-->
علوم قانونية وادارية علوم قانونية وادارية

اخر المواضيع

جاري التحميل ...

انعكاسات تدابير حماية المستهلك على النظرية العامة للعقد

تقديما عام:
يعتبر موضوع حماية المستهلك في الدول النامية مثل المغرب والدول المتقدمة على حد سواء إشكالية قانونية فرضت نفسها والعصر الحالي:
فالمغرب في حاجة إلى وضع ترسانة قانونية تسعى إلى خدمة مصالح المستهلك ورفاهيته وتراعي صيانة حقوقه وحمايته، موازاة مع تطوير المجتمع الاستهلاكي والنمو الاقتصادي والإنتاجي ومسايرة التحولات التي يشهدها العالم من الناحية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
كل هذه المساعي استتبعها الرجوع عن بعض المبادئالعامة للعقود التي لا توفر الحماية اللازمة للمستهلك الطرف الضعيف في العلاقة الاقتصادية، وبالتالي إقرار مجموعة من الحلول القانونية البديلة التي تراعي مختلف المصالح عامة، والمستهلك بصفة خاصة والكفيلة بإعادة التوازن بين النظام العام الاقتصادي والنظام العام الاجتماعي[1].
ومن الإيجابيات والمحاسن التي جاء بها قانون رقم 08-31 تدابير  حماية المستهلك، إذ أصبحت العقود التي تبرم لأغراض استهلاكية في الوضع الراهن، تؤثر تأثيرا كبيرا في النظرية العامة للعقد، وبمبادئها التي استقر عليها الفقه والتشريع منذ القدم[2].
وذلك انتباها وإدراكا من المشرع لضرورة حماية المستهلك، لأن الوسائل الفنية لقانون الالتزامات والعقود المغربي تعجز عن توفير الحماية الكافية والمرجوة للمستهلك –الطرف الضعيف- حيث دعت الحاجة إلى إصدار نصوص قانونية خاصة تتصف بمرونة أكثر وجزاءات أشد من القواعد القانونية التقليدية، (إشكالات)[3].
ولمعالجة موضوعنا "انعكاسات تدابير حماية المستهلك على النظرية العامة للعقد"، سنقوم بمقاربة مبنية على معالجة مبدأ سلطان الإرادة وحماية إرادة المستهلكين مركزين على منح المستهلك رضا متبصر ومتنور[4] خالي لا يشوبه عيب من عيوب الرضا. وبعيدا عن الشروط التعسفية.
ثم سنتطرق إلى مبدأ القوة الملزمة للعقد وخيارات المستهلك، مشيرين إلى خيار الرجوع عن العقد قبل بدء التنفيذ وكذا خيار الرجوع عن العقد بعد بدء التنفيذ.
خاتمين موضوعنا بإيضاح مبدأ نسبية العقد وضمانات الرجوع للمستهلك، والتي يمثل حق المستهلكين في الرجوع المباشر على المنتج وحق المستهلكين في الدعوى الجماعية. جوهر هذه الضمانات والآليات المستجدة لإقرار التوازن.

