-->
علوم قانونية وادارية علوم قانونية وادارية

اخر المواضيع

جاري التحميل ...

الرقابة القضائية على العدول

مقدمة
   تعتبر خطة العدالة محورا أساسيا في المنظومة القضائية؛ لكونها من المهن القانونية و القضائية التي تزاول في إطار مساعدي القضاء، هدفها الأساسي توثيق الحقوق و المعاملات، و الحفاظ على أعراض الناس و أنسابهم، و تحضير وسائل الإثبات التي تمكن القضاء من فض النزاعات و الفصل في الخصومات، بالإضافة إلى المساهمة في التنمية العقارية و الإقتصادية و الإجتماعية،           و تحصيل الموارد و ضبط الواجبات المفروضة على المعاملات العقارية         و غيرها، و قد كان لها طيلة قرون دور فعال فيما يتعلق بتوثيق بيعة الملوك        و السلاطين في علاقاتهم مع رعاياهم، و 
فيما يتعلق بتوثيق جلسات القضاء      و ضبط الأحكام و حفظها و تدوينها.
   و نظرا لأهمية خطة العدالة؛ فقد حظيت بعناية كبيرة و مكانة رفيعة في الفقه الإسلامي، و أولاها الفقهاء و العلماء اهتماما كبيرا، خاصة فقهاء المغرب        و الأندلس، حيث جعلوها مهنة شريفة و ارتقوا بها إلى مصاف المهن المنظمة التي تخضع في مزاولتها لمراقبة القضاء و تحت إشرافه1.
   فقد خول النظام القضائي السابق للقاضي فيما يخص مراقبة العدول مجموعة من الصلاحيات و المهام، من أهمها؛ تصفح أحوال الشهود و تتبع سيرهم،       و مدى الإستمرار في محافظتهم على مواصفات العدالة و المروءة و الإستقامة.
   و في هذا يقول الفقيه أبو الحسن الماروني: "و التاسع –أي من الأمور التي يرجع النظر فيها للقاضي- تصفح شهوده و أمنائه و اختيار النائبين عنه من خلفائه، في إقرارهم و التعويل عليهم مع ظهور السلامة و الإستقامة و صرفهم  و الإستبدال بهم مع ظهور الجرح و الخيانة".
   و يقول الفقيه القرافي: "إذا ولي قاض كتب له تقليد يؤمر فيه بتقوى الله تعالى و طاعته و التشبت في القضاء و مشاورة العلماء، و تصفح أحوال الشهود و تأمل الشهادات، و حفظ أموال الأيتام و القيام بأمورهم، و النظر في الأوقاف و غير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-أحمد خرطة، مدونة التوثيق العدلي، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء 2010، ص 5.
ذلك مما يفوض إليه ليكون ذلك دستورا يعلم به ما يقلده فيعمل عليه".
   و يلزم ابن خلدون القاضي بذلك و يحمله مسؤولية مراقبة العدول تحت طائلة الضمان، فيقول "و يجب على القاضي تصفح أحوالهم و الكشف عن سيرهم، رعاية لشرط العدالة فيهم و أن لا يعمل ذلك لما يتعين عليه من حقوق الناس، فالعهدة عليه في ذلك كله و هو ضامن دركه.
   و قد اعتبر القاضي ابن خلدون مسألة مراقبة العدول و تأديبهم على رأس الأولويات التي ينبغي للقاضي المسلم أن يبدأ بها مهامه القضائية، و يقول في هذا الشأن: "و يلزمه أن يكون أول ما يبتدئ به؛ الكشف عن الشهود و الموثقين، فيتعرف حال من لا يعرف حاله منهم و يفحص عدالتهم، فمن كان عدلا أثبته     و من يترك غير المرضي ينتصب للناس، فإنها خديعة للمسلمين و وصمة عار في شعائر الدين، و عليه أن يصرح بعزل هؤلاء و يسجل على شاهد الزور كتابا مخلدا بعد عقوبته.
   و عملا بهذه الأقوال و تطبيقا لها و تنزيلا؛ ما فتئ خلفاء المسلمين و ولاة أمورهم يوصون القضاة في كتب تقليدهم و تعيينهم؛ المراقبة للعدول الشهود      و يأمرونهم بتتبع سلوكهم، فقد جاء في أحد عهود الخليفة الطائع لأحد قضاته:   "و أمره أن يتصفح أحوال الشهود المسموعة أقوالهم في الحقوق و الحدود المرجوع إلى أمانتهم المعمول بشهادتهم الذين بهم تقام الحجج و تدحض، و تبرم الأحكام و تنقض، و تثبت الدعوى و تبطل، و تمضي القضايا و تسجل، مجتهدا في البحث عن طرائقهم و أحوالهم، و انتقاد تصاريفهم و أفعالهم، و اسشفاف سجاياهم و عرفان مزاياهم...".
   فإذا تبين للقاضي من خلال المراقبة و التتبع، إن افتقد أحد العدول الشهود لأحد الشروط، أو ارتكب إحدى المخالفات المعتبرة (شهادة الزور و التدليس في الوثائق، التغيب عن حضور مجلس القاضي، حدوث جرحة أو فقد شرط من الشروط المعتبرة في العدالة، سوء الهندام)، تعرض للتأديب أو العقوبة التي يراها القاضي مناسبة، و هي في الجملة –عند فقهاء الشريعة- تتراوح بين إيقاف العدل عن الشهادة و بين ضربه و سجنه و التشهير به و قد تصل إلى قطع يده.
   أما بالنسبة إلى التقنين المغربي؛ فإنه لم يبتعد كثيرا عما ذكره علماؤنا في ميدان مراقبة العدول الشهود و تأديبهم، فقد أبقى على جعل هذا الإختصاص مشتركا بين وزير العدل باعتباره نائبا عن أمير المؤمنين و بين القاضي المكلف بالتوثيق. و قد كان الفصل 7 من الظهير الشريف المؤرخ في 24 من ربيع الثاني عام 1357ه موافق 23 يونيو 1938م الذي نسخ فيما بعد؛ ينص على أن وزير العدل هو الذي يقوم بتأديب العدول، و يمكن له أن يؤدبهم بالتوبيخ أو بالتعطيل عن الخدمة مؤقتا من غير أن يتجاوز عامين أو بالعزل، أما مجرد الإنذار فيكون على يد القاضي، غير أن عقوبة العزل لا تتم إلا بعد حضور العدل لدى وزارة العدل و سماع كلامه و النظر فيه.
   لكن القانون المتعلق بتنظيم التوثيق العدلي، و رغم أنه تمسك –عموما- بنفس المبدأ، حيث أبقى على خضوع العدول الشهود في مزاولة مهامهم لمراقبة وزير العدل و القاضي المكلف بالتوثيق، فإنه فرق بين المراقبة و التأديب؛ فجعل المراقبة لوزير العدل و القاضي المكلف بالتوثيق، بينما التأديب فخوله لهيئة قضائية على صعيد دائرة محكمة الاستئناف التابعة لها العدل في غرفة المشورة المكونة من خمسة قضاة، مع تخويله الصلاحية للوكيل العام للملك لدى هذه المحكمة؛ أن يوقف العدل –كلما ارتكب مخالفة خطيرة- مؤقتا عن عمله بإذن من وزير العدل، هذا مع العلم أن مضمون و حدود المراقبة التي يتكلم عنها القانون، فبينهما خلاف على مستوى مضمون المراقبة و مداها و شكلها، كما أن مراقبة وزير العدل و إن كانت مراقبة إدارية أو إجرائية محضة فقد تتخلله ما يشبه التأديبات و العقوبات.
   و عليه؛ ارتأينا تقسيم موضوعنا هذا إلى مبحثين:
المبحث الأول:  الرقابة القضائية لوزير العدل و قاضي التوثيق على العدول
   المبحث الثاني: رقابة وكيل العام للملك

