيازة المنقول استناداً إلى المادة 835 قانون مدني و التي استخلصها من ظاهرة الحيازة فالأصل أن الحائز للمنقول يفترض انه هو المالك فيقيم المشرع هذا الأصل لحماية التصرف باعتباره مظهرا للملكية .

ثانياً : القرائن المستقلة عن تطبيق القاعدة القانونية .

و هي التي أقامها المشرع بناءاً على اعتبارات واقعية أساسها فكرة الاحتمال الراجح الوقوع دون تعلقها بقاعدة موضوعية بموجبها يتحول الإثبات من الواقعة المتنازع عليها إلى واقعة أخرى قريبة منها و تجعل من ثبوتها ثبوت واقعة النزاع، و مثال ذلك قرينة الخطأ المنصوص عليها في المادة 140 من قانون مدني التي تقوم على أساس واقعة تهدم البناء و لو جزئيا تفترض في الواقع أن المالك قد قصر في صيانته أو تراخى في ترميمه و هذه الواقعة تكفي و حدها للدلالة على خطأ المالك الذي تقوم مسؤوليته .

المطلب الثاني : إثبات عكس القرينة القانونية غير القاطعة .

إن التطرق لكيفية إثبات عكس القرينة القانونية غير القاطعة يتطلب معرفة محل إثبات العكس فيها ثم الوسائل المقبولة قانونا لذلك .

الفرع الأول : محل إثبات العكس في القرينة القانونية غير القاطعة .

بما أن القرينة القانونية تقوم على صفة العموم و التجريد باعتبارها مقررة بنص قانوني فإنها تتميز بطبيعة خاصة في إثبات العكس فليس لمن يريد إثبات عكسها إلا الخيار بين :

-أن ينفي تحقق شرط القرينة القانونية غير القاطعة بنفيه الواقعة البديلة التي ارتبطت بها القرينة سواء بعدم قيامها أصلا أو أنها مشوبة بعيوب تجعلها غير منتجة في نظر القانون .

-أو أن يثبت عكس النتيجة المقررة في القرينة ذاتها و ذلك بإثبات عدم التطابق بين ما تقرره القرينة مع ما هو حاصل فعلا في الواقع .

الفرع الثاني : أدلة إثبات عكس القرينة القانونية غير القاطعة

لاشك في أن القرينة القانونية غير القاطعة يمكن إثبات عكسها بدليل ذي قوة مطلقة، فيمكن إثبات العكس بإقرار من تقررت القرينة لمصلحته أو بنكوله عن اليمين، كما يمكن أن يثبت عكسها بالكتابة أو بمبدأ ثبوت بالكتابة معززة بالبينة أو القرائن القضائية ،و إذا استحال الحصول على الكتابة أو استحال تقديمها بعد الحصول عليها فيثبت عكسها بشهادة الشهود أو بالقرائن القضائية ([58]) و مثال ذلك انه إذا كانت القرينة القانونية مستفادة من ورقة مكتوبة كالمخالصة بقسط الأجرة اللاحق و هي قرينة على الوفاء بالقسط السابق و استخدمت في إثبات تصرف لا يزيد قيمته عن مئة ألف دينار فانه يمكن إثبات عكس القرينة بالبينة و ليس هذا إثبات لعكس ما هو مكتوب بل هو إثبات لعكس القرينة المستفادة من المكتوب .

أما إذا كانت القرينة القانونية قد استخدمت في إثبات تصرف قانوني يزيد قيمته عن مئة ألف دينار فانه لا يجوز إثبات عكسها إلا بالكتابة أو الإقرار أو اليمين الحاسمة .

المطلب الثالث : دور القاضي و سلطته في الإثبات بالقرينة القانونية غير القاطعة.

الفرع الأول :دور القاضي في تطبيق القرينة القانونية غير القاطعة .

القرينة القانونية ملزمة للقاضي و ليس له أي سلطة لتقدير حجيتها و ذلك لأنها مقررة بنص القانون الذي يبين شروط انطباقها ،فمتى توفرت هذه الشروط التزم القاضي بالأخذ بدلالتها و لان الشروط التي تقوم عليها القرينة تتعلق بإثبات الواقعة البديلة و وسائلها فان هذه الوسائل القانونية يخضع فيها قاضي الموضوع لرقابة المحكمة العليا .

