سجل التاريخ المعاصر عبر مراحل اعتماد
الهيئات الدولية للتحقيق، منذ معاهدة فرساي و حتى إنشاء محكمة رواندا، حاجة
المجتمع الدولي الملحة إلى إنشاء محكمة جنائية دولية دائمة تلافيا لإفلات العديد
من مرتكبي الاعتداءات الوحشية و الجرائم الفظيعة من العقاب، و التي تبقى النزاعات
المسلحة، وخاصة غير الدولية منها، المسرح الدائم لها و
يرجع السبب في ذلك للتطور المتباين على جهتين، فعلى قدر ما تحقق من إنجازات على
صعيد التقنين بالتطور الملحوظ الذي شهده القانون الدولي الإنساني في تنظيمه
للأعمال الحربية و تعزيزه المكثف للحماية الدولية للأشخاص و الأعيان أثناء المواجهات
المسلحة ظهر استفحال للأعمال غير الإنسانية و الوحشية، الشيء الذي أثبت عدم نجاعة
النظم القانونية في تحقيق النتائج المرجوة منها، خاصة ما تعلق بقمع الجرائم
المرتكبة أثناء النزاعات المسلحة، التي تعتبر من " الانتهاكات جسيمة "،
كما عبرت عنها اتفاقيات جنيف لعام 1949، و عدها البروتوكول الإضافي الأول
لاتفاقيات جنيف من قبيل جرائم الحرب أخطرها
على الإطلاق لارتباطها ضروريا بوجود حالة النزاع المسلح ومخالفة الأطراف لقواعد
الحرب التي تفرض قيودا على كيفية استخدام القوة في العلاقات التي بينها.
شاركنا بتعليقك...