المطلب الاول: مبدا سلطان الارادة وحماية ارادة المستهلكين .
يعتبر العقد هو توافق بين إرادتين أو أكثر على إحداث اثر قانوني إذ أن أساس العقد هو الإرادة المشتركة لطرفيه فمبدأ سلطان الإرادة هو توافق إرادتين لإنشاء العقد و أن المتعاقدين هي التي تحدد من الالتزامات التي يرتبها العقد و هذا يعني أن كل الالتزامات ترجع في مصدرها إلى الإرادة الحرة و أن هذه الإرادة هي التي تحدد ما يترتب على الالتزام من آثار قانونية و يترتب عن هذا وجوب احترام حرية المتعاقدين و القوة الملزمة للعقد المستمدة من مشيئة المتعاقدين فلا يجوز نقض العقد أو تعديله إلا باتفاقها فلا يتدخل المشرع أو القاضي في هذا العقد إلا في حالات خاصة, حتى وان اتسمت تلك العقود بعدم التوازن بين مصالح الاطراف, حيث ينص الفصل 230 من ظهير الالتزامات و العقود : " الالتزامات التعاقدية المنشاة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة الى منشئيها, ولا يجوز الغاؤها الا برضاهما معا او في الحالات المنصوص عليها في القانون".
فبسبب اختلال ميزان القوى في العلاقة التي تقوم بين المورد من جهة والمستهلك من جهة اخرى’ فان من غير الممكن ان يترك مجال واسع  للتطبيق  مبدأ سلطان الارادة وحريتها على اعتبار انه كاف لتحقيق مصالح الطرفين .فلا يمكن للمستهلك بأي حال أن يقف في مواجهة المورد الذي يتمتع بالخبرة والكفاءة التي تؤهله للسيطرة على العقد . بل وضع هدا المبدأ جانبا في اطار العلاقة الاستهلاكية, ولم يعد للإرادة دورا غير محدد في خلق عقود التي تبرم بين المستهلك و المحترف وانما تم تحديد دلك الدور عن طريق فرض التزامات وشروط على عاتق المورد في سبيل تحقيق هدفين اثنين [5]:
¿    اعلام المستهلك واعطائه صورة واضحة عن العقد المبرم و عن المنتوج المستهلك, وهدا الالتزام يؤثر بدوره على مبدا سلطان الارادة ( الفقرة الاولى)
¿    الحد من حرية الارادة للمورد عن طريق منعه من وضع الشروط التعسفية (الفقرة الثانية).
الفقرة الاولى : اعلام المستهلك واثره على مبدا سلطان الارادة .
في العقود المختلفة التي تبرم في الواقع اليومي, يقوم التزام على عاتق الاطراف بالصدق والصراحة في مواجهة بعضهم البعض وفق ما يقتضيه حسن النية في التعامل. الا ان هذا الالتزام لا يكفي لتوفير حماية خاصة للمستهلكين في وقتنا المعاصر, ومن ثم فقد لجات الدول التي تهتم بحماية المستهلك الى الزام المنتج و المورد بإعطاء معلومات اضافية للمستهلك حتى يكون على بينة من العقود التي يبرمها للاستهلاك وبحقوقه و التزاماته [6].