لكن على الرغم من أن دور القاضي يقتصر فقط علي التحقق من ثبوت الواقعة التي ربط بها المشرع القرينة القانونية ،فهذا لا يمنعه من استخدام سلطته التقديرية بغرض الوصول إلى الحقيقة ,كأن يستخلص من وقائع النزاع عنصر من عناصرها لكن بشرط أن تكون هذه الواقعة قابلة للإثبات بالقرائن القضائية وفقا للقواعد العامة في مجال الإثبات مثلا قرينة الوفاء ببدل الإيجار المنصوص عليها في المادة 499 قانون مدني و التي اشترط المشرع لقيامها إثبات واقعة بديلة و هي دفع المستأجر لبدل إيجار لاحق، فهنا لا يوجد ما يمنع القاضي من أن يستخلص من واقعة ما في الدعوى قرينة قضائية يستدل بها على ثبوت وفاء المستأجر بأجرة المدة السابقة و ليس هذا تعدي على حجية القرينة القانونية و ليس توسعا في تفسيرها ،و إنما يدخل في صميم الدور المنوط به للتحقيق في ثبوت الواقعة البديلة التي قررها المشرع و جعل دلالتها ثابتة .

الفرع الثاني : دور القاضي في إثبات عكس القرينة القانونية غير القاطعة .

أعطى المشرع للقرينة القانونية غير القاطعة حجية بسيطة في الإثبات ،بحيث تقبل إثبات العكس في جميع الحالات التي لا تكون فيها مطابقة لواقع النزاع و تقدير ثبوت عكس القرينة من عدمه من الأمور الموضوعية التي يرجع تقديرها لسلطة قضاة الموضوع دون تعقيب عليهم من المحكمة العليا، مادام تقديرهم مؤسس على أسباب موضوعية سائغة و مبررة، فإذا توصل القاضي بناءاً على سلطته التقديرية إلى اعتبار أن الوقائع التي يحتج بها الخصم لا تمثل مبررا كافيا لإسقاط حجية قرينة المسؤولية التي تثبت ضده فإن له كامل الحرية أن يرفض دفوع الخصم الذي يحتج بالقرينة من اجل دفع قرينة المسؤولية بعد تحري بناءا على سلطته التقديرية بعدم توفر شروط القوة القاهرة ([59]) ،أما إذا اقتنع القاضي بما قدمه الخصم من دفوع و استخلص منها بما له من سلطة

وقائع يرى بأنها تنطوي على حجية تفوق حجية القرينة فلا يكون أمامه مانع أن يقر ثبوت عكس القرينة و يرفض من ثم الحكم على أساسها من دون أن يعرض حكمه للنقض مادام سبب حكمه تسبيبا كافيا ([60])

وسلطة القاضي التقديرية في إثبات عكس القرينة القانونية غير القاطعة يختلف بحسب نوع القرينة ،فإذا كانت القرينة غير القاطعة بسيطة فللقاضي استعمال سلطته التقديرية في جميع الوقائع التي يدفع بها الخصم ،كما يجوز له أن يأخذ بالواقعة التي اقتنع بها متى اقتنع بأنها منتجة في الدعوى و كافية لإثبات عكس القرينة، كما له أن يستبعدها جميعا متى توصل إلى نتيجة و أن حجيتها لا تصل إلى درجة حجب القرينة ،أما في القرينة غير القاطعة النسبية فدور القاضي في إثبات عكسها محدود لأن المشرع حدد فيها محل إثبات العكس كما هو الشأن في قرينة العلاقة السببية بين الخطأ و الضرر حيث يلتزم القاضي في تحريه حدود التأكد من مدى ثبوت الوقائع التي تمثل حالة من حالات السبب الأجنبي و هذه المسائل قانونية يخضع فيها القاضي لرقابة المحكمة العليا.

[1] - د / يحي بكوش ,أدلة الإثبات في القانون المدني الجزائري والفقه الإسلامي ,المؤسسة الوطنية للكتاب ,الطبعة 02 ,الجزائر,ص :71

[2] - د/ محمد حسن قاسم ,قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية ,منشورات الحلبي الحقوقية ,بيروت لبنان ,ص :139 .

[3]- د/ محمد زهدور ,الوجيز في طرق الإثبات المدنية في التشريع الجزائري ,طبعة 1991 ,ص :27 .

[4] - د /عبد الرزاق السنهوري ,الوسيط في شرح القانون المدني ,الجزء الثاني,دار إحياء التراث العربي ,بيروت لبنان ,ص :143 .

[5] - د/ ملزي عبد الرحمن , المرجع السابق,ص :14 .