المبحث الأول: الرقابة القضائية لوزير العدل و قاضي التوثيق على العدول
   إن المشرع المغربي و حسب قانون 16.03؛ أخضع العدول لرقابة أجهزة متعددة متمثلة في بعض إرادات الدولة و المحاكم، نظرا لما لهذا الأخير من دور في تنظيم المعاملات و الحفاظ على الحقوق و حماية الأموال من الضياع، و إبعاد المتعاملين عن النزاعات و الخصومات.
   مما جعل المشرع لا يترك فعالية نظام التوثيق رهينا بنزاهة و ضمير القائمين به.
و وفق النظام الحالي؛ يخضع العدول في مزاولة عملهم لمراقبة وزير العدل      و القاضي المكلف بالتوثيق، و هذا ما نصت عليه المادة 40 من قانون 16.03، كما أنها نصت على الإجراءات الخاصة بهذه المراقبة و التي تتحدد بنص تنظيمي.
   و قد تطرق المرسوم أيضا في المواد 37-38-39 إلى هذه الإجراءات، سواء تلك التي تتعلق بوزير العدل (المطلب الأول)، و قاضي التوثيق (المطلب الثاني).
المطلب الأول: رقابة وزير العدل
   لما كان وزير العدل الوصي المباشر عن ممارسة مجموعة من المهن القانونية و القضائية؛ و منها مهنة التوثيق العدلي، باعتباره نائبا عن أمير المؤمنين في المفهوم الإسلامي و بصفته العضو الحكومي عن تسيير شؤون العدالة و السهر على حسن سيرها و تتبع أحوالها، فقد خول له المشرع صلاحية مراقبة العدول الشهود، و القيام بكل ما من شأنه أن يحثهم على التقيد بالقواعد الشرعية          و القانونية، و يلزمهم بالتمشي على الضوابط التوثيقية رعاية لمصلحة الأفراد    و المجتمع2.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ                                                                                    2-العلمي الحراق، التوثيق العدلي بين الفقه المالكي و التقنين المغربي و تطبيقاته في مدونة الأسرة، الجزء الأول 2005، ص 296.
   و قد عكست مواد أخرى؛ بالإضافة إلى المادة 40 من نفس القانون المراقبة المنوطة بوزير العدل من خلال عدة مظاهر اختلطت في أغلب صورها بما يسببه التأديب و اقتربت أحيانا أخرى بما يصح اعتباره حماية للعدول و حصانة لهم،   و هذه المظاهر يمكن حصر أهمها فيما يلي3:
   -تعيين قاضي أو عدة قضاة من محاكم الإستئناف أو ممن يزاولون عملهم بالإدارة المركزية بالوزارة للقيام بتفتيش المكاتب العدلية تفتيشا عاما أو خاصا للبحث في وقائع محددة حسب ما ينص الفصل 12 من المرسوم التطبيقي لقانون 11.81.
   و حسب نفس الفصل يتمتع المفتش بسلطة عامة للتحري و التحقق و المراقبة، و يمكنه بوجه خاص استدعاء العدول و العاملين بمكاتبهم للإستماع إليهم،        و الإطلاع على جميع الوثائق المفيدة.
   و ترسل تقارير التفتيش حالا إلى وزير العدل مع مستنتجات المفتش           و اقتراحاته.
   فإذا تبين من تقارير التفتيش التي ترسل حالا إلى وزير العدل وجود مخالفات مهنية أو خروقات قانونية، فإن وزير العدل يبعث بها إلى السيد الوكيل العام للملك لتحريك المتابعة ضد المخالفين (المادة 47 من قانون 16.03)4.
   -إعفاء كل عدل أصابته عاهة مرضية تمنعه كليا من مزاولة المهنة طبقا لما نص عليه الفصل 11 من هذا القانون.
   و يلاحظ على المشرع من خلال هذا الفصل أنه لم يحدد الجهة التي تقوم بعملية الإعفاء، و لكن بحكم الوصاية التي هي لوزير العدل و أنه يملك التعيين كذلك؛ فإنه يملك حق الإعفاء و الإرجاع5.
   و يقتضي النص أن قرار الإعفاء كما يتخذه وزير العدل بنفسه إذا وصل إلى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ                                                                                 3-العلمي الحراق، الوجيز في شرح القانون المتعلق بخطة العدالة، الطبعة الأولى 1430ه-2009م، ص 127.                                                                               4-مرزوق آيت الحاج، الوجيز في التوثيق العدلي بين النظر و التطبيق، دراسة تحليلية و تطبيقية مستمدة من الفقه الإسلامي و التقنين الوضعي المغربي، الطبعة الأولى 1426ه-2006م، مطبعة طوب بريس، ص 118.                                                                                     5-العلمي الحراق، مرجع سابق،  ص 196-297.
عمله أن العدل يفتقد القدرة البدنية لمزاولة المهنة، يتخذه أيضا بناءا على طلب العدل، كما أن الإعفاء من مزاولة المهنة للسبب المذكور، و إرجاعه إلى ممارستها بعد زوال المانع و يتوقف على صدور قرار من وزير العدل6.