واقر المشرع المغربي هذه الحماية في القانون رقم 31.08  بتحديد تدابير لحماية المستهلك[7], حيث الزم المورد بإعلام المستهلك بخصوص المادة المستهلكة,  حيث تنص المادة 3 من هذا القانون على انه :" يجب على كل مورد  ان يمكن المستهلك باي وسيلة ملائمة من معرفة المميزات الاساسية للمنتوج او السلعة او الخدمة و كذا مصدر المنتوج او السلعة و تاريخ الصلاحية ان اقتضى الحال, وان يقدم اليه المعلومات التي من شانها مساعدته على القيام باختيار معقول باعتبار حاجياته وامكانياته...". و قد حدد المشرع اشتراطات و التزامات عديدة على عاتق المورد, ولم يعد بمقدار المنتج او المورد اتخاذ موقف سلبي على اساس ان المستهلك ينبغي عليه ان يحمي نفسه وان يسعى بنفسه الى الوقوف على طبيعة العقد و السلعة محل العقد, فيقدم على التعاقد متى اعجبه ذلك ويحجم عن التعاقد متى ما لم يطمئن الى شيء من ذلك.
ومما لاشك فيه ان هذا من شانه ان يقلل من دور الارادة في العملية الاستهلاكية, ويحد من سلطانها في العقود التي تبرم في عملية الاستهلاك نفسها. ان المستهلك لم يعد حرا في خياره وفي تعاقده, فان المنتج او المورد لن يكون كذلك ايضا, اذ ان ارادة الاول لم تعد حرة بسبب التطور الاقتصادي و التكنولوجي وارادة الاخير لم تعد حرة بسبب تدخل المشرع.
الفقرة الثانية: الحد من حرية الارادة عن طريق منع الشروط التعسفية.
لقد ظل المستهلك يفتقد الحماية القانونية لعدم وجود نصوص تشريعية خاصة بالمستهلك وتوفير الحماية اللازمة من الشروط التعسفية, اذ ظل وقتا من الزمن تحت رحمة المهنيين الذين لا يترددون في ادراج شروط تعسفية تقوية لمركزهم التعاقدي. وينص الفصل 107 من قانون الالتزامات و العقود على ان الشرط هو تعبير عن الارادة يعلق على امر مستقبل وغير محقق الوقوع .  ويعرف الشرط التعسفي بانه الشرط الذي يفرضه المهني على المستهلك نتيجة تفوقه الاقتصادي و المهني من اجل تحقيق مزايا  فاحشة ومفرطة. وكما نظم المشرع الالتزام بالإعلام في القانون رقم 31.08 فقد نظم الشروط التعسفية, حيث تنص المادة 15 منه على انه :" يعتبر شرطا تعسفيا في العقود المبرمة بين المورد و المستهلك كل شرط يكون الغرض منه او يترتب عليه اختلال كبير بين حقوق وواجبات طرفي العقد على حساب المستهلك".  وباستقراء المقتضيات المتعلقة بالشروط التعسفية, يستخلص على ان المشرع اعتبر الاحكام المتعلقة بالشروط التعسفية من النظام العام[8] , وهي احكام تسري على كل العقود كيفما كان شكلها او وسيلة ابرام العقد. ويمكن تقدير و تحديد الطابع التعسفي لشرط من الشروط بالرجوع وقت ابرام العقد الى جميع الظروف المحيطة بإبرامه والى جميع الشروط الاخرى الواردة في العقد. ويقدر كذلك بالنظر الى الشروط الواردة في عقد اخر عندما يكون ابرام او تنفيذ العقدين المذكورين مرتبطين بعضهما ببعض من الوجهة القانونية[9]. ولقد عدد المشرع في المادة 18, الحالات التي يعد فيها الشرط تعسفيا على سبيل المثال لا الحصر, ومن ضمن هذه الحالات عندما يكون الغرض من الشرط اما الغاء او انتقاص حق المستهلك . وقد جعل المشرع الشرط التعسفي في هذه الحالات باطلا و لا غيا[10]  .
وعموما يعد تدخل المشرع لمنع الشروط التعسفية, تحديدا صريحا لحرية المتعاقدين ولسلطان الارادة, طالما تعلق الامر بحماية المستهلك.       
                        