[6] - قرار المحكمة العليا رقم :190514 المؤرخ في : 29/03/2000 ,المجلة القضائية لسنة 2000 ,العدد 01 ,ص : 154

[7] - قرار رقم :60264 المؤرخ في :27/09/2000 ,الإجتهاد القضائي في الغرفة العقارية ,الجزء 02 , لسنة 2004 , ص : 139

[8]- د/ ملزي عبد الرحمن، المرجع السابق ، ص 15

[9] - د / يحي بكوش , المرجع السابق ,ص :122 .

[10] - د / ملزي عبد الرحمن ,نفس المرجع السابق , ص : 16 .

[11] - يرى الأستاذ ملزي عبد الرحمن أنه قد تعتبر في دعوى أخرى بداية ثبوت بالكتابة فيكملها القاضي بالشهادة ,نفس المرجع , ص: 16 ,عكس ما ذهب إليه بعض الفقهاء المصريين كالأستاذ عبد الرزاق السنهوري نفس المرجع ص 170 و 171 والأستاذ رمضان أبو السعود نفس المرجع ص127 في عدم جواز إعتبارها مبدأ ثبوت بالكتابة .

[12] - د /يحي بكوش ,المرجع السابق , ص 114 ,في المعنى د/ عبد الرحمن ملزي ،المرجع السابق ص 13 .

[13] - د/ رمضان أبو السعود ,أصول الإثبات في المواد المدنية و التجارية ،الدار الجامعية ،بيروت لبنان ،1994 ,ص 130 و 131 .

[14] - د / يحي بكوش , المرجع السابق , ص 126 .

[15] - د / عبد الرحمن ملزي, المرجع السابق,ص 17 .

[16] - د / محمد حسن قاسم , المرجع السابق ص 159 .

[17] - د / احمد أبو الوفاء ,الإثبات في المواد المدنية والتجارية , الدار الجامعية للطباعة والنشر ,سنة 1983 , ص 93 .

[18] - القرار رقم 45658 المؤرخ في 07/12/1987 ,المجلة القضائية 1990 ,العدد 04 ,ص 61 و القرار رقم 53931 المؤرخ في 28/05/1990 ,المجلة القضائية لسنة 1992 , العدد 01 , ص 99 .

[19] -د/ محمد حسين منصور ,قانون الإثبات وطرقه , ص 89

[20] - د/ أحمد أبو الوفاء ,مرجع سابق ,ص 94 .

[21] - د/ عبد الرحمن ملزي ، مرجع سابق , ص 23

[22] - د / يحي بكوش ,مرجع سابق , ص 153

[23] - د/ عبد الرحمن ملزي, مرجع سابق, ص27.

[24] - د /عبد الرزاق السنهوري , مرجع سابق , ص 277

[25] - د / محمد حسن قاسم , المرجع السابق ص 287 .

[26] - د / محمد حسن قاسم , المرجع السابق ص 202 .

[27] - د / محمد حسين منصور , المرجع السابق ص 118 .

[28] - د / محمد حسن قاسم , المرجع السابق ص 147 و 148 .

[29] - " الأونيسترال " اختصار لتسميتها باللغة الإنجليزية :

UNITED NATION COMMISSION ON INTERNATIONAL TREADE LAW. –

أما باللغة الفرنسية فتسمى:

Commission de Notions Unies pour le droit commercial international ( C N U D C I ) .-

[30] - د / نعيم مغبغب ,حماية برامج الكومبيوتر ,منشورات الحلبي الحقوقية ,بيروت, لبنان, سنة 2006 .

[31] - مستخلص من نصوص المواد 8 ,9 ,10 من القانون النموذجي المتعلق بالتجارة الإلكترونية للأونيسترال .

[32] - د / علاء محمد النصيرات ,حجية التوقيع الإلكتروني في الإثبات ,دار الثقافة ،عمان ،الاردن ,الطبعة الأولى , ص 30 .

[33] - منير محمد الجنبيهي , ممدوح محمد الجنبيهي ,الطبيعة القانونية للعقد الإلكتروني ,دار الفكر الجامعي ،ص 194

[34] - د/ محمد بودالي ,التوقيع الإلكتروني ,مجلة إدارة ,العدد الثاني ,سنة 2003 ، ص 55 .

