-->
علوم قانونية وادارية علوم قانونية وادارية

اخر المواضيع

جاري التحميل ...

الالتزامات الدولية المترتبة على إدراج أهوار العراق على لائحة التراث العالمي

الالتزامات الدولية المترتبة على إدراج أهوار العراق على لائحة التراث العالمي

الالتزامات الدولية المترتبة على إدراج أهوار العراق على لائحة التراث العالمي
الالتزامات الدولية المترتبة على إدراج أهوار العراق على لائحة التراث العالمي


 الدكتور عبدالرسول كريم أبوصيبع 


بعد نجاح العراق في إدراج الأهوار على لائحة التراث العالمي، نظراً للجهود التي بذلها المختصون في اللجنة الفنية والجهات الحكومية ذات الشأن، ارتأينا تكوين رؤية قانونية بشأن الالتزامات الدولية التي يلتزم بها العراق وتلك التي تلتزم بها الدول الأخرى للاعتبار المتقدم. 

ومن نافلة القول إن الالتزام الدولي ينشأ - في أغلب الحالات - استناداً لقاعدة دولية اتفاقية أو عرفية، وإن الأصل في الاتفاقية الدولية تطبيق قاعدة نسبية أثر الاتفاقية بمعنى أن أحكام الاتفاقية لا تلزم إلا الدول التي صادقت عليها أي الدول الأطراف فقط، اللهم إلا إذا كانت الاتفاقية الدولية عامة ( شارعة ) فإنها تلزم الكافة سواء الدول التي صادقت عليها أو تلك التي لم تصادق، والقاعدة العامة في وصف اتفاقية دولية متعددة الأطراف بأنها شارعة هي في طبيعة الموضوع الذي تعالجه الاتفاقية الدولية كمعيار أولوفي عدد الدول الأطراف فيها كمعيار ثانٍ، فلابد من أن يكون موضوع الاتفاقية عالمياً يهم المجتمع الدولي بأسره ولا يخص دولة أو مجموعة دول معينة، ولابد أن يكون تمثيل الدول واسعاً في الاتفاقية بمعنى أن يكون هناك أكبر عدد ممكن من الدول أطرافاً فيها. 

وتوجد اتفاقية دولية متعددة الأطراف تسمى بـ ’’ اتفاقية لحماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي ‘‘ أقرت في 16 تشرين الثاني – نوفمبر 1972 من قبل المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة UNESCO في دورته السابعة عشرة في باريس، وقد صادق العراق عليها بالقانون المرقم 47 بتاريخ 1977.3.30 المنشور في جريدة الوقائع العراقية بالعدد 2583 في 1977.4.18 وبذلك فإن العراق طرف في الاتفاقية وملتزم بتطبيق أحكامها. 

كما صادقت تركيا عليها بتاريخ 1983.3.16 وسوريا بتاريخ 1975.8.13، وقد ذكرنا الدولتين المجاورتين للعراق خاصة لأنهما المعنيتان بالالتزام الدولي بعدم الإضرار بالتراث العالمي الطبيعي ( أهوار العراق ) فيما يتعلق بالحصة المائية لنهري دجلة والفرات كما سنرى لاحقاً، ولست هنا في معرض بيان الموقف القانوني للدول المشاطئة فيما يخص نهري دجلة والفرات وحقوق والتزامات كل منها بشكل تفصيلي وإنما أبحث فقط في الالتزامات الدولية بشأن أهوار العراق بوصفها تراثاً عالمياً طبيعياً ومن ثم لن أتطرق مثلاً إلى اتفاقية قانون استخدام المجاري المائية الدولية في الاغراض غير الملاحيةالموقعة في نيويورك 1997 والتي صادق عليها العراق بالقانون المرقم 39 لسنة 2001. 