المطلب الثاني: مبدأ سلطان الارادة وخيارات المستهلك.
الفقرة الاولى :حق الرجوع قبل بدئ التنفيذ.
بموجب القوة الملزمة للعقد فلا يمكن لأي من المتعاقدين ان يستطيع ان يرجع عنه  الا اذا افق الاطراف او نص القانون على ذلك حتى في المرحلة السابقة عن تنفيذه فمتى تم التقاء الاجاب بالقبول وقام العقد فان تنفيذه يصبح ملزما ولا رجعة فيه الا ان الحاجة الى حماية المستهلكين قد دفعت بالمشرع في بعض الدول الى منحهم خيارا بالرجوع عن العقود التي يبرمونها للاستهلاك بعد ابرامها وقبل البدء بتنفيذها.
فلقد توسع المشرع الفرنسي في العقدين الاخيرين في الأخذ بذلك الخيار حصوصا في اطار الانواع المختلفة من العمليات الاستهلاكية. ففي شان عقود التامين وبعض العقود ذات الصبغة المالية التي تتم عن طريق اتصال شركة التامين او مستثمري الاموال بالمستهلكين في منازلهم فان قانون رقم 27-6 الصادر في سنة 1972 ينص في المادة 21 على خيار المستهلك في العدول عن هذه العقود بعد اتمامها وقبل تنفيذها خلال مدة لا تقل عن 15 يوما من تاريخ ابرامها وعلى منع البدء بتنفيذها قبل مضي تلك المدة كما تضمنت المادة 3 من القانون رقم 72 -1127 الصادر في 23/12/1972 حكما مماثلا في شان البيوع التي تتم عن طريق اتصال موزعي وبائعي السلع المختلفة بالمستهلكين في منازلهم لتسويق سلعهم مع التغير في مدة الخيار حيث انها حددت في أسبوع في هذه الحالات كما تكرر النص على مثل هذا الخيار للمستهلكين في اطار عقود ومعاملات اخرى بموجب القانون رقم 78-22 الصادر في 10-01-1978[11]في شان العديد من العمليات الاستهلاكية والقانون رقم 81-5 الصادر في 7-1-1988 .
ولا تختص فرنسا وحدها بإقرار مثل ذلك الخيار للمستهلكين بل تبنته الكثير من الدول الغربية كالولايات المتحدة الامريكية قوانين 1964-1965 وانجلترا في اطار تشريع حماية المستهلك لسنة 1974  والمانيا الغربية في القانون الصادر في 15-05-1974 .
وحين نتساءل عن السبب الذي حدا بالمشرع في هذه الدولة الى منح هذا الخيار المهم للمستهلكين على الرغم من اثره الكبير على العملية التعاقدية و على الرغم من تعارضه الصارخ مع مبدأ القوة الملزمة للعقد فان تبرير هذا التغير انما يكمن في ضرورة مد الحماية القانونية لإرادة المستهلك الى المرحلة اللاحقة لإبرام العقد وعدم قصورها على المراحل السابقة لذلك اذ قد لا تكفي وسائل الحماية السابقة على التعاقد لتوفير ظروف افضل للتعاقد من وجهة نضر المستهلك لاسيما في بعض انواع العقود التي تقرها المستهلكون على عجل ودون دراسة متأنية وذلك بسبب الحاجة للسلعة الاستهلاكية او بسبب الاغراءات والقدرة الاقناعية التي يبديها المنتج او البائع للمستهلك فإن الوسائل الاغرائية والتسويقية قد بلغت مدى رهيبا من التطور بحيث انها تتحكم في نفسية المستهلك وتدفعه الى التعاقد في الكثير من الاحيان والتي لا ينوي فيها اساسا ابرام عقد من هذا النوع، اولا يحتاج فيها الى السلع التي يشتريها ، وكثيرا ما يكتشف المستهلك بعد فوات الاوان انه ليس بحاجة لتلك السلع او لا يقدر على دفع ثمنها او ان شروط العقد الذي ابرمه لا تناسبه لسبب او لأخر ولو ترك المستهلك لكي يتحمل عواقب ما اقدم عليه لنتج عن ذلك التضحية بمصالح الالف من المستهلكين.
