-->
علوم قانونية وادارية علوم قانونية وادارية

اخر المواضيع

جاري التحميل ...

واقع وأفاق مدونة الشغل

مقدمة:
لازالت طبقة الأجراء في العصر  الحاضر كما في العصر القديم تلعب دورا بارزا وأساسيا في النهوض بالحياة الاقتصادية للمجتمع وتنمية موارده الطبيعية وتطويرها وخلق رواج اقتصادي وتبادل تجاري على الصعيدين الداخلي والخارجي وذلك داخل مجتمع يخيم عليه الاستقرار السياسي ضمن إطار ديمقراطي تسوده العدالة الاجتماعية المتوازنة التي تراعي جميع حقوق الأطراف. وحتى تؤدي هذه الطبقة دورها المنوط بها كاملا، لابد من أن يتوفر مناخ العمل وأن تطمئن على مستقبل أبناءها المادي والمعنوي وهذا لن يتأتى إلا بوجود قواعد قانونية جيدة وآمرة وأنظمة عادلة تضمن المصالح المشتركة للعامل والمشغل.
وفي هذا الإطار خرجت مدونة الشغل إلى حيز الوجود بمقتضى الظهير الشريف رقم 194-03-01 في تاريخ 11 شتنبر 2003، والتي جاءت نتيجة العديد من التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي عرفها عالمنا اليوم والهدف منها هو جمع شتات النصوص القانونية المنظمة للشغل. بالإضافة إلى إقامة علاقة جديدة بين الأجير والمؤاجر تنبني على العدل والمساواة وصيانة حقوق كلا الطرفين من أجل استقرار الشغل وديمومته وخلق توازن بين مصلحة المؤسسة والأجير انطلاقا من قوله تعالى:" ولو لا دفاع الله للناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض". وذلك كله من أجل الدفع بعجلة المجتمع للرقي الاقتصادي وتحقيق العدالة الاجتماعية والتقدم الاقتصادي والسلم الاجتماعي في إطار عقد شغل مبني على أسس صحيحة ومتينة سواء أبرم لمدة من الزمن (العقد المحدد المدة) أو أبرم دون تعيين مدة محددة ( العقد غير محدد المدة) بحيث يقوم الأجير بما عليه ويخضع لتوجيه مشغله مقابل أن يؤدي هذا الأخير أجرة هذا العمل.
فإلى أي حد استطاع المشرع المغربي ومعه القضاء  تنزيل مقتضيات مدونة الشغل على أرض الواقع؟ هذا ما سنجيب عنه وفق التقسيم التالي:
المبحث الأول: واقع مدونة الشغل
المبحث الثاني: أسباب عدم تطبيق مدونة الشغل.









