-->
علوم قانونية وادارية علوم قانونية وادارية

اخر المواضيع

جاري التحميل ...

نظرية التكييف :القانون الدولي الخاص

القانون الدولي الخاص: نظرية التكييف

التكييف في تنازع القانون الدولي الخاصعملية التكييف هي عملية اولية يلجأ اليها القاضي عندما تطرح لديه منازعة خاصة ذات طابع دولي لتحديد الطبيعة القانونية لهذا النزاع. اي تحديد الوصف القانوني للمنازعة المطروحة امامه.
و هي مسألة تطرح حتى على المستوى الداخلي مع بعض الاختلافات. لأنه في نطاق القانون الدولي الخاص هناك قلة قواعد الاسناد التي يمكن ان يرجع اليها القاضي فيما يتعلق بالأوصاف القانونية للمنازعة.

ان مسألة التكييف اولية تكون سابقة على اصدار الحكم و على تحديد القانون الواجب التطبيق.
فالقانون الدولي الخاص يصنف العلاقات الدولي الى مجموعة من الفئات و يضع لكل فئة من هذه الفئات قاعدة اسناد.
و هذه العملية لها اهميتها على مستوى النتائج, فكلما كان التكييف صحيحا كلما كان التطبيق صحيحا و العكس يؤدي الى حكم غير عادل للتطبيق.
ان عملية التكييف هي عملية لإضفاء الوصف القانوني على العلاقات الخاصة ذات الطابع الدولي و ذلك تمهيدا لإدخالها ضمن فئة معينة من قواعد الاسناد. و بعد ذلك يتحدد للقاضي القانون الواجب التطبيق.
المشكل المطروح :
-          هو ما هو القانون الذي يجب على القاضي ان يجري على ضوئه هذه العملية. هل هو قانونه ? ام انه يجب عليه ان يرجع الى قانون النزاع ? او القواعد و المبادئ العامة المتعارف عليها في القانون المقارن ?
هناك نظريات في هذه المسألة و هي كالتالي :