ومن ثم ومن خلال خيار الرجوع عن العقد الذي نحن بصدوده فان هؤلاء المستهلكين يتمتعون بمهلة قانونية للتفكير بالعقد الذي ارضوه على عجالة وتحت ضغط اغراءات الطرف الثاني(البائع المؤمن الموزع...) هذه المهلة تتناسب طرديا من حيث مدتها مع طبيعة العقد وأهميته وتزداد في تلك العقود التي يترتب عليها دفع مبالغ مالية ضخمة من قبل المستهلك او التزامه لمدة طويل كعقود البناء والتامين وتقل في تلك العقود التي تنصب على سلع استهلاكية متوسطة القيمة (كشراء الادوات الكهربائية المنزلية) ولا يمكن للمستهلك حتى ولو ارتضى ذلك ان يتنازل عن حقه في هذا الخيار، ويفرض بدء تنفيذ العقدقبل فوات المدة المقررة للخيار فان للمستهلك ان ينقض هذا العقد وان يطالب باسترداد ما دفعوا من مبالغ قبل ممارسته حقه في الرجوع عن العقد.
كما لا يترتب على ممارسته خياره هذا اي التزام  من جانبه بتعويض البائع او الموزع عما قد يلحقه من اضرار او خسائر جراء ممارسته حقه هذا في الوقت الذي لا يتمتع فيه البائع او الموزع بمثل هذا الخيار، فيضل ملتزما بالعقد الذي تم ابرامه مع المستهلك فإن رجع عنه كان عليه ان يعوض المستهلك عن كل ضرر يصيبه جراء ذلك فهو كموجب ليس له ان يرجع عن ايجابه طالما لحقه قبول من طرف المستهلك .
الفقرة الثانية: خيار الرجوع عن العقد بعد البدء بالتنفيذ.
    لم تكتف التشريعات بإقرار الحق للمستهلكين في الرجوع عن العقد قبل تنفيذه ولكن تخطت ذلك الى اقرار هذا الحق الى ما بعد تنفيذ العقد وخلال المراحل النهائية ،اذ ان رجوع المستهلك عن العقد قبل التنفيذ لا يمثل في حقيقته الا تفويتا لفرصة الموزع او البائع في تسويق سلعته، بينما تشكل ممارسة الحق في الرجوع عن العقد بعد البدء في تنفيذه خسارة حقيقية له اذ يكف المستهلك عن تنفيذ بقية التزاماته التي بدأ في تنفيذها ويرى بعض الفقه ''ومن البديهي ان ممارسة هذا الخيار لا يمكن ان تثبت الا في العقود المستمرة التنفيذ وعلى رأسها عقود البيع بالتقسيط، حيث يمكن للمستهلك ان يتخلى عن البيع دون ان يلتزم بتعويض الاخير عما يلحقه من ضرر جراء ممارسة هذا الحق''[12].
    ويتجلى تأثير قانون حماية المستهلك على ظهير الالتزامات والعقود في بعض الجزاءات حيث ان حق التراجع لا يعتبر جزاء بل هو حق ثابت للمستهلك ولا يترتب عليه اي تعويض على خلاف الفسخ الذي يعتبر جزاءا عن عدم تنفيذ الاطراف لالتزاماتهم كما يترتب عليه التعويض لفائدة المتضرر.
    اما تميزه عن البطلان فان العقد المتراجع عنه يكون صحيحا على عكس البطلان الذي هو جزاء عن اختلال احد الاركان الاساسية للعقد اما البطلان  فهو ناتج عن عيب في الشروط العامة للعقد، علاوة على هذا يمكن للمتضرر ان يطالب بالتعويض عن الضرر الذي اصابه.
    فالمشرع المغربي خول للمستهلك امكانية حق الرجوع في نطاق العقود الاستهلاكية[13]في الحالة التي يرى فيها المستهلك ان ذلك العقد لا يوفره الجدوى الاقتصادية او انه سيؤثر على وضعيته الاقتصادية او المالية او الاجتماعية ويمكنه الرجوع عن العقود حتى لو لم تكن هناك مبررات يتمسك بها شريطة ان يمارسه داخل الاجل القانوني الذي حدده المشرع في  المادة 36 من قانون 08-31 وهو اجل 7 ايام اما اذا كان التعاقد عن بعد فالأجل هو 30 يوما ويبتدئ هذا الاجل من يوم تسليم السلع او من يوم قبول العرض اذا تعلق الامر بتقديم خدمة وهذا الاجل يكون كاملا وفي التأمين الاجل هو 15 يوما من تاريخ الاكتتاب في عقود التأمين على الحياة التي تتم عن طريق وسطاء التأمين[14] وفي مدونة الشغل نجد الاجل حدد في 30 يوما[15].