المبحث الأول: واقع مدونة الشغل
من أجل رصد واقع مدونة الشغل سوف يتم الاقتصار على أهم النقط التي تجسد هذا الواقع حيث سيتم التطرق إلى واقع مدونة الشغل على مستوى الحقوق الشخصية للأجير (مطلب أول) على أن تنهى هذا المبحث ببيان واقع مدونة الشغل على مستوى تفتيش الشغل (مطلب ثاني).
المطلب الأول:واقع مدونة الشغل على مستوى الحقوق الشخصية للأجير
من أجل الوقوف على واقع مدونة الشغل على مستوى الحقوق الشخصية للأجير سوف تتم ملامسة هذا الواقع من خلال إبرام عقود الشغل ( فقرة أولى) وكذلك من خلال رصد البينة الهيكلية للمقاولة المغربية ( فقرة ثانية).
الفقرة الأولى: واقع مدونة الشغل على مستوى إبرام عقد الشغل
يعتبر عقد الشغل من العقود الرضائية بمعنى أنه لا حاجة  لكتابة هذا العقد فمدونة الشغل تشير صراحة أن الأصل هو عدم كتابة عقد الشغل.
فعقد الشغل في إبرام يكون خاضعا للقواعد العامة المتعلقة بالعقود، والتي تتم وفقا للمبادئ التقليدي للقانون المدني[1].
وهو ما أكدته المادة 15 من مدونة الشغل وحسب المادة 18 من قانون الشغل تنص بأنه إذا كان عقد الشغل ثابتا بالكتابة أعفي من رسوم التسجيل وفي ذلك إمكانية وجود العقد الشفوي.
وعلى مستوى الواقع نجد أن معظم عقود الشغل هي عقود شفوية، ولذلك  أصبحنا نتحدث عن علاقة الشغل وليس عن عقد الشغل بحيث نجد أن الفئة من الإجراء التي تبرم عقود الشغل هم الأطر وذلك من أجل تضمين هذا العقد مجموعة من الامتيازات تفوق مدونة الشغل باعتبارها حدا أدنى للحقوق.
فالعقد الشفوي يثير عدة ترددات بشأن مدى الالتزامات المتبادلة لطرفي العقد، لأنه لا يسمح  للأجير بمعرفة العديد من المقتضيات التي تؤطر عمله بالأجر، وكذلك منصب الشغل، بالإضافة إلى أن العقد الشفوي لا يشكل عنصر ضمان ووقاية ضد سلطة المشغل وعليه فإن أغلبية العقود المبرمة بين المشغلين والأجراء هي عقود شفوية تعتمد في تنفيذها وإنهائها على القواعد العامة لقانون الشغل، والاتفاقية الجماعية إن وجدت، وكذلك النظام الداخلي والعرف[2].
فعقد الشغل يثير أثناء سريانه أو عند إنهائه عدة صعوبات تتمثل في معرفة القواعد الواجب احترامها من جانب الطرفين، أي صحة أقوالهما عند عرض النزاع أمام المحكمة فقد يدعي كل منهما تفسيرا خاصا للعقد، و بالطريقة التي يراها أكثر فائدة وملائمة بالنسبة له، لأنه لا تخفى علينا صعوبة إثبات العلاقة، وبالطريقة التي يراها أكثر فائدة وملائمة بالنسبة له، لأنه لا تخفى علينا صعوبة إثبات العلاقة الشغلية حين إنكارها من طرف المشغل.
فثبوت العلاقة الشغلية يضمن عدة فوائد للأجير من حساب الأجر، وإثباته وكذا العطل المؤدى عنها بالإضافة إلى التعويضات عن الإنهاء.
فإقرار العلاقة الشغلية لا يعني إقرار المشغل بامتيازات التي قد يدعيها الأجير من مكافحات وعلاوات.... أيضا مما يرتبط كذلك بإبرام عقود الشعل  وهو إشكالية التمييز العنصري في الشغل.
كذلك رغم أن مدونة الشغل تؤكد في ديباجتها بأن "لكل شخص الحق في شغل يناسب حالته الصحية ومؤهلاته ومهارته"، كما أن المادة التاسعة من المدونة ذاتها تمنع بشكل جلي "كل تمييز بين الأجراء من حيث السلالة أو اللون أو الجنس أو الإعاقة أو الحالة الزوجية أو العقيدة أو الرأي السياسي أو الانتماء النقابي أو الأصل الوطني أو الأصل الاجتماعي، يكون من شأنه خرق أو تحريف مبدأ تكافؤ الفرص أو عدم المعاملة بالمثل في مجال التشغيل أو تعاطي مهنة، لاسيما فيما يتعلق بالاستخدام وإدارة الشغل وتوزيعه والتكوين المهني والأجر والترقية والاستفادة من الامتيازات الاجتماعية والتدابير التأديبية والفصل من الشغل". فيما تحدد المادة الثانية عشرة من المدونة غرامات مالية تتراوح بين 150.000 درهم و 30.00 درهم بالنسبة إلى المشغل الذي يخالف أحكام المادة التاسعة. لكن على مستوى الواقع يظل التمييز العنصري في الشغل بمنأى عن أي مساءلة أو عقاب. كما يقول عمر أوسي، المحامي بهيئة الدار البيضاء، إلى أن " مدونة الشغل رغم كونها نصت على منع التمييز في الشغل وأفردت له عقوبات خاصة، يصحب في الواقع العملي إثبات ارتكاب هذا الفعل لأن ذلك يتطلب وجود أدلة مادية لوقوعه، وهذا الأمر يصعب توفره في مثل هذه الحالات وهو ما يفسر غياب حالات ملموسة معروضة على المحاكم في هذا المجال". نفس المشكل ألمح إليه أحد مفتشي الشغل (أفضل عدم ذكر اسمه)، إذ أرجع صعوبة تحديد حالات التمييز العنصر في الشغل إلى عدم توفر أبحاث في هذا المجال، مثلما يحدث في دول أخرى، ويضيف مفتش الشغل" نحن بحاجة إلى أبحاث وأرقام للوقوف بشكل جلي على واقع التمييز العنصري في الشغل، وهذا غير متوفر الآن رغم ذلك لا يمكن إنكار وجود مثل هذه الحالات ببعض الشركات والمؤسسات الخاصة".
غياب الإحصائيات والأبحاث حول التمييز العنصري في الشغل تؤكده أيضا عزيزة البقالي، الأمينة العامة لمنظمة تجديد الوعي النسائي، غير أن ذلك لم يمنع مفتش الشغل من حصر هذه الحالات في ثلاثة أشكال هي: التمييز الجنسي، الإعاقة، والانتماء النقابي، على مستوى التمييز الجنسي، يوضح المصدر ذاته أن بعض المشغلين يفضلون تشغيل الذكور على الإناث  حتى لو كانت الأنثى تتوفر على كفاءة مهنية ومستوى معرفي في مجال اشتغالها، قبل أن يوضح بأن هذا النوع من التمييز لا يظهر في الصورة بشكل جلي، وبخصوص الإعاقة يرى مفتش الشغل أن الإنسان في وضعية إعاقة مادام قادرا على العمل مثل الإنسان السوي، فلا مانع يحول دون تشغيله، أما فيما يخص الانتماء النقابي فيوضح المصدر نفسه أن " بعض الباطرونا يرون بأن العمل النقابي يضرب بالسير العادي للعمل لذلك يجنح الكثيرون منهم إلى التضييق على النقابيين ووضعهم في خانة خاصة، حيث يتم إقصاؤهم أو عدم تمتيعهم بصلاحيات أو زيادات أو ما شابه ذلك، عقابا لهم على انتمائهم النقابي.
وبالنسبة لتقييد المشغل في اختيار الإجراء قيدت المادة 507 من مدونة الشغل حرية المشغل في إبرام عقد الشغل مع من يحتاج إليهم من الأجراء بمنعه من مراعاة أي عنصر آخر غير ما يتوفر عليه طالبوا الشغل من مؤهلات وما لديهم من خبرات وتزكيات مهنية، إلا أن ذلك في واقع الأمر يبقى رهينا بقبول المشغل أو رفضه ذلك فهذا الأخير حر في  اختيار الأجراء وتشغيلهم سواء تم هذا التشغيل بطريقة مباشرة، حيث تلعب العلاقات الشخصية دورا بارزا في هذا الميدان، ذلك أن المشغل قد يعمد إلى تشغيل الأجير مباشرة بعد محادثته والاتفاق معه على كل شروط العقد.
ومن جهة أخرى فاعتمادا على مبدأ سلطان الإرادة فعقد الشغل يمكن أن يتضمن العديد من الشروط
فالأجير  والمشغل يمكنهما تضمين العقد ما شاءوا من الشروط إلا أن الواقع يبين أن المشغل هو الذي يملك الحرية في تضمين العقد ما شاء من الشروط، فعقد الشغل في حقيقته عقد إذعان لأن المشغل يعتبر الطرف القوي في العلاقة، وبالتالي يجعله يملي على الأجير ما يريد من شروط، والأجير بسبب ضعفه الاقتصادي لا يبقى أمامه إلا الاذعان لهذه الشروط وذلك راجع إلى العديد من العوامل والأسباب أذكر على سبيل المثال لا الحصر قلة مناصب الشغل وتفشي ظاهرة البطالة.
أما فيما يخص الأجر محل التزام المشغل فالمادة 345 مدونة  الشغل نصت على أن الأجر يحدد بحرية باتفاق الطرفين مباشرة أو بمقتضى اتفاقية شغل جماعية مع مراعاة الأحكام القانونية المتعلق بالحد الأدنى القانوني للأجر،  فالمشغل يمكن تحديد مقدار الأجر باتفاق مع الأجير إلا أن الواقع العملي عكس ذلك فغالبا ما يقوم المشغل بتحديد هذا الأجر بصفة منفردة ليبقى للأجر الحرية في قبوله أو رفضه كما أن المشغل هو الذي يتولى تحديد مكان أداء الآجر وميعاد ذلك.
الفقرة الثانية: واقع المقاولة المغربية
إن الحديث عن واقع المقاولة المغربية يقتضي منا الوقوف على البنية الهيكلية للمقاولات بالمغرب لمعرفة ما إذا كانت هذه المقاولات مؤهلة ولها الإمكانيات المالية والاقتصادية لتطبيق مدونة الشغل باعتبارها حدا أدنى للحقوق.
في هذا الإطار تقر وزارة التشغيل وتعترف بأن نسبة المقاولات التي تحترم بنود مدونة الشغل لا تتجاوز 10% فقط وهي مقاولات كبرى تطبق مدونة الشغل وتجتهد في إعطاء الحقوق والامتيازات بمفهوم المخالف أن 90%من المقاولات المغربية هي مقاولات لا تسمح إمكانياتها الذاتية باحترام بنود مدونة الشغل منها 55%مقاولات عائلية و35%مقاولات متوسطة.
بصفة عامة يمكن القول على أن الحقوق والامتيازات التي جاءت بها مدونة الشغل تبقى رهينة بمدة تقدم وازدهار المقاولة.
و ما يؤكد إحساس المشرع المغربي وتخوفه على عدم تطبيق مدونة الشغل هو إقراره لثلاث حدود دنيا للأجر إذ نجد أنه وضع حدا أدنى للأجر في القطاع الصناعي وحد أدنى للأجر في القطاع الفلاحي وحد أدنى للأجور في قطاع النسيج. وبمعنى أن المشرع المغربي يعي جيدا أن المقاولات المغربية ليست كلها بنفس الازدهار وأن إقرار حد أدنى واحد للأجر قد لا يتلاءم مع جميع إمكانيات المقاولات المغربية وهذا كان دافعا بالنسباة للمشرع المغربي لإقرار ثلاث حدود دنيا للأجر تستجيب لحاجيات كل قطاع على حدة بصفة عامة يمكن القول إن المشرع المغربي وكأنه يحاول إيجاد قواعد تضفي المرونة على مدونة الشغل حتى تجد لها تطبيقا على مستوى الواقع.