   -إذ أنه للوكيل العام للملك المختص الحق بإيقاف العدل مؤقتا عن عمله كلما فتحت متابعة تأديبية أو جنحة أو جناية، سواء تعلقت بالإخلال بواجباته المهنية، أو بجريمة عامة حسب ما تنص عليه المادة 48. و هذا الإذن يعتبر حصانة للعدول و حماية لهم، لأن وزير العدل لا يأذن بالإيقاف المؤقت إلا بعد ما يتبين له ما خطورة الفعل المنسوب إلى العدل، و قويت عنده التهمة المثارة ضده.
   و الظاهر من هذه المادة؛ أن وزير العدل لا يأذن بإيقاف العدل مؤقتا من عمله، إلا بعد أن يقتنع الوكيل العام للملك بخطورة المخالفة المرتكبة من طرف العدل، و يقرر في شأنها إيقاف العدل المعني بالأمر و يخبر بذلك وزير العدل ملتمسا منه الإذن بالإيقاف، و لكن المقصود غير ذلك؛ لأن وزير العدل و بصفته الرئيس المباشر للنيابة العامة، و علاقته بالوكيل العام للملك، علاقة الرئيس بمرؤوسه،   و بالتالي فمن حق الوزير إذا بلغ إلى عمله أن عدلا ارتكب مخالفة خطيرة تستوجب إيقافه عن العمل مؤقتا، أن يصدر تعليماته إلى الوكيل العام للملك المختص و يأذن له بالإيقاف المؤقت من غير أن يكون ملزما بانتظار التماس الوكيل العام للملك الإذن الوزيري بالإيقاف المؤقت7.
   و يتعين على غرفة المشورة بمحكمة الإستئناف المحال عليها المتابعة التأديبية، البث في أقرب أجل ممكن تسوية وضعية العدل الموقوف، إذا لم يصدر القرار عند انتهاء مدة ثلاثة أشهر ابتداءا من تاريخ الإيقاف يستأنف العدل مهامه تلقائيا و بقوة القانون بعد إدلائه بشهادة موقعة من قبل رئيس كتابة الضبط تنفيذ ذلك.
   إذا صدر القرار من غرفة المشورة بعقوبة العزل أو الإقصاء المؤقت قبل انقضاء مدة الثلاث أشهر، فإن الإيقاف يستمر مفعوله في حدود المدة المحكوم بها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ                                                                                           6-مرزوق آيت الحاج، مرجع سابق، ص 119.                                                                                                            7-العلمي الحراق، مرجع سابق، ص 128.
  بالنسبة للإقصاء المؤقت على أن تحتسب عند الإقتضاء  مدة الإيقاف السابقة عن صدور قرار غرفة المشورة و إلى حين تنفيذ العقوبة بالنسبة للعزل.
 و في حالة متابعة العدل الموقوف مؤقتا عن عمله من أجل جنحة تمس شرف المهنة، فإنه يستأنف مهامه تلقائيا و بقوة القانون بعد مضي أربعة أشهر من تاريخ إيقافه و إدلائه بالشهادة المشار إليها أعلاه، ما لم تبث المحكمة ببراءته قبل ذلك، فيستأنف عمله فورا، أو بإدانته فيستمر إيقافه إلى أن يبث في متابعته التأديبية.
   أما في حالة متابعته جنائيا؛ فإن إيقافه يستمر إلى حين صدور أمر نهائي يعدم المتابعة، أو حكم ببراءته، و في كلتا الحالتين لا تتعدى مدة الإيقاف سنة، و في حالة الحكم بإدانته من طرف غرفة الجنايات بمحكمة الإستئناف بعد استئنافه لعمله يمكن للوكيل العام أن يوقفه من جديد، و يستمر هذا الإيقاف إلى حين أن تبث غرفة المشورة في متابعته التأديبية.
   أما في حالة صدور حكم قاضي بإدانته قبل مرور سنة على إيقافه؛ فإن هذا الأخير يستمر إلى حين أن تبث غرفة المشورة في متابعته، و يتعين على الوكيل العام للملك –عند صدور حكم نهائي بإدانته في الموضوع- إحالة المتابعة التأديبية على غرفة المشورة داخل أجل ثلاثة أشهر (المادة 48 من قانون 16.03)8.
   -إسقاط العدل الناجح في الإمتحان المهني الذي لم يلتحق بمقر عمله، وفقا لما تنص عليه المادة 7 من القانون السالف المذكور، و كذا إسقاط العدل الذي أصبح يمارس أعمالا أخرى تتنافى مع ممارسة خطة العدالة طبقا لمقتضيات المادة 22 من نفس القانون.
   -قبول استقالة العدول أو عدم قبولها وفقا للمنصوص عليه في المادة 20.
   -وضع حد لتمرين العدل المتمرن الذي أخل بالتزاماته التدريبية أو ارتكب فعلا مخلا بشرف المهنة.
   و من ثم؛ فإن وزير العدل هو المعني الأول بمراقبة العدول، تتبع أحوالهم،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
8-مرزوق آيت الحاج، مرجع سابق، ص 119-120.
 تصريف أشغالهم و تدبير قضاياهم من أولها إلى نهايتها، و إليه يرجع النظر في ضمان حسن سير مهنة التوثيق باعتباره مرفقا عموميا.
