السؤال: قارن بين تفويض الاختصاص و تفويض التوقيع
يرتبط التفويض الاداري بالموازاة مع الاختصاص الاداري الذي يعتبر
وظيفة ادارية يعهد بها القانون لسلطة معينة لمباشرتها في الحدود المرسومة لها.
ولهذا فإن صاحب الاختصاص الاصيل يلزم بأن يمارس اختصاصه بنفسه، و لا
يجوز له أن يفوض غيره في ممارسة اختصاصه، الإ في اطار ضوابط قانونية يجيزها
القانون صراحة الا اذا كنا في ظل ظروف استثنائية.
و ذلك لما يترتب عليه من آثار سواء في: تحديد مسؤولية و سلطات كل من
الاصيل المفوض و المفوض اليه وما ينجم عن ذلك من جزاءات قانونية .لقد استقر الفقه
و القضاء الاداريين على ان التفويض باعتباره قرار اداريا صادرا بالارادة المنفردة
لصاحب الاختصاص الاصيل، يشترط لصحته و شرعيته من الناحية القانونية عدة شروط ، قد
تتحد او تختلف في كل من تفويض الاختصاص و تفويض التوقيع ، و من ثم فالمقارنة بين
نوعين التفويض تقتضي بيان اوجه الشبه و اوجه الاختلاف.
أوجه التشابه من الناحية الموضوعية : الاستناد الى نص قانوني يأذن به الاصيل ، حيث لا تفويض بدون نص يجيزه صراحة و بوضوح
، إذ لا يمكن افتراضه ،و ان يكون جزئيا بحيث لا يشمل كل اختصاصات المسندة للأصيل لأن ذلك يعد تنازلا و هو غير مباح كما يشترط ان يكون في حدود النص الاذن به من حيث
الاشخاص المفوض اليهم و الموضوعات و أن يصدر قرار التفويض قبل البدء في ممارسة
الاختصاص المفوضة.
من الناحية الشكلية: باعتبار التفويض قرارا اداريا فانه يشترط لصحته توافر الشروط اساسية و
جوهرية كالكتابة و التسبيب و التاريخ و التوقيع و احترام الاجراءات و الشكليات
الجوهرية كالنشر و التبليغ.
أوجه الاختلاف: يمكن إبراز أهم أوجه الاختلاف فيما يلي :
من حيث سلطة المفوض الاصيل نحو المفوض اليه:
تفويض الاختصاص تصرف حاجز يمنع الاصيل من ممارسة الاختصاصات المفوضة
طيلة مدة التفويض و لا يجوز استرجاع ذلك الا بإنهاء التفويض ، سواء بارادة المانح الصريحة ، أو حكما بإزالة الصفة عن
المانح أو الممنوح له الاستقالة او الوفاة ....الخ و التصرفات التي تجرى من طرف
المفوض له خلال إزالة الصفة القانونية على المانح يمكن إدراجها ضمن أعمال الموظف الفعلي .
في حين أن التفويض التوقيع لا يمنع الاصيل من مشاركة المفوض اليه في
التوقيع حتى في الحالات التي فوضت الى المفوض اليه فالوالي
يمكنه التوقيع على ما تم تفويض التوقيع بشأنه الى رئيس الدائرة او الوالي المنتدب
او مديري المصالح الخارجية على مستوى الولاية على سبيل المثال فالمفوض اليه يخول
بالتوقيع نيابة عن رئيسه و باسمه و لحسابه و تحت رقابته و مسؤوليته.
تفويض الاختصاص موضوعي و ليس شخصي كما هو الحال في التوقيع اي تفويض
الاختصاص يمنح الى مرؤوس يحدده القانون (وزير الى الامين العام ، او موظف مرؤوس
برتبة مدير او نائب مدير حسب الاحوال ،او هيئة بصفتها الوظيفية و ليس الشخصية على
عكس تفويض التوقيع فهو شخصي يقوم على اساس العلاقة بين المفوض و المفوض اليه.
