مبدأ قضائي جديد بالنسبة للبيوع في المناطق التي أتلفت سجلاتها العقارية
مبدأ قضائي جديد بالنسبة للبيوع في المناطق التي أتلفت سجلاتها العقارية |
المحامي عارف الشعَّال.
من المعروف أن هناك سجلات عقارية كاملة أتلفت في عدة مناطق جراء هذه الحرب الطاحنة، ما أدى بالضرورة لتعذر نقل الملكية والفراغ في السجل العقاري بسبب تلف الصحيفة العقارية !!
فما هو مصير البيوع العقارية من الناحية القانونية إذا استحال تسجيلها في السجل العقاري ؟؟
هذا ما سنراه في هذه القضية التي جرت وقائعها كما يلي:
في شهر أيار 2013 اشترى شخص منزلاً يقع في المنطقة العقارية الثانية في مدينة حلب، ودفع ما يقارب نصف ثمنه للبائع،
عند الفراغ تبين استحالة الفراغ وتسجيل البيع في السجل العقاري بسبب تلف الصحيفة العقارية حيث غمرت المياه المستودع المحفوظة فيه السجلات العقارية مما أدى لانحلال الحبر المدون به معلومات العقار من الصحيفة ومسحها بالكامل.
عرض البائع على الشاري فسخ المبيع وإعادة المبلغ المدفوع من قبله فرفض الشاري فسخ البيع، وتبادل الطرفان إنذارات عدلية بطلب الفسخ من البائع والتمسك بالمبيع من الشاري.
في العام 2014 رفع الشاري على البائع دعوى تثبيت بيع، ولكنها رُدَّت شكلاً لعدم تمكنه من وضع إشارتها في السجل العقاري بسبب تلف الصحيفة العقارية.
في نيسان 2016 (الوقت الذي وصل انخفاض قيمة الليرة وارتفاع الأسعار للذروة) رفع البائع دعوى على الشاري طالباً فسخ البيع معلناً استعداده إيداع المبلغ الذي استوفاه بصندوق المحكمة متكئاً على المادة 371 من القانون المدني التي تقول:
((ينقضي الالتزام إذا أثبت المدين أن الوفاء به أصبح مستحيلاً عليه لسبب أجنبي لا يد له فيه))
فتقدم الشاري بادعاء متقابل بالدعوى طالباً فيه تثبيت البيع وتعليق التسجيل حتى تسمح القوانين بذلك معلناً استعداده تسديد باقي رصيد الثمن.
ودفع الدعوى من الناحية القانونية بعدم وجود استحالة مطلقة تمنع تنفيذ الالتزام، فضلاً عن أن المرسوم التشريعي رقم 11 عام 2016 الذي قضى بإحداث سجل يومي مؤقت يمكن أن يفي بالغرض.
أُبرز في الدعوى كتاب صادر عن مديرية المصالح العقارية يؤكد أن السجل المونة في معلومات العقار ممسوح بالكامل ولا يوجد فيه أي معلومة عن العقار موضوع الدعوى أو غيره من العقارات، وبالتالي يتعذر إجراء أي معاملة على العقار.
ونظراً لأن الشاري لم يستطع إبراز قيد عقاري للعقار، ولم يتمكن من وضع إشارة الدعوى لا في الدعوى السابقة ولا الحالية، مما دعا المحكمة لأن تستنتج من ذلك استحالة تنفيذ العقد المبرم بين الطرفين.
ومن حيث النتيجة قضت محكمة الدرجة الأولى قبول دعوى البائع بفسخ العقد لاستحالة تنفيذه، وردَّت دعوى الشاري بتثبيت البيع.
استأنف الطرفان القرار المذكور، فلم تقتنع محكمة الاستئناف بما ذهبت إليه محكمة الدرجة الأولى، ورأت أن المركز القانوني للطرفين لم يتغير منذ ردت الدعوى الأولى شكلاً مما يقتضي ردّ هذه الدعوى شكلاً أيضاً.
وبذلك وجدت محكمة الاستئناف مخرجاً لها بإبقاء النزاع بين الطرفين مفتوحاً بحسبان أن رد الدعوى شكلاً لا يمنع من الادعاء بذات الحق ثانية.
ما هو موقف الغرفة العقارية في محكمة النقض في هذه الحالة؟؟
هل تؤيد محكمة الاستئناف باتجاهها هذا، أم تؤيد محكمة الدرجة الأولى بفسخ العقد نظراً لاستحالة تنفيذه، أم تجترح حلاً ثالثاً مبدعاً؟؟
هذا ما سنراه في الجزء الثاني.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه على المشتغلين بالقانون:
لو كنت قاض...
هل ستحكم بفسخ العقد لاستحالة التنفيذ بهذه الحالة، أم أنك ستتوجه نحو منحى آخر ؟؟
ما هو؟؟
شاركنا بتعليقك...