   و بمقتضى هذه المراقبة يبدو أن من حق وزير العدل إلزام العدول بكل ما يراه مناسبا في هذا الشأن و مفيدا لمصلحة الجهاز التوثيقي و المصلحة العامة، سواء تم ذلك من خلال المناشير الوزيرية التي يصدرها من حين لآخر أو الدوريات أو غيرها.
   و بالإضافة إلى وزير العدل الذي كلفه المشرع بالرقابة على العدول، أشرك معه و ألحقه بالقاضي المكلف بالتوثيق9 (المطلب الثاني).
المطلب الثاني: رقابة قاضي التوثيق
   لكي تأتي محررات العدول صحيحة مبنى و معنى و خالية من نقص أو خلل، أناط المشرع المغربي بقاضي التوثيق مراقبة هذه المحررات حتى تكون مطابقة لأحكام الشرع و القانون10. و منذ صدور القانون المنظم لخطة العدالة و وزير العدل هو المختص بتعيين قضاة التوثيق، بمقتضى اقتراح مشترك لكل من رئيس المحكمة الإبتدائية و وكيل الملك بها، و يكون قرار التعيين إما لمدة محددة، و يتم وضع حد لمهامه بنفس الطريقة التي عين بها ما لم يكن التوقف لسبب آخر.
   و يوجد مقره بالمحكمة الإبتدائية أو بمقر آخر تابع لها، و يمارس مهامه تحت إشراف رئيسها و لو كان مستشارا بمحكمة الإستئناف أو بمحكمة النقض11.
   و بخصوص مراقبة قاضي التوثيق للعدول، و السهر على تطبيق جميع الضوابط المنظمة لخطة العدالة، و برجوعنا إلى القانون المنظم لها، و إلى المرسوم التطبيقي لهذا القانون؛ نجد نوعين من الرقابة يمارسها قاضي التوثيق على العدول: رقابة قبلية تسبق مرحلة تحرير الوثيقة أو تلقي الشهادة (الفقرة الأولى)، و رقابة بعدية تأتي بعد مرحلة تحرير الوثيقة (الفقرة الثانية).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
9-العلمي الحراق، مرجع سابق، ص 128-129.                                                                                                                         10-محمد الربيعي، الأحكام الخاصة بالموثقين و المحررات الصادرة عنهم، دراسة على ضوء التوثيق العدلي و التوثيق العصري، الطبعة الأولى 2008، ص 211.                                                                                                                                             11-مرزوق آيت الحاج، مرجع سابق، ص 133.
الفقرة الأولى: الرقابة القبلية
   يعتبر قاضي التوثيق مسؤولا عن صحة المحررات التي تتم بواسطة العدول12، فالمشرع منح له مهمة مراقبة المحررات العدلية و التأكد من خلوها من كل عيب أو نقص، فقاضي التوثيق يقدم مجموعة من التوصيات و يقوم بمجموعة من الإجراءات منها:
   -إلتزام جانب التحري الكامل في شهادات اللفيف و الإسراع في إنجاز الرسوم.
   -مراقبة السجلات الإدارية، و التنبيه إلى ضرورة مسكها بشكل منتظم،        و يتعلق الأمر بسجل الواردات و الصادرات، و هو مخصص للمراسلات الإدارية الخاصة بقسم التوثيق و سجل التداول مع مختلف الأقسام الأخرى داخل المحكمة، و سجل كفالة الأطفال المهملين و سجل كفالة الأطفال غير المهملين.
   -يراقب سجلات التضمين الممسوكة من طرف النساخ.
    -يفتح قاضي التوثيق مذكرة الحفظ للعدول و يختمها، و يؤشر عند الإطلاع عليها13.
   -إذنه للعدول في تلقي بعض الشهادات مثل: الإذن في تلقي الوصية بعقار خارج الدائرة القضائية لموقع العقار (المادة 14 من القانون).
   -تكليفه بعض العدول العاملين بدائرته في حالات محددة لتلقي بعض الشهادات، من ذلك مثلا: تكليفه عدلين بالتناوب لتلقي شهادة اعتناق الإسلام، و شهادة زواج المعسرين (المادة 13 من قانون التوثيق السالف الذكر)، و تكليفه عدلين للتعريف بعدل أو عدلين –حسب الحالة- مات أو زالت عنه صفة الإنتساب لخطة العدالة أو عاقه عائق عن الأداء، بعد أن تلقى شهادة بصفة قانونية و أثبتها في مذكرة الحفظ (المادة 21 من المرسوم).
   -كونه هو الذي يعين من يخلف العدل المتغيب من بين عدول دائرة نفوذه علما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ                                                                                               12-محمد الربيعي، مرجع سابق، ص 211.                                                                                                             13-مرزوق آيت الحاج، مرجع سابق، ص 136-137.  