وتنص المادة 2 من اتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي لعام 1972 على أن:’’ يعني التراث الطبيعي لأغراض هذه الاتفاقية: 

- المعالم الطبيعية المتألفة من التشكلات الفيزيائية أو البيولوجية، أو من مجموعات هذه التشكلات التي لها قيمة عالمية استثنائية من وجهة النظر الجمالية، أو الفنية؛ 

- التشكلات الجيولوجية أو الفيزيوغرافية، والمناطق المحددة بدقة مؤلفة لموطن الأجناس الحيوانية أو النباتية المهددة، التي لها قيمة عالمية استثنائية من وجهة نظر العلم، أو المحافظة على الثروات؛ 

- المواقع الطبيعية أو المناطق الطبيعية المحددة بدقة، التي لها قيمة عالمية استثنائية من وجهة نظر العلم، أو المحافظة على الثروات أو الجمال الطبيعي. ‘‘. 

ومما جاء في ديباجة الاتفاقية ما يأتي:’’ ونظراً لأنه يتعين على المجتمع الدولي، أمام اتساع واشتداد الأخطار الجديدة، الإسهام في حماية التراث الثقافي والطبيعي ذي القيمة العالمية الاستثنائية، عن طريق بذل العون الجماعي الذي يتمم بشكل مجدٍ، عمل الدولة المعنية من دون أن يحل محله. ‘‘. 

وآلية تقديم العون الجماعي نصت عليها الاتفاقية نفسها عن طريق إنشاء لجنة تسمى ’’ لجنة التراث العالمي ‘‘ إذ نصت المادة 8:’’ 1. تنشأ لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة لجنة دولية حكومية لحماية التراث الثقافي والطبيعي ذي القيمة العالمية الاستثنائية، تعرف باسم ( لجنة التراث العالمي ) ... ‘‘. 

ومما جاء في إعلان بودابست بشأن التراث العالمي لعام 2002 والصادر عن لجنة التراث العالمي ما يأتي:’’ ونظراً لأن الاتفاقية أثبتت طوال ثلاثين عاماً أنها أداة فريدة للتعاون الدولي في مجال حماية التراث الثقافي والطبيعي ذي القيمة العالمية الاستثنائية؛ تعتمد إعلان بودابست بشأن التراث، التالي نصه: 

1. إننا، نحن أعضاء لجنة التراث العالمي، نعترف بالطابع العالمي لاتفاقية 1972 الخاصة بحماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي، ونعترف بما يستتبع ذلك من ضرورة تأمين تطبيقها على التراث بمختلف أنواعه، وذلك كأداة لتحقيق التنمية المستدامة لكل المجتمعات من خلال الحوار والتفاهم؛ 

2. فالممتلكات المذكورة في قائمة التراث العالمي هي أصول مودعة من أجل أن تسلم إلى أجيال المستقبل كإرث مشروع لها؛ 

3. ونظراً للتحديات المتزايدة التي يواجهها تراثنا المشترك، فإننا سنقوم بما يأتي: 

أ‌- تشجيع البلدان التي لم تنضم بعد إلى الاتفاقية على أن تفعل ذلك في أقرب فرصة، وعلى أن تنضم إلى الصكوك الدولية الأخرى المتعلقة بحماية التراث؛ ..... ‘‘. 

وتنص المادة 6 من الاتفاقية على أن:’’ 

1. تعترف الدول الأطراف في هذه الاتفاقية، مع احترامها كلياً سيادة الدول التي يقع في إقليمها التراث الثقافي والطبيعي المشار إليه في المادتين 1 و 2، من دون المساس بالحقوق العينية التي تقررها التشريعات الوطنية فيما يتعلق بهذا التراث، إنه يؤلف تراثاً عالمياً، تستوجب حمايته التعاون بين أعضاء المجتمع الدولي كافة. 

2. وتتعهد الدول الأطراف أن تقدم مساعدتها، وفقاً لأحكام هذه الاتفاقية، لتعيين التراث الثقافي والطبيعي المشار إليه في المادتين 1 و 2، وحمايته، والمحافظة عليه وعرضه، إذا طلبت الدولة التي يقع هذا التراث في إقليمها. 

