أوجه التشابه و الاختلاف بين جريمة ( الضرب المفضي إلى الموت ) و جريمة ( القتل الخطأ ) في قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل .
✍️: القاضي : باعث عدنان عبد الحسين البلداوي .
جريمة ( الضرب المفضي إلى الموت ) و جريمة ( القتل الخطأ ) |
المادة 410 من قانون العقوبات تنص على : ( من اعتدى على آخر بالضرب أو بالجرح أو بالعنف أو بإعطاء مادة ضارة أو بارتكاب أي فعل آخر مخالف للقانون و لم يقصد من ذلك قتله و لكنه أفضى إلى موته يعاقب بالسجن مدة لا تزيد عن خمسة عشرة سنة ... الخ ) ، أما المادة 411 فقرة 1 من قانون العقوبات فقد نصت على : ( من قتل شخصاً خطأ أو تسبب بقتله من غير عمد بأن كان ذلك ناشئاً من إهمال أو رعونه أو عدم أنتباه أو عدم احتياط أو عدم مراعاة القوانين و الأنظمة و الأوامر يعاقب بالحبس و الغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين ) .
و قبل أن نخوض في أوجه الاختلاف الرئيسية بين كلا الجريمتين ، لا بد من الوقوف عند أوجه التشابه الرئيسية بينهما حتى نمكن القاريء من تكوين فكرة واضحة عنهما ، و أوجه التشابه هي :
1- الفعل الجرمي :
و هو الركن المادي للجريمة و الذي عرفته المادة 28 من قانون العقوبات بأنه : ( سلوك إجرامي بارتكاب فعل جرمه القانون أو الامتناع عن فعل أمر به القانون ) و هو متحقق في جريمة الضرب المفضي إلى الموت في افعال ( الضرب – الجرح – العنف – إعطاء مادة ضارة ) و متحقق في جريمة القتل الخطأ في ( الإهمال – الرعونة – عدم الانتباه – عدم الاحتياط – عدم مراعاة القوانين و الأنظمة و الأوامر ) .2- القصد الجرمي :
و هو الركن المعوني للجريمة و الذي عرفته المادة 33 فقرة 1 من قانون العقوبات المشار له أعلاه بأنــه : ( توجيه الفاعل إرادته إلى ارتكاب الفعل المكون للجريمة هادفاً إلى نتيجة الجريمة التي وقعت أو أية نتيجة إجرامية أخرى ) و استنادا لما تقدم فإن كلا الجريمتين تتشابه في عدم توفر القصد الجرمي لجريمة القتل ، حيث لم يكن الفعل الصادر بقصد القتل ، و لكن متى ما توفر القصد الجرمي فأن كلا الجريمتين تخرج من ذلك الوصف و تصبح جريمة قتل عمد .3- النتيجة الجرمية :
فالنتيجة الجريمة في كلا الجريمتين هي واحدة ( موت إنسان ) و بذلك فإن كلا الجريمتين تتشابه أيضا مع جريمة القتل العمد و لكنهما يختلفان من حيث القصد الجرمي المشار له في الفقرة ( 1 ) أعلاه
.
4- الشروع :
عرفته المادة 30 من قانون العقوبات المشار له أعلاه بأنه : ( البدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة إذا أوقف أو خاب أثره لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها ) ، و لا يمكن تصوره فيهما لعدم توفر القصد الجرمي في كلا الجريمتين ، و هو أمر يتطلب وجوده في الشروع ( بقصد ارتكاب جناية أو جنحـــة ... الخ ) .أما فيما يتعلق في أوجه الاختلاف الرئيسية بين جريمة الضرب المفضي إلى الموت و جريمة القتل الخطأ فهي :
1-الاعتداء و العمد في الفعل الجرمي :
و هي من أهم أوجه التفريق بين جريمة الضرب المفضي إلى الموت و جريمة القتل الخطأ ، فرغم التشابه في وجود الفعل الجرمي ( الركن المادي ) في كلا الجريمتين كما أوضحنا سابقاً ، إلا أنها تتطلب في جريمة الضرب المفضي إلى الموت وجود اعتداء من قبل الفاعل و إن يكون ذلك الاعتداء عمدياً ، بمعنى أن الفاعل كان يقصد الضرب أو الجرح أو العنف أو إعطاء المادة الضارة أو أي فعل مخالف للقانون و لم يكن قاصدا أكثر من حصول ذلك ، أي لم يكن يقصد النتيجة الجرمية و هي ( الموت ) و هذا ما هو مقصود بجملة ( من أعتدى عمداً على آخر ... الخ ) ، و مثاله قيام شخص بضرب جار له بناء على خلاف سابق ضرباً مبرحاً بواسطه عصا و أفضى ذلك إلى موته . أما في جريمة القتل الخطأ ، فلا يوجد اعتداء مطلقاً من قبل الفاعل ، و إنما يوجد فعل صادر عن شخص أدى بناء إلى قتل خطأ أو تسبب في قتله من غير عمد ، و مثاله قيام شخص بتنظيف سلاح ناري و كان يجهل وجود إطلاقه فيه فأصيب صديقه الذي كان جالساً إمامه و أدى ذلك إلى موته .2- سبق الإصرار :
عرفته المادة 33 فقرة 3 من قانون العقوبات بأنه : التفكير المصمم عليه في ارتكاب الجريمة قبل تنفيذها بعيدا عن ثورة الغضب الآني أو الهياج النفسي ، و هو أمر متحقق في جريمة الضرب المفضي إلى الموت لوجود الاعتداء و العمد و الذي يؤكد وجود تصميم مسبق على ارتكاب الجريمة و هو ما منصوص عليه أيضاً في المادة 410 من قانون العقوبات ( ... و تكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على عشرين سنة إذا ارتكبت مع سبق الإصرار ... الخ ) ، و هو لا يمكن تصوره مطلقاً في جريمة القتل الخطأ لانتفاء الاعتداء و العمد فيها و كونها قد نشأت عن خطأ آني .
3- المساهمة في الجريمة :
تنص المادة 48 من قانون العقوبات على : ( يعد شريكاً في الجريمة :
1- من حرض على ارتكابها فوقعت بناء على هذا التحريض .
2- من أتفق مع غيره على ارتكابها فوقعت بناء على هذا الاتفاق .
3- من أعطى الفاعل سلاحاً أو آلات أو أي شيء آخر مما أستعمل في ارتكاب الجريمة مع علمه بها أو ساعده عمدا بأي طريقة أخرى في الإعمال المجهزة أو المسهلة أو المتممة لارتكابها . و من خلال النص أعلاه نرى أنه من الممكن تحققه في جريمة الضرب المفضي إلى الموت لإمكانية توفر سبق الإصرار فيها ، و لا يمكن تحققه في جريمة القتل الخطأ لعدم إمكانية حصول سبق الإصرار فيها و لكونها مبنية على خطأ آني غير مقصود ، علما أن الشريك في جريمة المفضي إلى الموت إذا كان يهدف من فعله النتيجة الجريمة فيحاسب هو على جريمة قتل و يحاسب الفاعل عن جريمة ضرب مفضي إلى الموت و العكس صحيح ، و إن ذلك يأتي عملاً بإحكام المادة 54 من قانون العقوبات :
إذا اختلف قصد أحد المساهمين في الجريمة ( فاعلاً أو شريكاً ) أو كيفية علمه بها عن قصد غيره من المساهمين أو عن كيفية علم ذلك الغير ، عوقب كل منهم بحسب قصده أو كيفية علمه .
شاركنا بتعليقك...