1-     نظرية ترجيح قانون القاضي في عملية اجراء التكييف :
يرجع الفضل في هذه النظرية ا لبى الفقيه –كاهن- و بعده الفقيه –بارتان-
عملية ترجيح قانون القاضي او اخضاع التكييف لقانون القاضي على اساس ان القاضي عندما تعرض عليه منازعة خاصة ذات طابع دولي فالتكييف يجب ان يتم وفقا لقانون القاضي لأنه هو القانون الذي يعرف مقتضياته و مبادئه و اسسه. و بالتالي فان هذه العملية يجب ان تتم وفق قانونه.
و هذه النظرية في واقع الامر قد وجدت ترحيبا من لدن التشريعات اولا. و القضاء لان هناك تشريعات قد نصت صراحتا في قانونها على ان تحديد الاوصاف القانونية الخاصة في القانون الدولي يجب ان يجع فيها الى قانون القاضي )كالقانون التونسي مثلا(. و القضاء في غالب الدول الان يأخذ بهذا التوجه و يعتبر بان عملية التكييف السابقة على تطبيق قاعدة الاسناد يجب ان تخضع لقانون القاضي.
مع الاشارة الى ان الفقه و خاصتا –بارتان- يقول بانه يجب التمييز في عملية التكييف بين نوعين من التكييف :
-          التكييف الاولي او التمهيدي : و هو الذي يجب ان يخضع لهذا المبدأ .اي التكييف على ضوء قانون القاضي.
-          التكييفات اللاحقة على تطبيق قاعدة الاسناد بعد ان يتحدد القانون الواجب التطبيق : يجب ان يخضع للقانون الواجب التطبيق.
انتقد هذ الرأي من طرف الفقه : على ان التكييف هو تكيف واحد لا يجب ان نميز فيه بين تكيف اولي و تكيف لاحق. على اعتبار ان التكييف اللاحق على تعين القانون الواجب التطبيق ما هو الا تطبيق للأحكام الموضوعية لنفس القانون الواجب التطبيق و بالتالي فان التكييف هو تكيف واحد. الامر الذي جعل –باتان- يتراجع عن هذا الراي في كتابات لاحقة.
و من ناحية اخرى نجد ان الفقيه –باتان- يستثني من نظرية اخضاع التكييف لقانون القاضي مسالتين اساسيتين :
-          عندما يتعلق الامر بتحديد الطبيعة القانونية للعقد فهذا التكييف يجب ان يخضع لقانون الارادة تجسيدا لمبدأ سلطان الارادة. و بالتالي يرجع عملية التكييف لقانون ارادة الاطراف.
-          المنازعات المرتبطة بالمال تحدد طبيعتها القانونية بناء على اخضاع هذه المسألة لموقع قانون المال.
و انتقد على اعتبار انه ليس هناك استثناءات على هذا المبدأ لان هناك صعوبة في بعض المجالات من اجل تحديد طبيعة التكييف.
موقف المشرع المغربي من نظرية اخضاع عملية التكييف لقانون القاضي :
 يجب التميز بين مرحلتين :
-          مرحلة عهد الحماية : كان القضاء يرجع فيما يتعلق بالتكييف لقانون النزاع او للقانون الاجنبي و لا تخضع عملية التكييف لقانون القاضي. و ذلك تطبيقا لمبدأ سائد في عهد الحماية الا و هو –مبدأ قدسية القانون الاجنبي امام القضاء الوطني- فقد كانت تعطى للقانون الاجنبي قدسية كبرى. و بالتالي كان القاضي يخضع في كل ما يتعلق بعملية التكييف للقانون الاجنبي خاصتا في مجال الاحوال الشخصية لان الفقه في ذلك الوقت كانوا يقولون على ان نظام الاحوال الشخصية المغربي مزدوج. وامام هذه الازدواجية يصعب معرفة القانون الذي يجب ان يجري القاضي المغربي وفقه عملية التكييف.
-          مرحلة ما بعد الحماية : بعد الاستقلال هناك توجه نحو هجرة مبدأ القدسية التي تعطى للقانون الاجنبي في عملية التكييف. و اصبح القاضي المغربي يتبنى موقف بناء على ضوئه يقوم بعملية التكييف وفقا للقانون الوطني و ليس الاجنبي.   

2-     نظرية اخضاع التكييف لقانون النزاع :
نظرا لكون نظرية بارتن لم تسلم من الانتقاد ، تبنى بعض الفقه نظرية أخرى مبنية على أساس
إخضاع التكييف إلى القانون المختص بحكم النزاع، و من رواد هذه النظرية الفقيه "ديسبانيه
هذه النظرية مخالفة للأولى على اعتبار ان التكييف يجب ان يتم وفقا لقانون النزاع. و عليه فاذا كان قانون النزاع الذي يحكم المنازعة هو القانون الوطني المغربي فان القاضي يجب عليه ان يجري التكييف وفقا لهذا القانون. و اذا كان القانون الواجب التطبيق هو القانون الاجنبي فان التكييف يجب ان يتم وفقا لهذا القانون.
و لقد استند ديسبانيه على 3 أسانيد رئيسية يمكن عرضها على النحو التالي:
- اختيار أحد القوانين لحكم النزاع يكون اختيار كلي و اعترافا كاملا للقانون المختار باختصاصه بحكم العلاقة
محل النزاع، خاصة فيما يتعلق بوصفها القانوني، و القول بغير ذلك يؤدي إلى التقليل من فرص تطبيق القانون الأجنبي و هذا ما يتعارض مع وظيفة قاعدة الإسناد التي تهدف إلى تحقيق التعايش بين مختلف النظم القانونية.
-  أن ترك مسألة التكييف تخضع للقانون الواجب التطبيق فيه ضمان أكبر لصحة تطبيق هذا الأخير لأن عدم الرجوع إليه قد يؤدي إلى مخالفته ، إما بتطبيقه على غير الحالات التي أراد المشرع تطبيقه عليها، أو عدم تطبيقه على حالات يفترض تطبيقه فيها.
-إن إخضاع التكييف للقانون المختص بحكم النزاع يؤدي إلى تحقيق العدالة على عكس ما يحققه التكييف وفقا لقانون القاضي و ذلك في حالة ما إذا كان القانون الأجنبي المختص يعرف و ينظم المسألة المعروضة في حين أن قانون القاضي يجهلها.
الانتقادات التي وجهت لهذه النظرية :
-          اذا تأملنا هذه النظرية سنجد انها تعترضها صعوبات على مستوى التطبيق لان التكييف عملية اولية سابقة لعملية الاسناد. فكيف يمكن ان يجري التكييف على قاعدة لم تحدد بعد ? لان المطلوب هو تحديد قاعدة اسناد واجبة التطبيق.
-          اجراء التكييف وفقا لقانون اجنبي معين حسب قاعدة الاسناد قد تعترضه صعوبات عندما يتعلق الامر بمسالة يجهلها القانون الاجنبي. اذن فكيف تتم عملية التكييف ?