أما فيما يخص واقع مدونة الشغل فيما يتعلق بحرية الأجير داخل المقاولة المغربية نجد انعكاسات المعلوميات التي تمس بالأجير من خلال الآليات المعلوماتية التي تراقب تحركات وتحد من حريته، ومن خلال استطلاع نصوص مدونة الشغل يمكننا القول أن المشرع المغربي لم يضع أي نص خاص بحماية الأجير في مواجهة هذه التقنيات.
وذلك على نقيض المشرع الفرنسي، الذي قام بتخصيص فصول ضمن مدونة الشغل، والتي تهدف مقتضياتها إلى وضع ضوابط محددة للاستعمال أجهزة المراقبة، فالفقرة الثانية من الفصل 120 من مدونة الشغل الفرنسية تقصر استعمال هذه التقنية على المؤسسات التي تفرض طبيعة نشاطها ذلك.
 كما أن الفصل 121 في الفقرة الثامنة منه، يلزم المشغل بإعلام الأجير بوضع هذه الأجهزة بالمؤسسة، كما يعطي الأجير الحق في مشاهدة الأشرطة التي يظهر فيها، وكذا الاستماع إلى مكالماته المسجلة زيادة على القيام بإتلافها عند مدة معينة.
وبناء على الفصول المبينة أعلاه، فإن القضاء الفرنسي، اعتبر استعمال هذه التقنيات بكيفية سرية، يشكل انتهاكا لحرية الأجراء، بحيث أن محكمة النقض الفرنسية ذهبت في قرارها الصادر في 20 نونبر 1991 إلى أنه إذا كان للمؤجر الحق في مراقبة الأجير أثناء أدائه لعمله فإن كل تسجيل بالصورة أو الصوت مهما كانت أسبابه، إذا تم بغير علم الأجير يعتبر دليلا غير مشروع، وبناء على ذلك رفضت المحكمة الأخذ بشريط  الفيديو الذي تقدم به رب العمل لإثبات واقعة السرقة بطريقة غير مشروعة.
وهكذا فإنه كان ينبغي على المشرع المغربي أن يضع نصا ضمن مدونة الشغل يقضي بمنع تسجيل كلام الشخص المستخدم أو تصويره ما لم يكن ذلك ضروريا في تنظيم الشغل أو إعادة  تنظميه، شريطة حصول رضا المعني بالأمر، كما ينبغي إعطاء الأجير حق مشاهدة الأشرطة وكذا الاستماع إلى مكالماته المسجلة.
وفي انتظار تدخل المشرع ينبغي على القضاء أن يتخذ المبادرة من أجل ضمان حماية فعالة للأجير، خصوصا وأن هناك مقتضيات عامة في القانون المغربي، تحيز له هذا التدخل.
فبالإضافة إلى الدستور الذي ينص في دباجته على التزام المغرب بما تقتضيه المواثيق الدولية من مبادئ وحقوق وواجبات، وتأكيده على تشبته بحقوق الإنسان كما هو متعارف عليها عالميا.
وزيادة على ما ورد في الفصل الحادي عشر من الدستور، الذي ينص على ضرورة منع انتهاك سرية المراسلات.
نجد أن المسطرة الجنائية الجديدة، جاءت بمقتضى جد مهم، من شأن الاعتماد عليه ضمان حماية فعالة لحق الأجير في الحرية الشخصية، خصوصا إذا وجد تم توفير قضاة لهم رغبة حقيقية في حماية الأجير، وهذا المقتضى هو المتمثل في المادة 108، التي تنص على ما يلي:"يمنع التقاط المكالمات الهاتفية أو الاتصالات المنجزة بوسائل الاتصال عن بعد وتسجيلها أو أخذ نسخ منه أو حجزها".
فالصيغة العامة لهذا النص تسمح للقاضي المغربي، بتطبيقه كلما رأى أن الإجراء الذي يتخذه المشغل يشكل مساسا بالحرية والحياة الخاصة للأجير.
كذلك تلاعبات تتجلى في كون العديد من المشغلين يعمدون إلى عدم  التصريح بالأجراء رغم أن مدونة الشغل تفرد جزاءات على عدم  التصريح بالأجراء، وحتى إذا تم التصريح فإنه لا يشمل جميع الأجراء الذين يشتغلون بالمقاولة على اعتبار أنه المشغل إذا تجاوز التصريح بأكثر من 50 أجير سيكون ملزما بإحداث لجنة المقاولة طبيب الشغل لجنة الصحة والسلامة.
المطلب الثاني: واقع تفتيش الشغل
لمعالجة واقع تفتيش الشغل ينبغي التطرق إلى الحجية الثبوتية لمحاضر مفتش الشغل( فقرة أولى) على أن نقوم باختتام هذا المطلب ببيان واقع تفتيش الشغل على مستوى علاقته بالقضاء الاجتماعي (فقرة ثانية).
الفقرة الأولى: الحجية التبوثية لمحاضر مفتش الشغل
 على الرغم من كون المحضر الذي يحرره مفتش الشغل باعتباره موظفا عموميا مختصا يعتبر بأنه دليلا رسميا كتابيا لا يمكن الطعن في مضمونه من حيث المبدأ إلا عن طريق دعوى الزور، فإن الواقع العملي يبين بأن القضاء يتعامل مع محاضر مفتش  الشغل على أنها مجرد بيان عادي وكذا التعامل مع تلك المحاضر بعدم الجدية من طرف القضاء حيث يتم إرجاعها إلى المندوبية الإقليمية لوزارة التشغيل وبعد مدة من إحالتها.
وفي انتظار منح حجية تبوثية لمحاضر تفتيش الشغل فلا يطعن فيها إلا بالزور كما أقر بذلك المشرع  الجزائري[3].
فإذا كانت مدونة الشغل جاءت بمستجد الإحالة المباشرة لمحاضر مفتش الشغل على القضاء فإن هذا المستجد لا يعدو أن يكون سوى تغيير جهاز بآخر وهو تغيير.....
والملاحظ أنه عدد المحاضر شهد تراجعا خلال إحصائيـات سنة 2005-2006 على المستوى الوطني الشيء الذي يكـرس أن علاقة التشـارك بين جهاز تفتيش الشغل والقضاء الاجتماعي لم تحقق الهدف منها بعد[4].
الفقرة الثانية: علاقة مفتش الشغل بالقضاء الاجتماعي
إن ما يمكن الإشارة إليه بداية وهو أن هناك مسألة أثارت إشكالا في إطار علاقة مفتش الشغل بالقضاء الاجتماعي، تتمثل في كون النيابة العامة تعمد إلى تكليف الضابطة القضائية باستدعاء مفتش الشغل بصفته شاهدا، إذ يجب عليه أداء اليمين قبل الإدلاء بشهادته، الشيء الذي تم رفضه من قبل مفتشوا الشغل لأن في ذلك انتقاص من قيمتهم على أساس أنهم موظفين محلفين، وبالتالي فمفتش الشغل ليس شخصيا عاديا لكي يقوم بأداء اليمين عند الإدلاء بشهادته بل هو موظف محلف مسبقا.
وطالب مفتشوا الشغل بعدم استدعائهم بصفتهم شاهدا من طرف القضاء الشيء الذي وجد وقعا بحيث صدرت دورية وزارية عن وزارة العدل تقتضي بعدم استدعاء أعوان التفتيش بالصفة المذكورة.
والملاحظ أن تعامل القضاء المغربي مع محاضر تفتيش الشغل يثير مفارقة غريبة باعتبار أن المشرع قد منحها من خلال المادة 539 من مدونة الشغل قوة ثبوتية إلى أن يتبين عكس ما ضمن فيها وهو ما يعني أن لهذه المحاضر نفس القوة الثبوتية التي تتمتع بها محاضر الشرطة القضائية، إلا أن الواقع العملي يأتي على عكس ما يضمن في القانون حيث نجد بأن القضاء يعتبر تلك المحاضر مجرد بيان.
وبهذا وجب على المشرع أن يتدخل بفعالية أكثر للمحاضر التي يقوم بتحريرها مفتشوا الشغل، وذلك لأن منح تلك المحاضر الحجية الثبوتية سيحل عددا من المشاكل التي تحول دون قيام علاقة تكامل بين الجهازين (الرقابة الإدارية والرقابة القضائية).[5]
كذلك يبرز واقع تفتيش الشغل على مستوى علاقته بالقضاء الاجتماعي من خلال... نص المشرع المغربي أن نزاعات الشغل بين القضاء الجماعي بحضور 4 مستشارين يمثلون الأجراء والمشغلين، إلا أنه في الواقع العملي، قد توقفت السلطات المعنية منذ سنوات عن تعيين المستشارين، هذا الأمر جعل بعض الفقه يبحث عن تفسير لذلك مبرزا أن نظام المستشارين الذي ينص عليه الإصلاح القضائي لسنة 1974  لم يكتمل تكوينه حسب إرادة المشرع في أغلب المناطق، مما جعل المحاكم الابتدائية تعقد جلساتها وتصدر أحكامها في غياب المستشارين، حيث تكتفي الأحكام القضائية في هذا الصدد بالإشارة إلى أن عدد المستشارين ليس كافيا، ثم تبت بمفردها، في حين أن المسألة لا تتعلق بعدم الحضور الذي تشير إليه الفصل 270 من ق م م ، بل تتعلق بعدم التعيين إطلاقا، مما جعل بعض المهتمين يتساءل حول صحة الأحكام على اعتبار أن تشكيل المحاكم من النظام العام[6]، ولذا فإننا نرى ضرورة التسريع بتعيين المستشارين الذي يمثلون أطراف النزاع أنها تخول القاضي من معرفة وجهات نظر كل من ممثل الأجراء والمشغلين باعتبارهم أكثر دراية بواقع الشغل وظروفه.
فإذا كانت مدونة الشغل قد صدرت من أجل الحد من الخروقات التي تعتري قانون الشغل فإننا نلاحظ من خلال ما أرسيناه أعلاه أن السبب لم يكن في القصور التشريعي في جانبه الردعي بقدر ما أن هناك أسباب أخرى وراء عدم تطبيق مدونة الشغل هذا ما سنعالجه في المبحث الثاني:
المبحث الثاني: أسباب عدم تطبيق مدونة الشغل وآفاق المستقبل.
في هذا المبحث سوف نقف على أسباب عدم تطبيق مدونة الشغل (مطلب أول) وكذلك البحث عن الحلول المقترحة من أجل ملائمة مقتضيات مدونة الشغل مع الواقع العملي( مطلب ثاني).
المطلب الأول: أسباب عدم تطبيق مدونة الشغل
يمكن إجمال أسباب عدم تطبيق مدونة الشغل في  غياب سياسة واضحة لعمل مفتشية شغل من جهة (فقرة أولى) بالإضافة إلى مجموعة من الأسباب القانونية (فقرة ثانية).
الفقرة الأولى: غياب سياسية واضحة لعمل مفتشية الشغل
