بحث مصادقة رئيس الجمهورية على القوانين
صلاحيات مصادقة رئيس الجمهورية على القوانين في العراق |
المحامي كرم الحديثي
في المفهوم الدستوري لايعد رئيس الجمهورية منصب بقدر ماهو مؤسسة دستورية ولذا سارت الدساتير على افراد فصل بعنوان رئيس الجمهورية حاله كحال باقي المؤسسات مع الاخذ بنظر الاعتبار التنوع حسب طبيعة النظام الدستوري من دولة لاخرى وفي الدستور العراقي لعام ٢٠٠٥ عرف رئيس الجمهورية بالمادة (٧٦)(رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن يمثل سيادة البلاد، و يسهر على ضمان الالتزام بالدستور، والمحافظة على استقلال العراق، وسيادته، ووحدته، وسلامة اراضيه، وفقاً لاحكام الدستور).
والسؤال الذي هو مشتق من التعريف (..و يسهر على ضمان الالتزام بالدستور...) كيف يستطيع ان يضمن الالتزام بالدستور اذا ما وجد قانون مخالف للدستور فرفضه الصريح على المصادقة واصدار القوانين اصبح غير ذي قيمة ولا يحدث اي اثر بل القانون يعد مصادق ويصدر وان كان الرفض صريح وهذا ما توصلت له المحكمة الاتحادية العليا في قرارها (٩٩و١٠٤و١٠٦/ اتحادية/ ٢٠١٨) (...كون رئاسة الجمهورية لا تملك دستورياً حق نقض القوانين...) فاذا ذهبنا بهذا المذهب الذي ذهبت به المحكمة الاتحادية العليا باعتبار ما اسس واستند عليه القرار سابق الذكر فان وظيفة رئيس الجمهورية الاساسية وهي المصادقة والاصدار للقوانين عطلت هذه الوظيفة الحيوية
فالقراءة الظاهرية للنص الذي ركنت اليه المحكمة المادة(١٣٨) يجيز لكن هل يفسر النص القانوني بمعزل عن بقية النصوص المتعلقة بذات الموضوع وقبل الذهاب لتلك الحزمة من النصوص الدستورية نتوقف عند موضوعين الاول وهو اذا ما وجد رئيس الجمهورية مخالفة دستورية في القانون المعروض فيصدر بدون الحاجة لمصادقتهة والامر باصداره وعلى رئيس الجمهورية اللجوء بعد اصدار القانون للمحكمة الاتحادية للطعن بعدم دستوريته كأي متضرر من القانون وكأن فيهذه الحالة اعطاء ميزة المواطنة لرئيس الجمهورية التي يترتب عليها حق التقاضي الذي هو حق مكفول لاي مواطن فلا يستقيم عمل هذه المؤسسة الدستورية لفقدانها ضماناً قانونياً لسير عملها وافراغها من محتواها الذي هو احد الضمانات للعمل المؤسساتي الذي يصب في خدمة الوطن والمواطن لموضوع الاخر أو الثاني بالاصح اشكالية حين عد رئيس الجمهورية من مكونات السلطة التنفيذية وكان الاجدر ان يكون حامي للدستور بمركز قانوني منفرد يتمتع من خلاله لتحقيق مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث.
وبالعودة لحزمة المواد الدستورية فقد نصت المادة ((٧٣):-(يتولى رئيس الجمهورية الصلاحيات الاتية :-
ثالثاً ـ يصادق ويصدر القوانين التي يسنها مجلس النواب، وتعد مصادقا عليها بعد مضي خمسة عشر يوما من تاريخ تسلمها)).
ان ارادة المشرع لو انصرفت لعمل رتابي وليس قانوني لما ذكر مدة (١٥يوم) وكان من الاجدر ان يذكر المشرع ان تصدر من قبل مجلس الوزراء او وزارة العدل التي هي منوط بها الاصدار وكما هو معلوم ان المشرع لا يجامل فكان اعطى صفة الوحوب او الالزام على رئيس الجمهورية بعلى او يجب او ينبغي في اول البند بل على العكس عدهة من الصلاحيات الحصرية والتي غير قابلة للتخويل وماهي الغاية التي من خلالها نص المشرع على صلاحيتي المصادقة والاصدار ولو كانت غير ذي جدوى لكن درجها مع المهام البرتوكولية لرئيس الجمهورية وسيتضح الموضوع اكثر من خلال المناقشة سيتبين الموضوع اكثر وارادة مشرع الدستور في هذا الموضوع ان النظام الحكم العراقي الحالي هو نظام نيابي (برلماني) غير مكتمل ...
اذا ان السلطة التشريعية تتكون من مجلسين حسب نص الدستور في المادة (٤٨):-(تتكون السلطة التشريعية الاتحادية من مجلس النواب ومجلس الاتحاد). وهذا القصور لعدم قيام مجلس النواب بتشريع قانون (مجلس الاتحاد) في المادة(٦٥):-(يتم انشاء مجلس تشريعي يدعى بـ"مجلس الاتحاد" يضم ممثلين عن الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في أقليم، وينظم تكوينه وشروط العضوية فيه واختصاصاته، وكل ما يتعلق به بقانون يسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب) وهذا المجلس ضمانة دستورية لعدم تفرد (مجلس النواب) في الجنبة التشريعية حيث اكد صراحة المشرع على مهمته التشريعية وفكرة المجلسين في الانظمة البرلمانية كما اسلفنا هي ضمانة ومن الاعراف الدستورية الثابتة اذا ما اعترض رئيس الدولة على المصادقة على قانون فيعاد ويجتمع المجلسان بجلسة واحدة لمناقشة اعتراضات رئيس الدولة ويصوت على القانون بنسبة محددة
واذا ما حصل على تلك النسبة من تصويت المجلسين يكون لزاماً على رئيس الدولة المصادقة والاصدار للقانون موضوع الاعتراض ، وان عدم اعتراض رئيس الدولة ينافي امكانيتهة من تحقق الغاية من مشروعات القوانين التي قدمها هو او مجلس الوزراء (م/أولاً-٦٠) ومن الملاحظ هنا لو اورد المشرع لكان استخدم لفظ المقدمة من قبل السلطة التنفيذية كما ورد في عدد من المواد منها على سبيل المثال (م/ثانياً-٦١) وغيرها باعتبار ان مؤسسة رئيس الجمهورية من مكونات السلطة التنفيذية بل هنا فصل بينه وبين مجلس الوزراء ليستقيم بذلك غاية المشرع من الوظيفة المناطة بمؤسسة رئيس الجمهورية ومهمته العمل على الالتزام بتطبيق الدستور وبهذا يستقيم ويصح المعنى وتتضح الغاية التشريعية لارادة المشرع.
كرم حسين
شاركنا بتعليقك...