من حيث المسؤولية : ان ترتيب المسؤولية في حالة التفويض تختلف بين
التفويض الاختصاص و تفويض التوقيع.
ففي التفويض الاختصاص يعتبر المفوض اليه هو المسؤول عن التصرفات التى
مارسها في اطار الاختصاص الممنوح له ذلك ان القرار الصادر عنه يعتبر قراره لا قرار
المفوض فاذا ما فوض وزيرا جزء من اختصاصه الى الوالي فان القرار هنا هو قرارا
ولائيا و ليس قرارا وزاريا و من ثم فان المسؤولية تقع على عاتق الوالي ، و يكون
قراره معرضا لدعوى الالغاء امام المحاكم الادارية.
أما في تفويض التوقيع : فان المسؤولية المدنية الناجمة عن الاضرار
التي تلحق الغير من جراء الاعمال الموقع عليها بناء على تفويض فانها تنصرف الى
الاصيل باعتبار ان المفوض اليه يتصرف باسم المفوض و لحسابه و تحت رقابته و
مسؤوليته اللهم الا ما يتعلق منها بالمسؤولية الجزائية و يترتب على هذه العلاقة
بين المفوض و المفوض اليه في التوقيع اعتبار القرارت الموقع عليها من طرف المفوض
اليه قرارات صادرة عن المفوض.و تأخذ مرتبة مكانته في السلم الاداري و من ثم تحديد
الجهة القضائية المختصة بنظر دعوى الالغاء .
النظام القانوني الجزائري في هذا المجال لا يتضمن سوى تفويض التوقيع
أو الامضاء مراسيم رئاسية و لم نجد لتفويض الاختصاص اي اثر في النصوص القانونية ما
عدا ما اورد البند 6 من المادة 77 من الدستور.
ـ آثار التفويض:
بالنسبة للمفوض: أن يتعلق التفويض بالسلطات والاختصاصات التي يملكها
وفي الحدود المسموح بها قانونا.
- إذا حدد النص الذي يجيز التفويض من يفوض إليهم بأسمائهم أو صفاتهم تعين
على السلطة الأصلية أن يكون قرارها بالتفويض لهؤلاء الأشخاص دون غيرهم.
- إذا حدد النص الذي يجيز التفويض ترتيبا معينا للأشخاص الذين يجوز
التفويض إليهم وجب على المفوض احترام هذا الترتيب، وإلا اتسم قراره بعدم
المشروعية.
إذا حدد النص الذي يجيز التفويض التزاما على جانب السلطة الأصلية
باستخدام إمكانية التفويض في حالة معينة كأن يتعلق استخدامه بناء على طلب سلطة
معينة،فإنه يتعين على السلطة الأصلية استخدام إمكانية التفويض متى طلبت منه الجهة
المعينة ذلك.
ويمكن للسلطة الأصلية
العدول في أي وقت من الأوقات عن التفويض لا لشيء سوى لأنها صاحبة الاختصاص الأصلي،
ولأن اختصاصات المفوض إليه في هذا المجال هي اختصاصات مؤقتة يجوز إلغاؤها .
بالنسبة للمفوض له: فيجب عليه احترام التفويض والعمل بمقتضاه،وإذا
امتنع عن ممارسة التفويض الممنوح له صراحة أو ضمنا ،فإن هذا الامتناع يعتبر مخالفة
تأديبية وتجوز مساءلته وتوقيع الجزاء عليه ،وفي حالة قيامه بالاختصاصات المفوضة
إليه ،فإنه يتحمل كافة الآثار المترتبة على قراراته.وإذا حدد قرار التفويض النطاق الزمني أو المكاني لممارسة الاختصاصات المفوضة
إليه أو وضعت له قيودا أو توجيهات معينة فإنه وجب عليه احترامها وعدم تجاوزها.
شاركنا بتعليقك...