يتمي عمل مفتشية الشغل كجهاز خارجي بوزارة التشغيل بغياب سياسية واضحة للعمل الجماعي المشترك لتطبقه على المستوى الوطني، وانعدام سياسة ترسم لأعوان التفتيش معا لم خطة جماعية لأسلوب العمل الذي يتعين أن يسيروا وفقه للاضطلاع بمهامه، وتحديد الوسائل الأساسية التي تمكنهم من أداء مهامهم الرقابية، وأيضا قلة الأطر المتواجدة لمصالح التفتيش، إذا ما قورن عددها بحجم الزيارات المفروض القيام بها في الرقعة الترابية الخاضعة لنفوذها، كما أن واقع التفتيش في المغرب، يستشف منه أن كل عون من أعوان التفتيش يسعى إلى مواجهة كل خرق لقواعد مدونة الشغل، وإلى تسوية خلافات الشغل سواء الفردية أو الجماعية، ليشتغل حسب تقديره للأمور وما تحظى به من أولوية في نظره، وذلك لمدى خطورتها في تقديره ومدة قدرته على تحمل الضغط الذي قد يتعرض له سواء من قبل طرفي العلاقة الشغلية أو من طرف المحيط الذي يشتغل فيه[7]، وكل هذه الأسباب والعوامل من شأنها أن تحد من الضمانات الأساسية لفعالية النصوص القانونية الشغلية ولتكريس طابعها الحمائي[8].
كما يلاحظ أن التقارير التي تنجز من قبل مفتشيات الشغل غير متلائمة مع ما تنص عليه الاتفاقيتين الدولية رقم 81 و129 سواء على المستوى التشريعي أو التنفيذي، ففيما يخص التقارير الدولية التي ترسلها مكاتب مفتش الشغل مرة في السنة على الأقل للسلطة المركزية للمفتشية التي تنص عليها المادة 19[9] من الاتفاقية رقم 81  والمادة 25[10] من الاتفاقية رقم 129، لا نجد مقتضيات مماثلة لهذين المادتين في مدون الشغل.
وكمحاولة بسيطة لإجراء مقارنة بين التشريعين المغربي والمصري في مجال التفتيش، يتبين أن كل منهما يعاني من هذه المشكلة، والمتمثلة في قلة الضمانات الأساسية لفعالية النصوص والقواعد القانونية الخاصة بالتفتيش نظرا لأنهما ينهلان من مصدر واحد وهو القانون الفرنسي، وبالإضافة إلى قلة المواد المنظمة لتفتيش العمل في مصر والتي تتمثل في 5 فصول فقط 160  إلى164[11].
الفقرة الثانية: أسباب قانونية
تتمثل هذه الأسباب القانونية في:
أولا: زيارات التفتيش
لقد وضعت الوزارة الوصية على قطاع الشغل حدا أدنى شهريا بعدد الزيارات التي يجب على أعوان التفتيش القيام بها والمحددة في 20 زيارة للمندوب الإقليمي، و30 زيارة لرؤساء الدوائر، و50 زيارة للأعوان العاملين تحت إمرتهم، أي مفتشي ومراقبي الشغل.
والحقيقة أن هذا الحد الأدنى من الزيارات، يعتبر رقما صعب التحقيق،  وذلك لأسباب عديدة منها ما هو راجع لاتساع الرقعة الترابية للدائرة الخاضعة للمراقبة، وتباعد المؤسسات الخاضعة والمعنية بالتفتيش، ومنها أيضا ما هو راجع إلى الوضعية المالية المزرية التي يعيشها أطر وموظفي هذا الجهاز، كانعدام وسائل التنقل والموضوعة رهن إشارة الأعوان، مما يؤدي بهم الأمر إلى استعمال وسائلهم الخاص، بالإضافة  إلى أن  التعويض الجزافي عن الزيارات التي يمنح لهم شهريا (250 درهم) لا يمكنهم من تغطية نفقات تنقلاتهم المتعددة أثناء مهامهم الرقابية، لهذا نجد بأن أعوان التفتيش لا يهتمون بمضمون الزيارات، وفعاليتها بقدر ما يهتمون بإنجاز القدر المطلوب منهم شهريا، لذلك يتعين التقليص من عدد هذه الزيارات الشهرية والرفع من مستوى تعويضاتها لكي تنجز بالشكل المطلوب.
ثانيا: هزالة الذعائر الخاصة بتفتيش الشغل
إن الملاحظة الأساسية التي يمكن إبداؤها هو أن أهمية الجزاء في قواعد مدونة الشغل لا ترقى إلى أهمية مضمون هذه القواعد ودورها في بلورة الطابع الحمائي وتكريس التوازن في العلاقة الشغلية بين طرفي الإنتاج، بل أكثر من ذلك يلاحظ أن المخالفات التي يرتكبها الأجراء تؤدي بهم إلى تحريك العقوبات التأديبية بالإضافة إلى العقوبات الزجرية[12].
أما المخالفات المرتكبة من قبيل المشغلين، فإن معظمها غير مقترن بجزاء أو مقترن بجزاءات هزيلة، وهذا يعني أن المخالفات المقترفة من قبيل المشغلين لا تخضع لمسطرة المتابعة التي تحركها النيابة العامة، بل يتم تحرير محضر بشأنها، ولا تتدخل النيابة العامة إلا بعد إحالة الملف عليها.
كل هذه الأسباب تساهم في تشجيع المؤاجرين على التمادي في خرقهم لمقتضيات مدونة الشغل، وتساهم أيضا في خلق الشعور بعدم الفعالية لدى أعوان التفتيش، مما يؤثر سلبا على  مردوديتهم، وكذلك نجد أن أغلبية المشغلين المرتكبين لمخالفات والذين تفرض عليهم جزاءات يتحدون مقتضيات مدونة الشغل، ولا يبالون بتاتا بما يمكن أن تقوم به هذه الأخيرة في حقهم.
أما الأجير وهو  الطرف الضعيف في العلاقة الشغلية، فتبقى حقوقه مهضومة محملا المسؤولية لمفتشية الشغل، ومتهما إياه بالتواطؤ في حقه، لأنها لا سلطة لها لإجبار المشغل المخالف على احترام القانون.
ثالثا: تعدد مهام متفش الشغل
إذا كانت الوظيفة الأساسية لأعوان التفتيش هي السهر على مراقبة تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية الخاصة بظروف الشغل وشروطه، فإنه ومن خلال تحليل مختلف هذه النصوص القانونية، يتضح أن هؤلاء المفتشين يضطلعون بعدد كبير ومتنوع من المهام والاختصاصات الخارجة عن نطاق وظيفة المراقبة، بحيث أن دورهم يعد شاملا لكل جوانب الحياة الاقتصادية والقانونية والاجتماعية، الشيء الذي يؤثر سلبا على نجاعة الدور الأصلي، والأساسي لمفتشية الشغل والمتمثل في مراقبة تطبيق أحكام مدونة الشغل، بالإضافة إلى حرص أعوان التفتيش على التوفيق بين مجمل الاختصاصات والمهام التي كانت منوطة بهم قانونا وواقعا، إذ أنهم كانوا يتجهون وينساقون أكثر وراء وظائف ثانوية على حساب الوظائف والمهام الرئيسية، والمتمثلة في مراقبة تطبيق أحكام القانون المتعلقة بالتنظيم وتأطير علاقة الشغل.
وفي هذا الصدد ينادي غالبية الفقه المغربي بضرورة التخفيف بقدر الإمكان من المهام التي يقوم بها أعوان التفتيش، وذلك بإعفائهم من كل ما يعتبر ثانويا بالقياس إلى دورهم الأساسي، وخاصة إعفاؤهم من المهام والاختصاصات ذات الطابع الإداري حتى يتفرغ إلى وظيفة المراقبة، إلا أن المشرع المغربي ومن خلال مدونة الشغل، عمل على تكريس ذات المقتضيات القانونية في ظل تشريع الشغل السابق، بل إنه أضاف مهام واختصاصات أخرى، كما هو الشأن بالنسبة لدور المصالحة سواء في علاقة الشغل الفردية، أو تلك ذات البعد الجماعي، وعند مقارنة مقتضيات مدونة الشغل فيما يخص النزاعات التي تقع بمناسبة الشغل، وخاصة النزاعات الجماعية، يتدخل فيها المندوب المكلف بالشغل لدى العمالة أو الإقليم أو العون المكلف بالتفتيش لمحاولة القيام بعملية التصالح يعد خرقا واضحا للتوصية الدولية رقم 81 التي تنص على أن:" وظائف مفتشية الشغل لا يجب أن تتضمن مهمة التحرك بصفتهم مفوضية أو حكام في نزاعات الشغل". ويترتب عن هذا التدخل مشاكل عديدة، حيث يؤدي إلى إضعاف مهمة المراقبة كوظيفة أساسية، طالما أن المصالحة تتطلب التوفيق بين أطراف النزاع والذي قد يكون على حساب القانون، وهو المنزلق الذي تنبهت إليه منظمة العمل الدولية بإصدارها لهذه التوصية، كما تخلق أيضا فقدان مفتش الشغل لاستقلاله سواء إزاء المشغل في حالة نزاع فردي أو إزاء السلطة المحلية في حالة نزاع جماعي للشغل، في حين نجد التشريع السوري في مجال تفتيش العمل يتوفرون أيضا على مهام عديدة متمثلة في كثرة الزيارات إلى أماكن العمل والتفتيش والتحقيق وفحص الدفاتر والأوراق التي لها علاقة بالعمال.
والملاحظة الرئيسية على التشريع السوري في مجال تفتيش الشغل، هو أن هذه الأخيرة لم تحصر مجالات محددة لتدخل مفتشية الشغل لكي يتدخلوا فيها ويقوموا بعمليات التفتيش في إطارها، فنجد أن مفتش الشغل له صلاحيات وسلطات واسعة، كالتفيش في المؤسسات الصناعية والتجارية والزراعية ومؤسسات المهن الحرة كيفما كان نوعها، الشيء الذي يمكن أن ينعكس سلبا على طبيعة التفتيش، ومحتواه، نظرا لتعدد المهام واختلافها البين من مجال لآخر، وبرجوعنا للتشريع المغربي، يلاحظ أيضا إغفال الحديث عن الاهتمام بالرغم من التكوين التقني لأطر مفتشية الشغل لتتلاءم مع  التطورات التقنية والتكنولوجية  التي تعرفها المؤسسات الإنتاجية خصوصا[13] وأن مفتش الشغل أصبح مطالبا بأخذ عينات من المواد المستعملة من طرف الأجراء لإجراء تحليلات عليها، وهنا سيقف على معطيات تقنية تتطلب إلمام غير يسير بالمواد الخطيرة أو التي تنطوي على خطورة بسبب سوء استعمالها أو معالجتها بطريقة غير سليمة، فالأمر يتطلب دون شك تكوينا خاصا لتأهيل العون المكلف بتفتيش الشغل لضمان فعاليته في إنجاز هذه المهمة حتى لا يبدو في موقع دنيوي تجاه إدارة المقاولة والأجراء.
فبقراءة الفقرة الثالثة من المادة 533 من مدونة الشغل، نجد أنها تبيح إمكانية الاستعانة بخبراء في المجالات العلمية، والتقنية، والطبية، والهندسية، والكيمياء، فلماذا لا يكون لدينا مفتشي شغل خبراء متخصصين في هذه المجالات عوض اللجوء إلى خبراء لا يلمون شيئا من مقتضيات مدونة الشغل.
المطلب الثاني: آفاق المستقبل
إن إصلاح الوضع في ظل المناخ الذي تحدثنا عن مسالة جد صعبة إلا أنه للتخفيف التدريجي منه وإرساء دعائر ثقافة جديدة في هذا المجال نقترح بعض الإجراءات التي تتراوح مابين التحسيس والتحفيز( فقرة أولى) ومابين إصدار بعض القوانين وتفعيلها (فقرة ثانية).



