قراءة في كتاب :
دور المرأة العراقية في النظام الديمقراطي للدكتورة بلقيس محمد جواد
بقلم إيناس العبادي / النجف.
سلطت الدكتورة بلقيس الضوء على دور المرأة العراقية في العملية السياسية في العراق وإلى أي مدى كانت موفقة في القيام بهذا الواجب اتجاه وطنها وشعبها وماذا قدمت للمرأة العراقية بوصفها المدافع عن حقوق المرأة في المجتمع العراقي.
إذ تناولت د. بلقيس معاناة المرأة العراقية التي تعاني من الاضطهاد إذ يعد المجتمع العراقي مجتمعا ذكوريا ينظر للمرأة على أنها إنسان من الدرجة الثانية، وتتساءل الباحثة عن السبب وراء هذه النظرة المتجذرة في المجتمع العراقي وتُرجع السبب إلى طبيعة التكوين البيولوجي للذكر والأنثى؛ لأن العمل البدائي يحتاج للقوة العضلية التي لا تملكها المرأة وهذا أدى إلى تصدر الرجل عليها، أو قد يكون السبب نابع من وظيفة المرأة الأساسية في الحياة وهي المحافظة على استمرارية الوجود البشري وما يتبع ذلك من ضرورة تواجدها المستمر في البيت، وتعزو الباحثة علة هذه النظرة إلى طبيعة النظام الاجتماعي/ الاقتصادي, الذي كرّس فكرة التمايز المتجذر في المجتمع وهو يتطلب جهوداً كبيرة لإلغائه.
إن أي مجتمع في العالم يتكون من جزئين: الرجل والمرأة؛ والمرأة كائن بشري يسعى إلى الحياة الكريمة، فالرجل والمرأة هما معا قادران على التغيير فهما فاعلان والديمقراطية مفعول والحياة الكريمة هي الهدف والغاية ، فلابد من التعاون والتكاتف في سبيل هذه الغاية. فلا يمكن أن نتصور حياة كريمة تسودها الديمقراطية يقررها أو يخطّها الرجل وحده.
إن الديمقراطية ثقافة يجب أن تسود المجتمع لكي ينتفع منها، فالمواطن يجب أن ينشأ في جوٍّ ديمقراطي يسمح بالتعبير عن الآراء وتقبل وجهة النظر الأخرى وإلا فلا يمكن أن تنجح الديمقراطية في مجتمعٍ عانى لعقود طويلة من القمع والتعسف وكبت الحريات ؛ لذلك نجد أن المجتمعات التي أخذت بالنظام الديمقراطي كمنهج حكم تختلف عن المجتمعات التي تجذرت فيها المفاهيم الديمقراطية.
وقد ناقشت الباحثة ضرورة توافر الضمانات القانونية للمرأة من جانب والضمان الاجتماعي/ الأخلاقي/ الثقافي/ القيمي من جانب آخر، وإن توافر أحدهما دون الآخر للمرأة لا يحقق النهضة الكلية للمجتمع، وتطرقت الدكتورة بلقيس إلى التشريعات التي شُرِّعت لضمان حق المرأة في العمل السياسي.
وأخيرا فإن المؤلفة ترى بأن التجربة الديمقراطية جديدة على المجتمع العراقي بوجهٍ عام وعلى المرأة بوجهٍ خاص وثمة أسباب تؤثر على عمل المرأة النيابي وتحد من حريتها كالوضع الأمني، والقيم والأعراف الاجتماعية التي تمتاز بالقسوة على الرجل فضلاً عن المرأة، وهناك حقيقة لا يمكن تجاوزها وهي أن المرأة ضعيفة في داخلها وخاضعة لخارجها، وهناك عوامل تتعلق بالأحزاب السياسية التي لم تبادر لتنشئة المرأة سياسياً وتشجيعها على العمل السياسي ؛ لذا فإن حظوظ المرأة العراقية في عالم السياسة ستبقى ضعيفة بكل المقاييس ومن ثم لن تحصل على أي حق من حقوقها؛ وذلك لتعصبها لمرجعيتها (الثقافية - البيئية). فنحن بحاجة إلى زمن طويل من الممارسة الديمقراطية كي تنهض المرأة العراقية وتضطلع بحمل هذه المسؤولية الكبيرة.
وأخيراً أقول: إن د. بلقيس قد وُفقت في إضاءة جانب حيوي من العملية ولم تجانب الصواب في قراءتها لنشاط المرأة، فالسياسية بحاجة إلى خبرة أكبر وممارسة طويلة للعمل النيابي لتكتسب الخبرة التي تمكنها من القيام بدورٍ فاعل والنهوض بمسؤوليتها.
شاركنا بتعليقك...