    ويتم حق التراجع باي وسيلة تثبت ذلك مادام المشرع لم يحدد طريقة لذلك الا ان اذا كان البيع خارج المحالات التجارية فيجب على المستهلك ان يعبر عن رغبته في الرجوع بواسطة ملء الاستمارة التي تكون قابلة للاقتطاع من العقد وإرسالها الى المورد داخل اجل 7 ايام وبأي طريقة تثبت التوصل[16]
ويؤثر قانون حماية المستهلك حتى على اثار العقد بالنسبة للعقد نفسه او الاطراف المتعاقدة
تتجلى الاثار بالنسبة للعقد في كونه يبقى صحيحا الا انه لغي ونقض بواسطة ارادة جديدة حلت محل الارادة القديمة، ومن خلال المادة 41 من قانون 08-31 امكانية تعويض السلع او الخدمة بأخرى لها نفس الجودة والثمن في الحالة التي يمارس فيها المستهلك حقه في التراجع اذا كانت هذه الامكانية معلن عنها قبل ابرام العقد او تم التنصيص عليه في العقد بصورة واضحة.
اما بالنسبة للأطراف المتعاقدة فيتضح ذلك من خلال المادة 36 من قانون 08-31 حيث ان المستهلك لا يتحمل اية مسؤولية نتيجة ممارسته لحقه في التراجع كما لا يلتزم باي تعويض باستثناء مصاريف ارجاع السلع التي قد تحملها المهني، ومن خلال المادة 37 من نفس القانون يلتزم المورد برد المبلغ المدفوع له من طرف المستهلك بخصوص السلع والخدمة اللتان تم التراجع عنهما وذلك بتوصله بقرار التراجع ،وبعد انتهاء مدة 15 يوما عن التراجع فان المبالغ التي لم يتم دفعها تترتب عليها فوائد قانونية وبالسعر القانوني و اضافة المادة 174 عقوبة مالية تتراوح ما بين 1200 و 50.000 درهم على المورد الذي يرفض ارجاع المبالغ الى المستهلك، في حالة العود تضاعف الغرامة الى الضعف ويعتبر في حالة العود من يرتكب مخالفة داخل اجل 5 سنوات الموالية لصدور الحكم الحائز لقوة الشيء المقضي به من اجل افعال مماثلة.
المطلب الثالث: نسبية مبدأ أثر العقد وضمانات الرجوع للمستهلك.
الفقرة الاولى:
الفقرة الثانية: حق المستهلكين في الدعوى الجماعية.
وكنتيجة لظهور جمعيات حماية المستهلكين في العديد من الدول والاعتراف لها بالشخصية المعنوية وبالحق في ممارسة كل ما من شأنه أن يحمي المستهلكين، بما في ذلك اللجوء إلى القضاء باسمها مباشرة في سبيل حماية هذه الحقوق.
ويعتبر تدخل جمعيات المستهلكين ذات المنفعة العامة والجامعة الوطنية المنضوية في إطارها، في هذه الدعاوى خروجا عن مبدأ الأثر النسبي للعقد، بل ولا يتفق مع الشروط العامة للتقاضي من حيث الصفة في الدعوى.
ولقد جرى العمل على أن تقوم هذه الجمعيات برفع نوعين من الدعاوى باسم المستهلكين.
أولا: الدعاوى والمتابعات الوقائية –قبل حلول الخطر بالمستهلكين-
إذ ثم الاعتراف لهذه الجمعيات المتصفة بالمنفعة العامة بمقتضى الفصل 99-06 الانتصاب أمام الجهات القضائية والإدارية كطرف مدني يطالب بحق المستهلك وحمايته من الممارسات المنافية أو الممارسات التجارية الغير مشروعة، وإحالة التركيزات الاقتصادية على رئيس الحكومة- والإحالة على مجلس المنافسة...
وتسهر هذه الجمعيات والجامعة على مراقبة مدى احترام إجراءات إشهار الأسعار، ومدى مطابقة السلع للجودة وقمع الغش واحترام المواصفات والمعايير القانونية والضوابط الصحية من نظافة (وسلامة المنتوجات والخدمات)، وتلجأ إلى تحريك المتابعات في حالة الوقوع في هذه المخالفات.
ثانيا: دعاوى الدفاع عن مصالح المستهلكين.
ووفقا لما جاء في المادة 147 من قانون الاستهلاك على أنه:
"يمكن لجمعيات المستهلكين المؤسسة والعاملة وفقا للتشريع والتنظيم الجاري به العمل المتعلق بحق تأسيس الجمعيات، أن تتولى الإعلام والدفاع والنهوض بمصالح المستهلكين و تعمل على احترام أحكام هذا القانون"[17].