[35]ـ تتعدد صور التوقيع الإلكتروني ومنها :

ـ التوقيع البيومتري : و الذي يقوم على التحقق من المتعامل بالاعتماد على الصفات الجسمية كبصمة الإصبع، قزحية العين، بصمة الكف ، نبرة الصوت

ـ التوقيع بالقلم الالكتروني : ويتم ذلك باستعمال قلم حساس خاص على شاشة الحاسب الآلي عن طريق برنامج معين و يقوم ها البرنامج بالتقاط التوقيع وتخزينه ليتم فيما بعد مقارنة التوقيع المخزن بالتوقيع الموجود على المحرر

ـ التوقيع بالرقم السري: ويستعمل هذا التوقيع في البطاقات البلاستيكية الممغنطة

ـ التوقيع الرقمي أو المشفر: ويعتمد على قيام الكمبيوتر بتحويل رسالة البيانات إلى أرقام و يقسم إلى نوعين تشفير متماثل يقوم على فكرة رقم سري معلوم بين الطرفين وتشفير غير متماثل والذي يعتمد على زوج من المفاتيح عام وخاص الأول معلوم للكل والثاني معلوم فقط لصاحبه والي يحتفظ به سرًا

[36] - عكس فرنسا التي حسمت هذه الإشكالية بصدور المرسومين الذين يسمحان بإبرام العقود التي تطلب الكتابة الرسمية في الشكل الإلكتروني .

المرسوم رقم :972-2005 المتعلق بالمحضرين القضائيين والمرسوم رقم : 973 – 2005 المتعلق بالموثقين .

[37]ـ الفرق بين التوقيع الالكتروني العادي والمتقدم أن الأول يشترط فيه فقط أن يكون مميز وقادر على تحديد الموقع أما الثاني يشترط فيه أن تكون التقنية المستعملة جديرة بالحماية و ضمان سريته من صاحب التوقيع مع إمكانية اكتشاف كل تغيير أو تحريف استنادا إلى شهادة توثيق معتمدة

[38] - د / ثروت عبد الحميد ,التوقيع الإلكتروني ,دار الجامعة الجديدة ,الازاريطة ,مصر, 2007 ,ص 163.

[39] - د / سامي بديع منصور ,الإثبات الإلكتروني في القانون اللبناني ,الجزء الأول ,منشورات الحلبي الحقوقية ,بيروت لبنان , طبعة 2004 , ص 360 .

[40] - قضية شركة CREDICAS التي فتحت ائتمان للسيدة P.BISSON أمام محكمة SETE .

[41] - د / محمد حسن قاسم , المرجع السابق، ص364.

[42] - د /عبد الرزاق السنهوري , مرجع سابق , ص474.

[43] - د / يحي بكوش ,مرجع سابق , ص 267.

[44] -- د / محمد حسن قاسم , المرجع السابق، ص 370 و37 .

[45] - د /عبد الرزاق السنهوري , مرجع سابق , ص484.

[46]- د/ سليمان مرقس ، الوافي في شرح القانون المدني، أصول الإثبات وإجراءاته في المواد المدنية، الجزء الخامس، دار الكتاب الحديث،1991، ص 605.

[47]- د /عبد الرزاق السنهوري , مرجع سابق , ص492.

[48] - د /عبد الرزاق السنهوري , مرجع سابق , ص492.

[49] -القرار رقم 49562 المؤرخ في 07/12/1988، المجلة القضائية ،العدد الثاني لسنة 1990، ص38.

[50] - د /عبد الرزاق السنهوري , مرجع سابق , ص499.

[51] -هناك من يرى بأن أثر الإقرار ينصرف إلى الخلف الخاص فيما يتعلق بالحق الذي انتقل إليه أنظر في ذلك الأستاذ محمد حسن قاسم المرجع السابق

صفحة 369.

[52] - د/ محمد حسن قاسم ,المرجع السابق، صفحة 369.

[53] -القرار رقم 25311 المؤرخ في 12/05/1982 المجلة القضائية لسنة 1989 ،العدد الثاني، ص 30.

[54] -القرار رقم 40402 المؤرخ في 17/06/1987,المجلة القضائية لسنة 1990، العدد الرابع.

[55] - د / يحي بكوش ,مرجع سابق , ص 335.

[56] - د / محمد حسن قاسم ,المرجع السابق، صفحة346.

[57] - د /عبد الرزاق السنهوري , مرجع سابق , ص629.

[58] - د /عبد الرزاق السنهوري , مرجع سابق , ص626.

[59] -قرار المحكمة العليا ملف رقم 53010 الصادر بتاريخ 25/05/1998،المجلة القضائية لسنة 1998 ،العدد الثاني، ص 11.

[60] - د / يحي بكوش ,مرجع سابق , ص 370.

مواضيع مختارة

شاركنا بتعليقك...

التعليقات



، اشترك معنا ليصلك جديد الموقع اول ً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

احصائيات الموقع

12,046,513 عدد المقالات 13291 عدد التعليقات 327

جميع الحقوق محفوظة

علوم قانونية وادارية

2010-2019