الفقرة الأولى: إجراءات التحسيس والتحفيز
-       القيام بحملة تحسيسية في مختلف وسائل الإعلام، وطوال السنة لتشجيع المقاولة المواطنة، وللتعريف بالنتائج السلبية للتشغيل الغير المهيكل على الإجراء والمقاولة وعلى الاقتصاد الوطني؛
-       اقتصار تعامل الدولة والأجهزة والإدارات والجماعات الترابية التابعة لها في إطار الصفقات العمومية التي تعقدها لتلبية الخدمات التي تحتاجها، مع المقالات والمؤسسات التي يثبت احترامها للقوانين المنظمة للتشغيل؛
-       إنشاء معهد وطني للشغل يتوفر على قانون أساسي خاص، ويعهد إليه على غرار ما يقوم به المعهد العالي للقضاء بتكوين وتأهيل أعوان التفتيش بما في ذلك الأطباء والمهندسين، تأهيلا علميا ومهنيا متينا قبل مزاولتهم للمهام الموكولة إليهم، ويعهد إليه أيضا بالتكوين المستمر حتى يبقى هؤلاء على إلمام بآخر المستجدات في الميدان القانوني والاجتماعي كما يمكن أن يقوم هذا المعهد بدور هام في البحث العلمي ويشكل منارة للخبرات والتجارب الوطنية في هذا المجال؛
-       إيجاد الحل لمشكل الأنظمة الأساسية الذي يقف وراء جل الإضرابات الناشبة، وذلك بالتقريب فيما بينها بالشكل الذي يحقق المساواة وتكافؤ الفرص؛
-       تشجيع المفاوضة الجماعية المشار إليها في الدستور وذلك بتوفير المناخ المناسب ووضع جميع الإمكانات رهن إشارة الفرقاء الاجتماعيين للوصول إلى إبرام اتفاقيات الشغل الجماعية التي أثبتت - نجاعتها على المستوى الدولي فيما يخص التقليل من التوتر واللجوء المكثف للإضرابات في العلاقات المهنية؛
-        العمل على تحسين المستوى القانوني للممثلين النقابين حتى يضطلعوا بالجهاز الموكولة إليهم.
الفقرة  الثانية: إجراءات إصدار القوانين وتفعيلها
-       التطبيق الحازم لمدونة الشغل من خلال تعزيز جهاز تفتيش الشغل بالنوعية والعدد الكافي وتوفير وسائل العمل والتنقل وتقديم الحوافز الضرورية للقيام بمهامه، وربط المسؤولية بالمحاسبة وإيلاء العناية الخاصة لمحاضر المخالفات المنجزة من طرف أعوان التفتيش والسهر على تتبعها وتنفيذ الأحكام الصادرة بشأنها من طرف وزارة العدل حتى يتحقق الزجر اللازم لتطبيق القوانين الاجتماعية في أرض الواقع؛
-       إصدار قانون جديد للنقابات وتنفيذه حتى يتحقق تجديد النخب وضخ دماء جديدة لتتمكن هذه المؤسسة من تحقيق الأهداف النبيلة المسطرة لها؛
-       إصدار القانون التنظيمي للإضراب بالشكل الذي يحافظ على جوهر الحق ويبعدنا عن التعسف في استعماله؛
-       دعم المزيد من  الإصلاحات داخل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي للزيادة في نسبة التغطية الاجتماعية وذلك بالرفع من  العقوبات الزجرية في حق المخالفين، وتوفير الحماية لأعوان الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أثناء أدائهم لمهامهم وتحقيق التنسيق الفعال والدائم بين هؤلاء ومفتشي الشغل في ميدان الحماية الاجتماعية؛
-       إحداث قضاء اجتماعي مختص مع تمكين من الوسائل والإمكانيات الضرورية للبت في القضايا المعروضة عليه وفي آجال قريبة ومعقولة؛
-       إيلاء العناية الخاصة لمحاضر المخالفات المنجزة من طرف أعوان التفتيش والسهر على تتبعها وتنفيذ الأحكام الصادرة بشأنها حتى يتحقق الزجر اللازم لتطبيق القوانين الاجتماعية في أرض الواقع.