وتختلف الدعاوى التي ترفعها هذه الجمعيات ونذكر منها:
ا-الدفاع عن المصالح الفردية مجموعة من المستهلكين.
وقد وردت في المادة 162 من قانون الاستهلاك المغربي الفصل الثاني المعنون ب "دعوى التمثيل المشترك" إذ جاء فيها:
"في حالة إذا تعرض عدة مستهلكين، وكانوا أشخاصا طبيعيين معروفة هويتهم، لأضرار فردية تسبب فيها نفس المهني وكان مصدرها واحد، جاز لكل جمعية للمستهلكين أو الجامعة المشار إليها في المادة 151، استثناءا الفقرة 3، -من الفصل 33 من ق.م.جأن تقيم دعوى المطالبة بالتعويض أمام المحكمة باسم المستهلكين عندما تكون موكلة من قبل مستهلكين اثنين على الأقل من المستهلكين المعنيين بالأمر.
ولا يمكن التماس الوكالة عن طريق دعوة العموم  عير التلفزة أو الإذاعة ولا عن طريق إعلان منشور أو رسالة شخصية، بل يجب أن تمنح الوكالة كتابة من قبل كل مستهلك[18].
ب-الانضمام إلى الدعاوى المرفوعة مسبقا من قبل المستهلك
أتاح المشرع المغربي لجمعيات المستهلكين ذات المنفعة العامة والجامعات المشار إليها في المادة 151 من الانضمام والتدخل أمام المحاكم المدنية للمطالبة خصوصا بتطبيق التدابير الواردة في المادة 154 في الحالة التي يكون هدف الطلب الأولي هو تعويض الضرر الذي تعرض له واحد أو مجموعة من المستهلكين..." وهو ما يطلق عليه بالتدخل الانضمامي في الخصومة.
(وجاء هذا التدخل في الفرع الثالث من الفصل الأول في مادته 159).
ج-الدفاع عن المصالح المشتركة للمستهلكين
ورد في الفصل الأول من الباب الثاني الذي جاء بعنوان: "الدعوى المرفوعة للدفاع عن المصلحة الجماعية للمستهلكين وبالضبط المادة 153 إذ جاء فيها:
"يمكن لجمعيات المستهلكين وللجامعة المشار إليها في المادة 151 أن تمارس الحقوق المخولة للطرف المدني والمتعلقة بالأفعال التي تلحق ضررا بالمصلحة الجماعية للمستهلكين..." ويحق لجمعية المستهلكين والجامعة أن تطلب من المحكمة المدنية أو المحكمة الزجرية أن تأمر الضنين تحت طائلة غرامة تهديدية: باتخاذ جميع التدابير الرامية إلى إيقاف التصرفات الغير مشروعة أو حذف شرط غير مشروع في العقد أو في النموذج العقد المقترح على المستهلكين –المادة 154-.
وعموما فطبقا للمادة: 161 فقرة 2. تتم عملية النشر على حساب الطرف الذي خسر الدعوى أو المحكوم عليه أو الجمعية التي نصبت نفسها كطرف مدني، عندما تكون المتابعات التي تم تحريكها بمبادرة منها قد ثم الحكم فيها بالبراءة.
بل أكثر من ذلك فإن الحق في اللجوء إلى القضاء لحماية حقوق المستهلكين، قد منح في بعض التشريعات المقارنة لبعض جماعات المستهلكين التي لا تربط لا بتنظيم مسبق ولا تحظى بالشخصية القانونية –المعنوية- ولقد كان القانون الأمريكي سباقا في منح هذا الحق لمجموعة من المستهلكين غير المنظمين الذي تربط بينهم وحدة السلعة التي تسبب الضرر فيما يعرف ب the class action، حيث تضم مطالبات هؤلاء في دعوى واحدة ترفع على منتج السلعة، ولا يخفى ما لهذا الموقف من إيجابيات خصوصا على مستوى تلافي تنازع الأحكام وكذا ازدحام المحاكم بالقضايا التي ترفع في مواجهة نفس المنتج ولنفس الغرض –سلعة أو خدمة أو منتوج-.
إن تقرير الصفة الجماعية لدعاوى المستهلكين على نحو ما رأينا يتعارض بشكل صارخ مع مقتضيات مبدأ نسبية أثر العقد.
لكن التأسيس السليم لهذا التطور لا يحتمل الجدل، حيث أن حماية المستهلكين إنما هي مسؤولية ينبغي دعمها جماعيا إذ أن مردودها إنما هو لصالح جموع المستهلكين وعمومهم.
                             

