سلطة الحرف والمتولين لشؤون الدولة
سلطة الحرف والمتولين لشؤون الدولة |
كانت لسلطة الحرف هيبة ورهبة لدى نفوس المتولين لشؤون الدولة..ومساحة صغيرة على يمين الصفحة الأخيرة لصحيفة الثورة بجانب كاريكاتير محمد الشيباني كانت مؤثرة جدا وتكشف كثيرا من الخلل في مرافق الدولة وتجبر ذلك المرفق على سد الخلل وإصلاح الاعوجاج..
كانت تلك المساحة بعنوان لقطات..يتم انتقاد أداء مرفق أو وزارة أو هيئة عامة بناء على شكوى مرسلة عبر فاكس الصحيفة لا يتم نشرها إلا بعد التحري من صحتها..
"لقطات"بفضل صحفيين متمكنين ومخلصين للمهنة وعارفين جسامة رسالتهم ومسؤوليتهم المحملين بها أصبحت محل متابعة لكثير من المتابعين على كل المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغير ذلك..ومحل مصداقية لهم..
في يسار الصفحة الأخيرة عمود يوميات الثورة يكتب فيه كل يوم صحفي يناقش أو ينتقد موضوعا وأمرا من أمور الحياة..وعبره تم معالجة مشاكل كثيرة للمجتمع..
بعد عيد من الأعياد الوطنية رأيت أعلام الجمهورية معلقة على أعمدة النور في شارع صنعاء بمدينة الحديدة وقد أصبحت بحالة رثة وقطعة قماش مغبرة بدون ألوان..وساءني منظر العلم بذلك الشكل المزري..
طبعا قانون العلم الوطني يحظر ذلك ويعده جريمة معاقب عليها بالحبس أو الغرامة..
ذات صباح..وباندفاع شبابي تواق لتطبيق نصوص القانون على كل ماحولي وكل ما أراه أرسلت لصحيفة الثورة فاكسا عن حالة الأعلام في شارع صنعاء بمدينة الحديدة..وسردت لهم نصوص قانون العلم الوطني التي تجرم ذلك الإهمال وتعاقب عليه..آملا أن يتطرقوا إلى ما أرسلته في "لقطات "..
بعد العصر..شاهدت ونش الأعلام واللوحات الاعلانية التابع للبلدية يتنقل من عمود إلى عمود ينزل الأعلام المهترئة ولم يبق علم يرفرف..إحسست حينها إن صوتي مسموع وهناك من يوصل صوت الناس للقائمين على أمور الدولة..إما بإبلاغهم وتنبيههم للشكوى والخلل من موقعه في سلطة الحرف..أو بنشرها في لقطات ليرتدع ويقوم بعمله ويعرف إن هناك من يراقبه ويكشف أي تجاوز منه..
رغم الفساد الإداري ورغم المساوئ كان هناك حراك إعلامي يوصل معاناة الناس للرأي العام ولصاحب القرار ويحاول معالجة ما استطاع إليه سبيلا..
الحروب والأزمات الوقت الحقيقي لسلطة الحرف وظهور سلاطينها ورواد الكلمة استشعارا للمسؤولية المحملين بها والأمانة وشرف المهنة الذي أقسموا عليه..لينقلوا معاناة الناس ويوصولوا صوتهم لولاة الأمر..ويفضحوا المتخاذل عن خدمة الشعب ويشرشحوا به..ويسخروا حروفهم لرأب الصدع وجمع الشمل..فرب مقال صحفي غير حياة أمم..
ولكن !!
سنين من الملاقفة واللقافة ضاعت فيها الحروف والكلمات في قضايا مسعدة قال كعبول وقال الشنص والمعايرة بموزة والتفاح ولم يجد الناس سلطان حرف لمعاناتهم.
شاركنا بتعليقك...