 خاتمة
وفي الأخير نخلص إلى أنه مهما بلغت الحماية القانونية والحقوق والضمانات المقررة في القوانين الاجتماعية فإنها تبقى حبر على ورق إذا لم يكن هناك تنظيم قضائي قادر على نقل تلك الحقوق والضمانات من حالة السكون إلى حالة الحركة وذلك عن طريق  الجبر عند المس بها أو خرقها.
كذلك يجب صياغة مدونة للشغل تراعي خصوصيات واقع الاقتصاد الوطني بصفة عامة والمقاولة المغربية بصفة خاصة من أجل تحقيق ملائمة مقتضيات مدونة الشغل مع الواقع العملي على اعتبار أن مدونة الشغل الحالية تم استقطابها من دول أوربية متقدمة لها من الإمكانيات والآليات ما يؤهلها لتطبيق مدونة الشغل ونتيجة للنقل الأعمى لهته المدونة كان مصيرها هو عدم التطبيق على المقاولة المغربية.








لائحة المراجع المعتمدة
الكتب
 الحاج الكوري: مدونة الشغل
عبد اللطيف خالفي: الوسيط في مدونة الشغل الفردية
بلال العشري: مستجدات مدونة الشغل في مجال أخطاء عقود الخدمة
محمد بناني سعيد: "قانون الشغل بالمغرب في ضوء مدونة الشغل، علاقات الشغل الفردية" الجزء الأول، مطبعة النجاح الجديدة، البيضاء، الطبعة الأولى2005.
مصطفى شنضيض:" نظام الشغل" طبعة 2006 ( بدون مطبعة)
محمد الشرقاني: "علاقات الشغل بين تشريع الشغل ومشروع مدونة الشغل"، دار القلم، الرباط، 2003.
عبد العزيز العتيقي، محمد  الشرقاني، محمد القوري اليوسفي:" دراسة تحليلية نقدية لمدونة الشغل المرتقبة"،(مشروع 1998)، دار النشر الجسور،الطبعة الأولى، 1999
فريدة المحمودي:"محاضرات في القانون الاجتماعي، الحياة القانونية لعقد الشغل الفردي"، طبعة 2005-2006 (مطبوع).
محمد الكشبور:"نظام تفتيش الشغل في المغرب الواقع الحالي وآفاق المستقبل"، مطبعة النجاح الجديدة، البيضاء، طبعة 1997.