                        



[1]- إذ أن العقود التي تبرم بين أطراف متساوية ومتكافئة من حيث المركز والإمكانيات لا يتدخل فيها المشرع أو السلطة الإدارية إلا لضمان مشروعيتها وحسن تنفيذها وعدم إخلال أي طرف بما يقتضيه حسن النية في التعامل، وهي أمور لا تكفي لتوفير سلامة المستهلكين المادية والمعنوية في إطار المعاملات الاستهلاكية.
[2]- إذ تسهم في تطوير هذه المبادئ تطويرا كبيرا، بشكل مرن يخلق نوع من التوازن في العلاقات والمعاملات الاستهلاكية، وذلك حماية من المشرع المغربي للمستهلك ورعاية لمصالحه من خطر التلاعبات والأخطار والإغراءات التي تحذق به نظرا لكثرتها وتنوعها وخاصيات تلفت الانتباه.
[3]- كالالتزام بالإعلام والتحذير والنصح وكيفيات الاستعمال...
[4]- فإلى أي مدى استطاعت هذه الجهود المبذولة إلى الرقي بهذه الحماية؟
وهل كانت على مستوى طموحات المستهلكين؟
وهل فعلا تبنى المشرع المغربي قواعد متجددة ومرنة تراعي توفير الحماية الكافية للمستهلك؟
لمعالجة هذه الإشكاليات وغيرها، سنقوم بمقاربة...
"العربي مياد"، عقود الإذعان.
[5]جمال النكاس ,"حماية المستهلك واثرها على النظرية العامة للعقد في القانون الكويتي", مجلة الحقوق , العدد الثاني, يونيو 1989,ص: 96.
[6]جمال النكاس , مرجع سابق, ص 98.
[7] المنفذ بالظهير الشريف رقم 1.11.03 صادر في 14 من ربيع الاول 1432 (18 فبراير 2011).
[8]تنص المادة 20: " تعتبر احكام هذا القسم من النظام العام".
[9] المادة 16 من القانون 31.08.
[10]المادة 19 من القانون 31.08.
[11]Daniel Crémieux Israel : Cridit et protection du consommateur. Pari .1978 p.12 ‘’Le droit dagrément et le droit retraction.
 جمال النكاس مرجع سابق الصفحة 107[12]
 المادة 38 من قانون 31-08 [13]
 المادة 97 من مدونة التأمين[14]
المادة 75 من مدونة الشغل[15]
 المادة 49 من قانون 31-08[16]
[17]- الإعلام دور وقائي والدفاع دور جزائي.
[18]- غير أن كل مستهلك وافق على إقامة دعوى أمام محكمة زجرية وفق المادة 162، يعتبر ممارسا للحقوق المقررة وفق مقتضيات ق.م.ج، غير أن الإشعارات والتبليغات التي تهم المستهلك توجه إلى الجمعية المعنية أو إلى الجامعة. ويمكن للأشخاص المشار إليهم المادة 151 أن تنتصب كطرف مدني أمام قاضي التحقيق وأمام محكمة الموضوع التابع لها المقر الاجتماعي للمقاولة المتهمة أو محل وقوع المخالفة في حالة عدم وجوده.

شاركنا بتعليقك...

التعليقات



، اشترك معنا ليصلك جديد الموقع اول ً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

احصائيات الموقع

جميع الحقوق محفوظة

علوم قانونية وادارية

2010-2019