3-     نظرية اخضاع عملية التكييف للقانون المقارن :  
أمام الانتقادات الموجهة لكل من الفقيهين بارتان و ديسبانيه، ظهرت نظرية ثالثة من أهم روادها الفقيه الألماني "أرنست رابل" الذي دعا إلى عدم التقيد بالمفاهيم الواردة في كل من قانون القاضي و القانون الأجنبي المحتمل التطبيق و نادى بضرورة الرجوع إلى مفاهيم عالمية موحدة للأفكار المسندة و التي يتم استخلاصها بإتباع منهج
البحث المقارن للقوانين
و بمعنى آخر يتوجب على القاضي أن لا يتقيد عند قيامه بالتكييف بالمبادئ الوطنية السائدة سواء في قانونه أو في قانون أية دولة أخرى، بل عليه أن يستخدم مفاهيم ذاتية خاصة بالقانون الدولي الخاص و التي يتم استخلاصها من القانون المقارن.
من الانتقادات التي وجهت الى هذه النظرية :
-          صعوبة الكبيرة في تطبيق هذه النظرية خاصة من الناحية العملية ، إذ أنه من العسير على القاضي المطلوب منه تكييف مسألة معينة أن يرجع إلى قوانين دول مختلفة من أجل أن يستمد منها الوصف
القانوني الملائم.
-          من الصعب على القاضي أن يتخلى عن تكوينه الثقافي و النفسي المتأثر بالقانون الوطني و خاصة الظروف الاجتماعية المحيطة به.
-          اختلاف النظم القانونية حول الوصف القانوني قد يؤدي بالقاضي إلى نتائج متضاربة، و في كثير من الأحيان لن يجد ما يساعده في مجال الدراسات الفقهية للقانون المقارن، خاصة و أن هذه الأخيرة لازالت في مرحلة العموميات و هذا ما لا يسمح للقاضي بأن يتقصى منها حلا واضحا للمسألة المعروضة عليه. و هذا لأن قواعد القانون المقارن لم تتبلور بعد و لم يتم توحيد الأوصاف القانونية فيها، و يحتاج ذلك إلى دراسات و بحوث و مستويات عالية.

خلاصة :
فيما يتعلق بتحديد و تكيف طبيعة النزاع الاصل هو ان هذه العملية تخضع لقانون القاضي الذي اصبح الاتجاه السائد تشريعا و قضاء و فقها.
فعندما يتعذر على القاضي تحديد طبيعة التكييف عليه ان يرجع لقانونه. و هي نظرية تكرس لمبدأ السيادة.

شاركنا بتعليقك...

التعليقات



، اشترك معنا ليصلك جديد الموقع اول ً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

احصائيات الموقع

جميع الحقوق محفوظة

علوم قانونية وادارية

2010-2019