العلاقة بين التعددية الحزبية والنظام الانتخابي في العراق للمدة من 2003 - 2014 بقلم : احمد راضي محمد علي. معهد العلمين للدراسات العليا
العلاقة بين التعددية الحزبية والنظام الانتخابي في العراق للمدة من 2003 - 2014 بقلم احمد راضي محمد علي معهد العلمين للدراسات العليا
إنّ المتتبع للشأن العراقي يعلم أن يوم التاسع من نيسان عام 2003, هو الحد الفاصل في تاريخ العراق السياسي, لانّ النظام السياسي شهد تغييراً جذرياً بكل جزئياته, من النظام الشمولي, وحاكمية الحزب الواحد الى تأسيس نظام سياسي قائم على آليات العمل الديمقراطي . وبعد أن استقرت الديمقراطية كأساس للحكم, وأصبحت الحكومات الديمقراطية الممثل الشرعي للشعوب, كان لا بد من ايجاد الآلية المناسبة للمشاركة في اتخاذ القرارات السياسية, ولا تتم هذه المشاركة إلا بالانتخابات العامة, التي تُمكن الشعب من اختيار ممثليه.
إذ تُعد الإنتخابات الوسيلة الديمقراطية الوحيدة لإسناد السلطة السياسية, وتضفي الشرعية على نظام الحكم لأي دولة، وذلك بشمولية حق الانتخاب, وعدم حرمان أي فرد من أفراد المجتمع من له حق الانتخاب بالمساهمة في الحياة السياسية, فمعيار الانتخابات الحرة والنزيهة والعادلة يرتكز على النظام الإنتخابي بالدرجة الأولى. فتُعد مسألة انتقاء النظام الانتخابي, من أهم القرارات في النظام الديمقراطي, ففي معظم الأحيان يترتب على اختيار نظام انتخابي معين, تبعاتٍ على مستقبل الحياة السياسية في البلد المعني؛ لأنّ النظام الانتخابي يُعنى بعملية الانتقال السلمي للسلطة أو البقاء فيها, لذا يُعد الدعامة المهمة للديمقراطية, وأساس الحكم فيها، والركيزة الأساسية في كل إصلاح سياسي, وإداري, واجتماعي, ومصدر شرعيتها، مما يجعل عملية اختيار النظام الإنتخابي من بين أهم القرارات المتخذة في الدول الديمقراطية .
لأن النظام الإنتخابي يعد انعكاساً للنظام السیاسي، وكي نكون أمام نظام دیمقراطیة یجب أن یكون الشعب هو من اختار ممثليه، فقد تختار الدول نظام التمثیل النسبي وهو يلائم التعددية الحزبية, أو نظام الأغلبية، وتختار الهيأة التي تشرف علیها, لأن اختيار الإدارة قد يؤثر في نتائج العملیة الانتخابية.
ويؤدي النظام الانتخابي المعتمد في أي نظام سياسي دوراً مؤثراً في ظهور وتعدد الأحزاب السياسية، ويمنحها القوة للتأثير في المجتمع، ويحدد نوعية أعضاء السلطة التشريعية، والتنظيمات السياسية, التي من الممكن أن تصل إلى الهيآت التمثيلية، ويحدد إن كانت الأحزاب السياسية هي صاحبة التأثير الأول في السلطة التشريعية، أو التأثير لمجاميع متفرقة من الأفراد لا مشترك بينها.
كما إن التعددية الحزبية في النظام السياسي تعد أكثر ملائمة مع المبادئ الديمقراطية, إذ إنها تعطي الحق لكل جماعة أن تعتنق ما تشاء من آراء, وأن تدافع بالطرق القانونية عن معتقداتها, وأن تكتسب الانصار. ومن المتفق عليه أن تأثير النظام الإنتخابي على الأحزاب السياسية, شَكّل ولا يزال يُشّكل أحد اهتمامات فقهاء القانون الدستوري، فضلاً عن الباحثين في مجال السياسة فطالما كان للنظام الإنتخابي تأثيراٌ على سير مؤسسات الدولة وعلاقاتها ببعضها البعض، ولما له من ارتباطات مباشرة بالتعددية الحزبية ومتطلباتها، مما يجعل دراسة هذا الموضوع " العلاقة بين التعددية الحزبية وبين النظام الإنتخابي للمدو 2003- 2014" يستجيب لضرورات عملية وتتمثل في ضرورة الموازنة بين مطالب الطبقة السياسية المستمرة في إيجاد نظام انتخابية يتماشى وتطلعاتها، ومن جهة أخرى متطلبات الاستقرار السياسي التي تتطلب نظام إنتخابية يتماشى وواقع التعددية الحزبية في العراق بما لا يتعارض مع مبادئ الديمقراطية. وفي ظل التغييرات المختلفة للنظام الانتخابي وما رافقها من آثار مختلفة على الأحزاب السياسية في العراق, يمكن التساؤل إلى أي مدى تؤثر النظام الانتخابي على حجم وقوة الأحزاب السياسية في العراق ؟ وهل ان النظام الإنتخابي يتماشى مع واقع التعددية الحزبية ؟ فالتساؤلات السابقة وغيرها ستكون محور دراستنا للموضوع معتمدين في ذلك على المنهج النظمي، لذا سنقوم بوصف ظاهرة التعددية الحزبية في العراق وعلاقتها بالنظم الانتخابية, بالإعتماد على البيانات ونتائج الانتخابات المختلفة، ثم تحليل هذه النتائج بطريقة موضوعية من أجل التعرف على العوامل المتحكمة في متغيرات الدراسة, فضلاً عن اعتماد منهج التحليل الوصفي, فلقد مثلت الاستبانة الأداة الرئيسة للجانب التطبيقي من هذه الدراسة، وذلك بعد جمع البيانات الخاصة بإختبار الفرضيات ومن ثم تحليلها بإستخدام برنامج( Spss ) وذلك للإجابة على التساؤلات وتحقيقاً لأهداف الدراسة, فالمقاربة الكمية والإحصائية تمنح البحث أكثر مصداقية. ومن أهم النتائج التي توصلت اليها الدراسة, هي وجود علاقة إرتباط عكسية, ومعنوية, بين التعددية الحزبية وبين النظام الإنتخابي في العراقي, وذلك أن النظام الإنتخابي يؤثر في حجم التمثيل البرلماني للأحزاب المتنافسة بما يتناسب مع حجمها في المجتمع, وقد يتيح نظامٌ انتخابيٌ آخر الفرصة أمام القوى الكبيرة كي تتمثل بمقاعد أكبر من حجمها الحقيقي في المجتمع.
وتوصلت الدراسة الى مجموعة من التوصيات منها, العمل على تعديل النظام الإنتخابي وعدم إعتماد نظام التمثيل النسبي في العراق بسبب الآثار الناجمة عنه, مما يؤدي الى تشتت الأصوات في مجلس النواب, الذي توزعت مقاعده على عدد من الكيانات الرئيسية المختلفة, وقاد اختلافها الى مزيد من الخلافات التي انعكست على عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية مما ولد انقسامات حادة, وغياب دور المعارضة البرلمانية, كما نتج عن نظام التمثيل النسبي وجود حكومات ائتلافية ضعيفة؛ بسبب عدم وجود كتلة فائزة بالأغلبية البرلمانية.
شاركنا بتعليقك...