العنف مهما كان نوعه وطبيعته هو جريمة انسانية بحته قبل ان تكون جريمة جنائية سواء استهدف العنف باسلوبه جسد الانسان من جراء اعمال واجراءات مادية او يستهدف القيم الانسانية في كرامة الانسان وحريته والحد من ارادته في معتقداته وافكاره او منعه من ممارسة حياته بحرية مشروعة بحقوقه وافكاره ومعتقداته اقرتها القوانين والمعاهدات والمواثيق الدولية لحقوق الانسان كما في الاعلان العالمي لحقوق الانسان عام 1948-واشار اليها في الدستور العراقي في الفرع الاول والثاني من الفصل الاول منه (الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية كما اشار الى حقوق الحريات في الفصل الثاني منه - فتكون اثار العنف المعنوى والنفسي اكبر واشد من العنف المادي الجسدي قد يصعب معالجتها على المستوى الشخصي والاجتماعي بما تولده من امراض نفسية مؤلمة تولد بسببها عنف الانتقام والحقد والكراهية اضافة الى امراض خاصة بالمعنف نفسه من كآبة وتوحد والانعزال والخوف من المستقبل ومن ضعف الثقة بالاخرين وغيرها .
جريمة العنف النفسي والمعنوي في القانون العراقي
جريمة العنف وفق القانون الجنائي العراقي تكون حسب الاسلوب المتبع في استخدام العنف ضد الاخر والغرض المقصود منه وجسامة الفعل ودرجة خطورته على حياة الانسان وعلى امواله وممتلكاته وعلى احواله الشخصية والمعنوية – كما اشارت اليها المادة (37) من الدستور العراقي ( يحرم جميع انواع التعذيب النفسي والجسدي والمعاملة غير الانسانية , ولا عبرة باي اعتراف انتزع بالاكراه او التهديد او التعذيب وللمتضر المطالبة بالتعويض عن الضرر المادي والمعنوي الذي اصابه وفقا للقانون)
واشارت الفقرة ثانيا من المادة اعلاه الى ان ( تكفل الدولة حماية الفرد من الاكراه الفكري والسياسي والديني ) يعني انه لا يجوز استخدام الضغوط واساليب التهديد والخوف لاغراض سياسية او فكرية معينة وكذلك حرم الدستور العمل القسري (السخرة ) والعبودية وتجارة العبيد (الرقيق) التي تحط من كرامة الانسان والضغط على كرامته ونفسيته ليعيش قسرا بالاهانة والذل والعبودية كما جاء في الفقرة ثالثا من المادة 37- من الدستور - حرم فيها الاتجار بالنساء والاطفال والاتجار بالجنس- لمنع تلك الاعمال المنافية لحقوق الانسان ومنع التجاوز على الجنس الانثوي الاخر وفق مبدئ المساواة بين الناس وعدم التفريق بينهم بسبب الجنس وفقا للقانون وما ورد في كافة دساتير الدول والاعلان العالمي لحقوق الانسان- امر قانوني ملزم لجميع الافراد والدول وفق المواثيق الدولية .كما اشارت اليها المادة (46) من الدستور العراقي اذ لايجوز تقييد ممارسة الحقوق والحريات او تحديدها الواردة في الدستور الا بقانون على ان لا يمس جوهر الحق والحرية ..
ومن الجرائم التي تترك اثار تفسية اكثر ايلاما مما تتركه جرائم العنف الجسدي كجرائم التهديد والوعيد بارتكاب جريمة ضد المجنى عليه (المهدد) وجرائم الذم والقدح وجرائم التحقير والاستهزاء – ويشكل العنف اللفظي احد اهم مسببات العنف النفسي بحق الاخر كالسب والشتم والتهديد والتحقير والاستهزاء لاستهداف كرامته وحريته وحقوق احواله الشخصية الشرعية , والعنف النفسي يعد اليوم من اخطر الجرائم الواقعة على الانسان لاي سبب غير مبرر وغير مشروع لما يتركه من اثار على المستوى الفردي والاجتماعي بصورة عامة مما يصعب ازالة اثاره بسهولة الا وفق طرق علاجية علمية معقدة وطويلة ومحدد وفق منهج خاص بها – يعبر توفر العنصر الامن النفسي في أي مجتمع من اهم عناصر توفر الامن الاجتماعي والانساني له
شاركنا بتعليقك...