أن المصلحة العامة اقتضت منه ذلك (المادة 14 من القانون)14.
الفقرة الثانية: الرقابة البعدية
   يمكن إجمال هذه الرقابة و مظاهرها في النقط التالية:
   -يراقب تصرفات العدول، و يطلع على المذكرات و المستندات و الرسوم العدلية، و إذا وجد شهادة مخاطب عليها و لم تسلم لأصحابها يسأل العدلين عن سبب ذلك.
   -ينجز محضر بذلك يضمنه جميع الملاحظات، و يحتفظ بهذا المحضر في ملف العدل.
   -يفتش مكاتب العدول مرة في السنة على الأقل.
   -يخاطب على الرسوم بعد التأكد من سلامتها و خلوها من النقص و الخلل، كما يخاطب على نسخ تلك الشهادات.
   -يراقب تصرفات العدول، و إذا لاحظ إخلالا في عمل أحدهم يرفع تقريرا بذلك إلى وزير العدل.
   -يتولى تنقيط العدول سنويا على أساس السلوك و الإنتاج و الكفاءة، و عملا بمنشور وزير العدل رقم 856 بتاريخ 19-05-1979م الذي يفرض رفع بطاقة تنقيط العدول إلى الوزارة في 15 يوما الأولى من شهر يناير من كل سنة،        و توجيه هذه البطاقات إلى الوزارة تحت إشراف التسلسل الإداري و داخل الأجل المطلوب، و يتم الإحتفاظ بنظير هذه البطاقة في ملف العدل المعني.
   -إطلاع وزارة العدل على جداول إحصاء الشهادات العدلية التي تلقاها عدول أقسام التوثيق، و ترسل هذه القوائم مرتين في السنة و في نظيرين وفق نموذج معد لذلك، يتضمن أسماء العدول و نوع الشهادات و هل حررت و سلمت لأصحابها أو لا؟، و في حالة عدم التسليم يبين سبب ذلك.
     -رفع تقرير سنوي حول التوثيق، و يتضمن هذا التقرير وصفا شاملا لوضعية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ                                                                                                                     14-العلمي الحراق، الوجيز في شرح القانون المتعلق بخطة العدالة، مرجع سابق، ص 129.
التوثيق بالمحكمة المعنية خلال سنة، من حيث بيان نوعية الشهادات العدلية      و عددها و العدول و حركة نقلهم، و الإشكاليات التي يواجهها التوثيق بالمحكمة.
   -إشعار نظارة الأوقاف بعمليات الحبس التي قد تنجز من طرف العدول        و توجيه نسخة من رسم التحبيس إلى وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية15.
   غير أن ما تجدر الإشارة إليه هنا؛ هو أن مراقبة كل من وزير العدل           و القاضي المكلف بالتوثيق تتميز بكونها ذات شقين رئيسيين:
   يتعلق الشق الأول بمراقبة العدول و تتبع مهامهم على نحو ما ذكر.
    أما الشق الثاني فيتعلق بمراقبة خطة العدالة و ضمان حسن سيرها كمرفق عمومي يتعين استمرار وجوده في المجتمع لحاجة الناس إليه.
    هنا بالإضافة إلى أن القاضي المكلف بالتوثيق أناط به التقنين المغربي مراقبة أخرى و ألزمه بها، و تتعلق بتصفح الشهادات و الوثائق العدلية و قراراتها       و تأملها قبل الخطاب عليها طبقا للمادة 35 من قانون 1616.03.




ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ                                                                                                      15-مرزوق آيت الحاج، مرجع سابق، ص 138-139.                                                                                                 16-العلمي الحراق، الوجيز في شرح القانون المتعلق بخطة العدالة، مرجع سابق، ص 129-130.
المبحث الثاني: رقابة وكيل العام للملك
   لقد حظيت مهنة خطة العدالة باهتمام كبير من قبل الفقهاء و العلماء خاصة فقهاء المغرب و الأندلس، حيث جعلوها مهنة شريفة و ارتقوا بها إلى مصاف المهن المنظمة، و التي تخضع في مزاولتها لمراقبة القضاء و تحت إشرافه17،    و المتمثلة في مراقبة وزير العدل و مراقبة القاضي المكلف بالتوثيق، بالإضافة إلى مراقبة الوكيل العام للملك، و الذي أناط به؛ إحالة كل عدل ارتكب مخالفة للقواعد التوثيقية المقررة فقها و قانونا، أو أخل بواجباته المهنية إلى محكمة الاستئناف حسب ما تنص عليه المادة 47 من قانون رقم 16.03 المتعلق بخطة العدالة: "يحيل الوكيل العام للملك لدى محكمة الإستئناف المعين العدل بدائرة نفوذها المتابعة التأديبية إلى محكمة الاستئناف".
   تبث محكمة الاستئناف في غرفة المشورة و هي مكونة من خمسة أعضاء بعد استدعاء الأطراف المعنية لسماع ملاحظاتهم و تلقي الملتمسات الكتابية للوكيل العام للملك، و تطبق قواعد المسطرة العادية على هذه المتابعة18.
   و بالتالي؛ يقتضي هذا المبحث دراسته من خلال التطرق إلى المتابعة التأديبية و المتابعة الجنائية، و ذلك من خلال المطلبين التاليين:
المطلب الأول: المتابعة التأديبية أو الجنحية 
   إن مجرد تحريك الدعوى العمومية أمام قاضي التحقيق، لا تعتبر متابعة توجب إيقاف العدل مؤقتا عن عمله، لأن ذلك مجرد تحقيق تمهيدي و بحث أولي، و ما زالت التهمة الموجهة إلى العدل مجرد تهمة عارية عن الإثبات و التأكد، و إلى حد الآن ما زال العدل بريئا، و بالتالي ينبغي أن لا يوقف إلا بعد أن يصدر قاضي التحقيق أمرا بمتابعته و إحالة القضية على المحكمة المختصة.
   و من جهة أخرى، فإن المقصود بالمتابعة؛ تلك التي أوقف العدل بسبب ارتكابه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
17-أحمد آيت الطالب و عبد السلام العيماني، الدليل العملي في النصوص الجنائية الخاصة و المهن الحرة، الطبعة الثالثة، مطبعة المعارف الجديدة الرباط 2012، الجزء الثالث، ص 362.                                                                                                                     18-مرزوق آيت الحاج، مرجع سابق، ص 126.
لها سواء كانت متابعة تأديبية، التي هي من اختصاص غرفة المشورة بمحكمة الاستئناف، أو أي متابعة جنحية أخرى.
   و سواء كانت المتابعة التأديبية ناتجة عن إخلال خطير بواجب مهني، أو ناتجة عن جريمة توبع العدل من أجلها في محكمة ابتدائية و آلت بعد الحكم الابتدائي إلى متابعة تأديبية حركها ضده الوكيل العام للملك. و سواء كانت أيضا المتابعة الجنحية الأخرى تنظر فيها محكمة الاستئناف كدرجة أولى من درجات التقاضي، أو تنظر فيها كدرجة ثانية من درجات التقاضي، كأن يتابع عدل بجريمة خيانة الأمانة أو بجريمة النصب و الإحتيال أمام المحكمة الابتدائية، فتصدر حكمها بالإدانة يصل إلى الحبس النافذ، ثم يطعن العدل بالاستئناف في هذا الحكم أمام محكمة الاستئناف19.
   و بالتالي و حسب المادة 42 من قانون 16.03 "يتعرض العدل كلما ارتكب مخالفة للقواعد المقررة أو إخلالا بالواجبات المفروضة عليه طبقا للنصوص القانونية أو التنظيمية المعمول بها لمتابعة تأديبية...".
   و من ذلك فإن العدول يتعرضون لمتابعات تأديبية كلما ارتكبوا مخالفات للقواعد المقررة أو أخلوا بالواجبات المفروضة عليهم طبقا للنصوص القانونية أو التنظيمية المعمول بها لمتابعة تأديبية وفقا للمقتضيات المحددة بالنسبة لهذا القسم.
   و المقصود بالقواعد المقررة و بالواجبات المفروضة، تلك القواعد و الواجبات التي قررتها و أوجبتها مطلق النصوص القانونية، سواء التي نص عليها في هذا القانون أو في القوانين الخاصة، أو قررتها النصوص التنظيمية المتخذة لتطبيق هذه القوانين، سواء تعلق الأمر بنصوص المراسيم أو بقرارات وزيرية.
   و من ثم؛ فإنه لم يبق للقواعد المقررة و الواجبات المفروضة بالفقه الإسلامي أو المالكي على الخصوص، أو بالعرف أو بما جرى به العمل، مجال في شأن متابعات العدول و معاقبتهم، فلا يتابع أي عدل إلا بعد أن يثبت أنه ارتكب مخالفة أو أخل بواجب مفروض عليه بنص قانوني أو تنظيمي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
19-العلمي الحراق، التوثيق العدلي بين الفقه المالكي و التقنين المغربي و تطبيقاته في مدونة الأسرة، مرجع سابق، ص 305-306.
   و بهذا تكون المادة قد وضعت حدا للمتابعات التي تؤسس على مخالفات العدول لقاعدة فقهية محضة، أو لقاعدة عرفية أو لقاعدة ما جرى به العمل، فلا متابعة تأديبية في حق العدول اليوم إلا بنص قانوني أو تنظيمي.
   أما تسوية وضعية العدول الموقف فمعناها إما أن يصدر قرار عن محكمة الاستئناف يقضي ببراءته مما نسب إليه في المتابعة التأديبية أو المتابعة الجنحية، أو يقضي بإدانته في المتابعة التأديبية حيث تحدد حسب المادة 43 من قانون خطة العدالة العقوبات التأديبية في الإنذار، التوبيخ، الإقصاء المؤقت عن العمل لمدة لا تتجاوز سنة، العزل.
   إلا أنه لغرفة المشورة السلطة التقديرية الكاملة في إنزال العقوبة المناسبة لكل مخالفة تبعا لوقعها و خطورتها دون أن تكون ملزمة بالترتيب الوارد في النص القانوني.
   بالإضافة إلى أنه تتقادم المتابعة التأديبية بمرور ثلاث سنوات، ابتداءا من تاريخ ارتكابهم المخالفة، و المتابعة الزجرية تتقادم بتقادم الدعوى العمومية، كما أن أجل التقادم يوقف بكل إجراء من إجراءات المتابعة أو التحقيق تأمر به السلطة التأديبية أو تباشره.
   بالإضافة إلى ذلك و حسب ما جاء في منطوق المادة 47 من قانون خطة العدالة السالف الذكر، أنه إذا تبين للنيابة العامة دلائل على تورط العدل في مخالفة مهنية، فإن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف المعين العدل بدائرة نفوذها، يقرر متابعة العدل المعين بالأمر و يحيل القضية إلى محكمة الاستئناف لتبث فيها غرفة المشورة و هي مكونة من 5 أعضاء بعد استدعاء الأطراف المعنية لسماع ملاحظاتهم و تلقي الملتمسات الكتابية للوكيل العام للملك، و تطبق فيها قواعد المسطرة العادية.
   و بمجرد إحالة الوكيل العام للملك القضية التأديبية إلى غرفة المشورة تعتبر فتحا للمتابعة في مواجهة العدل المعين بها، و يترتب عنها ما يترتب عنها قانونا، أما قبل الإحالة فإنها تعتبر مجرد شكاية في طور البحث الأولي، و لا تعتبر