الرسائل والعروض
حنان آيت فاسكي:"سلطات المشغل على ضوء مدونة الشغل"، رسالة لنيل دبلوم الماستر، القانون والمقاولة، كلية الحقوق بمكناس، موسم 2008-2009.
طلبة ماستر قانون المنازعات:" الفصل التأديبي"، عرض في مادة قانون الشغل، موسم 2008-2009.
المجالات والمقاولات
بلقاسم بنبراهيم، "تأملات حول دور مفتش الشغل في ظل القانون رقم99-65 بمثابة مدونة الشغل"، المجلة المغربية لقانون الأعمال والمقاولات، عدد 8، ماي 2005
لماني سعيد:" دور مفتشية الشغل في تطبيق قانون الشغل"، مجلة المرافعة، العدد 2-3 ، ماي 1993.








الفهرس
مقدمة
المبحث الأول: واقع مدونة الشغل
المطلب الأول: واقع مدونة الشغل على مستوى الحقوق الشخصية للأجير
الفقرة الأولى: واقع مدونة الشغل على مستوى إبرام عقد الشغل
الفقرة الثانية: واقع للمقاولة المغربية
المطلب الثاني: واقع تفتيش الشغل
الفقرة الأولى: الحجية الثبوتية لمحاضر مفتش الشغل
الفقرة الثانية: علاقة مفتش  الشغل بالقضاء الاجتماعي
المبحث الثاني: أسباب عدم تطبيق مدونة الشغل وآفاق المستقبل
المطلب الأول: أسباب عدم تطبيق مدونة الشغل
الفقرة الأولى: غياب سياسة واضحة لعمل مفتشية الشغل
الفقرة الثانية: أسباب قانونية
المطلب الثاني:آفاق المستقبل
الفقرة الأولى: إجراءات التحسيس والتحفيز
الفقرة الثانية: إجراءات إصدار القوانين وتفعيلها
خاتمة:





[1] - الفصل 732 ق ل ع إجارة الخدمة أو العمل عقد يلتزم بمقتضاه أحد الطرفين بأن يقدم للأخر خدماته الشخصية أو من أجل أداء عمل معين ، في نظير أجر يتلزم هذا الأخير بدفعه له، وإذا كان العقد تابتا بالكتابة  أعفي من رسوم التنبر والتسجيل وإجارة الصنعة، عقد بمقتضاه يلتزم أحد طرفيه بصنع شيء معين في مقابل أجل يلتزم الطرف الآخر بدفعه له، وفي الحالتين يتم العقد بتراضي الطرفين.
[2] - محمد سعيد بناني، قانون الشغل المغربي في ضوء مدونة  الشغل، علاقات الشغل الفردية، طبعة  يناير 2007، الجزء الثاني المجلد الأول ، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، ص 95.
[3]- Ouvergnon Philippe : l’inspection du travail au regard de la norme internationale : proposition de comparaison revue algérienne des sciences juridiques économiques et politiques n°3-1997, p 1224.
[4] - هذا التراجع له عدة عوامل يمكن اعتبار أهمها هو أن مفتش الشغل يعرف مسبقا أن محضره لن يؤخذ بعين الاعتبار من طرف القضاء إضافة إلى خوفه من المتابعة التعسفية نم طرف رب العمل أو كل من ليست له مصلحة في محضر مفتش الشغل.
[5] - بلقاسم بنبراهيم، تأملات حول دور مفتش الشغل بالمغرب في ظل قانون 99-65 بمثابة مدونة الشغل- المجلة المغربية لقانون الأعمال والمقاولات – العدد 8، السنة 2005، ص75.
[6]- المصطفى شنضيض، نظام الشغل،طبعة 2006، ص48.
[7] - عبد اللطيف الخالقي: مرجع سابق، ص107-108.
[8] - محمد الكشبور : "نظام تفتيش الشغل الواقع الحالي وآفاق المستقبل"، الطبعة الأولى، 1997، مطبعة النجاح الجديدة، ص 82.
[9] - المادة 19 من الاتفاقية رقم 81:"
    1- " يتعين على مفتشي العمل أو مكاتب التفتيش المحلية حسب الحالة أن يقدموا إلى سلطة التفتيش المركزية تقريرات دورية عامة عن نتائج نشاطهم في التفتيش.
     2- توضح هذه التقريرات بالطريقة التي تقررها السلطة المركزية، وتتناول الموضوعات التي تضعها هذه السلطة من حين لآخر.
وتقدر هذه التقارير في فترات لا تقل عما تقرره السلطة المذكورة، وعلى كل حال مرة في السنة على الأقل".
[10] - المادة 25 من الاتفاقية 129:
      1- " على مفتش العمل أو مكاتب التفتيش المحلية حسب الحالة أن يقدموا إلى سلطة التفتيش المركزية تقارير دورية عامة عن نتائج نشاطهم في التفتيش.
      2- تعد هذه التقارير بالطريقة التي تقررها السلطة المركزية وتتناول الموضوعات التي تضعها هذه السلطة من حين لآخر، وتقدم هذه التقارير في فترات لا تقل عما تقرره السلطة المذكورة ولا يجوز بأي حال أن تقل عن مرة واحدة في السنة".
[11] - محمد الكشبور:" نظام تفتيش الشغل الواقع الحالي  وآفاق المستقبل"، مرجع سابق ـ ص17-18.
[12] - انظر على سبيل المثال الفصول 288-447-509-596 من القانونالجنائي المغربي.
[13] - رشيد حميمار: تقرير نهاية التكوين تحت عنوان: " مفتش الشغل واختصاصاته على ضوء مدون الشغل رقم 99-65".

مواضيع مختارة

شاركنا بتعليقك...

التعليقات



، اشترك معنا ليصلك جديد الموقع اول ً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

احصائيات الموقع

12,047,786 عدد المقالات 13291 عدد التعليقات 327

جميع الحقوق محفوظة

علوم قانونية وادارية

2010-2019