3. وتتعهد كل من الدول الأطراف في هذه الاتفاقية، ألا تتخذ متعمدة، أي إجراء من شأنه إلحاق الضرر بصورة مباشرة أو غير مباشرة، بالتراث الثقافي والطبيعي المشار إليه في المادتين 1 و 2، والواقع في أقاليم الدول الأخرى الأطراف في هذه الاتفاقية. ‘‘. 

ومن النصوص المتقدمة يمكن أن نثبت الملاحظات الآتية: 

1. إن المحافظة على التراث العالمي الثقافي والطبيعي الواقع في إقليم دولة يقع على الدولة نفسها بشكل رئيسي، كما سيأتي تفصيله لاحقاً. 

2. تتعهد الدول الأخرى في الاتفاقية استناداً للفقرة 3 من المادة 6 منها بعدم الإضرار بالتراث العالمي الثقافي والطبيعي الواقع على إقليم دولة طرف في الاتفاقية، ونتيجة لذلك يمكننا أن نجزم بالتزام كل من تركيا وسوريا المصادقتين على الاتفاقية بعدم تقليل الحصة المائية من نهري دجلة والفرات بما يسهم عنه ضرر بأهوار العراق المدرجة على لائحة التراث العالمي. 

3. إن الأصل في الاتفاقيات متعددة الأطراف هو نسبية أثرها بين الأطراف فقط بشكل لا يمكن معه إلزام دولة ليست بطرف في الاتفاقية متعددة الأطراف بأحكامها، ولعل ما يرجح ذلك ما ورد ذكره أعلاه في إعلان بودابست من قبل لجنة التراث العالمي من حث الدول غير الأطراف في اتفاقية حماية التراث العالمي لعام 1972 على الانضمام إليها، ولكن يبقى أن نسأل: هل يمكن أن نقرر الوصف القانوني لهذه الاتفاقية بأنها اتفاقية عامة أو شارعة أم لا؟ بمعنى هل يمكن إلزام دولة ليست بطرف فيها بأحكامها، أو إلزام دولة انسحبت منها بعد أن كانت طرفاً فيها؟ في رأيي أن اتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي لعام 1972 هي اتفاقية شارعةملزمة للكافة للأسباب الآتية: 

أ‌- أنها اتفاقية عالمية تنظم موضوعاً يهم المجتمع الدولي بأسره، وهو حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي، ولا أدل على ذلك من أن لجنة التراث العالمي المنبثقة من الاتفاقية نفسها قد نصت في إعلان بودابست على عالمية الاتفاقية بقولها المتقدم ذكره:’’ إننا، نحن أعضاء لجنة التراث العالمي، نعترف بالطابع العالمي لاتفاقية 1972 الخاصة بحماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي، ونعترف بما يستتبع ذلك من ضرورة تأمين تطبيقها على التراث بمختلف أنواعه ... ‘‘، وكأن لجنة التراث العالمي أرادت من خلال هذا الإعلان أن تقطع بعالمية الاتفاقية الدولية وترفع أي لبس وشك بشأنها. 

ب‌- العدد الكبير والمتزايد من الدول التي أصبحت أطرافاً فيها، إذ بلغ عدد الدول الأطراف 192لغاية 9 حزيران 2016، بحسب الموقع الرسمي لمنظمة اليونسكو، وهذا العدد الكبير جداً من الدول يشكل أغلب دول العالم أي أنه يعكس رأي المجتمع الدولي ورضاه الارتباط بأحكام هذه الاتفاقية. 

شاركنا بتعليقك...

التعليقات



، اشترك معنا ليصلك جديد الموقع اول ً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

احصائيات الموقع

جميع الحقوق محفوظة

علوم قانونية وادارية

2010-2019