متابعة20.
المطلب الثاني: المتابعة الجنائية
   حسب ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة 48 من قانون خطة العدالة أنه "في حالة متابعته جنائيا فإن إيقافه عن العمل يستمر إلى حين صدور أمر نهائي بعدم المتابعة، أو الحكم ببراءته في الموضوع، و في كلا الحالتين لا تتعدى مدة الإيقاف سنة، و في حالة الحكم بإدانته من طرف غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بعد استئنافه عمله يمكن للوكيل العام للملك أن يوقفه مؤقتا عن عمله من جديد، و يستمر إيقافه إلى أن تبث غرفة المشورة في متابعته التأديبية".
   إذا صدر حكم بإدانته قبل مرور سنة على إيقافه، فإن إيقافه يستمر إلى أن تبث غرفة المشورة في متابعته التأديبية.
   يتعين على الوكيل العام للملك –عند صدور حكم نهائي بالإدانة في الموضوع- إحالة المتابعة التأديبية على غرفة المشورة داخل أجل ثلاثة أشهر21.
   إلا أنه قبل ذلك و إذا تعلق الأمر بمتابعة العدول أمام القضاء التأديبي أو الزجري، و حينما ترفع شكاية بعدل تتهمه بارتكاب إخلالات مهنية، فإن النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف تجري بحثا أوليا في الموضوع، تحت إشراف الوكيل العام للملك لدى المحكمة أو أحد من نوابه، و يمكن لها و في إطار تقريب الإدارة القضائية من المواطنين أن تفوض ذلك إلى النيابة العامة لدى المحكمة الابتدائية المختصة ترابيا، كما يمكن لها تصف البحث التمهيدي عن طريق الضابطة القضائية.
   و في كل الأحوال تستأنس النيابة العامة برأي القاضي المكلف بالتوثيق التابع لدائرة نفوذه العدل المشتكى به ما لم يكن القاضي هو من أثار المخالفة فإن كان القاضي هو الذي يبادر برفع المخالفة إلى النيابة العامة، استغنى عن رأيه فيها ما دام أن رأيه يكون مضمنا في إشعاره بالمخالفة، كما تستعين النيابة العامة بوجهة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
20-نفس المرجع، ص 133-134.                                                                                                         21-أحمد آيت الطالب و عبد السلام العيماني، مرجع سابق، ص 372.
نظر المجلس الجهوي للعدول بدائرة محكمة الاستئناف حول المخالفة المثارة ضد العدول.
   إلا أنه يتعين طلب رأي المجلس الجهوي للعدول في كل شكاية مرفوعة ضد عدل كيفما كان نوعها، أي سواء تعلقت بادعاء الزور أو بادعاء ارتكاب مخالفات توثيقية أو غير ذلك.
   كما أنه يمكن الإستئناس برأي المجلس الجهوي للعدول في كل شكاية ضد عدل، و هذا عموم آخر يجب أن يبقى على عمومه حيث يرد في القانون ما يخصصه، و ما دام القانون لم ينص على تخصيصه بالمتابعات الجنائية أو الجنحية، فيتعين أن يبقى شاملا لكل الحالات، تعلقت الشكاية بادعاء ارتكاب مخالفات توثيقية أو بادعاء الزور أو غيره22.
   و بالرجوع إلى المتابعة الجنائية؛ فإن إيقاف العدول يستمر إلى حين صدور أمر نهائي بعدم المتابعة، أي أن قرار إيقاف العدل مؤقتا عن عمله يكون سابقا على إصدار أمر نهائي بعدم المتابعة، و هو الأمر الذي لا يصدر إلا عن قاضي التحقيق.
   بالإضافة إلى أن إمكانية إيقاف العدل مؤقتا عن عمله تتكرر بتكرر المتابعات التي يمكن أن يتعرض لها العدل، كما تقتضي أن كل فتح لمتابعة من هذه المتابعات يعطي الإمكانية للوكيل العام للملك من أجل إيقافه، و مآل الإيقاف المؤقت في حالة متابعة العدل الموقوف مؤقتا عن عمله من أجل جناية أي مطلق جناية، سواء تتعلق بالمهنة بالمرة، كاتهامه بجناية القتل العمد أو جناية المس بأمن الدولة الداخلي أو الخارجي، أو غير ذلك من الجنايات، و عليه؛ ففي حالة متابعة العدل جنائيا و تم إيقافه مؤقتا عن عمله بسببها، فإن إيقافه عن العمل يستمر البحث إلى حين صدور أمر نهائي بعدم المتابعة أي صدور أمر عن قاضي التحقيق مستنفذا جميع طرق الطعن القانونية، و صيرورة الأمر غير قابل لأي طريق من طرق الطعن، أو إلى حين حكم المحكمة ببراءة العدل في الموضوع، فإن  صدر أمر بعدم المتابعة و لم يمكن نهائيا، فإن الإيقاف يستمر، أما إذا صدر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
22-العلمي الحراق، التوثيق العدلي بين الفقه المالكي و التقنين المغربي و تطبيقاته في مدونة الأسرة، مرجع سابق، ص 131-132.
الحكم بالبراءة فإن العدل الموقوف يستأنف عمله متى صدر هذا الحكم سواء صدر هذا الحكم قبل أو بعد مرور مدة الإيقاف التي هي سنة23.







ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
23-نفس المرجع، ص 140-141-143.

خاتمة
   يمكن القول أن مؤسسة التوثيق مؤسسة ذات مهام واسعة تخضع في ممارسة هذه الأخيرة لرقابة مزدوجة، حيث أنها تنظم سير العلاقات من الأشخاص و تحدد معالم التعامل و ينظم طبقا لنصوص تشريعية، و ما جرى به عمل القضاء من غير أن ننسى عرف الناس و عاداتهم، الشيء الذي جعلها حاضرة في جميع مجالات الحياة اليومية، و في مختلف الميادين، مما دفع المشرع المغربي إلى تنظيمها و ضبطها و مراقبتها في عدة نصوص قانونية، خاصة و أن شخص العدول ليس محميا و لا محصنا مما قد يتعرض له أثناء مزاولة مهامه، أو بسبب قيامه بها، و هذا ما بين لنا جليا مدى أهمية هذه المؤسسة و دورها الريادي       و البارز داخل المجتمع.



لائحة المراجع  
                                                                                                                                                            
ü   أحمد آيت الطالب و عبد السلام العيماني، الدليل العملي في النصوص الجنائية الخاصة و المهن الحرة، الطبعة الثالثة، مطبعة المعارف الجديدة الرباط 2012، الجزء الثالث.
ü   العلمي الحراق، التوثيق العدلي بين الفقه المالكي و التقنين المغربي و تطبيقاته في مدونة الأسرة، الجزء الأول 2005.
                -الوجيز في شرح القانون المتعلق بخطة العدالة، الطبعة الأولى 1430ه-2009م.    
ü   محمد الربيعي، الأحكام الخاصة بالموثقين و المحررات الصادرة عنهم، دراسة على ضوء التوثيق العدلي و التوثيق العصري، الطبعة الأولى. 
ü      مرزوق آيت الحاج، الوجيز في التوثيق العدلي بين النظر و التطبيق، دراسة تحليلية و تطبيقية مستمدة من الفقه الإسلامي و التقنين الوضعي المغربي، الطبعة الأولى 1426ه-2006م، مطبعة طوب بريس.       

مواضيع مختارة

شاركنا بتعليقك...

التعليقات



، اشترك معنا ليصلك جديد الموقع اول ً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

احصائيات الموقع

12,068,855 عدد المقالات 13291 عدد التعليقات 327

جميع الحقوق محفوظة

علوم قانونية وادارية

2010-2019